إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

وفق أحدث تقرير لوزارة المالية : ديون تونس الداخلية والخارجية تقفز إلى 104 مليار دينار !

* أكثر من 14 مليار دينار قروض خارجية وداخلية لتمويل ميزانية 2022

*ارتفاع ديون تونس يعمق أزمة المفاوضات مع صندوق النقد الدولي

*الحساب الجاري للخزينة العامة للبلاد التونسية يسجل تراجعا تاريخيا خلال 2021

*أكثر من نصف ديون تونس بعملة الأورو واغلبها قروض متعددة الأطراف

تونس- الصباح

واصل الدين العام التونسي ارتفاعه، رغم الجهود المبذولة للحد من التداين، وبحسب تقرير نشرته وزارة المالية أمس، فقد بلغ الدين العام الإجمالي المستحق للدولة التونسية 103.7 مليار دينار موفى سنة 2021 أي بنسبة ناهزت 79.6٪ من إجمالي الناتج المحلي، موزعة بين 62.8 مليار دينار ديون خارجية، و40.8 مليار دينار ديون داخلية.

وحسب ما ورد في التقرير الذي أصدرته وزارة المالية حديثا، فإن الدولة عولت مع نهاية سنة 2021 على موارد اقتراض داخلية بقيمة 6768.4 مليون دينار، و7359.7 مليون دينار قروض خارجية، وذلك لتمويل جزء من ميزانية سنة 2022.

كما ارتفعت ديون تونس بالعملة الصعبة لتتوزع كالآتي: 55.6 بالمائة بالأورو، و15.8 بالمائة بالدولار، و9.1 بالمائة باليان الياباني، و5.4 بالمائة بعملات أخرى، كما سجل التقرير ارتفاع الدين الخارجي لتونس من الأسواق المالية العالمية بنسبة 24.7 بالمائة، والقروض المتعددة الأطراف بنسبة 54.2 بالمائة، و3.3 بالمائة متأتية من حقوق السحب الخاصة، و17.8 بالمائة من القروض الثنائية.

قرابة 80٪ من الناتج المحلي الإجمالي

وحسب ذات المصدر، بدأت سلسلة الدين العام لتونس تتوسع منذ سنة 2015 حيث بلغت نسبته 52.6 بالمائة من الناتج الإجمالي المحلي، وارتفع بشكل لافت مع نهاية سنة 2018 لتبلغ النسبة آنذاك 73.4 بالمائة من الناتج الإجمالي المحلي، ليلامس اليوم نسبة 80٪ من الناتج الإجمالي المحلي.

ولفت التقرير، إلى أن رصيد الحساب الجاري للخزينة العامة للبلاد تونسية، شهد أسوأ فتراته مع نهاية سنة 2021، حيث بلغت قيمة الموارد المالية في آخر شهر من العام الماضي 577.4 مليون دينار، بعد أن أنهي خلال سنة 2020 في حدود 3.2 مليار دينار، وهذا الانخفاض مرده سداد تونس لديونها الخارجية والتي انطلقت منذ شهر جويلية الماضي، وتواصلت في شهر أوت، الماضي، وأيضا في موفى السنة الفارطة، علما وأن رصيد الحساب الجاري للخزينة العامة، سجل خلال هذا الأسبوع ارتفاعا قياسيا ليتجاوز 2.6 مليار دينار.

وكان قائم الدين العام لتونس قد بدا يشهد ارتفاعا، في موفى شهر أوت 2021، ليبلغ 101.2 مليار دينار، مقابل 90.2 مليار دينار خلال الفترة ذاتها من سنة 2020، مسجلا زيادة بنسبة 12.2 بالمائة، وفق أحدث البيانات الصادرة عن وزارة المالية، وحسب ذات المصدر بلغ قائم الدين الداخلي في تلك الفترة 41 مليار دينار فيما بلغ الدين الخارجي 60.2 مليار دينار.

وأشارت وزارة المالية في تقرير سابق تحصلت "الصباح" على نسخة منه، بخصوص تنفيذ الميزانية أن قائم الدين العمومي ارتفع بنسبة 34 بالمائة خلال الأشهر الثمانية الأولى من سنة 2021 ليصل إلى 10.2 مليار دينار مقابل 7.6 مليار دينار، في نهاية أوت من سنة 2020.

وحسب بيانات سابقة، فإن 57 بالمائة من قائم الدين الخارجي تحصلت عليه تونس في إطار اتفاقيات تعاون متعددة الأطراف و25.9 بالمائة متأتية من السوق المالية في حين أن 17.2 بالمائة هي قروض في إطار اتفاقيات التعاون الثنائي، علما وأن 62.7 بالمائة من ديون تونس الخارجية هي بعملة الأورو و20 بالمائة بالدولار، و10.5 بالمائة باليان الياباني و6.9 بالمائة بالعملات الأجنبية الأخرى.

وشهد سداد أصل الدين تطورا بنسبة 49 بالمائة، من 5.1 مليار دينار إلى 7.6 مليار دينار، في موفى أوت 2021، وفيما يتعلق بسداد نسب الفائدة، فقد ظل مستقرا تقريبا عند مستوى 2.5 مليار دينار.

وكان قائم الدين العمومي للبلاد التونسية قد سجل ارتفاعا ليصل إلى مستوى 99،3 مليار دينار أي ما يعادل 81،52 بالمائة من الناتج الداخلي الخام، موفى جوان 2021، في حين بلغ حجم الدين الخارجي 62 مليار دينار نصفه مع المؤسسات المالية الكبرى كصندوق النقد الدولي والبنك الدولي، وذلك وفق أحدث بيانات وزارة الاقتصاد والمالية ودعم الاستثمار.

وارتفع مستوى تداين تونس، خلال السنوات الست الأخيرة لتبلغ نسبته من 52،66 بالمائة في 2015 إلى 81،52 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي في 2020، ويتوقع أن يتجاوز مستوى 90،13 بالمائة نهاية سنة 2022، بحسب بيانات وزارة الاقتصاد والماليّة ودعم الاستثمار لشهر جوان 2021. وبلغ حجم الديون الخارجية لتونس موفى أوت الماضي 60.2 مليار دينار، في حين ارتفعت قيمة الديون الداخلية للدولة من 37،2 مليار دينار إلى 41 مليار دينار. 

وحسب ذات المصدر، فإن 54 بالمائة من ديون تونس الخارجية هي مع مؤسّسات ماليّة كبرى كصندوق النقد الدولي والبنك العالمي، في حين قدرت نسبة الديون مع السوق الماليّة الدوليّة بـ 30%، أما البقية فهي قروض ثنائية.

بداية الأزمة

وسجلت خدمة الدين العمومي ارتفاعا خلال الفترة الممتدة بين2015/2021 لتصل إلى مستويات مزعجة، الأمر الذي دفع بخبراء الاقتصاد إلى الإقرار، بأن حجم الديون الداخلية والخارجية يعد مرتفعا بالمقارنة مع حجم الاقتصاد الوطني والأزمة المالية التي تمر بها البلاد في الآونة الأخيرة، مشددين على أن تونس مطالبة بالإيفاء بالتزاماتها تجاه المانحين الدوليين وليس أمامها أي خيار غير سداد ديونها في آجالها.

وبلغ حجم الديون الإجمالية لتونس الواجب تسديدها مع نهاية سنة 2021، 11500 مليون دينار منها 8395.7 مليون دينار ديون خارجية والبقية ديون داخلية، وذلك وفق الميزانية المعدة لسنة 2021، ويظل خطر تعثر تونس عن سداد ديونها قائما، خلال الفترة القادمة، خاصة مع اتساع دائرة العجز في ميزانية 2021 و2022، بالإضافة إلى تزامن سداد عدد من القروض بالعملة الصعبة آخرها بين شهري جويلية وأوت الماضيين.

ووفق ما ورد في الرائد الرسمي للجمهورية التونسية، مرسوم رئاسي عدد 3 مؤرخ في 15 نوفمبر 2021 يتعلق بقانون المالية التعديلي لسنة 2021، كشف أن العجز في الميزانية قدر بـ9.7 مليار دينار في قانون المالية التكميلي، فيما بلغت المداخيل 34.449 مليار دينار وهي جلها مداخيل جبائية مقابل نفقات بـما يعادل 44.241 مليار دينار.

والملاحظ في قانون المالية التعديلي لسنة 2021، الارتفاع القياسي في المداخيل الجبائية وغير الجبائية، والتي ناهزت مجتمعة 34 مليار دينار، وهي تمثل أكثر من نصف ميزانية الدولة التي شهدت منذ سنة 2020 عجزا قدر بـ 11.4 مليار دينار أي قرابة 4 مليارات دولار، وكانت في حدود 9.6% من الناتج المحلي الإجمالي لسنة 2020.

ورغم نجاح تونس في تقليص عجز الميزانية العامة للدولة بنسبة 46٪ في نهاية الأشهر السبعة الأولى من العام الماضي مقارنة بنفس الفترة من عام 2020، ليتقلص العجز عند 1.8 مليار دينار، مقابل 4.5 مليار في نهاية جويلية 2020، وذلك بحسب النتائج المؤقتة لتنفيذ الميزانية العامة للدولة، إلا أن العجز تفاقم مع نهاية العام ليتجاوز 9.7 مليار دينار أي قرابة 38% من ميزانية الدولة، ما يزيد في صعوبة الأوضاع الاقتصادية خاصة في ظل شح الموارد المالية للدولة.

وبلغت موارد الميزانية في نهاية جويلية الماضي 18.2 مليار دينار مقابل 16.4 مليار في نفس التاريخ من العام الماضي أي بنسبة نمو 10.8٪، وهذا التطور ناتج بشكل أساسي عن زيادة الإيرادات الضريبية بنسبة 15٪ من 14.7 مليار دينار إلى 17 مليار دينار، فيما تراجعت الإيرادات غير الضريبية بنسبة 16٪ إلى 1.1 مليار دينار.

وهناك اليوم حاجة ملحة إلى مراجعة نموذج ميزانية الدولة أكثر من أي وقت مضى، ومحاربة التهرب الضريبي بقبضة من حديد، وتغيير نموذج الإدارة والحوكمة للمنشآت العامة، والتحرير الكامل لقطاع الطاقات المتجددة، والتسريع من نسق صادرات الفسفاط والتي لم تتجاوز إيراداته المستوى المطلوب خلال السنوات الماضية.

تراجع الاقتراض الخارجي وتواصل الغموض

وحسب المعطيات المحينة في قانون المالية التكميلي لسنة 2021 سجلت موارد الاقتراض الخارجي تراجعا في حدود 13 مليار دينار في القانون الأصلي 2021، في حين ارتفعت موارد الاقتراض الداخلي، إلى 8.1 مليار دينار مقابل 5.6 مليار دينار، فيما حدد قانون المالية التعديلي 2021، مداخيل ميزانية الدولة بزهاء 34.4 مليار دينار مقابل 33.1 مليار دينار في الميزانية الأصلية أي بزيادة ناهزت 1340 مليون دينار.

ويحد التصنيف السلبي الموجه من وكالات الترقيم السيادي العالمية، من قدرة تونس على الخروج مستقبلا للاقتراض من الأسواق المالية العالمية، كما يزيد ذلك من صعوبة الحصول على قروض بنسب فائدة معقولة، علما وأن المفاوضات مع صندوق النقد الدولي لم ترواح بعد مكانها، واقتصرت على المحادثات وفق ما صرحت به وزيرة المالية في تصريحات سابقة لـ"الصباح".

وتضاف إلى هذه الأزمة، تبعات فيروس كورونا، التي تواصل للسنة الثالثة على التوالي في تكبد عديد القطاعات الصناعية والمعملية والخدماتية خسائر كبيرة، وسط توقعات صادرة عن تقارير دولية بتواصل الأزمة في تونس للسنوات الخمس المقبلة مرفوقة أيضا بتبعات "كارثية" من الحرب شرق أوروبا، علما وان جل الخبراء ينصحون بضرورة عدم مواصلة التعويل على البنوك التونسية فقط لتمويل العجز في ميزانية الدولة من خلال الاكتتاب في أذون الخزينة على المدى البعيد، وإنما البحث عن مصادر تمويلية جديدة، تعتمد بالأساس على خلق الثروة.

 سفيان المهداوي

وفق أحدث تقرير لوزارة المالية : ديون تونس الداخلية والخارجية تقفز إلى 104 مليار دينار !

* أكثر من 14 مليار دينار قروض خارجية وداخلية لتمويل ميزانية 2022

*ارتفاع ديون تونس يعمق أزمة المفاوضات مع صندوق النقد الدولي

*الحساب الجاري للخزينة العامة للبلاد التونسية يسجل تراجعا تاريخيا خلال 2021

*أكثر من نصف ديون تونس بعملة الأورو واغلبها قروض متعددة الأطراف

تونس- الصباح

واصل الدين العام التونسي ارتفاعه، رغم الجهود المبذولة للحد من التداين، وبحسب تقرير نشرته وزارة المالية أمس، فقد بلغ الدين العام الإجمالي المستحق للدولة التونسية 103.7 مليار دينار موفى سنة 2021 أي بنسبة ناهزت 79.6٪ من إجمالي الناتج المحلي، موزعة بين 62.8 مليار دينار ديون خارجية، و40.8 مليار دينار ديون داخلية.

وحسب ما ورد في التقرير الذي أصدرته وزارة المالية حديثا، فإن الدولة عولت مع نهاية سنة 2021 على موارد اقتراض داخلية بقيمة 6768.4 مليون دينار، و7359.7 مليون دينار قروض خارجية، وذلك لتمويل جزء من ميزانية سنة 2022.

كما ارتفعت ديون تونس بالعملة الصعبة لتتوزع كالآتي: 55.6 بالمائة بالأورو، و15.8 بالمائة بالدولار، و9.1 بالمائة باليان الياباني، و5.4 بالمائة بعملات أخرى، كما سجل التقرير ارتفاع الدين الخارجي لتونس من الأسواق المالية العالمية بنسبة 24.7 بالمائة، والقروض المتعددة الأطراف بنسبة 54.2 بالمائة، و3.3 بالمائة متأتية من حقوق السحب الخاصة، و17.8 بالمائة من القروض الثنائية.

قرابة 80٪ من الناتج المحلي الإجمالي

وحسب ذات المصدر، بدأت سلسلة الدين العام لتونس تتوسع منذ سنة 2015 حيث بلغت نسبته 52.6 بالمائة من الناتج الإجمالي المحلي، وارتفع بشكل لافت مع نهاية سنة 2018 لتبلغ النسبة آنذاك 73.4 بالمائة من الناتج الإجمالي المحلي، ليلامس اليوم نسبة 80٪ من الناتج الإجمالي المحلي.

ولفت التقرير، إلى أن رصيد الحساب الجاري للخزينة العامة للبلاد تونسية، شهد أسوأ فتراته مع نهاية سنة 2021، حيث بلغت قيمة الموارد المالية في آخر شهر من العام الماضي 577.4 مليون دينار، بعد أن أنهي خلال سنة 2020 في حدود 3.2 مليار دينار، وهذا الانخفاض مرده سداد تونس لديونها الخارجية والتي انطلقت منذ شهر جويلية الماضي، وتواصلت في شهر أوت، الماضي، وأيضا في موفى السنة الفارطة، علما وأن رصيد الحساب الجاري للخزينة العامة، سجل خلال هذا الأسبوع ارتفاعا قياسيا ليتجاوز 2.6 مليار دينار.

وكان قائم الدين العام لتونس قد بدا يشهد ارتفاعا، في موفى شهر أوت 2021، ليبلغ 101.2 مليار دينار، مقابل 90.2 مليار دينار خلال الفترة ذاتها من سنة 2020، مسجلا زيادة بنسبة 12.2 بالمائة، وفق أحدث البيانات الصادرة عن وزارة المالية، وحسب ذات المصدر بلغ قائم الدين الداخلي في تلك الفترة 41 مليار دينار فيما بلغ الدين الخارجي 60.2 مليار دينار.

وأشارت وزارة المالية في تقرير سابق تحصلت "الصباح" على نسخة منه، بخصوص تنفيذ الميزانية أن قائم الدين العمومي ارتفع بنسبة 34 بالمائة خلال الأشهر الثمانية الأولى من سنة 2021 ليصل إلى 10.2 مليار دينار مقابل 7.6 مليار دينار، في نهاية أوت من سنة 2020.

وحسب بيانات سابقة، فإن 57 بالمائة من قائم الدين الخارجي تحصلت عليه تونس في إطار اتفاقيات تعاون متعددة الأطراف و25.9 بالمائة متأتية من السوق المالية في حين أن 17.2 بالمائة هي قروض في إطار اتفاقيات التعاون الثنائي، علما وأن 62.7 بالمائة من ديون تونس الخارجية هي بعملة الأورو و20 بالمائة بالدولار، و10.5 بالمائة باليان الياباني و6.9 بالمائة بالعملات الأجنبية الأخرى.

وشهد سداد أصل الدين تطورا بنسبة 49 بالمائة، من 5.1 مليار دينار إلى 7.6 مليار دينار، في موفى أوت 2021، وفيما يتعلق بسداد نسب الفائدة، فقد ظل مستقرا تقريبا عند مستوى 2.5 مليار دينار.

وكان قائم الدين العمومي للبلاد التونسية قد سجل ارتفاعا ليصل إلى مستوى 99،3 مليار دينار أي ما يعادل 81،52 بالمائة من الناتج الداخلي الخام، موفى جوان 2021، في حين بلغ حجم الدين الخارجي 62 مليار دينار نصفه مع المؤسسات المالية الكبرى كصندوق النقد الدولي والبنك الدولي، وذلك وفق أحدث بيانات وزارة الاقتصاد والمالية ودعم الاستثمار.

وارتفع مستوى تداين تونس، خلال السنوات الست الأخيرة لتبلغ نسبته من 52،66 بالمائة في 2015 إلى 81،52 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي في 2020، ويتوقع أن يتجاوز مستوى 90،13 بالمائة نهاية سنة 2022، بحسب بيانات وزارة الاقتصاد والماليّة ودعم الاستثمار لشهر جوان 2021. وبلغ حجم الديون الخارجية لتونس موفى أوت الماضي 60.2 مليار دينار، في حين ارتفعت قيمة الديون الداخلية للدولة من 37،2 مليار دينار إلى 41 مليار دينار. 

وحسب ذات المصدر، فإن 54 بالمائة من ديون تونس الخارجية هي مع مؤسّسات ماليّة كبرى كصندوق النقد الدولي والبنك العالمي، في حين قدرت نسبة الديون مع السوق الماليّة الدوليّة بـ 30%، أما البقية فهي قروض ثنائية.

بداية الأزمة

وسجلت خدمة الدين العمومي ارتفاعا خلال الفترة الممتدة بين2015/2021 لتصل إلى مستويات مزعجة، الأمر الذي دفع بخبراء الاقتصاد إلى الإقرار، بأن حجم الديون الداخلية والخارجية يعد مرتفعا بالمقارنة مع حجم الاقتصاد الوطني والأزمة المالية التي تمر بها البلاد في الآونة الأخيرة، مشددين على أن تونس مطالبة بالإيفاء بالتزاماتها تجاه المانحين الدوليين وليس أمامها أي خيار غير سداد ديونها في آجالها.

وبلغ حجم الديون الإجمالية لتونس الواجب تسديدها مع نهاية سنة 2021، 11500 مليون دينار منها 8395.7 مليون دينار ديون خارجية والبقية ديون داخلية، وذلك وفق الميزانية المعدة لسنة 2021، ويظل خطر تعثر تونس عن سداد ديونها قائما، خلال الفترة القادمة، خاصة مع اتساع دائرة العجز في ميزانية 2021 و2022، بالإضافة إلى تزامن سداد عدد من القروض بالعملة الصعبة آخرها بين شهري جويلية وأوت الماضيين.

ووفق ما ورد في الرائد الرسمي للجمهورية التونسية، مرسوم رئاسي عدد 3 مؤرخ في 15 نوفمبر 2021 يتعلق بقانون المالية التعديلي لسنة 2021، كشف أن العجز في الميزانية قدر بـ9.7 مليار دينار في قانون المالية التكميلي، فيما بلغت المداخيل 34.449 مليار دينار وهي جلها مداخيل جبائية مقابل نفقات بـما يعادل 44.241 مليار دينار.

والملاحظ في قانون المالية التعديلي لسنة 2021، الارتفاع القياسي في المداخيل الجبائية وغير الجبائية، والتي ناهزت مجتمعة 34 مليار دينار، وهي تمثل أكثر من نصف ميزانية الدولة التي شهدت منذ سنة 2020 عجزا قدر بـ 11.4 مليار دينار أي قرابة 4 مليارات دولار، وكانت في حدود 9.6% من الناتج المحلي الإجمالي لسنة 2020.

ورغم نجاح تونس في تقليص عجز الميزانية العامة للدولة بنسبة 46٪ في نهاية الأشهر السبعة الأولى من العام الماضي مقارنة بنفس الفترة من عام 2020، ليتقلص العجز عند 1.8 مليار دينار، مقابل 4.5 مليار في نهاية جويلية 2020، وذلك بحسب النتائج المؤقتة لتنفيذ الميزانية العامة للدولة، إلا أن العجز تفاقم مع نهاية العام ليتجاوز 9.7 مليار دينار أي قرابة 38% من ميزانية الدولة، ما يزيد في صعوبة الأوضاع الاقتصادية خاصة في ظل شح الموارد المالية للدولة.

وبلغت موارد الميزانية في نهاية جويلية الماضي 18.2 مليار دينار مقابل 16.4 مليار في نفس التاريخ من العام الماضي أي بنسبة نمو 10.8٪، وهذا التطور ناتج بشكل أساسي عن زيادة الإيرادات الضريبية بنسبة 15٪ من 14.7 مليار دينار إلى 17 مليار دينار، فيما تراجعت الإيرادات غير الضريبية بنسبة 16٪ إلى 1.1 مليار دينار.

وهناك اليوم حاجة ملحة إلى مراجعة نموذج ميزانية الدولة أكثر من أي وقت مضى، ومحاربة التهرب الضريبي بقبضة من حديد، وتغيير نموذج الإدارة والحوكمة للمنشآت العامة، والتحرير الكامل لقطاع الطاقات المتجددة، والتسريع من نسق صادرات الفسفاط والتي لم تتجاوز إيراداته المستوى المطلوب خلال السنوات الماضية.

تراجع الاقتراض الخارجي وتواصل الغموض

وحسب المعطيات المحينة في قانون المالية التكميلي لسنة 2021 سجلت موارد الاقتراض الخارجي تراجعا في حدود 13 مليار دينار في القانون الأصلي 2021، في حين ارتفعت موارد الاقتراض الداخلي، إلى 8.1 مليار دينار مقابل 5.6 مليار دينار، فيما حدد قانون المالية التعديلي 2021، مداخيل ميزانية الدولة بزهاء 34.4 مليار دينار مقابل 33.1 مليار دينار في الميزانية الأصلية أي بزيادة ناهزت 1340 مليون دينار.

ويحد التصنيف السلبي الموجه من وكالات الترقيم السيادي العالمية، من قدرة تونس على الخروج مستقبلا للاقتراض من الأسواق المالية العالمية، كما يزيد ذلك من صعوبة الحصول على قروض بنسب فائدة معقولة، علما وأن المفاوضات مع صندوق النقد الدولي لم ترواح بعد مكانها، واقتصرت على المحادثات وفق ما صرحت به وزيرة المالية في تصريحات سابقة لـ"الصباح".

وتضاف إلى هذه الأزمة، تبعات فيروس كورونا، التي تواصل للسنة الثالثة على التوالي في تكبد عديد القطاعات الصناعية والمعملية والخدماتية خسائر كبيرة، وسط توقعات صادرة عن تقارير دولية بتواصل الأزمة في تونس للسنوات الخمس المقبلة مرفوقة أيضا بتبعات "كارثية" من الحرب شرق أوروبا، علما وان جل الخبراء ينصحون بضرورة عدم مواصلة التعويل على البنوك التونسية فقط لتمويل العجز في ميزانية الدولة من خلال الاكتتاب في أذون الخزينة على المدى البعيد، وإنما البحث عن مصادر تمويلية جديدة، تعتمد بالأساس على خلق الثروة.

 سفيان المهداوي

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews