ـ الناطق الرسمي باسم المجمع المهني للمصوغ: نحن مع قانون يضع حدا للوبيات التي تتحكم في قطاع الذهب
ـ رئيس الغرفة النقابية الوطنية لتجار المصوغ يطالب البرلمان بتشريك أهل المهنة
تونس- الصباح
تعهدت لجنة المالية والميزانية بدراسة مبادرة تشريعية جديدة تضمنت 44 فصلا تقدم بها عدد من النواب بهدف تنقيح وإتمام القانون عدد 17 لسنة 2005 المؤرخ في 1 مارس 2005 المتعلّق بالمعادن النفيسة.
وشملت مقترحات التعديل جل فصول القانون المذكور وهو ما سيتطلب من اللجنة تعميق النظر فيه واستشارة المعنيين به ومن بينهم الأطراف المهنية.
وفي تصريح لـ"الصباح" أكد حاتم بن يوسف رئيس الغرفة النقابية الوطنية لتجار المصوغ الراجعة بالنظر إلى الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية على ضرورة تشريك منظمته لأن أهل مكة أدرى بشعابها حسب تعبيره. وبين أنه يثمن تفكير نواب الشعب في مراجعة قانون 2005 هذا القانون الجائر والمسقط والذي تم إعداده في غرف مغلقة من قبل أشخاص ليس لديهم دراية بالقطاع.
واستدرك قائلا إنه يدعو لجنة المالية والميزانية بكل إلحاح إلى إرسال المبادرة التشريعية الجديدة إلى الإتحاد لكي يبدي فيها رأيه. وأكد أنه بصفته رئيسا للغرفة النقابية الوطنية لتجار المصوغ لم يطلع بعد على مضامينها لذلك وبالنظر إلى أهميتها البالغة فهو يريد من اللجنة البرلمانية أن تعقد جلسة استماع إلى ممثلي الإتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية قبل المرور للتصويت على فصولها وذكر أن الغرفة تمثل تجار المضوغ في 18 ولاية بما فيها ولايات تونس الكبرى ومن غير المنطقي عدم استشارتها.
وأضاف أنه عندما يتأكد لأهل المهنة أن مقترح القانون سيحقق الفائدة المرجوة من أجل النهوض بالقطاع فإنهم بالضرورة سيساندونه لأنهم عانوا كثيرا من قانون 2005 "التعسفي والسالب للحريات"، فهذا القانون وإضافة إلى أنه كبل المهنيين تسبب في الزج بمديرين عامين في السجن، وحتى الدولة تضررت منه والدليل على ذلك أنه تم مؤخرا اللجوء إلى تنقيحه من أجل تسهيل أعمال مصالح وزارة المالية حيال المعادن النفيسة المحجوزة.
وخلص بن يوسف إلى أن اتحاد الأعراف يريد تحرير قطاع المصوغ ويرغب في أن تتم مراعاة خصوصيات سوق الذهب لأن الأسعار العالمية للذهب تتغير من يوم إلى آخر وفي ظل عدم استقرار الأسعار يصعب تحديد مداخيل التجار التي على أساسها يتم احتساب الضرائب.
لوبيات متحكمة في القطاع
أما محمد السّقا الناطق الرسمي باسم المجمع المهني للمصوغ الراجع بالنظر إلى كنفدرالية المؤسسات المواطنة التونسية "كوناكت" فعبر عن ارتياحه للمبادرة التشريعية الجديدة المتعلقة بتقيح قانون المعادن النفيسة الصادر سنة 2005.
وأشار في تصريح لـ"الصباح" إلى أنه تم إعداد هذه المبادرة بطريقة تشاركية مع مختلف الأطراف المهنية ووقع الأخذ بعين الاعتبار لمقترحات منظمة كوناكت، وقال إن المجمع المهني للمصوغ موافق عليها، ولكنه يرغب من لجنة المالية والميزانية التي تعهدت بدارستها في أن تبرمج جلسة استماع إلى ممثلي المجمع المهني للمصوغ حتى يكون نواب الشعب على بينة من أمرهم قبل الذهاب للتصويت عليها في جلسة عامة.
وأضاف السّقا أن الغاية الوحيدة من القانون الجديد حسب رأيه يجب أن تكون خدمة مصلحة البلاد والنهوض باقتصادها وبقطاع المصوغ. وبين أنه مع قانون جديد يضع حدا للتهرب الجبائي والتهريب وكذلك اللوبيات التي تتحكم في قطاع المصوغ في تونس.
لماذا تنقيح قانون 2005؟
فسر أصحاب المبادرة التشريعية في وثيقة شرح أسباب مقترح القانون المعروض حاليا على أنظار لجنة المالية والميزانية، أنهم يريدون من خلال تنقيح وإتمام قانون المعادن النفيسة ملاءمة هذا القانون مع دستور 2022 نظرا لأن القانون المذكور والأوامر الترتيبية المرافقة له تضمنت عدة نقاط لا دستورية في علاقة بالحقوق والحريات وخاصة حق الملكية إلى جانب التناسب بين الخطأ والعقوبة. وإضافة إلى ذلك فإن وضعية قطاع المصوغ في تونس حسب رأيهم تشهد تدهورا مستمرا نظرا للنقائص الموجودة على عدة مستويات، فعلى مستوى صناعة الذهب يمثل طابع المطابقة مشكلا بالنظر إلى وجود الطابع المدلس بصفة كبيرة في السوق كما أن هذا الطابع مع طابع الوزن يشكو من مشاكل تقنية ففي بعض الأحيان يكون حجم الطابع أكبر من المساحة المخصصة للطباعة مما ينتج عنه طبع جزء فقط من الطابع كما يمكن أن يحدث هذا الطابع أضرارا بالمصوغ تجعله لا يحمي التاجر أو الحرفي من جهة ويعطل من جهة أخرى عملية صنع مصوغ ذي جودة عالية فضلا عن عزوف الحرفيين الماهرين والشباب عن الناشط في قطاع المصوغ نظرا لكثرة التضييقات عليه.
ومن بين النقائص الأخرى التي تحدث عنها النواب في وثيقة شرح أسباب مبادرتهم التشريعية، التجارة الموازية والطابع المدلس والعيار المغشوش وبيع الذهب التونسي المكسر في الأسواق المجاورة وهي ظاهرة في تزايد مستمر وتسببت في تشويه سمعة أصحاب المهنة والإضرار بصانعي المصوغ الشرفاء. كما أشار النواب إلى التطور الملحوظ لقطاع المصوغ على مستوى الجودة والابتكار خلال الفترة الممتدة من 2011 إلى 2019 إثر توفر المادة الأولية عن طريق السماح باستعمال الذهب المعد للتكسير غير الحامل للطابع القانوني.
ولدى حديثهم عن المستوى الاقتصادي أشار النواب أصحاب المبادرة التشريعية إلى أن سعر الذهب في ارتفاع مستمر نتيجة الأسعار العالمية، وبينوا أن سعر الذهب الخام وصل يوم 7 ماي 2024 إلى 233 دينار للغرام الواحد، ولاحظوا أن هناك بعض المهن في مجال الصناعات التقليدية مثل اللباس التقليدي المطرز بالفضة والذهب مهددة بالاندثار، فالطلب على الذهب يفوق كمية الذهب المفوترة في الأسواق أي أن الطلب أكثر من العرض.
أما على مستوى البنك المركزي التونسي فهناك حسب ما أشار إليه أصحاب المبادرة التشريعية منافسة غير شرعية وعدم تكافؤ الفرص بين الحرفيين حيث يتم منح حصص متساوية من الذهب بحساب مائة غرام كل شهرين لكل حرفي حامل لطابع العرف دون مراعاة حجم التجارة لدى كل حرفي.
أصحاب المبادرة
وتحمل المبادرة التشريعية المتعلقة بتنقيح وإتمام القانون عدد 17 لسنة 2005 المؤرخ في غرة مارس 2005 المتعلق بالمعادن النفيسة إمضاء النواب الآتي ذكرهم معز برك الله وصابر المصمودي وسيرين المرابط وعصام شوشان وهالة جاب الله وأنور المرزوقي وظافر صغيري وسوسن مبروك وياسين مامي وحسن جربوعي ووليد حاجي ويسري البواب ونجلاء اللحياني وغسان يامون وعبد الرزاق عويدات ومها عامر وفخر الدين فضلون وعمر بن عمر وصابر الجلاصي ويوسف التومي وخالد حكيم مبروكي وعبد القادر بن زينب وحسن بوسامة ونبيه ثابت وصالح السالمي وحاتم لباوي ومسعود قريرة وزينة جيب الله وسامي الرايس ورياض بلال وماهر الكتاري وطارق الربعي.
ويراد بالمعادن النفيسة وفق ما جاء في الفصل الأول من المبادرة التشريعية المعروضة على لجنة المالية والميزانية التي يرأسها النائب عصام شوشان، الذهب والفضة والبلاتين. وتعد المعادن النادرة من أريديوم وبلاديوم وروتنيوم وروديوم وأمنيوم الممزوجة بالبلاتين في المناجم بمثابة البلاتين. ولا تتعدى نسبة المعادن المضافة إلى البلاتين خمسة أجزاء من المائة. وتنطبق القواعد المتعلقة بمصنوعات من الذهب على المصنوعات من الذهب الرمادي والأسميور والبلاتينور والبلاتور والذهب الذي يتخلله البلاديور وكل مخالط معادن مهما كانت تسميتها التي يضم فيها الذهب كمعدن أساسي إلى معادن أخرى، سواء كانت نفيسة أم لا، بغية إكسابه ظاهر البلاتين.
إلغاء عدة فصول
وتضمن مقترح القانون العديد من التعديلات على باب الأحكام العامة الذي يحتوي على قسم للتعريف بالمعادن النفيسة الذهب والفضة والبلاتين وقسم للتعريف بالعيارات، وكذلك على الباب الثاني المتعلق بتنظيم القطاع وفيه قسم تم من خلاله تحديد الواجبات العامة وقسم خاص بواجبات صانعي المصوغ وقسم ثالث تحت عنوان "في توريد الذهب وتوزيعه" وقسم رابع تعلق بتصدير المصنوعات من المعادن النفيسة وقسم خامس تحت عنوان "في المصنوعات المعدة للتكسير". واقترح أصحاب المبادرة التشريعية حذف الفصل السادس الذي يوجب على كل شخص طبيعي أو معنوي يتولى عادة شراء المعادن النفيسة أو بيعها أو تحويلها أو صنعها أو قبولها على وجه الإيداع أو لغاية إصلاحها مسك دفتر محاسبية مواد مرقم ومؤشر عليه من قبل المصالح المختصة بوزارة المالية بكل محل وقع التصريح به تسجل فيه يوما بيوم ودون ترك بياض أو شطب أو إضافة جميع العمليات المتعلقة بالمواد النفيسة قصد الاستظهار به عند كل طلب من قبل أعوان وزارة المالية وذلك باستثناء المصنوعات من الفضة، وتم اقتراح إلغاء الفصل العاشر الذي ينص على أنه يحجّر استعمال طابع العرف عند التوقف النهائي عن النشاط أو عند وفاة صانع المصوغ، وعلى أنه يتعين إرجاعه من قبل صاحبه أو حائزه إلى مكتب الضمان، في أجل أقصاه ثلاثون يوما ابتداء من تاريخ التصريح بالتوقف النهائي عن النشاط أو تاريخ الحوز.
ويتعين خلال نفس الأجل التصريح بكميات المعادن النفيسة والمصنوعات من المعادن النفيسة التي لم يتم تقديمها لمكتب الضمان. ويمكن لمكتب الضمان أن يأذن للمعني بالأمر بالتفويت فيها شريطة أن يتم ذلك لفائدة شخص آخر حامل لطابع العرف.
ونص مقترح القانون الجديد على إلغاء الفصل 12 الذي يلزم كل شخص مورد لمصنوعات من معادن نفيسة أن يقدمها إلى الديوانة عند الدخول لتتولى مصالح الديوانة وزنها وتحرير محضر جرد فيها وتقديمها إلى مكتب الضمان داخل علبة مختومة قصد طبعها. ويتم إرجاع هذه المصنوعات إلى مصالح الديوانة بعد طبعها قصد دفع المعاليم والأداءات المستوجبة عند التوريد وفقا لإجراءات التجارة الخارجية والصرف الجاري بها العمل. غير أنه إذا تبين أن عيارها غير قانوني فيتم إعادة تصديرها وذلك في أجل أقصاه شهران من تاريخ إعلام المورد بذلك. وفي صورة عدم تصديرها خلال تلك المدة، فإنها تعتبر متخلى عنها لفائدة الدولة.. كما نص المقترح على إلغاء القسم السادس من قانون 2005 الوارد تحت عنوان في آلات صب المعادن النفيسة بطريقة الضغط وكذلك إلغاء القسم السابع تحت عنوان في الضمان والمتضمن.
مراجعة العقوبات
وجاءت المبادرة التشريعية بمقترحات تعديل أحكام الباب الثالث من قانون المعادن النفيسة المتصلة بمعاينة المخالفات وتتبعها وزجرها ونص على إحداث مجلس المصوغ التونسي وهو مجلس مشترك بين الحرفيين والتجار هدفه غير مالي وتكون إدارته تحت إشراف المنظمات والهياكل المعنية بالقطاع وتتمثل أهدافه بالخصوص في تطوير قطاع المصوغ وتشجيع التوريد والتصدير وتطوير الكفاءات والتدخل في الخطايا والمخالفات وتنظيم معارض جهوية ووطنية ودولية ومراقبة المعادن النفيسة للتثبت من العيارات القانونية. ونص مقترح القانون المعروض على لجنة المالية والميزانية على إلغاء القسم الثاني من الباب الثالث تحت عنوان في العقوبات. وفي المقابل تضمن فصلا جديدا قام على التدرج في العقوبات لتصل إلى تكسير البضاغة واستصفائها لفائدة الدولة وشطب نهائي من المهنة كما أتاح مقترح القانون إمكانية الصلح قبل صدور أحكام باتة وفي حال تنفيذ الصلح يسقط التتبع وتنقرض الدعوى العمومية.
ويذكر أنه بالعودة إلى قانون 2005 في صيغته الحالية يمكن الإشارة إلى أن قسم العقوبات نص على عقوبات سالبة للحرية مع خطايا مالية، حيث يعاقب بالسجن لمدة عشرة أعوام وبخطية قدرها 50.000 دينار كل من يتولى صنع طوابع مقلّدة للطوابع القانونية الخاصة بالمعادن النفيسة. ويعاقب بالسجن لمدة ستة أعوام وبخطية قدرها 30.000 دينار كل من يتولى مسك أو استعمال طوابع مقلدة للطوابع القانونية الخاصة بالمعادن النفيسة ويعاقب بالسجن لمدة خمسة أعوام وبخطية قدرها 20.000 دينار كل من يتولى صنع طوابع عرف مقلّدة، ويعاقب بالسجن لمدة ثلاثة أعوام وبخطية قدرها 10.000 دينار كل من يتولى مسك أو استعمال طوابع عرف مقلدة، ويعاقب بالسجن لمدة خمسة أعوام كل شخص لا ينتمي إلى مكتب الضمان يتولى وضع الطوابع القانونية. وتضاعف العقوبة المذكورة بالنسبة إلى كل عون تابع لمكتب الضمان يتعمد وضع الطوابع القانونية بشروط مخالفة لأحكام القانون والنصوص المطبقة له.
ونص نفس القانون الصادر منذ سنة 2005 على أن يعاقب بالسجن لمدة عامين وبخطية قدرها 20.000 دينار وباستصفاء المصنوعات كل شخص طبيعي أو معنوي يتولى عادة شراء المعادن النفيسة أو بيعها أو تحويلها أو صنعها أو قبولها على وجه الإيداع أو لغاية إصلاحها في حال قيامهم بصنع أو مسك أو بيع مصنوعات تحمل علامات طوابع مقلدة لطوابع قانونية أو مصنوعات تكون علامة الطابع القانوني قد أقحمت فيها أو تكون ملحومة أو منسوخة. وتسلط نفس العقوبات على كل شخص يتعمد تقديم مصنوعات من معادن محشوة بمادة دخيلة أو بمادة ذات عيار ناقص إلى مكتب الضمان. ويعاقب بخطية تساوي ضعف ثمن المصنوعات في تاريخ المعاينة علاوة على استصفائها كل شخص طبيعي أو معنوي يتولى عادة شراء المعادن النفيسة أو بيعها أو تحويلها أو صنعها أو قبولها على وجه الإيداع أو لغاية إصلاحها عند مسك أو بيع مصنوعات تامة الصنع لا تحمل الطوابع القانونية كما تضمن قانون 2005 عدة عقوبات مالية أخرى..
التصرف في المحجوز
وفي علاقة بالتشريعات المنظمة لقطاع المصوغ، كان مجلس نواب الشعب صادق يوم 14 فيفري 2024 على مشروع قانون تم من خلاله إدخال تعديلات طفيفة على قانون المعادن النفيسة تمثلت في إضافة الفصل 21 مكرّر من أجل تقييم الكميات المحجوزة لدى قباض المالية والديوانة والمصنوعات التي تمتلكها الدولة بموجب الرهن أو المصادرة للتصرف فيها وتوفير موارد لميزانية الدولة، وبمقتضى هذا الفصل أصبح بإمكان مصالح وزارة المالية تقديم المصنوعات من المعادن النفيسة لمكتب الضّمان داخل علبة مختومة بعد وزنها وتحرير محضر جرد فيها يتضمّن قيمتها الأولية، قصد تعييرها وطبعها مع إعفاء هذه العمليّات من دفع إتاوة التعيير ومعلوم الضّمان..
سعيدة بوهلال
ـ الناطق الرسمي باسم المجمع المهني للمصوغ: نحن مع قانون يضع حدا للوبيات التي تتحكم في قطاع الذهب
ـ رئيس الغرفة النقابية الوطنية لتجار المصوغ يطالب البرلمان بتشريك أهل المهنة
تونس- الصباح
تعهدت لجنة المالية والميزانية بدراسة مبادرة تشريعية جديدة تضمنت 44 فصلا تقدم بها عدد من النواب بهدف تنقيح وإتمام القانون عدد 17 لسنة 2005 المؤرخ في 1 مارس 2005 المتعلّق بالمعادن النفيسة.
وشملت مقترحات التعديل جل فصول القانون المذكور وهو ما سيتطلب من اللجنة تعميق النظر فيه واستشارة المعنيين به ومن بينهم الأطراف المهنية.
وفي تصريح لـ"الصباح" أكد حاتم بن يوسف رئيس الغرفة النقابية الوطنية لتجار المصوغ الراجعة بالنظر إلى الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية على ضرورة تشريك منظمته لأن أهل مكة أدرى بشعابها حسب تعبيره. وبين أنه يثمن تفكير نواب الشعب في مراجعة قانون 2005 هذا القانون الجائر والمسقط والذي تم إعداده في غرف مغلقة من قبل أشخاص ليس لديهم دراية بالقطاع.
واستدرك قائلا إنه يدعو لجنة المالية والميزانية بكل إلحاح إلى إرسال المبادرة التشريعية الجديدة إلى الإتحاد لكي يبدي فيها رأيه. وأكد أنه بصفته رئيسا للغرفة النقابية الوطنية لتجار المصوغ لم يطلع بعد على مضامينها لذلك وبالنظر إلى أهميتها البالغة فهو يريد من اللجنة البرلمانية أن تعقد جلسة استماع إلى ممثلي الإتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية قبل المرور للتصويت على فصولها وذكر أن الغرفة تمثل تجار المضوغ في 18 ولاية بما فيها ولايات تونس الكبرى ومن غير المنطقي عدم استشارتها.
وأضاف أنه عندما يتأكد لأهل المهنة أن مقترح القانون سيحقق الفائدة المرجوة من أجل النهوض بالقطاع فإنهم بالضرورة سيساندونه لأنهم عانوا كثيرا من قانون 2005 "التعسفي والسالب للحريات"، فهذا القانون وإضافة إلى أنه كبل المهنيين تسبب في الزج بمديرين عامين في السجن، وحتى الدولة تضررت منه والدليل على ذلك أنه تم مؤخرا اللجوء إلى تنقيحه من أجل تسهيل أعمال مصالح وزارة المالية حيال المعادن النفيسة المحجوزة.
وخلص بن يوسف إلى أن اتحاد الأعراف يريد تحرير قطاع المصوغ ويرغب في أن تتم مراعاة خصوصيات سوق الذهب لأن الأسعار العالمية للذهب تتغير من يوم إلى آخر وفي ظل عدم استقرار الأسعار يصعب تحديد مداخيل التجار التي على أساسها يتم احتساب الضرائب.
لوبيات متحكمة في القطاع
أما محمد السّقا الناطق الرسمي باسم المجمع المهني للمصوغ الراجع بالنظر إلى كنفدرالية المؤسسات المواطنة التونسية "كوناكت" فعبر عن ارتياحه للمبادرة التشريعية الجديدة المتعلقة بتقيح قانون المعادن النفيسة الصادر سنة 2005.
وأشار في تصريح لـ"الصباح" إلى أنه تم إعداد هذه المبادرة بطريقة تشاركية مع مختلف الأطراف المهنية ووقع الأخذ بعين الاعتبار لمقترحات منظمة كوناكت، وقال إن المجمع المهني للمصوغ موافق عليها، ولكنه يرغب من لجنة المالية والميزانية التي تعهدت بدارستها في أن تبرمج جلسة استماع إلى ممثلي المجمع المهني للمصوغ حتى يكون نواب الشعب على بينة من أمرهم قبل الذهاب للتصويت عليها في جلسة عامة.
وأضاف السّقا أن الغاية الوحيدة من القانون الجديد حسب رأيه يجب أن تكون خدمة مصلحة البلاد والنهوض باقتصادها وبقطاع المصوغ. وبين أنه مع قانون جديد يضع حدا للتهرب الجبائي والتهريب وكذلك اللوبيات التي تتحكم في قطاع المصوغ في تونس.
لماذا تنقيح قانون 2005؟
فسر أصحاب المبادرة التشريعية في وثيقة شرح أسباب مقترح القانون المعروض حاليا على أنظار لجنة المالية والميزانية، أنهم يريدون من خلال تنقيح وإتمام قانون المعادن النفيسة ملاءمة هذا القانون مع دستور 2022 نظرا لأن القانون المذكور والأوامر الترتيبية المرافقة له تضمنت عدة نقاط لا دستورية في علاقة بالحقوق والحريات وخاصة حق الملكية إلى جانب التناسب بين الخطأ والعقوبة. وإضافة إلى ذلك فإن وضعية قطاع المصوغ في تونس حسب رأيهم تشهد تدهورا مستمرا نظرا للنقائص الموجودة على عدة مستويات، فعلى مستوى صناعة الذهب يمثل طابع المطابقة مشكلا بالنظر إلى وجود الطابع المدلس بصفة كبيرة في السوق كما أن هذا الطابع مع طابع الوزن يشكو من مشاكل تقنية ففي بعض الأحيان يكون حجم الطابع أكبر من المساحة المخصصة للطباعة مما ينتج عنه طبع جزء فقط من الطابع كما يمكن أن يحدث هذا الطابع أضرارا بالمصوغ تجعله لا يحمي التاجر أو الحرفي من جهة ويعطل من جهة أخرى عملية صنع مصوغ ذي جودة عالية فضلا عن عزوف الحرفيين الماهرين والشباب عن الناشط في قطاع المصوغ نظرا لكثرة التضييقات عليه.
ومن بين النقائص الأخرى التي تحدث عنها النواب في وثيقة شرح أسباب مبادرتهم التشريعية، التجارة الموازية والطابع المدلس والعيار المغشوش وبيع الذهب التونسي المكسر في الأسواق المجاورة وهي ظاهرة في تزايد مستمر وتسببت في تشويه سمعة أصحاب المهنة والإضرار بصانعي المصوغ الشرفاء. كما أشار النواب إلى التطور الملحوظ لقطاع المصوغ على مستوى الجودة والابتكار خلال الفترة الممتدة من 2011 إلى 2019 إثر توفر المادة الأولية عن طريق السماح باستعمال الذهب المعد للتكسير غير الحامل للطابع القانوني.
ولدى حديثهم عن المستوى الاقتصادي أشار النواب أصحاب المبادرة التشريعية إلى أن سعر الذهب في ارتفاع مستمر نتيجة الأسعار العالمية، وبينوا أن سعر الذهب الخام وصل يوم 7 ماي 2024 إلى 233 دينار للغرام الواحد، ولاحظوا أن هناك بعض المهن في مجال الصناعات التقليدية مثل اللباس التقليدي المطرز بالفضة والذهب مهددة بالاندثار، فالطلب على الذهب يفوق كمية الذهب المفوترة في الأسواق أي أن الطلب أكثر من العرض.
أما على مستوى البنك المركزي التونسي فهناك حسب ما أشار إليه أصحاب المبادرة التشريعية منافسة غير شرعية وعدم تكافؤ الفرص بين الحرفيين حيث يتم منح حصص متساوية من الذهب بحساب مائة غرام كل شهرين لكل حرفي حامل لطابع العرف دون مراعاة حجم التجارة لدى كل حرفي.
أصحاب المبادرة
وتحمل المبادرة التشريعية المتعلقة بتنقيح وإتمام القانون عدد 17 لسنة 2005 المؤرخ في غرة مارس 2005 المتعلق بالمعادن النفيسة إمضاء النواب الآتي ذكرهم معز برك الله وصابر المصمودي وسيرين المرابط وعصام شوشان وهالة جاب الله وأنور المرزوقي وظافر صغيري وسوسن مبروك وياسين مامي وحسن جربوعي ووليد حاجي ويسري البواب ونجلاء اللحياني وغسان يامون وعبد الرزاق عويدات ومها عامر وفخر الدين فضلون وعمر بن عمر وصابر الجلاصي ويوسف التومي وخالد حكيم مبروكي وعبد القادر بن زينب وحسن بوسامة ونبيه ثابت وصالح السالمي وحاتم لباوي ومسعود قريرة وزينة جيب الله وسامي الرايس ورياض بلال وماهر الكتاري وطارق الربعي.
ويراد بالمعادن النفيسة وفق ما جاء في الفصل الأول من المبادرة التشريعية المعروضة على لجنة المالية والميزانية التي يرأسها النائب عصام شوشان، الذهب والفضة والبلاتين. وتعد المعادن النادرة من أريديوم وبلاديوم وروتنيوم وروديوم وأمنيوم الممزوجة بالبلاتين في المناجم بمثابة البلاتين. ولا تتعدى نسبة المعادن المضافة إلى البلاتين خمسة أجزاء من المائة. وتنطبق القواعد المتعلقة بمصنوعات من الذهب على المصنوعات من الذهب الرمادي والأسميور والبلاتينور والبلاتور والذهب الذي يتخلله البلاديور وكل مخالط معادن مهما كانت تسميتها التي يضم فيها الذهب كمعدن أساسي إلى معادن أخرى، سواء كانت نفيسة أم لا، بغية إكسابه ظاهر البلاتين.
إلغاء عدة فصول
وتضمن مقترح القانون العديد من التعديلات على باب الأحكام العامة الذي يحتوي على قسم للتعريف بالمعادن النفيسة الذهب والفضة والبلاتين وقسم للتعريف بالعيارات، وكذلك على الباب الثاني المتعلق بتنظيم القطاع وفيه قسم تم من خلاله تحديد الواجبات العامة وقسم خاص بواجبات صانعي المصوغ وقسم ثالث تحت عنوان "في توريد الذهب وتوزيعه" وقسم رابع تعلق بتصدير المصنوعات من المعادن النفيسة وقسم خامس تحت عنوان "في المصنوعات المعدة للتكسير". واقترح أصحاب المبادرة التشريعية حذف الفصل السادس الذي يوجب على كل شخص طبيعي أو معنوي يتولى عادة شراء المعادن النفيسة أو بيعها أو تحويلها أو صنعها أو قبولها على وجه الإيداع أو لغاية إصلاحها مسك دفتر محاسبية مواد مرقم ومؤشر عليه من قبل المصالح المختصة بوزارة المالية بكل محل وقع التصريح به تسجل فيه يوما بيوم ودون ترك بياض أو شطب أو إضافة جميع العمليات المتعلقة بالمواد النفيسة قصد الاستظهار به عند كل طلب من قبل أعوان وزارة المالية وذلك باستثناء المصنوعات من الفضة، وتم اقتراح إلغاء الفصل العاشر الذي ينص على أنه يحجّر استعمال طابع العرف عند التوقف النهائي عن النشاط أو عند وفاة صانع المصوغ، وعلى أنه يتعين إرجاعه من قبل صاحبه أو حائزه إلى مكتب الضمان، في أجل أقصاه ثلاثون يوما ابتداء من تاريخ التصريح بالتوقف النهائي عن النشاط أو تاريخ الحوز.
ويتعين خلال نفس الأجل التصريح بكميات المعادن النفيسة والمصنوعات من المعادن النفيسة التي لم يتم تقديمها لمكتب الضمان. ويمكن لمكتب الضمان أن يأذن للمعني بالأمر بالتفويت فيها شريطة أن يتم ذلك لفائدة شخص آخر حامل لطابع العرف.
ونص مقترح القانون الجديد على إلغاء الفصل 12 الذي يلزم كل شخص مورد لمصنوعات من معادن نفيسة أن يقدمها إلى الديوانة عند الدخول لتتولى مصالح الديوانة وزنها وتحرير محضر جرد فيها وتقديمها إلى مكتب الضمان داخل علبة مختومة قصد طبعها. ويتم إرجاع هذه المصنوعات إلى مصالح الديوانة بعد طبعها قصد دفع المعاليم والأداءات المستوجبة عند التوريد وفقا لإجراءات التجارة الخارجية والصرف الجاري بها العمل. غير أنه إذا تبين أن عيارها غير قانوني فيتم إعادة تصديرها وذلك في أجل أقصاه شهران من تاريخ إعلام المورد بذلك. وفي صورة عدم تصديرها خلال تلك المدة، فإنها تعتبر متخلى عنها لفائدة الدولة.. كما نص المقترح على إلغاء القسم السادس من قانون 2005 الوارد تحت عنوان في آلات صب المعادن النفيسة بطريقة الضغط وكذلك إلغاء القسم السابع تحت عنوان في الضمان والمتضمن.
مراجعة العقوبات
وجاءت المبادرة التشريعية بمقترحات تعديل أحكام الباب الثالث من قانون المعادن النفيسة المتصلة بمعاينة المخالفات وتتبعها وزجرها ونص على إحداث مجلس المصوغ التونسي وهو مجلس مشترك بين الحرفيين والتجار هدفه غير مالي وتكون إدارته تحت إشراف المنظمات والهياكل المعنية بالقطاع وتتمثل أهدافه بالخصوص في تطوير قطاع المصوغ وتشجيع التوريد والتصدير وتطوير الكفاءات والتدخل في الخطايا والمخالفات وتنظيم معارض جهوية ووطنية ودولية ومراقبة المعادن النفيسة للتثبت من العيارات القانونية. ونص مقترح القانون المعروض على لجنة المالية والميزانية على إلغاء القسم الثاني من الباب الثالث تحت عنوان في العقوبات. وفي المقابل تضمن فصلا جديدا قام على التدرج في العقوبات لتصل إلى تكسير البضاغة واستصفائها لفائدة الدولة وشطب نهائي من المهنة كما أتاح مقترح القانون إمكانية الصلح قبل صدور أحكام باتة وفي حال تنفيذ الصلح يسقط التتبع وتنقرض الدعوى العمومية.
ويذكر أنه بالعودة إلى قانون 2005 في صيغته الحالية يمكن الإشارة إلى أن قسم العقوبات نص على عقوبات سالبة للحرية مع خطايا مالية، حيث يعاقب بالسجن لمدة عشرة أعوام وبخطية قدرها 50.000 دينار كل من يتولى صنع طوابع مقلّدة للطوابع القانونية الخاصة بالمعادن النفيسة. ويعاقب بالسجن لمدة ستة أعوام وبخطية قدرها 30.000 دينار كل من يتولى مسك أو استعمال طوابع مقلدة للطوابع القانونية الخاصة بالمعادن النفيسة ويعاقب بالسجن لمدة خمسة أعوام وبخطية قدرها 20.000 دينار كل من يتولى صنع طوابع عرف مقلّدة، ويعاقب بالسجن لمدة ثلاثة أعوام وبخطية قدرها 10.000 دينار كل من يتولى مسك أو استعمال طوابع عرف مقلدة، ويعاقب بالسجن لمدة خمسة أعوام كل شخص لا ينتمي إلى مكتب الضمان يتولى وضع الطوابع القانونية. وتضاعف العقوبة المذكورة بالنسبة إلى كل عون تابع لمكتب الضمان يتعمد وضع الطوابع القانونية بشروط مخالفة لأحكام القانون والنصوص المطبقة له.
ونص نفس القانون الصادر منذ سنة 2005 على أن يعاقب بالسجن لمدة عامين وبخطية قدرها 20.000 دينار وباستصفاء المصنوعات كل شخص طبيعي أو معنوي يتولى عادة شراء المعادن النفيسة أو بيعها أو تحويلها أو صنعها أو قبولها على وجه الإيداع أو لغاية إصلاحها في حال قيامهم بصنع أو مسك أو بيع مصنوعات تحمل علامات طوابع مقلدة لطوابع قانونية أو مصنوعات تكون علامة الطابع القانوني قد أقحمت فيها أو تكون ملحومة أو منسوخة. وتسلط نفس العقوبات على كل شخص يتعمد تقديم مصنوعات من معادن محشوة بمادة دخيلة أو بمادة ذات عيار ناقص إلى مكتب الضمان. ويعاقب بخطية تساوي ضعف ثمن المصنوعات في تاريخ المعاينة علاوة على استصفائها كل شخص طبيعي أو معنوي يتولى عادة شراء المعادن النفيسة أو بيعها أو تحويلها أو صنعها أو قبولها على وجه الإيداع أو لغاية إصلاحها عند مسك أو بيع مصنوعات تامة الصنع لا تحمل الطوابع القانونية كما تضمن قانون 2005 عدة عقوبات مالية أخرى..
التصرف في المحجوز
وفي علاقة بالتشريعات المنظمة لقطاع المصوغ، كان مجلس نواب الشعب صادق يوم 14 فيفري 2024 على مشروع قانون تم من خلاله إدخال تعديلات طفيفة على قانون المعادن النفيسة تمثلت في إضافة الفصل 21 مكرّر من أجل تقييم الكميات المحجوزة لدى قباض المالية والديوانة والمصنوعات التي تمتلكها الدولة بموجب الرهن أو المصادرة للتصرف فيها وتوفير موارد لميزانية الدولة، وبمقتضى هذا الفصل أصبح بإمكان مصالح وزارة المالية تقديم المصنوعات من المعادن النفيسة لمكتب الضّمان داخل علبة مختومة بعد وزنها وتحرير محضر جرد فيها يتضمّن قيمتها الأولية، قصد تعييرها وطبعها مع إعفاء هذه العمليّات من دفع إتاوة التعيير ومعلوم الضّمان..