إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

خلقا للثروة ودفعا للتشغيل وعقلنة للأسعار وضربا للإحتكار: فلتكن شركة اللّحوم مختبرا ونموذجا

 

الشركات الأهليّة شريكا إستراتيجيا واعدا لإنقاذ المنشآت العموميّة

بقلم محمدّ المهدي بن عمّار// باحث جامعي

أشفى استقبال الأستاذ قيس سعيدّ للدكتور منجي الباوندي الحائز على نوبل للكيمياء وإحتفاء جامعة تونس المنار به صدور قوم مؤمنين بسلطان العلم رهانا لخلاص الوطن و الأمّة، وأستنهض همتي لكتابة هذا المقال في مجال بحثي الأكاديمي.

وحيث تعنى أطروحتي للدكتوراه بسبل إنقاذ المنشآت العمومية وإصلاحها وقد تجاوزت خسائر 110 منها 10 آلاف مليار من المليّمات منها 40 م.د نصيب شركة اللّحوم منها بعد شطب ديون عمومية بـ 6.5 م.د طبق الفـ 20 من قانون مالية 24،سبقها شطب 7م.د سنة 1991 قبيل الإعلان عن قرار للتفويت فيها عطلّه جنون البقر ثمّ ثورة 17 ديسمبر مبالغ ضخمة جدّا لو أمكن للحكومة استرجاعها لتمويل ميزانية الاستثمار عبر خطّة عمل محكمة، فستكون تونس على موعد مع التّاريخ لإبداع قصّة نجاح عالميّة بالتعويل على ذاتها في خلق الثروة تبتدئ بتحويل خسائر شركة اللحوم إلى أرباح قبل 15 ماي 2025 مع الذكرى64 لتأسيسها تنتهي بإنقاذ بقيّة المنشآت العمومية توازيا مع ثورة تشريعيّة منشودة ومخطط حكومي 25-35 باعتماد التقنيات القانونية الموجودة كالشراكة بين القطاعين العام والخاص والإفراق وإعداد الميزانية وخاصة منظومة الشركات الأهليّة ودورها الواعد الذي يمكن أن تلعبه في الغرض انطلاقا من مبدأ عدم التفويت في منشآتنا لا في الأرض ولا في السمّاء كما أعلنه الّرئيس كأساس لكل عمليّة إنقاذ قاطعا مع خيارات مخادعة سبقته أدّت إلى بيع 287 منشأة من أصل 500 بين سنة 1986 بعنوان الإصلاح الهيكلي وسنة 2018 سنة الإصلاحات الكبرى بتمويل بريطاني غابت نتائجها.

وفي هذا الإطار،يدفع عديد الخبراء بضرورة إيجاد شريك إستراتيجي أجنبي يفضل أن يكون أوروبيا تسمع عنه ولا تراه ليصبح المنقذ أمام أعين أبناء البلد التائهة، حتىّ أضحينا نرى شركات التأمين والبنوك العمومية المخوصصة تدار من أوروبيين، فهذا ينادي بشريك إستراتيجي إيطالي للفولاذ، وذاك تمكنّ من شريك برتغالي للإسمنت، وثالث يرتبّ لتركي ليقفز بالغزالة، ودعوة لياباني للتبغ واقتراح أمريكي لـ"ستاغ" نفاه مديرها العام وحسنا فعل، وهو ما يعيدنا إلى وضع الإيالة التونسية عشيّة انتصاب الحماية حيث أحصى المرحوم محمدّ الزين في كتابه قانون التأمين نحو 200 بنك وشركة تأمين ما يهددّ بمهزلة لو أعاد التاريخ نفسه، وهذا دون نسيان الشركاء الإستراتيجيين في الداخل الذين تحوّلت معهم المنشأة العمومية هديّة عروس تهدي الصغرى دار النقل و للكبرى نزل وللبنت من الزوجة الأولى مناجم؟ وهكذا الشراكة الإستراتيجية الخارجية أو الداخلية للمنشآت العمومية او لا تكون !

وبتحليل توجه المشرّع بعد 25 جويلية تحديدا عبر المرسوم عدد 15 لسنة 2022 المؤرخ في 20 مارس 2022 يتعلّق بالشركات الأهليّة وجملة تصريحات الأستاذ قيس سعيد بخصوصها كما إنقاذ المنشآت العموميّة والتي تمثل فحوى السياسة العامة للدّولة التونسية على معنى الفصل 100 من الدستور، فإنّه يتبيّن لنا حرص المشرّع على بناء رافعة جديدة للاقتصاد التونسي محليّة الصنع لتركيز منوال اقتصادي جديد سيشعّ عربيا وعالميا.

وما يؤكدّ الطابع الإستراتيجي الواعد لشراكة مرتقبة بين الشركات الأهليّة الناشئة والمنشآت العموميّة المتعثرّة هو تأسسّهما أوّلا على الطابع التشاركي في رأس المال المعبرّ عن السيادة للشعب سواء ، وإتحادهما ثانيا على مستوى الأهداف كما عبرّ عنها بوضوح الفصل السادس منه مرسوم الشركات الأهليّة وهو الفصل المفتاح، الذي ينسحب على فلسفة بناء المنشآت العموميّة غداة الاستقلال مما مكنّ شعبنا من بناء دولته المستقلّة وهو ما يسعى المشرّع إلى إعادة غرسه في منوال اقتصادي جديد، وخضوعهما ثالثا لفلسفة ومنظومة الإشراف الحكومي، ورابعا فتح المشرع الباب لهكذا شراكة إستراتيجية من خلال قراءة متعمّقة للفصل 95 من المرسوم تسمح للشركات الأهليّة بشراء جزء من رأس مال شركات تمرّ بصعوبات اقتصادية ولن تجد المنشآت العمومية خيرا من أهالي البلد لضخّ أموالهم و استثمارها ّفي رأس مال المنشآت العموميّة وتنشيطها عبر الشركات الأهليّة.

وبناء على الأرضيّة الفلسفيّة والتشريعيّة المشتركة للمؤسّستين القانونيتين كما رصدناها في النقاط الأربع أعلاه بوصلتها تكريس السيادة للشعب والتوزيع العادل للثروة، أمكن لنا تصوّر مستقبل شراكة إستراتيجية واعدة بينهما بما يسهم في ازدهار الأولى وتطويرها وإنقاذ الثانية وإصلاحها بما يخلق الثروة ذاتيا بالاستغلال الأقصى لإمكانيات المنشآت العموميّة غير المستغلّة بسواعد أهالي وشركاء الشركات الأهليّة بما سيعززّ مكافحة البطالة ودفع التشغيل غلى أقصى مداه ما يضمن كرامة المواطن ويدعم قدرته الشرائيّة من خلال السيطرة على غلاء الأسعار وضرب الإحتكار عبر ضرب اقتصاد العائلات الأربعين كما أبدع في وصفهم رئيس الدولة بداية ألأسبوع الفارط وهو ما أكدته تقارير البنك الدولي وتصريح ممثل الإتحاد الأوروبي في تونس السيدّ "برغيميني" بل ذهب الأستاذ الصغيرّ الصالحي في كتابه " الاستعمار الداخلي والتنمية غير المتكافئة " إلى اعتبار تحكم نفس العائلات في الاقتصاد التونسي منذ 400 سنة كاملة.؟

وحيث أنّ الحال لا يتضّح إلاّ بالمثال، فإنّ تجسيم فكرة الشراكة الإستراتيجية الواعدة بين المنظومتين يجد تطبيقا ممتازا له بنتائج مضمونة وفوريّة بصفر أخطاء على حدّ تعبير الرّئيس في زيارته للمركز الوطني البيداغوجي وذلك في مركب شركة اللّحوم بالورديّة لأسباب ذاتيّة لمجاورتي له أساسا وموضوعيّة لأنه الأقل خسائر من بقية المنشآت بما يسهلّ التعامل معها كحالة مخبريّة ونموذج يحتذى خاصة ونحن على أعتاب عيد الأضحى المبارك الذي تميزّ بأسعاره المشطة للأضاحي تجاوز الفرق في الكلغ الواحد للسنوات الثلاث الأخيرة العشرة دنانير كاملة، مما يؤكد سلامة التوجه نحو إنقاذ المنشآت العمومية حتى يتسنى لها القيام بمهمّة تعديل السوق وتطوير قطاع اللحوم بالنجاعة المطلوبة.

وتحتاج شركة اللحوم لتعبئة بـ40 م.د لتجاوز خسائرها، ويمكنها ذلك إذا استجابت للدعوة إلى عقد مؤتمر استثماري بمركبها الضخم بالورديّة من 1 إلى 17 ديسمبر 2024 على شاكلة تونس 20-20 أو تيكاد

8، والسعي لوضعه تحت إشراف السيدّ رئيس الجمهوريّة موضوعه عرض تصورّ لبعث 25 شركة أهليّة بين جهويّة ومحليّة في جميع المجالات ذات العلاقة بالأنعام والمواشي في مجالات غير موجودة حاليا بالمركب كبعث شركة للتكوين المهني في المجال وأخرى للطب البيطري وثالث لفتح مصنع العلف المركب المغلق ورابعة للإبداع في تثمين الجلود والصوف وخامسة للمعارض والمهرجانات وسادسة للنقل المختص وسابعة للتبريد وأنشطة عدّة تحوّل الشركة لخليّة نحل لا تنام.

وستكون مخرجات ونتائج المؤتمر الذي نقترحه بعد أن سبق السلط ذات العلاقة بالشركات الأهليّة بمؤلّف من 620 صفحة لتحقيق هذا الهدف دون تفاعل للأسف إلى الآن، خلق نحو 1000 فرصة عمل مؤكدّة في مركب كان يشغلّ في تسعينات القرن الماضي 1800 عامل لم يتبقّ منهم اليوم سوى 40 فقط، وستدفع هذه الشركات الأهليّة معاليم تسويغ فضاءات الشركة للعشر سنوات القادمة بشروط تفاضليّة بما يستوعب خسائر المنشأة العمومية ويجعلها تستعدّ لانطلاقة جديدة كعقل مفكرّ وإستراتيجي لتأمين الاكتفاء الذاتي من مادة اللحوم للشعب التونسي وربط ذلك بتنمية معتمديّة الورديّة انطلاقا من المحليّ الأهلي نحو الوطني العمومي.

وستخوّل الشراكة الإستراتيجية إذن في هذا المخبر التطبيقي إلى توفير اللحوم غير الموردّة وأضاحي العيد مثلا للسنوات القادمة بأسعار حقيقيّة خالية من المضاربة، فلا يعقل ان تقوم شركة خاصة لإنتاج الحليب بالتباهي بإبرامها لـ70 ألف عقد مع مربي مواشي في إعلاناتها التجارية مقابل صفر عقود إنتاج بين شركة اللحوم والفلاح التونسي وهي ثغرة يمكن للشركات الأهليّة سدها بنتائج باهرة، كما انه بات من غير المقبول أن نستقدم سائحا أجنبيا من إسبانيا مثلا لا يتذوق ثقافة اللحم التونسي بل تحتكر عائلات معروفة توريد اللحوم المجمدّة التي يأكلها في "البوفيه"، بالعملة الصعبة ما ينقص حتما من قيمة العائدات السياحية.

وفي ختام هذا المقال، تأكدّ لي بما لا يدع مجالا للشكّ بعد دراسة وتبصرّ في إطار إعداد أطروحة دكتوراه لا خير فيها إن لم تساهم في تمويل خزينة الشعب التونسي نقدا وتشغيل أبنائه بالآف، أنّ منظومة الشركات الأهليّة فرصة قانونيّة ذهبيّة وابتكار تونسي أصيل لتنشيط اقتصادنا الوطني بما يسهم في خلق الثروة ودفع التشغيل وعقلنة الأسعار وضرب الاحتكار، وهي شراكة إستراتيجية مستقبليّة لبناء قطاع المواشي واللحوم على أسس سليمة يمكن النسج على منوالها في جميع القطاعات الأخرى بالابتكار والمراهنة على البحث العلمي والزخم الثقافي والإبداع التجاري والاقتصادي انطلاقا من شراكات إستراتيجية بين المنشآت العمومية في مختلف القطاعات والشركات الأهليّة مع تذكير الهياكل الإداريّة الرّسميّة التي توصلت بتفاصيل هذا المشروع بالتفضل بالتفاعل معه خدمة لهذا الوطن العزيز.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

خلقا للثروة ودفعا للتشغيل وعقلنة للأسعار وضربا للإحتكار:  فلتكن شركة اللّحوم مختبرا ونموذجا

 

الشركات الأهليّة شريكا إستراتيجيا واعدا لإنقاذ المنشآت العموميّة

بقلم محمدّ المهدي بن عمّار// باحث جامعي

أشفى استقبال الأستاذ قيس سعيدّ للدكتور منجي الباوندي الحائز على نوبل للكيمياء وإحتفاء جامعة تونس المنار به صدور قوم مؤمنين بسلطان العلم رهانا لخلاص الوطن و الأمّة، وأستنهض همتي لكتابة هذا المقال في مجال بحثي الأكاديمي.

وحيث تعنى أطروحتي للدكتوراه بسبل إنقاذ المنشآت العمومية وإصلاحها وقد تجاوزت خسائر 110 منها 10 آلاف مليار من المليّمات منها 40 م.د نصيب شركة اللّحوم منها بعد شطب ديون عمومية بـ 6.5 م.د طبق الفـ 20 من قانون مالية 24،سبقها شطب 7م.د سنة 1991 قبيل الإعلان عن قرار للتفويت فيها عطلّه جنون البقر ثمّ ثورة 17 ديسمبر مبالغ ضخمة جدّا لو أمكن للحكومة استرجاعها لتمويل ميزانية الاستثمار عبر خطّة عمل محكمة، فستكون تونس على موعد مع التّاريخ لإبداع قصّة نجاح عالميّة بالتعويل على ذاتها في خلق الثروة تبتدئ بتحويل خسائر شركة اللحوم إلى أرباح قبل 15 ماي 2025 مع الذكرى64 لتأسيسها تنتهي بإنقاذ بقيّة المنشآت العمومية توازيا مع ثورة تشريعيّة منشودة ومخطط حكومي 25-35 باعتماد التقنيات القانونية الموجودة كالشراكة بين القطاعين العام والخاص والإفراق وإعداد الميزانية وخاصة منظومة الشركات الأهليّة ودورها الواعد الذي يمكن أن تلعبه في الغرض انطلاقا من مبدأ عدم التفويت في منشآتنا لا في الأرض ولا في السمّاء كما أعلنه الّرئيس كأساس لكل عمليّة إنقاذ قاطعا مع خيارات مخادعة سبقته أدّت إلى بيع 287 منشأة من أصل 500 بين سنة 1986 بعنوان الإصلاح الهيكلي وسنة 2018 سنة الإصلاحات الكبرى بتمويل بريطاني غابت نتائجها.

وفي هذا الإطار،يدفع عديد الخبراء بضرورة إيجاد شريك إستراتيجي أجنبي يفضل أن يكون أوروبيا تسمع عنه ولا تراه ليصبح المنقذ أمام أعين أبناء البلد التائهة، حتىّ أضحينا نرى شركات التأمين والبنوك العمومية المخوصصة تدار من أوروبيين، فهذا ينادي بشريك إستراتيجي إيطالي للفولاذ، وذاك تمكنّ من شريك برتغالي للإسمنت، وثالث يرتبّ لتركي ليقفز بالغزالة، ودعوة لياباني للتبغ واقتراح أمريكي لـ"ستاغ" نفاه مديرها العام وحسنا فعل، وهو ما يعيدنا إلى وضع الإيالة التونسية عشيّة انتصاب الحماية حيث أحصى المرحوم محمدّ الزين في كتابه قانون التأمين نحو 200 بنك وشركة تأمين ما يهددّ بمهزلة لو أعاد التاريخ نفسه، وهذا دون نسيان الشركاء الإستراتيجيين في الداخل الذين تحوّلت معهم المنشأة العمومية هديّة عروس تهدي الصغرى دار النقل و للكبرى نزل وللبنت من الزوجة الأولى مناجم؟ وهكذا الشراكة الإستراتيجية الخارجية أو الداخلية للمنشآت العمومية او لا تكون !

وبتحليل توجه المشرّع بعد 25 جويلية تحديدا عبر المرسوم عدد 15 لسنة 2022 المؤرخ في 20 مارس 2022 يتعلّق بالشركات الأهليّة وجملة تصريحات الأستاذ قيس سعيد بخصوصها كما إنقاذ المنشآت العموميّة والتي تمثل فحوى السياسة العامة للدّولة التونسية على معنى الفصل 100 من الدستور، فإنّه يتبيّن لنا حرص المشرّع على بناء رافعة جديدة للاقتصاد التونسي محليّة الصنع لتركيز منوال اقتصادي جديد سيشعّ عربيا وعالميا.

وما يؤكدّ الطابع الإستراتيجي الواعد لشراكة مرتقبة بين الشركات الأهليّة الناشئة والمنشآت العموميّة المتعثرّة هو تأسسّهما أوّلا على الطابع التشاركي في رأس المال المعبرّ عن السيادة للشعب سواء ، وإتحادهما ثانيا على مستوى الأهداف كما عبرّ عنها بوضوح الفصل السادس منه مرسوم الشركات الأهليّة وهو الفصل المفتاح، الذي ينسحب على فلسفة بناء المنشآت العموميّة غداة الاستقلال مما مكنّ شعبنا من بناء دولته المستقلّة وهو ما يسعى المشرّع إلى إعادة غرسه في منوال اقتصادي جديد، وخضوعهما ثالثا لفلسفة ومنظومة الإشراف الحكومي، ورابعا فتح المشرع الباب لهكذا شراكة إستراتيجية من خلال قراءة متعمّقة للفصل 95 من المرسوم تسمح للشركات الأهليّة بشراء جزء من رأس مال شركات تمرّ بصعوبات اقتصادية ولن تجد المنشآت العمومية خيرا من أهالي البلد لضخّ أموالهم و استثمارها ّفي رأس مال المنشآت العموميّة وتنشيطها عبر الشركات الأهليّة.

وبناء على الأرضيّة الفلسفيّة والتشريعيّة المشتركة للمؤسّستين القانونيتين كما رصدناها في النقاط الأربع أعلاه بوصلتها تكريس السيادة للشعب والتوزيع العادل للثروة، أمكن لنا تصوّر مستقبل شراكة إستراتيجية واعدة بينهما بما يسهم في ازدهار الأولى وتطويرها وإنقاذ الثانية وإصلاحها بما يخلق الثروة ذاتيا بالاستغلال الأقصى لإمكانيات المنشآت العموميّة غير المستغلّة بسواعد أهالي وشركاء الشركات الأهليّة بما سيعززّ مكافحة البطالة ودفع التشغيل غلى أقصى مداه ما يضمن كرامة المواطن ويدعم قدرته الشرائيّة من خلال السيطرة على غلاء الأسعار وضرب الإحتكار عبر ضرب اقتصاد العائلات الأربعين كما أبدع في وصفهم رئيس الدولة بداية ألأسبوع الفارط وهو ما أكدته تقارير البنك الدولي وتصريح ممثل الإتحاد الأوروبي في تونس السيدّ "برغيميني" بل ذهب الأستاذ الصغيرّ الصالحي في كتابه " الاستعمار الداخلي والتنمية غير المتكافئة " إلى اعتبار تحكم نفس العائلات في الاقتصاد التونسي منذ 400 سنة كاملة.؟

وحيث أنّ الحال لا يتضّح إلاّ بالمثال، فإنّ تجسيم فكرة الشراكة الإستراتيجية الواعدة بين المنظومتين يجد تطبيقا ممتازا له بنتائج مضمونة وفوريّة بصفر أخطاء على حدّ تعبير الرّئيس في زيارته للمركز الوطني البيداغوجي وذلك في مركب شركة اللّحوم بالورديّة لأسباب ذاتيّة لمجاورتي له أساسا وموضوعيّة لأنه الأقل خسائر من بقية المنشآت بما يسهلّ التعامل معها كحالة مخبريّة ونموذج يحتذى خاصة ونحن على أعتاب عيد الأضحى المبارك الذي تميزّ بأسعاره المشطة للأضاحي تجاوز الفرق في الكلغ الواحد للسنوات الثلاث الأخيرة العشرة دنانير كاملة، مما يؤكد سلامة التوجه نحو إنقاذ المنشآت العمومية حتى يتسنى لها القيام بمهمّة تعديل السوق وتطوير قطاع اللحوم بالنجاعة المطلوبة.

وتحتاج شركة اللحوم لتعبئة بـ40 م.د لتجاوز خسائرها، ويمكنها ذلك إذا استجابت للدعوة إلى عقد مؤتمر استثماري بمركبها الضخم بالورديّة من 1 إلى 17 ديسمبر 2024 على شاكلة تونس 20-20 أو تيكاد

8، والسعي لوضعه تحت إشراف السيدّ رئيس الجمهوريّة موضوعه عرض تصورّ لبعث 25 شركة أهليّة بين جهويّة ومحليّة في جميع المجالات ذات العلاقة بالأنعام والمواشي في مجالات غير موجودة حاليا بالمركب كبعث شركة للتكوين المهني في المجال وأخرى للطب البيطري وثالث لفتح مصنع العلف المركب المغلق ورابعة للإبداع في تثمين الجلود والصوف وخامسة للمعارض والمهرجانات وسادسة للنقل المختص وسابعة للتبريد وأنشطة عدّة تحوّل الشركة لخليّة نحل لا تنام.

وستكون مخرجات ونتائج المؤتمر الذي نقترحه بعد أن سبق السلط ذات العلاقة بالشركات الأهليّة بمؤلّف من 620 صفحة لتحقيق هذا الهدف دون تفاعل للأسف إلى الآن، خلق نحو 1000 فرصة عمل مؤكدّة في مركب كان يشغلّ في تسعينات القرن الماضي 1800 عامل لم يتبقّ منهم اليوم سوى 40 فقط، وستدفع هذه الشركات الأهليّة معاليم تسويغ فضاءات الشركة للعشر سنوات القادمة بشروط تفاضليّة بما يستوعب خسائر المنشأة العمومية ويجعلها تستعدّ لانطلاقة جديدة كعقل مفكرّ وإستراتيجي لتأمين الاكتفاء الذاتي من مادة اللحوم للشعب التونسي وربط ذلك بتنمية معتمديّة الورديّة انطلاقا من المحليّ الأهلي نحو الوطني العمومي.

وستخوّل الشراكة الإستراتيجية إذن في هذا المخبر التطبيقي إلى توفير اللحوم غير الموردّة وأضاحي العيد مثلا للسنوات القادمة بأسعار حقيقيّة خالية من المضاربة، فلا يعقل ان تقوم شركة خاصة لإنتاج الحليب بالتباهي بإبرامها لـ70 ألف عقد مع مربي مواشي في إعلاناتها التجارية مقابل صفر عقود إنتاج بين شركة اللحوم والفلاح التونسي وهي ثغرة يمكن للشركات الأهليّة سدها بنتائج باهرة، كما انه بات من غير المقبول أن نستقدم سائحا أجنبيا من إسبانيا مثلا لا يتذوق ثقافة اللحم التونسي بل تحتكر عائلات معروفة توريد اللحوم المجمدّة التي يأكلها في "البوفيه"، بالعملة الصعبة ما ينقص حتما من قيمة العائدات السياحية.

وفي ختام هذا المقال، تأكدّ لي بما لا يدع مجالا للشكّ بعد دراسة وتبصرّ في إطار إعداد أطروحة دكتوراه لا خير فيها إن لم تساهم في تمويل خزينة الشعب التونسي نقدا وتشغيل أبنائه بالآف، أنّ منظومة الشركات الأهليّة فرصة قانونيّة ذهبيّة وابتكار تونسي أصيل لتنشيط اقتصادنا الوطني بما يسهم في خلق الثروة ودفع التشغيل وعقلنة الأسعار وضرب الاحتكار، وهي شراكة إستراتيجية مستقبليّة لبناء قطاع المواشي واللحوم على أسس سليمة يمكن النسج على منوالها في جميع القطاعات الأخرى بالابتكار والمراهنة على البحث العلمي والزخم الثقافي والإبداع التجاري والاقتصادي انطلاقا من شراكات إستراتيجية بين المنشآت العمومية في مختلف القطاعات والشركات الأهليّة مع تذكير الهياكل الإداريّة الرّسميّة التي توصلت بتفاصيل هذا المشروع بالتفضل بالتفاعل معه خدمة لهذا الوطن العزيز.