منذ أسابيع قليلة ونحن نسدل الستار على الدورة 33 من شهر التراث في أجوائه المعتادة وبرمجته الكلاسيكية - والتي لا تختلف كثيرا من سنة إلى أخرى - هاجمتنا التساؤلات حول مدى جدوى "محاولات" تثمين التراث المّادي واللامّادي ضمن تصور في جوهره يعكس التباسا في علاقة التونسي بمورثه الثقافي ..
هل غيرت ثلاثة عقود من الاحتفاء بالتراث على امتداد شهر كامل من كل سنة ورصد ميزانية لحدث يلوّن معظم المناسبات والتظاهرات الثقافية في كامل الجمهورية نظرة التونسي لتراثه .. لا نعتقد في ظل مضامين البرمجة المقترحة في شهر التراث بين معارض للأكلات التقليدية وأزياء أيام زمان على أجساد أطفال صغار ينشطون ساحة المدينة أو أغنية قديمة على إيقاع رقصات الأجداد وغيرها الكثير من الفعاليات المتشابهة ..
البعض من ركب "المتمعشين" من التراث يظهر وعيه بقيمة الموروث الثقافي - شكليا - عبر لمسات في أزيائه أو بيته أو كلماته السطحية في الحديث عن "تونسيته" فيما آخرون يرفضون الارتباط بالماضي ويقطعون مع سماته المميزة مفضلين تقليد الغير وكلاهما المتشبث بظاهر تراثه والمتعالي عليه طرف في علاقة غير سليمة ومتجانسة مع هويته الحقيقية .. أو يمكن وصفها بعلاقة صدام ظاهرها انسجام أو تعال حسب مدى وعي وإدراك وثقافة أفراد مجتمعنا باختلاف انتماءاتهم الأيديولوجية والفكرية والاجتماعية ..
ولأن متغيرات الحياة لا تتوقف وتؤثر بدرجة كبيرة في ثقافة الشعوب وتطور إدراكهم ووعيهم لا بد أن يتغير مفهومنا للموروث الثقافي وطريقة تبنيه وإعادة طرحه ليكون مؤثرا وبعمق في مجتمعنا فالصدام الحقيقي يكون بالبحث والحوار والتجديد في رؤيتنا لأسس هويتنا والانسجام مع هذا الموروث يتطلب بدوره تماهيا حقيقيا قادرا على تأسيس ثقافة جديدة قوامها الاعتزاز بالماضي وتوظيفه كأداة استثمار في المستقبل.
نجلاء قموع
تونس - الصباح
منذ أسابيع قليلة ونحن نسدل الستار على الدورة 33 من شهر التراث في أجوائه المعتادة وبرمجته الكلاسيكية - والتي لا تختلف كثيرا من سنة إلى أخرى - هاجمتنا التساؤلات حول مدى جدوى "محاولات" تثمين التراث المّادي واللامّادي ضمن تصور في جوهره يعكس التباسا في علاقة التونسي بمورثه الثقافي ..
هل غيرت ثلاثة عقود من الاحتفاء بالتراث على امتداد شهر كامل من كل سنة ورصد ميزانية لحدث يلوّن معظم المناسبات والتظاهرات الثقافية في كامل الجمهورية نظرة التونسي لتراثه .. لا نعتقد في ظل مضامين البرمجة المقترحة في شهر التراث بين معارض للأكلات التقليدية وأزياء أيام زمان على أجساد أطفال صغار ينشطون ساحة المدينة أو أغنية قديمة على إيقاع رقصات الأجداد وغيرها الكثير من الفعاليات المتشابهة ..
البعض من ركب "المتمعشين" من التراث يظهر وعيه بقيمة الموروث الثقافي - شكليا - عبر لمسات في أزيائه أو بيته أو كلماته السطحية في الحديث عن "تونسيته" فيما آخرون يرفضون الارتباط بالماضي ويقطعون مع سماته المميزة مفضلين تقليد الغير وكلاهما المتشبث بظاهر تراثه والمتعالي عليه طرف في علاقة غير سليمة ومتجانسة مع هويته الحقيقية .. أو يمكن وصفها بعلاقة صدام ظاهرها انسجام أو تعال حسب مدى وعي وإدراك وثقافة أفراد مجتمعنا باختلاف انتماءاتهم الأيديولوجية والفكرية والاجتماعية ..
ولأن متغيرات الحياة لا تتوقف وتؤثر بدرجة كبيرة في ثقافة الشعوب وتطور إدراكهم ووعيهم لا بد أن يتغير مفهومنا للموروث الثقافي وطريقة تبنيه وإعادة طرحه ليكون مؤثرا وبعمق في مجتمعنا فالصدام الحقيقي يكون بالبحث والحوار والتجديد في رؤيتنا لأسس هويتنا والانسجام مع هذا الموروث يتطلب بدوره تماهيا حقيقيا قادرا على تأسيس ثقافة جديدة قوامها الاعتزاز بالماضي وتوظيفه كأداة استثمار في المستقبل.