إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

زيارة سعيد إلى جمهورية الصين.. من أجل ترجمة العلاقات الدبلوماسية إلى فرص استثمارية

 

 

 

 

 

 

 

 

 

تونس – الصباح

فتحت الزيارة الرسمية التي أداها رئيس الجمهورية قيس سعيد إلى جمهورية الصين الشعبية من 28 ماي 2024 إلى غاية يوم غرة جوان الجاري، مجال القراءات والتحاليل حول أبعاد هذه الزيارة وأهدافها السياسية والاقتصادية بالأساس والتوجهات الجديدة في الدبلوماسية الخارجية التونسية في سياق التغيرات الجيواستراتيجية والسياسية في العالم، ومساعي السياسة الخارجية التونسية إلى البحث عن توازنات جديدة، لاسيما أن هذه الزيارة جاءت بناء على دعوة رسمية من جمهورية الصين لمشاركة سعيد في الدورة العاشرة للاجتماع الوزاري في إطار منتدى التعاون العربي الصيني بالعاصمة بيكين، ليكون إلى جانب رؤساء ثلاثة بلدان عربية أخرى وهي كل من مصر والبحرين والإمارات. وهي أول زيارة لرئيس جمهورية تونس إلى الصين بعد احتفال البلدين بذكرى 60 سنة على بعث العلاقات بين البلدين في جانفي الماضي. الأمر الذي جعل البعض يعتبرها "فرصة وتاريخية" حمّالة لعدة رسائل.

تأتي هذه الزيارة في ظل الجدل المتواصل في عدة أوساط حول مدى أهمية وجدوى انضمام بلادنا إلى مجموعة "البريكس" التي تتكون من بلدان البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا كقوة وتجمع اقتصادي صاعد في العالم اليوم. خاصة أن البعض يعتبر في انضمام تونس إلى هذه المجموعة هو الحل للخروج من الوضع الصعب الذي تمر به، وذلك بعد الصعوبات والأزمات الاقتصادية التي عرفتها في السنوات الأخيرة في مرحلة واجهت انسدادا في الحوار مع صندوق النقد الدولي والمانحين الدوليين حول مطلب بلادنا للحصول على قروض وتعطل الحوار والنقاش حول تنفيذ اتفاقيات وبرامج تعاون وشراكة جديدة مع الاتحاد الأوروبي وغيرها من الجهات الأخرى راهنت عليها عدة جهات للخروج من الأزمات وتحقيق قدر من الحلول الممكنة للأوضاع المتأزمة التي كانت نتيجة لتراكمات لعدة عوامل وأسباب اختلط فيها السياسي والموضوعي والوضع الاقتصادي العالمي بعد جائحة "كوفيد 19" وغيرها.

ولئن أكد وزير الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج نبيل عمار منذ أيام أن هذه الزيارة "ستكون مثمرة ونتائجها متميزة، مشيرا إلى إمضاء جملة من الاتفاقيات خلال الزيارة، وأن تونس لا تغير شريكا بشريك آخر وأن وما تقوم به مع الصين ليس على حساب شركاء آخرين ولدينا مصالح متبادلة.. ولا نقبل من أي طرف أن يملي علينا مع من نربط علاقاتنا ومصالحنا"، إلا أن البعض الآخر اعتبر الزيارة شكلية ولا تعدو أن تكون في إطار الحملة الانتخابية للانتخابات الرئاسية القادمة لسعيد. فيما أكد رئيس الجمهورية قيس سعيّد إثر اللقاء الذي جمعه أمس مع نظيره الصيني شي جين بينغ على سعي البلدين لتحقيق نفس الأهداف والمكاسب.

                    تطلعات وأهداف

وتجدر الإشارة إلى أن منتدى التعاون العربي الصيني تم تأسيسه بموجب قرار من الصين وجامعة الدول العربية، ووقعت الوثيقة بين الطرفين في عام 2004. وتتجه الأنظار إلى مخرجات هذا المنتدى لاسيما منها ما يتعلق بالأهداف المشتركة في مستوى العلاقة الثنائية التونسية الصينية في أبعادها الإقليمية والقارية، باعتبار أن البعض يعتبر أن بلادنا تتوفر فيها كل مؤشرات أن تصبح منصة صناعية واقتصادية صينية موجهة إلى إفريقيا بالأساس. لأن أهمية وأثار هذه الزيارة والمنتدى وما يمكن أن يسفر عنه من اتفاقات وبرامج تتجاوز أهدافه وأرباحه البلدان المشاركة لتتعداها وتشمل بقية البلدان العربية. وهو ما تداولته وسائل إعلام في الصين أيضا.

وإذا كانت اهتمامات شق كبير من التونسيين متجهة إلى مخرجات هذه الزيارة ومدى قدرة السلطات التونسية على تحويلها إلى فرصة استثمارية واقتصادية وتنموية، فإن تطلعات الجميع إلى المرور في علاقة تونس مع الصين من مرحلة العلاقات الدبلوماسية إلى مرحلة الاستثمارات والدخول عمليا في وضع وتنفيذ برامج استثمارية تعود بالنفع على البلدين مثلما أكد الطرفان أن علاقة التعاون ستكون ندية عبر مراعاة أهداف الربح والبراغماتية للبلدين. وهو ما أكده رئيس لجنة الصداقة التونسية الصينية بمجلس نواب الشعب ثابت العابد في عديد المناسبات. وشدد عليه عدد من الدبلوماسيين السابقين في قراءتهم ومتابعتهم لهذه الزيارة.

إذ اعتبر عبدالله العبيدي، الدبلوماسي السابق والمحلل السياسي أن هذه الزيارة هي تأكيد لعودة تونس إلى تقاليدها السابقة في السياسة الخارجية التي انطلقت منذ الستينات من القرن الماضي، فيما يرى الدبلوماسي السابق أحمد بن مصطفى أن هناك نقلة نوعية في سياسة تونس الخارجية في هذه المرحلة أي ما بعد 25 جويلية 2021 على نحو يترجم التوجه إلى البحث عن توازنات جديدة خارج المربع التقليدي الذي دأبت عليه في المراهنة على الغرب بدرجة أولى.

تونس وجهة سياحية للصينيين

وتأتي زيارة رئيس الجمهورية في هذه المرحلة حمّالة لأهداف توسيع دائرة التعامل والشراكة والعلاقات التونسية الخارجية، خاصة بعد أن قدمت جمهورية الصين جملة من المشاريع في سنة 2016 ولكنها لم تر النور بسبب عدم الاتفاق بين الطرفين. وسبق أن زار وزير الخارجية الصيني تونس في جانفي الماضي حيث شارك في احتفال البلدين بذكرى مرور60 سنة على بعث العلاقات الدبلوماسية بين البلدين سنة 1964 وتولى المشاركة في افتتاح وتدشين الأكاديمية الدبلوماسية الدولية التي تولت الصين تشييدها في تونس.

كما وضعت الصين تونس ضمن الوجهة السياحية للصينيين بعد أن أصبحت بلادنا في السنوات الأخيرة وجهة للسياح من هذا البلد الآسيوي. ونشر موقع رئاسة الجمهورية على صفحته الرسمية ما تضمنه لقاء سعيد مع كل من رئيس الجمهورية والوزير الأول ورئيس البرلمان في جمهورية الصين على ترجمة الصداقة التاريخية مع تونس إلى فرص تعاون جديدة في إطار ثنائي أو ضمن مختلف المبادرات التي أطلقتها الصين وذلك خاصة عبر مواصلة تنفيذ مشاريع تنموية وتشجيع المؤسسات الصينية على الاستثمار في تونس ونقل الخبرة والتجربة، هذا فضلا عن تعزيز التبادل التجاري وتشجيع الصادرات التونسية نحو السوق الصينية وفتح خط جوي مباشر بين البلدين ومزيد تشجيع السياح الصينيين على اختيار الوجهة السياحية التونسية ومواصلة التعاون في مجالات الاقتصاد الأخضر والتعليم العالي والصحة والشباب.

نزيهة الغضباني

 

 زيارة سعيد إلى جمهورية الصين..   من أجل ترجمة العلاقات الدبلوماسية إلى فرص استثمارية

 

 

 

 

 

 

 

 

 

تونس – الصباح

فتحت الزيارة الرسمية التي أداها رئيس الجمهورية قيس سعيد إلى جمهورية الصين الشعبية من 28 ماي 2024 إلى غاية يوم غرة جوان الجاري، مجال القراءات والتحاليل حول أبعاد هذه الزيارة وأهدافها السياسية والاقتصادية بالأساس والتوجهات الجديدة في الدبلوماسية الخارجية التونسية في سياق التغيرات الجيواستراتيجية والسياسية في العالم، ومساعي السياسة الخارجية التونسية إلى البحث عن توازنات جديدة، لاسيما أن هذه الزيارة جاءت بناء على دعوة رسمية من جمهورية الصين لمشاركة سعيد في الدورة العاشرة للاجتماع الوزاري في إطار منتدى التعاون العربي الصيني بالعاصمة بيكين، ليكون إلى جانب رؤساء ثلاثة بلدان عربية أخرى وهي كل من مصر والبحرين والإمارات. وهي أول زيارة لرئيس جمهورية تونس إلى الصين بعد احتفال البلدين بذكرى 60 سنة على بعث العلاقات بين البلدين في جانفي الماضي. الأمر الذي جعل البعض يعتبرها "فرصة وتاريخية" حمّالة لعدة رسائل.

تأتي هذه الزيارة في ظل الجدل المتواصل في عدة أوساط حول مدى أهمية وجدوى انضمام بلادنا إلى مجموعة "البريكس" التي تتكون من بلدان البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا كقوة وتجمع اقتصادي صاعد في العالم اليوم. خاصة أن البعض يعتبر في انضمام تونس إلى هذه المجموعة هو الحل للخروج من الوضع الصعب الذي تمر به، وذلك بعد الصعوبات والأزمات الاقتصادية التي عرفتها في السنوات الأخيرة في مرحلة واجهت انسدادا في الحوار مع صندوق النقد الدولي والمانحين الدوليين حول مطلب بلادنا للحصول على قروض وتعطل الحوار والنقاش حول تنفيذ اتفاقيات وبرامج تعاون وشراكة جديدة مع الاتحاد الأوروبي وغيرها من الجهات الأخرى راهنت عليها عدة جهات للخروج من الأزمات وتحقيق قدر من الحلول الممكنة للأوضاع المتأزمة التي كانت نتيجة لتراكمات لعدة عوامل وأسباب اختلط فيها السياسي والموضوعي والوضع الاقتصادي العالمي بعد جائحة "كوفيد 19" وغيرها.

ولئن أكد وزير الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج نبيل عمار منذ أيام أن هذه الزيارة "ستكون مثمرة ونتائجها متميزة، مشيرا إلى إمضاء جملة من الاتفاقيات خلال الزيارة، وأن تونس لا تغير شريكا بشريك آخر وأن وما تقوم به مع الصين ليس على حساب شركاء آخرين ولدينا مصالح متبادلة.. ولا نقبل من أي طرف أن يملي علينا مع من نربط علاقاتنا ومصالحنا"، إلا أن البعض الآخر اعتبر الزيارة شكلية ولا تعدو أن تكون في إطار الحملة الانتخابية للانتخابات الرئاسية القادمة لسعيد. فيما أكد رئيس الجمهورية قيس سعيّد إثر اللقاء الذي جمعه أمس مع نظيره الصيني شي جين بينغ على سعي البلدين لتحقيق نفس الأهداف والمكاسب.

                    تطلعات وأهداف

وتجدر الإشارة إلى أن منتدى التعاون العربي الصيني تم تأسيسه بموجب قرار من الصين وجامعة الدول العربية، ووقعت الوثيقة بين الطرفين في عام 2004. وتتجه الأنظار إلى مخرجات هذا المنتدى لاسيما منها ما يتعلق بالأهداف المشتركة في مستوى العلاقة الثنائية التونسية الصينية في أبعادها الإقليمية والقارية، باعتبار أن البعض يعتبر أن بلادنا تتوفر فيها كل مؤشرات أن تصبح منصة صناعية واقتصادية صينية موجهة إلى إفريقيا بالأساس. لأن أهمية وأثار هذه الزيارة والمنتدى وما يمكن أن يسفر عنه من اتفاقات وبرامج تتجاوز أهدافه وأرباحه البلدان المشاركة لتتعداها وتشمل بقية البلدان العربية. وهو ما تداولته وسائل إعلام في الصين أيضا.

وإذا كانت اهتمامات شق كبير من التونسيين متجهة إلى مخرجات هذه الزيارة ومدى قدرة السلطات التونسية على تحويلها إلى فرصة استثمارية واقتصادية وتنموية، فإن تطلعات الجميع إلى المرور في علاقة تونس مع الصين من مرحلة العلاقات الدبلوماسية إلى مرحلة الاستثمارات والدخول عمليا في وضع وتنفيذ برامج استثمارية تعود بالنفع على البلدين مثلما أكد الطرفان أن علاقة التعاون ستكون ندية عبر مراعاة أهداف الربح والبراغماتية للبلدين. وهو ما أكده رئيس لجنة الصداقة التونسية الصينية بمجلس نواب الشعب ثابت العابد في عديد المناسبات. وشدد عليه عدد من الدبلوماسيين السابقين في قراءتهم ومتابعتهم لهذه الزيارة.

إذ اعتبر عبدالله العبيدي، الدبلوماسي السابق والمحلل السياسي أن هذه الزيارة هي تأكيد لعودة تونس إلى تقاليدها السابقة في السياسة الخارجية التي انطلقت منذ الستينات من القرن الماضي، فيما يرى الدبلوماسي السابق أحمد بن مصطفى أن هناك نقلة نوعية في سياسة تونس الخارجية في هذه المرحلة أي ما بعد 25 جويلية 2021 على نحو يترجم التوجه إلى البحث عن توازنات جديدة خارج المربع التقليدي الذي دأبت عليه في المراهنة على الغرب بدرجة أولى.

تونس وجهة سياحية للصينيين

وتأتي زيارة رئيس الجمهورية في هذه المرحلة حمّالة لأهداف توسيع دائرة التعامل والشراكة والعلاقات التونسية الخارجية، خاصة بعد أن قدمت جمهورية الصين جملة من المشاريع في سنة 2016 ولكنها لم تر النور بسبب عدم الاتفاق بين الطرفين. وسبق أن زار وزير الخارجية الصيني تونس في جانفي الماضي حيث شارك في احتفال البلدين بذكرى مرور60 سنة على بعث العلاقات الدبلوماسية بين البلدين سنة 1964 وتولى المشاركة في افتتاح وتدشين الأكاديمية الدبلوماسية الدولية التي تولت الصين تشييدها في تونس.

كما وضعت الصين تونس ضمن الوجهة السياحية للصينيين بعد أن أصبحت بلادنا في السنوات الأخيرة وجهة للسياح من هذا البلد الآسيوي. ونشر موقع رئاسة الجمهورية على صفحته الرسمية ما تضمنه لقاء سعيد مع كل من رئيس الجمهورية والوزير الأول ورئيس البرلمان في جمهورية الصين على ترجمة الصداقة التاريخية مع تونس إلى فرص تعاون جديدة في إطار ثنائي أو ضمن مختلف المبادرات التي أطلقتها الصين وذلك خاصة عبر مواصلة تنفيذ مشاريع تنموية وتشجيع المؤسسات الصينية على الاستثمار في تونس ونقل الخبرة والتجربة، هذا فضلا عن تعزيز التبادل التجاري وتشجيع الصادرات التونسية نحو السوق الصينية وفتح خط جوي مباشر بين البلدين ومزيد تشجيع السياح الصينيين على اختيار الوجهة السياحية التونسية ومواصلة التعاون في مجالات الاقتصاد الأخضر والتعليم العالي والصحة والشباب.

نزيهة الغضباني