إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

في جلسة عامة برلمانية.. المصادقة على مقترح القانون المتعلق بحقوق المنتفعين بالخدمات الصحية والمسؤولية الطبية

 

تونس-الصباح

صادق مجلس نواب الشعب مساء أمس خلال جلسته العامة المنعقدة على مدى يومين بقصر باردو على أول مبادرة تشريعية تم تقديمها من قبل عدد من أعضائه وهي تتعلق بحقوق المنتفعين بالخدمات الصحية والمسؤولية الطبية وكانت نتيجة التصويت عليه كما يلي: 108 نعم 3 محتفظ و5 لا.

وتضمنت الصيغة المعدلة لمقترح القانون المعروض على التصويت 50 فصلا تم توزيعها على ستة أبواب تعلق أولها بالأحكام العامة. وطبقا للفصل الأول من هذا الباب يضبط القانون المذكور حقوق المنتفعين بالخدمات الصحية وآليات الوقاية من المخاطر والأضرار المرتبطة بها ونظام المسؤولية الطبية والاستشفائية لمهنيي الصحة ولمختلف الهياكل والمؤسسات الصحية بالقطاع العام والقطاع الخاص ونظام التعويض للمتضررين. ونص الفصل الثاني على أن تنطبق أحكام هذا القانون على مهنيي الصحة أثناء ممارستهم لأنشطتهم المهنية بصفة قانونية وعلى كل الهياكل والمؤسسات الصحية بما في ذلك مراكز التشخيص والعلاج ومصحات الضمان الاجتماعي وصانعي وموردي الأدوية والمستلزمات الطبية ومخابر التحاليل وهياكل التجارب السريرية التي تسدي خدمات صحية بالقطاعين العام والخاص.

وحسب الفصل الثالث المتعلق بالتعريف بالمصطلحات، يقصد بالخدمات الصحية: كل الأعمال التي يقوم بها مهنيو الصحة في إطار المهام الموكولة لهم. ويقصد بمهنيي الصحة: الأطباء وأطباء الأسنان والصيادلة والمقيمون والمتربصون الداخليون في الطب وطب الأسنان والصيدلة والممرضون ومساعدو الصحة والفنيون السامون للصحة والأخصائيون النفسانيون وإداريو وتقنيو ومهندسو الصحة المباشرون لأنشطتهم المهنية بصفة قانونية. أما الخطأ الطبي فهو كل إخلال من مهنيي الصحة بالتزام تفرضه المعطيات العلمية القائمة ينتج عنه ضرر لمتلقي الخدمة الصحية، بينما عرف النواب الحادث الطبي بأنه كل طارئ طبي يقع بمناسبة تقديم خدمة صحية ويلحق ضررا غير عادي بالغير بالنظر إلى المعطيات العلمية القائمة في غياب كل خطأ. وجاء في نفس الفصل أن التسوية الرضائية هي مجموع الإجراءات الرامية إلى تمكين المتضرر أو خلفه العام من جبر الضرر قبل اللجوء إلى القضاء. وتم تعريف مفهوم الإهمال الجسيم باللامبالاة بسلامة المنتفع بالخدمة الصحية مع ثبوت وجود فارق هام وملحوظ بين العناية المقدمة والمعطيات العلمية القائمة نتجت عنها الأضرار الحاصلة، في حين يقصد بعبارة الفضل العلاجي الحالات المرضية التي لا تتحقق فيها النتائج المرجوة رغم تقديم العلاج الملائم طبقا للقواعد العلمية القائمة.

ويعد الباب الثاني من أهم أبواب مقترح القانون لأنه جاء لضبط حقوق وواجبات المنتفعين بالخدمات الصحية من جهة وآليات الوقاية من المخاطر والأضرار المرتبطة بها من جهة أخرى.

 

حقوق المرضى وواجباتهم

ففي ما يتعلق بحقوق وواجبات المنتفعين بالخدمات الصحية أي المرضى، فنصت أحكام الفصل الرابع التي صادق عليها النواب على أنه لكل شخص الحق في الانتفاع بالخدمات الصحية في أفضل الظروف الممكنة دون أي تمييز، ويتعين على مهنيي الصحة استعمال كل الوسائل والإمكانيات المتاحة لتقديم أفضل الخدمات الممكنة والملائمة للمنتفعين بالخدمات الصحية والحرص الدائم على تحقيق الفائدة المرجوة من العلاج مع مراعاة المخاطر المرتبطة بالخدمات الصحية. ولكل شخص حرية اختيار الهيكل أو المؤسسة الصحية. أما الفصل الخامس معدلا فنص على أنه لكل شخص حرية اختيار الهيكل أو المؤسسة الصحية التي لتلقى بها الخدمات الصحية مع مراعاة قاعدة الاختصاص والأحكام الخاصة المنصوص عليها بمختلف أنظمة الحيطة والضمان الاجتماعي والتأمين على المرض وبالتشريع والتراتيب الجاري بها العمل وكراسات الشروط المتعلقة بالمؤسسات الصحية الخاصة. وحسب الفصل السادس الذي مرره النواب في صيغته الأصلية يلتزم مهنيو الصحة والهياكل والمؤسسات الصحية بتقديم خدماتهم لطالبيها طبقا للتشريع الجاري به العمل في نطاق احترام حقوقهم وحرياتهم وحفظ كرامتهم، جاء في الصيغة المعدلة للفصل الموالي أن "تعمل الهياكل والمؤسسات الصحية على حسن استقبال متلقي الخدمات الصحية ومرافقيهم وتضع على ذمتهم علامات الإرشاد والتوجيه الضرورية والوسائل التي تمكنهم من إبلاغ مقترحاتهم وتشكياتهم وتتعهد بدراستها والرد عليها في آجال معقولة حسب طبيعة الخدمة الصحية". ويذكر أن الصيغة الأصلية للفصل السابع كانت ملزمة للهياكل والمؤسسات الصحية واقترح بعض النواب تعويض عبارة تلتزم بعبارة تعمل وحظي مقترحهم بالقبول.

وبمقتضى الفصل الثامن تمنح الهياكل والمؤسسات الصحية عند تعهدها بالحالات الاستعجالية الأولية لتقديم الخدمات الصحية الضرورية على أن تتم تسوية المسائل ذات الصبغة الإدارية والمالية لاحقا، ونص الفصل الموالي على أن يعمل مهنيو الصحة والهياكل والمؤسسات الصحية على ضمان سلامة متلقي الخدمات الصحية وفقا لمواصفات جودة العلاج، وجاء في الفصل العاشر أنه يتعين على الهياكل والمؤسسات الصحية اتخاذ كل التدابير الضرورية لتيسير وصول الأشخاص ذوي الإعاقة وحدودي الحركة إلى المباني التابعة لها وحصولهم على الخدمات الصحية في أفضل الظروف الممكنة، وحسب الفصل الموالي، ومع مراعاة الاستثناءات التي يقتضيها التشريع الجاري به العمل المتعلقة بحالات الإيواء الوجوبي، يحق للمنتفع بالخدمة الصحية مغادرة الهيكل أو المؤسسة الصحية وعدم مباشرة أو متابعة تلقي العلاج مقابل إمضائه أو إمضاء ولية الشرعي أو المقدم عليه على كتب يتضمن التعبير على قرار المغادرة بعد إعلامه أو إعلام وليه الشرعي أو المقدم عليه من قبل الإطار المعالج بالتطورات والمخاطر المحتملة جراء المغادرة.

ومرر النواب خلال جلستهم العامة الفصول من 12 إلى 16 في صيغتها الأصلية وبمقتضى الفصل 12 بتعين على مهنيي الصحة كل في حدود اختصاصه ومشمولاته الالتزام بحق المنتفع بالخدمة الصحية أو ولية الشرعي أو المقدم عليه في الإعلام بصفة مسبقة بهوية الطبيب المعالج وبمختلف الكشوفات والعلاجات المقترحة والتدابير الوقائية الضرورية وجدواها ومدى تأكدها وأخذ رأيه بشأنها وإعلامه بكل أمانة بالإمكانيات والطرق والوسائل المتاحة لعلاجه إضافة إلى المخاطر متكررة الحدوث والمخاطر الجسيمة المتوقعة عادة في مثل حالته. ويتم الإعلام بلغة مبسطة ومفهومة مع مراعاة صعوبة الفهم والتحاور عند التعامل مع بعض الشرائح من المنتفعين بالخدمات الصحية، ويتعين التنصيص بالملف الطبي على أنه تم إعلام المريض أو ليه الشرعي أو المقدم عليه بكل المعطيات والمعلومات الضرورية ويتم إعلام المنتفع بالخدمة الصحية المقيم وفقا لأنموذج يضبط بقرار من وزير الصحة.

وأشار مقترح القانون إلى جملة من الاستثناءات حيث نص الفصل 13 على ما يلي :" يعفى مهنيو الصحة المباشرون للمنتفع بالخدمة الصحية من واجب الإعلام في الحالات التالية: الحالات الصحية الاستعجالية التي تستدعي الإسراع بتقديم الإسعافات لإنقاذ حياة المنتفع بالخدمة الصحية، رفض المنتفع بالخدمة الصحية أو ولية الشرعي أو المقدم عليه تلقي الإعلام على أن يكون الرفض كتابيا، إذا تعلق الإعلام بمرض خطير أو مهلك من شأن إعلام المريض به التأثير سلبا على حالته الصحية ويتعين في هذه الحالة إعلام عائلته ما لم يحجر المريض مسبقا ذلك أو يعين شخصا آخر لتلقيه. ولا يعفى مهنيو الصحة من واجب إعلام المريض في حالات الأمراض السارية أو المعدية".

وبمقتضى الفصل الموالي يجب على الطبيب أو طبيب الأسنان الحصول على الموافقة المسبقة الحرة والمستنيرة للمنتفع بالخدمة الصحية على تلقي العلاج بأي وسيلة تترك أثرا كتابيا وإذا كان المريض مقيد الأهلية أو فاقدا لها يتعين الحصول على موافقة ولية الشرعي أو المقدم عليه ويتعين في كل الحالات التنصيص بالملف الطبي على الموافقة على تلقي العلاج من عدمها.

ومنح مجلس نواب الشعب استثناء آخر، من خلال التنصيص في الفصل الخامس عشر على أن يعفى الطبيب أو طبيب الأسنان من واجب الحصول على الموافقة المسبقة الحرة والمستنيرة للمنتفع بالخدمة الصحية على تلقي العلاج في الحالات الاستعجالية التي تستوجب التدخل السريع لإنقاذ حياته ويتعذر فيها الحصول على موافقته أو موافقة ولية الشرعي أو المقدم عليه. ومنح الفصل السادس عشر لكل منتفع بخدمة صحية الحق في حماية حرمته الجسدية وحياته الخاصة ومعطياته الشخصية بما في ذلك المعطيات المضمنة بملفه الطبي والتي لا يمكن معالجتها بأي شكل إلا وفقا للتشريع الجاري به العمل، وفي نفس الإطار منح الفصل الموالي للمنتفع بالخدمة الصحية أو ولية الشرعي أو وكيله القانوني أو المقدمة عليه أو خلفه العام حق النفاذ إلى ملفه الطبي والحصول على نسخة كاملة منه وكذلك الاستعانة بطبيب يتم اختياره لمساعدته على فهم محتواه وفقا للتراتيب الجاري بها العمل. أما بخصوص الفصل 18 فقد صادق عليه مجلس نواب الشعب في صيغة معدلة مع تغيير ترتيبه وإدراجه في باب التعويض عن الضرر ونص الفصل معدلا على أنه يحق للمتضرر من الخدمات الصحية أو ولية الشرعي أو وكيله القانوني أو المقدم عليه أو خلفه العام الحصول على تعويض كامل وعادل طبقا لأحكام القانون، كما عدلت الجلسة العامة الفصل 19 في اتجاه التنصيص فيه على أن كل إخلال بالحقوق والواجبات سالفة الذكر يعد خطأ مهنيا موجبا للتتبعات التأديبية والتتبعات القضائية أو لكليهما لطب غرم الضرر الناتج عنه، في حين حافظ النواب على الصيغة الأصلية للفصل 20 ويتعين بالتالي على المنتفعين بالخدمات الصحية التقيد بالتشريعات والتراتيب الجاري بها العمل للمحافظة على سلامة الأفراد والمعدات ضمانا لاستدامة النظام الصحي والمبادئ التي يقوم عليها.

الوقاية من المخاطر والأضرار

وصادق النواب على ثلاثة فصول في صيغتها الأصلية وردت تحت عنوان القسم الثاني المتعلق بآليات الوقاية من الأضرار المرتبطة بالخدمات الصحية، وطبقا للفصل 21 تلتزم الدولة بمختلف هياكلها بوضع السياسات والخطط الإستراتجية والبرامج القطاعية الكفيلة بتأمين سلامة المنتفعين بالخدمة الصحية والوقاية من المخاطر والأضرار المرتبطة بالخدمات الصحية واتخاذ الإجراءات والتدابير الضرورية لتنفيذها، ويتعين على الهياكل والمؤسسات الصحية العمومية والخاصة ضبط خطط وبرامج مستمرة للنهوض بسلامة المرضى والوقاية من المخاطر والأضرار المرتبطة بالخدمات الصحية ووضع معايير لمتابعة تنفيذها. أما الفصل 22 فنص في صيغته المعدلة على تحدث على مستوى الهياكل والمؤسسات الصحية العمومية والمؤسسات الصحية الخاصة أقسام أو وحدات قارة للنهوض بالجودة والتصرف في المخاطر المرتبطة بالخدمات الصحية. كما تحدث على مستوى هذه الهياكل والمؤسسات خلايا لإدارة الطوارئ الصحية يتم تفعيلها في الأوضاع الاستثنائية التي تؤثر على السير العادي للعمل وتضبط مهامها وتركيبتها وطرق سيرها بمقتضى قرار من الوزير المكلف بالإشراف القطاعي على الهياكل والمؤسسات المذكورة. ونص الفصل 23 على أنه يتعين على كافة مهنيي الصحة التبليغ عن المخاطر والأضرار المرتبطة بالخدمات الصحية التي تمت معاينتها من قبلهم بمناسبة مباشرتهم لمهامهم ويحجر الكشف عن هوية المبلغين أو هوية أي شخص آخر معني بالمخاطر والأضرار المرتبطة بالخدمات الصحية.

 

المسؤولية الطبية

وقبل رفع الجلسة العامة للتشاور انطلق النواب في نهاية الحصة الصباحية في عملية التصويت على فصول الباب الثالث من مقترح القانون وهو يتعلق بالمسؤولية الطبية مع إدخال بعض التعديلات، حيث نص الفصل 24 معدلا على أن يعد الضرر الناتج عن الخدمات الصحية أساسا للمسؤولية الطبية لمهنيي الصحة وتكون الهياكل والمؤسسات الصحية العمومية والخاصة مسؤولة موضوعيا عن الأضرار الناتجة عن أنشطتها. أما الفصل 25 معدلا فنص على أنه مع مراعاة مقتضيات الفصل 392 من مجلة الالتزامات والعقود، للمتضرر أو ولية الشرعي أو وكيلة القانوني أو المقدم عليه أو خلفه العام المطالبة بالتعويض عن الضرر في أجل أقصاه عشر سنوات من تاريخ حصول الضرر أو سنة من تاريخ العلم بالضرر وتكون المطالبة بالتعويض عن الضرر الحاصل في مجال طب الأسنان في أجل أقصاه ثلاث سنوات من تاريخ حصول الضرر أو سنة من تاريخ العلم به. ونص الفصل الموالي الذي تم تمريره في صيغته الأصلية على أن الهياكل والمؤسسات الصحية العمومية مسؤولة عن الأخطاء الطبية المرتكبة من مهنيي الصحة الراجعين لها بالنظر أو التونسيين والأجانب الذين تستقبلهم في إطار التعاون أو الشراكة مع مؤسسات أخرى أثناء أو بمناسبة تقديمهم للخدمات الصحية وتكون المؤسسة الصحية الخاصة مسؤولة عن الأخطاء الطبية المرتكبة من مهنيي الصحة الأجراء الراجعين لها بالنظر، ويكون أطباء الممارسة الحرة وأطباء القطاع العمومي الممارسين لنشاطهم بعنوان خاص مسؤولين عن الأخطاء الطبية المرتكبة من قبلهم وللهياكل والمؤسسات الصحية العمومية والخاصة حق الرجوع على منظوريها في صورة الخطأ الجسيم.

وبعد النقاش عدلت الجلسة العامة الفصل 27 في اتجاه تحميل المسؤولية.. حيث تتحمل الهياكل والمؤسسات الصحية العمومية والخاصة ولمهنيي الصحة المزودين لنشاطهم في إطار الممارسة الحرة وأطباء القطاع العمومي الممارسون لنشاطهم بعنوان خاص المسؤولية عن إخلالها بالالتزامات المحمولة عليها قانونا وعن الأضرار الناتجة عن التعفنات المرتبطة بالخدمات الصحية كما يتحمل هؤلاء المسؤولية عن الأضرار الناتجة عن المواد والتجهيزات والمنتجات الصحية التي يستخدمها مع حفظ حقها في الرجوع على المتسبب في الأضرار وفقا للتشريع الجاري به العمل.

 

التعويض عن الأضرار

قبل الشروع في التصويت على الأحكام المتصلة بالتعويض عن الأضرار المرتبطة بالخدمات الصحية أعلن رئيس مجلس نواب الشعب إبراهيم بودبالة عن رفع الجلسة العامة لمزيد التشاور، وعند استئنافها تم التصويت على بقية الفصول ثم على مقترح القانون برمته. وحسب الفصل 28 يتم التعويض سواء في إطار التسوية الرضائية أو في إطار التقاضي عن الأضرار المرتبطة بالخدمات الصحية الناتجة عن: ثبوت المسؤولية الطبية لمهنيي الصحة ومسؤولية الأعوان الراجعين لهم بالنظر، ثبوت المسؤولية الطبية لمهنيي الصحة ومسؤولية الأعوان الراجعين لهم بالنظر، ثبوت مسؤولية الهياكل والمؤسسات الصحية العمومية والخاصة، التعفنات المرتبطة بالخدمات الصحية. ونص الفصل 29 على أن يشمل التعويض عن الأضرار المرتبطة بالخدمات الصحية: الضرر البدني، الضرر المعنوي، الضرر المهني، الضرر الجمالي، خسارة الدخل خلال مدة العجز المؤقت عن العمل، الضرر الاقتصادي المترتب عن الوفاة، مصاريف الخدمات الصحية والتنقل ومصاريف الاستعانة بشخص عند الاقتضاء مصاريف الدفن. ويحتسب التعويض عن الأضرار الناتجة عن العجز المؤقت عن العمل وعن الضرر المهني والاقتصادي على أساس الخسارة الفعلية في الدخل. وتحدد نقطة  العجز بالنسبة للأضرار البدنية والمعنوية والجمالية من قبل لجنة وطنية تحدث بأمر وتتكون من قضاة وأطباء شرعيين وخبراء وتكون النقطة قابلة للتعديل دوريا حسب التغيرات الاقتصادية والمالية ويعوض عن مصاريف الدفن والتنقل ومصاريف الاستعانة بشخص عند الاقتضاء كاملة شرط إثباتها. وبموجب الفصل 30 لا يتمّ التعويض، في الحالات الّتي يثبت فيها تقرير الاختبار ما يلي:  أنّ الضرر كان ناتجا مباشرة وكليّا عن خطأ المريض أو رفضه أو عدم متابعته للعلاج طبقا لتوصيات طبيبه المباشر المدونة بملفه الطبي،  أنّ الضرر كان ناتجا مباشرة وكليّا عن مضاعفات أو تعكّرات متعارف عليها ناتجة عن التطور الطبيعي للمرض،  أنّ الضرر كان ناتجا مباشرة وكليّا عن فشل علاجي.

وبخصوص تدخل شركات التأمين  فقد ارتأت الجلسة العامة تعديل الفصل 31 وأصبح ينص على أنه يجب على الهياكل والمؤسسات الصحية الخاصة وعلى أطباء الممارسة الحرة وأطباء القطاع العام الممارسين لنشاطهم بعنوان خاص إبرام عقود تأمين لتغطية المخاطر الناجمة عن المسؤولية الطبية لدى إحدى مؤسسات التأمين المرخص لها بممارسة نشاطها بالبلاد التونسية. وتتحمل المؤسسات الصحية الخاصة مسؤولية عدم انخراط مهنيي الصحة في إحدى مؤسسات التأمين وتواصل المؤسسات الصحية في القطاع العام الإجراءات المعمول بها المتعلقة بالتعويضات المستوجبة عن الأضرار الناجمة عن المسؤولية الطبية وفق التشريع والتراتيب الجاري بها العمل. ويتعين على شركات التأمين المؤمن لديها على المسؤولية الطبية من طرف الهياكل والمؤسسات الصحية العمومية والخاصة وكافة مهنيي الصحة المزاولين لنشاطهم في إطار الممارسة الحرة و أطباء القطاع العام الممارسين لنشاطهم بعنوان خاص، دفع التعويضات المستوجبة عن الأضرار المرتبطة بالخدمات الصحية. وتضبط بقرار مشترك بين الوزير المكلف بالصحة والوزير المكلف بالمالية إجراءات دفع التعويضات وكيفية إسنادها.

 

التسوية والتعويض والاختبار

وصادق النواب خلال جلستهم العامة على فصول الباب الرابع الوارد تحت عنوان في التسوية الرضائية والتعويض والاختبار الطبي،  وهي الفصول من 32 إلى 46 وبالنسبة إلى التسوية الرضائية، يمكن للمنتفع بالخدمة الصحية أو وليه الشرعي أو وكيله القانوني أو المقدّم عليه أو خلفه العام  ممّن يتمسك بوقوع ضرر له بمناسبة تقديم الخدمة الصحية أن يتقدّم بمطلب في التسوية الرّضائيّة والتعويض وفقا لأنموذج يضبط بقرار من الوزير المكلّف بالصحة.ويوجّه مطلب التسوية الرضائيّة والتعويض إلى اللجنة المختصة المنصوص عليها بالفصل 33 من هذا القانون مقابل تسلّم وصل في الغرض. وتحدث لجان جهوية تسمّى "اللجنة الجهويّة للتسوية الرضائيّة والتعويض" يترأسها قاض إداري أو قاض عدلي وتتولى النّظر في مطالب التسوية الرضائية والتعويض وتضبط مهامها وتركيبتها وطرق سيرها بمقتضى أمر يضمن حيادية واستقلالية أعضائها. وبعد قبول مطلب التسوية والاتفاق على مبلغ التعويض، يتمّ إبرام كتب صلح بين المتضرر أو وليه الشرعي أو وكيله القانوني أو المقدم عليه أو من يؤول إليه الحق عند الوفاة  والجهة المعنيّة بالتعويض ويتم استيفاء إجراءات التسوية الرضائيّة بإبرام كتب الصّلح وإكسائه الصّبغة التنفيذيّة في أجل أقصاه ستّة أشهر ابتداء من تاريخ تقديم المطلب ويمكن عند الاقتضاء وبطلب معلل من لجنة الخبراء التمديد في هذا الأجل لمدة أقضاها ستة أشهر وبانقضاء آجال التسوية دون إبرام كتب الصلح يمكن للمعني بالأمر التوجه إلى القضاء. وإذا كان المستفيد من التعويض قاصرا أو فاقدا للأهلية، يجب أن يقدّم العرض المالي الموافق عليه من قبل وليه الشرعي إلى قاضي التقاديم للمصادقة عليه وفقا للتشريع الجاري به العمل. ولا يبرم كتب الصلح في هذه الحالة إلاّ بعد مصادقة قاضي التقاديم على العرض المالي. وفي صورة عدم مراعاة الإجراء المشار إليه بالفقرة الأولى من هذا الفصل، يمكن لكلّ من له مصلحة، باستثناء الجهة المعنية بالتعويض، طلب إبطال كتب الصلح أمام المحكمة المختصة، ويتعيّن على اللجنة الجهوية إحالة كتب الصّلح المبرم في  أجل أقصاه أسبوع من تاريخ إبرامه إلى رئيس المحكمة الابتدائية الّتي يوجد بدائرتها مقرّها لإكسائه الصبغة التنفيذية ولا يكون بذلك قابلا لأي وجه من أوجه الطعن ولو بدعوى تجاوز السلطة. وللمتضرر أو وكيلة القانوني أو المقدم عليه أو خلفه العام تقديم مطلب إلى رئيس المحكمة الابتدائية للإذن استعجاليا بإلزام اللجنة الجهوية بإحالة كتب الصلح المبرم.  وبعد استيفاء الإجراءات القانونيّة المستوجبة، تتمّ إحالة كتب الصّلح  في أجل أقصاه أسبوع من تاريخ إمضائه إلى الجهة المعنية بالتعويض للتنفيذ. ويتم صرف مبلغ التعويض في أجل أقصاه سنة من تاريخ إكساء كتب الصلح بالصبغة التنفيذية. ولا يمكن للمتضرر أو وليه الشرعي أو وكيله القانوني أو المقدم عليه أو خلفه العام في حالة إبرام كتب صلح والحصول على التعويض في إطار إجراءات التسوية الرضائيّة أن يقوم أمام المحاكم للحصول على التعويض بعنوان نفس الضرر. ولا يحول ذلك دون إمكانية إعادة تقديم مطلب جديد للتسوية الرضائية والتعويض أو اللجوء إلى القضاء للمطالبة بالتعويض في صورة تفاقم الضّرر في أجل أقصاه حمس سنوات من تاريخ انجاز مأمورية الاختبار..

ويتعيّن على اللجنة الجهوية تعليل قرار رفض مطلب التسوية الرضائية والتعويض. ويتعين على اللجنة الجهويّة في أجل أقصاه شهر من تاريخ استيفاء إجراءات التسوية الرضائية، تسليم المتضرر أو وليه الشرعي أو وكيله القانوني أو المقدم عليه أو خلفه العام وثيقة تثبت قيامه بإجراءات التسوية وفقا لمقتضيات هذا القانون في حال رفض مطلب التسوية أو عدم التوصل إلى اتفاق وله استرجاع وثائقه المسلمة للجنة. وتعلق إجراءات التسوية الرّضائية آجال التقاضي طيلة الفترة التي تستغرقها.

 

في الاختبار الطبي

ضبط مقترح القانون الذي صادقت عليه الجلسة العامة البرلمانية شروط الاختبار الطبي الذي يتعيّن إجراءه  بواسطة لجنة خبراء لتحديد المسؤولية الطبية وهي لجنة تتركب من ثلاثة أعضاء يتم تعيينهم من ضمن قائمة الخبراء العدليين المعتمدين بدائرة المحكمة الابتدائيّة المختصّة ترابيّا وذلك بمقتضى قرار من رئيس اللجنة الجهوية للتسوية الرضائيّة والتعويض. وفي صورة عدم وجود خبراء في الاختصاص المطلوب بدائرة المحكمة الابتدائيّة المختصّة ترابيّا، يمكن تعيين خبراء من خارج الدّائرة المعنيّة. ولا يعيّن بلجنة الخبراء إلاّ من كان مباشرا فعليّا للاختصاص المعني في تاريخ إجراء الاختبار.  تضم لجنة الخبراء وجوبا طبيبا شرعيا وخبيرين في الاختصاص موضوع الاختبار يكون أحدهما استشفائيا جامعيا ويمكن بقرار من رئيس اللجنة الجهويّة إضافة خبراء آخرين عند الاقتضاء الى تركيبة اللجنة كما يمكن للجنة أن تستعين برأي كل من تراه من ذوي الكفاءة في موضوع الاختبار. ويتعين على كل عضو بلجنة الخبراء أن يعلم رئيس اللجنة الجهوية للتسوية الرضائية والتعويض في حال وجوده في وضعيّة ﺗﻀﺎﺭﺏ ﻤﺼﺎﻟﺢ وذلك في أجل لا يتجاوز سبعة أيام من تاريخ توصّله بقرار تعيينه. كما يتعين على رئيس اللجنة الجهوية إذا ثبت له أن عضوا بلجنة الخبراء في وضعية تضارب مصالح اتخاذ الإجراءات الضرورية لوضع حد لهذه الوضعية. ويتم في حال ثبوت وضعيّة تضارب المصالح تعويض الخبير المعني بخبير آخر وفقا لنفس إجراءات التعيين. وتختم مأموريّة الاختبار بتقرير تصادق عليه لجنة الخبراء بأغلبيّة الثلثين على الأقلّ وتحيله إلى اللجنة الجهوية في أجل أقصاه ثلاثة أشهر من تاريخ تكليفها بمأمورية الاختبار.وفي صورة عدم إنجاز لجنة الخبراء مأمورية الاختبار في الأجل المحدد، يتعيّن عليها تقديم طلب معللّ إلى رئيس اللجنة الجهوية لمنحها أجلا إضافيا لمدة أقصاها شهر واحد لإتمام مأموريّة الاختبار. وتضبط أجرة الاختبارات الّتي يتم إجراؤها في إطار إجراءات التسوية الرّضائيّة بقرار مشترك من وزير الماليّة والوزراء المكلفين بالإشراف القطاعي. وتحمل أجرة ومصاريف الاختبار على الجهة المعنيّة بالتعويض.

 

المسؤولية الجزائية

وافقت الجلسة العامة على الأحكام الواردة في الباب الخامس من مقترح القانون المعروض على أنظارها وهو يتعلق بالمسؤولية الجزائية لمهنيي الصحة حيث نص الفصل 47 على أنه يعد الخطأ الجسيم أساسا للمسؤولية الجزائية لمهنيي الصحة، في صورة التتبّعات جزائية ضد مهنيي الصحة في علاقة بممارستهم لأعمالهم المهنيّة، على وكيل الجمهورية المختص ترابيا وفي ظرف أقصاه 72 ساعة إعلام سلطة الإشراف القطاعي والهيئة المهنية الراجع لها بالنظر مهني الصحة المعني بأي وسيلة تترك أثرا كتابيا. ومع مراعاة أحكام الفصل 30 من مجلة الإجراءات الجزائية يعلم وكيل الجمهورية لدى المحكمة الابتدائية المختصة ترابيا الوكيل العام لدى محكمة الاستئناف الذي يأذن بفتح بحث تحقيقي في موضوع التتبع.  وجاء في الفصل 48 أنه يتعين إجراء اختبار لتحديد المسؤولية الجزائية بواسطة لجنة خبراء. لا يمكن الإذن بالاحتفاظ أو الإيقاف التحفظي لمهنيي الصحة إلا بعد أن يثبت الاختبار الطبي وجود قرائن جدية ومتضافرة تثبت الإدانة.

أما باب الأحكام انتقالية فنص على أن يتواصل النظر في قضايا المسؤولية الطبية المنشورة طبقا للقوانين والإجراءات المعمول بها قبل دخول هذا القانون حيز النفاذ،  وتصدر النصوص الترتيبية الخاصة بهذا القانون في أجل أقصاه ستة أشهر من تاريخ دخوله حيز النفاذ.

سعيدة بوهلال

في جلسة عامة برلمانية..   المصادقة على مقترح القانون المتعلق بحقوق المنتفعين بالخدمات الصحية والمسؤولية الطبية

 

تونس-الصباح

صادق مجلس نواب الشعب مساء أمس خلال جلسته العامة المنعقدة على مدى يومين بقصر باردو على أول مبادرة تشريعية تم تقديمها من قبل عدد من أعضائه وهي تتعلق بحقوق المنتفعين بالخدمات الصحية والمسؤولية الطبية وكانت نتيجة التصويت عليه كما يلي: 108 نعم 3 محتفظ و5 لا.

وتضمنت الصيغة المعدلة لمقترح القانون المعروض على التصويت 50 فصلا تم توزيعها على ستة أبواب تعلق أولها بالأحكام العامة. وطبقا للفصل الأول من هذا الباب يضبط القانون المذكور حقوق المنتفعين بالخدمات الصحية وآليات الوقاية من المخاطر والأضرار المرتبطة بها ونظام المسؤولية الطبية والاستشفائية لمهنيي الصحة ولمختلف الهياكل والمؤسسات الصحية بالقطاع العام والقطاع الخاص ونظام التعويض للمتضررين. ونص الفصل الثاني على أن تنطبق أحكام هذا القانون على مهنيي الصحة أثناء ممارستهم لأنشطتهم المهنية بصفة قانونية وعلى كل الهياكل والمؤسسات الصحية بما في ذلك مراكز التشخيص والعلاج ومصحات الضمان الاجتماعي وصانعي وموردي الأدوية والمستلزمات الطبية ومخابر التحاليل وهياكل التجارب السريرية التي تسدي خدمات صحية بالقطاعين العام والخاص.

وحسب الفصل الثالث المتعلق بالتعريف بالمصطلحات، يقصد بالخدمات الصحية: كل الأعمال التي يقوم بها مهنيو الصحة في إطار المهام الموكولة لهم. ويقصد بمهنيي الصحة: الأطباء وأطباء الأسنان والصيادلة والمقيمون والمتربصون الداخليون في الطب وطب الأسنان والصيدلة والممرضون ومساعدو الصحة والفنيون السامون للصحة والأخصائيون النفسانيون وإداريو وتقنيو ومهندسو الصحة المباشرون لأنشطتهم المهنية بصفة قانونية. أما الخطأ الطبي فهو كل إخلال من مهنيي الصحة بالتزام تفرضه المعطيات العلمية القائمة ينتج عنه ضرر لمتلقي الخدمة الصحية، بينما عرف النواب الحادث الطبي بأنه كل طارئ طبي يقع بمناسبة تقديم خدمة صحية ويلحق ضررا غير عادي بالغير بالنظر إلى المعطيات العلمية القائمة في غياب كل خطأ. وجاء في نفس الفصل أن التسوية الرضائية هي مجموع الإجراءات الرامية إلى تمكين المتضرر أو خلفه العام من جبر الضرر قبل اللجوء إلى القضاء. وتم تعريف مفهوم الإهمال الجسيم باللامبالاة بسلامة المنتفع بالخدمة الصحية مع ثبوت وجود فارق هام وملحوظ بين العناية المقدمة والمعطيات العلمية القائمة نتجت عنها الأضرار الحاصلة، في حين يقصد بعبارة الفضل العلاجي الحالات المرضية التي لا تتحقق فيها النتائج المرجوة رغم تقديم العلاج الملائم طبقا للقواعد العلمية القائمة.

ويعد الباب الثاني من أهم أبواب مقترح القانون لأنه جاء لضبط حقوق وواجبات المنتفعين بالخدمات الصحية من جهة وآليات الوقاية من المخاطر والأضرار المرتبطة بها من جهة أخرى.

 

حقوق المرضى وواجباتهم

ففي ما يتعلق بحقوق وواجبات المنتفعين بالخدمات الصحية أي المرضى، فنصت أحكام الفصل الرابع التي صادق عليها النواب على أنه لكل شخص الحق في الانتفاع بالخدمات الصحية في أفضل الظروف الممكنة دون أي تمييز، ويتعين على مهنيي الصحة استعمال كل الوسائل والإمكانيات المتاحة لتقديم أفضل الخدمات الممكنة والملائمة للمنتفعين بالخدمات الصحية والحرص الدائم على تحقيق الفائدة المرجوة من العلاج مع مراعاة المخاطر المرتبطة بالخدمات الصحية. ولكل شخص حرية اختيار الهيكل أو المؤسسة الصحية. أما الفصل الخامس معدلا فنص على أنه لكل شخص حرية اختيار الهيكل أو المؤسسة الصحية التي لتلقى بها الخدمات الصحية مع مراعاة قاعدة الاختصاص والأحكام الخاصة المنصوص عليها بمختلف أنظمة الحيطة والضمان الاجتماعي والتأمين على المرض وبالتشريع والتراتيب الجاري بها العمل وكراسات الشروط المتعلقة بالمؤسسات الصحية الخاصة. وحسب الفصل السادس الذي مرره النواب في صيغته الأصلية يلتزم مهنيو الصحة والهياكل والمؤسسات الصحية بتقديم خدماتهم لطالبيها طبقا للتشريع الجاري به العمل في نطاق احترام حقوقهم وحرياتهم وحفظ كرامتهم، جاء في الصيغة المعدلة للفصل الموالي أن "تعمل الهياكل والمؤسسات الصحية على حسن استقبال متلقي الخدمات الصحية ومرافقيهم وتضع على ذمتهم علامات الإرشاد والتوجيه الضرورية والوسائل التي تمكنهم من إبلاغ مقترحاتهم وتشكياتهم وتتعهد بدراستها والرد عليها في آجال معقولة حسب طبيعة الخدمة الصحية". ويذكر أن الصيغة الأصلية للفصل السابع كانت ملزمة للهياكل والمؤسسات الصحية واقترح بعض النواب تعويض عبارة تلتزم بعبارة تعمل وحظي مقترحهم بالقبول.

وبمقتضى الفصل الثامن تمنح الهياكل والمؤسسات الصحية عند تعهدها بالحالات الاستعجالية الأولية لتقديم الخدمات الصحية الضرورية على أن تتم تسوية المسائل ذات الصبغة الإدارية والمالية لاحقا، ونص الفصل الموالي على أن يعمل مهنيو الصحة والهياكل والمؤسسات الصحية على ضمان سلامة متلقي الخدمات الصحية وفقا لمواصفات جودة العلاج، وجاء في الفصل العاشر أنه يتعين على الهياكل والمؤسسات الصحية اتخاذ كل التدابير الضرورية لتيسير وصول الأشخاص ذوي الإعاقة وحدودي الحركة إلى المباني التابعة لها وحصولهم على الخدمات الصحية في أفضل الظروف الممكنة، وحسب الفصل الموالي، ومع مراعاة الاستثناءات التي يقتضيها التشريع الجاري به العمل المتعلقة بحالات الإيواء الوجوبي، يحق للمنتفع بالخدمة الصحية مغادرة الهيكل أو المؤسسة الصحية وعدم مباشرة أو متابعة تلقي العلاج مقابل إمضائه أو إمضاء ولية الشرعي أو المقدم عليه على كتب يتضمن التعبير على قرار المغادرة بعد إعلامه أو إعلام وليه الشرعي أو المقدم عليه من قبل الإطار المعالج بالتطورات والمخاطر المحتملة جراء المغادرة.

ومرر النواب خلال جلستهم العامة الفصول من 12 إلى 16 في صيغتها الأصلية وبمقتضى الفصل 12 بتعين على مهنيي الصحة كل في حدود اختصاصه ومشمولاته الالتزام بحق المنتفع بالخدمة الصحية أو ولية الشرعي أو المقدم عليه في الإعلام بصفة مسبقة بهوية الطبيب المعالج وبمختلف الكشوفات والعلاجات المقترحة والتدابير الوقائية الضرورية وجدواها ومدى تأكدها وأخذ رأيه بشأنها وإعلامه بكل أمانة بالإمكانيات والطرق والوسائل المتاحة لعلاجه إضافة إلى المخاطر متكررة الحدوث والمخاطر الجسيمة المتوقعة عادة في مثل حالته. ويتم الإعلام بلغة مبسطة ومفهومة مع مراعاة صعوبة الفهم والتحاور عند التعامل مع بعض الشرائح من المنتفعين بالخدمات الصحية، ويتعين التنصيص بالملف الطبي على أنه تم إعلام المريض أو ليه الشرعي أو المقدم عليه بكل المعطيات والمعلومات الضرورية ويتم إعلام المنتفع بالخدمة الصحية المقيم وفقا لأنموذج يضبط بقرار من وزير الصحة.

وأشار مقترح القانون إلى جملة من الاستثناءات حيث نص الفصل 13 على ما يلي :" يعفى مهنيو الصحة المباشرون للمنتفع بالخدمة الصحية من واجب الإعلام في الحالات التالية: الحالات الصحية الاستعجالية التي تستدعي الإسراع بتقديم الإسعافات لإنقاذ حياة المنتفع بالخدمة الصحية، رفض المنتفع بالخدمة الصحية أو ولية الشرعي أو المقدم عليه تلقي الإعلام على أن يكون الرفض كتابيا، إذا تعلق الإعلام بمرض خطير أو مهلك من شأن إعلام المريض به التأثير سلبا على حالته الصحية ويتعين في هذه الحالة إعلام عائلته ما لم يحجر المريض مسبقا ذلك أو يعين شخصا آخر لتلقيه. ولا يعفى مهنيو الصحة من واجب إعلام المريض في حالات الأمراض السارية أو المعدية".

وبمقتضى الفصل الموالي يجب على الطبيب أو طبيب الأسنان الحصول على الموافقة المسبقة الحرة والمستنيرة للمنتفع بالخدمة الصحية على تلقي العلاج بأي وسيلة تترك أثرا كتابيا وإذا كان المريض مقيد الأهلية أو فاقدا لها يتعين الحصول على موافقة ولية الشرعي أو المقدم عليه ويتعين في كل الحالات التنصيص بالملف الطبي على الموافقة على تلقي العلاج من عدمها.

ومنح مجلس نواب الشعب استثناء آخر، من خلال التنصيص في الفصل الخامس عشر على أن يعفى الطبيب أو طبيب الأسنان من واجب الحصول على الموافقة المسبقة الحرة والمستنيرة للمنتفع بالخدمة الصحية على تلقي العلاج في الحالات الاستعجالية التي تستوجب التدخل السريع لإنقاذ حياته ويتعذر فيها الحصول على موافقته أو موافقة ولية الشرعي أو المقدم عليه. ومنح الفصل السادس عشر لكل منتفع بخدمة صحية الحق في حماية حرمته الجسدية وحياته الخاصة ومعطياته الشخصية بما في ذلك المعطيات المضمنة بملفه الطبي والتي لا يمكن معالجتها بأي شكل إلا وفقا للتشريع الجاري به العمل، وفي نفس الإطار منح الفصل الموالي للمنتفع بالخدمة الصحية أو ولية الشرعي أو وكيله القانوني أو المقدمة عليه أو خلفه العام حق النفاذ إلى ملفه الطبي والحصول على نسخة كاملة منه وكذلك الاستعانة بطبيب يتم اختياره لمساعدته على فهم محتواه وفقا للتراتيب الجاري بها العمل. أما بخصوص الفصل 18 فقد صادق عليه مجلس نواب الشعب في صيغة معدلة مع تغيير ترتيبه وإدراجه في باب التعويض عن الضرر ونص الفصل معدلا على أنه يحق للمتضرر من الخدمات الصحية أو ولية الشرعي أو وكيله القانوني أو المقدم عليه أو خلفه العام الحصول على تعويض كامل وعادل طبقا لأحكام القانون، كما عدلت الجلسة العامة الفصل 19 في اتجاه التنصيص فيه على أن كل إخلال بالحقوق والواجبات سالفة الذكر يعد خطأ مهنيا موجبا للتتبعات التأديبية والتتبعات القضائية أو لكليهما لطب غرم الضرر الناتج عنه، في حين حافظ النواب على الصيغة الأصلية للفصل 20 ويتعين بالتالي على المنتفعين بالخدمات الصحية التقيد بالتشريعات والتراتيب الجاري بها العمل للمحافظة على سلامة الأفراد والمعدات ضمانا لاستدامة النظام الصحي والمبادئ التي يقوم عليها.

الوقاية من المخاطر والأضرار

وصادق النواب على ثلاثة فصول في صيغتها الأصلية وردت تحت عنوان القسم الثاني المتعلق بآليات الوقاية من الأضرار المرتبطة بالخدمات الصحية، وطبقا للفصل 21 تلتزم الدولة بمختلف هياكلها بوضع السياسات والخطط الإستراتجية والبرامج القطاعية الكفيلة بتأمين سلامة المنتفعين بالخدمة الصحية والوقاية من المخاطر والأضرار المرتبطة بالخدمات الصحية واتخاذ الإجراءات والتدابير الضرورية لتنفيذها، ويتعين على الهياكل والمؤسسات الصحية العمومية والخاصة ضبط خطط وبرامج مستمرة للنهوض بسلامة المرضى والوقاية من المخاطر والأضرار المرتبطة بالخدمات الصحية ووضع معايير لمتابعة تنفيذها. أما الفصل 22 فنص في صيغته المعدلة على تحدث على مستوى الهياكل والمؤسسات الصحية العمومية والمؤسسات الصحية الخاصة أقسام أو وحدات قارة للنهوض بالجودة والتصرف في المخاطر المرتبطة بالخدمات الصحية. كما تحدث على مستوى هذه الهياكل والمؤسسات خلايا لإدارة الطوارئ الصحية يتم تفعيلها في الأوضاع الاستثنائية التي تؤثر على السير العادي للعمل وتضبط مهامها وتركيبتها وطرق سيرها بمقتضى قرار من الوزير المكلف بالإشراف القطاعي على الهياكل والمؤسسات المذكورة. ونص الفصل 23 على أنه يتعين على كافة مهنيي الصحة التبليغ عن المخاطر والأضرار المرتبطة بالخدمات الصحية التي تمت معاينتها من قبلهم بمناسبة مباشرتهم لمهامهم ويحجر الكشف عن هوية المبلغين أو هوية أي شخص آخر معني بالمخاطر والأضرار المرتبطة بالخدمات الصحية.

 

المسؤولية الطبية

وقبل رفع الجلسة العامة للتشاور انطلق النواب في نهاية الحصة الصباحية في عملية التصويت على فصول الباب الثالث من مقترح القانون وهو يتعلق بالمسؤولية الطبية مع إدخال بعض التعديلات، حيث نص الفصل 24 معدلا على أن يعد الضرر الناتج عن الخدمات الصحية أساسا للمسؤولية الطبية لمهنيي الصحة وتكون الهياكل والمؤسسات الصحية العمومية والخاصة مسؤولة موضوعيا عن الأضرار الناتجة عن أنشطتها. أما الفصل 25 معدلا فنص على أنه مع مراعاة مقتضيات الفصل 392 من مجلة الالتزامات والعقود، للمتضرر أو ولية الشرعي أو وكيلة القانوني أو المقدم عليه أو خلفه العام المطالبة بالتعويض عن الضرر في أجل أقصاه عشر سنوات من تاريخ حصول الضرر أو سنة من تاريخ العلم بالضرر وتكون المطالبة بالتعويض عن الضرر الحاصل في مجال طب الأسنان في أجل أقصاه ثلاث سنوات من تاريخ حصول الضرر أو سنة من تاريخ العلم به. ونص الفصل الموالي الذي تم تمريره في صيغته الأصلية على أن الهياكل والمؤسسات الصحية العمومية مسؤولة عن الأخطاء الطبية المرتكبة من مهنيي الصحة الراجعين لها بالنظر أو التونسيين والأجانب الذين تستقبلهم في إطار التعاون أو الشراكة مع مؤسسات أخرى أثناء أو بمناسبة تقديمهم للخدمات الصحية وتكون المؤسسة الصحية الخاصة مسؤولة عن الأخطاء الطبية المرتكبة من مهنيي الصحة الأجراء الراجعين لها بالنظر، ويكون أطباء الممارسة الحرة وأطباء القطاع العمومي الممارسين لنشاطهم بعنوان خاص مسؤولين عن الأخطاء الطبية المرتكبة من قبلهم وللهياكل والمؤسسات الصحية العمومية والخاصة حق الرجوع على منظوريها في صورة الخطأ الجسيم.

وبعد النقاش عدلت الجلسة العامة الفصل 27 في اتجاه تحميل المسؤولية.. حيث تتحمل الهياكل والمؤسسات الصحية العمومية والخاصة ولمهنيي الصحة المزودين لنشاطهم في إطار الممارسة الحرة وأطباء القطاع العمومي الممارسون لنشاطهم بعنوان خاص المسؤولية عن إخلالها بالالتزامات المحمولة عليها قانونا وعن الأضرار الناتجة عن التعفنات المرتبطة بالخدمات الصحية كما يتحمل هؤلاء المسؤولية عن الأضرار الناتجة عن المواد والتجهيزات والمنتجات الصحية التي يستخدمها مع حفظ حقها في الرجوع على المتسبب في الأضرار وفقا للتشريع الجاري به العمل.

 

التعويض عن الأضرار

قبل الشروع في التصويت على الأحكام المتصلة بالتعويض عن الأضرار المرتبطة بالخدمات الصحية أعلن رئيس مجلس نواب الشعب إبراهيم بودبالة عن رفع الجلسة العامة لمزيد التشاور، وعند استئنافها تم التصويت على بقية الفصول ثم على مقترح القانون برمته. وحسب الفصل 28 يتم التعويض سواء في إطار التسوية الرضائية أو في إطار التقاضي عن الأضرار المرتبطة بالخدمات الصحية الناتجة عن: ثبوت المسؤولية الطبية لمهنيي الصحة ومسؤولية الأعوان الراجعين لهم بالنظر، ثبوت المسؤولية الطبية لمهنيي الصحة ومسؤولية الأعوان الراجعين لهم بالنظر، ثبوت مسؤولية الهياكل والمؤسسات الصحية العمومية والخاصة، التعفنات المرتبطة بالخدمات الصحية. ونص الفصل 29 على أن يشمل التعويض عن الأضرار المرتبطة بالخدمات الصحية: الضرر البدني، الضرر المعنوي، الضرر المهني، الضرر الجمالي، خسارة الدخل خلال مدة العجز المؤقت عن العمل، الضرر الاقتصادي المترتب عن الوفاة، مصاريف الخدمات الصحية والتنقل ومصاريف الاستعانة بشخص عند الاقتضاء مصاريف الدفن. ويحتسب التعويض عن الأضرار الناتجة عن العجز المؤقت عن العمل وعن الضرر المهني والاقتصادي على أساس الخسارة الفعلية في الدخل. وتحدد نقطة  العجز بالنسبة للأضرار البدنية والمعنوية والجمالية من قبل لجنة وطنية تحدث بأمر وتتكون من قضاة وأطباء شرعيين وخبراء وتكون النقطة قابلة للتعديل دوريا حسب التغيرات الاقتصادية والمالية ويعوض عن مصاريف الدفن والتنقل ومصاريف الاستعانة بشخص عند الاقتضاء كاملة شرط إثباتها. وبموجب الفصل 30 لا يتمّ التعويض، في الحالات الّتي يثبت فيها تقرير الاختبار ما يلي:  أنّ الضرر كان ناتجا مباشرة وكليّا عن خطأ المريض أو رفضه أو عدم متابعته للعلاج طبقا لتوصيات طبيبه المباشر المدونة بملفه الطبي،  أنّ الضرر كان ناتجا مباشرة وكليّا عن مضاعفات أو تعكّرات متعارف عليها ناتجة عن التطور الطبيعي للمرض،  أنّ الضرر كان ناتجا مباشرة وكليّا عن فشل علاجي.

وبخصوص تدخل شركات التأمين  فقد ارتأت الجلسة العامة تعديل الفصل 31 وأصبح ينص على أنه يجب على الهياكل والمؤسسات الصحية الخاصة وعلى أطباء الممارسة الحرة وأطباء القطاع العام الممارسين لنشاطهم بعنوان خاص إبرام عقود تأمين لتغطية المخاطر الناجمة عن المسؤولية الطبية لدى إحدى مؤسسات التأمين المرخص لها بممارسة نشاطها بالبلاد التونسية. وتتحمل المؤسسات الصحية الخاصة مسؤولية عدم انخراط مهنيي الصحة في إحدى مؤسسات التأمين وتواصل المؤسسات الصحية في القطاع العام الإجراءات المعمول بها المتعلقة بالتعويضات المستوجبة عن الأضرار الناجمة عن المسؤولية الطبية وفق التشريع والتراتيب الجاري بها العمل. ويتعين على شركات التأمين المؤمن لديها على المسؤولية الطبية من طرف الهياكل والمؤسسات الصحية العمومية والخاصة وكافة مهنيي الصحة المزاولين لنشاطهم في إطار الممارسة الحرة و أطباء القطاع العام الممارسين لنشاطهم بعنوان خاص، دفع التعويضات المستوجبة عن الأضرار المرتبطة بالخدمات الصحية. وتضبط بقرار مشترك بين الوزير المكلف بالصحة والوزير المكلف بالمالية إجراءات دفع التعويضات وكيفية إسنادها.

 

التسوية والتعويض والاختبار

وصادق النواب خلال جلستهم العامة على فصول الباب الرابع الوارد تحت عنوان في التسوية الرضائية والتعويض والاختبار الطبي،  وهي الفصول من 32 إلى 46 وبالنسبة إلى التسوية الرضائية، يمكن للمنتفع بالخدمة الصحية أو وليه الشرعي أو وكيله القانوني أو المقدّم عليه أو خلفه العام  ممّن يتمسك بوقوع ضرر له بمناسبة تقديم الخدمة الصحية أن يتقدّم بمطلب في التسوية الرّضائيّة والتعويض وفقا لأنموذج يضبط بقرار من الوزير المكلّف بالصحة.ويوجّه مطلب التسوية الرضائيّة والتعويض إلى اللجنة المختصة المنصوص عليها بالفصل 33 من هذا القانون مقابل تسلّم وصل في الغرض. وتحدث لجان جهوية تسمّى "اللجنة الجهويّة للتسوية الرضائيّة والتعويض" يترأسها قاض إداري أو قاض عدلي وتتولى النّظر في مطالب التسوية الرضائية والتعويض وتضبط مهامها وتركيبتها وطرق سيرها بمقتضى أمر يضمن حيادية واستقلالية أعضائها. وبعد قبول مطلب التسوية والاتفاق على مبلغ التعويض، يتمّ إبرام كتب صلح بين المتضرر أو وليه الشرعي أو وكيله القانوني أو المقدم عليه أو من يؤول إليه الحق عند الوفاة  والجهة المعنيّة بالتعويض ويتم استيفاء إجراءات التسوية الرضائيّة بإبرام كتب الصّلح وإكسائه الصّبغة التنفيذيّة في أجل أقصاه ستّة أشهر ابتداء من تاريخ تقديم المطلب ويمكن عند الاقتضاء وبطلب معلل من لجنة الخبراء التمديد في هذا الأجل لمدة أقضاها ستة أشهر وبانقضاء آجال التسوية دون إبرام كتب الصلح يمكن للمعني بالأمر التوجه إلى القضاء. وإذا كان المستفيد من التعويض قاصرا أو فاقدا للأهلية، يجب أن يقدّم العرض المالي الموافق عليه من قبل وليه الشرعي إلى قاضي التقاديم للمصادقة عليه وفقا للتشريع الجاري به العمل. ولا يبرم كتب الصلح في هذه الحالة إلاّ بعد مصادقة قاضي التقاديم على العرض المالي. وفي صورة عدم مراعاة الإجراء المشار إليه بالفقرة الأولى من هذا الفصل، يمكن لكلّ من له مصلحة، باستثناء الجهة المعنية بالتعويض، طلب إبطال كتب الصلح أمام المحكمة المختصة، ويتعيّن على اللجنة الجهوية إحالة كتب الصّلح المبرم في  أجل أقصاه أسبوع من تاريخ إبرامه إلى رئيس المحكمة الابتدائية الّتي يوجد بدائرتها مقرّها لإكسائه الصبغة التنفيذية ولا يكون بذلك قابلا لأي وجه من أوجه الطعن ولو بدعوى تجاوز السلطة. وللمتضرر أو وكيلة القانوني أو المقدم عليه أو خلفه العام تقديم مطلب إلى رئيس المحكمة الابتدائية للإذن استعجاليا بإلزام اللجنة الجهوية بإحالة كتب الصلح المبرم.  وبعد استيفاء الإجراءات القانونيّة المستوجبة، تتمّ إحالة كتب الصّلح  في أجل أقصاه أسبوع من تاريخ إمضائه إلى الجهة المعنية بالتعويض للتنفيذ. ويتم صرف مبلغ التعويض في أجل أقصاه سنة من تاريخ إكساء كتب الصلح بالصبغة التنفيذية. ولا يمكن للمتضرر أو وليه الشرعي أو وكيله القانوني أو المقدم عليه أو خلفه العام في حالة إبرام كتب صلح والحصول على التعويض في إطار إجراءات التسوية الرضائيّة أن يقوم أمام المحاكم للحصول على التعويض بعنوان نفس الضرر. ولا يحول ذلك دون إمكانية إعادة تقديم مطلب جديد للتسوية الرضائية والتعويض أو اللجوء إلى القضاء للمطالبة بالتعويض في صورة تفاقم الضّرر في أجل أقصاه حمس سنوات من تاريخ انجاز مأمورية الاختبار..

ويتعيّن على اللجنة الجهوية تعليل قرار رفض مطلب التسوية الرضائية والتعويض. ويتعين على اللجنة الجهويّة في أجل أقصاه شهر من تاريخ استيفاء إجراءات التسوية الرضائية، تسليم المتضرر أو وليه الشرعي أو وكيله القانوني أو المقدم عليه أو خلفه العام وثيقة تثبت قيامه بإجراءات التسوية وفقا لمقتضيات هذا القانون في حال رفض مطلب التسوية أو عدم التوصل إلى اتفاق وله استرجاع وثائقه المسلمة للجنة. وتعلق إجراءات التسوية الرّضائية آجال التقاضي طيلة الفترة التي تستغرقها.

 

في الاختبار الطبي

ضبط مقترح القانون الذي صادقت عليه الجلسة العامة البرلمانية شروط الاختبار الطبي الذي يتعيّن إجراءه  بواسطة لجنة خبراء لتحديد المسؤولية الطبية وهي لجنة تتركب من ثلاثة أعضاء يتم تعيينهم من ضمن قائمة الخبراء العدليين المعتمدين بدائرة المحكمة الابتدائيّة المختصّة ترابيّا وذلك بمقتضى قرار من رئيس اللجنة الجهوية للتسوية الرضائيّة والتعويض. وفي صورة عدم وجود خبراء في الاختصاص المطلوب بدائرة المحكمة الابتدائيّة المختصّة ترابيّا، يمكن تعيين خبراء من خارج الدّائرة المعنيّة. ولا يعيّن بلجنة الخبراء إلاّ من كان مباشرا فعليّا للاختصاص المعني في تاريخ إجراء الاختبار.  تضم لجنة الخبراء وجوبا طبيبا شرعيا وخبيرين في الاختصاص موضوع الاختبار يكون أحدهما استشفائيا جامعيا ويمكن بقرار من رئيس اللجنة الجهويّة إضافة خبراء آخرين عند الاقتضاء الى تركيبة اللجنة كما يمكن للجنة أن تستعين برأي كل من تراه من ذوي الكفاءة في موضوع الاختبار. ويتعين على كل عضو بلجنة الخبراء أن يعلم رئيس اللجنة الجهوية للتسوية الرضائية والتعويض في حال وجوده في وضعيّة ﺗﻀﺎﺭﺏ ﻤﺼﺎﻟﺢ وذلك في أجل لا يتجاوز سبعة أيام من تاريخ توصّله بقرار تعيينه. كما يتعين على رئيس اللجنة الجهوية إذا ثبت له أن عضوا بلجنة الخبراء في وضعية تضارب مصالح اتخاذ الإجراءات الضرورية لوضع حد لهذه الوضعية. ويتم في حال ثبوت وضعيّة تضارب المصالح تعويض الخبير المعني بخبير آخر وفقا لنفس إجراءات التعيين. وتختم مأموريّة الاختبار بتقرير تصادق عليه لجنة الخبراء بأغلبيّة الثلثين على الأقلّ وتحيله إلى اللجنة الجهوية في أجل أقصاه ثلاثة أشهر من تاريخ تكليفها بمأمورية الاختبار.وفي صورة عدم إنجاز لجنة الخبراء مأمورية الاختبار في الأجل المحدد، يتعيّن عليها تقديم طلب معللّ إلى رئيس اللجنة الجهوية لمنحها أجلا إضافيا لمدة أقصاها شهر واحد لإتمام مأموريّة الاختبار. وتضبط أجرة الاختبارات الّتي يتم إجراؤها في إطار إجراءات التسوية الرّضائيّة بقرار مشترك من وزير الماليّة والوزراء المكلفين بالإشراف القطاعي. وتحمل أجرة ومصاريف الاختبار على الجهة المعنيّة بالتعويض.

 

المسؤولية الجزائية

وافقت الجلسة العامة على الأحكام الواردة في الباب الخامس من مقترح القانون المعروض على أنظارها وهو يتعلق بالمسؤولية الجزائية لمهنيي الصحة حيث نص الفصل 47 على أنه يعد الخطأ الجسيم أساسا للمسؤولية الجزائية لمهنيي الصحة، في صورة التتبّعات جزائية ضد مهنيي الصحة في علاقة بممارستهم لأعمالهم المهنيّة، على وكيل الجمهورية المختص ترابيا وفي ظرف أقصاه 72 ساعة إعلام سلطة الإشراف القطاعي والهيئة المهنية الراجع لها بالنظر مهني الصحة المعني بأي وسيلة تترك أثرا كتابيا. ومع مراعاة أحكام الفصل 30 من مجلة الإجراءات الجزائية يعلم وكيل الجمهورية لدى المحكمة الابتدائية المختصة ترابيا الوكيل العام لدى محكمة الاستئناف الذي يأذن بفتح بحث تحقيقي في موضوع التتبع.  وجاء في الفصل 48 أنه يتعين إجراء اختبار لتحديد المسؤولية الجزائية بواسطة لجنة خبراء. لا يمكن الإذن بالاحتفاظ أو الإيقاف التحفظي لمهنيي الصحة إلا بعد أن يثبت الاختبار الطبي وجود قرائن جدية ومتضافرة تثبت الإدانة.

أما باب الأحكام انتقالية فنص على أن يتواصل النظر في قضايا المسؤولية الطبية المنشورة طبقا للقوانين والإجراءات المعمول بها قبل دخول هذا القانون حيز النفاذ،  وتصدر النصوص الترتيبية الخاصة بهذا القانون في أجل أقصاه ستة أشهر من تاريخ دخوله حيز النفاذ.

سعيدة بوهلال