إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

حرب غزة و" الكتلة الحرجة " المفقودة .. هل من حل ؟

لابد من كتلة إنسانية حرجة نوعياً وكمياً حتى تتحقق المطامح ويتم الإصلاح المنشود ..

بقلم نوفل سلامة

اليوم وبعد مرور أكثر من سبعة أشهر على عملية طوفان الأقصى التي قادتها كتائب عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة حماس الإسلامية والتي فجرت بها الحرب مع الكيان الغاصب المحتل للأرض العربية في فلسطين وما انجر عنها من تداعيات جسيمة على مدينة غزة وشعبها الذي يعيش منذ السابع من أكتوبر من السنة الماضية على وقع تدمير جنوني للمباني والمنشآت والبنية التحتية وحالة من القتل والتشريد والتهجير وعملية إبادة جماعية تقودها الآلة الحربية الصهيونية أمام مرأى ومسمع من العالم كله.

واليوم وبعد مرور كل هذه الأشهر من الدمار الشامل لغزة وسقوط ألاف الضحايا من الأطفال والنساء والشيوخ والعالم الغربي المتحضر بكل قوانينه ومؤسساته ومنظماته وثقافته وحداثتة وقيمه الإنسانية وفكره الكوني ونظامه العالمي لم يقدر على إيقاف غطرسة بني صهيون، بل هو متواطئ مع دولة الاحتلال ومتبن لرؤيتها للأحداث ومبارك لأفعالها الإجرامية ويبرر دون هوادة اعتداءاتها المتواصلة ويدافع عنها في كل الهيئات والمحافل الدولية التي يحاول شرفاء الإنسانية اللجوء إليها لإدانة هذا الكيان والوقوف إلى جانب الفلسطينيين وقضيتهم العادلة.

اليوم وبعد مرور كل هذا الوقت من دون أن نجد تغيرا في المشهد المأساوي في مدينة غزة وبعد كل الضغط الكبير الذي تقوم به الكثير من الشعوب في العديد من المدن والعواصم الغربية والعالمية للمطالبة بإيقاف الحرب ومحاسبة الدولة العبرية على جرائمها .. واليوم وبعد كل الاحتجاجات الشارعية الضخمة التي تجوب العالم انتصارا للشعب الغزاوي وهي مظاهرات متواصلة من دون أن تجد استجابة لمطالبها من طرف قوى الهيمنة العالمية أو تحدث تغيرا مؤثرا في الموقف من الحرب عند الجهات التي تقف وراء القرار العالمي وتتحكم في سير العالم وتتحكم في كل العلاقات بين الدول، فإن السؤال الذي يطرح نفسه بقوة هو: لماذا لم تغير كل تلك الاحتجاجات الشعبية التي جابت شوارع أوروبا قرار الحرب؟ وماذا ينقص غضب الإنسانية التي تخرج يوميا في المدن الغربية بأعداد كبيرة حتى يؤثر بقوة في القرار السياسي الغربي الداعم لإسرائيل؟ وهل من حلول أخرى حتى يتحول سلاح التظاهر الوسيلة الوحيدة التي بقيت تدعم أهل غزة ومدينتهم إلى قوة ضغط حاسمة في تغيير الوضع وقلب المعادلة التي تتحكم فيها إسرائيل والقوى الداعمة لها ؟

كل هذه الأسئلة المشروعة التي يطرحها اليوم الكثير من الناس والتي تضع كل الأمل في حركة الجماهير في الغرب واحتجاجات الشعوب في العواصم الأوروبية وموقف الإنسانية المشرف الذي يبقى على أهميته غير كاف ومنقوص، هذه الأسئلة تحيلنا إلى فكرة " الكتلة الحرجة " التي بمقدورها أن تغير الأوضاع فخروج الجماهير بكل تلك الكثافة التي رأيناها واحتجاج الشعوب بكل تلك الأعداد الضخمة مهم وضروري لنصرة الشعب الفلسطيني ولكن طالما لم تتحول كل هذه الجماهير إلى كتلة حرجة قادرة على قلب الموازين وتغيير المعادلة السياسية وتغيير المشهد فإنها ستظل تحتج وتعيد الاحتجاج من دون أن يكون لاحتجاجها وقع كبير وعميق في مجريات الأحداث وفي سوف تبقى حركتها عاجزة عن تغيير القرار والموقف السياسي والخوف كل الخوف أن تظل الشعوب تحتج وترفع الشعارات وتندد وتصرخ وأن يتواصل خروجها في مظاهرات ضخمة كل يوم وكل أسبوع من دون أن يسمع صوتها لتقع في حالة من اجترار للذات وتجد نفسها في حلقة مفرغة ودوران حول نفسها لتعود في كل مرة للتظاهر وترفع نفس المطالب ثم تعود من حيث جاءت تم تعيد الكرة مرة ومرتين وثلاث وأكثر من دون أن يحدث احتجاجها تغييرا كبيرا لتجد هذه الشعوب نفسها بعد كل هذا الجهد الذي تبذله في حالة من العجز والحيرة والمتاهة والاجترار لذلك كان تحول كل هذه الاحتجاجات وكل هذه المساندة الشارعية الضخمة إلى ما يسمى في العلوم الاجتماعية "بالكتلة الحرجة " ضرورة تاريخية للخروج من حالة العجز والمتاهة وحتى لا يقع الضغط الشارعي وجهد الشعوب في مأزق استمرار الدوران في حلقة مفرغة حول الذات فهذا الغضب المتراكم الذي عبرت عنه الإنسانية في وقوفها مع شعب غزة يزول مع الوقت ويفتر إذا لم ينتقل إلى حالة حرجة تصل إلى نقطة اللاعودة في نظام أو ظاهرة معينة تتمكن من إحداث انقلاب واضح في الموازين وتغيير في المعادلة والمقاربة السياسية ووضع الحرب وإذا لم يفرز احتجاج الشعوب كتلة حرجة تحقق المطلوب من خروجها لرفض الحرب وإيقاف العدوان على شعب غزة فإن الحال سوف تبقى على ما هي عليه لتتواصل المأساة الإنسانية في مدينة غزة التي أوصلت السكان إلى مجاعة حقيقية.

تشير الدراسات الاجتماعية إلى أن التغيرات الكبرى التي عرفتها الإنسانية والتي أثرت في حركة التاريخ لا تتحقق إلا إذا سبقها غليان الشعوب احتجاجا على أوضاعها وغضب كبير للجماهير تجاه السياسات الحكومية المتبعة يصل إلى درجة من الحرج المؤثر والحاسم في بقاء الوضع المتردي على حاله وأن التغيير الاجتماعي في كل مرحلة من المراحل التي تمر بها الشعوب والدول لابد له من كتلة إنسانية حرجة نوعياً وكمياً حتى تتحقق المطامح ويتم الإصلاح المنشود والتغيير المطلوب.

وفقًا لهذا التحليل فإن السؤال الذي يفرض نفسه هل توفرت في حرب غزة وفيما يحصل من مساندة عالمية كبيرة ومكثفة وضاغطة " كتلة حرجة " قادرة على تحقيق تغيير حقيقيً في موازين القوى وبإمكانها التأثير على القرار الدولي وتكون قادرة على تغيير مجريات الأحداث في اتجاه إجبار المعتدي ومن يسانده على إيقاف الحرب والشروع في إعادة الحياة إلى سكان غزة الذين باتوا على حافة مجاعة وموت بطيء؟

اليوم حان الوقت كي تفكر الشعوب المناصرة لغزة والإنسانية التي تدعم الشعب الفلسطيني في أشكال جديدة لمقاومة العدوان الإسرائيلي وابتكار طرق أخرى لإجبار قوى الهيمنة العالمية للاستجابة إلى مطالب الشارع المحتج والغاضب من ظلم وعدم عدالة النظام العالمي ومؤسساته وقوانينه وحداثته ومنظومة قيمه فالاحتجاج في الشوارع مرحلة في مسار المقاومة والتعبير عن المواقف الغاضبة لا يمكن أن يستمر إلى ما لا نهاية له طالما لم يحقق المطلوب وأدى أغراضه في وقته وظرفه وهو اليوم يحتاج حتى يتواصل ويحقق أهدافه أن ينتقل إلى مستوى آخر ومرحلة أخرى لذلك نعتبر أن الوقت قد حان لتفكر هذه الشعوب في تشكيل كتلة حرجة تستطيع بواسطتها تغيير المشهد في غزة وإعادة ترتيب الأوضاع فكل الشروط المطلوبة في تشكل هذه الكتلة الحرجة متوفرة من مناخ عالمي مساند ووعي إنساني كبير بعدالة القضية الفلسطينية ومن قناعة عارمة أن إسرائيل دولة احتلال غاصب ومن حالة فكرية متقدمة ومزاج عام متوفر واصطفاف غير مشروط مع الغزاويين وقضيتهم العادلة بعيدا عن كل الحسابات والأيديولوجيات والأغراض الحزبية فالكتلة الحرجة ليست تنظيما حزبيا ولا تنظيما سياسيا في خدمة أغراض انتخابية وإنما هي حالة شعورية وفكرية وإنسانية وموقف فكري من ظلم العالم وعدم عدالة منظومته للعولمة ومؤسساتها التي تتحكم فيها أمريكا وحلفائها من الغربيين والكتلة الحرجة هي فوق الأحزاب وخارج التنظيمات السياسية إنها حالة شارعية وحركة الشعوب المحبة للعدل والحق والإنسانية هي ثقافة جديدة وتوجه مختلف ونظرة مغايرة للحداثة ولفكر الأنوار ومنظومة القيم الكونية السائدة إنها حالة وعي جديد من أجل بناء عالم جديد يكون أكثر عدلا وإنصافا وإنسانية فهذه الكتلة الحرجة هي شبيهة بما يسميه المفكر اليساري أنطونيو قرامشي بالكتلة التاريخية التي تتشكل من المفكرين العضويين المنحازين إلى قضايا الإنسان المفقر والمهمش والمسلوب الإرادة لذلك فإن انضمام النخب الفكرية والشخصيات العلمية والنخب البرلمانية والحزبية والسياسية إلى هذا الحراك الشارعي في هذه الدول التي تقود اليوم شعوبها احتجاجات على تواصل الحرب في غزة مهم للغاية وضرورة تاريخية حتى تتشكل هذه الكتلة الحرجة وتخرج بهذه المظاهرات الضخمة التي تجوب شوارع أوروبا من مأزقها وعجزها ومتاهتها واجترارها.

 

 

 

 

 

 

 

حرب غزة و" الكتلة الحرجة " المفقودة  .. هل من حل ؟

لابد من كتلة إنسانية حرجة نوعياً وكمياً حتى تتحقق المطامح ويتم الإصلاح المنشود ..

بقلم نوفل سلامة

اليوم وبعد مرور أكثر من سبعة أشهر على عملية طوفان الأقصى التي قادتها كتائب عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة حماس الإسلامية والتي فجرت بها الحرب مع الكيان الغاصب المحتل للأرض العربية في فلسطين وما انجر عنها من تداعيات جسيمة على مدينة غزة وشعبها الذي يعيش منذ السابع من أكتوبر من السنة الماضية على وقع تدمير جنوني للمباني والمنشآت والبنية التحتية وحالة من القتل والتشريد والتهجير وعملية إبادة جماعية تقودها الآلة الحربية الصهيونية أمام مرأى ومسمع من العالم كله.

واليوم وبعد مرور كل هذه الأشهر من الدمار الشامل لغزة وسقوط ألاف الضحايا من الأطفال والنساء والشيوخ والعالم الغربي المتحضر بكل قوانينه ومؤسساته ومنظماته وثقافته وحداثتة وقيمه الإنسانية وفكره الكوني ونظامه العالمي لم يقدر على إيقاف غطرسة بني صهيون، بل هو متواطئ مع دولة الاحتلال ومتبن لرؤيتها للأحداث ومبارك لأفعالها الإجرامية ويبرر دون هوادة اعتداءاتها المتواصلة ويدافع عنها في كل الهيئات والمحافل الدولية التي يحاول شرفاء الإنسانية اللجوء إليها لإدانة هذا الكيان والوقوف إلى جانب الفلسطينيين وقضيتهم العادلة.

اليوم وبعد مرور كل هذا الوقت من دون أن نجد تغيرا في المشهد المأساوي في مدينة غزة وبعد كل الضغط الكبير الذي تقوم به الكثير من الشعوب في العديد من المدن والعواصم الغربية والعالمية للمطالبة بإيقاف الحرب ومحاسبة الدولة العبرية على جرائمها .. واليوم وبعد كل الاحتجاجات الشارعية الضخمة التي تجوب العالم انتصارا للشعب الغزاوي وهي مظاهرات متواصلة من دون أن تجد استجابة لمطالبها من طرف قوى الهيمنة العالمية أو تحدث تغيرا مؤثرا في الموقف من الحرب عند الجهات التي تقف وراء القرار العالمي وتتحكم في سير العالم وتتحكم في كل العلاقات بين الدول، فإن السؤال الذي يطرح نفسه بقوة هو: لماذا لم تغير كل تلك الاحتجاجات الشعبية التي جابت شوارع أوروبا قرار الحرب؟ وماذا ينقص غضب الإنسانية التي تخرج يوميا في المدن الغربية بأعداد كبيرة حتى يؤثر بقوة في القرار السياسي الغربي الداعم لإسرائيل؟ وهل من حلول أخرى حتى يتحول سلاح التظاهر الوسيلة الوحيدة التي بقيت تدعم أهل غزة ومدينتهم إلى قوة ضغط حاسمة في تغيير الوضع وقلب المعادلة التي تتحكم فيها إسرائيل والقوى الداعمة لها ؟

كل هذه الأسئلة المشروعة التي يطرحها اليوم الكثير من الناس والتي تضع كل الأمل في حركة الجماهير في الغرب واحتجاجات الشعوب في العواصم الأوروبية وموقف الإنسانية المشرف الذي يبقى على أهميته غير كاف ومنقوص، هذه الأسئلة تحيلنا إلى فكرة " الكتلة الحرجة " التي بمقدورها أن تغير الأوضاع فخروج الجماهير بكل تلك الكثافة التي رأيناها واحتجاج الشعوب بكل تلك الأعداد الضخمة مهم وضروري لنصرة الشعب الفلسطيني ولكن طالما لم تتحول كل هذه الجماهير إلى كتلة حرجة قادرة على قلب الموازين وتغيير المعادلة السياسية وتغيير المشهد فإنها ستظل تحتج وتعيد الاحتجاج من دون أن يكون لاحتجاجها وقع كبير وعميق في مجريات الأحداث وفي سوف تبقى حركتها عاجزة عن تغيير القرار والموقف السياسي والخوف كل الخوف أن تظل الشعوب تحتج وترفع الشعارات وتندد وتصرخ وأن يتواصل خروجها في مظاهرات ضخمة كل يوم وكل أسبوع من دون أن يسمع صوتها لتقع في حالة من اجترار للذات وتجد نفسها في حلقة مفرغة ودوران حول نفسها لتعود في كل مرة للتظاهر وترفع نفس المطالب ثم تعود من حيث جاءت تم تعيد الكرة مرة ومرتين وثلاث وأكثر من دون أن يحدث احتجاجها تغييرا كبيرا لتجد هذه الشعوب نفسها بعد كل هذا الجهد الذي تبذله في حالة من العجز والحيرة والمتاهة والاجترار لذلك كان تحول كل هذه الاحتجاجات وكل هذه المساندة الشارعية الضخمة إلى ما يسمى في العلوم الاجتماعية "بالكتلة الحرجة " ضرورة تاريخية للخروج من حالة العجز والمتاهة وحتى لا يقع الضغط الشارعي وجهد الشعوب في مأزق استمرار الدوران في حلقة مفرغة حول الذات فهذا الغضب المتراكم الذي عبرت عنه الإنسانية في وقوفها مع شعب غزة يزول مع الوقت ويفتر إذا لم ينتقل إلى حالة حرجة تصل إلى نقطة اللاعودة في نظام أو ظاهرة معينة تتمكن من إحداث انقلاب واضح في الموازين وتغيير في المعادلة والمقاربة السياسية ووضع الحرب وإذا لم يفرز احتجاج الشعوب كتلة حرجة تحقق المطلوب من خروجها لرفض الحرب وإيقاف العدوان على شعب غزة فإن الحال سوف تبقى على ما هي عليه لتتواصل المأساة الإنسانية في مدينة غزة التي أوصلت السكان إلى مجاعة حقيقية.

تشير الدراسات الاجتماعية إلى أن التغيرات الكبرى التي عرفتها الإنسانية والتي أثرت في حركة التاريخ لا تتحقق إلا إذا سبقها غليان الشعوب احتجاجا على أوضاعها وغضب كبير للجماهير تجاه السياسات الحكومية المتبعة يصل إلى درجة من الحرج المؤثر والحاسم في بقاء الوضع المتردي على حاله وأن التغيير الاجتماعي في كل مرحلة من المراحل التي تمر بها الشعوب والدول لابد له من كتلة إنسانية حرجة نوعياً وكمياً حتى تتحقق المطامح ويتم الإصلاح المنشود والتغيير المطلوب.

وفقًا لهذا التحليل فإن السؤال الذي يفرض نفسه هل توفرت في حرب غزة وفيما يحصل من مساندة عالمية كبيرة ومكثفة وضاغطة " كتلة حرجة " قادرة على تحقيق تغيير حقيقيً في موازين القوى وبإمكانها التأثير على القرار الدولي وتكون قادرة على تغيير مجريات الأحداث في اتجاه إجبار المعتدي ومن يسانده على إيقاف الحرب والشروع في إعادة الحياة إلى سكان غزة الذين باتوا على حافة مجاعة وموت بطيء؟

اليوم حان الوقت كي تفكر الشعوب المناصرة لغزة والإنسانية التي تدعم الشعب الفلسطيني في أشكال جديدة لمقاومة العدوان الإسرائيلي وابتكار طرق أخرى لإجبار قوى الهيمنة العالمية للاستجابة إلى مطالب الشارع المحتج والغاضب من ظلم وعدم عدالة النظام العالمي ومؤسساته وقوانينه وحداثته ومنظومة قيمه فالاحتجاج في الشوارع مرحلة في مسار المقاومة والتعبير عن المواقف الغاضبة لا يمكن أن يستمر إلى ما لا نهاية له طالما لم يحقق المطلوب وأدى أغراضه في وقته وظرفه وهو اليوم يحتاج حتى يتواصل ويحقق أهدافه أن ينتقل إلى مستوى آخر ومرحلة أخرى لذلك نعتبر أن الوقت قد حان لتفكر هذه الشعوب في تشكيل كتلة حرجة تستطيع بواسطتها تغيير المشهد في غزة وإعادة ترتيب الأوضاع فكل الشروط المطلوبة في تشكل هذه الكتلة الحرجة متوفرة من مناخ عالمي مساند ووعي إنساني كبير بعدالة القضية الفلسطينية ومن قناعة عارمة أن إسرائيل دولة احتلال غاصب ومن حالة فكرية متقدمة ومزاج عام متوفر واصطفاف غير مشروط مع الغزاويين وقضيتهم العادلة بعيدا عن كل الحسابات والأيديولوجيات والأغراض الحزبية فالكتلة الحرجة ليست تنظيما حزبيا ولا تنظيما سياسيا في خدمة أغراض انتخابية وإنما هي حالة شعورية وفكرية وإنسانية وموقف فكري من ظلم العالم وعدم عدالة منظومته للعولمة ومؤسساتها التي تتحكم فيها أمريكا وحلفائها من الغربيين والكتلة الحرجة هي فوق الأحزاب وخارج التنظيمات السياسية إنها حالة شارعية وحركة الشعوب المحبة للعدل والحق والإنسانية هي ثقافة جديدة وتوجه مختلف ونظرة مغايرة للحداثة ولفكر الأنوار ومنظومة القيم الكونية السائدة إنها حالة وعي جديد من أجل بناء عالم جديد يكون أكثر عدلا وإنصافا وإنسانية فهذه الكتلة الحرجة هي شبيهة بما يسميه المفكر اليساري أنطونيو قرامشي بالكتلة التاريخية التي تتشكل من المفكرين العضويين المنحازين إلى قضايا الإنسان المفقر والمهمش والمسلوب الإرادة لذلك فإن انضمام النخب الفكرية والشخصيات العلمية والنخب البرلمانية والحزبية والسياسية إلى هذا الحراك الشارعي في هذه الدول التي تقود اليوم شعوبها احتجاجات على تواصل الحرب في غزة مهم للغاية وضرورة تاريخية حتى تتشكل هذه الكتلة الحرجة وتخرج بهذه المظاهرات الضخمة التي تجوب شوارع أوروبا من مأزقها وعجزها ومتاهتها واجترارها.