تونس-الصباح
لا يمكن إنكار أن المتداول في الأوساط الاجتماعية يقر بوجود حيف واضطهاد في حق الرجل في علاقة بمسائل النفقة والحضانة، وبعيدا عن التناول الإعلامي ومنطق الانتصار لحقوق المرأة وجوانب "الجندرة" فإن الواقع المعيش وما تسمعه في محيط العائلة ودائرة الأصدقاء وفي الشارع التونسي بصفة عامة يؤكد هذه القناعة لدى جزء هام من الرأي العام تعتبر أن المشرع والقانون ينتصر للمرأة حتى على حساب الشعارات المرفوعة حول المساواة بين الرجل والمرأة في الحقوق والواجبات.
على هذا الأساس ترتفع بعض الأصوات اليوم منادية بضرورة مراجعة بعض التشريعات لاسيما فيما يتعلق بإلزام المرأة بالنفقة مثلها مثل الرجل وأيضا إنصاف الرجل في مسائل الحضانة وأحكامها، فهل حان الوقت لمراجعة هذه التشريعات؟
تشير إحصائيات منشورة إلى أن "517 ألف تونسي مدرج في التفتيش بسبب النفقة سنة 2022"، وبالنظر إلى ارتفاع حالات الطلاق في المجتمع فإن تتبعات النفقة وإهمال العيال أصبحت عبئا لا يؤرق الرجل فحسب بل أيضا له تداعياته على العائلات في وقت يعتبر كثيرون أن القانون في صيغته الحالية غير منصف للرجل كما يقول آخرون أنه ربما أصبح "سلاحا لدى النساء يسئن أحيانا استعماله على حساب الرجل".
مراجعة التشريعات
وترتفع أصوات في الآونة الأخيرة مطالبة بمراجعة بعض التشريعات لاسيما منها المتعلقة بأحكام النفقة لتصبح مواكبة للتطورات في المجتمع من جهة وإنصافا للرجل من جهة أخرى. فمن غير المنطقي أن يظل واجب الإنفاق حكرا على الرجل في وقت أصبحت فيه المرأة تتمتع بدخل قار وأحيانا يفوق دخل الرجل بأضعاف.
وصدرت هذه المطالب حتى من الأصوات المناصرة لحقوق المرأة فقد أشارت سابقا لجنة الحريات الفردية والمساواة برئاسة بشرى بلحاج حميدة حينها في تقرير لها إلى "ضرورة مراجعة العديد من النصوص التمييزية ومن ضمنها تلك المتعلقة بالنفقة والارتقاء بواجب الأم في الإنفاق على الأبناء إلى مرتبة الالتزام الكامل المساوي لالتزام الأب"، وعلى اعتبار أن واقع التمكين الاقتصادي للمرأة لم يبلغ المساواة التامة مع الرجل، فالمقترح قرن واجب النفقة المحمول على الأم بشرط أن يكون لها دخل قار لتصبح الصيغة:على الأم التي لها دخل قار الإنفاق على الأبناء".
من جهتها تعتبر ريم بالخذيري "رئيسة المنظمة الدولية لحماية أطفال المتوسط "قانون النفقة وإهمال العيال "تحوّل عند الكثير من النساء إلى سلاح يستعملنه متى شئن وسيفا مسلطا على رقاب الأزواج"، وتضيف أيضا أن "الكثير من الزوجات يتمتعن بأموال إهمال العيال وهن لازلن على ذمة أزواجهن ويشاركنه ذات المنزل بالإضافة إلى قيام الأب بواجبه تجاه أبنائه".
وتقول بالخذيري في مقال منشور لها أن "قانون إهمال العيال التونسي يعد من القوانين التي لم تعد في تناسق مع العصر إذ أن العيال اليوم والتكفل بمصاريفهم محمول على الأب العامل والأم العاملة ويجب أن يعفى منه أحدهما إذا كان عاطلا عن العمل".
وتعتبر أن القانون الذي صدر في مجلة الأحوال الشخصية في فصله 52 يعاقب بالسجن مدة تتراوح بين ثلاثة أشهر وعام، ودفع غرامة تتراوح بين مائة وألف دينار، كل من تخلف شهراً واحداً عن دفع نفقة أو مبلغ خاص بالطلاق. وأنه "حتى في غياب القصدية إذ أن أغلب الآباء العاجزين عن دفع هذا المبلغ لا يقصدون رفضهم إعالة أبنائهم وإنما لعجزهم عن ذلك".
ودعت رئيسة المنظمة الدولية لحماية أطفال المتوسط إلى تنقيح قانون إهمال العيال مع مراعاة الجوانب الاجتماعية، مؤكدة أن تغيير هذا القانون لا يعني التشجيع على إهمال الأبناء وإنما يجب أن يكون في اتجاه المحافظة على الاستقرار الأسري والتقليص من حالات الطلاق والمحافظة على المصلحة الفضلى للأطفال والتقليص من المضار التي تصيبهم جراء التشتت الأسري.
وتمثلت مقترحات ريم بالخذيري في:
-التسريع بالبت في قضايا الطلاق حتى تتوضح الحصة الفعلية الواجب على الأب دفعها لأبنائه ويجب أن تسقط عن الزوجة العاملة.
-التمديد في فترة الإمهال بالدفع فشهر يعتبر قليلا للتتبع القضائي حيث أن القانون في حالات مماثلة تجارية بحتة يعطي ثلاثة أشهر.
-مراجعة قانون الحضانة وضرورة إسناد الحضانة المزدوجة في الحالات التي تستوجب ذلك .
-مراجعة قانون أنواع الطلاق وضرورة أن تكون استتباعاته شاملة للمرأة والرجل.
- إعادة النظر في تعيين قضاة الطلاق وهو مربط الفرس الحقيقي إذ لابد من تعيين فقط قضاة من ذوي الخبرة(10سنوات على الأقل) والذين يكونون في أغلبهم متزوجين ومتزوجات لأنهم الأقدر على فهم الأسرة ومدى أحقية الحضانة للأب أو الأم أو كليهما فضلا عن الخبرة المكتسبة والتي تسمح للقاضي بتقدير المواقف وله قدرة على الإقناع والصلح".
سابقة واستثناء
تجدر الإشارة إلى أنه في 2017 تم تسجيل سابقة في تاريخ القضاء التونسي بعد أصدرت الدائرة 27 بالمحكمة الابتدائية بتونس حكما استثنائيا" يلزم أما بالتكفل بنفقة أبنائها بعد طلاقها من زوجها، وذلك عبر دفع مبلغ 150 دينارا شهريا كمساهمة منها في الإنفاق على أبنائها الذين في حضانة طليقها".
وأشارت حينها المحامية هاجر الشارني في تصريح إعلامي أن "هذا الحكم هو الأول في تونس، ويعدّ استثنائيا لعدم تجرّؤ أي أب على طلب الإنفاق من طليقته سابقا، في حين أن تونس موقعة على اتفاقيات دولية بخصوص حقوق الطفل وضمان استقراره المادي، وعدم التمييز بين الجنسين في الحقوق وفي الإعانة في مصاريف الأبناء".
كما أكدت الشارني حينها أن "القضاء التونسي يتجه نحو التشارك في مصاريف الأبناء" لكن ظل الحكم الاستثناء الوحيد إلى حد الآن.
المختص في علم الاجتماع صلاح الدين بن فرج لـ"الصباح": القانون يقر بإنفاق المرأة لكنه للأسف غير مفعل
ينفي المختص في علم الاجتماع صلاح الدين بن فرج أن يكون القانون قد فضل حضانة الأم على الأب إلا على قاعدة مصلحة المحضون في المقابل يقر محدثنا أنه يجب الإقرار بقصور في تفعيل القانون في علاقة بموضوع النفقة.
وردا على سؤال "الصباح" ما إذا كان قانون النفقة بحاجة اليوم إلى مراجعة لمواكبة التغيرات الاجتماعية من ناحية وتناسقا مع مسألة المساواة بين الجنسين يقول صلاح الدين بن فرج أن تعديل الفصل 23 بمقتضى القانون عدد 74 لسنة 1993 أشار إلى أنه يجب على المرأة الإنفاق إذا كان لها مال. وهنا المطالبة بالمراجعة تتم على قاعدة أنه إذا لاحظ المشرع أنه يتحول إلى فعل وجوبي عوض إن "كان لها مال" وهنا لا يصبح مجرد هامش يمنح للقاضي إذا ما قدر أن لها مال بل يصبح واجبا من منظور تحقيق هدف المساواة الكاملة بين الرجل والمرأة في الحقوق والواجبات.
لكن قبل المطالبة بهذه المراجعة يعتبر محدثنا أن الممارسة اليوم تثبت أن هذا الجزء من الفصل وكأنه غير موجود وغير مفعل وهنا من الأجدر المطالبة بتفعيل هذا الفصل.
ويضيف أنه قد صدر سابقا حكم عن الدائرة 27 عن طريق القاضية الفاضلة سمية بوغانمي يلزم أما بالإنفاق على أبنائها بعد الطلاق، لكنه قوبل بالتشهير والتصدي وموجة رفض لإقرار حكم إنفاق على الزوجة "في حين أن المنطق يجعل أن المطالبة بالمساواة بين الرجل والمرأة هو كل لا يتجرأ ومن بينها واجب الإنفاق ومن غير المعقول أن تكون المطالبة بالمساواة على المقاس وتطرح بحدة أحيانا في جوانب معينة لكن يتم التغافل عنها والتصدي لها في سياقات أخرى".
من جهة أخرى وفي علاقة بالحضانة يقول محدثنا أنه ليس صحيحا ما يتداول أنها تمنح آليا للأم انتصارا للمرأة.
ويضيف "ليس صحيح أنه تحت بند المفاضلة تمنح الحضانة للأم على حساب الأب لان الأصل في الأشياء أن الطفل في سنواته الأولى هو بحاجة ماسة وأكيدة لرعاية أمه وذلك لأسباب طبيعية إلا في حالات قصوى يكون فيها حالة تهديد للطفل. وهذه الحالات محددة بالنص كأن تكون الطرف الحاضنة غير مؤهلة أخلاقيا وسلوكيا وماديا أو أيضا من ناحية عدم صلوحية مكان العيش للحضانة.
لكن إذا كانت الأم مكتملة الشروط فتمنح لها أولوية الحضانة وليس لأنها امرأة كما يراد أن يروج له، فهذا توظيف في غير محله".
ويعتبر المختص في علم الاجتماع صلاح الدين بن فرج انه "للأسف ما يتداول في الأوساط الاجتماعية حديث من قبيل أن القضاة في صف المرأة دائما أو لأن جزءا كبيرا من القضاة نساء فهن ينحزن بالضرورة لصف النساء على حساب الرجل وهذا أمر غير صحيح".
ويضيف "من خلال اطلاعي على البحوث الاجتماعية في المحاكم وميدانيا أستطيع أن أقول أنه يتم الاستماع إلى مواقف الطفل ويتم النظر في كل الظروف والسلوكيات ولا يتم منح الحضانة هكذا دون بحث اجتماعي بل يتم التثبت ويؤخذ بعين الاعتبار مدى توفر كل الشروط والنظر في من هو الأصلح للحضانة مع ضمان حق كل طرف".
يقول بن فرج أيضا أنه "لا يجب إغفال أنه قانونيا من حق الأب التمتع أيضا بالحضانة إذا ما توفرت فيه الشروط وفي حالة كان الطرف الثاني غير مؤهل للحضانة ومن بين الشروط المنصوص عليها أن يكون للرجل من يساعده على الحضانة مثل وجود أمه أو أخواته. وإذا ما كان الطفل المحضون يفضل ويستشار في البقاء مع الأب".
ويخلص محدثنا إلى أن "المشرع كان دقيقا في ضبط الحالات والشروط بل كان صارما في تحديد مصلحة الطفل وكل ما يشاع حول تفضيل المرأة في مسألة الحضانة وأن "النساء تحكم" و"القاضيات ينحزن بالضرورة للنساء في تونس"، هو غير صحيح وهذا الرأي السائد مبنى على رهانات أطراف تنظر من منظور ضيق وحسابات شخصية لا غير".
النفقة في مجلة الأحوال الشخصية
الفصل 23
على كلّ واحد من الزوجين أن يعامل الآخر بالمعروف ويحسن عشرته ويتجّنب إلحاق الضرر به.
ويقوم الزوجان بالواجبات الزوجية حسبما يقتضيه العرف والعادة.
ويتعاونان على تسيير شؤون الأسرة وحسن تربية الأبناء وتصريف شؤونهم بما في ذلك التعليم والسفر والمعاملات المالية.
وعلى الزوج بصفته رئيس العائلة أن ينفق على الزوجة والأبناء على قدر حاله وحالهم في نطاق مشمولات النفقة.
وعلى الزوجة أن تساهم في الإنفاق على الأسرة إن كان لها مال(1).
النفقة
الفصل 37
أسباب النفقة: الزوجية والقرابة والإلزام.
أحكام من تجب لهم النفقة بموجب الزوجية
الفصل 38
يجب على الزوج أن ينفق على زوجته المدخول بها وعلى مفارقته مدّة عدّتها.
الفصل 39
لا يلزم الزوج بالنفقة إذا أعسر إلا أن الحاكم يتلوّم له بشهرين فإن عجز بعد إتمامهما عن الإنفاق طلقت عليه زوجته. وإذا كانت الزوجة عالمة بعسره حين العقد فلا حق لها في طلب الطلاق.
الفصل 40
إذا غاب الزوج عن زوجته ولم يكن له مال ولم يترك لها نفقة ولم يقم أحد بالإنفاق عليها حال غيابه ضرب له الحاكم أجلا مدّة شهر عسى أن يظهر ثم طلق عليه بعد ثبوت ما سلف وحلف المرأة على ذلك.
الفصل 41
إذا أنفقت الزوجة على نفسها بقصد الرجوع على زوجها الغائب فلها مطالبته بذلك.
الفصل 42
لا تسقط نفقة الزوجة بمضي المدّة.
أحكام من تجب لهم النفقة بموجب القرابة
الفصل 43
المستحق للنفقة بالقرابة صنفان:
- الأبوان والأصول من جهة الأب وإن علوا، ومن جهة الأم في حدود الطبقة الأولى.
- الأولاد وإن سفلوا(2)
الفصل 45
إذا تعدّد الأولاد وزعت النفقة على اليسار لا على الرؤوس ولا على الإرث.
الفصل 46
يستمرّ الإنفاق على الأبناء حتى بلوغ سن الرشد أو بعده إلى نهاية مراحل تعلمهم، على ألاّ يتجاوزوا الخامسة والعشرين من عمرهم، وتبقى البنت مستحقة للنفقة إذا لم يتوفّر لها الكسب، أو لم تجب نفقتها على زوجها. كما يستمر الإنفاق على الأبناء المعوقين العاجزين عن الكسب بقطع النظر عن سنّهم(3)
الفصل 47
الأم حال عسر الأب مقدّمة على الجد في الإنفاق على ولدها.
الفصل 48
على الأب أن يقوم بشؤون الإرضاع بما يقتضيه العرف والعادة ّإذا تعذّر على الأم إرضاع الولد.
أحكام من يلتزم بنفقة الغير
الفصل 49
من التزم بنفقة الغير كبيرا كان أو صغيرا لمدة محدودة لزمه ما التزمه. وإذا كانت المدّة غير محدودة وحدّدها فالقول قوله في ذلك.
أحكام مشتركة
الفصل 50
تشمل النفقة الطعام والكسوة والمسكن والتعليم وما يعتبر من الضروريات في العرف والعادة.
الفصل 51
تسقط النفقة بزوال سببها ويردّ إلى المنفق ما أجبر على دفعه بدون سبب.
الفصل 52
تقدّر النفقة بقدر وسع المنفق وحال المنفق عليه وحال الوقت والأسعار.
الفصل 53
إذا تعدّد المستحقون للنفقة ولم يستطع المنفق القيام بالإنفاق عليهم جميعا، قدّمت الزوجة على الأولاد والأولاد الصغار على الأصول.
الفصل 53 (مكرّر)
كلّ من حكم عليه بالنفقة أو بجراية الطلاق فقضى عمدا شهرا دون دفع ما حكم عليه بأدائه يعاقب بالسجن مدّة تتراوح بين ثلاثة أشهر وعام وبخطية من مائة دينار (100د) إلى ألف دينار (1000د).
والأداء يوقف التتبعات أو المحاكمة أو تنفيذ العقاب.
ويتولّى صندوق ضمان النفقة وجراية الطلاق دفع مبالغ النفقة أو جراية الطلاق الصادرة بها أحكام باتة تعذر تنفيذها لفائدة المطلقات وأولادهن من المحكوم عليه بسبب تلدّده وذلك وفقا للشروط المنصوص عليها بالقانون المحدث للصندوق.
ويحلّ هذا الأخير محل المحكوم لهم في استخلاص المبالغ التي دفعها[4[.
[1] هكذا أصبح الفصل 23 في صياغته الجديدة بمقتضى القانون عدد 74 لسنة 1993 المؤرّخ في 12 جويلية 1993 والمتعلق بتنقيح بعض فصول "م.أ.ش".
[2] هكذا أصبح الفصل 43 في صياغته الجديدة بمقتضى القانون عدد 74 لسنة 1993 المؤرّخ في 12 جويلية 1993 والمتعلق بتنقيح بعض فصول م.أ.ش. ولقد كان هذا الفصل قبل التنقيح المذكور ينصّ على ما يلي: "المستحق للنفقة بالقرابة صنفان:
- الأبوان وأباء الأب والأجداد والجدات للأب وإن علوا.
- وأولاد الصلب وإن سفلوا".
[3] هكذا أصبحت صياغة الفصل 46 بعد تنقيحه بمقتضى القانون عدد 74 لسنة 1993 المؤرّخ في 12 جويلية 1993 والمتعلق بتنقيح بعض فصول م.أ.ش.
وقد كان هذا الفصل قبل التنقيح المذكور ينصّ على أنّه "يجب على الأب وإن علا الإنفاق على أولاده الصغار والعاجزين عن الكسب وإن سفلوا وتستمرّ النفقة على الأنثى إلى أن تجب نفقتها على الزوج وتستمر على الذكر حتى بلوغه السادسة عشرة واقتداره على التكسّب".
[4] أضيف الفصل 53 (مكرر) إلى م.أ.ش بمقتضى القانون عدد 7 لعام 1981 المؤرّخ في 18 فيفري 1981 الذي ألغى الفصل الثالث منه أحكام الأمر المؤرّخ في 22 ماي 1926 المتعلّق بجريمة إهمال عيال، المنقح بالأمر المؤرّخ في 13 سبتمبر 1928. وبعد أن أضيف الفصل 53 (مكرر) إلى م.أ.ش بمقتضى قانون 18 فيفري 1981 الذي ألغى الفصل الثالث منه أحكام أمر 22 ماي 1926 المتعلّق بجريمة إهمال عيال، المنقح بالأمر المؤرّخ في 13 سبتمبر 1928، نقّح الفصل 53 مكرر بدوره بمقتضى القانون عدد 74 لسنة 1993 المؤرّخ في 12 جويلية 1993 والمتعلق بتنقيح بعض فصول م.أ.ش، وقد أتى هذا القانون بصندوق ضمان النفقة وجراية الطلاق المحدث بقانون 5 جويلية 1993والمنظم بأمر 9 أوت 1993. ولقد كان هذا الفصل قبل التنقيح الأخير ينصّ على ما يلي:"كلّ من حكم عليه بنفقة أو بالجراية المنصوص عليها بالفقرة الثالثة من الفصل 31 والفقرتين الخامسة والسادسة من الفصل 32 من هذه المجلة، فقضى عمدا شهرا دون دفع ما حكم عليه بأدائه يعاقب بالسجن مدّة تتراوح بين الثلاثة أشهر والعام وبخطية من مائة دينار (100د) إلى ألف دينار ( 1000د).
أحكام الحضانة
وردت أحكام الحضانة في مجلة الأحوال الشخصية من الفصل /54/ وحتى الفصل /67/ وفق ما يلي:
عرف الفصل /54 / الحضانة بأنها:
"الحضانة حفظ الولد في مبيته والقيام بتربيته"
وورد في الفصل 55/ أن الحضانة حق للحاضن يمكن لها أن تمتنع عنها:
"إذا امتنعت الحاضنة من الحضانة لا تجبر عليها إلا إذا لم يوجد غيرها"
نص الفصل 56 (2) كما يلي:
"مصاريف شؤون المحضون تقام من ماله إن كان له مال وإلا فمن مال أبيه، وإذا لم يكن للحاضنة مسكن فعلى الأب إسكانها مع المحضون.
1.ويترتب للحاضنة عند إلزام الأب بإسكانها مع المحضون حق البقاء في المسكن الذي على ملك الأب ويزول هذا الحق بزوال موجبه.
2. وفي صورة إلزام الأب بإسكان الحاضنة مع المحضون في المسكن الذي في تسوغه يستمر الأب على أداء معينات الكراء إلى زوال الموجب.
3. وعند إلزام الأب بأداء منحة سكن لفائدة الحاضنة ومحضـونـهـا يـتـم تقديرها بحسب وسع الأب وحاجيات المحضون وحال الوقت والأسعار.
4. ولا يحول حق البقاء الممنوح للحاضنة ومحضونها بالمسكن الذي على ملك الأب دون إمكانية التفويت فيه بعوض أو بدونه أو رهنه شريطة التنصيص على هذا الحق بسند التفويت أو الرهن.
5. ويمكن مراجعة الحكم المتعلق بسكني الحاضنة إن طرأ تغييـر فـي الظروف والأحوال وتنظر المحكمة في مطالب المراجعة وفقاً لإجراءات القضاء الاستعجالي وعليها عند البت في ذلك تقدير أسباب المراجعة مع مراعاة مصلحة المحضون.
6. وتبقى القرارات الفورية الصادرة عن قاضي الأسرة بخصوص سكني الحاضنة ومحضونها قابلة للمراجعة طبقاً للإجراءات المقررة لها"
الفصل /56/ (مكرر):
"يعاقب بالسجن من ثلاثة أشهر إلى عام وبخطية من مائة دينار إلى ألف دينار كل من يتعمد التفويت بعوض أو بدونه في محل سكنى ألزم الأب بإسكان الحاضنة ومحضونها به أو رهنه دون التنصيص بسند التفويت أو الرهن على حق البقاء المقرر للحاضنة ومحضونها قاصداً حرمانها من هذا الحق.
ويعاقب الأب بنفس العقوبات المقررة بالفقرة المتقدمة إذا تسبب في إخراج الحاضنة من المحل المحكوم بإسكانها ومحضونها به وذلك إما بتعمده فسخ عقد الكراء بالتراضي مع المكري أو عدم أداء معينات الكراء الحالة عليه وفي صورة الحكم عليه بمنحة سكن، قضائه شهراً دون دفع ما حكم عليه بأدائه.
ولا يجوز في الحالتين الأخيرتين الجمع بين تتبع الأب من أجل هذه الجريمة وجريمة عدم دفع مال النفقة، ويترتب عن التسوية إيقاف التتبعات أو المحاكمة أو تنفيذ العقاب». وأكد الفصل /57 / على أن الحضانة حق للأبوين أثناء الحياة الزوجية:
"الحضانة من حقوق الأبوين ما دامت الزوجية مستمرة بينهما"
ونص الفصل /58/ على الشروط العامة والخاصة المطلوبة في الحاضن:
"يشترط في مستحق الحضانة أن يكون مكلفاً أميناً قادراً على القيام بشؤون المحضون سالماً من الأمراض المعدية ويزاد إذا كان مستحق الحضانة ذكراً أن يكون عنده من يحضن من النساء وأن يكون محرّماً بالنسبة للأنثى. وإذا كان مستحق الحضانة أنثى فيشترط أن تكون خالية من زوج دخل بها ما لم ير الحاكم خلاف ذلك اعتباراً لمصلحة المحضون، وإذا كان الزوج محرماً للمحضون أو وليّاً له، أو يسكت من له الحضانة مدة عام بعد علمه بالدخول ولم يطلب حقه فيها، أو أنّها كانت مرضعاً للمحضون، أو كانت أماً وولية عليه في آن واحد" (3).
لقد ذكر النص شروط الحضانة للمرأة والرجل، واعتبر زواج الحاضن من أجنبي مسقطاً للحضانة إلا كان المحضون رضيعاً أو كانت الحاضن أماً لها حق الولاية على المحضون، وكذلك إذا رأى القاضي مصلحة للمحضون حكم باستمرار الحضانة لها، كما اعتبر النص أن سكوت مستحق الحضانة عن المطالبة بها لمدة سنة بعد زواج الحاضن والدخول بها يسقط حقه في المطالبة بالحضانة. وذكر الفصل /59/ حالة اختلاف الدين بين الحاضن والمحضون وفق ما يلي:
"إذا كانت مستحقة الحضانة من غير دين أب المحضون فلا تصح حضانتها إلا إذا لم يتم المحضون الخامسة من عمره وأن لا يخشى عليه أن يألف غير ديـن أبـيـه. ولا تنطبق أحكام هذا الفصل على الأم إن كانت هي الحاضنة".
ويتبين من النص أن اختلاف الدين لا يسقط الحضانة عن الأم، ولكن تسقط الحضانة عن غيرها بعد أن يتم المحضون (5) سنوات.
وبين الفصل /60 / أن واجبات رعاية المحضون مشتركة بين الأم والولي:
«للأب وغيره من الأولياء وللأم النظر في شأن المحضون وتأديبه وإرساله إلى أماكن التعليم لكنه لا يبيت إلا عند حاضنه. كلّ ذلك ما لم يرَ القاضي خلافه لمصلحة المحضون». هذا النص منح الأم والولي الحق في متابعة شأن المحضون ومسؤولية تأديبه وإرساله لمكان التعليم، على أن يعود وقت المبيت للحاضنة، وللقاضي حق اختيار ما يراه مناسبا لمصلحة المحضون عند حصول خلاف بينهما حول ذلك.
ونص الفصل /61/ على حالة سفر الحاضنة بالمحضون كما يلي:
"إذا سافرت الحاضنة سفر نقلة مسافة يعسر معها على الولي القيام بواجباته نحو منظوره سقطت حضانتها"(4).
بينما نص الفصل /62/ على منع الأب من السفر بالمحضون دون رضى الحاضنة:"يمنع الأب من إخراج الولد من بلد أمه إلا برضاها ما دامت حضانتها قائمة ومـا لـم تقتض مصلحة المحضون خلاف ذلك".
كما بين الفصل /63/ أحكام سكن الحاضنة الجديدة مع الحاضنة السابقة:"من انتقل لها حق الحضانة بسبب غير العجز البدني بالحاضنة الأولى لا تسكن بالمحضون مع حاضنته الأولى إلا برضى ولي المحضون وإلا سقطت حضانتها".
ونص الفصل / 64 / على أن الحاضن لا تجبر على الحضانة:
"يمكن لمن عهدت إليه الحضانة أن يسقط حقه فيها ويتولى الحاكم في هذه الصورة تكليف غيره بها"(5).
وأكد الفصل /65/ على أجرة محددة للحاضن حسب العرف:
"لا تأخذ الحاضنة أجرة إلا على خدمة شؤون المحضون من طبخ وغسل ثياب ونحو ذلك بحسب العرف".
ونص الفصل /66 / على حق الأبوين في رؤية المحضون:
"الولد متى كان عند أحد الأبوين لا يمنع الآخر من زيارته ومن تعهده، وإذا طلب نقله إليه للزيارة فكلفة الزيارة عليه".
الفصل 66 مكرر/(6) أعطى حق الرؤية للجدين:
"إذا توفي أحد والدي المحضون فلجديه ممارسة حق الزيارة ويراعي قاضي الأسرة في ذلك مصلحة المحضون ويبت في طلب الزيارة طبقاً للإجراءات المقررة بالفصل المتقدم".
وأكد الفصل /67/ على أنه لا ترتيب لمستحقي الحضانة وتعطى الحضانة لأحد الأبوين أو لغيرهما وفق ما يلي:
"إذا انفصم الزواج بموت عهدت الحضانة إلى من بقي حياً من الأبوين. وإذا انفصم الزواج وكان الزوجان بقيد الحياة، عهدت الحضانة إلى أحدهما أو إلى غيرهما.
وعلى القاضي عند البتّ في ذلك أن يراعي مصلحة المحضون.
وتتمتع الأم في صورة إسناد الحضانة إليها بصلاحيات الولاية فيما يتعلق بسفر المحضون ودراسته والتصرف في حساباته المالية.
ويمكن للقاضي أن يسند مشمولات الولاية إلى الأم الحاضنة إذا تعذر على الولي ممارستها أو تعسّف فيها أو تهاون في القيام بالواجبات المنجرة عنها على الوجه الاعتيادي، أو تغيب عن مقره وأصبح مجهول المقر، أو لأي سبب يضر بمصلحة المحضون".
م.ي