الديبلوماسية التونسية منذ العشرية الأخيرة الى اليوم فضلا عن مدى نجاعة الجهود التي تقوم بها الديبلوماسية الاقتصادية.. التقارب التونسي الصيني.. الى جانب اللقاءات التشاورية الثلاثية بين تونس والجزائر وليبيا علاوة على بوصلة العلاقات الخارجية التونسية،
كانت أبرز المحاور التي أتى عليها السفير والديبلوماسي السابق أحمد بن مصطفى في حوار خص به "الصباح"..
ليشير محدثنا في هذا الإطار الى أن الديبلوماسية التونسية ولئن ارتكبت سابقا أخطاء إستراتيجية فادحة مثلت انحرافا عن المسار العقلاني إلا أنها حاليا وبعد تاريخ 25 جويلية تعيش تغييرا وبداية إدراك لخطورة الاستمرار في بعض السياسات والخيارات السابقة على غرار العولمة والخضوع للإملاءات الغربية موضحا أنه وعلى مدار السنوات الثلاث الأخيرة بدأ هنالك تحرك جاد وصفه محدثنا بأنه يعكس إعادة توازن استراتيجي في علاقاتنا الخارجية.
أما في ما يتعلق بالديبلوماسية الاقتصادية فإن المطلوب اليوم من وجهة نظر محدثنا هو تطوير مفهوم هذه الديبلوماسية من خلال إيجاد الأطر التنظيمية لمختلف الاتفاقيات التي تحافظ على مصالحنا داعيا في هذا الخصوص الى أن تنخرط تونس في مستوى الشراكات الديبلوماسية الاقتصادية التي تعمل على تثمين الثروات المحلية والتكنولوجيات التونسية.
اللقاء تعرض أيضا الى جملة من المحاور الأخرى مثل انفتاح تونس على أسواق جديدة على غرار السوق الصينية ليوضح محدثنا أن هذا التقارب لا يمكن اعتباره مطلقا قطيعة مع الشريك الاستراتيجي الاتحاد الأوروبي بل بالعكس فهذا التقارب يمثل إعادة تموقع للديبلوماسية التونسية باتجاه إعادة التوازن في علاقاتنا الخارجية دون ان يكون ذلك على حساب شراكاتنا التقليدية. أما في قراءته لعلاقة تونس بالاتحاد الأوروبي بعد صعود اليمين المتطرف فقد أورد محدثنا أنه من الضروري أن نأخذ بعين الاعتبار أن مستقبل الاتحاد الأوروبي لم يعد مضمونا لأنه ككيان أصبح مهددا أكثر من أي وقت مضى وبالتالي فإن المطروح اليوم مستقبل الاتحاد الأوروبي في حد ذاته وليس مستقبل علاقاتنا بالاتحاد الأوروبي.. وفيما يلي نص الحوار :
حوار: منال حرزي
*في البداية كيف تقيمون الديبلوماسية التونسية اليوم لا سيما بعد حالة الركود التي عاشتها على مدار العشر سنوات الماضية؟
لا اتفق مع التوصيف الذي يشير الى أن الديبلوماسية عاشت حالة من الركود أو حالة من الحيوية لكونهما يمثلان مصطلحين غير دقيقين ولا يشخصان الوضعية بالكيفية المطلوبة.
الديبلوماسية التونسية وفي إطار السياق العام الذي مرت به تونس بعد الثورة تأثرت بالمناخات والتقلبات الحاصلة في مستوى العلاقات الدولية وتحديدا بالتدخلات الحاصلة في ليبيا والعالم العربي. وبالتالي فإن أكثر ما أثّر على الديبلوماسية التونسية بصفة عامة هو كثرة التغيرات الحاصلة على رأس الدولة خلال العشرية الأخيرة. لكن ومع ذلك واصلت الديبلوماسية في نفس السياسات من خلال الاستمرارية في نفس الخيارات على غرار التبادل الحر.
*لكن بالتوازي مع مواصلة الديبلوماسية التونسية في نفس الخيارات كان هنالك لوم في تلك الفترة على بعض الخيارات والمواقف؟
صحيح خاصة في ما يتعلق بخيار القطيعة مع سوريا والذي كان بمثابة خطإ استراتيجي فادح وهذا الخطأ ارتد لاحقا عبر بروز الإرهاب. نعم كانت هنالك أخطاء وانحرافات على المسار العقلاني لا سيما في القضايا السياسية على غرار قضية الشرق الأوسط وقضية الاستقرار في العالم العربي.
*ومع ذلك تشير عديد الأطراف اليوم الى أن الديبلوماسية التونسية بصدد التعافي.. هل تشاطرون هذا الطرح؟
صراحة لا أحبذ المصطلحات من قبيل التّعافي أو المرض في ما يتعلق بمسألة الديبلوماسية التي تخضع في غالب الأوقات لموازين قوى وإكراهات. بعد تاريخ 25 جويلية هنالك تغيير وبداية إدراك لخطورة الاستمرار في نفس السياسات السابقة على غرار العولمة والخضوع للإملاءات الغربية. خلال السنوات الثلاث الأخيرة بدأ هنالك تحرّك جاد أسميته شخصيا بإعادة التوازن الاستراتيجي في علاقاتنا الخارجية بعد أن وقع شبه تجميد للبرامج مع صندوق النقد الدولي الى جانب تغيير قانون البنك المركزي حيث بات باستطاعة الدولة التونسية الاقتراض بالدينار التونسي.
*يرى البعض أن الديبلوماسية الاقتصادية اليوم ورغم بعض الجهود المبذولة إلا أنها مازالت تعاني من إشكاليات.. ما المطلوب حتى تتحقّق الانتعاشة اللازمة؟
لا بد من تحديد مفهومها أولا خاصة أن كثيرين يتحدثون عن الدور الموكول للديبلوماسية الاقتصادية في النهوض بالصادرات التونسية لكن يتغافل البعض عن أن تونس ليست دولة صناعية وصادراتها تنحصر أساسا في المواد الفلاحية. المطلوب اليوم تطوير مفهوم الديبلوماسية الاقتصادية من خلال إيجاد الأطر التنظيمية لمختلف الاتفاقيات التي تحافظ على مصالحنا.لا بد أن ترتقي الديبلوماسية الاقتصادية الى درجة أن تقول كفى انخراطا في العولمة ومنها اتفاق 95 وهو ما كنت قد طرحته في بعض مؤلفاتي هذا الى جانب التركيز على إطار الاتفاق الثنائي مع شركائنا الرئيسيين لمجموعة السبع. وهذا ليس بدعة أو إعلان حرب على أوروبا بل بالعكس يٌمثّل تحرّرا من مختلف القيود المترتبة عن ذلك.
*لكن وفي ظرف وجيز تلتئم في تونس وفي خارجها منتديات كبيرة للاستثمار منها الإفريقي والكوري.. هنالك من يعتبر ان هذه الخطوات تٌعدّ ثمرة تحرك للديبلوماسية الاقتصادية؟
لا أوافق ذلك. فهذا يمثل ثمرة الحرص الغربي على التّموقع في تونس. لا يجب أن نستبشر لهذا الصراع وإنما وجب توظيفه لصالحنا من خلال الحوار الثنائي كما يجب الابتعاد عن تثمين موقعنا فقط كدور وظيفي.
*ما رأيكم في التقارب التونسي الصيني والشراكة الإستراتيجية، ألا تعتقد أنها تمثل تغييرا جذريا في التوجه الديبلوماسي التونسي أو قطع مع الاتحاد الأوروبي كشريك استراتيجي؟
لا هذا لا يمثل قطيعة. هذا التقارب يمثل إعادة تموقع للديبلوماسية التونسية باتجاه إعادة التوازن في علاقاتنا الخارجية دون أن يكون ذلك على حساب شراكاتنا التقليدية مثلما تؤكد ذلك التصريحات الرسمية .
وهذا لا يٌعتبر كلاما ديبلوماسيا لأنهم يٌدركون بحكم مصالحنا -وأنا أشاطر هذا الرأي- انه لا يجب أن نفقد علاقاتنا مع شركائنا الاستراتيجيين. أنا انظر بإيجابية لبروز الصين ولبحث الصين وروسيا عن صيغ جديدة للتقارب والتعاون.
*هل تعتقدون اليوم أن بوصلة العلاقات الخارجية التونسية في اتجاهاتها الصحيحة في علاقة بالانفتاح على الصين وغيرها؟
نعم إذا ما أحسنا هذه الإدارة وذهبنا في بعض الخيارات الى مداها الطبيعي أي لا نترك الأمور مستقرة في الوسط. نحن نلمس بداية انفتاح على كتلة "البريكس" والصين على غرار المدينة الطبية في القيروان وأخرى على مستوى البنى التحتية. لا بد أن تنخرط تونس في مستوى الشراكات الديبلوماسية الاقتصادية التي تعمل على تثمين الثروات المحلية والتكنولوجيات التونسية. لا بد أن ننتظر نتائج هذه الأطر الجديدة التي تم وضعها حاليا وكيف ستترجم على ارض الواقع.
*العلاقة بين تونس ودول الجوار كيف تنظرون إليها في ظل اللقاءات الثلاثية التشاورية بين تونس والجزائر وليبيا؟
أنظر إليها بإيجابية لكن هذا الإطار الجديد يتعيّن ألا يكون مٌوجّها ضد اتحاد المغرب العربي. ما أثمنه في البيان الختامي للقاء التشاوري الأول في تونس هو تنصيصه على مبدإ التشاور واتخاذ مواقف مشتركة إزاء الضفة الشمالية للمتوسط وهو ما يعتبر مسألة مهمة جدا. لأن الضفة الشمالية للمتوسط ومنذ الاستقلال كانت الجهة التي احتكرت تحديد أطر التعاون فردا فردا. كما أثمن جدا تطرق البيان الختامي أيضا الى مسألة الهجرة غير النظامية والتنصيص على التشاور من خلال بلورة مواقف مشتركة. بقي أن ننتظر أيضا ترجمة كل ذلك على ارض الواقع. لكن أوّلا لا بد أن يعالج الوضع في ليبيا وهنا يكمن التنسيق.
*في ظل الوضع الراهن في ليبيا أية تداعيات على تونس؟
الوضع في ليبيا اليوم معقد جدا. ولن يعالج الأمر إلا في صورة ما غيرت الدول الغربية من مقارباتها. في ما يهمنا فان علاقاتنا في المستقبل مع شركائنا الاستراتيجيين مرتبطة بمدى استقرار الوضع في ليبيا.
*كيف تقرؤون اليوم علاقة تونس بالاتحاد الأوروبي بعد صعود اليمين المتطرف؟
لا بد أن نأخذ بعين الاعتبار أن مستقبل الاتحاد الأوروبي لم يعد مضمونا لأنه ككيان أصبح مهددا أكثر من أي وقت مضى. المطروح اليوم مستقبل الاتحاد الأوروبي في حد ذاته وليس مستقبل علاقاتنا مع الاتحاد الأوروبي الذي كنا قد تحدثنا عنه سلفا وهو رهين مدى قدرة الاتحاد الأوروبي على التكيف والتغيير من سياساته إزاءنا ومدى استجابته أيضا لانتظاراتنا على عديد المستويات.
تونس-الصباح
الديبلوماسية التونسية منذ العشرية الأخيرة الى اليوم فضلا عن مدى نجاعة الجهود التي تقوم بها الديبلوماسية الاقتصادية.. التقارب التونسي الصيني.. الى جانب اللقاءات التشاورية الثلاثية بين تونس والجزائر وليبيا علاوة على بوصلة العلاقات الخارجية التونسية،
كانت أبرز المحاور التي أتى عليها السفير والديبلوماسي السابق أحمد بن مصطفى في حوار خص به "الصباح"..
ليشير محدثنا في هذا الإطار الى أن الديبلوماسية التونسية ولئن ارتكبت سابقا أخطاء إستراتيجية فادحة مثلت انحرافا عن المسار العقلاني إلا أنها حاليا وبعد تاريخ 25 جويلية تعيش تغييرا وبداية إدراك لخطورة الاستمرار في بعض السياسات والخيارات السابقة على غرار العولمة والخضوع للإملاءات الغربية موضحا أنه وعلى مدار السنوات الثلاث الأخيرة بدأ هنالك تحرك جاد وصفه محدثنا بأنه يعكس إعادة توازن استراتيجي في علاقاتنا الخارجية.
أما في ما يتعلق بالديبلوماسية الاقتصادية فإن المطلوب اليوم من وجهة نظر محدثنا هو تطوير مفهوم هذه الديبلوماسية من خلال إيجاد الأطر التنظيمية لمختلف الاتفاقيات التي تحافظ على مصالحنا داعيا في هذا الخصوص الى أن تنخرط تونس في مستوى الشراكات الديبلوماسية الاقتصادية التي تعمل على تثمين الثروات المحلية والتكنولوجيات التونسية.
اللقاء تعرض أيضا الى جملة من المحاور الأخرى مثل انفتاح تونس على أسواق جديدة على غرار السوق الصينية ليوضح محدثنا أن هذا التقارب لا يمكن اعتباره مطلقا قطيعة مع الشريك الاستراتيجي الاتحاد الأوروبي بل بالعكس فهذا التقارب يمثل إعادة تموقع للديبلوماسية التونسية باتجاه إعادة التوازن في علاقاتنا الخارجية دون ان يكون ذلك على حساب شراكاتنا التقليدية. أما في قراءته لعلاقة تونس بالاتحاد الأوروبي بعد صعود اليمين المتطرف فقد أورد محدثنا أنه من الضروري أن نأخذ بعين الاعتبار أن مستقبل الاتحاد الأوروبي لم يعد مضمونا لأنه ككيان أصبح مهددا أكثر من أي وقت مضى وبالتالي فإن المطروح اليوم مستقبل الاتحاد الأوروبي في حد ذاته وليس مستقبل علاقاتنا بالاتحاد الأوروبي.. وفيما يلي نص الحوار :
حوار: منال حرزي
*في البداية كيف تقيمون الديبلوماسية التونسية اليوم لا سيما بعد حالة الركود التي عاشتها على مدار العشر سنوات الماضية؟
لا اتفق مع التوصيف الذي يشير الى أن الديبلوماسية عاشت حالة من الركود أو حالة من الحيوية لكونهما يمثلان مصطلحين غير دقيقين ولا يشخصان الوضعية بالكيفية المطلوبة.
الديبلوماسية التونسية وفي إطار السياق العام الذي مرت به تونس بعد الثورة تأثرت بالمناخات والتقلبات الحاصلة في مستوى العلاقات الدولية وتحديدا بالتدخلات الحاصلة في ليبيا والعالم العربي. وبالتالي فإن أكثر ما أثّر على الديبلوماسية التونسية بصفة عامة هو كثرة التغيرات الحاصلة على رأس الدولة خلال العشرية الأخيرة. لكن ومع ذلك واصلت الديبلوماسية في نفس السياسات من خلال الاستمرارية في نفس الخيارات على غرار التبادل الحر.
*لكن بالتوازي مع مواصلة الديبلوماسية التونسية في نفس الخيارات كان هنالك لوم في تلك الفترة على بعض الخيارات والمواقف؟
صحيح خاصة في ما يتعلق بخيار القطيعة مع سوريا والذي كان بمثابة خطإ استراتيجي فادح وهذا الخطأ ارتد لاحقا عبر بروز الإرهاب. نعم كانت هنالك أخطاء وانحرافات على المسار العقلاني لا سيما في القضايا السياسية على غرار قضية الشرق الأوسط وقضية الاستقرار في العالم العربي.
*ومع ذلك تشير عديد الأطراف اليوم الى أن الديبلوماسية التونسية بصدد التعافي.. هل تشاطرون هذا الطرح؟
صراحة لا أحبذ المصطلحات من قبيل التّعافي أو المرض في ما يتعلق بمسألة الديبلوماسية التي تخضع في غالب الأوقات لموازين قوى وإكراهات. بعد تاريخ 25 جويلية هنالك تغيير وبداية إدراك لخطورة الاستمرار في نفس السياسات السابقة على غرار العولمة والخضوع للإملاءات الغربية. خلال السنوات الثلاث الأخيرة بدأ هنالك تحرّك جاد أسميته شخصيا بإعادة التوازن الاستراتيجي في علاقاتنا الخارجية بعد أن وقع شبه تجميد للبرامج مع صندوق النقد الدولي الى جانب تغيير قانون البنك المركزي حيث بات باستطاعة الدولة التونسية الاقتراض بالدينار التونسي.
*يرى البعض أن الديبلوماسية الاقتصادية اليوم ورغم بعض الجهود المبذولة إلا أنها مازالت تعاني من إشكاليات.. ما المطلوب حتى تتحقّق الانتعاشة اللازمة؟
لا بد من تحديد مفهومها أولا خاصة أن كثيرين يتحدثون عن الدور الموكول للديبلوماسية الاقتصادية في النهوض بالصادرات التونسية لكن يتغافل البعض عن أن تونس ليست دولة صناعية وصادراتها تنحصر أساسا في المواد الفلاحية. المطلوب اليوم تطوير مفهوم الديبلوماسية الاقتصادية من خلال إيجاد الأطر التنظيمية لمختلف الاتفاقيات التي تحافظ على مصالحنا.لا بد أن ترتقي الديبلوماسية الاقتصادية الى درجة أن تقول كفى انخراطا في العولمة ومنها اتفاق 95 وهو ما كنت قد طرحته في بعض مؤلفاتي هذا الى جانب التركيز على إطار الاتفاق الثنائي مع شركائنا الرئيسيين لمجموعة السبع. وهذا ليس بدعة أو إعلان حرب على أوروبا بل بالعكس يٌمثّل تحرّرا من مختلف القيود المترتبة عن ذلك.
*لكن وفي ظرف وجيز تلتئم في تونس وفي خارجها منتديات كبيرة للاستثمار منها الإفريقي والكوري.. هنالك من يعتبر ان هذه الخطوات تٌعدّ ثمرة تحرك للديبلوماسية الاقتصادية؟
لا أوافق ذلك. فهذا يمثل ثمرة الحرص الغربي على التّموقع في تونس. لا يجب أن نستبشر لهذا الصراع وإنما وجب توظيفه لصالحنا من خلال الحوار الثنائي كما يجب الابتعاد عن تثمين موقعنا فقط كدور وظيفي.
*ما رأيكم في التقارب التونسي الصيني والشراكة الإستراتيجية، ألا تعتقد أنها تمثل تغييرا جذريا في التوجه الديبلوماسي التونسي أو قطع مع الاتحاد الأوروبي كشريك استراتيجي؟
لا هذا لا يمثل قطيعة. هذا التقارب يمثل إعادة تموقع للديبلوماسية التونسية باتجاه إعادة التوازن في علاقاتنا الخارجية دون أن يكون ذلك على حساب شراكاتنا التقليدية مثلما تؤكد ذلك التصريحات الرسمية .
وهذا لا يٌعتبر كلاما ديبلوماسيا لأنهم يٌدركون بحكم مصالحنا -وأنا أشاطر هذا الرأي- انه لا يجب أن نفقد علاقاتنا مع شركائنا الاستراتيجيين. أنا انظر بإيجابية لبروز الصين ولبحث الصين وروسيا عن صيغ جديدة للتقارب والتعاون.
*هل تعتقدون اليوم أن بوصلة العلاقات الخارجية التونسية في اتجاهاتها الصحيحة في علاقة بالانفتاح على الصين وغيرها؟
نعم إذا ما أحسنا هذه الإدارة وذهبنا في بعض الخيارات الى مداها الطبيعي أي لا نترك الأمور مستقرة في الوسط. نحن نلمس بداية انفتاح على كتلة "البريكس" والصين على غرار المدينة الطبية في القيروان وأخرى على مستوى البنى التحتية. لا بد أن تنخرط تونس في مستوى الشراكات الديبلوماسية الاقتصادية التي تعمل على تثمين الثروات المحلية والتكنولوجيات التونسية. لا بد أن ننتظر نتائج هذه الأطر الجديدة التي تم وضعها حاليا وكيف ستترجم على ارض الواقع.
*العلاقة بين تونس ودول الجوار كيف تنظرون إليها في ظل اللقاءات الثلاثية التشاورية بين تونس والجزائر وليبيا؟
أنظر إليها بإيجابية لكن هذا الإطار الجديد يتعيّن ألا يكون مٌوجّها ضد اتحاد المغرب العربي. ما أثمنه في البيان الختامي للقاء التشاوري الأول في تونس هو تنصيصه على مبدإ التشاور واتخاذ مواقف مشتركة إزاء الضفة الشمالية للمتوسط وهو ما يعتبر مسألة مهمة جدا. لأن الضفة الشمالية للمتوسط ومنذ الاستقلال كانت الجهة التي احتكرت تحديد أطر التعاون فردا فردا. كما أثمن جدا تطرق البيان الختامي أيضا الى مسألة الهجرة غير النظامية والتنصيص على التشاور من خلال بلورة مواقف مشتركة. بقي أن ننتظر أيضا ترجمة كل ذلك على ارض الواقع. لكن أوّلا لا بد أن يعالج الوضع في ليبيا وهنا يكمن التنسيق.
*في ظل الوضع الراهن في ليبيا أية تداعيات على تونس؟
الوضع في ليبيا اليوم معقد جدا. ولن يعالج الأمر إلا في صورة ما غيرت الدول الغربية من مقارباتها. في ما يهمنا فان علاقاتنا في المستقبل مع شركائنا الاستراتيجيين مرتبطة بمدى استقرار الوضع في ليبيا.
*كيف تقرؤون اليوم علاقة تونس بالاتحاد الأوروبي بعد صعود اليمين المتطرف؟
لا بد أن نأخذ بعين الاعتبار أن مستقبل الاتحاد الأوروبي لم يعد مضمونا لأنه ككيان أصبح مهددا أكثر من أي وقت مضى. المطروح اليوم مستقبل الاتحاد الأوروبي في حد ذاته وليس مستقبل علاقاتنا مع الاتحاد الأوروبي الذي كنا قد تحدثنا عنه سلفا وهو رهين مدى قدرة الاتحاد الأوروبي على التكيف والتغيير من سياساته إزاءنا ومدى استجابته أيضا لانتظاراتنا على عديد المستويات.