إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

ثورة الجامعات وصحوة النخب في الغرب

 

 

مطالب المحتجين المعتصمين سلميا، إيقاف التعاون المالي والعلمي مع الكيان الاسرائيلي وذلك أضعف الإيمان

بقلم الصحراوي قمعون

صحفي باحث في علوم الإعلام والصحافة

تتوالى الأحداث والتطورات على الساحة الدولية لتكشف مدى التردي الذي سقطت فيه صورة إسرائيل وأصبحت منبوذة في المجتمع الدولي والإنساني .

  فبعد مظاهر التضامن الدولي على مدى الأشهر الأخيرة في مختلف عواصم العالم، ثم محاكمة إسرائيل وقياداتها من قبل محكمة العدل الدولية ، هبت على العالم موجة غير مسبوقة من التضامن الطلابي مع الفلسطينيين في العالم وفي أمريكا، من جامعة كولومبيا، لتتوسع إلى مجمل الجامعات الفرنسية في السوربون وجامعة العلوم السياسية إلى عديد الجامعات في أوروبا.

  كانت هذه الثورة الطلابية العارمة مثل صحوة الضمير الغربي الذي ظل لعقود نائما ومخدرا بفعل سردية الدعاية الصهيونية حول ما تعرض له اليهود من مجازر ومحارق و"بوغرومات" و"هولوكوستات" طيلة تاريخهم وأخرها في الحرب العالمية الثانية. كل تلك السردية سقطت في الماء اليوم أمام ما يشاهده الرأي العام في العالم عبر الميديا الجديدة غير القابلة للصنصرة، من مظاهر القتل والتنكيل اليومي بشكل همجي وجنوني لسكان غزة المسالمين والصابرين صبر أيوب والمسيح، وقد وصل عدد قتلاهم في ثمانية أشهر من القصف الإسرائيلي أكثر من خمسة وثلاثين ألف قتيل وما يزيد عن سبعين ألف جريح، مقابل أقل من ألف من الإسرائيليين قتلتهم حركة حماس في هجومها في السابع من اكتوبر 2023

   هذه الحقائق المرة التي تتجول بحرية في فضاءات الميديا الجديدة المتحررة من قبضة وحصار اللوبي الصهيوني في الإعلام التقليدي، كانت كافية لتنطلق صحوة الضمير للطلبة عبر العالم، وهم يمثلون نخبة الإنسانية، وقد تعلموا في مدارج العلم والمعرفة قيم الثورة والإنسانية ومعاني حقوق الإنسان والحرية والديمقراطية التي تسير على هديها الدول الغربية الديمقراطية، وتحاول جاهدة أن تصدرها إلى باقي دول العالم باللين أو بالقوة.

    كانت خيبة أمل النخبة الغربية كبيرة من مجتمعاتها المنافقة وهي تشاهد صمتها وعجزها أمام إسرائيل المتغوّلة وهي تدوس تلك القيم وتمارس مظاهر التقتيل والتنكيل بالسكان الأبرياء حتى التجويع والقتل وقطع الماء والكهرباء والاتصالات والغذاء من طرف جيش إسرائيلي متوحش وقيادة إجرامية لم تعرف البشرية مثيلا لها في القتل وسفك الدماء، كما عبر عن ذلك الكثير من الفلاسفة والمفكرين والصحافيين في الغرب وفي إسرائيل نفسها. وفي مثل تلك الحالة من الصراع الأسطوري بين داوود الضعيف المدعوم بقوة الرب، وغوليات المتجبر المدعوم بقوة الشيطان الأطلس، يكون التعاطف مع داوود الضعيف المحاصر في غزة والذي يقف معه الله فلا يحزنْ أبدا.

    هكذا لم يبق لهذه النخبة العلمية غير التعاطف السلمي مع سكان غزة والتنديد بالممارسات الإسرائيلية . ولم تعد تنطلي عليها سرديات الهولوكوست اليهودي المستهلكة خاصة في جامعة كولومبيا الأمريكية التي تضم نخبة العالم من الدارسات العلمية والبحوث التي تساهم فيها مخابرها فتنتج أسلحة متطورة تستعملها إسرائيل في قتل الفلسطينيين أمام أعينهم. كما لم تعد تنطلي تلك الخزعبلات الهولوكوسْتيّة ذات السردية الممجوجة على طلبة العلوم السياسية في باريس الشهير باسم "سيانس بو" والتي يتخرج منها أعلام الحياة السياسية ونوابغ كاريزمات قيادات السياسة ليس في فرنسا بل في العام .

   لقد توحدت المطالب التي رددها الطلبة في ضفتي الأطلس الشرقية في أوروبا والغربية في أمريكا مُسقطين أسطورة الحلف الأطلسي حليف إسرائيل وقاعدته الثابتة في منطقة الشرق الأوسط الغنية بالثروات وبالمخاوف الاستعمارية. كانت مطالب المحتجين المعتصمين سلميا وقف التعاون المالي والعلمي مع الكيان الإسرائيلي وذلك أضعف الإيمان لدى هؤلاء. وهو مطلب أكاديمي أخلاقي يمنع توظيف العلوم لفائدة الأنظمة الاستبدادية والهمجية على غرار إسرائيل .

     وأظهرت اعتصامات الطلبة ووقوفهم إلى جانب الحق مدى محدودية صدق وتعلق الأنظمة السياسية في الغرب الديمقراطي بقيم الحريات والديمقراطية.

   قمع بوليسي في أنظمة ديمقراطية

   أمام المظاهرات السلمية واتساع مداها في المركبات الجامعية، كانت تدخلات قوات الأمن وحفظ النظام العام ومكافحة الشغب الامريكية والأوروبية أكثر حدة وعنفا وتكسيرا للجماجم من تلك المسجلة في مثل تلك الحالات في البلدان الاستبدادية في الحوض الجنوبي للكرة الأرضية، والتي تتفنن جمعيات ومنظمات الحريات وحقوق الإنسان في إصدار البيانات والدعوات لفرض عقوبات على البلدان التي تستعمل "العنف المفرط" ضد مواطنيها. بل إن العنف المستعمل أمام الكاميراهات في أمريكا وفي أوروبا كشف مرة أخرى حقيقة التعامل بمكيالين في الموضوع، حيث تخرس وسائل الإعلام لديها بدافع "الأمن القومي الاستراتيجي"، في حين تشن حملات ومطالب بفرض عقوبات على نفس حالات العنف المفرط تجاه المواطنين السلميين والطلبة والأكاديميين والأساتذة الذين لا يمثلون خطرا على الأمن. وأظهرت فيديوهات عدة كيف كان أعوان الأمن يجرون بعنف رئيسة قسم الفلسفة بجامعة أمريكية وهي تتحدث بشجاعة عن وقوفها إلي جانب طلبتها. وفي فيديو أخر كيف هجم شرطيان مدججان بكافة الأسلحة القمعية على أستاذة جامعية في كولومبيا وبطحاها أرضا بعنف هستيري قبل أن يضعا الكلبشة في يديها ويقودونها إلى سيارة الشرطة .

  أمام هذه الحالات من التصعيد الأمني المجاني لقواتها، سارعت الحكومات الديمقراطية في أمريكا وأوروبا إلى الدعوة للتصدي للمظاهرات وفك الإعتصامات بالقوة، وهو ما تسبب في اعتقال عدد كبير من الطلبة، في حين يعرض مجلس الشيوخ الأمريكي مشروع قرار استثنائي يوسع دائرة معاداة السامية لتتحول من معاداة اليهود إلى معاداة إسرائيل التي يرفض كثير من اليهود الانتماء إليها كدولة صهيونية عنصرية. وهو موقف تصعيدي للجم الحركة العصيانية المناهضة لإسرائيل .

     وفي فرنسا طلبت وزيرة التعليم العالي من رؤساء المؤسسات الجامعية ضمان الأمن والدراسة في مؤسساتهم والاستنجاد بالشرطة لإعادة الأمن، في حين تعرف الجامعات الفرنسية تصعيدا نضاليا من الطلبة وتصعيدا أمنيا حد "الانحراف الاستبدادي" للسلطات في بلد الثورة الفرنسية والحريات . وحسب معلومات صحفية ميدانية فقد انتشرت ميليشيات طلابية غريبة عن الحرم الجامعي مساندة لإسرائيل تستعمل العنف وتهاجم الطلبة المعتصمين المساندين لغزة وتستفزهم ثم تنسحب أمنة تحت حماية الشرطة، كما في عديد الأنظمة الدكتاتورية في العالم المافيوزي .

لقد بينت الأزمة الطالبية المشتعلة في المركبات الجامعية في بلدان الغرب الطيع لإسرائيل كيف أصبحت هذه الأخيرة دولة مارقة منبوذة في المحفل الدولي الإنساني ومكروهة لدى مختلف الشعوب، لفظها المجتمع الدولي وكل الدول المحبة للسلام وأخرها جمهور الطلبة عبر العالم، وهم جيل المستقبل وحكامه القادمين في العشريات المقبلة، عبر مواقف راديكالية للطلبة تعبر عن مدى النقمة والاحتقار للنظام الفاشي والعنصري حد الأبارتهايد القائم في تل أبيب.

أوكار التضليل الإعلامي الدولي

   ورغم المقت والنبذ، لا تزال هناك أوكار للتضليل الإعلامي الداعمة لإسرائيل عبر العالم في بعض تلك المنظمات العالمية مثل منظمة "مراسلون بلا حدود" التي أصدرت في تقريرها لعام 2024 بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة يوم 3 ماي الجاري ، وضعت فيه إسرائيل على رأس قائمة دول الشرق الأوسط المحترمة لحرية التعبير، والحال أن إسرائيل قتلت بالقصف والقنص والاغتيال أكثر من مائة صحفي في قطاع غزة منذ اندلاع مواجهات السابع من اكتوبر 2023 . وهي تقارير متهافتة ومنحازة سرعان ما تدحضها حقائق صور الفيديوهات الكاشفة للحقيقة والتي تعمل على إخفائها وسائل الإعلام التقليدية في الغرب وحتى شبكات التواصل الاجتماعي مثل " فايسبوك" و"تويتر إكس" التي تقوم هي أيضا بلعبة التعتيم الممنهج للأحداث المحرجة للأنظمة الديمقراطية في نيويورك وباريس وبروكسال ولندن . وهي فيديوهات وتصريحات كاشفة للحقيقة الكاملة تنشرها منصات إعلامية لدول عظمى أخرى مثل "تيك توك" الصيني الممنوع في أمريكا والمضيّق عليه في أوروبا ومنصة "تيليغرام" الروسية المستقرة في المنطقة الحرة في دبي والتي تنشر كل الفيديوهات الواقعة تحت الرقابة والصنصرة الأمريكية بدعوى معاداة السامية أو ضرورات الأمن القومي أو الخوف من التجسس الصيني أو الروسي عبر تلك المحامل الملتيميدية التي لا تعرف نظيراتها الغربية أي تجسس على بلدان العالم ومواطنيها.؟؟ بل قل إنها بعيدة كل البعد عن حبك المؤامرات الاستخباراتية وتدبير الانقلابات العسكرية ضد رؤساء منتخبين بصفة ديمقراطية، مثلما جرى في عام 1973 للرئيس الشيلي الاشتراكي المنتخب ديمقراطيا من الشعب سلفادور ألندي من طرف الجنرال أوغيستو بينوشيه المدعوم سياسيا وإعلاميا من وكالة المخابرات المركزية الأمريكية بدعوى مقاومة المد الشيوعي في أمريكا اللاتينية، الحديقة الخلفية للولايات المتحدة.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

ثورة الجامعات وصحوة النخب في الغرب

 

 

مطالب المحتجين المعتصمين سلميا، إيقاف التعاون المالي والعلمي مع الكيان الاسرائيلي وذلك أضعف الإيمان

بقلم الصحراوي قمعون

صحفي باحث في علوم الإعلام والصحافة

تتوالى الأحداث والتطورات على الساحة الدولية لتكشف مدى التردي الذي سقطت فيه صورة إسرائيل وأصبحت منبوذة في المجتمع الدولي والإنساني .

  فبعد مظاهر التضامن الدولي على مدى الأشهر الأخيرة في مختلف عواصم العالم، ثم محاكمة إسرائيل وقياداتها من قبل محكمة العدل الدولية ، هبت على العالم موجة غير مسبوقة من التضامن الطلابي مع الفلسطينيين في العالم وفي أمريكا، من جامعة كولومبيا، لتتوسع إلى مجمل الجامعات الفرنسية في السوربون وجامعة العلوم السياسية إلى عديد الجامعات في أوروبا.

  كانت هذه الثورة الطلابية العارمة مثل صحوة الضمير الغربي الذي ظل لعقود نائما ومخدرا بفعل سردية الدعاية الصهيونية حول ما تعرض له اليهود من مجازر ومحارق و"بوغرومات" و"هولوكوستات" طيلة تاريخهم وأخرها في الحرب العالمية الثانية. كل تلك السردية سقطت في الماء اليوم أمام ما يشاهده الرأي العام في العالم عبر الميديا الجديدة غير القابلة للصنصرة، من مظاهر القتل والتنكيل اليومي بشكل همجي وجنوني لسكان غزة المسالمين والصابرين صبر أيوب والمسيح، وقد وصل عدد قتلاهم في ثمانية أشهر من القصف الإسرائيلي أكثر من خمسة وثلاثين ألف قتيل وما يزيد عن سبعين ألف جريح، مقابل أقل من ألف من الإسرائيليين قتلتهم حركة حماس في هجومها في السابع من اكتوبر 2023

   هذه الحقائق المرة التي تتجول بحرية في فضاءات الميديا الجديدة المتحررة من قبضة وحصار اللوبي الصهيوني في الإعلام التقليدي، كانت كافية لتنطلق صحوة الضمير للطلبة عبر العالم، وهم يمثلون نخبة الإنسانية، وقد تعلموا في مدارج العلم والمعرفة قيم الثورة والإنسانية ومعاني حقوق الإنسان والحرية والديمقراطية التي تسير على هديها الدول الغربية الديمقراطية، وتحاول جاهدة أن تصدرها إلى باقي دول العالم باللين أو بالقوة.

    كانت خيبة أمل النخبة الغربية كبيرة من مجتمعاتها المنافقة وهي تشاهد صمتها وعجزها أمام إسرائيل المتغوّلة وهي تدوس تلك القيم وتمارس مظاهر التقتيل والتنكيل بالسكان الأبرياء حتى التجويع والقتل وقطع الماء والكهرباء والاتصالات والغذاء من طرف جيش إسرائيلي متوحش وقيادة إجرامية لم تعرف البشرية مثيلا لها في القتل وسفك الدماء، كما عبر عن ذلك الكثير من الفلاسفة والمفكرين والصحافيين في الغرب وفي إسرائيل نفسها. وفي مثل تلك الحالة من الصراع الأسطوري بين داوود الضعيف المدعوم بقوة الرب، وغوليات المتجبر المدعوم بقوة الشيطان الأطلس، يكون التعاطف مع داوود الضعيف المحاصر في غزة والذي يقف معه الله فلا يحزنْ أبدا.

    هكذا لم يبق لهذه النخبة العلمية غير التعاطف السلمي مع سكان غزة والتنديد بالممارسات الإسرائيلية . ولم تعد تنطلي عليها سرديات الهولوكوست اليهودي المستهلكة خاصة في جامعة كولومبيا الأمريكية التي تضم نخبة العالم من الدارسات العلمية والبحوث التي تساهم فيها مخابرها فتنتج أسلحة متطورة تستعملها إسرائيل في قتل الفلسطينيين أمام أعينهم. كما لم تعد تنطلي تلك الخزعبلات الهولوكوسْتيّة ذات السردية الممجوجة على طلبة العلوم السياسية في باريس الشهير باسم "سيانس بو" والتي يتخرج منها أعلام الحياة السياسية ونوابغ كاريزمات قيادات السياسة ليس في فرنسا بل في العام .

   لقد توحدت المطالب التي رددها الطلبة في ضفتي الأطلس الشرقية في أوروبا والغربية في أمريكا مُسقطين أسطورة الحلف الأطلسي حليف إسرائيل وقاعدته الثابتة في منطقة الشرق الأوسط الغنية بالثروات وبالمخاوف الاستعمارية. كانت مطالب المحتجين المعتصمين سلميا وقف التعاون المالي والعلمي مع الكيان الإسرائيلي وذلك أضعف الإيمان لدى هؤلاء. وهو مطلب أكاديمي أخلاقي يمنع توظيف العلوم لفائدة الأنظمة الاستبدادية والهمجية على غرار إسرائيل .

     وأظهرت اعتصامات الطلبة ووقوفهم إلى جانب الحق مدى محدودية صدق وتعلق الأنظمة السياسية في الغرب الديمقراطي بقيم الحريات والديمقراطية.

   قمع بوليسي في أنظمة ديمقراطية

   أمام المظاهرات السلمية واتساع مداها في المركبات الجامعية، كانت تدخلات قوات الأمن وحفظ النظام العام ومكافحة الشغب الامريكية والأوروبية أكثر حدة وعنفا وتكسيرا للجماجم من تلك المسجلة في مثل تلك الحالات في البلدان الاستبدادية في الحوض الجنوبي للكرة الأرضية، والتي تتفنن جمعيات ومنظمات الحريات وحقوق الإنسان في إصدار البيانات والدعوات لفرض عقوبات على البلدان التي تستعمل "العنف المفرط" ضد مواطنيها. بل إن العنف المستعمل أمام الكاميراهات في أمريكا وفي أوروبا كشف مرة أخرى حقيقة التعامل بمكيالين في الموضوع، حيث تخرس وسائل الإعلام لديها بدافع "الأمن القومي الاستراتيجي"، في حين تشن حملات ومطالب بفرض عقوبات على نفس حالات العنف المفرط تجاه المواطنين السلميين والطلبة والأكاديميين والأساتذة الذين لا يمثلون خطرا على الأمن. وأظهرت فيديوهات عدة كيف كان أعوان الأمن يجرون بعنف رئيسة قسم الفلسفة بجامعة أمريكية وهي تتحدث بشجاعة عن وقوفها إلي جانب طلبتها. وفي فيديو أخر كيف هجم شرطيان مدججان بكافة الأسلحة القمعية على أستاذة جامعية في كولومبيا وبطحاها أرضا بعنف هستيري قبل أن يضعا الكلبشة في يديها ويقودونها إلى سيارة الشرطة .

  أمام هذه الحالات من التصعيد الأمني المجاني لقواتها، سارعت الحكومات الديمقراطية في أمريكا وأوروبا إلى الدعوة للتصدي للمظاهرات وفك الإعتصامات بالقوة، وهو ما تسبب في اعتقال عدد كبير من الطلبة، في حين يعرض مجلس الشيوخ الأمريكي مشروع قرار استثنائي يوسع دائرة معاداة السامية لتتحول من معاداة اليهود إلى معاداة إسرائيل التي يرفض كثير من اليهود الانتماء إليها كدولة صهيونية عنصرية. وهو موقف تصعيدي للجم الحركة العصيانية المناهضة لإسرائيل .

     وفي فرنسا طلبت وزيرة التعليم العالي من رؤساء المؤسسات الجامعية ضمان الأمن والدراسة في مؤسساتهم والاستنجاد بالشرطة لإعادة الأمن، في حين تعرف الجامعات الفرنسية تصعيدا نضاليا من الطلبة وتصعيدا أمنيا حد "الانحراف الاستبدادي" للسلطات في بلد الثورة الفرنسية والحريات . وحسب معلومات صحفية ميدانية فقد انتشرت ميليشيات طلابية غريبة عن الحرم الجامعي مساندة لإسرائيل تستعمل العنف وتهاجم الطلبة المعتصمين المساندين لغزة وتستفزهم ثم تنسحب أمنة تحت حماية الشرطة، كما في عديد الأنظمة الدكتاتورية في العالم المافيوزي .

لقد بينت الأزمة الطالبية المشتعلة في المركبات الجامعية في بلدان الغرب الطيع لإسرائيل كيف أصبحت هذه الأخيرة دولة مارقة منبوذة في المحفل الدولي الإنساني ومكروهة لدى مختلف الشعوب، لفظها المجتمع الدولي وكل الدول المحبة للسلام وأخرها جمهور الطلبة عبر العالم، وهم جيل المستقبل وحكامه القادمين في العشريات المقبلة، عبر مواقف راديكالية للطلبة تعبر عن مدى النقمة والاحتقار للنظام الفاشي والعنصري حد الأبارتهايد القائم في تل أبيب.

أوكار التضليل الإعلامي الدولي

   ورغم المقت والنبذ، لا تزال هناك أوكار للتضليل الإعلامي الداعمة لإسرائيل عبر العالم في بعض تلك المنظمات العالمية مثل منظمة "مراسلون بلا حدود" التي أصدرت في تقريرها لعام 2024 بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة يوم 3 ماي الجاري ، وضعت فيه إسرائيل على رأس قائمة دول الشرق الأوسط المحترمة لحرية التعبير، والحال أن إسرائيل قتلت بالقصف والقنص والاغتيال أكثر من مائة صحفي في قطاع غزة منذ اندلاع مواجهات السابع من اكتوبر 2023 . وهي تقارير متهافتة ومنحازة سرعان ما تدحضها حقائق صور الفيديوهات الكاشفة للحقيقة والتي تعمل على إخفائها وسائل الإعلام التقليدية في الغرب وحتى شبكات التواصل الاجتماعي مثل " فايسبوك" و"تويتر إكس" التي تقوم هي أيضا بلعبة التعتيم الممنهج للأحداث المحرجة للأنظمة الديمقراطية في نيويورك وباريس وبروكسال ولندن . وهي فيديوهات وتصريحات كاشفة للحقيقة الكاملة تنشرها منصات إعلامية لدول عظمى أخرى مثل "تيك توك" الصيني الممنوع في أمريكا والمضيّق عليه في أوروبا ومنصة "تيليغرام" الروسية المستقرة في المنطقة الحرة في دبي والتي تنشر كل الفيديوهات الواقعة تحت الرقابة والصنصرة الأمريكية بدعوى معاداة السامية أو ضرورات الأمن القومي أو الخوف من التجسس الصيني أو الروسي عبر تلك المحامل الملتيميدية التي لا تعرف نظيراتها الغربية أي تجسس على بلدان العالم ومواطنيها.؟؟ بل قل إنها بعيدة كل البعد عن حبك المؤامرات الاستخباراتية وتدبير الانقلابات العسكرية ضد رؤساء منتخبين بصفة ديمقراطية، مثلما جرى في عام 1973 للرئيس الشيلي الاشتراكي المنتخب ديمقراطيا من الشعب سلفادور ألندي من طرف الجنرال أوغيستو بينوشيه المدعوم سياسيا وإعلاميا من وكالة المخابرات المركزية الأمريكية بدعوى مقاومة المد الشيوعي في أمريكا اللاتينية، الحديقة الخلفية للولايات المتحدة.