بعد انتهائهم من دراسة اتفاقيتي استغلال المحروقات "رحمورة" و"عشتروت"، سيجد نواب لجنة الصناعة والتجارة والثروات الطبيعية والطاقة والبيئة الأسبوع القادم على مكتب لجنتهم مبادرة تشريعية جديدة تتعلق بمكافحة جرائم الاعتداء على البيئة.
وتهدف هذه المبادرة التي اتخذت شكل مجلة جامعة للنصوص القانونية المتعلقة بحماية البيئة والمحيط إلى تكريس الضوابط العامة لتلافي كل ما من شأنه الإضرار بالمحيط والموارد الطبيعية الموجودة فيه والحفاظ على الصحة العامة والتنوع البيولوجي، وتم من خلالها اقتراح إلغاء جميع القوانين ذات الصلة بحماية البيئة ومجلة مكافحة جرائم الاعتداء على البيئة والمحيط ومختلف النصوص القانونية المشابهة والقانون عدد 91 لسنة 1988 المتعلق بالوكالة الوطنية لحماية المحيط والقانون عدد 34 لسنة 2007 المؤرخ في 4 جوان 2007 المتعلق بنوعية الهواء والقانون عدد 41 لسنة 1996 المتعلق بالنفايات ومراقبة التصرف فيها وإزالتها.
وتضمنت المبادرة التشريعية المذكورة 17 فصلا تم توزيعها على ستة أبواب وهي باب الأحكام العامة، وباب في الحماية، وباب تجريم الاعتداء على البيئة، وباب أنواع الجرائم الضارة بالبيئة، وباب العقوبات، وأخيرا باب الأحكام المختلفة.
وتم في الباب الأول تعريف المفاهيم حيث تعني عبارة البيئة المحيط بجميع عناصره وهو الذي تعيش فيه الكائنات الحية والتأثيرات الناجمة عن الأنشطة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. أما المحيط فهو وسط طبيعي يتكون من غابات وأودية وبحريات وشواطئ وبحار ومنابع مياه وآبار وصحاري وواحات وجبال، أما عناصر البيئة فهي الماء والهواء والتربة والكائنات الحية، في حين يقصد بالملوثات البيئة أي مادة صلبة أو سائلة أو غازية وكذلك الضوضاء أو الاهتزازات أو الإشعاعات أو الحرارة أو التوهج وغيرها من العوامل الإحيائية التي تؤدي بطريقة مباشرة أو غير مباشرة إلى تلوث البيئة.
تشريك المجتمع المدني
ولحماية البيئة والمحيط اقترحت المبادرة التشريعية في الباب الثاني تشريك المجتمع المدني، إذ نصت على أن واجب حماية البيئة والمحيط يقتضي تضافر جهود كل مؤسسات الدولة والمجتمع المدني في دفع كل ما من شأنه الإضرار بجميع الأوساط البيئية. كما كرست واجب الإشعار بكل ما من شأنه الإضرار بالبيئة والمحيط فواجب التبليغ محمول على جميع الأطراف من مجتمع مدني ومواطنين وغيرهم ممن بلغ إلى علمهم وجود خطر محدق أو حاصل يهدد البيئة والمحيط.
وليس هذا فقط بل تم من خلال المبادرة اقتراح إلزام كل من يلحق ضررا بالبيئة والمحيط بتعويض قيمة الأضرار التي تسبب فيها لفائدة الدولة ويكون هذا التعويض ماديا أو بإعادة ما تم إتلافه إلى الحالة التي كان عليها.
تحديد الأضرار
وأشار الباب الثالث من المبادرة التشريعية إلى تطبيق العقوبات السالبة للحرية والعقوبات التكميلية والعقوبات المالية المنصوص عليها بالفصل الخامس من المجلة الجزائية على مرتكب الاعتداء المضر بعناصر البيئة والمحيط حسب درجة خطورة الفعل المرتكب ونص على أن يكلف القاضي المتعهد بالقضية، خبراء مختصين لتحديد الأضرار الحاصلة. وللتذكير فإن العقوبات المنصوص عليها بالفصل الخامس من المجلة الجزائية تتمثل في الإعدام، والسجن بقية العمر، والسجن، والعمل لفائدة المصلحة العامة، والمراقبة الإدارية والخطايا المالية والتعويض الجزائي كما تتمثل في منع الإقامة، والمراقبة الإدارية، ومصادرة المكاسب والحجز الخاص، والإقصاء والحرمان من مباشرة الحقوق والامتيازات الآتية :الوظائف العمومية أو بعض المهن مثل محام أو مأمور عمومي أو طبيب أو بيطري أو قابلة أو مدير مؤسسة تربوية أو مستخدم بها بأي عنوان كان أو عدل أو مقدم أو خبير أو شاهد لدى المحاكم وحمل السلاح وكل الأوسمة الشرفية الرسمية، وحق الاقتراع وحق نشر مضامين بعض الأحكام.
وحسب ما ورد في المبادرة المذكورة يعتبر اعتداء على البيئة التصرف في مواد سامة ناتجة عن تجارب صناعية أو إنتاج صناعي أو نفايات خطيرة كيميائية أو بترولية بنية الإضرار بها أو تصريف هذه المواد في أحد مكوناتها. ويعتبر اعتداء على أمن الأجيال اللاحقة في العيش في بيئة سليمة كل ما من شأنه المساس بسلامة المحيط والبيئة باستعمال الملوثات مهما كان نوعها والتي تتسبب في القضاء على إحدى الثروات الطبيعية نباتية كانت أو حيوانية أو مائية.
وتثار الدعوى من قبل النيابة العمومية حال علمها بالاعتداء أو عند تشكي من له مصلحة سواء كان هذا الشاكي شخصا طبيعيا أو معنويا وتتولى النيابة العمومية تتبع جرائم الاعتداء على البيئة. وتكون معاينة هذه الجرائم من قبل ضباط الحالة المدنية وحاملي صفة الضابطة العدلية من ضباط وقوات حاملة للسلاح وعمد وحراس غابات وضباط الشرطة البلدية، ويعاقب كل من يعرقل أعمال الضابطة العدلية أو يمنع إجراء المعاينات بالسن لمدة 3 أشهر.
الجرائم البيئية
أتى الباب الرابع من مقترح القانون المعروض على أنظار المجلس النيابي على أنواع الجرائم البيئية ونص على أن الجريمة البيئية هي الأفعال الضارة بالعناصر الطبيعية كالماء والهواء والتربة، كما نص هذا الباب على أن سكب مخلفات المصانع السائلة والصلبة في البحر والأودية والمنخفضات الترابية والغابات جريمة بيئية، ونفس الشيء بالنسبة إلى كل انبعاث غازي سام ضار ناجم عن تجارب أو إنتاج مواد صناعية مهما كان مصدره فهو بدوره جريمة بيئية وكذلك الأمر بالنسبة إلى صب الفضلات المنزلية ومخلفات البناء في غير المصبات المراقبة من طرف الدولة والبناء على الملك العام البحري أو استغلال الشواطئ سواء بصفة مؤقتة أو دائمة فهي الأخرى جرائم بيئية.
التدرج في العقوبات
وتختلف العقوبات التي نصت عليها المبادرة التشريعية في الباب الخامس باختلاف الأفعال المجرمة من مخالفات وجنح وجنايات. ويعتبر مخالفة الاعتداء على البيئة دون قصد الإضرار بشأن ما يمكن أن ينتج عن فعل مرتكب المخالفة ويمكن أزالته من قبله أو من قبل الجهات المختصة وإعادته إلى الحالة التي كان عليها.. وتتمثل عقوبة مخالفة الاعتداء على البيئة في خطية مالية بين 500 دينار وألف دينار وتضاعف قيمة الخطية في صورة العود وعندما يكرر المخالف ارتكاب نفس الاعتداء على البيئة للمرة الثالثة يرتقي فعله إلى مرتبة الجنحة وتتمثل عقوبة الجنح في خطية قدرها خمس مائة دينار مع السجن من ستة أشهر إلى سنتين.. أما عندما يكون الاعتداء على البيئة والمحيط شديد الخطورة من قبيل تصريف مواد سامة في البحر أو في الطبقة المائية أو البناء على الملك العمومي البحري واستغلاله دون ترخيص أو افتعال حرق الغابات أو الإضرار بالموارد المائية فيعد ذلك جناية وينطبق القانون الجزائي على مرتكبها.. وإضافة إلى ذلك يمكن معاقبة مرتكبي المخالفات والجنح بعقوبات تكميلية.
ولتوضيح الأحكام المنطبقة على مرتكبي الجرائم البيئية أشار باب الأحكام المختلفة من المبادرة التشريعية إلى فصول المجلة الجزائية التي يجب اعتمادها عند تحديد الجريمة والعقوبة أما الإجراءات المتبعة أمام الجهات القضائية المختصة فيتم تحديدها طبقا لمجلة الإجراءات الجزائية.
وتم إعداد المبادرة من قبل النائب عادل ضياف وهي تحمل توقيعه توقيع النواب خالد حكيم مبروكي ومحمود العامري وصالح الصيادي وغسان يامون وأحمد سعيداني وثابت العابد ومحمد ضو ومحمد علي وريم الصغير ولطفي الهمامي وحمادي غيلاني وأسماء الدرويش والمنصف المعلول ووليد الحاجي وصابر الجلاصي ومنير الكموني ونبيه ثابت وآمال المؤدب ومحسن هرمي وشفيق الزعفوري وآلفة المرواني وعبد الحافظ الوحيشي.
دسترة الحقوق البيئية
وبين أصحاب مقترح القانون في وثيقة شرح أسبابه أنه لا بد من تثمين دسترة حماية البيئة والحق في بيئة سليمة والحق في مناخ سليم والحق في الماء لأن ذلك يؤسس لمرحلة هامة على مستوى التطور القانوني وتستوجب هذه الدسترة حسب رأيهم توفير الوسائل القانونية المناسبة والناجعة لترجمة أحكام الدستور على أرض الواقع ولتفعيل المبادئ والتدابير المنصوص عليها في مختلف الاتفاقيات الدولية الجديدة المتعلقة بالمناخ والتنوع البيولوجي والإحيائي وغيرها الأمر الذي يعني أنه لا بد من ملاءمة التشريعات الوطنية مع الاتفاقيات الدولية التي وقعت عليها الدولة التونسية.
ويتمحور مقترح القانون حسب ما ورد في وثيقة شرح الأسباب حول خمسة أهداف رئيسية وهي تجميع النصوص القانونية المتعلقة بالبيئة وتوحيدها، وتكوين إطار قانوني عام ومرجعي لجميع التشريعات ذات العلاقة بالبيئة وتجنب نسخ النصوص القانونية بتكرار فصول وتيسير إطلاع مختلف الأطراف المتداخلة على القانون البيئي على غرار الضابطة العدلية والأجهزة التنفيذية المخولة لرفع المخالفات ومحاضر الاعتداء على البيئة، والمحافظة على حقوق الأجيال القادمة في محيط سليم.
وحاول أصحاب المبادرة التشريعية دق ناقوس الخطر سحب تعبيرهم لأن الوضع البيئي ينبئ بالخطر وهو ما يستدعي تعزيز آليات الحماية والتصدي للانفلات والاعتداءات التي تمت في العشرية السابقة على الموارد الطبيعية الأوساط الطبيعية والغابات والمحميات والشريط الساحلي وغيرها.
ويذكر أنه قبل تقديم مبادرة تشريعية تهدف لتجريم الاعتداءات على البيئة كان بعض النواب قد طالبوا وزيرة البيئة منذ نوفمبر الماضي خلال مناقشة مشروع ميزانية هذه الوزارة بالتسريع في إحالة المجلة الجديدة للبيئة إلى البرلمان.. وأجابت الوزيرة ليلى الشيخاوي آنذاك أن الوزارة اشتغلت منذ سنتين على هذا المشروع الكبير والمتمثل في مجلة البيئة لكن الحديث عنه انطلق منذ سنة 2005 وقالت إنها عند التحاقها سنة 2021 بالوزارة طلبت أن يقع مدها بمعطيات حول هذا المشروع وتبينت أنه تم الشروع بعد في إعداده لكن أمام عدم الاستقرار الحكومي تعطل تمريره. وأشارت إلى أنها حرصت على أن يقع إعداده بطريقة تشاركية حيث تمت استشارة جميع الوزارات والأطراف المعنية وتم في 3 أوت الماضي نشره على موقع الوزارة باللغة العربية واللغة الفرنسية وهو يتضمن بابا كاملا حول التغيرات المناخية وبابا خاصا بالعقوبات وآخر يتعلق بتوحيد المراقبة. وذكرت أنه تم الاستئناس بالنصوص القانونية الموجودة مع السعي إلى ملاءمتها مع متطلبات الزمن الراهن وأكدت أنه تم إرسال مشروع المجلة إلى رئاسة الحكومة وأنه مباشرة بعد أن يقع تمريره على مجلس الوزراء ستتم إحالته على البرلمان وعبرت عن أملها في أن يقع تحقيق حلم إصدار مجلة للبيئة في تونس.
مقترحات أخرى
ورغم مرور سبعة أشهر عن الجلسة العامة البرلمانية التي تحدثت فيها وزيرة البيئة عن مشروع مجلة البيئة فإن الحكومة لم تحل بعد هذا المشروع إلى المجلس النيابي وفي الانتظار قرر مكتب المجلس المنعقد أول أمس بقصر باردو إحالة المبادرة التشريعية سالفة الذكر والمتعلقة بمكافحة جرائم الاعتداء على البيئة إلى لجنة الصناعة والتجارة والثروات الطبيعية والطاقة والبيئة وأوصاها بطلب إبداء رأي كلّ من لجنة التشريع العام ولجنة التخطيط الاستراتيجي والتنمية المستدامة والنقل والبنية التحتية والتهيئة العمرانية.
ولكن قد يكون من الصعب على اللجنة تمرير هذه المبادرة التشريعية قبل العطلة البرلمانية نظرا لأنها تعهدت منذ 15 فيفري الماضي بدراسة مقترح قانون يتعلق بتنظيم مسالك التوزيع للمواد الأساسية والمدعّمة ومراقبتها، ولم تنته منه، كما يوجد على مكتبها منذ 9 ماي الماضي مقترح قانون يهدف إلى التشجيع على الهيدروجين الأخضر الذي يتم إنتاجه من خلال التحليل الكهربائي لمياه التحلية بالاعتماد على الطاقات المتجددة ولم تستمل اللجنة النظر فيه. ولكن يبقى مشروع القانون المتعلق بالموافقة على الاتفاقية الخاصة وملحقاتها المتعلقة بامتياز استغلال المحروقات الذي يعرف بامتياز الاستغلال "عشتروت" ومشروع القانون المتعلق بالموافقة على الاتفاقية الخاصة وملحقاتها المتعلقة بامتياز استغلال المحروقات الذي يعرف بامتياز الاستغلال "رحمورة" من أثقل المشاريع المعروضة على أنظار اللجنة لذلك استغرق نقاشهما وقتا طويلا.
سعيدة بوهلال
تونس: الصباح
بعد انتهائهم من دراسة اتفاقيتي استغلال المحروقات "رحمورة" و"عشتروت"، سيجد نواب لجنة الصناعة والتجارة والثروات الطبيعية والطاقة والبيئة الأسبوع القادم على مكتب لجنتهم مبادرة تشريعية جديدة تتعلق بمكافحة جرائم الاعتداء على البيئة.
وتهدف هذه المبادرة التي اتخذت شكل مجلة جامعة للنصوص القانونية المتعلقة بحماية البيئة والمحيط إلى تكريس الضوابط العامة لتلافي كل ما من شأنه الإضرار بالمحيط والموارد الطبيعية الموجودة فيه والحفاظ على الصحة العامة والتنوع البيولوجي، وتم من خلالها اقتراح إلغاء جميع القوانين ذات الصلة بحماية البيئة ومجلة مكافحة جرائم الاعتداء على البيئة والمحيط ومختلف النصوص القانونية المشابهة والقانون عدد 91 لسنة 1988 المتعلق بالوكالة الوطنية لحماية المحيط والقانون عدد 34 لسنة 2007 المؤرخ في 4 جوان 2007 المتعلق بنوعية الهواء والقانون عدد 41 لسنة 1996 المتعلق بالنفايات ومراقبة التصرف فيها وإزالتها.
وتضمنت المبادرة التشريعية المذكورة 17 فصلا تم توزيعها على ستة أبواب وهي باب الأحكام العامة، وباب في الحماية، وباب تجريم الاعتداء على البيئة، وباب أنواع الجرائم الضارة بالبيئة، وباب العقوبات، وأخيرا باب الأحكام المختلفة.
وتم في الباب الأول تعريف المفاهيم حيث تعني عبارة البيئة المحيط بجميع عناصره وهو الذي تعيش فيه الكائنات الحية والتأثيرات الناجمة عن الأنشطة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. أما المحيط فهو وسط طبيعي يتكون من غابات وأودية وبحريات وشواطئ وبحار ومنابع مياه وآبار وصحاري وواحات وجبال، أما عناصر البيئة فهي الماء والهواء والتربة والكائنات الحية، في حين يقصد بالملوثات البيئة أي مادة صلبة أو سائلة أو غازية وكذلك الضوضاء أو الاهتزازات أو الإشعاعات أو الحرارة أو التوهج وغيرها من العوامل الإحيائية التي تؤدي بطريقة مباشرة أو غير مباشرة إلى تلوث البيئة.
تشريك المجتمع المدني
ولحماية البيئة والمحيط اقترحت المبادرة التشريعية في الباب الثاني تشريك المجتمع المدني، إذ نصت على أن واجب حماية البيئة والمحيط يقتضي تضافر جهود كل مؤسسات الدولة والمجتمع المدني في دفع كل ما من شأنه الإضرار بجميع الأوساط البيئية. كما كرست واجب الإشعار بكل ما من شأنه الإضرار بالبيئة والمحيط فواجب التبليغ محمول على جميع الأطراف من مجتمع مدني ومواطنين وغيرهم ممن بلغ إلى علمهم وجود خطر محدق أو حاصل يهدد البيئة والمحيط.
وليس هذا فقط بل تم من خلال المبادرة اقتراح إلزام كل من يلحق ضررا بالبيئة والمحيط بتعويض قيمة الأضرار التي تسبب فيها لفائدة الدولة ويكون هذا التعويض ماديا أو بإعادة ما تم إتلافه إلى الحالة التي كان عليها.
تحديد الأضرار
وأشار الباب الثالث من المبادرة التشريعية إلى تطبيق العقوبات السالبة للحرية والعقوبات التكميلية والعقوبات المالية المنصوص عليها بالفصل الخامس من المجلة الجزائية على مرتكب الاعتداء المضر بعناصر البيئة والمحيط حسب درجة خطورة الفعل المرتكب ونص على أن يكلف القاضي المتعهد بالقضية، خبراء مختصين لتحديد الأضرار الحاصلة. وللتذكير فإن العقوبات المنصوص عليها بالفصل الخامس من المجلة الجزائية تتمثل في الإعدام، والسجن بقية العمر، والسجن، والعمل لفائدة المصلحة العامة، والمراقبة الإدارية والخطايا المالية والتعويض الجزائي كما تتمثل في منع الإقامة، والمراقبة الإدارية، ومصادرة المكاسب والحجز الخاص، والإقصاء والحرمان من مباشرة الحقوق والامتيازات الآتية :الوظائف العمومية أو بعض المهن مثل محام أو مأمور عمومي أو طبيب أو بيطري أو قابلة أو مدير مؤسسة تربوية أو مستخدم بها بأي عنوان كان أو عدل أو مقدم أو خبير أو شاهد لدى المحاكم وحمل السلاح وكل الأوسمة الشرفية الرسمية، وحق الاقتراع وحق نشر مضامين بعض الأحكام.
وحسب ما ورد في المبادرة المذكورة يعتبر اعتداء على البيئة التصرف في مواد سامة ناتجة عن تجارب صناعية أو إنتاج صناعي أو نفايات خطيرة كيميائية أو بترولية بنية الإضرار بها أو تصريف هذه المواد في أحد مكوناتها. ويعتبر اعتداء على أمن الأجيال اللاحقة في العيش في بيئة سليمة كل ما من شأنه المساس بسلامة المحيط والبيئة باستعمال الملوثات مهما كان نوعها والتي تتسبب في القضاء على إحدى الثروات الطبيعية نباتية كانت أو حيوانية أو مائية.
وتثار الدعوى من قبل النيابة العمومية حال علمها بالاعتداء أو عند تشكي من له مصلحة سواء كان هذا الشاكي شخصا طبيعيا أو معنويا وتتولى النيابة العمومية تتبع جرائم الاعتداء على البيئة. وتكون معاينة هذه الجرائم من قبل ضباط الحالة المدنية وحاملي صفة الضابطة العدلية من ضباط وقوات حاملة للسلاح وعمد وحراس غابات وضباط الشرطة البلدية، ويعاقب كل من يعرقل أعمال الضابطة العدلية أو يمنع إجراء المعاينات بالسن لمدة 3 أشهر.
الجرائم البيئية
أتى الباب الرابع من مقترح القانون المعروض على أنظار المجلس النيابي على أنواع الجرائم البيئية ونص على أن الجريمة البيئية هي الأفعال الضارة بالعناصر الطبيعية كالماء والهواء والتربة، كما نص هذا الباب على أن سكب مخلفات المصانع السائلة والصلبة في البحر والأودية والمنخفضات الترابية والغابات جريمة بيئية، ونفس الشيء بالنسبة إلى كل انبعاث غازي سام ضار ناجم عن تجارب أو إنتاج مواد صناعية مهما كان مصدره فهو بدوره جريمة بيئية وكذلك الأمر بالنسبة إلى صب الفضلات المنزلية ومخلفات البناء في غير المصبات المراقبة من طرف الدولة والبناء على الملك العام البحري أو استغلال الشواطئ سواء بصفة مؤقتة أو دائمة فهي الأخرى جرائم بيئية.
التدرج في العقوبات
وتختلف العقوبات التي نصت عليها المبادرة التشريعية في الباب الخامس باختلاف الأفعال المجرمة من مخالفات وجنح وجنايات. ويعتبر مخالفة الاعتداء على البيئة دون قصد الإضرار بشأن ما يمكن أن ينتج عن فعل مرتكب المخالفة ويمكن أزالته من قبله أو من قبل الجهات المختصة وإعادته إلى الحالة التي كان عليها.. وتتمثل عقوبة مخالفة الاعتداء على البيئة في خطية مالية بين 500 دينار وألف دينار وتضاعف قيمة الخطية في صورة العود وعندما يكرر المخالف ارتكاب نفس الاعتداء على البيئة للمرة الثالثة يرتقي فعله إلى مرتبة الجنحة وتتمثل عقوبة الجنح في خطية قدرها خمس مائة دينار مع السجن من ستة أشهر إلى سنتين.. أما عندما يكون الاعتداء على البيئة والمحيط شديد الخطورة من قبيل تصريف مواد سامة في البحر أو في الطبقة المائية أو البناء على الملك العمومي البحري واستغلاله دون ترخيص أو افتعال حرق الغابات أو الإضرار بالموارد المائية فيعد ذلك جناية وينطبق القانون الجزائي على مرتكبها.. وإضافة إلى ذلك يمكن معاقبة مرتكبي المخالفات والجنح بعقوبات تكميلية.
ولتوضيح الأحكام المنطبقة على مرتكبي الجرائم البيئية أشار باب الأحكام المختلفة من المبادرة التشريعية إلى فصول المجلة الجزائية التي يجب اعتمادها عند تحديد الجريمة والعقوبة أما الإجراءات المتبعة أمام الجهات القضائية المختصة فيتم تحديدها طبقا لمجلة الإجراءات الجزائية.
وتم إعداد المبادرة من قبل النائب عادل ضياف وهي تحمل توقيعه توقيع النواب خالد حكيم مبروكي ومحمود العامري وصالح الصيادي وغسان يامون وأحمد سعيداني وثابت العابد ومحمد ضو ومحمد علي وريم الصغير ولطفي الهمامي وحمادي غيلاني وأسماء الدرويش والمنصف المعلول ووليد الحاجي وصابر الجلاصي ومنير الكموني ونبيه ثابت وآمال المؤدب ومحسن هرمي وشفيق الزعفوري وآلفة المرواني وعبد الحافظ الوحيشي.
دسترة الحقوق البيئية
وبين أصحاب مقترح القانون في وثيقة شرح أسبابه أنه لا بد من تثمين دسترة حماية البيئة والحق في بيئة سليمة والحق في مناخ سليم والحق في الماء لأن ذلك يؤسس لمرحلة هامة على مستوى التطور القانوني وتستوجب هذه الدسترة حسب رأيهم توفير الوسائل القانونية المناسبة والناجعة لترجمة أحكام الدستور على أرض الواقع ولتفعيل المبادئ والتدابير المنصوص عليها في مختلف الاتفاقيات الدولية الجديدة المتعلقة بالمناخ والتنوع البيولوجي والإحيائي وغيرها الأمر الذي يعني أنه لا بد من ملاءمة التشريعات الوطنية مع الاتفاقيات الدولية التي وقعت عليها الدولة التونسية.
ويتمحور مقترح القانون حسب ما ورد في وثيقة شرح الأسباب حول خمسة أهداف رئيسية وهي تجميع النصوص القانونية المتعلقة بالبيئة وتوحيدها، وتكوين إطار قانوني عام ومرجعي لجميع التشريعات ذات العلاقة بالبيئة وتجنب نسخ النصوص القانونية بتكرار فصول وتيسير إطلاع مختلف الأطراف المتداخلة على القانون البيئي على غرار الضابطة العدلية والأجهزة التنفيذية المخولة لرفع المخالفات ومحاضر الاعتداء على البيئة، والمحافظة على حقوق الأجيال القادمة في محيط سليم.
وحاول أصحاب المبادرة التشريعية دق ناقوس الخطر سحب تعبيرهم لأن الوضع البيئي ينبئ بالخطر وهو ما يستدعي تعزيز آليات الحماية والتصدي للانفلات والاعتداءات التي تمت في العشرية السابقة على الموارد الطبيعية الأوساط الطبيعية والغابات والمحميات والشريط الساحلي وغيرها.
ويذكر أنه قبل تقديم مبادرة تشريعية تهدف لتجريم الاعتداءات على البيئة كان بعض النواب قد طالبوا وزيرة البيئة منذ نوفمبر الماضي خلال مناقشة مشروع ميزانية هذه الوزارة بالتسريع في إحالة المجلة الجديدة للبيئة إلى البرلمان.. وأجابت الوزيرة ليلى الشيخاوي آنذاك أن الوزارة اشتغلت منذ سنتين على هذا المشروع الكبير والمتمثل في مجلة البيئة لكن الحديث عنه انطلق منذ سنة 2005 وقالت إنها عند التحاقها سنة 2021 بالوزارة طلبت أن يقع مدها بمعطيات حول هذا المشروع وتبينت أنه تم الشروع بعد في إعداده لكن أمام عدم الاستقرار الحكومي تعطل تمريره. وأشارت إلى أنها حرصت على أن يقع إعداده بطريقة تشاركية حيث تمت استشارة جميع الوزارات والأطراف المعنية وتم في 3 أوت الماضي نشره على موقع الوزارة باللغة العربية واللغة الفرنسية وهو يتضمن بابا كاملا حول التغيرات المناخية وبابا خاصا بالعقوبات وآخر يتعلق بتوحيد المراقبة. وذكرت أنه تم الاستئناس بالنصوص القانونية الموجودة مع السعي إلى ملاءمتها مع متطلبات الزمن الراهن وأكدت أنه تم إرسال مشروع المجلة إلى رئاسة الحكومة وأنه مباشرة بعد أن يقع تمريره على مجلس الوزراء ستتم إحالته على البرلمان وعبرت عن أملها في أن يقع تحقيق حلم إصدار مجلة للبيئة في تونس.
مقترحات أخرى
ورغم مرور سبعة أشهر عن الجلسة العامة البرلمانية التي تحدثت فيها وزيرة البيئة عن مشروع مجلة البيئة فإن الحكومة لم تحل بعد هذا المشروع إلى المجلس النيابي وفي الانتظار قرر مكتب المجلس المنعقد أول أمس بقصر باردو إحالة المبادرة التشريعية سالفة الذكر والمتعلقة بمكافحة جرائم الاعتداء على البيئة إلى لجنة الصناعة والتجارة والثروات الطبيعية والطاقة والبيئة وأوصاها بطلب إبداء رأي كلّ من لجنة التشريع العام ولجنة التخطيط الاستراتيجي والتنمية المستدامة والنقل والبنية التحتية والتهيئة العمرانية.
ولكن قد يكون من الصعب على اللجنة تمرير هذه المبادرة التشريعية قبل العطلة البرلمانية نظرا لأنها تعهدت منذ 15 فيفري الماضي بدراسة مقترح قانون يتعلق بتنظيم مسالك التوزيع للمواد الأساسية والمدعّمة ومراقبتها، ولم تنته منه، كما يوجد على مكتبها منذ 9 ماي الماضي مقترح قانون يهدف إلى التشجيع على الهيدروجين الأخضر الذي يتم إنتاجه من خلال التحليل الكهربائي لمياه التحلية بالاعتماد على الطاقات المتجددة ولم تستمل اللجنة النظر فيه. ولكن يبقى مشروع القانون المتعلق بالموافقة على الاتفاقية الخاصة وملحقاتها المتعلقة بامتياز استغلال المحروقات الذي يعرف بامتياز الاستغلال "عشتروت" ومشروع القانون المتعلق بالموافقة على الاتفاقية الخاصة وملحقاتها المتعلقة بامتياز استغلال المحروقات الذي يعرف بامتياز الاستغلال "رحمورة" من أثقل المشاريع المعروضة على أنظار اللجنة لذلك استغرق نقاشهما وقتا طويلا.