إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

افتتاحية "الصباح".. معابر العرب المغلقة!!

 

جرت منذ أيام الانتخابات الأوروبية التي جندت لها دول الاتحاد الأوروبي الجهود والامكانيات بشكل ملفت للانتباه. وتكتسي نتائج هذه الانتخابات أهمية بالغة إلى درجة أنها دفعت الرئيس الفرنسي إلى الإعلان عن انتخابات تشريعية مبكرة، في محاولة منه لصد تقدم حزب أقصى اليمين المتطرف الذي حل في المرتبة الأولى (أكثر من ثلاثين بالمائة من الأصوات) بفارق كبير عن الحزب الحاكم (15 بالمائة من الأصوات).

ورغم الخطر الذي يمثله صعود اليمين المتطرف في عدد متزايد من بلدان الاتحاد الأوروبي، فإن ذلك قد لا يصل إلى تهديد الوحدة الأوروبية التي هي نتيجة سنين طويلة ومضنية من العمل من أجل تحقيق الحلم الأوروبي.

وقد نجح الأوروبيون الذين لا تجمعهم لغة واحدة ولا تاريخ يوحدهم، بل سادت بين البعض منهم حروبا ضارية، في وضع قطار التوحيد على السكة بعد جهود دامت عقودا من الزمن (انطلقت مباشرة بعد الحرب العالمية الثانية وأعلن عن تأسيس الاتحاد في 1992 وهو اليوم يضم 27 دولة).

وإذ نذكّر بهذه الحقيقة، فليس لأننا نعتقد بأن البلدان العربية كان من الممكن أن تحقق هي بدورها وحدة الصفوف وهي التي تتبجح بوحدة الدين واللغة والتاريخ، فهذا أمر أصبح طي النسيان، وحتى المحاولات القليلة في تاريخنا المعاصر في هذا الاتجاه باءت بالفشل وكل مشاريع الوحدة العربية وحتى المغاربية ظلت حبرا على ورق.

لكن أن يصل الأمر إلى أن تسارع دولة عربية إلى غلق معبر أو بوابة تربطها بدولة عربية أخرى "شقيقة" كما تصر البلدان العربية على وصف علاقاتها مع بقية البلدان العربية، فهذا ما لا يمكن استساغته أي كانت التبريرات.

قد يكون غلق معبر رفح على الحدود الفلسطينية المصرية، بقرار من الطرف المصري رغم أنه أعاق مرور المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة قرارا وطنيا وتحدده اعتبارات يعتقد الطرف المصري أنها وجيهة، ولكن القرار آلم كل المنتصرين للقضية الفلسطينية. وليست الشعوب العربية لوحدها من تنادي اليوم بفتح المعبر لكن كل شعوب العالم الحر تنادي بذلك بعد أن كثر أذى الكيان الصهيوني الذي يشن عدوانا غاشما منذ7 أكتوبر على قطاع غزة مخلفا عددا هائلا من الضحايا ودمارا واسعا.

 كيف يمكن إذن أن نقنع شعوب العالم التي هبت لنصرة فلسطين - كي لا نتحدث عن الشعوب العربية العاجزة- والمعبر الوحيد الذي يمكن أن تأتي منه نجدة الفلسطينيين المحاصرين، مغلق بقرار مصري، أي من دولة عربية من المفروض هي منتصرة للقضية الفلسطينية؟

نفس السؤال يمكن أن نطرحه حول غلق رأس جدير أو غيره من نقاط العبور بين تونس وليبيا، وإن كان الأمر مختلفا عما يجري في معبر رفح، إلا أن قرار الغلق خاصة لفترات طويلة وإعلان إعادة الفتح ثم التراجع عن ذلك، مع ما يمكن أن ينجر عنه من خنق لحرية التنقل بين البلدين العربيين الجارين، يدل على أن الحدود بين البلدان العربية هي فكرة في العقول قبل أن تكون مسألة جغرافية.

إن عالمنا العربي وكما هو واضح يزداد تباعدا. وحتى إن كانت إرادة الشعوب قوية، فإن السياسات المتبعة حاليا من شأنها أن تغرس بذور التفرقة بشدة. قد تنتهي الحرب في فلسطين في يوم ما على أمل أن يكون النصر لأهل فلسطين، لكن هل من السهل على الفلسطينيين أن ينسوا صفحة غلق معبر رفح. والسؤال عموما هل يمكن للشعوب العربية أن تنسى بسهولة صفحة المعابر المغلقة؟؟

 حياة السايب

 

 

 

جرت منذ أيام الانتخابات الأوروبية التي جندت لها دول الاتحاد الأوروبي الجهود والامكانيات بشكل ملفت للانتباه. وتكتسي نتائج هذه الانتخابات أهمية بالغة إلى درجة أنها دفعت الرئيس الفرنسي إلى الإعلان عن انتخابات تشريعية مبكرة، في محاولة منه لصد تقدم حزب أقصى اليمين المتطرف الذي حل في المرتبة الأولى (أكثر من ثلاثين بالمائة من الأصوات) بفارق كبير عن الحزب الحاكم (15 بالمائة من الأصوات).

ورغم الخطر الذي يمثله صعود اليمين المتطرف في عدد متزايد من بلدان الاتحاد الأوروبي، فإن ذلك قد لا يصل إلى تهديد الوحدة الأوروبية التي هي نتيجة سنين طويلة ومضنية من العمل من أجل تحقيق الحلم الأوروبي.

وقد نجح الأوروبيون الذين لا تجمعهم لغة واحدة ولا تاريخ يوحدهم، بل سادت بين البعض منهم حروبا ضارية، في وضع قطار التوحيد على السكة بعد جهود دامت عقودا من الزمن (انطلقت مباشرة بعد الحرب العالمية الثانية وأعلن عن تأسيس الاتحاد في 1992 وهو اليوم يضم 27 دولة).

وإذ نذكّر بهذه الحقيقة، فليس لأننا نعتقد بأن البلدان العربية كان من الممكن أن تحقق هي بدورها وحدة الصفوف وهي التي تتبجح بوحدة الدين واللغة والتاريخ، فهذا أمر أصبح طي النسيان، وحتى المحاولات القليلة في تاريخنا المعاصر في هذا الاتجاه باءت بالفشل وكل مشاريع الوحدة العربية وحتى المغاربية ظلت حبرا على ورق.

لكن أن يصل الأمر إلى أن تسارع دولة عربية إلى غلق معبر أو بوابة تربطها بدولة عربية أخرى "شقيقة" كما تصر البلدان العربية على وصف علاقاتها مع بقية البلدان العربية، فهذا ما لا يمكن استساغته أي كانت التبريرات.

قد يكون غلق معبر رفح على الحدود الفلسطينية المصرية، بقرار من الطرف المصري رغم أنه أعاق مرور المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة قرارا وطنيا وتحدده اعتبارات يعتقد الطرف المصري أنها وجيهة، ولكن القرار آلم كل المنتصرين للقضية الفلسطينية. وليست الشعوب العربية لوحدها من تنادي اليوم بفتح المعبر لكن كل شعوب العالم الحر تنادي بذلك بعد أن كثر أذى الكيان الصهيوني الذي يشن عدوانا غاشما منذ7 أكتوبر على قطاع غزة مخلفا عددا هائلا من الضحايا ودمارا واسعا.

 كيف يمكن إذن أن نقنع شعوب العالم التي هبت لنصرة فلسطين - كي لا نتحدث عن الشعوب العربية العاجزة- والمعبر الوحيد الذي يمكن أن تأتي منه نجدة الفلسطينيين المحاصرين، مغلق بقرار مصري، أي من دولة عربية من المفروض هي منتصرة للقضية الفلسطينية؟

نفس السؤال يمكن أن نطرحه حول غلق رأس جدير أو غيره من نقاط العبور بين تونس وليبيا، وإن كان الأمر مختلفا عما يجري في معبر رفح، إلا أن قرار الغلق خاصة لفترات طويلة وإعلان إعادة الفتح ثم التراجع عن ذلك، مع ما يمكن أن ينجر عنه من خنق لحرية التنقل بين البلدين العربيين الجارين، يدل على أن الحدود بين البلدان العربية هي فكرة في العقول قبل أن تكون مسألة جغرافية.

إن عالمنا العربي وكما هو واضح يزداد تباعدا. وحتى إن كانت إرادة الشعوب قوية، فإن السياسات المتبعة حاليا من شأنها أن تغرس بذور التفرقة بشدة. قد تنتهي الحرب في فلسطين في يوم ما على أمل أن يكون النصر لأهل فلسطين، لكن هل من السهل على الفلسطينيين أن ينسوا صفحة غلق معبر رفح. والسؤال عموما هل يمكن للشعوب العربية أن تنسى بسهولة صفحة المعابر المغلقة؟؟

 حياة السايب