إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

آخرها 4 وفيات بمدنين.. "القوارص" تحصد أرواح 10 مستهلكين منذ بداية السنة!..

 

تونس-الصباح

ارتفع عدد الوفيات بسبب استهلاك مشروبات كحولية تقليدية الصنع، منذ بداية هذه السنة..، مشروبات تؤدي سنويا إلى حالات وفيات جماعية  لمن يتناولونها.. وهي  حالات باتت تتكرر خلال السنوات الأخيرة ما أدى إلى دق ناقوس الخطر وإطلاق تحذيرات من مغبة استهلاك مثل هذه المشروبات الكحولية الخطيرة خاصة وأننا على مشارف فصل الصيف الذي عادة ما يكثر خلاله استهلاك هذه المواد خلال حفلات الأعراس والمناسبات العائلية.

وقد توفي منذ بداية السنة الحالية 2024 - تحديدا في 5 أشهر- 10 أشخاص والحصيلة مرجحة للارتفاع على اعتبار أن مصابا يقبع إلى اليوم في غرفة الإنعاش بمستشفى الصادق المقدم بجربة الذي استقبل بين يومي السبت واليوم الأحد الماضيين، 7 أشخاص تناولوا مادة غير صالحة للاستهلاك وهي "القوارص"، وفق الناطق الرسمي بالمحكمة الابتدائية بمدنين لسعد الحر الذي أعلن عن تسجيل 4 وفيات من بين الحالات 7، منها3 وفيات يوم السبت 11 ماي وحالة وفاة رابعة يوم الأحد 12 ماي 2024.

وأوضح الناطق الرسمي بالمحكمة الابتدائية بمدنين أنّ الثلاثة أشخاص الآخرين يتواجدون بالمستشفى الجهوي الصادق المقدم بجربة، اثنان منهما حالتهما مستقرة والثالث في قسم العناية المركزة، فيما تم الاحتفاظ بشخص كان قد زودهم بمادة "القوارص"، كما تم حجز كمية من هذه المادة لعرضها على الاختبار للتثبت حول إمكانية خلطها بمادة أخرى سامة.

حادثة أخرى عاشت على وقعها خلال شهر جانفي 2024 منطقة سيدي مخلوف من ولاية مدنين أيضا وراح ضحيتها 6 أفراد من بين 51 حالة تسمم تم تسجيلها في هذه الحادثة التي هزت المنطقة.

فالخسائر البشرية الناجمة عن تناول مواد كحولية تقليدية الصنع لا تقتصر على تونس فحسب بل هي حوادث يتم تسجيلها دوريا في العديد من دول العالم وخاصة منها دول العالم النامي وما يميز حالات التسمم نتيجة لشرب هذه المواد أن الوفيات تكون جماعية.

قرابة 25 وفاة

في تونس وخلال السنوات الأخيرة تكررت المأساة في عدة ولايات وآخرها بولاية مدنين وتحديدا بمنطقة سيدي مخلوف التي فقدت 6 من أبنائها نتيجة شرب كحول مصنعة يدويا أو بطريقة تقليدية تحمل مواد خطرة تسببت في 51 حالة تسمم متفاوتة الخطورة وتحمل أعراض آلام شديدة في المعدة والحلق وهبوط في السكري والدم مع اضطراب البصر وبينهم من دخل في غيبوبة نتيجة التأثيرات الوخيمة لهذا المشروب .

مأساة مشابهة عرفتها القيروان سنة 2020 حيث توفي 8 أشخاص بينهم 3 إخوة في حالة تسمم جماعية لـ65 شخصا اثر تناولهم لمادة كحولية (القوارص) أثناء جلسة خمرية بجهة حاجب العيون. وفي فيفري 2021 عاشت القصرين على وقع كارثة أيضا حيث توفي 5 أشخاص اثر تسمم 25 فردا كانوا قد تناولوا كذلك "القوارص".

ظاهرة يجب التصدي لها

وفي هذا الصدد أفاد مدير عام الهيئة الوطنية للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية محمد الرابحي في تصريح لـ"الصباح" أن ظاهرة تناول المشروبات الكحولية تقليدية الصنع يجب التصدي لها لأنها خطيرة جدا كونها تؤدي إلى وفيات مجمعة نتيجة لحالات تسمم عدد هام من الأشخاص في نفس الوقت.

وأشار مدير الهيئة الوطنية للسلامة الصحية للمنتجات إلى أن  الهيئة تعتبر  حالات التسمم الغذائي والتي تؤدي للإقامة قيد العناية في المستشفى خطيرة فما بالك بحالات التسمم التي تؤدي إلى  الوفاة،على حد تعبيره.

وبين أن حالات التسمم والوفيات الناتجة عن هذه المشروبات تعددت منذ بداية السنة الحالية وهو ما يستوجب اليقظة والتصدي لترويج هذه المواد التي تصنع بطريقة عشوائية وغير قانونية حيث يتم خلط مواد خطرة وملوثة تؤدي إلى نتائج عواقبها وخيمة.

وشدد على أن بيع المشروبات الكحولية تقليدية صنع "القوارص" والتي تؤدي إلى وفيات جريمة.

استعمال مواد خطرة ومحظورة

وحول هذا الموضوع كان محمد وسيم الهاني مدير الرقابة البيئية للمنتجات بالوكالة الوطنية لتقييم المخاطر قد أفاد "الصباح" في تصريح سابق أن مخاطر الكحول المصنعة يدويا أو المغشوشة فادحة وجسيمة على اعتبار أنها تصنع يدويا بطرق بدائية في ظروف سيئة جدا ولا تخضع لأي قوانين ومواصفات .

وبين أن أغلب الدراسات "السريرية" و"الكلينيكية" كشفت أن أهم مصدر للتسممات الناجمة عن هذه المشروبات مادة الـ"ميتانول" وهي مادة شديدة السمية ومادة محظورة دوليا والتي يمنع استعمالها في المنتجات الاستهلاكية بما فيها الكحول كونها غير صالحة للاستهلاك البشري.

وكشف محدثنا أن الـ"ميتانول" يتم استعمالها فقط في صناعة طلاء "الدهن" وأيضا الحبر بالإضافة إلى استعمالات خاصة جدا.

وأردف مصدرنا أن صنع هذه المشروبات الكحولية الخطيرة يكون عن طريق خلط مواد وسوائل من قبيل تقطير وتخمير بعض الفواكه والغلال وحتى الأخشاب و"النجارة" والشعير وخلطها مع بعض العطورات "القوارص" المصنوعة من "إيتانول".

وكشف مدير الرقابة البيئية للمنتجات بالوكالة الوطنية لتقييم المخاطر أن هذه المواد الكحولية تصنع بطرق مختلفة إذ في بعض الأحيان تضاف إليها مواد كيميائية أخرى خطرة على غرار مزيلات الطلاء و"decapant" ومضادات التجمد مع إضافة الـ"ميتانول" بتركيزات عالية لتعزيز الفاعلية كمشروب مسكر ولزيادة الأرباح.

وأبرز الهاني أن إضافة الـ"ميتانول" يتسبب في تشويه الـ"ايتانول" والذي يستعمل في صناعة الكحول لكن بكميات محدودة، مشددا على أن إضافة "الميتانول" يحول الـ"ايتانول" إلى مادة خطيرة جدا.

تداعيات كارثية على الصحة

وشرح محمد وسيم الهاني مدير الرقابة البيئية للمنتجات بالوكالة الوطنية لتقييم المخاطر لـ"الصباح" أن الأعراض الخطيرة جدا لهذه المسكرات والناجمة عن التعرض الحاد لجرعات كبيرة من مادة الـ"ميتانول" يتحول في جسم الإنسان إلى مواد أكثر خطورة إذ يتحول لمادة "الفورمالتين" و"حامض الفورميل"، وأشار أن هذه المادة يتم التزود بها عبر التهريب.

وأكد مدير الرقابة البيئية للمنتجات بالوكالة الوطنية لتقييم المخاطر لـ"الصباح" أن تونس مثل بقية دول العالم تعيش على وقع حوادث خطيرة وفي غالبها حالات مجمعة خاصة في الدول النامية وهي حالات مأساوية وكارثية بسبب الكم الهائل من الوفيات الجماعية، كاشفا أن أعراض شرب هذه المواد تتمثل في الاضطرابات العصبية واضطرابات التنفس وتوقف التنفس والفشل الكلوي والغيبوبة.

وأكد أن أهم المخاطر تتمثل في الوفاة أما عن الناجين من الموت فاغلبهم يعانون من أضرار جسدية جسيمة من قبيل أعراض دائمة أو العمى أو ضعف البصر أو الإصابة بتلف دائم في الدماغ والفشل الكلوي نتيجة استهلاك كميات كبيرة من هذه المشروبات الخطيرة أو استهلاك مواد مخدرة خلال معاقرتها.

تلبية الاحتياجات بطرق بديلة!!؟

ومن جانبه أكد الدكتور في علم الاجتماع سامي نصر لـ"الصباح" أن ظاهرة استهلاك المواد الكحولية البديلة ممارسة اجتماعية قديمة ومنتشرة في العديد من الجهات وتقدم عليها فئات عمرية مختلفة وخاصة الشبابية منها.

وأبرز أن استهلاك المواد الكحولية تقليدية الصنع مرتبط بظواهر اجتماعية أخرى مثل ظاهرة تلبية الاحتياجات بطرق بديلة مثل الطب البديل، العلاج البديل، الطب النفسي البديل (أي طرق الشعبية...)، التعليم البديل، العلاقات الاجتماعية البديلة..

وشدد نصر على أن التونسي أصبح يرغب ويقبل على كل ما هو بديل وهذا في حد ذاته ظاهرة تستبطن العديد من المخاطر، بالإضافة إلى فقدان ظاهرة مؤسسات القرب للدور الذي كانت تقوم به على غرار مؤسسة العائلة، النوادي، دور الشباب والثقافة، المصائف، الكشافة.. والتي كانت في السابق تستقطب الأطفال والفئات الشبابية وتقوم بدور التأطير والتوعية إلا أنها اليوم لم تعد تحظى بالقرب والاستقطاب.

وأكد الدكتور في علم الاجتماع أن من أسباب الإقبال على شرب مواد كحولية يدوية الصنع ظاهرة "الحيطيون" أي الفئات الشبابية التي نجدها بجانب الجدران بالقرب من المعاهد والمدارس وفي الأحياء...، إذ أن الكثير من الممارسات الاجتماعية السلبية والانحرافات والجرائم ترتكب بالتقليد بين تلك الفئات، دون نسيان انتشار ظاهرة الإدمان على المسكرات والمخدرات.

وأشار نصر إلى انتشار ظاهرة المتاح ما يعني "سوسيولوجيا" الفرص المتاحة، مبرزا أن المسكرات البديلة متاحة ومن السهل الحصول عليها من قبل تلك الفئات خاصة مع غياب الرقابة والمتابعة من قبل سلطة الأسرة وسلطة المربي وسلطة الأمن إذ يلجأ كثيرون في المناطق الفقيرة إلى معاقرة مواد كحولية تقليدية الصنع بديلة عن الخمور، إما بسبب غياب نقاط للبيع أو بسبب الكلفة الرخيصة لهذه المواد التي يجري تسويقها على نطاق واسع وبشكل غير قانوني.

حنان قيراط

آخرها 4 وفيات بمدنين..   "القوارص" تحصد أرواح  10 مستهلكين منذ بداية السنة!..

 

تونس-الصباح

ارتفع عدد الوفيات بسبب استهلاك مشروبات كحولية تقليدية الصنع، منذ بداية هذه السنة..، مشروبات تؤدي سنويا إلى حالات وفيات جماعية  لمن يتناولونها.. وهي  حالات باتت تتكرر خلال السنوات الأخيرة ما أدى إلى دق ناقوس الخطر وإطلاق تحذيرات من مغبة استهلاك مثل هذه المشروبات الكحولية الخطيرة خاصة وأننا على مشارف فصل الصيف الذي عادة ما يكثر خلاله استهلاك هذه المواد خلال حفلات الأعراس والمناسبات العائلية.

وقد توفي منذ بداية السنة الحالية 2024 - تحديدا في 5 أشهر- 10 أشخاص والحصيلة مرجحة للارتفاع على اعتبار أن مصابا يقبع إلى اليوم في غرفة الإنعاش بمستشفى الصادق المقدم بجربة الذي استقبل بين يومي السبت واليوم الأحد الماضيين، 7 أشخاص تناولوا مادة غير صالحة للاستهلاك وهي "القوارص"، وفق الناطق الرسمي بالمحكمة الابتدائية بمدنين لسعد الحر الذي أعلن عن تسجيل 4 وفيات من بين الحالات 7، منها3 وفيات يوم السبت 11 ماي وحالة وفاة رابعة يوم الأحد 12 ماي 2024.

وأوضح الناطق الرسمي بالمحكمة الابتدائية بمدنين أنّ الثلاثة أشخاص الآخرين يتواجدون بالمستشفى الجهوي الصادق المقدم بجربة، اثنان منهما حالتهما مستقرة والثالث في قسم العناية المركزة، فيما تم الاحتفاظ بشخص كان قد زودهم بمادة "القوارص"، كما تم حجز كمية من هذه المادة لعرضها على الاختبار للتثبت حول إمكانية خلطها بمادة أخرى سامة.

حادثة أخرى عاشت على وقعها خلال شهر جانفي 2024 منطقة سيدي مخلوف من ولاية مدنين أيضا وراح ضحيتها 6 أفراد من بين 51 حالة تسمم تم تسجيلها في هذه الحادثة التي هزت المنطقة.

فالخسائر البشرية الناجمة عن تناول مواد كحولية تقليدية الصنع لا تقتصر على تونس فحسب بل هي حوادث يتم تسجيلها دوريا في العديد من دول العالم وخاصة منها دول العالم النامي وما يميز حالات التسمم نتيجة لشرب هذه المواد أن الوفيات تكون جماعية.

قرابة 25 وفاة

في تونس وخلال السنوات الأخيرة تكررت المأساة في عدة ولايات وآخرها بولاية مدنين وتحديدا بمنطقة سيدي مخلوف التي فقدت 6 من أبنائها نتيجة شرب كحول مصنعة يدويا أو بطريقة تقليدية تحمل مواد خطرة تسببت في 51 حالة تسمم متفاوتة الخطورة وتحمل أعراض آلام شديدة في المعدة والحلق وهبوط في السكري والدم مع اضطراب البصر وبينهم من دخل في غيبوبة نتيجة التأثيرات الوخيمة لهذا المشروب .

مأساة مشابهة عرفتها القيروان سنة 2020 حيث توفي 8 أشخاص بينهم 3 إخوة في حالة تسمم جماعية لـ65 شخصا اثر تناولهم لمادة كحولية (القوارص) أثناء جلسة خمرية بجهة حاجب العيون. وفي فيفري 2021 عاشت القصرين على وقع كارثة أيضا حيث توفي 5 أشخاص اثر تسمم 25 فردا كانوا قد تناولوا كذلك "القوارص".

ظاهرة يجب التصدي لها

وفي هذا الصدد أفاد مدير عام الهيئة الوطنية للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية محمد الرابحي في تصريح لـ"الصباح" أن ظاهرة تناول المشروبات الكحولية تقليدية الصنع يجب التصدي لها لأنها خطيرة جدا كونها تؤدي إلى وفيات مجمعة نتيجة لحالات تسمم عدد هام من الأشخاص في نفس الوقت.

وأشار مدير الهيئة الوطنية للسلامة الصحية للمنتجات إلى أن  الهيئة تعتبر  حالات التسمم الغذائي والتي تؤدي للإقامة قيد العناية في المستشفى خطيرة فما بالك بحالات التسمم التي تؤدي إلى  الوفاة،على حد تعبيره.

وبين أن حالات التسمم والوفيات الناتجة عن هذه المشروبات تعددت منذ بداية السنة الحالية وهو ما يستوجب اليقظة والتصدي لترويج هذه المواد التي تصنع بطريقة عشوائية وغير قانونية حيث يتم خلط مواد خطرة وملوثة تؤدي إلى نتائج عواقبها وخيمة.

وشدد على أن بيع المشروبات الكحولية تقليدية صنع "القوارص" والتي تؤدي إلى وفيات جريمة.

استعمال مواد خطرة ومحظورة

وحول هذا الموضوع كان محمد وسيم الهاني مدير الرقابة البيئية للمنتجات بالوكالة الوطنية لتقييم المخاطر قد أفاد "الصباح" في تصريح سابق أن مخاطر الكحول المصنعة يدويا أو المغشوشة فادحة وجسيمة على اعتبار أنها تصنع يدويا بطرق بدائية في ظروف سيئة جدا ولا تخضع لأي قوانين ومواصفات .

وبين أن أغلب الدراسات "السريرية" و"الكلينيكية" كشفت أن أهم مصدر للتسممات الناجمة عن هذه المشروبات مادة الـ"ميتانول" وهي مادة شديدة السمية ومادة محظورة دوليا والتي يمنع استعمالها في المنتجات الاستهلاكية بما فيها الكحول كونها غير صالحة للاستهلاك البشري.

وكشف محدثنا أن الـ"ميتانول" يتم استعمالها فقط في صناعة طلاء "الدهن" وأيضا الحبر بالإضافة إلى استعمالات خاصة جدا.

وأردف مصدرنا أن صنع هذه المشروبات الكحولية الخطيرة يكون عن طريق خلط مواد وسوائل من قبيل تقطير وتخمير بعض الفواكه والغلال وحتى الأخشاب و"النجارة" والشعير وخلطها مع بعض العطورات "القوارص" المصنوعة من "إيتانول".

وكشف مدير الرقابة البيئية للمنتجات بالوكالة الوطنية لتقييم المخاطر أن هذه المواد الكحولية تصنع بطرق مختلفة إذ في بعض الأحيان تضاف إليها مواد كيميائية أخرى خطرة على غرار مزيلات الطلاء و"decapant" ومضادات التجمد مع إضافة الـ"ميتانول" بتركيزات عالية لتعزيز الفاعلية كمشروب مسكر ولزيادة الأرباح.

وأبرز الهاني أن إضافة الـ"ميتانول" يتسبب في تشويه الـ"ايتانول" والذي يستعمل في صناعة الكحول لكن بكميات محدودة، مشددا على أن إضافة "الميتانول" يحول الـ"ايتانول" إلى مادة خطيرة جدا.

تداعيات كارثية على الصحة

وشرح محمد وسيم الهاني مدير الرقابة البيئية للمنتجات بالوكالة الوطنية لتقييم المخاطر لـ"الصباح" أن الأعراض الخطيرة جدا لهذه المسكرات والناجمة عن التعرض الحاد لجرعات كبيرة من مادة الـ"ميتانول" يتحول في جسم الإنسان إلى مواد أكثر خطورة إذ يتحول لمادة "الفورمالتين" و"حامض الفورميل"، وأشار أن هذه المادة يتم التزود بها عبر التهريب.

وأكد مدير الرقابة البيئية للمنتجات بالوكالة الوطنية لتقييم المخاطر لـ"الصباح" أن تونس مثل بقية دول العالم تعيش على وقع حوادث خطيرة وفي غالبها حالات مجمعة خاصة في الدول النامية وهي حالات مأساوية وكارثية بسبب الكم الهائل من الوفيات الجماعية، كاشفا أن أعراض شرب هذه المواد تتمثل في الاضطرابات العصبية واضطرابات التنفس وتوقف التنفس والفشل الكلوي والغيبوبة.

وأكد أن أهم المخاطر تتمثل في الوفاة أما عن الناجين من الموت فاغلبهم يعانون من أضرار جسدية جسيمة من قبيل أعراض دائمة أو العمى أو ضعف البصر أو الإصابة بتلف دائم في الدماغ والفشل الكلوي نتيجة استهلاك كميات كبيرة من هذه المشروبات الخطيرة أو استهلاك مواد مخدرة خلال معاقرتها.

تلبية الاحتياجات بطرق بديلة!!؟

ومن جانبه أكد الدكتور في علم الاجتماع سامي نصر لـ"الصباح" أن ظاهرة استهلاك المواد الكحولية البديلة ممارسة اجتماعية قديمة ومنتشرة في العديد من الجهات وتقدم عليها فئات عمرية مختلفة وخاصة الشبابية منها.

وأبرز أن استهلاك المواد الكحولية تقليدية الصنع مرتبط بظواهر اجتماعية أخرى مثل ظاهرة تلبية الاحتياجات بطرق بديلة مثل الطب البديل، العلاج البديل، الطب النفسي البديل (أي طرق الشعبية...)، التعليم البديل، العلاقات الاجتماعية البديلة..

وشدد نصر على أن التونسي أصبح يرغب ويقبل على كل ما هو بديل وهذا في حد ذاته ظاهرة تستبطن العديد من المخاطر، بالإضافة إلى فقدان ظاهرة مؤسسات القرب للدور الذي كانت تقوم به على غرار مؤسسة العائلة، النوادي، دور الشباب والثقافة، المصائف، الكشافة.. والتي كانت في السابق تستقطب الأطفال والفئات الشبابية وتقوم بدور التأطير والتوعية إلا أنها اليوم لم تعد تحظى بالقرب والاستقطاب.

وأكد الدكتور في علم الاجتماع أن من أسباب الإقبال على شرب مواد كحولية يدوية الصنع ظاهرة "الحيطيون" أي الفئات الشبابية التي نجدها بجانب الجدران بالقرب من المعاهد والمدارس وفي الأحياء...، إذ أن الكثير من الممارسات الاجتماعية السلبية والانحرافات والجرائم ترتكب بالتقليد بين تلك الفئات، دون نسيان انتشار ظاهرة الإدمان على المسكرات والمخدرات.

وأشار نصر إلى انتشار ظاهرة المتاح ما يعني "سوسيولوجيا" الفرص المتاحة، مبرزا أن المسكرات البديلة متاحة ومن السهل الحصول عليها من قبل تلك الفئات خاصة مع غياب الرقابة والمتابعة من قبل سلطة الأسرة وسلطة المربي وسلطة الأمن إذ يلجأ كثيرون في المناطق الفقيرة إلى معاقرة مواد كحولية تقليدية الصنع بديلة عن الخمور، إما بسبب غياب نقاط للبيع أو بسبب الكلفة الرخيصة لهذه المواد التي يجري تسويقها على نطاق واسع وبشكل غير قانوني.

حنان قيراط