إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

عمقتها درجات الحرارة القياسية.. الحرائق خطر "داهم "

 

تونس-الصباح

يثبت الواقع المعيش والمؤشرات المسجلة في علاقة بمعدلات الحرارة المسجلة في الآونة الأخيرة ونشوب عديد الحرائق في الغابات والمحاصيل والمنشآت، صحة توقعات خبراء المناخ والمختصين وتحذيراتهم التي أطلقوها منذ فترة طويلة مطالبين بحسن الاستعداد لتداعيات التغييرات المناخية و"كوارثها".

تتواتر في الأيام الأخيرة أخبار اندلاع الحرائق، فقد نشب مساء الأربعاء، حريق كبير في شركة بمدينة سليمان في ولاية نابل.

تزامن ذلك مع ما كشفه العميد معز تريعة المتحدث باسم الحماية المدنية، من أنّ "عدد الحرائق التي جدت في المحاصيل الزّراعية بلغ في الفترة من 1 ماي إلى 17 جوان الجاري، 125 حريقا تضررت منه مساحة تجاوزت 288 هكتارا، فيما بلغت حرائق الغابات في الفترة نفسها 12 حريقا امتدت على مساحة 15.57 هكتارا".

مضيفا أن "الحرائق في الأعشاب الجافّة والحصائد أتت على مساحة 225 هكتارا وبلغ عددها 294 حريقا خلال نفس الفترة".

وكانت وحدات الحماية المدنية قد أطفأت في 10 جوان وخلال 24 ساعة فقط 84 حريقا اندلعت في جهات مختلفة من تونس. وقد سجلت يومي الجمعة والسبت 7 و8 جوان الجاري، جملة من الحرائق التي أتت على مساحات من الزراعات، خاصة منها زراعات القمح والشعير، في عدد من الولايات، وذلك تزامنًا مع الارتفاع الملحوظ في درجات الحرارة .

تصريحات وتحذيرات

تعد هذه المؤشرات والإحصائيات المسجلة سواء في علاقة بدرجات الحرارة القياسية أو الحرائق ترجمة لتصريحات وتحذيرات سابقة توقعت هذا السيناريو ونبهت من تداعياته المحتملة.

ففي عديد التصريحات مؤخرا ، أكّد عادل الهنتاتي الخبير في البيئة والتنمية المستدامة تسجيل ارتفاع كبير في درجات الحرارة بـ12 درجة، مقارنة بالمعدلات الطبيعية لشهر جوان، لافتا إلى أن كل المؤشرات تبيّن أنّ صيف 2024، سيكون أشدّ حرا من صيف 2023.

ويضيف الهنتاتي أن" درجات الحرارة ستتجاوز الـ50 درجة، وفق نموذج المحاكاة في بعض البلدان. وهو دليل أساسي على التغيّرات المناخية التي تشهدها الأرض".

في السياق ذاته توّقع الأستاذ في علم المناخ زهير الحليوي "تسجيل تونس أرقاما قياسية في درجات الحرارة مع حلول الصيف"، مؤكدا أن "كل الدراسات العلمية للمناخ وتطورات الأوضاع الجوية تفيد بأن تونس مقبلة على فصول صيف حارة جدا واستثنائية بفعل التغيرات المناخية التي يشهدها العالم، والتي ستؤثر بشكل ملحوظ على طقس بلادنا في السنوات المقبلة..".

بدوره كان مدير إدارة البحث والتطوير بالمعهد الوطني للرصد الجوي حاتم بكور قد أفاد، في تصريح في ماي الفارط بأن "درجات الحرارة قد تتجاوز المعدلات العادية خلال صائفة 2024، وذلك وفقًا للنتائج والمؤشرات التي توصل إليها المعهد، والاحتمالات العالية المتعلقة بالتوقعات المناخية الفصلية".

قبل ذلك وفي دراسة من إعداد المعهد العربي لرؤساء المؤسسات، نشرت مؤخرا تحت عنوان "التضخم المناخي.. التحديات والفرص في مواجهة تغير المناخ"، صنفت تونس من أكثر دول البحر الأبيض المتوسط تعرضًا للتغيرات المناخية، حيث شهدت البلاد ارتفاعًا في درجات الحرارة بحوالي 0.4 درجة مائوية خلال العقود الثلاثة الماضية".

وكشفت الدراسة على "المخاطر المناخية الأساسية التي تواجهها تونس في ارتفاع درجات الحرارة، وتراجع معدل تهاطل الأمطار، بالإضافة إلى ندرة المياه والجفاف، كل هذه العوامل أدت إلى تراجع الإنتاج الفلاحي وانعدام الأمن الغذائي".

توصيات

واستنادا لما بينته الدراسة المذكورة من مخاطر دعا المعهد العربي لرؤساء المؤسسات السلطات إلى" اتخاذ تدابير وقائية لمواجهة ارتفاع درجات الحرارة، والذي ينتج عنه ارتفاع خطر الحرائق، وزيادة في الطلب على الكهرباء".

صدرت أيضا توصيات أخرى من عديد الجهات المعنية بالمناخ والبيئة محذرة من الحرائق داعية لحسن الاستعداد لمواجهاتها والحد من تداعياتها وفي هذا الصدد، قدمت الجمعية التونسية لإدارة الأزمات، مؤخرا، جملة من التوصيات إلى السلط الجهوية بولايات باجة جندوبة سليانة الكاف زغوان وبنزرت، في إطار استشراف تأثيرات موجات الحر المتوقعة خلال صائفة 2024 وتوقيًا من مخاطر حرائق الغابات.

واقترحت الجمعية، في بلاغ لها، "أن تفعّل بشكل عاجل إجراءات منع كل أشكال التخييم بالمناطق الغابية في أقرب وقت ممكن".

كما أكدت على ضرورة "معاضدة جهود الفرق الميدانية للجمعية والتي شرعت منذ غرّة جوان الحالي في تنفيذ حملة توعية ميدانية لمتساكني الجهات الآهلة المتاخمة للغابات بالتزامن مع حملة نظافة بمناطق التخييم بالجهات المذكورة لرفع فضلات عمليات التخييم المتروكة عمومًا، وكل ما من شأنه أن يشكل مادة قابلة للاشتعال تساهم في اندلاع أو انتشار حريق على وجه الخصوص".

استعدادات للوقاية

فكيف تتفاعل السلطات المعنية مع خطر الحرائق "الداهم" والذي يهدد سلامة الأفراد والأمن الغذائي والثروة الغابية؟

يقول في هذا الصدد العميد معز تريعة المتحدث باسم الحماية المدنية في تصريح إعلامي أمس أنه تمّ تركيز والانطلاق بالعمل بـ8 مراكز موسمية متقدمة لحماية مزارع الحبوب والعلف بولايات جندوبة وبنزرت والكاف وبن عروس.

كما تحدث تريعة عن عقد جلسة عمل في 19 أفريل الفارط ، تم خلالها التأكيد على ضرورة تفعيل الجانب الإرشادي والاستعلامي للحيلولة دون إضرام النار عمدا والكشف المسبق على المشتبه بهم وتقديمهم للعدالة، نظرا إلى أنّ ظاهرة الحرائق أصبحت تكتسي طابع أمن قومي خاصة بعد الحرائق التي تم تسجيلها خلال صائفة 2023 وتضررت منها عدة ولايات (جندوبة وباجة وسليانة والقيروان)".

وأفاد بأنّه "من المتوقع أن يصل عدد المتطوعين الذين تلقوا تكوينا خاصا إضافيا في حرائق الغابات للعمل بالوحدات ذات مرجع نظر غابي بنظام العمل 24/24 الى 269 متطوعا سيتم توزيعهم على الوحدات التي تشكو نقصا في الإمكانيات البشرية، مقارنة بسنة 2023 حيث بلغ عدد المتطوعين بالوحدات الجهوية للحماية المدنية 176 متطوعا من بين الذين تحصلوا على شهادة الكفاءة في العمل التطوعي."

وبيّن تريعة أيضا أنّ "عددا من الأطراف بوزارة الفلاحة قد تولّت إعداد برنامج للأيام الإقليمية حول تعديل وصيانة آلات الحصاد ومقاومة الحرائق بمختلف الولايات المنتجة للحبوب طبقا لروزنامة في الغرض خلال شهري أفريل وماي الماضيين تم بموجبها انجاز زيارات ميدانية وحملات تحسيسية مواكبة لانطلاق موسم الحصاد لتوعية الفلاحين بضرورة صيانة المعدات الفلاحية وتفقدها دوريا وكيفية خزن المحاصيل الزراعية لتأمينها من خطر الحرائق".

م.ي

 

 

 

 

عمقتها درجات الحرارة القياسية..   الحرائق خطر "داهم "

 

تونس-الصباح

يثبت الواقع المعيش والمؤشرات المسجلة في علاقة بمعدلات الحرارة المسجلة في الآونة الأخيرة ونشوب عديد الحرائق في الغابات والمحاصيل والمنشآت، صحة توقعات خبراء المناخ والمختصين وتحذيراتهم التي أطلقوها منذ فترة طويلة مطالبين بحسن الاستعداد لتداعيات التغييرات المناخية و"كوارثها".

تتواتر في الأيام الأخيرة أخبار اندلاع الحرائق، فقد نشب مساء الأربعاء، حريق كبير في شركة بمدينة سليمان في ولاية نابل.

تزامن ذلك مع ما كشفه العميد معز تريعة المتحدث باسم الحماية المدنية، من أنّ "عدد الحرائق التي جدت في المحاصيل الزّراعية بلغ في الفترة من 1 ماي إلى 17 جوان الجاري، 125 حريقا تضررت منه مساحة تجاوزت 288 هكتارا، فيما بلغت حرائق الغابات في الفترة نفسها 12 حريقا امتدت على مساحة 15.57 هكتارا".

مضيفا أن "الحرائق في الأعشاب الجافّة والحصائد أتت على مساحة 225 هكتارا وبلغ عددها 294 حريقا خلال نفس الفترة".

وكانت وحدات الحماية المدنية قد أطفأت في 10 جوان وخلال 24 ساعة فقط 84 حريقا اندلعت في جهات مختلفة من تونس. وقد سجلت يومي الجمعة والسبت 7 و8 جوان الجاري، جملة من الحرائق التي أتت على مساحات من الزراعات، خاصة منها زراعات القمح والشعير، في عدد من الولايات، وذلك تزامنًا مع الارتفاع الملحوظ في درجات الحرارة .

تصريحات وتحذيرات

تعد هذه المؤشرات والإحصائيات المسجلة سواء في علاقة بدرجات الحرارة القياسية أو الحرائق ترجمة لتصريحات وتحذيرات سابقة توقعت هذا السيناريو ونبهت من تداعياته المحتملة.

ففي عديد التصريحات مؤخرا ، أكّد عادل الهنتاتي الخبير في البيئة والتنمية المستدامة تسجيل ارتفاع كبير في درجات الحرارة بـ12 درجة، مقارنة بالمعدلات الطبيعية لشهر جوان، لافتا إلى أن كل المؤشرات تبيّن أنّ صيف 2024، سيكون أشدّ حرا من صيف 2023.

ويضيف الهنتاتي أن" درجات الحرارة ستتجاوز الـ50 درجة، وفق نموذج المحاكاة في بعض البلدان. وهو دليل أساسي على التغيّرات المناخية التي تشهدها الأرض".

في السياق ذاته توّقع الأستاذ في علم المناخ زهير الحليوي "تسجيل تونس أرقاما قياسية في درجات الحرارة مع حلول الصيف"، مؤكدا أن "كل الدراسات العلمية للمناخ وتطورات الأوضاع الجوية تفيد بأن تونس مقبلة على فصول صيف حارة جدا واستثنائية بفعل التغيرات المناخية التي يشهدها العالم، والتي ستؤثر بشكل ملحوظ على طقس بلادنا في السنوات المقبلة..".

بدوره كان مدير إدارة البحث والتطوير بالمعهد الوطني للرصد الجوي حاتم بكور قد أفاد، في تصريح في ماي الفارط بأن "درجات الحرارة قد تتجاوز المعدلات العادية خلال صائفة 2024، وذلك وفقًا للنتائج والمؤشرات التي توصل إليها المعهد، والاحتمالات العالية المتعلقة بالتوقعات المناخية الفصلية".

قبل ذلك وفي دراسة من إعداد المعهد العربي لرؤساء المؤسسات، نشرت مؤخرا تحت عنوان "التضخم المناخي.. التحديات والفرص في مواجهة تغير المناخ"، صنفت تونس من أكثر دول البحر الأبيض المتوسط تعرضًا للتغيرات المناخية، حيث شهدت البلاد ارتفاعًا في درجات الحرارة بحوالي 0.4 درجة مائوية خلال العقود الثلاثة الماضية".

وكشفت الدراسة على "المخاطر المناخية الأساسية التي تواجهها تونس في ارتفاع درجات الحرارة، وتراجع معدل تهاطل الأمطار، بالإضافة إلى ندرة المياه والجفاف، كل هذه العوامل أدت إلى تراجع الإنتاج الفلاحي وانعدام الأمن الغذائي".

توصيات

واستنادا لما بينته الدراسة المذكورة من مخاطر دعا المعهد العربي لرؤساء المؤسسات السلطات إلى" اتخاذ تدابير وقائية لمواجهة ارتفاع درجات الحرارة، والذي ينتج عنه ارتفاع خطر الحرائق، وزيادة في الطلب على الكهرباء".

صدرت أيضا توصيات أخرى من عديد الجهات المعنية بالمناخ والبيئة محذرة من الحرائق داعية لحسن الاستعداد لمواجهاتها والحد من تداعياتها وفي هذا الصدد، قدمت الجمعية التونسية لإدارة الأزمات، مؤخرا، جملة من التوصيات إلى السلط الجهوية بولايات باجة جندوبة سليانة الكاف زغوان وبنزرت، في إطار استشراف تأثيرات موجات الحر المتوقعة خلال صائفة 2024 وتوقيًا من مخاطر حرائق الغابات.

واقترحت الجمعية، في بلاغ لها، "أن تفعّل بشكل عاجل إجراءات منع كل أشكال التخييم بالمناطق الغابية في أقرب وقت ممكن".

كما أكدت على ضرورة "معاضدة جهود الفرق الميدانية للجمعية والتي شرعت منذ غرّة جوان الحالي في تنفيذ حملة توعية ميدانية لمتساكني الجهات الآهلة المتاخمة للغابات بالتزامن مع حملة نظافة بمناطق التخييم بالجهات المذكورة لرفع فضلات عمليات التخييم المتروكة عمومًا، وكل ما من شأنه أن يشكل مادة قابلة للاشتعال تساهم في اندلاع أو انتشار حريق على وجه الخصوص".

استعدادات للوقاية

فكيف تتفاعل السلطات المعنية مع خطر الحرائق "الداهم" والذي يهدد سلامة الأفراد والأمن الغذائي والثروة الغابية؟

يقول في هذا الصدد العميد معز تريعة المتحدث باسم الحماية المدنية في تصريح إعلامي أمس أنه تمّ تركيز والانطلاق بالعمل بـ8 مراكز موسمية متقدمة لحماية مزارع الحبوب والعلف بولايات جندوبة وبنزرت والكاف وبن عروس.

كما تحدث تريعة عن عقد جلسة عمل في 19 أفريل الفارط ، تم خلالها التأكيد على ضرورة تفعيل الجانب الإرشادي والاستعلامي للحيلولة دون إضرام النار عمدا والكشف المسبق على المشتبه بهم وتقديمهم للعدالة، نظرا إلى أنّ ظاهرة الحرائق أصبحت تكتسي طابع أمن قومي خاصة بعد الحرائق التي تم تسجيلها خلال صائفة 2023 وتضررت منها عدة ولايات (جندوبة وباجة وسليانة والقيروان)".

وأفاد بأنّه "من المتوقع أن يصل عدد المتطوعين الذين تلقوا تكوينا خاصا إضافيا في حرائق الغابات للعمل بالوحدات ذات مرجع نظر غابي بنظام العمل 24/24 الى 269 متطوعا سيتم توزيعهم على الوحدات التي تشكو نقصا في الإمكانيات البشرية، مقارنة بسنة 2023 حيث بلغ عدد المتطوعين بالوحدات الجهوية للحماية المدنية 176 متطوعا من بين الذين تحصلوا على شهادة الكفاءة في العمل التطوعي."

وبيّن تريعة أيضا أنّ "عددا من الأطراف بوزارة الفلاحة قد تولّت إعداد برنامج للأيام الإقليمية حول تعديل وصيانة آلات الحصاد ومقاومة الحرائق بمختلف الولايات المنتجة للحبوب طبقا لروزنامة في الغرض خلال شهري أفريل وماي الماضيين تم بموجبها انجاز زيارات ميدانية وحملات تحسيسية مواكبة لانطلاق موسم الحصاد لتوعية الفلاحين بضرورة صيانة المعدات الفلاحية وتفقدها دوريا وكيفية خزن المحاصيل الزراعية لتأمينها من خطر الحرائق".

م.ي