على وقع أزمات دولية عاصفة توشك على تغيير ملامح كثيرة من السياسات الدولية شرقا وغربا تستضيف إيطاليا قمة مجموعة السبع الكبار، التي تضمّ كلا من الولايات المتحدة الامريكية وكندا واليابان والمملكة المتحدة وألمانيا والاتحاد الأوروبي..
هذه القمة التي تنتظم بأحد منتجعات الجنوب الإيطالي بكل ما يعنيه ذلك من دلالات ورمزية، تأتي أياما قليلة بعد الزلزال السياسي الذي اهتزت له كل أوروبا على إثر اجتياح أحزاب اليمين المتطرّف لانتخابات البرلمان الأوروبي، وهو الحدث الذي أربك مسارات سياسية كثيرة وأنتج بسرعة واقعا جديدا في عدد من الدول الأوروبية وأوّلها فرنسا حيث اضطرّ ماكرون الى المجازفة بكل رصيده السياسي المتبقي والذهاب الى انتخابات تشريعية مبكرة نهاية هذا الشهر بعد حلّ الجمعية العامة..، ونفس الهزيمة في الانتخابات الأوروبية كان لها وقعها السيء على المستشار الألماني أولاف شولتس، وكذلك على رئيس وزراء بلجيكا الذي اضطر للاستقالة..
وعكس بقية القادة الأوروبيين الذين يغرق أغلبهم في مشاكل سياسية داخلية وفي عملية انتخابية وديمقراطية صعبة ومتعثّرة خرجت رئيسة الوزراء الإيطالية، جورجيا ميلوني، من هذه الانتخابات الأوروبية منتصرة على كل المستويات.. وما استضافتها اليوم لهذا التكتّل الاقتصادي العالمي الا تعزيزا لمكانة إيطاليا بقيادة ميلوني على المستوى الإقليمي والدولي وهي التي تملك أوراق لعب كثيرة وخاصة تلك المتعلّقة بعلاقة شمال المتوسّط بجنوبه!
غير أن بعض القضايا تفرض نفسها على هذه القمة مثل قضية تمويل الحرب الأوكرانية التي تحوّلت إلى حرب استنزاف مالي لأوروبا وللولايات المتحدة الأمريكية حيث يرغب المشاركون في هذه القمة مع دول الاتحاد الأوروبي في الاتفاق على تزويد أوكرانيا بمبلغ إضافي قدره 50 مليار دولار ستسدّد لاحقا من عائدات الأصول الروسية المجمّدة، وكذلك قضية الحرب على غزة حيث من المتوقّع أن تدعم مجموعة السبع قرار مجلس الأمن القاضي بإيقاف إطلاق النار رغم الموقف الأوروبي المتعصّب للكيان الصهيوني والمعادي لفصائل المقاومة والتي تُلصق بها دول أوروبية كثيرة وصم الإرهاب..
وإذا كانت هذه هي أبرز النقاط السياسية التي ستناقشها القمة بالإضافة إلى جدول أعمالها الاقتصادي بالأساس، إلا أن لجورجيا ميلوني حسابات وأهداف أخرى وهي التي تبحث عن دور القيادة بين ضفتي المتوسط، حيث ترغب رئيسة الوزراء الإيطالية في التركيز على تعاون أكثر وأفضل مع إفريقيا في علاقة بإمدادات الطاقة وكذلك في الملف المركزي في هذه العلاقة بين الجنوب والشمال وهو ملف الهجرة.. وتبدو أهداف ميلوني واضحة بعد دعوتها لاثني عشر ضيفا من دول شمال ووسط إفريقيا وكذلك منطقة المحيط الهادئ لبحث فرص الاستثمار المتاحة في إفريقيا وكذلك طرح مسألة الطاقة التي باتت اليوم أهم الخيارات التي تراهن عليها أوروبا مستقبلا..
وتدافع ميلوني بقوة عن خياراتها في مسألة الهجرة والتي نجحت في التعاون مع بعض دول شمال إفريقيا وعلى رأسها تونس في الحدّ من تدفقاتها الى السواحل الإيطالية ومنها الدول الأوروبية بطريقة حازمة وصارمة، وربما لذلك حرصت ميلوني على توجيه دعوة رسمية الى الرئيس قيس سعيد ليكون ضيف قمة السبعة الكبار، وهذه الدعوة لم تأت من فراغ بل لأن اليوم تعدّ تونس شريكا استراتيجيا مهما بالنسبة لإيطاليا في رسم سياسات جديدة تبلور بدورها لعلاقات مختلفة مستقبلا بين ضفتي المتوسّط..
منية العرفاوي
على وقع أزمات دولية عاصفة توشك على تغيير ملامح كثيرة من السياسات الدولية شرقا وغربا تستضيف إيطاليا قمة مجموعة السبع الكبار، التي تضمّ كلا من الولايات المتحدة الامريكية وكندا واليابان والمملكة المتحدة وألمانيا والاتحاد الأوروبي..
هذه القمة التي تنتظم بأحد منتجعات الجنوب الإيطالي بكل ما يعنيه ذلك من دلالات ورمزية، تأتي أياما قليلة بعد الزلزال السياسي الذي اهتزت له كل أوروبا على إثر اجتياح أحزاب اليمين المتطرّف لانتخابات البرلمان الأوروبي، وهو الحدث الذي أربك مسارات سياسية كثيرة وأنتج بسرعة واقعا جديدا في عدد من الدول الأوروبية وأوّلها فرنسا حيث اضطرّ ماكرون الى المجازفة بكل رصيده السياسي المتبقي والذهاب الى انتخابات تشريعية مبكرة نهاية هذا الشهر بعد حلّ الجمعية العامة..، ونفس الهزيمة في الانتخابات الأوروبية كان لها وقعها السيء على المستشار الألماني أولاف شولتس، وكذلك على رئيس وزراء بلجيكا الذي اضطر للاستقالة..
وعكس بقية القادة الأوروبيين الذين يغرق أغلبهم في مشاكل سياسية داخلية وفي عملية انتخابية وديمقراطية صعبة ومتعثّرة خرجت رئيسة الوزراء الإيطالية، جورجيا ميلوني، من هذه الانتخابات الأوروبية منتصرة على كل المستويات.. وما استضافتها اليوم لهذا التكتّل الاقتصادي العالمي الا تعزيزا لمكانة إيطاليا بقيادة ميلوني على المستوى الإقليمي والدولي وهي التي تملك أوراق لعب كثيرة وخاصة تلك المتعلّقة بعلاقة شمال المتوسّط بجنوبه!
غير أن بعض القضايا تفرض نفسها على هذه القمة مثل قضية تمويل الحرب الأوكرانية التي تحوّلت إلى حرب استنزاف مالي لأوروبا وللولايات المتحدة الأمريكية حيث يرغب المشاركون في هذه القمة مع دول الاتحاد الأوروبي في الاتفاق على تزويد أوكرانيا بمبلغ إضافي قدره 50 مليار دولار ستسدّد لاحقا من عائدات الأصول الروسية المجمّدة، وكذلك قضية الحرب على غزة حيث من المتوقّع أن تدعم مجموعة السبع قرار مجلس الأمن القاضي بإيقاف إطلاق النار رغم الموقف الأوروبي المتعصّب للكيان الصهيوني والمعادي لفصائل المقاومة والتي تُلصق بها دول أوروبية كثيرة وصم الإرهاب..
وإذا كانت هذه هي أبرز النقاط السياسية التي ستناقشها القمة بالإضافة إلى جدول أعمالها الاقتصادي بالأساس، إلا أن لجورجيا ميلوني حسابات وأهداف أخرى وهي التي تبحث عن دور القيادة بين ضفتي المتوسط، حيث ترغب رئيسة الوزراء الإيطالية في التركيز على تعاون أكثر وأفضل مع إفريقيا في علاقة بإمدادات الطاقة وكذلك في الملف المركزي في هذه العلاقة بين الجنوب والشمال وهو ملف الهجرة.. وتبدو أهداف ميلوني واضحة بعد دعوتها لاثني عشر ضيفا من دول شمال ووسط إفريقيا وكذلك منطقة المحيط الهادئ لبحث فرص الاستثمار المتاحة في إفريقيا وكذلك طرح مسألة الطاقة التي باتت اليوم أهم الخيارات التي تراهن عليها أوروبا مستقبلا..
وتدافع ميلوني بقوة عن خياراتها في مسألة الهجرة والتي نجحت في التعاون مع بعض دول شمال إفريقيا وعلى رأسها تونس في الحدّ من تدفقاتها الى السواحل الإيطالية ومنها الدول الأوروبية بطريقة حازمة وصارمة، وربما لذلك حرصت ميلوني على توجيه دعوة رسمية الى الرئيس قيس سعيد ليكون ضيف قمة السبعة الكبار، وهذه الدعوة لم تأت من فراغ بل لأن اليوم تعدّ تونس شريكا استراتيجيا مهما بالنسبة لإيطاليا في رسم سياسات جديدة تبلور بدورها لعلاقات مختلفة مستقبلا بين ضفتي المتوسّط..