إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

بالبنط العريض.. "نصف هزيمة أفضل من هزيمة كاملة"


لم تبارح المفاوضات غير المباشرة بين حركة حماس وحكومة الاحتلال مكانها، بل ازدادت تعقيداتها، خصوصا مع تعنت حكومة بنيامين نتنياهو ومماطلتها في اتخاذ موقف منها، خصوصا وأن ما يصدره الاحتلال من تصريحات لا تدل على أنه يسعى لإيقاف الحرب أو "وقف إطلاق النار" كما كتب في مسودة الاتفاق.
فالمواقف التي تصدر عن حكومة الاحتلال، لا تعبر إلا عن رأي واحد: عدم وقف الحرب مقابل إلزام حماس بإطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين لديه، وهي معادلة مستحيلة بالنسبة للجانب الفلسطيني الذي يشترط الانسحاب الكامل للاحتلال من القطاع وإعداد قائمات بأسماء الأسرى الفلسطينيين وإدخال المساعدات عبر كل المعابر التي تدخل للقطاع.
ويبدو أن الاحتلال يسعى من خلال مطالبه، الى حشر حماس في الزاوية من خلال اتهامها بأنها ترفض المفاوضات التي جاءت بمبادرة من الرئيس الأمريكي جو بايدن وهي –للمفارقة فقط- نص قدمته تل أبيب لواشنطن التي تبنته، وانقلبت عليه حكومة الاحتلال بعد أن كاد يسقطها بسبب تعنت المكون اليميني الصهيوني الديني الرافض لإنهاء الحرب، والداعي لتوسيعها شمالا مع حزب الله في لبنان.
ولعل هذا الموقف، الذي جعل نتنياهو رهينة لدى اليمين المتطرف الديني، أضحى عنصرا يناور من خلاله رئيس حكومة الاحتلال سياسيا، فهو وراء الأبواب الموصدة يطلب تعديلات على نص الاتفاق، وعلنا يسعى الى إرضاء جمهور اليمين الصهيوني وخصوصا مستوطني الضفة والذين يعتبرون خزانا انتخابيا لليمين الإسرائيلي بجناحيه العلماني (ويمثله حزب نتنياهو الليكود) والديني الذي تمثله أحزاب "العظمة اليهودية" و"شاس" و"القوة اليهودية".
هذا اليمين بات يؤرق الولايات المتحدة، والتي من جهتها تسعى الى "إنقاذ" حكومة الاحتلال من نفسها، خصوصا مع مواصلة غرق جيش الاحتلال في مستنقع غزة، ومحاولة دفعه لمغامرة جديدة –غير محسوبة العواقب- في جنوب لبنان ضد حزب الله.
وهذا الدور –أي دور المنقذ- ليس جديدا على الولايات المتحدة بل مارسته سابقا، لصالح الاحتلال بعد حرب العبور في أكتوبر سنة 1973 مع مصر، حيث سارع وزير الخارجية الأمريكي الأسبق هنري كيسنجر، لمحاولة وقف إطلاق النار بالديبلوماسية، في وقت لم تلتزم فيه رئيسة حكومة الاحتلال السابقة غولدامائير بذلك وقامت بهجوم معاكس فيما عرف بثغرة الدفرسوار وبمعونة عسكرية أمريكية، حتمت على الرئيس الأسبق الراحل أنور السادات الجلوس الى طاولة المفاوضات عسكريا ومن ثم سياسيا إلى أن أمضى على اتفاق السلام بين الطرفين في كامب ديفيد سنة 1979.
نفس هذا النهج قامت به رئيسة الديبلوماسية الأمريكية السابقة كوندليزا رايس في إدارة بوش الابن إبّان الفشل الإسرائيلي في عدوان سنة 2006 على جنوب لبنان، وقامت في ذلك الوقت، بمحاولة حشر حزب الله في الزاوية من خلال العمل على تحشيد ديبلوماسي في مجلس الأمن لاستصدار قرار رقم 1701 الذي ينص على "إيجاد منطقة بين الخط الأزرق (الفاصل بين لبنان وإسرائيل) ونهر الليطاني جنوب لبنان، تكون خالية من أي مسلحين ومعدات حربية وأسلحة، ما عدا التابعة للقوات المسلحة اللبنانية وقوات "يونيفيل الأممية".
وهو نفس الشيء الذي تطمح إليه واشنطن اليوم، من خلال العمل الديبلوماسي الذي يخدم الاحتلال وأجندته، ويحاول إنقاذه من نفسه، وإيجاد معادلة لفائدة الاحتلال قوامها "نصف هزيمة أفضل من هزيمة كاملة".
نزار مقني

بالبنط العريض..  "نصف هزيمة أفضل من هزيمة كاملة"


لم تبارح المفاوضات غير المباشرة بين حركة حماس وحكومة الاحتلال مكانها، بل ازدادت تعقيداتها، خصوصا مع تعنت حكومة بنيامين نتنياهو ومماطلتها في اتخاذ موقف منها، خصوصا وأن ما يصدره الاحتلال من تصريحات لا تدل على أنه يسعى لإيقاف الحرب أو "وقف إطلاق النار" كما كتب في مسودة الاتفاق.
فالمواقف التي تصدر عن حكومة الاحتلال، لا تعبر إلا عن رأي واحد: عدم وقف الحرب مقابل إلزام حماس بإطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين لديه، وهي معادلة مستحيلة بالنسبة للجانب الفلسطيني الذي يشترط الانسحاب الكامل للاحتلال من القطاع وإعداد قائمات بأسماء الأسرى الفلسطينيين وإدخال المساعدات عبر كل المعابر التي تدخل للقطاع.
ويبدو أن الاحتلال يسعى من خلال مطالبه، الى حشر حماس في الزاوية من خلال اتهامها بأنها ترفض المفاوضات التي جاءت بمبادرة من الرئيس الأمريكي جو بايدن وهي –للمفارقة فقط- نص قدمته تل أبيب لواشنطن التي تبنته، وانقلبت عليه حكومة الاحتلال بعد أن كاد يسقطها بسبب تعنت المكون اليميني الصهيوني الديني الرافض لإنهاء الحرب، والداعي لتوسيعها شمالا مع حزب الله في لبنان.
ولعل هذا الموقف، الذي جعل نتنياهو رهينة لدى اليمين المتطرف الديني، أضحى عنصرا يناور من خلاله رئيس حكومة الاحتلال سياسيا، فهو وراء الأبواب الموصدة يطلب تعديلات على نص الاتفاق، وعلنا يسعى الى إرضاء جمهور اليمين الصهيوني وخصوصا مستوطني الضفة والذين يعتبرون خزانا انتخابيا لليمين الإسرائيلي بجناحيه العلماني (ويمثله حزب نتنياهو الليكود) والديني الذي تمثله أحزاب "العظمة اليهودية" و"شاس" و"القوة اليهودية".
هذا اليمين بات يؤرق الولايات المتحدة، والتي من جهتها تسعى الى "إنقاذ" حكومة الاحتلال من نفسها، خصوصا مع مواصلة غرق جيش الاحتلال في مستنقع غزة، ومحاولة دفعه لمغامرة جديدة –غير محسوبة العواقب- في جنوب لبنان ضد حزب الله.
وهذا الدور –أي دور المنقذ- ليس جديدا على الولايات المتحدة بل مارسته سابقا، لصالح الاحتلال بعد حرب العبور في أكتوبر سنة 1973 مع مصر، حيث سارع وزير الخارجية الأمريكي الأسبق هنري كيسنجر، لمحاولة وقف إطلاق النار بالديبلوماسية، في وقت لم تلتزم فيه رئيسة حكومة الاحتلال السابقة غولدامائير بذلك وقامت بهجوم معاكس فيما عرف بثغرة الدفرسوار وبمعونة عسكرية أمريكية، حتمت على الرئيس الأسبق الراحل أنور السادات الجلوس الى طاولة المفاوضات عسكريا ومن ثم سياسيا إلى أن أمضى على اتفاق السلام بين الطرفين في كامب ديفيد سنة 1979.
نفس هذا النهج قامت به رئيسة الديبلوماسية الأمريكية السابقة كوندليزا رايس في إدارة بوش الابن إبّان الفشل الإسرائيلي في عدوان سنة 2006 على جنوب لبنان، وقامت في ذلك الوقت، بمحاولة حشر حزب الله في الزاوية من خلال العمل على تحشيد ديبلوماسي في مجلس الأمن لاستصدار قرار رقم 1701 الذي ينص على "إيجاد منطقة بين الخط الأزرق (الفاصل بين لبنان وإسرائيل) ونهر الليطاني جنوب لبنان، تكون خالية من أي مسلحين ومعدات حربية وأسلحة، ما عدا التابعة للقوات المسلحة اللبنانية وقوات "يونيفيل الأممية".
وهو نفس الشيء الذي تطمح إليه واشنطن اليوم، من خلال العمل الديبلوماسي الذي يخدم الاحتلال وأجندته، ويحاول إنقاذه من نفسه، وإيجاد معادلة لفائدة الاحتلال قوامها "نصف هزيمة أفضل من هزيمة كاملة".
نزار مقني