إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

منها التعويضات والمخالفات.. تفاصيل مشروع قانون البنايات المتداعية للسقوط في صيغته المعدلة

 

تونس- الصباح

قرر مكتب مجلس نواب الشعب عرض تقرير لجنة التخطيط الاستراتيجي والتنمية المستدامة والنقل والبنية التحتية والتهيئة العمرانية حول مشروع القانون المتعلق بالبنايات المتداعية للسقوط على الجلسة العامة المزمع عقدها يومي الثلاثاء والأربعاء 18 و19 جوان الجاري، وهو مشروع صادق عليه مجلس الوزراء بإشراف رئيسة الحكومة السابقة نجلاء بودن في 27 أفريل 2023 وأحاله المكتب إلى اللجنة المختصة بتاريخ 7 نوفمبر 2023.

ويهدف مشروع القانون في صيغته المعدلة من قبل اللجنة إلى ضبط الشروط والصيغ والأطراف المتدخلة بالبنايات المتداعية للسقوط قصد إخلائها وترميمها ترميما ثقيلا أو هدمها وإعادة بنائها وإن اقتضى الأمر انتزاعها، والإجراءات الكفيلة لدرء الخطر ولضمان حقوق المالكين أو المتسوغين أو الشاغلين ومتطلبات الحفاظ على النظام العام. كما يضبط صيغ التدخل في إطار عمليات جماعية لإعادة البناء والتجديد والاستصلاح والتهذيب.

ويقصد بالبناية المتداعية للسقوط كل بناية أو جزء من بناية مهما كانت وضعيتها شاغرة أو مشغولة، أثبتت المعاينة الميدانية والاختبار الفني أنها تهدد بالانهيار وتشكل خطرا على شاغليها أو الأجوار أو الغير أو على الممتلكات العامة أو الخاصة، وتتطلب التدخل بترميمها ترميما ثقيلا أو بهدمها كليا أو جزئيا استنادا إلى تقرير اختبار فني يعد في الغرض.

وتضمن مشروع القانون معدلا 41 فصلا. وحسب ما جاء في تقرير اللجنة فإنها صادقت بإجماع الحاضرين على أغلب الفصول في صيغتها الأصلية كما وردت من جهة المبادرة، وهي الفصول 1 و3 و4 و5 و9 و12 و13 و15 و17 و19 و21 و22 والفصول من 24 إلى 30 ومن 32 إلى 36 والفصل 40. كما صادقت بإجماع الحاضرين وبالتوافق مع وزارة التجهيز والإسكان على فصول في صيغة معدلة وهي الفصول 2 و6 و10 و11 و14 و16 و23 و31 و37 و38 و39 ، وفي المقابل تمسكت اللجنة بمقترحاتها التعديلية لخمسة فصول أخرى وهي الفصول 7 و8 و18 و20 و41، وهذا يعني أن هناك خمسة فصول خلافية تم رفعها للجلسة العامة لتقول فيها الكلمة الأخيرة على اعتبار أن الجلسة العامة تبقى سيدة نفسها.

معاينة المباني المتداعية

ويظل الفصل السابع من أبرز الفصول الخلافية التي حظيت بنقاش مستفيض خاصة مع ممثلي وزارتي التجهيز والإسكان والشؤون الثقافية وهو يتعلق بالمعاينات والاختبارات الفنية ونص هذا الفصل في صيغته المعدلة المنتظر عرضها على التصويت خلال الجلسة العامة المرتقبة على أنه يتعين على ممثل الوزارة المكلفة بالتراث التنصيص وجوبا ضمن محضر المعاينة إذا كانت البناية ذات خصوصية تاريخية أو تراثية أو معمارية وفي تلك الحالة فإنه لا يمكن لرئيس البلدية اتخاذ أي قرار بشأنها باستثناء قرارات الإخلاء الفوري والقيام بالإجراءات الوقائية الاستعجالية بالتنسيق مع السلط المحلية والجهوية إلا بناء على الرأي المطابق للوزير المكلف بالتراث وذلك في أجل أقصاه شهرا من تاريخ إحالة محضر معاينة البناية المتداعية للسقوط. أما إذا كانت البناية موضوع المعاينة محمية أو مرتبة أو بجوار معلم تاريخي مرتب أو محمي أو داخل حدود الموقع الثقافي أو داخل المناطق المصونة فإنه يتعين على رئيس البلدية إحالة محضر المعاينة المذكور إلى الوزارة المكلفة بالتراث في أجل لا يتجاوز ثلاثة أيام من تاريخ إمضائه قصد اتخاذ الإجراءات اللازمة طبقا لأحكام مجلة حماية التراث الأثري والتاريخي والفنون التقليدية.

التعويضات

وبين الأحكام الأخرى التي تكتسي أهمية كبيرة لدى المعنيين بالمباني المتداعية للسقوط تلك المتصلة بتعويض شاغلي هذه البنايات، وحسب ما جاء في مشروع القانون في صيغته المعدلة فإنه خلافا لأحكام الفصل الخامس من القانون عدد 35 لسنة 1976 المتعلق بضبط العلاقات بين المالكين والمكترين لمحلات معدة للسكنى أو الحرفة أو الإدارة العمومية وأحكام الفصل 8 من القانون المتعلق بتنظيم العلاقات بين المتسوغين فيما يخص تجديد كراء العقارات أو المحلات ذات الاستعمال التجاري أو الصناعي أو المستعملة في الحرف، يجب على المالك أو المالكين وفي أجل أقصاه ثلاثة أشهر من تاريخ بلوغ قرار الإخلاء تعويض المتسوغين أو الشاغلين عن حسن نية للمحلات السكنية أو المعدة للإدارة العمومية بما يعادل معين كراء سنة بحسب معلوم الكراء المتداول بالمنطقة التي توجد بها البناية، وتعويض المتسوغين أو الشاغلين عن حسن نية للمحلات المعدة للحرفة وأصحاب الأصول التجارية بما يعادل معين كراء أربع سنوات بحسب معلوم الكراء المتداول بالمنطقة التي توجد بها البناية. ولا يحول عدم اتفاق المالك والشاغل على قيمة التعويض عند انقضاء أجل الثلاثة أشهر دون حلول البلدية محل المالك.

وفي صورة غياب المالك أو المالكين أو تقاعسهم أو عدم امتثالهم لتعويض المتسوغين أو الشاغلين عن حسن نية للمحلات السكنية أو المعدة للحرفة أو الإدارة أو المحلات التجارية تتولى البلدية تعويض الشاغلين بمعلوم الكراء المتداول بالمنطقة التي توجد بها البناية، ويتم تحديد معدّل معين الكراء المتداول طبقا لتقديرات خبير أملاك الدولة أو خبير مأذون به قضائيا.

كما تضمن مشروع القانون أحكاما تتعلق بإعادة إيواء المتساكنين وحق الأولوية في الكراء أو الشراء وبمقتضاها تتولى البلدية بالتعاون مع المصالح الإدارية المختصة في حالة الخطر الوشيك والمؤكد أو حالة الخطر الوشيك وبالتنسيق مع السلط المحلية والجهوية التكفل بإيواء الشاغلين وقتيا إلى حين تمكينهم من التعويضات. وتتولى البلدية بالتعاون مع المصالح الإدارية المختصة إعداد تقرير عن الحالة الاجتماعية للمتساكنين وإحالته إلى اللجنة المختصة التي يتم إحداثها بكل ولاية لتتولى النظر والتدقيق في الحالات الاجتماعية التي يستعصي على البلدية معالجتها والتي تستوجب حلولا في إطار البرامج الاجتماعية للهياكل العمومية ونص نفس المشروع على أن تضبط تركيبة هذه اللجنة ومشمولاتها وطرق سيرها بمقتضى أمر باقتراح من الوزير المكلف بالشؤون المحلية والوزير المكلف بالشؤون الاجتماعية والوزير المكلف بالإسكان.. ويتمتع المتسوغون للمحلات السكنية أو المعدة للحرفة والإدارة أو المحلات التجارية بحق أولوية الكراء أو الشراء بعد إعادة البناء أو الترميم الثقيل من قبل مالك العقار وذلك وفق معيّن كراء أو ثمن بيع جديدين وفي صورة عدم الاتفاق يصبح المالك في حل من هذا الالتزام.

ويتمتع مالك ومتسوغ وشاغل البناية المتداعية للسقوط التي تم انتزاعها في حدود ما تسمح به البناية الجديدة، بحق أولوية كراء أو شراء تلك المحلات السكنية أو المعدة للحرفة والإدارة أو التجارية بعد إعادة البناء أو الترميم الثقيل من قبل البلدية.

زجر المخالفين

ومقارنة بالصيغة الأصلية لمشروع القانون المتعلق بالمباني المتداعية للسقوط أدخلت لجنة التخطيط الاستراتيجي والتنمية المستدامة والنقل والبنية التحتية والتهيئة العمرانية بعض التعديلات على فصول الباب السادس المتعلق بالعقوبات ونصت فيه على أنه مع مراعاة العقوبات الجزائية الأخرى يعاقب المالك والمتسوغ والشاغل الذين أخلوا بواجب الإشعار بخطية مالية تساوي ألفي دينار. ويعاقب بخطية تساوي خمسة آلاف دينار كل مالك متقاعس عرّض الغير لضرر لم ينجر عنه القتل من جراء حالة بنايته المتداعية للسقوط، وتضاعف العقوبة إذا سبق للدولة أو البلدية أن وجّهت تنبيها للمالك لإعلامه بحالة البناية ووجوب إخلائها وترميمها أو هدمها ولم يستجب لذلك. ويعاقب بخطية تساوي عشرين ألف دينار كل مالك متقاعس عرّض الغير لضرر انجرّ عنه القتل من جراء حالة بنايته المتداعية للسقوط، وتضاعف العقوبة إذا سبق للدولة أو البلدية أن وجّهت تنبيها للمالك لإعلامه بحالة البناية ووجوب إخلائها وترميمها أو هدمها ولم يستجب لذلك. ويعاقب بخطية تساوي 50 ألف دينار كل مالك متقاعس عرض الغير لضرر انجر عنه القتل من جراء حالة بنايته المتداعية للسقوط وتضاعف العقوبة إذا سبق للدولة أو البلدية أن وجهت تنبيها للمالك لإعلامه بحالة البناية ووجوب إخلائها وتمريرها أو هدمها ولم يستجب لذلك ويعاقب بخطية تساوي عشرة آلاف دينار كل مالك أو شاغل لم يمتثل لقرار الإخلاء أو قرار الهدم الصادر عن البلدية ويعاقب بخطية مالية تساوي 20 ألف دينار كل متسوغ أو شاغل أثبت القضاء تعمده الإضرار بالبناية التي يشغلها لتصبح متداعية للسقوط.

إحصائيات تقديرية

وأشارت لجنة التخطيط الاستراتيجي والتنمية المستدامة والنقل والبنية التحتية والتهيئة العمرانية التي يرأسها النائب شفيق الزعفوري، في نفس التقرير إلى أن البنايات المتداعية للسقوط حسب آخر الإحصائيات المتوفرة بوزارة التجهيز والإسكان تمثل جزءا هاما من الرصيد السكني القائم بالمدن التونسية، إذ تمثل البنايات التي تم تشييدها قبل 1956 حوالي 6 بالمائة من مجمل هذا الرصيد بما يعادل 181 ألف وحدة مبنية تبعا للتعداد العام للسكان والسكنى لسنة 2014. وتتمركز النسبة الأهم للرصيد القديم بالمدن الكبرى خاصة في ولايات تونس الكبرى وبنزرت وصفاقس حيث تعد بلدية تونس حوالي 1000 عقار متداع للسقوط منها 100 عقار تتطلب الإخلاء الفوري، في حين تعد ولاية المهدية حوالي 530 عقارا متداعيا للسقوط منها 135 تتطلب الإخلاء الفوري، ويوجد في ولاية نابل حوالي 280 عقارا متداعيا للسقوط منها قرابة 48 عقارا تتطلب الإخلاء الفوري، بينما يبلغ عدد هذه العقارات في ولاية جندوبة حوالي 175 عقارا متداعيا للسقوط منها حوالي 40 عقارا تتطلب الإخلاء الفوري، أما في ولاية القيروان فتم إحصاء حوالي 90 عقارا متداعيا للسقوط منها حوالي 56 عقارا تتطلب الإخلاء الفوري. وأفادت اللجنة في تقريرها أن هذه الإحصائيات هي إحصائيات تقديرية تم ضبطها سنة 2023 حسب تقادم البنايات بزيادة نسبتها 3 بالمائة سنويا على امتداد 8 سنوات.

ونظرا لتفاقم وضعية البنايات المتداعية فقد تأكدت الحاجة إلى إيجاد إطار قانوني يمكن من معالجة هذه الوضعية ويستحث المالكين على صيانة عقاراتهم ليبقى تدخل البلدية فقط لدرء خطر مؤكد وفي حال تدخلها يتعين تمكينها من أفضل الآليات وأسرعها للحفاظ على سلامة المارة والمتساكنين مع إمكانية استرجاع مصاريفها عند القيام بالأشغال بناية عن أصحاب العقارات المتقاعسين.

كما أشار تقرير اللجنة الوارد في 161 صفحة إلى أنه تم من خلال مشروع القانون: التأكيد على الطابع الإداري لإجراءات التدخل لاستصدار وتنفيذ القرارات المتخذة في إطار التعهد بالبنيات المتداعية للسقوط سواء بالإخلاء أو الهدم أو الترميم الثقيل، وضبط مختلف إجراءات التدخل في حالة تداعي بناية للسقوط وإخضاع القرارات المتخذة في شأنها لرقابة القاضي الإداري، وإتاحة إمكانية اللجوء إلى الانتزاع من أجل المصلحة العمومية في إطار تدخل السلطة العامة لتفادي الكوارث بما فيها البنايات المتداعية للسقوط، وتحديد العمليات الجماعية التي يمكن أن تقوم بها الدولة مباشرة أو بإيكال المهمة إلى باعثين عقاريين عموميين لمساندة البلديات على التصدي لتفاقم ظاهرة البنايات المتداعية للسقوط ، وتحفيز المالكين على الانخراط في برامج شراكة مع الجماعة المحلية والدولة والباعثين العقاريين العموميين لهدم عقاراتهم وإعادة بنائها في إطار اتفاقيات تبرم للغرض مع منح ضمانات للمالك والشاغل في مواجهة الإجراءات الإدارية المتخذة في إطار التدخل في البنايات المهددة بالسقوط.

وأفادت اللجنة أنه بالنظر إلى الأهمية البالغة التي يكتسيها مشروع القانون المتعلق بالبنايات المتداعية للسقوط سواء من حيث الأهداف التي يرمي إليها أو من حيث أبعاده المختلفة التي تتداخل فيها عديد الأطراف والجهات فقد حظي بعناية كبيرة واهتمام بالغ من قبلها ولدراسته عقدت 14 جلسة استغرقت 49 ساعة على مدى خمسة أشهر واستمعت إلى وزيرة التجهيز والإسكان وإلى ممثلين عن وزارة الداخلية ووزارة أملاك الدولة والشؤون العقارية ووزارة الشؤون الاجتماعية ووزارة الشؤون الثقافية وممثلين عن هيئة المهندسين المعماريين وعمادة المهندسين التونسيين وممثلين عن جمعية صيانة مدينة تونس واللجنة الوطنية التونسية للمجلس الدولي للمعالم والمواقع وجمعية مباني وذاكرات.

وأتاح مكتب مجلس نواب الشعب للكتل البرلمانية متسعا من الوقت لتدارس تقرير لجنة التخطيط الاستراتيجي والتنمية المستدامة والنقل والبنية التحتية والتهيئة العمرانية وللتدقيق في مضامين مشروع القانون في صيغته المعدلة، وفي حال مصادقة الجلسة العامة عليه يوم 19 جوان سيتيح ذلك لمختلف الأطراف المعنية بالمباني المتداعية للسقوط التدخل قبل مقدم غسالة النوادر التي طالما أرعبت شاغلي تلك البنايات خاصة بعد حادثة انهيار بناية في سوسة سنة 2018 والتي تسببت في وفاة ثلاثة أشخاص.

ولكن لا بد من الإشارة إلى أنه بناء على الفصل الأخير من مشروع القانون الوارد في باب الأحكام الانتقالية وهو من الفصول الخلافية، لا تنسحب أحكام القانون الجديد على البنايات المتداعية للسقوط الصادرة في شأنها قرارات إخلاء وهدم في تاريخ دخوله حيز التنفيذ إلا بعد معاينتها مجددا من قبل اللجنة الفنية.

سعيدة بوهلال

 

 

 

 

 

 

 

 

منها التعويضات والمخالفات..   تفاصيل مشروع قانون البنايات المتداعية للسقوط في صيغته المعدلة

 

تونس- الصباح

قرر مكتب مجلس نواب الشعب عرض تقرير لجنة التخطيط الاستراتيجي والتنمية المستدامة والنقل والبنية التحتية والتهيئة العمرانية حول مشروع القانون المتعلق بالبنايات المتداعية للسقوط على الجلسة العامة المزمع عقدها يومي الثلاثاء والأربعاء 18 و19 جوان الجاري، وهو مشروع صادق عليه مجلس الوزراء بإشراف رئيسة الحكومة السابقة نجلاء بودن في 27 أفريل 2023 وأحاله المكتب إلى اللجنة المختصة بتاريخ 7 نوفمبر 2023.

ويهدف مشروع القانون في صيغته المعدلة من قبل اللجنة إلى ضبط الشروط والصيغ والأطراف المتدخلة بالبنايات المتداعية للسقوط قصد إخلائها وترميمها ترميما ثقيلا أو هدمها وإعادة بنائها وإن اقتضى الأمر انتزاعها، والإجراءات الكفيلة لدرء الخطر ولضمان حقوق المالكين أو المتسوغين أو الشاغلين ومتطلبات الحفاظ على النظام العام. كما يضبط صيغ التدخل في إطار عمليات جماعية لإعادة البناء والتجديد والاستصلاح والتهذيب.

ويقصد بالبناية المتداعية للسقوط كل بناية أو جزء من بناية مهما كانت وضعيتها شاغرة أو مشغولة، أثبتت المعاينة الميدانية والاختبار الفني أنها تهدد بالانهيار وتشكل خطرا على شاغليها أو الأجوار أو الغير أو على الممتلكات العامة أو الخاصة، وتتطلب التدخل بترميمها ترميما ثقيلا أو بهدمها كليا أو جزئيا استنادا إلى تقرير اختبار فني يعد في الغرض.

وتضمن مشروع القانون معدلا 41 فصلا. وحسب ما جاء في تقرير اللجنة فإنها صادقت بإجماع الحاضرين على أغلب الفصول في صيغتها الأصلية كما وردت من جهة المبادرة، وهي الفصول 1 و3 و4 و5 و9 و12 و13 و15 و17 و19 و21 و22 والفصول من 24 إلى 30 ومن 32 إلى 36 والفصل 40. كما صادقت بإجماع الحاضرين وبالتوافق مع وزارة التجهيز والإسكان على فصول في صيغة معدلة وهي الفصول 2 و6 و10 و11 و14 و16 و23 و31 و37 و38 و39 ، وفي المقابل تمسكت اللجنة بمقترحاتها التعديلية لخمسة فصول أخرى وهي الفصول 7 و8 و18 و20 و41، وهذا يعني أن هناك خمسة فصول خلافية تم رفعها للجلسة العامة لتقول فيها الكلمة الأخيرة على اعتبار أن الجلسة العامة تبقى سيدة نفسها.

معاينة المباني المتداعية

ويظل الفصل السابع من أبرز الفصول الخلافية التي حظيت بنقاش مستفيض خاصة مع ممثلي وزارتي التجهيز والإسكان والشؤون الثقافية وهو يتعلق بالمعاينات والاختبارات الفنية ونص هذا الفصل في صيغته المعدلة المنتظر عرضها على التصويت خلال الجلسة العامة المرتقبة على أنه يتعين على ممثل الوزارة المكلفة بالتراث التنصيص وجوبا ضمن محضر المعاينة إذا كانت البناية ذات خصوصية تاريخية أو تراثية أو معمارية وفي تلك الحالة فإنه لا يمكن لرئيس البلدية اتخاذ أي قرار بشأنها باستثناء قرارات الإخلاء الفوري والقيام بالإجراءات الوقائية الاستعجالية بالتنسيق مع السلط المحلية والجهوية إلا بناء على الرأي المطابق للوزير المكلف بالتراث وذلك في أجل أقصاه شهرا من تاريخ إحالة محضر معاينة البناية المتداعية للسقوط. أما إذا كانت البناية موضوع المعاينة محمية أو مرتبة أو بجوار معلم تاريخي مرتب أو محمي أو داخل حدود الموقع الثقافي أو داخل المناطق المصونة فإنه يتعين على رئيس البلدية إحالة محضر المعاينة المذكور إلى الوزارة المكلفة بالتراث في أجل لا يتجاوز ثلاثة أيام من تاريخ إمضائه قصد اتخاذ الإجراءات اللازمة طبقا لأحكام مجلة حماية التراث الأثري والتاريخي والفنون التقليدية.

التعويضات

وبين الأحكام الأخرى التي تكتسي أهمية كبيرة لدى المعنيين بالمباني المتداعية للسقوط تلك المتصلة بتعويض شاغلي هذه البنايات، وحسب ما جاء في مشروع القانون في صيغته المعدلة فإنه خلافا لأحكام الفصل الخامس من القانون عدد 35 لسنة 1976 المتعلق بضبط العلاقات بين المالكين والمكترين لمحلات معدة للسكنى أو الحرفة أو الإدارة العمومية وأحكام الفصل 8 من القانون المتعلق بتنظيم العلاقات بين المتسوغين فيما يخص تجديد كراء العقارات أو المحلات ذات الاستعمال التجاري أو الصناعي أو المستعملة في الحرف، يجب على المالك أو المالكين وفي أجل أقصاه ثلاثة أشهر من تاريخ بلوغ قرار الإخلاء تعويض المتسوغين أو الشاغلين عن حسن نية للمحلات السكنية أو المعدة للإدارة العمومية بما يعادل معين كراء سنة بحسب معلوم الكراء المتداول بالمنطقة التي توجد بها البناية، وتعويض المتسوغين أو الشاغلين عن حسن نية للمحلات المعدة للحرفة وأصحاب الأصول التجارية بما يعادل معين كراء أربع سنوات بحسب معلوم الكراء المتداول بالمنطقة التي توجد بها البناية. ولا يحول عدم اتفاق المالك والشاغل على قيمة التعويض عند انقضاء أجل الثلاثة أشهر دون حلول البلدية محل المالك.

وفي صورة غياب المالك أو المالكين أو تقاعسهم أو عدم امتثالهم لتعويض المتسوغين أو الشاغلين عن حسن نية للمحلات السكنية أو المعدة للحرفة أو الإدارة أو المحلات التجارية تتولى البلدية تعويض الشاغلين بمعلوم الكراء المتداول بالمنطقة التي توجد بها البناية، ويتم تحديد معدّل معين الكراء المتداول طبقا لتقديرات خبير أملاك الدولة أو خبير مأذون به قضائيا.

كما تضمن مشروع القانون أحكاما تتعلق بإعادة إيواء المتساكنين وحق الأولوية في الكراء أو الشراء وبمقتضاها تتولى البلدية بالتعاون مع المصالح الإدارية المختصة في حالة الخطر الوشيك والمؤكد أو حالة الخطر الوشيك وبالتنسيق مع السلط المحلية والجهوية التكفل بإيواء الشاغلين وقتيا إلى حين تمكينهم من التعويضات. وتتولى البلدية بالتعاون مع المصالح الإدارية المختصة إعداد تقرير عن الحالة الاجتماعية للمتساكنين وإحالته إلى اللجنة المختصة التي يتم إحداثها بكل ولاية لتتولى النظر والتدقيق في الحالات الاجتماعية التي يستعصي على البلدية معالجتها والتي تستوجب حلولا في إطار البرامج الاجتماعية للهياكل العمومية ونص نفس المشروع على أن تضبط تركيبة هذه اللجنة ومشمولاتها وطرق سيرها بمقتضى أمر باقتراح من الوزير المكلف بالشؤون المحلية والوزير المكلف بالشؤون الاجتماعية والوزير المكلف بالإسكان.. ويتمتع المتسوغون للمحلات السكنية أو المعدة للحرفة والإدارة أو المحلات التجارية بحق أولوية الكراء أو الشراء بعد إعادة البناء أو الترميم الثقيل من قبل مالك العقار وذلك وفق معيّن كراء أو ثمن بيع جديدين وفي صورة عدم الاتفاق يصبح المالك في حل من هذا الالتزام.

ويتمتع مالك ومتسوغ وشاغل البناية المتداعية للسقوط التي تم انتزاعها في حدود ما تسمح به البناية الجديدة، بحق أولوية كراء أو شراء تلك المحلات السكنية أو المعدة للحرفة والإدارة أو التجارية بعد إعادة البناء أو الترميم الثقيل من قبل البلدية.

زجر المخالفين

ومقارنة بالصيغة الأصلية لمشروع القانون المتعلق بالمباني المتداعية للسقوط أدخلت لجنة التخطيط الاستراتيجي والتنمية المستدامة والنقل والبنية التحتية والتهيئة العمرانية بعض التعديلات على فصول الباب السادس المتعلق بالعقوبات ونصت فيه على أنه مع مراعاة العقوبات الجزائية الأخرى يعاقب المالك والمتسوغ والشاغل الذين أخلوا بواجب الإشعار بخطية مالية تساوي ألفي دينار. ويعاقب بخطية تساوي خمسة آلاف دينار كل مالك متقاعس عرّض الغير لضرر لم ينجر عنه القتل من جراء حالة بنايته المتداعية للسقوط، وتضاعف العقوبة إذا سبق للدولة أو البلدية أن وجّهت تنبيها للمالك لإعلامه بحالة البناية ووجوب إخلائها وترميمها أو هدمها ولم يستجب لذلك. ويعاقب بخطية تساوي عشرين ألف دينار كل مالك متقاعس عرّض الغير لضرر انجرّ عنه القتل من جراء حالة بنايته المتداعية للسقوط، وتضاعف العقوبة إذا سبق للدولة أو البلدية أن وجّهت تنبيها للمالك لإعلامه بحالة البناية ووجوب إخلائها وترميمها أو هدمها ولم يستجب لذلك. ويعاقب بخطية تساوي 50 ألف دينار كل مالك متقاعس عرض الغير لضرر انجر عنه القتل من جراء حالة بنايته المتداعية للسقوط وتضاعف العقوبة إذا سبق للدولة أو البلدية أن وجهت تنبيها للمالك لإعلامه بحالة البناية ووجوب إخلائها وتمريرها أو هدمها ولم يستجب لذلك ويعاقب بخطية تساوي عشرة آلاف دينار كل مالك أو شاغل لم يمتثل لقرار الإخلاء أو قرار الهدم الصادر عن البلدية ويعاقب بخطية مالية تساوي 20 ألف دينار كل متسوغ أو شاغل أثبت القضاء تعمده الإضرار بالبناية التي يشغلها لتصبح متداعية للسقوط.

إحصائيات تقديرية

وأشارت لجنة التخطيط الاستراتيجي والتنمية المستدامة والنقل والبنية التحتية والتهيئة العمرانية التي يرأسها النائب شفيق الزعفوري، في نفس التقرير إلى أن البنايات المتداعية للسقوط حسب آخر الإحصائيات المتوفرة بوزارة التجهيز والإسكان تمثل جزءا هاما من الرصيد السكني القائم بالمدن التونسية، إذ تمثل البنايات التي تم تشييدها قبل 1956 حوالي 6 بالمائة من مجمل هذا الرصيد بما يعادل 181 ألف وحدة مبنية تبعا للتعداد العام للسكان والسكنى لسنة 2014. وتتمركز النسبة الأهم للرصيد القديم بالمدن الكبرى خاصة في ولايات تونس الكبرى وبنزرت وصفاقس حيث تعد بلدية تونس حوالي 1000 عقار متداع للسقوط منها 100 عقار تتطلب الإخلاء الفوري، في حين تعد ولاية المهدية حوالي 530 عقارا متداعيا للسقوط منها 135 تتطلب الإخلاء الفوري، ويوجد في ولاية نابل حوالي 280 عقارا متداعيا للسقوط منها قرابة 48 عقارا تتطلب الإخلاء الفوري، بينما يبلغ عدد هذه العقارات في ولاية جندوبة حوالي 175 عقارا متداعيا للسقوط منها حوالي 40 عقارا تتطلب الإخلاء الفوري، أما في ولاية القيروان فتم إحصاء حوالي 90 عقارا متداعيا للسقوط منها حوالي 56 عقارا تتطلب الإخلاء الفوري. وأفادت اللجنة في تقريرها أن هذه الإحصائيات هي إحصائيات تقديرية تم ضبطها سنة 2023 حسب تقادم البنايات بزيادة نسبتها 3 بالمائة سنويا على امتداد 8 سنوات.

ونظرا لتفاقم وضعية البنايات المتداعية فقد تأكدت الحاجة إلى إيجاد إطار قانوني يمكن من معالجة هذه الوضعية ويستحث المالكين على صيانة عقاراتهم ليبقى تدخل البلدية فقط لدرء خطر مؤكد وفي حال تدخلها يتعين تمكينها من أفضل الآليات وأسرعها للحفاظ على سلامة المارة والمتساكنين مع إمكانية استرجاع مصاريفها عند القيام بالأشغال بناية عن أصحاب العقارات المتقاعسين.

كما أشار تقرير اللجنة الوارد في 161 صفحة إلى أنه تم من خلال مشروع القانون: التأكيد على الطابع الإداري لإجراءات التدخل لاستصدار وتنفيذ القرارات المتخذة في إطار التعهد بالبنيات المتداعية للسقوط سواء بالإخلاء أو الهدم أو الترميم الثقيل، وضبط مختلف إجراءات التدخل في حالة تداعي بناية للسقوط وإخضاع القرارات المتخذة في شأنها لرقابة القاضي الإداري، وإتاحة إمكانية اللجوء إلى الانتزاع من أجل المصلحة العمومية في إطار تدخل السلطة العامة لتفادي الكوارث بما فيها البنايات المتداعية للسقوط، وتحديد العمليات الجماعية التي يمكن أن تقوم بها الدولة مباشرة أو بإيكال المهمة إلى باعثين عقاريين عموميين لمساندة البلديات على التصدي لتفاقم ظاهرة البنايات المتداعية للسقوط ، وتحفيز المالكين على الانخراط في برامج شراكة مع الجماعة المحلية والدولة والباعثين العقاريين العموميين لهدم عقاراتهم وإعادة بنائها في إطار اتفاقيات تبرم للغرض مع منح ضمانات للمالك والشاغل في مواجهة الإجراءات الإدارية المتخذة في إطار التدخل في البنايات المهددة بالسقوط.

وأفادت اللجنة أنه بالنظر إلى الأهمية البالغة التي يكتسيها مشروع القانون المتعلق بالبنايات المتداعية للسقوط سواء من حيث الأهداف التي يرمي إليها أو من حيث أبعاده المختلفة التي تتداخل فيها عديد الأطراف والجهات فقد حظي بعناية كبيرة واهتمام بالغ من قبلها ولدراسته عقدت 14 جلسة استغرقت 49 ساعة على مدى خمسة أشهر واستمعت إلى وزيرة التجهيز والإسكان وإلى ممثلين عن وزارة الداخلية ووزارة أملاك الدولة والشؤون العقارية ووزارة الشؤون الاجتماعية ووزارة الشؤون الثقافية وممثلين عن هيئة المهندسين المعماريين وعمادة المهندسين التونسيين وممثلين عن جمعية صيانة مدينة تونس واللجنة الوطنية التونسية للمجلس الدولي للمعالم والمواقع وجمعية مباني وذاكرات.

وأتاح مكتب مجلس نواب الشعب للكتل البرلمانية متسعا من الوقت لتدارس تقرير لجنة التخطيط الاستراتيجي والتنمية المستدامة والنقل والبنية التحتية والتهيئة العمرانية وللتدقيق في مضامين مشروع القانون في صيغته المعدلة، وفي حال مصادقة الجلسة العامة عليه يوم 19 جوان سيتيح ذلك لمختلف الأطراف المعنية بالمباني المتداعية للسقوط التدخل قبل مقدم غسالة النوادر التي طالما أرعبت شاغلي تلك البنايات خاصة بعد حادثة انهيار بناية في سوسة سنة 2018 والتي تسببت في وفاة ثلاثة أشخاص.

ولكن لا بد من الإشارة إلى أنه بناء على الفصل الأخير من مشروع القانون الوارد في باب الأحكام الانتقالية وهو من الفصول الخلافية، لا تنسحب أحكام القانون الجديد على البنايات المتداعية للسقوط الصادرة في شأنها قرارات إخلاء وهدم في تاريخ دخوله حيز التنفيذ إلا بعد معاينتها مجددا من قبل اللجنة الفنية.

سعيدة بوهلال