إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

في جلسة عامة.. البرلمان يناقش أول مبادرة تشريعية حول الأخطاء الطبية..

 

ـ نواب يطالبون بتحسين أوضاع المستشفيات العمومية والحد من نزيف الهجرة

تونس- الصباح

ناقش مجلس نواب الشعب أمس خلال جلسته العامة المنعقدة بقصر باردو برئاسة إبراهيم بودربالة أول مبادرة تشريعية تم تقديمها من قبل أعضائه وهي تتعلق بحقوق المنتفعين بالخدمات الصحية والمسؤولية الطبية.

ودعا المتدخلون إلى تحسين ظروف عمل الأطباء وجميع مهنيي الصحة للحد من نزيف الهجرة، وطالبوا وزارة الصحة بوضع إستراتيجية وطنية جديدة للنهوض بالقطاع الصحي في تونس من أجل تمكين التونسيين حيثما كانوا من حقهم الدستوري في التمتع بالخدمات الصحية.

نبيه ثابت النائب عن كتلة صوت الجمهورية ورئيس لجنة الصحة وشؤون المرأة والأسرة والشؤون الاجتماعية وذوي الإعاقة المتعهدة بدارسة المبادرة التشريعية والذي يمثل في نفس الوقت جهة المبادرة قال إن هذا القانون سيكون لفائدة الشعب التونسي ويهم المنتفعين بالخدمات الصحية من ناحية ومسدي هذه الخدمات من ناحية أخرى. وأكد أن اللجنة حرصت على ضمان حقوق جميع الأطراف، واستمعت إلى مقترحات مختلف الجهات المعنية واستأنست بها عند إعداد الصيغة النهائية للمبادرة التشريعية. وذكر أنه يترحم على الدكتور بدر الدين العلوي كما يترحم على الدكتور جاد الهنشيري شهيد الصحة العمومية ذلك المدافع الشرس عن حق المواطن التونسي في العلاج بالمؤسسات العمومية للصحة. وقال إنه عندما تم تقديم المبادرة في صيغتها الأصلية تم اقتراح أن تكون في شكل قانون أساسي لكن عملا بالفصل 75 من الدستور واستئناسا برأي وزارة العدل ارتأت اللجنة أن يكون القانون المتعلق بحقوق المنتفعين بالخدمات الصحية والمسؤولية الطبية قانونا عاديا.

وأشار رؤوف الفقيري مقرر اللجنة والنائب عن كتلة لينتصر الشعب إلى أن مقترح هذا القانون يهدف إلى إرساء إطار قانوني خاص يتعلق بحقوق المرضى وآليات الوقاية من المخاطر والأضرار المرتبطة بالعلاج، وبنظام المسؤولية الطبية لمهنيي الصحة المباشرين لنشاطهم بصفة قانونية، وبمسؤولية الهياكل والمؤسسات الصحية العمومية والخاصة أثناء تقديمها للخدمات الصحية وذلك لإيجاد إطار قانوني جامع وموحد لحقوق المرضى من ناحية وتلافي الفراغ التشريعي على مستوى المنظومة القانونية الوطنية في مادة المسؤولية الطبية من ناحية ثانية.  فهو حسب قوله يتعلق بضبط الحقوق الأساسية للمرضى إلى جانب إرساء آليات للوقاية من المخاطر والأضرار المرتبطة بالعلاج.

ولاحظ الفقيري أن الإطار القانوني الحالي للمسؤولية هو إطار عام لا يتمشى مع خصوصية وطبيعة الأعمال والأنشطة التي يقوم بها مهنيو الصحة والتي قد تؤدي إلى ترتيب مسؤولية مدنية أو جزائية لا تأخذ بعين الاعتبار طبيعة تلك الأعمال وذلك خلافا لما تم إقراره على مستوى عدة أنظمة قانونية مقارنة من إفراد للمسؤولية الطبية بنصوص قانونية خاصة.

وأضاف أنه يتم حاليا على المستوى القضائي تأسيس المسؤولية المدنية والجزائية الطبية لمهنيي الصحة ومسؤولية المؤسسات الصحية على معنى قانون 3 جوان 1996 والنصوص المنقحة والمتممة له، ومجلة الالتزامات والعقود، وقانون المحكمة الإدارية والمجلة الجزائية، وكل ذلك في غياب نظام قانوني خاص بالمسؤولية الطبية يحدد المسؤولية ويعرف المفاهيم الأساسية على غرار الخطأ الطبي والحادث الطبي.

مسار قضائي معقد

وأشار الفقيري مقرر لجنة الصحة إلى أنه علاوة على ذلك  فإن مسار المتقاضي للحصول على الحقوق مسار معقد يستغرق عدة سنوات للفصل فيه بما يثقل كاهل المريض المتضرر، وأضاف أن أحكام المجلة الجزائية في علاقة بالقتل أو الجرح على وجه الخطأ  لا تتلاءم مع طبيعة مهن الأطباء وغيرهم من مهنيي الصحة وهو ما يتطلب إعادة النظر في شروط تطبيقها على مهنيي الصحة بما يحقق العدالة المنشودة بين جميع المواطنين أمام القانون الجزائي من خلال الأخذ بعين الاعتبار لخصوصية الأعمال التي يؤديها مهنيو الصحة والتي تعتبر أعمالا خطرة بطبعها.

ولاحظ الفقيري أن التوسع في قاعدة التجريم في المجال الطبي كما تعكسه صياغة الفصلين 217 و225 من المجلة الجزائية، ساهم في إعاقة التطور الطبي في تونس من خلال دفع الأطباء وغيرهم من مهنيي الصحة إلى محاولة تحصين أنفسهم من أي إمكانية للمؤاخذة الجزائية سواء بعدم المبادرة أو بالمبالغة في المطالبة بالتحاليل الطبية والتي تكون أحيانا غير مبررة وهو ما يفاقم نفقات العلاج ويؤثر سلبا على آجال التعهد بالمرضى وتقديم الخدمات الصحية في أفضل الآجال.

وذكر أن مقترح القانون تم إعداده بالاستئناس بتجارب مقارنة للبلدان التي أرست أنظمة قانونية للمسؤولية الطبية والتعويض عن الأضرار العلاجية من خلال مؤسسات التأمين أو عن طريق صناديق عامة أو خاصة أو مشتركة توكل لها مهمة التعويض عن الأضرار..

ستة أبواب

تضمنت المبادرة التشريعية المعروضة أمس على أنظار الجلسة العامة والمتعلقة بحقوق المنتفعين بالخدمات الصحية والمسؤولية الطبية ستة أبواب أولها باب الأحكام العامة وتم من خلاله تعريف المفاهيم التالية: الخدمات الصحية، مهنيو الصحة، الخطأ الطبي، والحادث الطبي، التسوية الرضائية، الإهمال الجسيم، الفشل العلاجي.

ويتعلق بالباب الثاني بحقوق المرضى وآليات الجودة والسلامة والوقاية من المخاطر والأضرار المرتبطة بالخدمات الصحية، وتم فيه ضبط الحقوق الأساسية من خلال تكريس منظومة وقائية لتأمين سلامة المرضى وجودة العلاج والحد من الأضرار المرتبطة به في إطار إستراتجية وطنية للوقاية من المخاطر المرتبطة بالعلاج.

أما الباب الثالث فيتعلق بالمسؤولية الطبية المدنية وتم ضمنه تنظيم أسس المسؤولية المدنية لمهنيي الصحة والمؤسسات الصحية وضبط نظام التعويض عن الأضرار المرتبطة بالخدمات الصحية.

ويتعلق الباب الرابع بالتسوية الرضائية والتعويض والاختبار الطبي وتم في إطاره، إرساء مسار للتسوية الرضائية في صورة المطالبة بالتعويض عن الأضرار المرتبطة بالخدمات الصحية كما تم التنصيص على إحداث لجان جهوية للتسوية الرضائية والتعويض وضبط أحكام متعلقة بالاختبارات الضرورية لتحديد المسؤولية الطبية.

في حين تم في الباب الخامس المتعلق بالمسؤولية الجزائية لمهنيي الصحة تحديد أساس المسؤولية الجزائية لمهنيي الصحة وملاءمه إجراءات التتبع الجزائي مع خصوصية نشاطهم.

وخصص الباب السادس للأحكام ختامية وانتقالية تم التنصيص فيه على تاريخ دخول القانون الجديد حيز النفاذ على أن يتواصل النظر في القضايا الجارية طبقا للإجراءات المعمول بها قبل دخوله القانون الجديد حيز النفاذ.

تحيل المصحات

وعن رأيه في المبادرة التشريعية قال النائب غير المنتمي إلى كتل محمود شلغاف إن مهنة الطب والمهن الصحية بشكل عام لها جانب إنساني غير موجود في مهن أخرى لأن أصحابها يتعاملون مع الناس زمن المرض والضعف. وذكر أنه أمام نبل هذه المهن فمن واجب المجتمع ضمان الظروف الملائمة لممارستها وتحفيز أصحابها على تقديم خدماتهم الإنسانية للمجتمع بأريحية، لكن في تونس هذه الظروف لم تعد متوفرة حسب قول النائب مما دفع هؤلاء إلى هجرة جماعية غير مسبوقة، وفسر أن الإحصائيات تشير إلى أن هناك أربعة أطباء يغادرون البلاد يوميا ويجب بالتالي أن يأخذ القانون بعين الاعتبار هذه المعطيات وأن يحول دون تواصل هجرة الأطباء خاصة الشبان منهم. وقال انه لا بد من تحفيزهم ودعا الدولة إلى التكفل بمعاليم تأمين الأطباء الشبان للسنوات الخمسة الأولى. ولاحظ أن حقوق المرضى لا يضمنها زجر الأخطاء الطبية بل لا بد من إيجاد حلول لإنخرام الخارطة الصحية وغياب التجهيزات أو اهترائها وغياب الأدوية والمستلزمات الصحية وغياب النقل الطبي.  وتحدث شلغاف عن وضع الصحة في قرقنة وبين أن هناك مستوصفات تعمل يوما واحدا في الأسبوع. ويرى النائب أن الدعامة الأساسية لحقوق المرضى هي معالجة الوضعية الصحية المزرية للمستشفيات العمومية. وذكر أن المستشفى العمومي بعد الاستقلال كان ركيزة الخدمات الصحية لكن منذ الثمانيات أصبحت خدماته متخلفة جدا مقارنة بالمصحات الخاصة نتيجة غياب التجهيزات الطبية بما أدى إلى تباعد المواعيد وتسبب في تدهور صحة المريض. وانتقد النائب المصحات الخاصة حيث الفواتير الخيالية والتحيل وطلب فحوصات غير ضرورية وعبر عن انشغاله من العنف المسلط على مهنيي الصحة.

التعويض عن الضرر

أشار لطفي الهمامي النائب عن كتلة الأمانة والعمل إلى وجود فراغ تشريعي في علاقة بحقوق المرضى والمسؤولية الطبية، وذكر أن ضبط حقوق المرضى وتحديد مسؤولية مهنيي الصحة في صورة الإخلال عن غير قصد يتطلب سن قانون جديد منظم لهذا المجال، ويرى النائب أن مقترح القانون المعروض على الجلسة العامة من شأنه أن يمكن المريض من الحصول على حقه دون تعرض الطبيب للظلم.

وقال الهمامي إن هذا القانون سيكون له أثر طبي على المريض لأنه في حال تعرضه إلى خطأ سيحصل على التعويض المناسب من شركة التأمين دون قضاء سنوات طويلة من الانتظار في أروقة المحاكم. أما الطبيب فلن يتعرض للتعسف وسيعمل بأريحية وليس بأياد مرتعشة وحتى المنظومة الصحية فستفيد من عدم لجوء بعض الأطباء للطب الدفاعي بالامتناع عن علاج بعض الحالات المعقدة أو اللجوء للهجرة خوفا من العقاب.

إدانة العنف

وترى النائبة عن كتلة الأحرار سيرين مرابط أن هذا القانون من القوانين التي انتظرها التونسيون كثيرا وذكرت أنها تدين العنف بجميع أشكاله. ورغم أن مقترح القانون يتعلق بالصحة فقد خيرت النائبة الحديث عما وصفته بأهمية المسؤولية المجتمعية بما فيها المسؤولية الرياضية وعلاقتها بالمسؤولية الأمنية. وفسرت أن التعاطي مع الجماهير الرياضية يجب ألا يكون وفق مقاربة أمنية صرفة لأن العنف لا يخلف إلا العنف، وذكرت بقضية عمر العبيدي التي أصحبت حسب رأي الجماهير الرياضية رمزا للقمع البوليسي. ودعت مرابط وزيرة العدل إلى فتح ملف عمر العبيدي مثلما تم فتح ملف الشهيد شكري بلعيد، وطالبت وزارة الشباب والرياضة بمراجعة بيانها الأخير الذي يدل على عدم فهم أصل المشكل وقالت إن البيان ذكرها بالمقولة الشهيرة "بكل حزم". وأضافت أنها تريد تطبيق القانون على الجميع لكن تريده قانونا يحمي الرياضة والجماهير الرياضية. ودعت إلى تأطير الجماهير وإحداث اختصاص الأمن الرياضي. أما بخصوص الشماريخ والمقذوفات فتساءلت النائبة من المسؤول عنها  وأين الرقابة ولماذا  تعجز الدولة عن توفير آلات سكانير في مداخل الملعب.. وقالت لا تريد إعادة سينارو "تعلم عوم". كما تحدثت مرابط عن الدخلات وذكرت أنها من أرقى التعبيرات التي تنتجها المجتمعات في مساندتها للقضايا العادلة وأضافت أن جميع الدخلات الرياضية يمكن أن تدّرس في المؤسسات التربوية ومن يعتقد أن الدخلات يتم إعدادها من قبل شباب لا يتمتع بعمق فكري فهو واهم فالدخلات التي ناصرت القضية الفلسطينية واستحضرت تاريخ الحركة الوطنية وأمجادها والتي فتحت ملفات الفساد في كل القطاعات كانت دخلات عابرة للحدود ووصل صداها إلى كل العالم. وذكرت أن بيان وزارة الشباب والرياضة الأخير أشار إلى استحثاث النظر في مشروع قانون العنف الرياضي وهي تدعو الوزارة إلى استحثاث النظر في قانون الهياكل الرياضية وتطالب وزارة الداخلية بعدم نسيان حادثة "تعلم عوم" وقالت يجب تطبيق القانون على الجميع من جماهير وأمنيين وإعلاميين ومن يبث معلومات كاذبة، وأشارت إلى وجود صفحات مأجورة تدار من الخارج في توظيف لأحداث الدربي الأخيرة لأغراض تمس من الأمن القومي لتونس ومنها صفحة "الرصد التونسية" التي تدار من منبليزير. ونبهت سيرين مرابط رئيس الجمهورية إلى أن الرياضة في تونس تدق ناقوس الخطر وبينت أن تونس دولة مؤسسات وما حدث في الملعب يمكن تجاوزه إذا تم الابتعاد عن سياسة المكيالين وعن التجييش الإعلامي وعمليات التوظيف قبل المباراة وبعدها. وقالت إن تونس ليست في حالة حرب وهي تساند القضية الفلسطينية ولا تقبل دروسا من أحد في كيفية التعامل مع الجماهير الرياضية.

ثورة تشريعية

محمد علي فنيرة النائب عن الكتلة الوطنية المستقلة عبر عن ارتياحه لتمرير أول مقترح قانون تم إعداده من قبل النواب إلى الجلسة العامة، ودعا بقية اللجان إلى استكمال النظر في المبادرات التشريعية للنواب من أجل التسريع في عرضها على الجلسة العامة ونشرها في الرائد الرسمي حتى يترك النواب بصمتهم. وقال إنه يأسف لأن الوزراء ليس لديهم مشاريع قوانين يقدمونها إلى المجلس النيابي، وذكر أنه عندما يقدم النواب مقترحات قوانين يقال لهم إن الوزارات بصدد إعداد مشاريع قوانين في نفس الاتجاه ولكن يعرف الجميع ما يخاط في الوزارات وأن ليس لديها مشاريع في الصحة أو الفلاحة أو الاستثمار وأي شيء يذكر. ولاحظ فنيرة أن البرلمان أسرع مؤسسة في إعداد القوانين. وقال إنه إذا كانت هناك حاجة إلى القيام بثورة تشريعية فإن النواب هم الأقدر عليها من أجل إنقاذ تونس. وأضاف أن مسار 25 جويلية يجب أن يغير الوضع في البلاد انطلاقا من البرلمان لأن المجلس النيابي الحالي هو مجلس شبابي بامتياز حيث تفوق نسبة الشباب فيه 40 بالمائة فلماذا إذا ينتظر أشخاصا آخرين لا يستطيعون البناء وقال إن مقترح القانون المتعلق بحقوق المنتفعين بالخدمات الصحية والمسؤولية الطبية سيمر أحب من أحب ورفض من رفض..

قسم أبقراط

يوسف طرشون النائب عن كتلة الخط الوطني السيادي أشار إلى أن مداخلته ستكون بعنوان مفهوم المسؤولية لأنه يوجد في تونس أطباء أوفياء لقسم أبقراط الذي ظل صداه يتردد في ضمائرهم وهو ينص على ما يلي "أقسم بالله العظيم أن أراقب الله في مهنتي، وأن أصون حياة الإنسان في كافة أدوارها، في كل الظروف والأحوال، باذلًا وسعي في استنقاذها من الموت والمرض والألم والقلق، وأن أحفظ للناس كرامتهم، وأستر عوراتهم، وأكتم سرّهم".

وبين  النائب أن هناك من الأطباء من كانوا فعلا نموذجا للعطاء والمسؤولية، وأنه لا ينسى دروس المسؤولية التي لقنها الرعيل الأول من الأطباء أمثال منجي سليم والهادي شاكر وعبد الرحمان مامي والذين اغتالتهم اليد الحمراء والذين سطروا عناوين المسؤولية الطبية في مواجهة المستعمر لأنهم لم يكتفوا بعلاج الأجساد بل انخرطوا في تضميد جراح تونس المكلومة زمن الاستعمار وقدموا درسا في الوطنية والمسؤولية. وذكر أنه لا يمكنه تناسي الأطباء الذين واجهوا وباء كورونا زمن الحجر الصحي عندما اختفى الجميع بينما تحمل هؤلاء المسؤولية ومنهم من ارتقى فهو لا ينسى حافظ الأندلسي ومحمد صالح الغربي ومحمود بن عرفة وسليم غرس الله وغيرهم فهؤلاء تحملوا المسؤولية. ولاحظ أن الكثير من الأطباء خيروا البقاء في تونس رغم النقص في البنية التحتية ورغم الأجور المخجلة هناك من أصروا على البقاء وتحملوا المسؤولية، وأشار إلى أنه تأثر عندما استمع إلى الدكتور سامي بن رحومة وهو يتحدث بحرقة عن موجة الهجرة والفقر المسجل على مستوى الموارد البشرية في المؤسسات الصحية العمومية. وذكر أنه لا يمكنه أن ينسى دور الأطباء في المد التضامني مع الشعب الفلسطيني في نكبته، وتساءل "ماذا قدمت وزارة الصحة لهؤلاء الأطباء فهم جديرون بالتكريم وكان يجب على البرلمان تقديم تشريعات تمكن من توفير ظروف عمل مناسبة لهم؟".

كما عبر طرشون عن فخره بالأطباء الشبان وتحدث عن فقيد تونس الطبيب الشاب جاد الهنشيري الذي انتصر للمفقرين، ووعده بمواصلة النضال من أجل إرساء منظومة صحية عمومية لا تتاجر بآلام المرضى. كما قدم النائب تحية لطبيب الفقراء بأحد القرى النائبة بمتلين ببنزرت لأنه سخر حياته منذ سنة 1981 لعلاجهم بصفة مجانية فهو بذلك قدم درسا من الدروس الحية للمسؤولية الأخلاقية. وطالب النائب مسؤولي وزارة الصحة  بتحمل مسؤولياتهم في إصلاح المنظومة الصحية العمومية من خلال توفير الموارد البشرية وتحدث النائب عن  النقائص التي تشكو منها هذه المؤسسات في بنزرت.

حقوق الجميع مضمونة

وتعقيبا على المداخلات أشار أصحاب المبادرة التشريعية إلى أن مقترحهم حقق موازنة بين جميع الأطراف وبينوا أنه تم تنظيم 11 جلسة استماع بشأنه إلى جميع الأطراف المعنية بمن فيهم وزير الصحة.. وقبل المرور للتصويت على مقترح القانون المتعلق بحقوق المنتفعين بالخدمات الصحية والمسؤولية الطبية الوارد في 50 فصلا، أعلن رئيس مجلس نواب الشعب إبراهيم بودربالة أن الجلسة العامة المخصصة للنظر فيه ستتواصل اليوم 5 جوان 2024.

سعيدة بوهلال

في جلسة عامة..   البرلمان يناقش أول مبادرة تشريعية حول الأخطاء الطبية..

 

ـ نواب يطالبون بتحسين أوضاع المستشفيات العمومية والحد من نزيف الهجرة

تونس- الصباح

ناقش مجلس نواب الشعب أمس خلال جلسته العامة المنعقدة بقصر باردو برئاسة إبراهيم بودربالة أول مبادرة تشريعية تم تقديمها من قبل أعضائه وهي تتعلق بحقوق المنتفعين بالخدمات الصحية والمسؤولية الطبية.

ودعا المتدخلون إلى تحسين ظروف عمل الأطباء وجميع مهنيي الصحة للحد من نزيف الهجرة، وطالبوا وزارة الصحة بوضع إستراتيجية وطنية جديدة للنهوض بالقطاع الصحي في تونس من أجل تمكين التونسيين حيثما كانوا من حقهم الدستوري في التمتع بالخدمات الصحية.

نبيه ثابت النائب عن كتلة صوت الجمهورية ورئيس لجنة الصحة وشؤون المرأة والأسرة والشؤون الاجتماعية وذوي الإعاقة المتعهدة بدارسة المبادرة التشريعية والذي يمثل في نفس الوقت جهة المبادرة قال إن هذا القانون سيكون لفائدة الشعب التونسي ويهم المنتفعين بالخدمات الصحية من ناحية ومسدي هذه الخدمات من ناحية أخرى. وأكد أن اللجنة حرصت على ضمان حقوق جميع الأطراف، واستمعت إلى مقترحات مختلف الجهات المعنية واستأنست بها عند إعداد الصيغة النهائية للمبادرة التشريعية. وذكر أنه يترحم على الدكتور بدر الدين العلوي كما يترحم على الدكتور جاد الهنشيري شهيد الصحة العمومية ذلك المدافع الشرس عن حق المواطن التونسي في العلاج بالمؤسسات العمومية للصحة. وقال إنه عندما تم تقديم المبادرة في صيغتها الأصلية تم اقتراح أن تكون في شكل قانون أساسي لكن عملا بالفصل 75 من الدستور واستئناسا برأي وزارة العدل ارتأت اللجنة أن يكون القانون المتعلق بحقوق المنتفعين بالخدمات الصحية والمسؤولية الطبية قانونا عاديا.

وأشار رؤوف الفقيري مقرر اللجنة والنائب عن كتلة لينتصر الشعب إلى أن مقترح هذا القانون يهدف إلى إرساء إطار قانوني خاص يتعلق بحقوق المرضى وآليات الوقاية من المخاطر والأضرار المرتبطة بالعلاج، وبنظام المسؤولية الطبية لمهنيي الصحة المباشرين لنشاطهم بصفة قانونية، وبمسؤولية الهياكل والمؤسسات الصحية العمومية والخاصة أثناء تقديمها للخدمات الصحية وذلك لإيجاد إطار قانوني جامع وموحد لحقوق المرضى من ناحية وتلافي الفراغ التشريعي على مستوى المنظومة القانونية الوطنية في مادة المسؤولية الطبية من ناحية ثانية.  فهو حسب قوله يتعلق بضبط الحقوق الأساسية للمرضى إلى جانب إرساء آليات للوقاية من المخاطر والأضرار المرتبطة بالعلاج.

ولاحظ الفقيري أن الإطار القانوني الحالي للمسؤولية هو إطار عام لا يتمشى مع خصوصية وطبيعة الأعمال والأنشطة التي يقوم بها مهنيو الصحة والتي قد تؤدي إلى ترتيب مسؤولية مدنية أو جزائية لا تأخذ بعين الاعتبار طبيعة تلك الأعمال وذلك خلافا لما تم إقراره على مستوى عدة أنظمة قانونية مقارنة من إفراد للمسؤولية الطبية بنصوص قانونية خاصة.

وأضاف أنه يتم حاليا على المستوى القضائي تأسيس المسؤولية المدنية والجزائية الطبية لمهنيي الصحة ومسؤولية المؤسسات الصحية على معنى قانون 3 جوان 1996 والنصوص المنقحة والمتممة له، ومجلة الالتزامات والعقود، وقانون المحكمة الإدارية والمجلة الجزائية، وكل ذلك في غياب نظام قانوني خاص بالمسؤولية الطبية يحدد المسؤولية ويعرف المفاهيم الأساسية على غرار الخطأ الطبي والحادث الطبي.

مسار قضائي معقد

وأشار الفقيري مقرر لجنة الصحة إلى أنه علاوة على ذلك  فإن مسار المتقاضي للحصول على الحقوق مسار معقد يستغرق عدة سنوات للفصل فيه بما يثقل كاهل المريض المتضرر، وأضاف أن أحكام المجلة الجزائية في علاقة بالقتل أو الجرح على وجه الخطأ  لا تتلاءم مع طبيعة مهن الأطباء وغيرهم من مهنيي الصحة وهو ما يتطلب إعادة النظر في شروط تطبيقها على مهنيي الصحة بما يحقق العدالة المنشودة بين جميع المواطنين أمام القانون الجزائي من خلال الأخذ بعين الاعتبار لخصوصية الأعمال التي يؤديها مهنيو الصحة والتي تعتبر أعمالا خطرة بطبعها.

ولاحظ الفقيري أن التوسع في قاعدة التجريم في المجال الطبي كما تعكسه صياغة الفصلين 217 و225 من المجلة الجزائية، ساهم في إعاقة التطور الطبي في تونس من خلال دفع الأطباء وغيرهم من مهنيي الصحة إلى محاولة تحصين أنفسهم من أي إمكانية للمؤاخذة الجزائية سواء بعدم المبادرة أو بالمبالغة في المطالبة بالتحاليل الطبية والتي تكون أحيانا غير مبررة وهو ما يفاقم نفقات العلاج ويؤثر سلبا على آجال التعهد بالمرضى وتقديم الخدمات الصحية في أفضل الآجال.

وذكر أن مقترح القانون تم إعداده بالاستئناس بتجارب مقارنة للبلدان التي أرست أنظمة قانونية للمسؤولية الطبية والتعويض عن الأضرار العلاجية من خلال مؤسسات التأمين أو عن طريق صناديق عامة أو خاصة أو مشتركة توكل لها مهمة التعويض عن الأضرار..

ستة أبواب

تضمنت المبادرة التشريعية المعروضة أمس على أنظار الجلسة العامة والمتعلقة بحقوق المنتفعين بالخدمات الصحية والمسؤولية الطبية ستة أبواب أولها باب الأحكام العامة وتم من خلاله تعريف المفاهيم التالية: الخدمات الصحية، مهنيو الصحة، الخطأ الطبي، والحادث الطبي، التسوية الرضائية، الإهمال الجسيم، الفشل العلاجي.

ويتعلق بالباب الثاني بحقوق المرضى وآليات الجودة والسلامة والوقاية من المخاطر والأضرار المرتبطة بالخدمات الصحية، وتم فيه ضبط الحقوق الأساسية من خلال تكريس منظومة وقائية لتأمين سلامة المرضى وجودة العلاج والحد من الأضرار المرتبطة به في إطار إستراتجية وطنية للوقاية من المخاطر المرتبطة بالعلاج.

أما الباب الثالث فيتعلق بالمسؤولية الطبية المدنية وتم ضمنه تنظيم أسس المسؤولية المدنية لمهنيي الصحة والمؤسسات الصحية وضبط نظام التعويض عن الأضرار المرتبطة بالخدمات الصحية.

ويتعلق الباب الرابع بالتسوية الرضائية والتعويض والاختبار الطبي وتم في إطاره، إرساء مسار للتسوية الرضائية في صورة المطالبة بالتعويض عن الأضرار المرتبطة بالخدمات الصحية كما تم التنصيص على إحداث لجان جهوية للتسوية الرضائية والتعويض وضبط أحكام متعلقة بالاختبارات الضرورية لتحديد المسؤولية الطبية.

في حين تم في الباب الخامس المتعلق بالمسؤولية الجزائية لمهنيي الصحة تحديد أساس المسؤولية الجزائية لمهنيي الصحة وملاءمه إجراءات التتبع الجزائي مع خصوصية نشاطهم.

وخصص الباب السادس للأحكام ختامية وانتقالية تم التنصيص فيه على تاريخ دخول القانون الجديد حيز النفاذ على أن يتواصل النظر في القضايا الجارية طبقا للإجراءات المعمول بها قبل دخوله القانون الجديد حيز النفاذ.

تحيل المصحات

وعن رأيه في المبادرة التشريعية قال النائب غير المنتمي إلى كتل محمود شلغاف إن مهنة الطب والمهن الصحية بشكل عام لها جانب إنساني غير موجود في مهن أخرى لأن أصحابها يتعاملون مع الناس زمن المرض والضعف. وذكر أنه أمام نبل هذه المهن فمن واجب المجتمع ضمان الظروف الملائمة لممارستها وتحفيز أصحابها على تقديم خدماتهم الإنسانية للمجتمع بأريحية، لكن في تونس هذه الظروف لم تعد متوفرة حسب قول النائب مما دفع هؤلاء إلى هجرة جماعية غير مسبوقة، وفسر أن الإحصائيات تشير إلى أن هناك أربعة أطباء يغادرون البلاد يوميا ويجب بالتالي أن يأخذ القانون بعين الاعتبار هذه المعطيات وأن يحول دون تواصل هجرة الأطباء خاصة الشبان منهم. وقال انه لا بد من تحفيزهم ودعا الدولة إلى التكفل بمعاليم تأمين الأطباء الشبان للسنوات الخمسة الأولى. ولاحظ أن حقوق المرضى لا يضمنها زجر الأخطاء الطبية بل لا بد من إيجاد حلول لإنخرام الخارطة الصحية وغياب التجهيزات أو اهترائها وغياب الأدوية والمستلزمات الصحية وغياب النقل الطبي.  وتحدث شلغاف عن وضع الصحة في قرقنة وبين أن هناك مستوصفات تعمل يوما واحدا في الأسبوع. ويرى النائب أن الدعامة الأساسية لحقوق المرضى هي معالجة الوضعية الصحية المزرية للمستشفيات العمومية. وذكر أن المستشفى العمومي بعد الاستقلال كان ركيزة الخدمات الصحية لكن منذ الثمانيات أصبحت خدماته متخلفة جدا مقارنة بالمصحات الخاصة نتيجة غياب التجهيزات الطبية بما أدى إلى تباعد المواعيد وتسبب في تدهور صحة المريض. وانتقد النائب المصحات الخاصة حيث الفواتير الخيالية والتحيل وطلب فحوصات غير ضرورية وعبر عن انشغاله من العنف المسلط على مهنيي الصحة.

التعويض عن الضرر

أشار لطفي الهمامي النائب عن كتلة الأمانة والعمل إلى وجود فراغ تشريعي في علاقة بحقوق المرضى والمسؤولية الطبية، وذكر أن ضبط حقوق المرضى وتحديد مسؤولية مهنيي الصحة في صورة الإخلال عن غير قصد يتطلب سن قانون جديد منظم لهذا المجال، ويرى النائب أن مقترح القانون المعروض على الجلسة العامة من شأنه أن يمكن المريض من الحصول على حقه دون تعرض الطبيب للظلم.

وقال الهمامي إن هذا القانون سيكون له أثر طبي على المريض لأنه في حال تعرضه إلى خطأ سيحصل على التعويض المناسب من شركة التأمين دون قضاء سنوات طويلة من الانتظار في أروقة المحاكم. أما الطبيب فلن يتعرض للتعسف وسيعمل بأريحية وليس بأياد مرتعشة وحتى المنظومة الصحية فستفيد من عدم لجوء بعض الأطباء للطب الدفاعي بالامتناع عن علاج بعض الحالات المعقدة أو اللجوء للهجرة خوفا من العقاب.

إدانة العنف

وترى النائبة عن كتلة الأحرار سيرين مرابط أن هذا القانون من القوانين التي انتظرها التونسيون كثيرا وذكرت أنها تدين العنف بجميع أشكاله. ورغم أن مقترح القانون يتعلق بالصحة فقد خيرت النائبة الحديث عما وصفته بأهمية المسؤولية المجتمعية بما فيها المسؤولية الرياضية وعلاقتها بالمسؤولية الأمنية. وفسرت أن التعاطي مع الجماهير الرياضية يجب ألا يكون وفق مقاربة أمنية صرفة لأن العنف لا يخلف إلا العنف، وذكرت بقضية عمر العبيدي التي أصحبت حسب رأي الجماهير الرياضية رمزا للقمع البوليسي. ودعت مرابط وزيرة العدل إلى فتح ملف عمر العبيدي مثلما تم فتح ملف الشهيد شكري بلعيد، وطالبت وزارة الشباب والرياضة بمراجعة بيانها الأخير الذي يدل على عدم فهم أصل المشكل وقالت إن البيان ذكرها بالمقولة الشهيرة "بكل حزم". وأضافت أنها تريد تطبيق القانون على الجميع لكن تريده قانونا يحمي الرياضة والجماهير الرياضية. ودعت إلى تأطير الجماهير وإحداث اختصاص الأمن الرياضي. أما بخصوص الشماريخ والمقذوفات فتساءلت النائبة من المسؤول عنها  وأين الرقابة ولماذا  تعجز الدولة عن توفير آلات سكانير في مداخل الملعب.. وقالت لا تريد إعادة سينارو "تعلم عوم". كما تحدثت مرابط عن الدخلات وذكرت أنها من أرقى التعبيرات التي تنتجها المجتمعات في مساندتها للقضايا العادلة وأضافت أن جميع الدخلات الرياضية يمكن أن تدّرس في المؤسسات التربوية ومن يعتقد أن الدخلات يتم إعدادها من قبل شباب لا يتمتع بعمق فكري فهو واهم فالدخلات التي ناصرت القضية الفلسطينية واستحضرت تاريخ الحركة الوطنية وأمجادها والتي فتحت ملفات الفساد في كل القطاعات كانت دخلات عابرة للحدود ووصل صداها إلى كل العالم. وذكرت أن بيان وزارة الشباب والرياضة الأخير أشار إلى استحثاث النظر في مشروع قانون العنف الرياضي وهي تدعو الوزارة إلى استحثاث النظر في قانون الهياكل الرياضية وتطالب وزارة الداخلية بعدم نسيان حادثة "تعلم عوم" وقالت يجب تطبيق القانون على الجميع من جماهير وأمنيين وإعلاميين ومن يبث معلومات كاذبة، وأشارت إلى وجود صفحات مأجورة تدار من الخارج في توظيف لأحداث الدربي الأخيرة لأغراض تمس من الأمن القومي لتونس ومنها صفحة "الرصد التونسية" التي تدار من منبليزير. ونبهت سيرين مرابط رئيس الجمهورية إلى أن الرياضة في تونس تدق ناقوس الخطر وبينت أن تونس دولة مؤسسات وما حدث في الملعب يمكن تجاوزه إذا تم الابتعاد عن سياسة المكيالين وعن التجييش الإعلامي وعمليات التوظيف قبل المباراة وبعدها. وقالت إن تونس ليست في حالة حرب وهي تساند القضية الفلسطينية ولا تقبل دروسا من أحد في كيفية التعامل مع الجماهير الرياضية.

ثورة تشريعية

محمد علي فنيرة النائب عن الكتلة الوطنية المستقلة عبر عن ارتياحه لتمرير أول مقترح قانون تم إعداده من قبل النواب إلى الجلسة العامة، ودعا بقية اللجان إلى استكمال النظر في المبادرات التشريعية للنواب من أجل التسريع في عرضها على الجلسة العامة ونشرها في الرائد الرسمي حتى يترك النواب بصمتهم. وقال إنه يأسف لأن الوزراء ليس لديهم مشاريع قوانين يقدمونها إلى المجلس النيابي، وذكر أنه عندما يقدم النواب مقترحات قوانين يقال لهم إن الوزارات بصدد إعداد مشاريع قوانين في نفس الاتجاه ولكن يعرف الجميع ما يخاط في الوزارات وأن ليس لديها مشاريع في الصحة أو الفلاحة أو الاستثمار وأي شيء يذكر. ولاحظ فنيرة أن البرلمان أسرع مؤسسة في إعداد القوانين. وقال إنه إذا كانت هناك حاجة إلى القيام بثورة تشريعية فإن النواب هم الأقدر عليها من أجل إنقاذ تونس. وأضاف أن مسار 25 جويلية يجب أن يغير الوضع في البلاد انطلاقا من البرلمان لأن المجلس النيابي الحالي هو مجلس شبابي بامتياز حيث تفوق نسبة الشباب فيه 40 بالمائة فلماذا إذا ينتظر أشخاصا آخرين لا يستطيعون البناء وقال إن مقترح القانون المتعلق بحقوق المنتفعين بالخدمات الصحية والمسؤولية الطبية سيمر أحب من أحب ورفض من رفض..

قسم أبقراط

يوسف طرشون النائب عن كتلة الخط الوطني السيادي أشار إلى أن مداخلته ستكون بعنوان مفهوم المسؤولية لأنه يوجد في تونس أطباء أوفياء لقسم أبقراط الذي ظل صداه يتردد في ضمائرهم وهو ينص على ما يلي "أقسم بالله العظيم أن أراقب الله في مهنتي، وأن أصون حياة الإنسان في كافة أدوارها، في كل الظروف والأحوال، باذلًا وسعي في استنقاذها من الموت والمرض والألم والقلق، وأن أحفظ للناس كرامتهم، وأستر عوراتهم، وأكتم سرّهم".

وبين  النائب أن هناك من الأطباء من كانوا فعلا نموذجا للعطاء والمسؤولية، وأنه لا ينسى دروس المسؤولية التي لقنها الرعيل الأول من الأطباء أمثال منجي سليم والهادي شاكر وعبد الرحمان مامي والذين اغتالتهم اليد الحمراء والذين سطروا عناوين المسؤولية الطبية في مواجهة المستعمر لأنهم لم يكتفوا بعلاج الأجساد بل انخرطوا في تضميد جراح تونس المكلومة زمن الاستعمار وقدموا درسا في الوطنية والمسؤولية. وذكر أنه لا يمكنه تناسي الأطباء الذين واجهوا وباء كورونا زمن الحجر الصحي عندما اختفى الجميع بينما تحمل هؤلاء المسؤولية ومنهم من ارتقى فهو لا ينسى حافظ الأندلسي ومحمد صالح الغربي ومحمود بن عرفة وسليم غرس الله وغيرهم فهؤلاء تحملوا المسؤولية. ولاحظ أن الكثير من الأطباء خيروا البقاء في تونس رغم النقص في البنية التحتية ورغم الأجور المخجلة هناك من أصروا على البقاء وتحملوا المسؤولية، وأشار إلى أنه تأثر عندما استمع إلى الدكتور سامي بن رحومة وهو يتحدث بحرقة عن موجة الهجرة والفقر المسجل على مستوى الموارد البشرية في المؤسسات الصحية العمومية. وذكر أنه لا يمكنه أن ينسى دور الأطباء في المد التضامني مع الشعب الفلسطيني في نكبته، وتساءل "ماذا قدمت وزارة الصحة لهؤلاء الأطباء فهم جديرون بالتكريم وكان يجب على البرلمان تقديم تشريعات تمكن من توفير ظروف عمل مناسبة لهم؟".

كما عبر طرشون عن فخره بالأطباء الشبان وتحدث عن فقيد تونس الطبيب الشاب جاد الهنشيري الذي انتصر للمفقرين، ووعده بمواصلة النضال من أجل إرساء منظومة صحية عمومية لا تتاجر بآلام المرضى. كما قدم النائب تحية لطبيب الفقراء بأحد القرى النائبة بمتلين ببنزرت لأنه سخر حياته منذ سنة 1981 لعلاجهم بصفة مجانية فهو بذلك قدم درسا من الدروس الحية للمسؤولية الأخلاقية. وطالب النائب مسؤولي وزارة الصحة  بتحمل مسؤولياتهم في إصلاح المنظومة الصحية العمومية من خلال توفير الموارد البشرية وتحدث النائب عن  النقائص التي تشكو منها هذه المؤسسات في بنزرت.

حقوق الجميع مضمونة

وتعقيبا على المداخلات أشار أصحاب المبادرة التشريعية إلى أن مقترحهم حقق موازنة بين جميع الأطراف وبينوا أنه تم تنظيم 11 جلسة استماع بشأنه إلى جميع الأطراف المعنية بمن فيهم وزير الصحة.. وقبل المرور للتصويت على مقترح القانون المتعلق بحقوق المنتفعين بالخدمات الصحية والمسؤولية الطبية الوارد في 50 فصلا، أعلن رئيس مجلس نواب الشعب إبراهيم بودربالة أن الجلسة العامة المخصصة للنظر فيه ستتواصل اليوم 5 جوان 2024.

سعيدة بوهلال