إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

قتل النساء يتواصل في غياب معالجة قانونية ناجعة وميزانية خاصة بالظاهرة

تونس- الصباح

جريمة قتل زوجة على يد زوجها ثاني أيام العيد، تأتي في سياق سلسلة من جرائم قتل النساء التي تعيش على وقعها البلاد منذ سنوات، وتبقى دون معالجة قانونية أو إجرائية ناجعة من قبل السلط الرسمية.

وبهذه الجريمة الجديدة يرتفع عدد النساء المقتولات الى غاية شهر جوان الجاري إلى 8 حالات قتل اشتركت جميعها في بشاعة طريقة ارتكابها.

وتحذر الجمعيات النسوية، من خطورة تواصل هذه الآفة التي أودت بحياة 69 امرأة وفتاة خلال الخمس سنوات الماضية منها 25 تم قتلهن خلال سنة 2023 أكثر من نصفهن على أيدي أزواجهن.

وتعتبر أن أبرز التحديات والصعوبات التي تواجه التعامل مع جرائم قتل النساء في الأنظمة القانونية التونسية، هي تأخر تونس في الاعتراف بقتل النساء كجريمة خصوصية ومستقلة.

ويرى التحالف النسوي أن الوزارة موكول لها تكثيف الجهود لتوعية المجتمع بمخاطر العنف وقتل النساء، وتبني سياسات اتصالية فعّالة في الغرض، واستهداف السلوكيات الضارة التي تعيق تطوير وإعمال الحقوق الإنسانية للنساء.

في نفس الوقت تكشف أن الحكومة وبعد نحو الثماني سنوات من صدور القانون الأساسي عدد 58 لمناهضة العنف المسلط على النساء، لم تخصص موازنة مالية في الميزانية العامة للدولة خاصة بالتصدي لظاهرة العنف وقتل النساء في تونس. كما لا وجود لأي عنوان خاص في ميزانية وزارة الأسرة والمرأة والطفولة وكبار السن موجه لمشكل قتل النساء رغم اعترافها خلال تقريرها الأخير بخطورة الظاهرة وتفشيها. وتنصيصها على أن توفير تمويل كافٍ لبرامج ومشاريع مكافحة العنف ضد النساء أمر بالغ الأهمية لضمان فعالية الجهود المبذولة وتحقيق التغيير المطلوب في المجتمع، فدون تخصيص موارد مالية كافية، يكون من الصعب تحقيق تقدم ملموس في الحدّ من جرائم قتل النساء وحماية حقوقهن.

وتسجّل الجمعيات النسوية والحقوقية عدم وجود مبادرة تشريعية لوزارة شؤون المرأة بخصوص جريمة تقتيل النساء بصفتها جريمة خصوصية مبنية على النوع الاجتماعي. وتشير الجمعيات الى أن وزارة شؤون المرأة بصفتها وزارة أفقية منذ نشأتها، مطالبة بالعمل مع مؤسسات المجتمع المدني وتعزيز وتكثيف التعاون الشبكي مع كافة الوزارات والقطاعات المتدخلة، على غرار، وزارة الداخلية ووزارة العدل ووزارة الشؤون الاجتماعية ووزارة الصحة وغيرها من الوزارات التي نص عليها القانون الأساسي عدد 58-2017، وذلك، لضمان إنفاذ القوانين وبلورة السياسات العامة الخاصة بالحماية والوقاية بهدف التصدي بفعالية لظاهرة العنف المسلط على النساء بكافة أشكاله.

وطبقا للقراءة السوسيولوجية الصادرة في التقرير السنوي المقدم من قبل جمعية "أصوات نساء" وجمعية "المرأة والمواطنة بالكاف"، تعكس حالات قتل النساء بشكل عام، مستوى عدوانية عال من قبل الجاني على الضحية. فطرق القتل، التي تباينت بين الطعن والخنق والضرب على الرأس تم خلالها استعمال قوة جسدية وعنف مادي، تبرز معه درجة قصوى من الممارسة العنيفة. أما القتل عن طريق الضرب على الرأس، فهو يستهدف إلحاق الأذى بشكل مباشر بالمناطق الحساسة والحيوية للجسم، ويعبّر بشكل غير واع عن غيظ وحنق وعن قلق نفسي من تفكير النساء أو تفوقهن على الرجل.

وتكشف هذه الطرق عن وحشية الجناة واستباحتهم لأجساد النساء ورغبتهم في السيطرة عليهن وإخضاعهن وترويضهن استجابة لرغبات دفينة في الهيمنة وفرض النفوذ.

ويقول نفس التقرير إن ظاهرة قتل النساء تتأثر بعوامل اجتماعية متعددة، منها الفقر، المستوى التعليمي، الثقافة، القوانين، التقاليد، والممارسات الدينية. وتتفاوت أسباب هذه الظاهرة من بلد إلى آخر ومن مجتمع إلى آخر. وترتبط دائما، بمنسوب العنف الأسري وبقضايا الشرف والسيطرة الرجالية على النساء، وتعدّ هذه الأسباب من أبرز العوامل التي تسهم في حدوثها. وللتصدي لهذه الظاهرة، يجب التركيز على تغيير العقليات وتطوير الممارسات الثقافية ومراجعة الأدوار التقليدية ونشر ثقافة المساواة ومكافحة جرائم العنف المبني على النوع الاجتماعي والقضاء عليه.

ويعد مشكل وصول النساء الى العدالة والصحة من أبرز أسباب تواصل الإفلات من العقاب في جرائم النساء. فتظهر دراسة أعدتها أحلام بلحاج الرئيسة السابقة لجمعية النساء الديمقراطيات، أن زمن وصول النساء الى حقوقهن عبر العدالة في علاقة بقضايا العنف المسلط عليهن باختلاف أنواعه، يمتد الى 28 شهرا ونصف أي نحو السنتين ونصف ويصل الرقم الى 64 شهرا في بعض الحالات أي نحو 5 سنوات.

وتواجه النساء المعنفات باختلاف مستوياتهن التعليمية وسنهن، صعوبات وإشكاليات كبيرة في الولوج الى العدالة والصحة بالأساس.

وحسب الشهادات المجمعة في استطلاع الرأي الذي شمل عددا من جهات البلاد، من بين 80 % من النساء اللاتي اتجهن الى مسار التقاضي هناك 10 % فقط منهن تمكن من الوصول الى "قصر العدالة" في المناسبة الأولى التي أردن فيها القيام بمتابعة قضائية للمعتدي.

وبحسب النساء المستجوبات لا يتجاوز حضور وزارة المرأة في قضايا العنف 6 % ، وتكون وزارة الشؤون الاجتماعية شبه مغيبة إذ حضرت في أذهان 2 % فقط من العينة. ويختار المسار القضائي نسبة 10% فقط من المستجوبات. في الوقت الذي تتجه فيه ضحايا العنف بنسبة 58% للمؤسسات الاستشفائية. ورغم مسؤولية مؤسسات وزارة المرأة في علاقة بمسألة العنف وضحايا العنف، لا تذكر اغلب المستجوبات أنهن التجأن أو توجهن الى اللجان المختصة في مكافحة العنف المسلط على النساء، لتقتصر خدمات الوزارة على التوجيه والإرشاد فقط.

ريم سوودي

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

قتل النساء يتواصل في غياب معالجة قانونية ناجعة وميزانية خاصة بالظاهرة

تونس- الصباح

جريمة قتل زوجة على يد زوجها ثاني أيام العيد، تأتي في سياق سلسلة من جرائم قتل النساء التي تعيش على وقعها البلاد منذ سنوات، وتبقى دون معالجة قانونية أو إجرائية ناجعة من قبل السلط الرسمية.

وبهذه الجريمة الجديدة يرتفع عدد النساء المقتولات الى غاية شهر جوان الجاري إلى 8 حالات قتل اشتركت جميعها في بشاعة طريقة ارتكابها.

وتحذر الجمعيات النسوية، من خطورة تواصل هذه الآفة التي أودت بحياة 69 امرأة وفتاة خلال الخمس سنوات الماضية منها 25 تم قتلهن خلال سنة 2023 أكثر من نصفهن على أيدي أزواجهن.

وتعتبر أن أبرز التحديات والصعوبات التي تواجه التعامل مع جرائم قتل النساء في الأنظمة القانونية التونسية، هي تأخر تونس في الاعتراف بقتل النساء كجريمة خصوصية ومستقلة.

ويرى التحالف النسوي أن الوزارة موكول لها تكثيف الجهود لتوعية المجتمع بمخاطر العنف وقتل النساء، وتبني سياسات اتصالية فعّالة في الغرض، واستهداف السلوكيات الضارة التي تعيق تطوير وإعمال الحقوق الإنسانية للنساء.

في نفس الوقت تكشف أن الحكومة وبعد نحو الثماني سنوات من صدور القانون الأساسي عدد 58 لمناهضة العنف المسلط على النساء، لم تخصص موازنة مالية في الميزانية العامة للدولة خاصة بالتصدي لظاهرة العنف وقتل النساء في تونس. كما لا وجود لأي عنوان خاص في ميزانية وزارة الأسرة والمرأة والطفولة وكبار السن موجه لمشكل قتل النساء رغم اعترافها خلال تقريرها الأخير بخطورة الظاهرة وتفشيها. وتنصيصها على أن توفير تمويل كافٍ لبرامج ومشاريع مكافحة العنف ضد النساء أمر بالغ الأهمية لضمان فعالية الجهود المبذولة وتحقيق التغيير المطلوب في المجتمع، فدون تخصيص موارد مالية كافية، يكون من الصعب تحقيق تقدم ملموس في الحدّ من جرائم قتل النساء وحماية حقوقهن.

وتسجّل الجمعيات النسوية والحقوقية عدم وجود مبادرة تشريعية لوزارة شؤون المرأة بخصوص جريمة تقتيل النساء بصفتها جريمة خصوصية مبنية على النوع الاجتماعي. وتشير الجمعيات الى أن وزارة شؤون المرأة بصفتها وزارة أفقية منذ نشأتها، مطالبة بالعمل مع مؤسسات المجتمع المدني وتعزيز وتكثيف التعاون الشبكي مع كافة الوزارات والقطاعات المتدخلة، على غرار، وزارة الداخلية ووزارة العدل ووزارة الشؤون الاجتماعية ووزارة الصحة وغيرها من الوزارات التي نص عليها القانون الأساسي عدد 58-2017، وذلك، لضمان إنفاذ القوانين وبلورة السياسات العامة الخاصة بالحماية والوقاية بهدف التصدي بفعالية لظاهرة العنف المسلط على النساء بكافة أشكاله.

وطبقا للقراءة السوسيولوجية الصادرة في التقرير السنوي المقدم من قبل جمعية "أصوات نساء" وجمعية "المرأة والمواطنة بالكاف"، تعكس حالات قتل النساء بشكل عام، مستوى عدوانية عال من قبل الجاني على الضحية. فطرق القتل، التي تباينت بين الطعن والخنق والضرب على الرأس تم خلالها استعمال قوة جسدية وعنف مادي، تبرز معه درجة قصوى من الممارسة العنيفة. أما القتل عن طريق الضرب على الرأس، فهو يستهدف إلحاق الأذى بشكل مباشر بالمناطق الحساسة والحيوية للجسم، ويعبّر بشكل غير واع عن غيظ وحنق وعن قلق نفسي من تفكير النساء أو تفوقهن على الرجل.

وتكشف هذه الطرق عن وحشية الجناة واستباحتهم لأجساد النساء ورغبتهم في السيطرة عليهن وإخضاعهن وترويضهن استجابة لرغبات دفينة في الهيمنة وفرض النفوذ.

ويقول نفس التقرير إن ظاهرة قتل النساء تتأثر بعوامل اجتماعية متعددة، منها الفقر، المستوى التعليمي، الثقافة، القوانين، التقاليد، والممارسات الدينية. وتتفاوت أسباب هذه الظاهرة من بلد إلى آخر ومن مجتمع إلى آخر. وترتبط دائما، بمنسوب العنف الأسري وبقضايا الشرف والسيطرة الرجالية على النساء، وتعدّ هذه الأسباب من أبرز العوامل التي تسهم في حدوثها. وللتصدي لهذه الظاهرة، يجب التركيز على تغيير العقليات وتطوير الممارسات الثقافية ومراجعة الأدوار التقليدية ونشر ثقافة المساواة ومكافحة جرائم العنف المبني على النوع الاجتماعي والقضاء عليه.

ويعد مشكل وصول النساء الى العدالة والصحة من أبرز أسباب تواصل الإفلات من العقاب في جرائم النساء. فتظهر دراسة أعدتها أحلام بلحاج الرئيسة السابقة لجمعية النساء الديمقراطيات، أن زمن وصول النساء الى حقوقهن عبر العدالة في علاقة بقضايا العنف المسلط عليهن باختلاف أنواعه، يمتد الى 28 شهرا ونصف أي نحو السنتين ونصف ويصل الرقم الى 64 شهرا في بعض الحالات أي نحو 5 سنوات.

وتواجه النساء المعنفات باختلاف مستوياتهن التعليمية وسنهن، صعوبات وإشكاليات كبيرة في الولوج الى العدالة والصحة بالأساس.

وحسب الشهادات المجمعة في استطلاع الرأي الذي شمل عددا من جهات البلاد، من بين 80 % من النساء اللاتي اتجهن الى مسار التقاضي هناك 10 % فقط منهن تمكن من الوصول الى "قصر العدالة" في المناسبة الأولى التي أردن فيها القيام بمتابعة قضائية للمعتدي.

وبحسب النساء المستجوبات لا يتجاوز حضور وزارة المرأة في قضايا العنف 6 % ، وتكون وزارة الشؤون الاجتماعية شبه مغيبة إذ حضرت في أذهان 2 % فقط من العينة. ويختار المسار القضائي نسبة 10% فقط من المستجوبات. في الوقت الذي تتجه فيه ضحايا العنف بنسبة 58% للمؤسسات الاستشفائية. ورغم مسؤولية مؤسسات وزارة المرأة في علاقة بمسألة العنف وضحايا العنف، لا تذكر اغلب المستجوبات أنهن التجأن أو توجهن الى اللجان المختصة في مكافحة العنف المسلط على النساء، لتقتصر خدمات الوزارة على التوجيه والإرشاد فقط.

ريم سوودي