أجلت أمس الدائرة المتخصصة في العدالة الانتقالية بالمحكمة الابتدائية بتونس النظر في ملف عبد القادر بن يشرط وهو ضحية من ضحايا التعذيب والتنكيل وأحد المنتمين لمجموعة لزهر الشرايطي وما عرف بالمحاولة الانقلابية على نظام حكم بورقيبة سنة 1962 إلى السنة القضائية القادمة بسبب الشغور في تركيبة هيئة المحكمة.
مفيدة القيزاني
وللتذكير فإن ملف هذه القضية يتعلق بمحاولة انقلاب ضد نظام الرئيس الأسبق الحبيب بورقيبة اشترك في القيام بها مجموعة من العسكريين والمدنيين من مختلف التوجهات السياسية من مقاومين سابقين وعسكريّين ومدنيين معارضين للنظام وفيهم محسوبين على التيّار اليوسفي والقومي. ويعتبر عبد العزيز العكرمي محركها الرئيسي ورأسها المدبر.
ألقي القبض على المجموعة التي تضم قرابة 25 شخصا في 19 ديسمبر 1962 وبدأت محاكماتهم في 12 جانفي 1963 وتمّ التّصريح بالحكم يوم 17 جانفي 1963 بعد أكثر من عشرين ساعة من المداولات.
ولم يسمح النظام للمتّهمين باختيار محامين بل عيّن لهم 5 محامين معروفين بقربهم من النّظام.
وبعد 5 أيّام من المحاكمات أصدرت المحكمة العسكرية بتونس في حقهم أحكاما تراوحت بين الإعدام والأشغال الشاقة والسجن.
فقد حكمت المحكمة بإعدام 13 شخصا منهم وهم "عمر البنبلي" و"كبير المحرزي" و"صالح الحشاني "وعبد الصادق بن سعيد" و"المنصف الماطري" و"حمادي قيزة" و"الحبيب بركية"وكلهم من العسكريين و"الحبيب حنيني" و"الهادي القفصي" و"الأزهر الشرايطي" و"عبد العزيز العكرمي" و"أحمد الرحموني" و"المسطاري بن سعيد" (في حالة فرار) وكلّهم من المدنيين، وبالأشغال الشاقة المؤبدة على "محمد الصالح البراطلي" و"الساسي بويحيى"، وبعشرين عاما أشغالا شاقة على "العربي العكرمي" و"علي كشك" و"عبد القادر بن يشرط" و"أحمد التيجاني" و"تميم بن كامل التونسي "وعشر سنوات أشغالا شاقة على "علي القفصي" و"عز الدين الشريف"، وخمسة أعوام أشغالا شاقة على "علي الكفلي الشواشي"، وعامين سجنا على "محمد العربي المثناني" و"حسن مرزوق"، وبعام سجنا على العربي الصامت. وبعد 7 أيّام من التّصريح بالحكم تمّ تنفيذ أحكام الإعدام رميا بالرصاص في 10 من المحكوم عليهم بتاريخ 24 جانفي 1963، مع استثناء "المنصف الماطري" و"محمد قيزة" اللذين أبدل الحكم في شأنهما إلى الأشغال الشاقة المؤبدة.
شهادة بن يشرط..
وكان بن يشرط بين خلال شهادته أنه وبقية المجموعة من شرائح مختلفة منهم من كان صلب الحزب الدستوري التونسي قبل انضمام المرحوم الحبيب بورقيبة إليه وسبعة عسكريين بينهم حمادي قيزة وصالح الحشاني وعمر البنبلي والصادق بن سعيد ومحمد بركية وبيرم المحرزي ومحمد المثناني (أمني) وضابط بالحرس الوطني وكانوا حوالي 57 شخصا عقدوا اجتماعات استنكروا فيها سياسة بورقيبة التي اتسمت بالديكتاتورية والانفراد بالحكم والسلطة وقمع المعارضين ، وهذا فضلا عن إسرافه وبذخه في تشييد القصور رغم أن الوضع الاقتصادي للبلاد كان في تلك الفترة لا يسمح بذلك بالإضافة إلى موقف بورقيبة من حرب بنزرت والإعداد السيئ لها مما أدى إلى الزج بعديد التونسيين في حرب غير متكافئة إضافة إلى عملية اغتيال المرحوم صالح بن يوسف ومع ذلك يقول إن عمليّة الانقلاب لم تصل إلى مرحلة التنفيذ أو حتى مجرد الشروع في بعض تفاصيلها إنما كانت مجرد فكرة في أذهان أفراد المجموعة.
الكراكة..
تحدث بن يشرط عن مرحلة سجنه في الكراكة وقال إنه خلال بحثه سئل عن الإعداد والمشاركين في عملية محاولة الانقلاب مشيرا إلى أنه لم يلتق ببقية أعضاء المجموعة داخل الوزارة وحتى أسماء جلاديه فقد نسيهم ثم نقل إلى سجن 9 أفريل وبقي مدة أسبوعين ثم تم نقله إلى سجن الكراكة بغار الملح مع 18 آخرين من المجموعة وقد عانى في السجن أبشع أنواع التعذيب فضلا عن سوء المعاملة ووجود الأوساخ والحشرات "قمل" أما الأكل فحدث ولا حرج فقد كان عبارة عن حساء من الماء به قليل من الجزر.
الطيب المهيري..
يقول بن يشرط انه أثناء إقامته بسجن الكراكة بغار الملح زاره كل من الطيب المهيري الذي كان وزيرا للداخلية ، وكان مرفوقا بالباجي قايد السبسي الذي كان وقتذاك مدير الأمن، وكان المهيري استغرب كيف يتم ابقاؤه وبقية المجموعة غير مقيدين وأمر بتقييدهم بالسلاسل من الأرجل ففهم أن تلك الزيارة كانت الغاية منها مزيد التنكيل بهم مشيرا إلى أن مدير سجن الكراكة كان يدعى محمود المرابط.
و بعد عامين و8 أشهر تم نقلهم إلى سجن برج الرومي وأودعوا بالسراديب التي يصل عمقها إلى 37 درجا وكانوا مقيدين بالسلاسل وكان المكان باردا خاصة في فصل الصيف فقد كانوا يجبرون على قضاء حاجتهم البشرية في نصف برميل وهم مكبلين بالسلاسل.
وصرح أيضا بأنه كان قضى بسجن برج الرومي ثماني سنوات ونصف ثم بعد 11سنة تقريبا قضاها بين سجني الكراكة وبرج الرومي أطلق سراحه بموجب عفو رئاسي وانه طيلة ثماني سنوات بسجن إيقافه لم تتمكن عائلته من زيارته.
الحكم..
المحاكمة تمت بثكنة بوشوشة العسكرية بتهمة محاولة الانقلاب على نظام الحكم وصدر عليه حكم بـ 20 سنة سجنا وهو نزيل السجن.
وأكد أنه لم يتم الشروع في تنفيذ محاولة الانقلاب على نظام الحكم ولم يتم ضبط موعدا للتنفيذ منتهيا بشهادته إلى تمسكه بطلب تتبع كل من تثبت إدانته.
إعدام 10 أفراد..
كانت أرملة نقيب بالجيش الوطني يدعى محمد بن قيزة شهر حمادي قيزة ينتمي إلى نفس مجموعة لزهر الشرايطي المتهمة بمحاولة القيام بانقلاب على بورقيبة سنة 1962 مشيرة أنها أسست في 2016 جمعية ضحايا ما يسمى المحاولة الانقلابية 1962 التي أسفرت عن إعدام 10 أفراد وتعذيب البقية صرحت ان زوجها كان مسؤولا عن المدرعات بثكنة بوفيشة ويعتبر من خيرة ضباط الجيش التونسي ممّن كانوا تلقوا الدراسة والتكوين بفرنسا لتأهيلهم لتأسيس نواة الجيش التونسي معتبرة أن المحاكمة التي كان أطرافها زوجها وبقية المجموعة كانت محاكمة غير عادلة باعتبار أن المحاولة كانت مجرد مشروع لم ينفذ ورغم ذلك كانت الأحكام قاسية جدا فضلا عن أن المجموعة لم تكن ترمي في الحقيقة إلى انقلاب عسكري وإنما كان الأمر حراك شعبي من قبيل الثورة الشعبية شملت أطياف مختلفة من الشعب التونسي من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب وكان فيها من العسكريين والمدنيين على حد السواء كانت تحدوهم جميعا مشاعر التغيير بسبب ما عاينوه من تسلط وإسراف وتبذير من النظام الحاكم مضيفة أن ذلك الحراك انقسم إلى قسمين عقد كل قسم منهما اجتماعا في نفس الليلة، المجموعة الأولى ضمت عسكريين بينهم زوجها بمنزل المنصف الماطري وقد اتفقوا على إيقاف العملية باعتبار أن العسكريين لم يكونوا يرغبون في مشاركة المدنيين أما المجموعة الثانية فقد ضمت المدنيين واجتمعت بمنزل لزهر الشرايطي ملاحظة ان المدعو عبد العزيز شوشان وهو عسكري من بين اللذين حضروا الاجتماع بمنزل لزهر الشرايطي هو من وشى بالمجموعة حيث أرسل أحد مساعديه إلى وزير الدفاع في تلك الفترة الباهي لدغم لإعلامه بالأمر فانطلقت حملة الاعتقالات في الأثناء كان زوجها استدعي يوم 20 ديسمبر 1962 واجتمع به وزير الدفاع الباهي لدغم واستنطقه ثم أودع مع عدد آخر بغرفة بوزارة الدفاع مشيرة إلى أن زوجها لم يتعرض إلى التعذيب قبل أن يقع ايقافه ومحاكمته في جانفي 1963 رفقة 53 متهما تلك المحاكمة التي لم تدم لأكثر من خمسة أيام ثم صدر الحكم بتاريخ 18 جانفي 1963 معتبرة أن الحكم كان جاهزا وأعدّ بالقصر الرئاسي معتبرة أنها محاكمة غير عادلة مضيفة أن أحكاما بالاعدام صدرت في حق عشرة من بين المجموعة خمسة عسكريين وخمسة من المدنيين بينهم لزهر الشرايطي. وأحمد الرحموني ...ثم إن أحكام الإعدام كانت متسارعة لنم تراع فيها المقاييس الدولية ولا حتى المحلية لحقوق الإنسان إذ نفذت الأحكام يوم 24 جانفي 1963 قبل ليلة فقط من دخول شهر رمضان المعظم كذلك عملية الدفن كانت بثكنة الحرس الوطني ببئر بورقبة دون إعلام أي أحد بذلك ولا بحضور أفراد عائلاتهم.
طمس الجثث..
أشارت في شهادتها انه تم رش مادة "الجير"على جثث الذين اعدموا وهي مادة تجعل الجثة تتآكل بسرعة، و في 2012 لم يتم التعرف سوى على خمسة رفات فقط بعد حفر مكان دفن الضحايا.
وسيلة بورقيبة..
و تابعت أن زوجها كان صدر ضده حكما بالإعدام ولكن تم ابدال عقوبة الإعدام بالسجن المؤبد مع الأشغال الشاقة بعد أن طلبت وسيلة بورقيبة زوجة الزعيم الراحل بالإعفاء عن قريبها منصف الماطري وقد غادر زوجها السّجن بتاريخ غرة جوان 1973 حين صدر عفو رئاسي شمل كل المساجين السياسيين..
و بالإضافة إلى من صدرت ضدهم أحكام بالإعدام فإن البقية صدرت ضدهم أحكام بالسجن وصلت الى المؤبد وكانوا تعرضوا في السجن إلى شتى أنواع التعذيب والتنكيل المادي والمعنوي وأودع 18 منهم بالزنزانات المعروفة بعنق الجمل بسجن الكراكة بغار الملح أين قضى المرحوم الصحبي فرحات نحبه بالغرفة عدد 7 بالسجن ثم تم نقل زوجها وبقية المجموعة الى سجن برج الرومي وتم إيداعهم بمكان تحت الأرض وهو عبارة عن بئر بالإضافة إلى تكبيلهم من أرجلهم بالسلاسل مضيفة أن زوجها ورفاقه كانوا يشربون من حفرة كان يتجمع بها بعض الماء فقد كان مكان احتجازهم سيء جدا إذ يتواجد "القمل"و"البرغوث" فأدى ذلك إلى إصابتهم بالجرب، ورغم ذلك كانوا يحرمون من العلاج، مشيرة إلى أن السجين القاضي أحمد التيجاني كان عزل بمفرده سواء بسجن الكراكة أو برج الرومي مما أثر على صحته ومداركه العقلية فتوفي بعد ثمانية أشهر من مغادرته السجن.
وتابعت بأن ما سمي بالمحاولة الانقلابية لم تكن مغامرة إنما رغبة من جملة من الوطنيين عسكريين أو مدنيين كانوا يرغبون في تغيير المسار.
حمادي غرس..
قال حمادي غرس ( شارك غرس في النضال الوطني ضد الإستعمار الفرنسي وكان من المنتمين لفرقة رضا بن عمار) في شهادته في هذا الملف أنه في 18جانفي 1952 صدرت تعليمات ودعوات من الحزب الدستوري وعرضت عن طريق الشعب الدستورية على التراب التونسي مفادها مجابهة السلط الاستعمارية، ومقاومتها فتكونت مجموعات صمود بالمدن والجبال قامت بما يعرف بحرب العصابات وطالت المقاومة الجالية الفرنسية فأصبحت لدى المستعمر خشية من المقاومة والمقاومين فالتجأت فرنسا إلى بورقيبة الذي كان بمنفاه بجزيرة "لاقرو"، وتم نقله إلى مكان آخر والتفاوض معه دون استشارة بقية أعضاء الحزب معتبرا أنها كانت صفقة بين بورقيبة ومنداس فر نس على أن تكف المقاومة عن النضال ويكون التفاوض بين المستعمر وبورقيبة فقط.
وفي أوائل ديسمبر 1954 راجت معلومات تفضح تلك الصفقة مفادها أنه في نوفمر 1954 حصل في مقر المقيم العام الفرنسي اجتماع ضم 22 شخصية تونسية بينهم مختار عطية والحبيب المولهي.. أغلبهم كانوا رؤساء الجامعات الدستورية و22 ضابط فرنسي وكان موضوع الاجتماع نزع سلاح المقاومة وتحديد الأماكن والمجموعات التي سينز ع سلاحه..
مضيفا إن بورقيبة في تلك الفترة ألقى خطابات لم تكن في مستوى ومطامح السياسيين، بينها خطاب 3 أوت 1954 الذي قال فيه بورقيبة بأن الدول المستعمرة لا يمكنها أن تحصل على استقلال تام بل عليها أن تبقى تابعة للجهة المستعمرة حتى تتمكن من بناء نفسها كما أن بورقيبة لم يطالب المستعمر ولن يتفاوض معه حول استقلال تونس وذلك ما جعلهم يخالفون الزعيم الرأي إضافة إلى أن ذلك التوجه المتمثل في عملية تسليم السلاح إلى المستعمر كان بإذن من بورقيبة وقد أفسد ذلك المشروع المغاربي الذي انخرط فيه بورقيبة، هذا المشروع الذي ولد مع اندلاع الثورة الجزائرية واحتدام المقاومة بالمغرب الأقصى و الذي كان سيشكل خطا نضاليا مغاربيا سيعجز أمامه المستعمر
ولاحظ أنه في 1955 لم تنتصر السيادة التونسية في عدة مجالات كما رافق الفشل حرب بنزرت مشيرا إلى أن المستعمر زيادة عن قتله الرضع وكبار السن وغيرهم فقد قتل صحفي مصور بجريدة "الصباح" يدعى محمد بن عمار وحاول المستعمر أيضا قتل صاحب الجريدة في تلك الفترة الحبيب شيخ روحو بسبب نشر الجريدة عن عملية اغتيال صالح بن يوسف.
وتابع في شهادته أنه بعد إعلان الاستقلال فإن الجيش الفرنسي لم يغادر تونس وبقي لتعقب المقاومين بالقصف بالطائرات فسقط المئات من الشهداء وأن بورقيبة طلب من الجيش الفرنسي البقاء إلى حين تركيز الدولة مقابل إطلاق سراح اليد الحمراء التي اغتالت فرحات حشاد وعبد الرحمان مامي.
تونس-الصباح
أجلت أمس الدائرة المتخصصة في العدالة الانتقالية بالمحكمة الابتدائية بتونس النظر في ملف عبد القادر بن يشرط وهو ضحية من ضحايا التعذيب والتنكيل وأحد المنتمين لمجموعة لزهر الشرايطي وما عرف بالمحاولة الانقلابية على نظام حكم بورقيبة سنة 1962 إلى السنة القضائية القادمة بسبب الشغور في تركيبة هيئة المحكمة.
مفيدة القيزاني
وللتذكير فإن ملف هذه القضية يتعلق بمحاولة انقلاب ضد نظام الرئيس الأسبق الحبيب بورقيبة اشترك في القيام بها مجموعة من العسكريين والمدنيين من مختلف التوجهات السياسية من مقاومين سابقين وعسكريّين ومدنيين معارضين للنظام وفيهم محسوبين على التيّار اليوسفي والقومي. ويعتبر عبد العزيز العكرمي محركها الرئيسي ورأسها المدبر.
ألقي القبض على المجموعة التي تضم قرابة 25 شخصا في 19 ديسمبر 1962 وبدأت محاكماتهم في 12 جانفي 1963 وتمّ التّصريح بالحكم يوم 17 جانفي 1963 بعد أكثر من عشرين ساعة من المداولات.
ولم يسمح النظام للمتّهمين باختيار محامين بل عيّن لهم 5 محامين معروفين بقربهم من النّظام.
وبعد 5 أيّام من المحاكمات أصدرت المحكمة العسكرية بتونس في حقهم أحكاما تراوحت بين الإعدام والأشغال الشاقة والسجن.
فقد حكمت المحكمة بإعدام 13 شخصا منهم وهم "عمر البنبلي" و"كبير المحرزي" و"صالح الحشاني "وعبد الصادق بن سعيد" و"المنصف الماطري" و"حمادي قيزة" و"الحبيب بركية"وكلهم من العسكريين و"الحبيب حنيني" و"الهادي القفصي" و"الأزهر الشرايطي" و"عبد العزيز العكرمي" و"أحمد الرحموني" و"المسطاري بن سعيد" (في حالة فرار) وكلّهم من المدنيين، وبالأشغال الشاقة المؤبدة على "محمد الصالح البراطلي" و"الساسي بويحيى"، وبعشرين عاما أشغالا شاقة على "العربي العكرمي" و"علي كشك" و"عبد القادر بن يشرط" و"أحمد التيجاني" و"تميم بن كامل التونسي "وعشر سنوات أشغالا شاقة على "علي القفصي" و"عز الدين الشريف"، وخمسة أعوام أشغالا شاقة على "علي الكفلي الشواشي"، وعامين سجنا على "محمد العربي المثناني" و"حسن مرزوق"، وبعام سجنا على العربي الصامت. وبعد 7 أيّام من التّصريح بالحكم تمّ تنفيذ أحكام الإعدام رميا بالرصاص في 10 من المحكوم عليهم بتاريخ 24 جانفي 1963، مع استثناء "المنصف الماطري" و"محمد قيزة" اللذين أبدل الحكم في شأنهما إلى الأشغال الشاقة المؤبدة.
شهادة بن يشرط..
وكان بن يشرط بين خلال شهادته أنه وبقية المجموعة من شرائح مختلفة منهم من كان صلب الحزب الدستوري التونسي قبل انضمام المرحوم الحبيب بورقيبة إليه وسبعة عسكريين بينهم حمادي قيزة وصالح الحشاني وعمر البنبلي والصادق بن سعيد ومحمد بركية وبيرم المحرزي ومحمد المثناني (أمني) وضابط بالحرس الوطني وكانوا حوالي 57 شخصا عقدوا اجتماعات استنكروا فيها سياسة بورقيبة التي اتسمت بالديكتاتورية والانفراد بالحكم والسلطة وقمع المعارضين ، وهذا فضلا عن إسرافه وبذخه في تشييد القصور رغم أن الوضع الاقتصادي للبلاد كان في تلك الفترة لا يسمح بذلك بالإضافة إلى موقف بورقيبة من حرب بنزرت والإعداد السيئ لها مما أدى إلى الزج بعديد التونسيين في حرب غير متكافئة إضافة إلى عملية اغتيال المرحوم صالح بن يوسف ومع ذلك يقول إن عمليّة الانقلاب لم تصل إلى مرحلة التنفيذ أو حتى مجرد الشروع في بعض تفاصيلها إنما كانت مجرد فكرة في أذهان أفراد المجموعة.
الكراكة..
تحدث بن يشرط عن مرحلة سجنه في الكراكة وقال إنه خلال بحثه سئل عن الإعداد والمشاركين في عملية محاولة الانقلاب مشيرا إلى أنه لم يلتق ببقية أعضاء المجموعة داخل الوزارة وحتى أسماء جلاديه فقد نسيهم ثم نقل إلى سجن 9 أفريل وبقي مدة أسبوعين ثم تم نقله إلى سجن الكراكة بغار الملح مع 18 آخرين من المجموعة وقد عانى في السجن أبشع أنواع التعذيب فضلا عن سوء المعاملة ووجود الأوساخ والحشرات "قمل" أما الأكل فحدث ولا حرج فقد كان عبارة عن حساء من الماء به قليل من الجزر.
الطيب المهيري..
يقول بن يشرط انه أثناء إقامته بسجن الكراكة بغار الملح زاره كل من الطيب المهيري الذي كان وزيرا للداخلية ، وكان مرفوقا بالباجي قايد السبسي الذي كان وقتذاك مدير الأمن، وكان المهيري استغرب كيف يتم ابقاؤه وبقية المجموعة غير مقيدين وأمر بتقييدهم بالسلاسل من الأرجل ففهم أن تلك الزيارة كانت الغاية منها مزيد التنكيل بهم مشيرا إلى أن مدير سجن الكراكة كان يدعى محمود المرابط.
و بعد عامين و8 أشهر تم نقلهم إلى سجن برج الرومي وأودعوا بالسراديب التي يصل عمقها إلى 37 درجا وكانوا مقيدين بالسلاسل وكان المكان باردا خاصة في فصل الصيف فقد كانوا يجبرون على قضاء حاجتهم البشرية في نصف برميل وهم مكبلين بالسلاسل.
وصرح أيضا بأنه كان قضى بسجن برج الرومي ثماني سنوات ونصف ثم بعد 11سنة تقريبا قضاها بين سجني الكراكة وبرج الرومي أطلق سراحه بموجب عفو رئاسي وانه طيلة ثماني سنوات بسجن إيقافه لم تتمكن عائلته من زيارته.
الحكم..
المحاكمة تمت بثكنة بوشوشة العسكرية بتهمة محاولة الانقلاب على نظام الحكم وصدر عليه حكم بـ 20 سنة سجنا وهو نزيل السجن.
وأكد أنه لم يتم الشروع في تنفيذ محاولة الانقلاب على نظام الحكم ولم يتم ضبط موعدا للتنفيذ منتهيا بشهادته إلى تمسكه بطلب تتبع كل من تثبت إدانته.
إعدام 10 أفراد..
كانت أرملة نقيب بالجيش الوطني يدعى محمد بن قيزة شهر حمادي قيزة ينتمي إلى نفس مجموعة لزهر الشرايطي المتهمة بمحاولة القيام بانقلاب على بورقيبة سنة 1962 مشيرة أنها أسست في 2016 جمعية ضحايا ما يسمى المحاولة الانقلابية 1962 التي أسفرت عن إعدام 10 أفراد وتعذيب البقية صرحت ان زوجها كان مسؤولا عن المدرعات بثكنة بوفيشة ويعتبر من خيرة ضباط الجيش التونسي ممّن كانوا تلقوا الدراسة والتكوين بفرنسا لتأهيلهم لتأسيس نواة الجيش التونسي معتبرة أن المحاكمة التي كان أطرافها زوجها وبقية المجموعة كانت محاكمة غير عادلة باعتبار أن المحاولة كانت مجرد مشروع لم ينفذ ورغم ذلك كانت الأحكام قاسية جدا فضلا عن أن المجموعة لم تكن ترمي في الحقيقة إلى انقلاب عسكري وإنما كان الأمر حراك شعبي من قبيل الثورة الشعبية شملت أطياف مختلفة من الشعب التونسي من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب وكان فيها من العسكريين والمدنيين على حد السواء كانت تحدوهم جميعا مشاعر التغيير بسبب ما عاينوه من تسلط وإسراف وتبذير من النظام الحاكم مضيفة أن ذلك الحراك انقسم إلى قسمين عقد كل قسم منهما اجتماعا في نفس الليلة، المجموعة الأولى ضمت عسكريين بينهم زوجها بمنزل المنصف الماطري وقد اتفقوا على إيقاف العملية باعتبار أن العسكريين لم يكونوا يرغبون في مشاركة المدنيين أما المجموعة الثانية فقد ضمت المدنيين واجتمعت بمنزل لزهر الشرايطي ملاحظة ان المدعو عبد العزيز شوشان وهو عسكري من بين اللذين حضروا الاجتماع بمنزل لزهر الشرايطي هو من وشى بالمجموعة حيث أرسل أحد مساعديه إلى وزير الدفاع في تلك الفترة الباهي لدغم لإعلامه بالأمر فانطلقت حملة الاعتقالات في الأثناء كان زوجها استدعي يوم 20 ديسمبر 1962 واجتمع به وزير الدفاع الباهي لدغم واستنطقه ثم أودع مع عدد آخر بغرفة بوزارة الدفاع مشيرة إلى أن زوجها لم يتعرض إلى التعذيب قبل أن يقع ايقافه ومحاكمته في جانفي 1963 رفقة 53 متهما تلك المحاكمة التي لم تدم لأكثر من خمسة أيام ثم صدر الحكم بتاريخ 18 جانفي 1963 معتبرة أن الحكم كان جاهزا وأعدّ بالقصر الرئاسي معتبرة أنها محاكمة غير عادلة مضيفة أن أحكاما بالاعدام صدرت في حق عشرة من بين المجموعة خمسة عسكريين وخمسة من المدنيين بينهم لزهر الشرايطي. وأحمد الرحموني ...ثم إن أحكام الإعدام كانت متسارعة لنم تراع فيها المقاييس الدولية ولا حتى المحلية لحقوق الإنسان إذ نفذت الأحكام يوم 24 جانفي 1963 قبل ليلة فقط من دخول شهر رمضان المعظم كذلك عملية الدفن كانت بثكنة الحرس الوطني ببئر بورقبة دون إعلام أي أحد بذلك ولا بحضور أفراد عائلاتهم.
طمس الجثث..
أشارت في شهادتها انه تم رش مادة "الجير"على جثث الذين اعدموا وهي مادة تجعل الجثة تتآكل بسرعة، و في 2012 لم يتم التعرف سوى على خمسة رفات فقط بعد حفر مكان دفن الضحايا.
وسيلة بورقيبة..
و تابعت أن زوجها كان صدر ضده حكما بالإعدام ولكن تم ابدال عقوبة الإعدام بالسجن المؤبد مع الأشغال الشاقة بعد أن طلبت وسيلة بورقيبة زوجة الزعيم الراحل بالإعفاء عن قريبها منصف الماطري وقد غادر زوجها السّجن بتاريخ غرة جوان 1973 حين صدر عفو رئاسي شمل كل المساجين السياسيين..
و بالإضافة إلى من صدرت ضدهم أحكام بالإعدام فإن البقية صدرت ضدهم أحكام بالسجن وصلت الى المؤبد وكانوا تعرضوا في السجن إلى شتى أنواع التعذيب والتنكيل المادي والمعنوي وأودع 18 منهم بالزنزانات المعروفة بعنق الجمل بسجن الكراكة بغار الملح أين قضى المرحوم الصحبي فرحات نحبه بالغرفة عدد 7 بالسجن ثم تم نقل زوجها وبقية المجموعة الى سجن برج الرومي وتم إيداعهم بمكان تحت الأرض وهو عبارة عن بئر بالإضافة إلى تكبيلهم من أرجلهم بالسلاسل مضيفة أن زوجها ورفاقه كانوا يشربون من حفرة كان يتجمع بها بعض الماء فقد كان مكان احتجازهم سيء جدا إذ يتواجد "القمل"و"البرغوث" فأدى ذلك إلى إصابتهم بالجرب، ورغم ذلك كانوا يحرمون من العلاج، مشيرة إلى أن السجين القاضي أحمد التيجاني كان عزل بمفرده سواء بسجن الكراكة أو برج الرومي مما أثر على صحته ومداركه العقلية فتوفي بعد ثمانية أشهر من مغادرته السجن.
وتابعت بأن ما سمي بالمحاولة الانقلابية لم تكن مغامرة إنما رغبة من جملة من الوطنيين عسكريين أو مدنيين كانوا يرغبون في تغيير المسار.
حمادي غرس..
قال حمادي غرس ( شارك غرس في النضال الوطني ضد الإستعمار الفرنسي وكان من المنتمين لفرقة رضا بن عمار) في شهادته في هذا الملف أنه في 18جانفي 1952 صدرت تعليمات ودعوات من الحزب الدستوري وعرضت عن طريق الشعب الدستورية على التراب التونسي مفادها مجابهة السلط الاستعمارية، ومقاومتها فتكونت مجموعات صمود بالمدن والجبال قامت بما يعرف بحرب العصابات وطالت المقاومة الجالية الفرنسية فأصبحت لدى المستعمر خشية من المقاومة والمقاومين فالتجأت فرنسا إلى بورقيبة الذي كان بمنفاه بجزيرة "لاقرو"، وتم نقله إلى مكان آخر والتفاوض معه دون استشارة بقية أعضاء الحزب معتبرا أنها كانت صفقة بين بورقيبة ومنداس فر نس على أن تكف المقاومة عن النضال ويكون التفاوض بين المستعمر وبورقيبة فقط.
وفي أوائل ديسمبر 1954 راجت معلومات تفضح تلك الصفقة مفادها أنه في نوفمر 1954 حصل في مقر المقيم العام الفرنسي اجتماع ضم 22 شخصية تونسية بينهم مختار عطية والحبيب المولهي.. أغلبهم كانوا رؤساء الجامعات الدستورية و22 ضابط فرنسي وكان موضوع الاجتماع نزع سلاح المقاومة وتحديد الأماكن والمجموعات التي سينز ع سلاحه..
مضيفا إن بورقيبة في تلك الفترة ألقى خطابات لم تكن في مستوى ومطامح السياسيين، بينها خطاب 3 أوت 1954 الذي قال فيه بورقيبة بأن الدول المستعمرة لا يمكنها أن تحصل على استقلال تام بل عليها أن تبقى تابعة للجهة المستعمرة حتى تتمكن من بناء نفسها كما أن بورقيبة لم يطالب المستعمر ولن يتفاوض معه حول استقلال تونس وذلك ما جعلهم يخالفون الزعيم الرأي إضافة إلى أن ذلك التوجه المتمثل في عملية تسليم السلاح إلى المستعمر كان بإذن من بورقيبة وقد أفسد ذلك المشروع المغاربي الذي انخرط فيه بورقيبة، هذا المشروع الذي ولد مع اندلاع الثورة الجزائرية واحتدام المقاومة بالمغرب الأقصى و الذي كان سيشكل خطا نضاليا مغاربيا سيعجز أمامه المستعمر
ولاحظ أنه في 1955 لم تنتصر السيادة التونسية في عدة مجالات كما رافق الفشل حرب بنزرت مشيرا إلى أن المستعمر زيادة عن قتله الرضع وكبار السن وغيرهم فقد قتل صحفي مصور بجريدة "الصباح" يدعى محمد بن عمار وحاول المستعمر أيضا قتل صاحب الجريدة في تلك الفترة الحبيب شيخ روحو بسبب نشر الجريدة عن عملية اغتيال صالح بن يوسف.
وتابع في شهادته أنه بعد إعلان الاستقلال فإن الجيش الفرنسي لم يغادر تونس وبقي لتعقب المقاومين بالقصف بالطائرات فسقط المئات من الشهداء وأن بورقيبة طلب من الجيش الفرنسي البقاء إلى حين تركيز الدولة مقابل إطلاق سراح اليد الحمراء التي اغتالت فرحات حشاد وعبد الرحمان مامي.