إضافة إلى النظر في مشروع القانون المتعلق بالبنايات المتداعية للسقوط، تضمن جدول أعمال الجلسة العامة لمجلس نواب الشعب التي تنطلق صباح اليوم 20 جوان 2024 بقصر باردو وتتواصل إلى الغد توجيه خمسة أسئلة شفاهية إلى وزيرة التجهيز والإسكان سارة الزعفراني. وسيعقد المجلس يوم الثلاثاء 25 جوان الجاري بداية من الساعة العاشرة صباحا جلسة عامة لتوجيه ستة أسئلة شفاهية إلى وزير الصحة علي المرابط، وسيقعد يوم الأربعاء 26 جوان بداية من الساعة الثانية بعد الظهر جلسة عامة لتوجيه ستة أسئلة شفاهية إلى وزيرة البيئة ليلى الشيخاوي. وإثر انتهاء الامتحانات الوطنية، من المنتظر أن يعقد المجلس جلسة عامة مع وزيرة التربية سلوى العباسي.
وتتنزل مساءلة الوزراء في إطار الرقابة البرلمانية على العمل الحكومي، ولكن بالنظر إلى دستور 2022 والنظام الداخلي للمجلس النيابي، يمكن الإشارة إلى أن هذه الرقابة مازالت منقوصة، إذ كادت تقتصر على أعمال بعض اللجان وتوجيه جملة من الأسئلة الكتابية وبعض الأسئلة الشفاهية أو محاورة عدد قليل من الوزراء وتحديدا وزراء الشباب والرياضة والتجهيز والإسكان والداخلية، ولم يقع إلى حد اليوم تكوين أي لجنة تحقيق برلمانية حيث تم تأجيل النظر في الطلب الذي تقدم به بعض النواب بهدف تكوين لجنة تحقيق حول غرق سفينة بحارة يوم 25 أفريل الماضي إلى ما بعد استكمال المسار القضائي في الغرض.. وليس هذا فقط بل لم تقع دعوة الحكومة للحوار معها ولو مرة واحدة حول السياسة التي تم إتباعها والنتائج التي وقع تحقيقها أو يجري العمل من أجل الوصول إليها والحال أن الدورة النيابية الثانية شارفت على الانتهاء. وحتى الطلب الذي توجهت به مجموعة من النواب لإجراء جلسة حوار مع الحكومة لتدارس آليات جديدة تقطع مع العمل بآلية المناولة وإيجاد حلول عاجلة لتسوية وضعية الفئة المعنية فقد قرر مكتب المجلس المنعقد بتاريخ 7 مارس الماضي إرجاء النظر فيه، مثلما قرر سابقا وتحديدا خلال الدورة الأولى تأجيل عقد جلسة الحوار مع حكومة نجلاء بودن حول الوضع العام في البلاد.
خرق النظام الداخلي
وإضافة إلى محدودية الدور الرقابي بشكل عام، فقد تم تسجيل خرق للنظام الداخلي لمجلس نواب الشعب في علاقة بالأسئلة الشفاهية، وتكفي الإشارة في هذا الصدد إلى أن أحد النواب توجه خلال شهر جويلية الماضي بسؤال شفاهي إلى وزيرة التجارة وتنمية الصادرات حول الاستعدادات للموسم السياحي، وكان من المفروض أن يتلقى إجابة في غضون شهر ولكنه لم يظفر بالرد عن سؤاله إلا في شهر فيفري 2024 كما اضطرت الوزيرة في كلمتها لتحيين السؤال والحديث عن الاستعدادات للموسم السياحي المقبل..
وأتاح دستور 2022 للنائب إمكانية توجيه سؤال شفاهي إلى عضو الحكومة حيث نص الفصل 114 منه على أنه لكل نائب بمجلس نواب الشعب أو بالمجلس الوطني للجهات والأقاليم أن يتوجه لأعضاء الحكومة بأسئلة كتابية أو شفاهية.
أما النظام الداخلي للمجلس النيابي، وحسب الفصل 130 فلكلّ عضو أن يتقدّم خلال جلسة عامة بأسئلة شفاهية لأعضاء الحكومة على أن يوجّه إعلاما كتابيا إلى رئيس المجلس يُبيّن فيه موضوع أسئلته وعضو الحكومة المعني بالإجابة وتحديد من ينوبه في صورة تعذّر الحضور في الجلسة المبرمجة لطرح السؤال. ويتمّ إعلام الحكومة بمواضيع الأسئلة وموعد الجلسة العامة المخصّصة للإجابة عنها على أن تكون في أجل أقصاه شهر. يُحدّد مكتب المجلس جلسات عامة مخصصة للأسئلة الشفاهية كل يوم اثنين من كل أسبوع وله بصفة استثنائية إمكانية برمجتها في جلسات عامة أخرى. يتولّى النائب عرض سؤاله في مدّة لا تتجاوز 10 دقائق. ويتولّى عضو الحكومة تقديم جوابه في نفس الجلسة ولمدّة لا تتجاوز 10 دقائق. وللنائب فقط الحق في التعقيب مرة واحدة ولمدة لا تتجاوز 5 دقائق. ولا يمكن لأي عضو سحب أو إضافة سؤال شفاهي بعد برمجته بالجلسة العامة. كما يُمنع كل عضو من توجيه سؤال شفاهي لباقي الدورة العادية في صورة تغيّبه أو تغيّب من ينوبه لطرح السؤال. في صورة عدم حضور عضو الحكومة المعني إلى الجلسة دون اعتذار وتحديد موعد لاحق يتمّ نشر ذلك على الموقع الرسمي للمجلس.
7 جلسات عامة
نظم مجلس نواب الشعب منذ انطلاقه في ممارسة مهامه الرقابية سبع جلسات عامة لتوجيه أسئلة شفاهية إلى أعضاء الحكومة وتمت برمجة جل الأسئلة إثر المصادقة على مشاريع قوانين وهي موجهة إلى الوزراء المعنيين بتلك القوانين، حيث عقد المجلس يوم الأربعاء 5 جويلية 2023 جلسة عامة خصصها للنظر أولا في مشروع القانون المتعلّق بإحداث الوكالة الوطنية للدواء ومواد الصحة، وتم لاحقا توجيه أسئلة شفاهية من قبل النائبة ألفة المرواني إلى وزير الصحة حول أسباب غلق مستوصف بن عروس وعدم دخول مركز التحاليل بنهج غرة ماي إلى حيز العمل وتعطل مشاريع من المزمع إنجازها من طرف وزارة الصحة بهذه الولاية وحول تنامي المخاطر الناجمة عن تعاطي المخدرات والبدائل التي تقترحها الوزارة.
وعقد المجلس جلسة عامة يومي الثلاثاء والأربعاء 20 و21 فيفري 2024 تضمن جدول أعمالها النظر في مشروع القانون المتعلق بتنظيم التجارة الدولية بأصناف الحيوانات والنباتات البرية المهددة بالانقراض وتوجيه سؤال شفاهي من قبل النائب حسن الجربوعي إلى وزير الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري حول الوضعية التي آلت إليها المركبات الفلاحية التابعة لديوان الأراضي الدولية بولاية صفاقس، ثم تم النظر في مشروع القانون الأساسي المتعلق بالموافقة على اتفاقية استضافة بين حكومة الجمهورية التونسية والسوق المشتركة للشرق والجنوب الإفريقي (الكوميسا) بشأن استضافة جميع اجتماعات وورشات العمل وأنشطة الكوميسا في الجمهورية التونسية، وأخيرا تم توجيه أسئلة شفاهية من قبل النائب محمد اليحياوي إلى وزيرة التجارة وتنمية الصادرات حول برامج الوزارة لإعادة نسق إنتاج الفسفاط إلى مستوياته السابقة ولاستغلال منجم سراورتان بالكاف وإن كانت قامت بتدقيق في عقود النفط وحول برنامج مراقبة المناطق الصناعية القديمة كما تم في نفس الجلسة توجيه السؤال سالف الذكر والمتعلق بالإجراءات المتخذة من قبل هذه الوزارة للموسم السياحي وهو سؤال طرحه النائب ياسين مامي.
وعقد مجلس نواب الشعب جلسة عامة يوم الثلاثاء 27 فيفري 2024 وخصصت الحصة الصباحية لتوجيه أسئلة شفاهية لوزير النقل حيث تساءلت النائبة فاطمة المسدي عن شركة الطيران سيفاكس، واستفسر النائب رضا الدلاعي عن إستراتيجية الوزارة للنهوض بالنقل بباجة أما النائب ظافر الصغيري فكان سؤاله حول مآل مشروع إنشاء خط "د" من السكة الحديدية السريعة المار من مدينة باردو، بينما تساءلت النائبة ماجدة الورغي عن برنامج وزارة النقل لفك العزلة عن بعض المناطق التابعة لولاية بنزرت وتحدثت النائبة يومها عن معاناة المواطن من انعدام توفر وسائل النقل ولكن هذه المعاناة لم تنته بل زادت مع ارتفاع درجات الحرارة وترهل الأسطول.
وعقد المجلس النيابي جلسة عامة يوم الأربعاء 6 مارس 2024 وتضمن جدول أعمالها إلى جانب النظر في مشروع القانون الأساسي المتعلّق بتنقيح وإتمام القانون عدد 27 لسنة 1993 المؤرخ في 22 مارس 1993 المتعلّق ببطاقة التعريف الوطنية ومشروع القانون الأساسي المتعلق بتنقيح وإتمام القانون عدد 40 لسنة 1975المؤرخ في 14 ماي 1975 المتعلق بجوازات السفر ووثائق السفر، توجيه سؤالين شفاهيين الى وزير الداخلية. وتم تقديم السؤال الأول من قبل النائبة ألفة المرواني وهو يتعلق بمشروع تصريف مياه الأمطار الذي يعود لبلدية بن عروس وبوضعية النقل الجماعي بهذه الولاية ومجلة الطرقات، أما السؤال الثاني فطرحه النائب ياسين مامي وهو حول المحطة الاستشفائية حمام بنت الجديدي والإجراءات المتعلقة بتسوية وضعيات الربط بالشبكات العمومية من الماء والكهرباء وتركيز أنظمة المراقبة الذكية.
وخصص مجلس نواب الشعب جلسته العامة المنعقدة يوم الثلاثاء 7 ماي إلى جانب النظر في مشروع القانون المتعلّق بتنقيح القانون عدد 69 لسنة 2003 المؤرخ في 20 أكتوبر 2003 المتعلق بمراكز الاصطياف وترفيه الأطفال لتوجيه سؤال شفاهي من قبل النائبة منال بديدة إلى وزيرة الأسرة والمرأة والطفولة وكبار السن وهو حول مدى تنفيذ السياسة العامة للدولة التي نص عليها الدستور في علاقة بحماية الأسرة التونسية.
كما عقد المجلس يوم الأربعاء12 جوان 2024 جلسة عامة تشريعية ورقابية في نفس الوقت، حيث تم النظر في مشروع القانون المتعلّق بالموافقة على اتفاقية القرض المبرمة بتاريخ 22 فيفري 2024 بين الجمهورية التونسية والصندوق السعودي للتنمية للمساهمة في تمويل مشروع تجديد وتطوير السكك الحديدية لنقل الفسفاط، وإثر المصادقة على مشروع القانون المذكور، تم في نفس الجلسة توجيه أربعة أسئلة شفاهية إلى وزيرة الصناعة والطاقة والمناجم، وتم تقديم السؤال الأول من قبل النائبة ريم المعشاوي وهو يتعلق بمآل مشروع فسفاط سراورتان وإستراتيجية الدولة في التعاطي مع هذا المشروع والوضعية القانونية والإدارية والمالية لشركة دراسات استغلال فسفاط سراورتان ولإطارات هذه الشركة. أما السؤال الثاني فتم طرحه من قبل النائب محمد أمين المباركي وهو حول مشروع فسفاط شقطمة بمعتمدية جدليان وسبب التأخر الحاصل في رخصة البحث الثانية، وتوجه بالسؤال الثالث النائب عصام البحري الجابري وتحدث النائب عن تحريف مخرجات مجلس الأمن القومي بإضافة عبارة "إعادة تصنيف مادة الفوسفوجيبس" والحال أن رئيس الجمهورية تطرق لمسألة تحويل مادة الفوسفوجيبس واستعمالها فقط وطالب الجابري خلال تلك الجلسة بفتح تحقيق جدي في الغرض وتحميل المسؤوليات وذلك في علاقة بالمصادقة على تقرير فنّي اعتبر مادة الفوسفوجيبس مادة غير خطيرة، وتساءل عن إستراتيجية الوزارة في التعامل مع تجاوزات المجمع الكيميائي والمصانع الملوّثة للبيئة في قابس وإن كان قد تم فتح تحقيق حول التلاعب بنتائج التحاليل الفنية للإشعاعات، أما السؤال الأخير فتم طرحه من قبل النائب عمار العيدودي وهو حول وضعية مصنع الجير بتالة وآبار الطاقة بالقصرين وكذلك حول المسؤولية المجتمعية لحقلي النفط بالدولاب وطم صميدة وصارغاز بالصخيرات.
أكثر من ألف سؤال كتابي
نظرا لعدم إتاحة فرص كبيرة أمام النواب لممارسة دورهم الرقابي على الحكومة من خلال الحوار معها بشكل مباشر أو مساءلتها شفاهيا في جلسات عامة علنية، فقد وجد أغلبهم ضالته في الأسئلة الكتابية، واستنادا إلى منشورات المجلس على موقعه الرسمي، يمكن الإشارة إلى أن جل الاجتماعات التي عقدها المكتب طيلة الدورة النيابية الأولى وأثناء الدورة الحالية تضمنت النظر في أسئلة كتابية، وقد تمت الإجابة إلى حد الآن عن أكثر من ألف سؤال، وفي المقابل هناك ما يزيد عن مائتي سؤال ظلت دون إجابة.
كما هناك من النواب من انتهزوا الجلسات العامة لمساءلة الحكومة وذلك من خلال التدخل على معنى الفصل 108 من النظام الداخلي الذي نص على أنه إذا أراد أحد النواب التدخّل في أمر هام ومُستعجل، فعليه أن يُقدم ذلك في صيغة مكتوبة تبيّن موضوع الطلب، وعلى رئيس المجلس أن يأذن له بالكلام في آخر الجلسة لمدّة لا تتجاوز ثلاث دقائق. وتُدون التدخلات على معنى هذا الفصل ويُمكن للمجلس أن يُتابعها مع عضو أو أعضاء الحكومة المعنيين.
لائحة لوم؟؟
وينتظر بعض أعضاء مجلس نواب الشعب خاصة المعارضين للحكومة، انطلاق المجلس الوطني للجهات والأقاليم في أعماله بصفة فعلية لأن ذلك من شأنه أن يتيح لهم إمكانية المضي في إجراءات تقديم لائحة لوم ضد الحكومة. وكان النائب النوري الجريدي أول من دعا إلى تقديم لائحة لوم ضد حكومة أحمد الحشاني وكان ذلك خلال جلسة عامة برلمانية انعقدت بتاريخ 20 فيفري2024 . ويذكر أنه يمكن لمجلس نواب الشعب وللمجلس الوطني للجهات والأقاليم معارضة الحكومة في مواصلة تحمل مسؤولياتها بتوجيه لائحة لوم وذلك عندما يتبين للمجلسين أن الحكومة تخالف السياسات العامة للدولة والخيارات الأساسية التي نص عليها الدستور. ويشترط عند تقديم لائحة اللوم أن تكون معللة وممضاة من قبل نصف أعضاء مجلس نواب الشعب ونصف أعضاء المجلس الوطني للجهات والأقاليم. وفي صورة المصادقة على لائحة اللوم بأغلبية الثلثين لأعضاء المجلسين مجتمعين، تقدم الحكومة عن طريق رئيسها استقالتها إلى رئيس الجمهورية، وإذا تمّ تقديم لائحة لوم ثانية ضد الحكومة في نفس المدة النيابية فيمكن لرئيس الجمهورية إما أن يقبل استقالة الحكومة أو أن يحل مجلس نواب الشعب والمجلس الوطني للجهات والأقاليم أو أحدهما.
وتبقى فرضية التصويت على لائحة لوم ضد الحكومة ضعيفة جدا نظرا إلى أن الدستور أحاطها بضمانات كبيرة حتى أن هناك من المختصين في القانون الدستوري من أكدوا منذ صدور الدستور في أوت 2022 بأن ممارسة الرقابة البرلمانية على الحكومة عبر آلية لائحة اللوم ضدها تعد شبه مستحيلة، وبينوا أنه كان من الأفضل الإبقاء على إمكانية سحب الثقة من عضو حكومة أو أكثر وأن يتم تقديم لائحة اللوم ضد الحكومة من قبل مجلس نواب الشعب بمفرده وليس بمعية المجلس الوطني للجهات والأقاليم.
سعيدة بوهلال
تونس-الصباح
إضافة إلى النظر في مشروع القانون المتعلق بالبنايات المتداعية للسقوط، تضمن جدول أعمال الجلسة العامة لمجلس نواب الشعب التي تنطلق صباح اليوم 20 جوان 2024 بقصر باردو وتتواصل إلى الغد توجيه خمسة أسئلة شفاهية إلى وزيرة التجهيز والإسكان سارة الزعفراني. وسيعقد المجلس يوم الثلاثاء 25 جوان الجاري بداية من الساعة العاشرة صباحا جلسة عامة لتوجيه ستة أسئلة شفاهية إلى وزير الصحة علي المرابط، وسيقعد يوم الأربعاء 26 جوان بداية من الساعة الثانية بعد الظهر جلسة عامة لتوجيه ستة أسئلة شفاهية إلى وزيرة البيئة ليلى الشيخاوي. وإثر انتهاء الامتحانات الوطنية، من المنتظر أن يعقد المجلس جلسة عامة مع وزيرة التربية سلوى العباسي.
وتتنزل مساءلة الوزراء في إطار الرقابة البرلمانية على العمل الحكومي، ولكن بالنظر إلى دستور 2022 والنظام الداخلي للمجلس النيابي، يمكن الإشارة إلى أن هذه الرقابة مازالت منقوصة، إذ كادت تقتصر على أعمال بعض اللجان وتوجيه جملة من الأسئلة الكتابية وبعض الأسئلة الشفاهية أو محاورة عدد قليل من الوزراء وتحديدا وزراء الشباب والرياضة والتجهيز والإسكان والداخلية، ولم يقع إلى حد اليوم تكوين أي لجنة تحقيق برلمانية حيث تم تأجيل النظر في الطلب الذي تقدم به بعض النواب بهدف تكوين لجنة تحقيق حول غرق سفينة بحارة يوم 25 أفريل الماضي إلى ما بعد استكمال المسار القضائي في الغرض.. وليس هذا فقط بل لم تقع دعوة الحكومة للحوار معها ولو مرة واحدة حول السياسة التي تم إتباعها والنتائج التي وقع تحقيقها أو يجري العمل من أجل الوصول إليها والحال أن الدورة النيابية الثانية شارفت على الانتهاء. وحتى الطلب الذي توجهت به مجموعة من النواب لإجراء جلسة حوار مع الحكومة لتدارس آليات جديدة تقطع مع العمل بآلية المناولة وإيجاد حلول عاجلة لتسوية وضعية الفئة المعنية فقد قرر مكتب المجلس المنعقد بتاريخ 7 مارس الماضي إرجاء النظر فيه، مثلما قرر سابقا وتحديدا خلال الدورة الأولى تأجيل عقد جلسة الحوار مع حكومة نجلاء بودن حول الوضع العام في البلاد.
خرق النظام الداخلي
وإضافة إلى محدودية الدور الرقابي بشكل عام، فقد تم تسجيل خرق للنظام الداخلي لمجلس نواب الشعب في علاقة بالأسئلة الشفاهية، وتكفي الإشارة في هذا الصدد إلى أن أحد النواب توجه خلال شهر جويلية الماضي بسؤال شفاهي إلى وزيرة التجارة وتنمية الصادرات حول الاستعدادات للموسم السياحي، وكان من المفروض أن يتلقى إجابة في غضون شهر ولكنه لم يظفر بالرد عن سؤاله إلا في شهر فيفري 2024 كما اضطرت الوزيرة في كلمتها لتحيين السؤال والحديث عن الاستعدادات للموسم السياحي المقبل..
وأتاح دستور 2022 للنائب إمكانية توجيه سؤال شفاهي إلى عضو الحكومة حيث نص الفصل 114 منه على أنه لكل نائب بمجلس نواب الشعب أو بالمجلس الوطني للجهات والأقاليم أن يتوجه لأعضاء الحكومة بأسئلة كتابية أو شفاهية.
أما النظام الداخلي للمجلس النيابي، وحسب الفصل 130 فلكلّ عضو أن يتقدّم خلال جلسة عامة بأسئلة شفاهية لأعضاء الحكومة على أن يوجّه إعلاما كتابيا إلى رئيس المجلس يُبيّن فيه موضوع أسئلته وعضو الحكومة المعني بالإجابة وتحديد من ينوبه في صورة تعذّر الحضور في الجلسة المبرمجة لطرح السؤال. ويتمّ إعلام الحكومة بمواضيع الأسئلة وموعد الجلسة العامة المخصّصة للإجابة عنها على أن تكون في أجل أقصاه شهر. يُحدّد مكتب المجلس جلسات عامة مخصصة للأسئلة الشفاهية كل يوم اثنين من كل أسبوع وله بصفة استثنائية إمكانية برمجتها في جلسات عامة أخرى. يتولّى النائب عرض سؤاله في مدّة لا تتجاوز 10 دقائق. ويتولّى عضو الحكومة تقديم جوابه في نفس الجلسة ولمدّة لا تتجاوز 10 دقائق. وللنائب فقط الحق في التعقيب مرة واحدة ولمدة لا تتجاوز 5 دقائق. ولا يمكن لأي عضو سحب أو إضافة سؤال شفاهي بعد برمجته بالجلسة العامة. كما يُمنع كل عضو من توجيه سؤال شفاهي لباقي الدورة العادية في صورة تغيّبه أو تغيّب من ينوبه لطرح السؤال. في صورة عدم حضور عضو الحكومة المعني إلى الجلسة دون اعتذار وتحديد موعد لاحق يتمّ نشر ذلك على الموقع الرسمي للمجلس.
7 جلسات عامة
نظم مجلس نواب الشعب منذ انطلاقه في ممارسة مهامه الرقابية سبع جلسات عامة لتوجيه أسئلة شفاهية إلى أعضاء الحكومة وتمت برمجة جل الأسئلة إثر المصادقة على مشاريع قوانين وهي موجهة إلى الوزراء المعنيين بتلك القوانين، حيث عقد المجلس يوم الأربعاء 5 جويلية 2023 جلسة عامة خصصها للنظر أولا في مشروع القانون المتعلّق بإحداث الوكالة الوطنية للدواء ومواد الصحة، وتم لاحقا توجيه أسئلة شفاهية من قبل النائبة ألفة المرواني إلى وزير الصحة حول أسباب غلق مستوصف بن عروس وعدم دخول مركز التحاليل بنهج غرة ماي إلى حيز العمل وتعطل مشاريع من المزمع إنجازها من طرف وزارة الصحة بهذه الولاية وحول تنامي المخاطر الناجمة عن تعاطي المخدرات والبدائل التي تقترحها الوزارة.
وعقد المجلس جلسة عامة يومي الثلاثاء والأربعاء 20 و21 فيفري 2024 تضمن جدول أعمالها النظر في مشروع القانون المتعلق بتنظيم التجارة الدولية بأصناف الحيوانات والنباتات البرية المهددة بالانقراض وتوجيه سؤال شفاهي من قبل النائب حسن الجربوعي إلى وزير الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري حول الوضعية التي آلت إليها المركبات الفلاحية التابعة لديوان الأراضي الدولية بولاية صفاقس، ثم تم النظر في مشروع القانون الأساسي المتعلق بالموافقة على اتفاقية استضافة بين حكومة الجمهورية التونسية والسوق المشتركة للشرق والجنوب الإفريقي (الكوميسا) بشأن استضافة جميع اجتماعات وورشات العمل وأنشطة الكوميسا في الجمهورية التونسية، وأخيرا تم توجيه أسئلة شفاهية من قبل النائب محمد اليحياوي إلى وزيرة التجارة وتنمية الصادرات حول برامج الوزارة لإعادة نسق إنتاج الفسفاط إلى مستوياته السابقة ولاستغلال منجم سراورتان بالكاف وإن كانت قامت بتدقيق في عقود النفط وحول برنامج مراقبة المناطق الصناعية القديمة كما تم في نفس الجلسة توجيه السؤال سالف الذكر والمتعلق بالإجراءات المتخذة من قبل هذه الوزارة للموسم السياحي وهو سؤال طرحه النائب ياسين مامي.
وعقد مجلس نواب الشعب جلسة عامة يوم الثلاثاء 27 فيفري 2024 وخصصت الحصة الصباحية لتوجيه أسئلة شفاهية لوزير النقل حيث تساءلت النائبة فاطمة المسدي عن شركة الطيران سيفاكس، واستفسر النائب رضا الدلاعي عن إستراتيجية الوزارة للنهوض بالنقل بباجة أما النائب ظافر الصغيري فكان سؤاله حول مآل مشروع إنشاء خط "د" من السكة الحديدية السريعة المار من مدينة باردو، بينما تساءلت النائبة ماجدة الورغي عن برنامج وزارة النقل لفك العزلة عن بعض المناطق التابعة لولاية بنزرت وتحدثت النائبة يومها عن معاناة المواطن من انعدام توفر وسائل النقل ولكن هذه المعاناة لم تنته بل زادت مع ارتفاع درجات الحرارة وترهل الأسطول.
وعقد المجلس النيابي جلسة عامة يوم الأربعاء 6 مارس 2024 وتضمن جدول أعمالها إلى جانب النظر في مشروع القانون الأساسي المتعلّق بتنقيح وإتمام القانون عدد 27 لسنة 1993 المؤرخ في 22 مارس 1993 المتعلّق ببطاقة التعريف الوطنية ومشروع القانون الأساسي المتعلق بتنقيح وإتمام القانون عدد 40 لسنة 1975المؤرخ في 14 ماي 1975 المتعلق بجوازات السفر ووثائق السفر، توجيه سؤالين شفاهيين الى وزير الداخلية. وتم تقديم السؤال الأول من قبل النائبة ألفة المرواني وهو يتعلق بمشروع تصريف مياه الأمطار الذي يعود لبلدية بن عروس وبوضعية النقل الجماعي بهذه الولاية ومجلة الطرقات، أما السؤال الثاني فطرحه النائب ياسين مامي وهو حول المحطة الاستشفائية حمام بنت الجديدي والإجراءات المتعلقة بتسوية وضعيات الربط بالشبكات العمومية من الماء والكهرباء وتركيز أنظمة المراقبة الذكية.
وخصص مجلس نواب الشعب جلسته العامة المنعقدة يوم الثلاثاء 7 ماي إلى جانب النظر في مشروع القانون المتعلّق بتنقيح القانون عدد 69 لسنة 2003 المؤرخ في 20 أكتوبر 2003 المتعلق بمراكز الاصطياف وترفيه الأطفال لتوجيه سؤال شفاهي من قبل النائبة منال بديدة إلى وزيرة الأسرة والمرأة والطفولة وكبار السن وهو حول مدى تنفيذ السياسة العامة للدولة التي نص عليها الدستور في علاقة بحماية الأسرة التونسية.
كما عقد المجلس يوم الأربعاء12 جوان 2024 جلسة عامة تشريعية ورقابية في نفس الوقت، حيث تم النظر في مشروع القانون المتعلّق بالموافقة على اتفاقية القرض المبرمة بتاريخ 22 فيفري 2024 بين الجمهورية التونسية والصندوق السعودي للتنمية للمساهمة في تمويل مشروع تجديد وتطوير السكك الحديدية لنقل الفسفاط، وإثر المصادقة على مشروع القانون المذكور، تم في نفس الجلسة توجيه أربعة أسئلة شفاهية إلى وزيرة الصناعة والطاقة والمناجم، وتم تقديم السؤال الأول من قبل النائبة ريم المعشاوي وهو يتعلق بمآل مشروع فسفاط سراورتان وإستراتيجية الدولة في التعاطي مع هذا المشروع والوضعية القانونية والإدارية والمالية لشركة دراسات استغلال فسفاط سراورتان ولإطارات هذه الشركة. أما السؤال الثاني فتم طرحه من قبل النائب محمد أمين المباركي وهو حول مشروع فسفاط شقطمة بمعتمدية جدليان وسبب التأخر الحاصل في رخصة البحث الثانية، وتوجه بالسؤال الثالث النائب عصام البحري الجابري وتحدث النائب عن تحريف مخرجات مجلس الأمن القومي بإضافة عبارة "إعادة تصنيف مادة الفوسفوجيبس" والحال أن رئيس الجمهورية تطرق لمسألة تحويل مادة الفوسفوجيبس واستعمالها فقط وطالب الجابري خلال تلك الجلسة بفتح تحقيق جدي في الغرض وتحميل المسؤوليات وذلك في علاقة بالمصادقة على تقرير فنّي اعتبر مادة الفوسفوجيبس مادة غير خطيرة، وتساءل عن إستراتيجية الوزارة في التعامل مع تجاوزات المجمع الكيميائي والمصانع الملوّثة للبيئة في قابس وإن كان قد تم فتح تحقيق حول التلاعب بنتائج التحاليل الفنية للإشعاعات، أما السؤال الأخير فتم طرحه من قبل النائب عمار العيدودي وهو حول وضعية مصنع الجير بتالة وآبار الطاقة بالقصرين وكذلك حول المسؤولية المجتمعية لحقلي النفط بالدولاب وطم صميدة وصارغاز بالصخيرات.
أكثر من ألف سؤال كتابي
نظرا لعدم إتاحة فرص كبيرة أمام النواب لممارسة دورهم الرقابي على الحكومة من خلال الحوار معها بشكل مباشر أو مساءلتها شفاهيا في جلسات عامة علنية، فقد وجد أغلبهم ضالته في الأسئلة الكتابية، واستنادا إلى منشورات المجلس على موقعه الرسمي، يمكن الإشارة إلى أن جل الاجتماعات التي عقدها المكتب طيلة الدورة النيابية الأولى وأثناء الدورة الحالية تضمنت النظر في أسئلة كتابية، وقد تمت الإجابة إلى حد الآن عن أكثر من ألف سؤال، وفي المقابل هناك ما يزيد عن مائتي سؤال ظلت دون إجابة.
كما هناك من النواب من انتهزوا الجلسات العامة لمساءلة الحكومة وذلك من خلال التدخل على معنى الفصل 108 من النظام الداخلي الذي نص على أنه إذا أراد أحد النواب التدخّل في أمر هام ومُستعجل، فعليه أن يُقدم ذلك في صيغة مكتوبة تبيّن موضوع الطلب، وعلى رئيس المجلس أن يأذن له بالكلام في آخر الجلسة لمدّة لا تتجاوز ثلاث دقائق. وتُدون التدخلات على معنى هذا الفصل ويُمكن للمجلس أن يُتابعها مع عضو أو أعضاء الحكومة المعنيين.
لائحة لوم؟؟
وينتظر بعض أعضاء مجلس نواب الشعب خاصة المعارضين للحكومة، انطلاق المجلس الوطني للجهات والأقاليم في أعماله بصفة فعلية لأن ذلك من شأنه أن يتيح لهم إمكانية المضي في إجراءات تقديم لائحة لوم ضد الحكومة. وكان النائب النوري الجريدي أول من دعا إلى تقديم لائحة لوم ضد حكومة أحمد الحشاني وكان ذلك خلال جلسة عامة برلمانية انعقدت بتاريخ 20 فيفري2024 . ويذكر أنه يمكن لمجلس نواب الشعب وللمجلس الوطني للجهات والأقاليم معارضة الحكومة في مواصلة تحمل مسؤولياتها بتوجيه لائحة لوم وذلك عندما يتبين للمجلسين أن الحكومة تخالف السياسات العامة للدولة والخيارات الأساسية التي نص عليها الدستور. ويشترط عند تقديم لائحة اللوم أن تكون معللة وممضاة من قبل نصف أعضاء مجلس نواب الشعب ونصف أعضاء المجلس الوطني للجهات والأقاليم. وفي صورة المصادقة على لائحة اللوم بأغلبية الثلثين لأعضاء المجلسين مجتمعين، تقدم الحكومة عن طريق رئيسها استقالتها إلى رئيس الجمهورية، وإذا تمّ تقديم لائحة لوم ثانية ضد الحكومة في نفس المدة النيابية فيمكن لرئيس الجمهورية إما أن يقبل استقالة الحكومة أو أن يحل مجلس نواب الشعب والمجلس الوطني للجهات والأقاليم أو أحدهما.
وتبقى فرضية التصويت على لائحة لوم ضد الحكومة ضعيفة جدا نظرا إلى أن الدستور أحاطها بضمانات كبيرة حتى أن هناك من المختصين في القانون الدستوري من أكدوا منذ صدور الدستور في أوت 2022 بأن ممارسة الرقابة البرلمانية على الحكومة عبر آلية لائحة اللوم ضدها تعد شبه مستحيلة، وبينوا أنه كان من الأفضل الإبقاء على إمكانية سحب الثقة من عضو حكومة أو أكثر وأن يتم تقديم لائحة اللوم ضد الحكومة من قبل مجلس نواب الشعب بمفرده وليس بمعية المجلس الوطني للجهات والأقاليم.