إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

تجاوزت المعدلات العادية خلال صائفة 2023.. هل تتعرض تونس لموجات حر قياسية خلال هذا الصيف؟

 

باحث في المخاطر الطبيعية وخبير في طقس تونس لـ"الصباح": من السابق لأوانه الجزم بحصول موجات حر شديدة على بلادنا مثلما حدث العام الماضي..

تونس- الصباح

مع دخول فصل الصيف، كثر الحديث هذه الأيام عن احتمال تعرض بلادنا لموجات حر غير مسبوقة قد تحطم الأرقام القياسية السابقة التي سجلت خاصة خلال صيف 2023، وذلك استنادا إلى مؤشرات ونتائج أبحاث ودراسات مختلفة تناولت تأثيرات التغيرات المناخية في العالم وخاصة في دول حوض البحر المتوسط ومنها تونس في عدة مجالات ومنها الجفاف ونقص الأمطار وارتفاع درجات الحرارة..

وكان مدير إدارة البحث والتطوير بالمعهد الوطني للرصد الجوي حاتم بكور، قد أكد في تصريحات إعلامية سابقة أن درجات الحرارة ستتجاوز المعدلات العادية خلال صيف 2024، استنادا إلى المؤشرات والاحتمالات التي توصل إليها المعهد في إطار التوقعات الاستباقية.

وتوقع بكور إمكانية تسجيل أمطار غزيرة في الصيف، وأرجع ذلك إلى التقلبات المناخية وانخرام الوضع المناخي الذي تعيشه أغلب دول العالم ومن بينها دول حوض البحر المتوسط. وقال إن التغيرات المناخية فتحت الباب لتسجيل ظواهر غير معتادة أصبحت موجودة خارج فصولها على غرار الأمطار الغزيرة والفيضانات في فصل الصيف.

يذكر أن المعهد الوطني للرصد الجوي كان قد أكد أن شهر سبتمبر من سنة 2023 شهد أعلى معدلات جفاف منذ 53 عامًا، وذلك نتيجة للتغيرات المناخية التي تشهدها تونس والمنطقة المتوسطية بشكل عام. وتتمثل التغيرات في غياب الأمطار وتجاوز درجات الحرارة المعدلات الاعتيادية لفصل الخريف.

احتمال قائم لكنه ليس مؤكدا..

لكن الأستاذ عامر بحبة، المبرّز في الجغرافيا والباحث في المخاطر الطبيعية والخبير في طقس تونس، يذهب عكس ذلك، إذ قال في تصريح خص به "الصباح" أنه من غير المؤكد أن تشهد تونس خلال هذا الصيف معدلات حرارة قياسية مثلما حدث خلال الصيف الماضي، الذي شهد فعلا موجات حرارة تاريخية وغير عادية وحطمت درجات الحرارة المسجلة في عدة مناطق بالجمهورية الأرقام القياسية..

وأوضح بحبة أنه قد يكون صيف 2024 من أشد الفصول حرارة على مستوى العالم مقارنة مع السنوات الماضية، بالعودة إلى التسجيلات المناخية التي بدأ العمل بها خلال القرن 19 في بعض مناطق العالم، وفي بداية القرن العشرين في تونس، وخاصة بداية من الخمسينات.. لكنه حذر من أنه لا يمكن تعميم هذا الاستنتاج بالضرورة على كل دول العالم إذ توجد دائما استثناءات ومنها تونس، ويظل احتمال موجات حر شديدة في تونس قائما لكنه ليس مؤكدا..

ولاحظ الخبير أن السنة الماضية كانت تاريخية على مستوى درجات الحرارة القياسية في عدد من مناطق البلاد، إذ شهد شهر جويلية ثلاثة أسابيع متواصلة من موجة حر يطلق عليها عادة بـ"القبة الحرارية"، على غرار مناطق مثل المنستير.. وفي شمال تونس وبنزرت وباجة وجندوبة حيث وصلت الحرارة إلى مستوى قياسي فاق 49 درجة، وفي بعض مناطق شمال تونس مثل منوبة، بلغت خمسين درجة.. لكنه أكد أنه من غير المؤكد أن تحصل موجات حرارة مماثلة خلال هذا الصيف ومن السابق لأوانه توقع حدوثها حاليا..

وأوضح أن مناخ تونس يتميز بطقس متوسطي جاف، وأجزاء كبيرة منه قريبة من الصحراء، وبالتالي فإن أمطار ماي وجوان شهدتها عدة مناطق في المرتفعات الغربية مثل القصرين، والأمطار التي تهطل آخر أوت وأول سبتمبر (غسالة النوادر) من كل عام هي أمطار عادية ولا يمكنها اعتبارها أو وصفها بالطوفانية، وتسمى أمطار "الحمل الحراري والتضاريس" وتقع بصفة شبه يومية أو أسبوعية علي مرتفعات تالة والقصرين ومكثر والكاف وغيرها من المناطق، ولا يمكن اعتبارها نتيجة للتغيرات المناخية.

وفسّر الخبير أن أغلب الفيضانات المسجلة في تاريخ تونس حصلت خلال فترة الخريف.. وفي فترات انتقالية بين الصيف والخريف..

وفي ما يتعلق بالدراسات العالمية التي تحذر من مخاطر التغيرات المناخية المتوقعة خلال العقود القادمة على بعض مناطق العالم ومنها دول البحر المتوسط، فقال إنها مستندة إلى توقعات بذوبان الثلوج نتيجة لارتفاع معدل حرارة الأرض العالمي الذي يسجل بالمقارنة مع معدلات الحرارة المسجلة قبل عقود طويلة من الزمن، لكنها تظل توقعات طويلة المدى ولا علاقة لها بتوقعات الطقس اليومي.. فالتغيرات المناخية تتم دراستها على عشرات السنوات على مدى لا يقل عن 30 سنة، لكن توقعات الطقس تتم على مستوى يومي أو خلال أيامات قليلة..

جدير بالذكر أن خبراء المناخ يتوقعون تسجيل معدلات قياسية جديدة في جويلية القادم، على مستوى العالم، لتتجاوز الرقم المسجّل في 6 جويلية من العام الماضي لمعدّل درجات الحرارة على مستوى الأرض الذي بلغ 17.23 درجة وهو أعلى رقم تمّ تسجيله، وفق ما صرّح به الخبير في التغيّرات المناخية حمدي حشّاد.

وقال حشّاد إنّ معدّل الحرارة العالمي بلغ في الـ14 من شهر جوان الجاري 16.81 وهو رقم قريب من المعدل القياسي، وأول رقم يتمّ تسجيله في جوان ويتجاوز المعدّل العالمي خلال هذه الفترة بأكثر من درجتين. وأشار إلى النسق التصاعدي لحرارة الأرض، وأنّ هناك شبه إجماع من المهتمين بالعلوم المناخية حول تسجيل أرقام قياسية خلال هذا الصيف..

تونس من أكثر دول المتوسط تعرضا لتغير المناخ

تجدر الإشارة إلى أن تونس تعد، وفق نتائج دراسة حملت عنوان "التضخم المناخي: التحديات والفرص في مواجهة تغير المناخ" أعدها المعهد العربي لرؤساء المؤسسات، كشف عنها يوم 7 جوان 2024، من أكثر دول البحر الأبيض المتوسط تعرضا لتغير المناخ، حيث شهدت البلاد ارتفاعا في درجات الحرارة بحوالي 0,4 درجة مئوية خلال الـعقود الثلاثة الماضية، وبلغ متوسط درجات الحرارة بين شهر ماي وسبتمبر سنة 2022 قرابة الـ27,9 درجة مئوية، وتراجعت لـ27,1 درجة مئوية في صيف 2023.

وتتمثل المخاطر الأساسية التي تواجهها تونس في ارتفاع درجات الحرارة، وتراجع معدل هطول الأمطار، وندرة المياه والجفاف، كل هذه العوامل أدت إلى تراجع الإنتاج الفلاحي وانعدام الأمن الغذائي، وقد احتلت البلاد المرتبة الـ20 على العالم من بين أكثر الدول التي تعاني من الإجهاد المائي، والـ18 من حيث الجفاف، بحسب مؤشر معهد الموارد العالمية.

وساهم تغير المناخ في تونس في زيادة بحوالي 0,9 نقطة مئوية في إجمالي التضخم العام، وتتوقع الدراسة أن أن تصل إلى حوالي 1,4 نقطة مئوية في العام المقبل إذا استمرت درجات الحرارة في الارتفاع، ولم يتم اتخاذ إجراءات للحد من آثارها.

تداعيات خطيرة للتغير المناخي

وفي سياق متصل، خلص تقرير صادر عن المعهد التونسي للقدرة التنافسية والدراسات الكمية بتاريخ 17 أفريل 2024، أن تونس تُعَد خامس دولة في العالم من بين الدول الأكثر تعرّضا لتداعيات التغير المناخي، مما يمثل مخاطر حقيقية على الاقتصاد والتنمية.

وذكر التقرير أن قطاعي الزراعة والمياه يمثلان أكثر القطاعات تضررا من التغير المناخي. علما أن تونس مرت بستة سنوات جفاف متتالية تسببت في انحسار المياه في السدود إلى مستويات مقلقة، حيث بلغت حتى يوم 19 جوان الجاري 31 بالمائة من طاقة استيعابها الإجمالية بسبب ندرة هطول الأمطار. كما تصنَّف بلادنا تحت خط الفقر المائي بأقل من 500 متر مكعب لكل ساكن سنويا مقابل ألف للفرد الواحد حسب المعايير الدولية.

وبالنتيجة تراجعت محاصيل الحبوب بنسبة 60 % في موسم 2023 مقارنة بعام 2022، وتشير التوقعات بالنسبة لموسم 2024 إلى أن المحاصيل ستكون أقل من المتوسط..

ووفق ذات التقرير تسجل تونس درجات حرارة قياسية وغير اعتيادية على مدار العام، وناهزت في صيف 2023 نحو 50 درجة.

وقال التقرير إن آثار تغير المناخ أصبحت في تونس ملموسة بالفعل، ولكنها ستكون كبيرة بحلول عام 2025. وتوقع تراجعا حادا في الإنتاج الزراعي الموجه للتصدير مثل إنتاج الزيتون بنسبة 2.2% سنويا والتمور 2% سنويا حتى عام 2050.

كما توقع تراجعا في الزراعات السقوية، وتراجعا في إنتاج الماشية بنسبة تتراوح بين 0.3 و0.9% سنويا. وحذر من انعكاسات كبيرة على الاقتصاد وزيادة الواردات الغذائية، ومِن ثَمَّ تفاقم الطلب على العملات الأجنبية مما قد يؤدي إلى انخفاض لسعر الصرف الحقيقي.

رفيق بن عبد الله

 

 

 

 

 

 

تجاوزت المعدلات العادية خلال صائفة 2023..   هل تتعرض تونس لموجات حر قياسية خلال هذا الصيف؟

 

باحث في المخاطر الطبيعية وخبير في طقس تونس لـ"الصباح": من السابق لأوانه الجزم بحصول موجات حر شديدة على بلادنا مثلما حدث العام الماضي..

تونس- الصباح

مع دخول فصل الصيف، كثر الحديث هذه الأيام عن احتمال تعرض بلادنا لموجات حر غير مسبوقة قد تحطم الأرقام القياسية السابقة التي سجلت خاصة خلال صيف 2023، وذلك استنادا إلى مؤشرات ونتائج أبحاث ودراسات مختلفة تناولت تأثيرات التغيرات المناخية في العالم وخاصة في دول حوض البحر المتوسط ومنها تونس في عدة مجالات ومنها الجفاف ونقص الأمطار وارتفاع درجات الحرارة..

وكان مدير إدارة البحث والتطوير بالمعهد الوطني للرصد الجوي حاتم بكور، قد أكد في تصريحات إعلامية سابقة أن درجات الحرارة ستتجاوز المعدلات العادية خلال صيف 2024، استنادا إلى المؤشرات والاحتمالات التي توصل إليها المعهد في إطار التوقعات الاستباقية.

وتوقع بكور إمكانية تسجيل أمطار غزيرة في الصيف، وأرجع ذلك إلى التقلبات المناخية وانخرام الوضع المناخي الذي تعيشه أغلب دول العالم ومن بينها دول حوض البحر المتوسط. وقال إن التغيرات المناخية فتحت الباب لتسجيل ظواهر غير معتادة أصبحت موجودة خارج فصولها على غرار الأمطار الغزيرة والفيضانات في فصل الصيف.

يذكر أن المعهد الوطني للرصد الجوي كان قد أكد أن شهر سبتمبر من سنة 2023 شهد أعلى معدلات جفاف منذ 53 عامًا، وذلك نتيجة للتغيرات المناخية التي تشهدها تونس والمنطقة المتوسطية بشكل عام. وتتمثل التغيرات في غياب الأمطار وتجاوز درجات الحرارة المعدلات الاعتيادية لفصل الخريف.

احتمال قائم لكنه ليس مؤكدا..

لكن الأستاذ عامر بحبة، المبرّز في الجغرافيا والباحث في المخاطر الطبيعية والخبير في طقس تونس، يذهب عكس ذلك، إذ قال في تصريح خص به "الصباح" أنه من غير المؤكد أن تشهد تونس خلال هذا الصيف معدلات حرارة قياسية مثلما حدث خلال الصيف الماضي، الذي شهد فعلا موجات حرارة تاريخية وغير عادية وحطمت درجات الحرارة المسجلة في عدة مناطق بالجمهورية الأرقام القياسية..

وأوضح بحبة أنه قد يكون صيف 2024 من أشد الفصول حرارة على مستوى العالم مقارنة مع السنوات الماضية، بالعودة إلى التسجيلات المناخية التي بدأ العمل بها خلال القرن 19 في بعض مناطق العالم، وفي بداية القرن العشرين في تونس، وخاصة بداية من الخمسينات.. لكنه حذر من أنه لا يمكن تعميم هذا الاستنتاج بالضرورة على كل دول العالم إذ توجد دائما استثناءات ومنها تونس، ويظل احتمال موجات حر شديدة في تونس قائما لكنه ليس مؤكدا..

ولاحظ الخبير أن السنة الماضية كانت تاريخية على مستوى درجات الحرارة القياسية في عدد من مناطق البلاد، إذ شهد شهر جويلية ثلاثة أسابيع متواصلة من موجة حر يطلق عليها عادة بـ"القبة الحرارية"، على غرار مناطق مثل المنستير.. وفي شمال تونس وبنزرت وباجة وجندوبة حيث وصلت الحرارة إلى مستوى قياسي فاق 49 درجة، وفي بعض مناطق شمال تونس مثل منوبة، بلغت خمسين درجة.. لكنه أكد أنه من غير المؤكد أن تحصل موجات حرارة مماثلة خلال هذا الصيف ومن السابق لأوانه توقع حدوثها حاليا..

وأوضح أن مناخ تونس يتميز بطقس متوسطي جاف، وأجزاء كبيرة منه قريبة من الصحراء، وبالتالي فإن أمطار ماي وجوان شهدتها عدة مناطق في المرتفعات الغربية مثل القصرين، والأمطار التي تهطل آخر أوت وأول سبتمبر (غسالة النوادر) من كل عام هي أمطار عادية ولا يمكنها اعتبارها أو وصفها بالطوفانية، وتسمى أمطار "الحمل الحراري والتضاريس" وتقع بصفة شبه يومية أو أسبوعية علي مرتفعات تالة والقصرين ومكثر والكاف وغيرها من المناطق، ولا يمكن اعتبارها نتيجة للتغيرات المناخية.

وفسّر الخبير أن أغلب الفيضانات المسجلة في تاريخ تونس حصلت خلال فترة الخريف.. وفي فترات انتقالية بين الصيف والخريف..

وفي ما يتعلق بالدراسات العالمية التي تحذر من مخاطر التغيرات المناخية المتوقعة خلال العقود القادمة على بعض مناطق العالم ومنها دول البحر المتوسط، فقال إنها مستندة إلى توقعات بذوبان الثلوج نتيجة لارتفاع معدل حرارة الأرض العالمي الذي يسجل بالمقارنة مع معدلات الحرارة المسجلة قبل عقود طويلة من الزمن، لكنها تظل توقعات طويلة المدى ولا علاقة لها بتوقعات الطقس اليومي.. فالتغيرات المناخية تتم دراستها على عشرات السنوات على مدى لا يقل عن 30 سنة، لكن توقعات الطقس تتم على مستوى يومي أو خلال أيامات قليلة..

جدير بالذكر أن خبراء المناخ يتوقعون تسجيل معدلات قياسية جديدة في جويلية القادم، على مستوى العالم، لتتجاوز الرقم المسجّل في 6 جويلية من العام الماضي لمعدّل درجات الحرارة على مستوى الأرض الذي بلغ 17.23 درجة وهو أعلى رقم تمّ تسجيله، وفق ما صرّح به الخبير في التغيّرات المناخية حمدي حشّاد.

وقال حشّاد إنّ معدّل الحرارة العالمي بلغ في الـ14 من شهر جوان الجاري 16.81 وهو رقم قريب من المعدل القياسي، وأول رقم يتمّ تسجيله في جوان ويتجاوز المعدّل العالمي خلال هذه الفترة بأكثر من درجتين. وأشار إلى النسق التصاعدي لحرارة الأرض، وأنّ هناك شبه إجماع من المهتمين بالعلوم المناخية حول تسجيل أرقام قياسية خلال هذا الصيف..

تونس من أكثر دول المتوسط تعرضا لتغير المناخ

تجدر الإشارة إلى أن تونس تعد، وفق نتائج دراسة حملت عنوان "التضخم المناخي: التحديات والفرص في مواجهة تغير المناخ" أعدها المعهد العربي لرؤساء المؤسسات، كشف عنها يوم 7 جوان 2024، من أكثر دول البحر الأبيض المتوسط تعرضا لتغير المناخ، حيث شهدت البلاد ارتفاعا في درجات الحرارة بحوالي 0,4 درجة مئوية خلال الـعقود الثلاثة الماضية، وبلغ متوسط درجات الحرارة بين شهر ماي وسبتمبر سنة 2022 قرابة الـ27,9 درجة مئوية، وتراجعت لـ27,1 درجة مئوية في صيف 2023.

وتتمثل المخاطر الأساسية التي تواجهها تونس في ارتفاع درجات الحرارة، وتراجع معدل هطول الأمطار، وندرة المياه والجفاف، كل هذه العوامل أدت إلى تراجع الإنتاج الفلاحي وانعدام الأمن الغذائي، وقد احتلت البلاد المرتبة الـ20 على العالم من بين أكثر الدول التي تعاني من الإجهاد المائي، والـ18 من حيث الجفاف، بحسب مؤشر معهد الموارد العالمية.

وساهم تغير المناخ في تونس في زيادة بحوالي 0,9 نقطة مئوية في إجمالي التضخم العام، وتتوقع الدراسة أن أن تصل إلى حوالي 1,4 نقطة مئوية في العام المقبل إذا استمرت درجات الحرارة في الارتفاع، ولم يتم اتخاذ إجراءات للحد من آثارها.

تداعيات خطيرة للتغير المناخي

وفي سياق متصل، خلص تقرير صادر عن المعهد التونسي للقدرة التنافسية والدراسات الكمية بتاريخ 17 أفريل 2024، أن تونس تُعَد خامس دولة في العالم من بين الدول الأكثر تعرّضا لتداعيات التغير المناخي، مما يمثل مخاطر حقيقية على الاقتصاد والتنمية.

وذكر التقرير أن قطاعي الزراعة والمياه يمثلان أكثر القطاعات تضررا من التغير المناخي. علما أن تونس مرت بستة سنوات جفاف متتالية تسببت في انحسار المياه في السدود إلى مستويات مقلقة، حيث بلغت حتى يوم 19 جوان الجاري 31 بالمائة من طاقة استيعابها الإجمالية بسبب ندرة هطول الأمطار. كما تصنَّف بلادنا تحت خط الفقر المائي بأقل من 500 متر مكعب لكل ساكن سنويا مقابل ألف للفرد الواحد حسب المعايير الدولية.

وبالنتيجة تراجعت محاصيل الحبوب بنسبة 60 % في موسم 2023 مقارنة بعام 2022، وتشير التوقعات بالنسبة لموسم 2024 إلى أن المحاصيل ستكون أقل من المتوسط..

ووفق ذات التقرير تسجل تونس درجات حرارة قياسية وغير اعتيادية على مدار العام، وناهزت في صيف 2023 نحو 50 درجة.

وقال التقرير إن آثار تغير المناخ أصبحت في تونس ملموسة بالفعل، ولكنها ستكون كبيرة بحلول عام 2025. وتوقع تراجعا حادا في الإنتاج الزراعي الموجه للتصدير مثل إنتاج الزيتون بنسبة 2.2% سنويا والتمور 2% سنويا حتى عام 2050.

كما توقع تراجعا في الزراعات السقوية، وتراجعا في إنتاج الماشية بنسبة تتراوح بين 0.3 و0.9% سنويا. وحذر من انعكاسات كبيرة على الاقتصاد وزيادة الواردات الغذائية، ومِن ثَمَّ تفاقم الطلب على العملات الأجنبية مما قد يؤدي إلى انخفاض لسعر الصرف الحقيقي.

رفيق بن عبد الله