إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

الأعلى قيمة في تاريخه.. البريد التونسي يسجل رقما قياسيا في مرابيحه تفوق الـ203 ملايين دينار

-   مديرة الخزينة بالبريد التونسي في تصريح خصت به "الصباح":خدمات الدفع الالكتروني أبرز العوامل.. والبريد التونسي له كل مقومات النجاح ليكون بنكا 

-   100 ألف حريف يدخلون شبكة البريد التونسي يوميا

 

تونس-الصباح

كشفت مديرة الخزينة بالبريد التونسي، ريم الجمالي في تصريح خصت به "الصباح" عن الرقم القياسي للمرابيح التي حققها البريد التونسي خلال سنة 2023، والتي ناهزت الـ 203.6 مليون دينار خام، وهي القيمة الأرفع منذ تاريخ انبعاث هذا الصرح الوطني والتي قدرت أرباحا صافية جملية بـ 170.9 م. د، مسجلة بذلك نسبة نمو هامة بـ 60 بالمائة، مؤكدة أن هذه الأرقام المحققة تنتظر فقط تأكيد مراقب الحسابات لنشره بصفة رسمية قريبا...

وأفادت المسؤولة بالبريد التونسي بأن النسق التصاعدي الذي اتخذته مرابيح المؤسسة بدا منذ أربع سنوات بتحقيق نتائج سنوية ايجابية، مبينة أن ابرز العوامل التي أدت إلى هذه النتائج تتمثل بالأساس في الاستراتجيات والسياسات التي انتهجها البريد التونسي والتي على رأسها التحكم في نفقات الاستغلال لتستقر للسنة الثانية على التوالي في حدود الـ 543 مليون دينار...

كما أضافت المسؤولة أن تحسين الإنتاجية من خلال الآليات والوسائل المعتمدة مكنتها هي الأخرى من الزيادة في رقم معاملات المؤسسة بنسبة 18 بالمائة، لتصل إلى حدود الـ 743 مليون دينار بعد أن كانت في السنة التي قبلها ونقصد 2022 في حدود الـ 629 مليون دينار ...

وأشارت مديرة الخزينة بالبريد التونسي إلى أن جل المنتجات البريدية عرفت تطورا ملحوظا خلال كامل سنة 2023، فبالنسبة للخدمات المالية التقليدية فقد فاقت الـ 8 آلاف مليون دينار فقط على مستوى الادخار وأكثر من 2000 مليون دينار على مستوى الحسابات الجارية، حسب تعبيرها...

وأضافت المسؤولة بالبريد التونسي في تصريح خصت به "الصباح" أن خدمات الدفع الالكتروني التي وقع تطويرها بالبطاقات مسبقة الدفع e-dinar smart  من ابرز المنتجات كذلك التي حققت تطورا ملحوظا وساهمت في نمو أرباح المؤسسة بعد بلوغها الـ 3 ملايين بطاقة  دفع الكتروني ...

وأشارت الجمالي في ذات السياق إلى أن البريد التونسي نجح على مستوى البطاقات مسبقة الدفع في توسيع الفئات المستهدفة لتشمل اليوم 260 ألف عائلة معوزة و350 ألف متقاعد والآلاف من الشباب والمؤسسات الصغرى والمتوسطة، مؤكدة على أهمية الآليات والحلول الرقمية التي وفرها البريد لتسهيل استعمال وتطوير الخدمات الرقمية...

وبينت الجمالي انه كان لإطلاق المنصة الرقمية للدفع الالكتروني أهمية مثلى لتطوير مردودية خدمات الدفع الالكتروني، فضلا عن الاستثمارات التي قام بها البريد التونسي لتوسيع شبكة الموزعات الآلية التي وصل عددها مع موفى 2023 إلى 700 موزع آلي على كامل الجمهورية ...

ويبقى العدد الأبرز من جملة هذه الأرقام والإحصائيات الحديثة للمؤسسة المالية هو دخول 100 ألف حريف يوميا إلى البريد التونسي في خدماته، حسب ما أفادت به محدثتنا ...

أرقام مشجعة لتحويل البريد إلى بنك

أما في ما يخص مشروع تحويل البريد التونسي إلى بنك عمومي، أفادت الجمالي بان البريد التونسي له اليوم كل مقومات النجاح ليكون بنكا، باعتبار انه يقدم كل الخدمات المالية للحرفاء باستثناء القروض، هذا المنتج الوحيد الذي جعل العديد من حرفاء البريد يتركوا المؤسسة، وهو ما يؤثر سلبا على البريد على مستوى تراجع الادخار والشيكات، حسب تعبيرها...

وتجدر الإشارة، إلى أنّ تواصل سلسلة النتائج الايجابية التي دأب على تسجيلها البريد التونسي منذ ثلاث سنوات، بمبالغ سنوية قياسية، جاءت بعد مرحلة تواترت فيها على امتداد فترات طويلة النتائج السلبية بهذه المؤسسة الوطنية كجلّ شركات القطاع العام التي عانت ولازالت إلى حدود تاريخه تعاني من عديد الصعوبات المالية والهيكلية.

وهذه النتيجة القياسية التي يحققها البريد التونسي لأول مرة في تاريخه، جعلته بالإضافة إلى دورة الأساسي والمحوري في عمليتي الإدماج الرقمي والمالي والاجتماعي، يتموقع بين أفضل المؤسسات المالية والبنكية على مستوى ترتيب أفضل المرابيح، رغم دوره الاجتماعي من خلال توفيره لخدمات اجتماعية وما يمثله من كلفة عالية على حسابات الديوان في غياب تام للدعم المالي في إطار ميزانية الدولة الذي انقطع منذ سنوات طويلة.

وبالعودة إلى هذا المشروع المتعثر، فقبل شهرين تقريبا، تم إثارة مشروع تحويل البريد التونسي إلى بنك عمومي بين نواب البرلمان في علاقة بأهميته في الحد من الإقصاء المالي وتعزيز الاندماج المالي، ليعود من جديد الأسبوع المنقضي في جلسة عامة تحت قبة مجلس النواب بعد مطالبة عدد من النواب بتركيز بنك بريدي، لكن موقف الحكومة كان قد راوح بين أهمية هذا المشروع وبين صعوبة تفعيله في الوقت الراهن مما يبعث الكثير من التساؤلات بين التونسيين فيما تتجه إليه الدولة في خصوص هذا المشروع..

فاليوم، كشفت العديد من الدراسات وأراء المراقبين الماليين والاقتصاديين أهمية هذا المشروع في علاقة بالمواطن من جهة وبالدولة ومساهمته في دعم ميزانيتها من جهة ثانية، إلا أن الحكومات المتعاقبة لم تأخذه بعد على محمل الجد وبقي فكرة تطالب به العديد من الجهات المدنية والرقابية حتى تمت إثارته مؤخرا بمطلب رسمي تقدم به عدد من نواب الشعب لوزيرة المالية...

من جهتها، أكدت وزيرة المالية، سهام البوغديري نمصية، أن إحداث البنك البريدي، يعد مسألة إستراتيجية، مستدركة انه لا يمكن البت فيها على مستوى مشروع القانون المتعلق بمكافحة الإقصاء المالي، باعتبار أنه يجب النظر في هذا الموضوع في إطار رؤية شاملة تأخذ بعين الاعتبار أهمية موارد الادخار بالنسبة للمالية العمومية وإستراتيجية تطوير القطاع البنكي والمالي وأهمية الخدمات البريدية بالإضافة إلى تموقع البريد في قطاع تكنولوجيا الاتصال والمعلومات، حسب تعبيرها....

كما أضافت نمصية، ردا على مقترح تقدم به نواب الشعب بإحداث بنك بريدي بالنظر إلى دوره الأساسي في إنجاح مشروع هذا القانون، أنه عِلاوة على مستوى الإجراءات، فإن إحداث بنك أو تحويل مؤسسة إلى مؤسسة بنكية، يخضع إلى ترخيص لجنة التراخيص بالبنك المركزي، التي تعمل وفقا لإجراءات القانون المتعلق بالبنوك والمؤسسات المالية.

وأشارت الوزيرة لإقناع النواب في ذات السياق، أن البريد التونسي مؤسسة عمومية مكلفة بتسيير صندوق الادخار الوطني التونسي لفائدة خزينة الدولة، وإيداعات الحرفاء مضمونة لدى البريد التونسي وهي موضوعة على ذمّة حساب الخزينة وهي مصدر رئيسي لتمويل ميزانية الدولة.

واعتبرت في مجمل تدخلها أن هذا الملف قابل للدرس في إطار الرؤية المذكورة بتشريك كُلّ الأطراف المتداخلة مع الأخذ بعين الاعتبار للآثار السلبية على التوازنات المالية خاصة في هذا الظرف الدقيق، هذا الموقف الذي يعبر في النهاية عن موقف الحكومة تجاه هذا المشروع وهو ما يؤكد انه سيأخذ مزيدا من الوقت لتنفيذه...

البنوك تقف حجر عثرة أمام المشروع

من جهة أخرى، لا يمكن أن ننسى موقف البنوك الخاصة الرافض لهذا المشروع لأنه سيعزز القطاع البنكي العمومي، الأكثر ثقة لدى التونسيين مما سيوسع دائرة المنافسة مستقبلا وقد يستقطب حجما كبيرا من الفئات المستهدفة خاصة أن هدف المشروع النهوض بالمناطق الداخلية، ودعم المشاريع التنموية في العديد من الولايات الداخلية، فضلا عن النهوض بالواقع المعيشي للعديد من المواطنين، وتحقيق الاستقرار الاجتماعي خلال السنوات القادمة، خصوصا في ظل الأزمة الاقتصادية والمالية الظرفية التي تمر بها البلاد.

والحال أن البنوك التقليدية اليوم حادت عن دورها المشجع على التنمية وأصبحت تتجه نحو إقراض الدولة لانخفاض المخاطر المالية، مما اثر على المؤسسة التونسية وعلى الأفراد وقد يكون بنك البريد التونسي الحل أمامهم في الأيام القادمة...

كما مازالت إشكالية تقاضي البنوك التونسية للعمولات والفوائض تثير جدلا واسعا بين التونسيين، وتطالب العديد من الجهات بتغيير بعض مقتضيات القانون المنظم لنشاط البنوك والمؤسسات المالية، خاصة في مجال التراخيص، والعمليات البنكية، وحوكمة البنوك، إذ تتقاضى البنوك التونسية شهريا 83 دينارا على كل حساب بنكي بعنوان عمولات وفوائض، في حين بلغت قيمة العمولات والفوائض التي تقاضتها البنوك التونسية في عام 2022 حوالي 4.364 مليون دينار، وهو الأمر الذي يدفع بشدة لتحويل مؤسسة البريد التونسي إلى بنك.

وفي انتظار الفصل في هذا المشروع بصفة جدية من قبل الحكومة عبر توفير كل آليات تفعيله على ارض الواقع لتتحقق أهدافه المتفق بشأنها وأهمها النهوض بالمناطق الداخلية، ودعم المشاريع التنموية في العديد من الولايات الداخلية، تبقى الأرقام التي حققها البريد التونسي مؤشرا ايجابيا قد يدفع نحو التسريع في تفعيله في اقرب الآجال..

وفاء بن محمد 

الأعلى قيمة في تاريخه..  البريد التونسي يسجل رقما قياسيا في مرابيحه تفوق الـ203 ملايين دينار

-   مديرة الخزينة بالبريد التونسي في تصريح خصت به "الصباح":خدمات الدفع الالكتروني أبرز العوامل.. والبريد التونسي له كل مقومات النجاح ليكون بنكا 

-   100 ألف حريف يدخلون شبكة البريد التونسي يوميا

 

تونس-الصباح

كشفت مديرة الخزينة بالبريد التونسي، ريم الجمالي في تصريح خصت به "الصباح" عن الرقم القياسي للمرابيح التي حققها البريد التونسي خلال سنة 2023، والتي ناهزت الـ 203.6 مليون دينار خام، وهي القيمة الأرفع منذ تاريخ انبعاث هذا الصرح الوطني والتي قدرت أرباحا صافية جملية بـ 170.9 م. د، مسجلة بذلك نسبة نمو هامة بـ 60 بالمائة، مؤكدة أن هذه الأرقام المحققة تنتظر فقط تأكيد مراقب الحسابات لنشره بصفة رسمية قريبا...

وأفادت المسؤولة بالبريد التونسي بأن النسق التصاعدي الذي اتخذته مرابيح المؤسسة بدا منذ أربع سنوات بتحقيق نتائج سنوية ايجابية، مبينة أن ابرز العوامل التي أدت إلى هذه النتائج تتمثل بالأساس في الاستراتجيات والسياسات التي انتهجها البريد التونسي والتي على رأسها التحكم في نفقات الاستغلال لتستقر للسنة الثانية على التوالي في حدود الـ 543 مليون دينار...

كما أضافت المسؤولة أن تحسين الإنتاجية من خلال الآليات والوسائل المعتمدة مكنتها هي الأخرى من الزيادة في رقم معاملات المؤسسة بنسبة 18 بالمائة، لتصل إلى حدود الـ 743 مليون دينار بعد أن كانت في السنة التي قبلها ونقصد 2022 في حدود الـ 629 مليون دينار ...

وأشارت مديرة الخزينة بالبريد التونسي إلى أن جل المنتجات البريدية عرفت تطورا ملحوظا خلال كامل سنة 2023، فبالنسبة للخدمات المالية التقليدية فقد فاقت الـ 8 آلاف مليون دينار فقط على مستوى الادخار وأكثر من 2000 مليون دينار على مستوى الحسابات الجارية، حسب تعبيرها...

وأضافت المسؤولة بالبريد التونسي في تصريح خصت به "الصباح" أن خدمات الدفع الالكتروني التي وقع تطويرها بالبطاقات مسبقة الدفع e-dinar smart  من ابرز المنتجات كذلك التي حققت تطورا ملحوظا وساهمت في نمو أرباح المؤسسة بعد بلوغها الـ 3 ملايين بطاقة  دفع الكتروني ...

وأشارت الجمالي في ذات السياق إلى أن البريد التونسي نجح على مستوى البطاقات مسبقة الدفع في توسيع الفئات المستهدفة لتشمل اليوم 260 ألف عائلة معوزة و350 ألف متقاعد والآلاف من الشباب والمؤسسات الصغرى والمتوسطة، مؤكدة على أهمية الآليات والحلول الرقمية التي وفرها البريد لتسهيل استعمال وتطوير الخدمات الرقمية...

وبينت الجمالي انه كان لإطلاق المنصة الرقمية للدفع الالكتروني أهمية مثلى لتطوير مردودية خدمات الدفع الالكتروني، فضلا عن الاستثمارات التي قام بها البريد التونسي لتوسيع شبكة الموزعات الآلية التي وصل عددها مع موفى 2023 إلى 700 موزع آلي على كامل الجمهورية ...

ويبقى العدد الأبرز من جملة هذه الأرقام والإحصائيات الحديثة للمؤسسة المالية هو دخول 100 ألف حريف يوميا إلى البريد التونسي في خدماته، حسب ما أفادت به محدثتنا ...

أرقام مشجعة لتحويل البريد إلى بنك

أما في ما يخص مشروع تحويل البريد التونسي إلى بنك عمومي، أفادت الجمالي بان البريد التونسي له اليوم كل مقومات النجاح ليكون بنكا، باعتبار انه يقدم كل الخدمات المالية للحرفاء باستثناء القروض، هذا المنتج الوحيد الذي جعل العديد من حرفاء البريد يتركوا المؤسسة، وهو ما يؤثر سلبا على البريد على مستوى تراجع الادخار والشيكات، حسب تعبيرها...

وتجدر الإشارة، إلى أنّ تواصل سلسلة النتائج الايجابية التي دأب على تسجيلها البريد التونسي منذ ثلاث سنوات، بمبالغ سنوية قياسية، جاءت بعد مرحلة تواترت فيها على امتداد فترات طويلة النتائج السلبية بهذه المؤسسة الوطنية كجلّ شركات القطاع العام التي عانت ولازالت إلى حدود تاريخه تعاني من عديد الصعوبات المالية والهيكلية.

وهذه النتيجة القياسية التي يحققها البريد التونسي لأول مرة في تاريخه، جعلته بالإضافة إلى دورة الأساسي والمحوري في عمليتي الإدماج الرقمي والمالي والاجتماعي، يتموقع بين أفضل المؤسسات المالية والبنكية على مستوى ترتيب أفضل المرابيح، رغم دوره الاجتماعي من خلال توفيره لخدمات اجتماعية وما يمثله من كلفة عالية على حسابات الديوان في غياب تام للدعم المالي في إطار ميزانية الدولة الذي انقطع منذ سنوات طويلة.

وبالعودة إلى هذا المشروع المتعثر، فقبل شهرين تقريبا، تم إثارة مشروع تحويل البريد التونسي إلى بنك عمومي بين نواب البرلمان في علاقة بأهميته في الحد من الإقصاء المالي وتعزيز الاندماج المالي، ليعود من جديد الأسبوع المنقضي في جلسة عامة تحت قبة مجلس النواب بعد مطالبة عدد من النواب بتركيز بنك بريدي، لكن موقف الحكومة كان قد راوح بين أهمية هذا المشروع وبين صعوبة تفعيله في الوقت الراهن مما يبعث الكثير من التساؤلات بين التونسيين فيما تتجه إليه الدولة في خصوص هذا المشروع..

فاليوم، كشفت العديد من الدراسات وأراء المراقبين الماليين والاقتصاديين أهمية هذا المشروع في علاقة بالمواطن من جهة وبالدولة ومساهمته في دعم ميزانيتها من جهة ثانية، إلا أن الحكومات المتعاقبة لم تأخذه بعد على محمل الجد وبقي فكرة تطالب به العديد من الجهات المدنية والرقابية حتى تمت إثارته مؤخرا بمطلب رسمي تقدم به عدد من نواب الشعب لوزيرة المالية...

من جهتها، أكدت وزيرة المالية، سهام البوغديري نمصية، أن إحداث البنك البريدي، يعد مسألة إستراتيجية، مستدركة انه لا يمكن البت فيها على مستوى مشروع القانون المتعلق بمكافحة الإقصاء المالي، باعتبار أنه يجب النظر في هذا الموضوع في إطار رؤية شاملة تأخذ بعين الاعتبار أهمية موارد الادخار بالنسبة للمالية العمومية وإستراتيجية تطوير القطاع البنكي والمالي وأهمية الخدمات البريدية بالإضافة إلى تموقع البريد في قطاع تكنولوجيا الاتصال والمعلومات، حسب تعبيرها....

كما أضافت نمصية، ردا على مقترح تقدم به نواب الشعب بإحداث بنك بريدي بالنظر إلى دوره الأساسي في إنجاح مشروع هذا القانون، أنه عِلاوة على مستوى الإجراءات، فإن إحداث بنك أو تحويل مؤسسة إلى مؤسسة بنكية، يخضع إلى ترخيص لجنة التراخيص بالبنك المركزي، التي تعمل وفقا لإجراءات القانون المتعلق بالبنوك والمؤسسات المالية.

وأشارت الوزيرة لإقناع النواب في ذات السياق، أن البريد التونسي مؤسسة عمومية مكلفة بتسيير صندوق الادخار الوطني التونسي لفائدة خزينة الدولة، وإيداعات الحرفاء مضمونة لدى البريد التونسي وهي موضوعة على ذمّة حساب الخزينة وهي مصدر رئيسي لتمويل ميزانية الدولة.

واعتبرت في مجمل تدخلها أن هذا الملف قابل للدرس في إطار الرؤية المذكورة بتشريك كُلّ الأطراف المتداخلة مع الأخذ بعين الاعتبار للآثار السلبية على التوازنات المالية خاصة في هذا الظرف الدقيق، هذا الموقف الذي يعبر في النهاية عن موقف الحكومة تجاه هذا المشروع وهو ما يؤكد انه سيأخذ مزيدا من الوقت لتنفيذه...

البنوك تقف حجر عثرة أمام المشروع

من جهة أخرى، لا يمكن أن ننسى موقف البنوك الخاصة الرافض لهذا المشروع لأنه سيعزز القطاع البنكي العمومي، الأكثر ثقة لدى التونسيين مما سيوسع دائرة المنافسة مستقبلا وقد يستقطب حجما كبيرا من الفئات المستهدفة خاصة أن هدف المشروع النهوض بالمناطق الداخلية، ودعم المشاريع التنموية في العديد من الولايات الداخلية، فضلا عن النهوض بالواقع المعيشي للعديد من المواطنين، وتحقيق الاستقرار الاجتماعي خلال السنوات القادمة، خصوصا في ظل الأزمة الاقتصادية والمالية الظرفية التي تمر بها البلاد.

والحال أن البنوك التقليدية اليوم حادت عن دورها المشجع على التنمية وأصبحت تتجه نحو إقراض الدولة لانخفاض المخاطر المالية، مما اثر على المؤسسة التونسية وعلى الأفراد وقد يكون بنك البريد التونسي الحل أمامهم في الأيام القادمة...

كما مازالت إشكالية تقاضي البنوك التونسية للعمولات والفوائض تثير جدلا واسعا بين التونسيين، وتطالب العديد من الجهات بتغيير بعض مقتضيات القانون المنظم لنشاط البنوك والمؤسسات المالية، خاصة في مجال التراخيص، والعمليات البنكية، وحوكمة البنوك، إذ تتقاضى البنوك التونسية شهريا 83 دينارا على كل حساب بنكي بعنوان عمولات وفوائض، في حين بلغت قيمة العمولات والفوائض التي تقاضتها البنوك التونسية في عام 2022 حوالي 4.364 مليون دينار، وهو الأمر الذي يدفع بشدة لتحويل مؤسسة البريد التونسي إلى بنك.

وفي انتظار الفصل في هذا المشروع بصفة جدية من قبل الحكومة عبر توفير كل آليات تفعيله على ارض الواقع لتتحقق أهدافه المتفق بشأنها وأهمها النهوض بالمناطق الداخلية، ودعم المشاريع التنموية في العديد من الولايات الداخلية، تبقى الأرقام التي حققها البريد التونسي مؤشرا ايجابيا قد يدفع نحو التسريع في تفعيله في اقرب الآجال..

وفاء بن محمد