من يقول تستور يقول فاكهة الرّمان، ومن يقول فاكهة الرمان يقول مهرجان الرمّان بتستور واليوم أصبح هنالك حديث عن "رمانة تور بتستور" بعد أن تمّ افتتاح هذه الطريق يوم السبت 11 ماي 2024 بالمدينة انطلاقا من مركز تقديم التراث الثقافي بحضور ممثلين عن السلط بالجهة وممثلي المهرجان وممثلي برنامج PAMPAT TUNISIEالذي تشرف عليه منظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية وبتمويل سويسري.
إيمان عبد اللطيف
على أطلال تيكيلا أو تِيشيلاّ، التي تقع على طريق قرطاج تبسة ولم يبق من معالمها الرومانية سوى آثار السور والطاحونة على مجردة، أسس الأندلسيون المهاجرون سنة 1609 تستور.
هي مدينة تونسية تقع على هضبة في حوض مجردة شمالي البلاد. وتبعد 21 كم على مدينة مجاز الباب و 76 كم على العاصمة تونس.
تستمد تستور شهرتها من تاريخها الأندلسي وهي اليوم مركز معتمدية تستور التابعة لولاية باجة. وكان اسمها في العهد الروماني تِيشيلاّTichilla التي تعني العشب الأخضر لكونها جاءت قرب مصب وادي سليانة في وادي مجردة. ويعني أيضا هذا الاسم تجمع المياه التي تغرق سهول تستور في فصل الأمطار. (وفق ما جاء في موقع ويكيبيديا).
أول ما يعترضك وأنت تتقّدم في شوارعها، الجامع الكبير الذي يقع وسط المدينة العتيقة بملتقى المحاور الرئيسية. وهو يقدم خلاصة فريدة من نوعها للتقاليد المحلية الإفريقية والتقنيات الزخرفية والهندسية المغربية-الأندلسية. كما يبين الطابع البسيط للبناية تأثير الفن المدجن.
وإن لم تكن صومعته بذلك العلو البارز إلا أنّ معمارها وشكل الساعة وعقاربها يجلب الأنظار. من مميزاتها أنه يمكنك أن تلمحها من وسط الأنهج والأزقة وأنت تتجول في أعماق تستور وتسير على خطى مرافقينا لاكتشاف نقاط المحلات والمشاريع التي ثمّنت "الرمان" في منتوجاتها وسلعها وخدماتها والتي تمّ رسمها بخريطة أو لوحة "رمانة تور بتستور" التي تم تركيزها في عدة مناطق بوسط المدينة.
"حكاية تستور كلّها مع الرمّان"
في مدخلها وفي وسط المدينة لا شيء يفصلك عن ميزتها وشهرتها بالرمّان فمحلاّت عصائر الرمان ومشتقاته الأخرى من معجون بمختلف أنواعه وسكره وبذوره والرُبّ تملأ الطريق الرئيسي للشارع وحتى بأنهجه الفرعية.
وحديث الأهالي عن الرمّان كان كحديثهم عن مقدّس ما أو عن طفل ما أو عن شيء ما من روحهم أو عن شيء ثمين لا يُقدّر بثمن، كما تقول الخالة "قمر" في دردشتها مع "الصباح"حكاية تستور كلّها مع الرمّان، نحن منذ أن خُلقنا وكبرنا وجدنا أنفسنا مع الرمّان.. كلّ تستور لديها رمّان.. حتى من لا يملك سانية يأكل الرمّان.. فمن يملك سانية يُعطي لعائلته وجيرانه وأصحابه وأحبابه.. الكلّ له قفّة من الرمّان.. من يشتري ومن يعبرالطريق والسائح وغيره".
تُضيف الخالة "قمر" "الرمّان أنواع.. ومنظره لا تشبع منه العين.. نحن لدينا نعمة ربّانية.. فوائدها لا تُحصى ولا تُعد فهي لها ما يزيد عن 1100 منفعة أو ربما أكثر وهي منافع منىّ بها الله علينا بهذه الفاكهة".
ومن هذه النعم التي تلاحظها بالعين المجردة، عصائر الرمان بلونها القريب من البنفسجي الفاتح، التي ملأت الكؤوس التي يحملها المارّة أو الحرفاء المتسمرون أمام أحد المحلاّت التي رسم اسمها بخريطة "رمانة تور بتستور".
وقف شرف الدين الوسلاتي أمام آلة العصير يقوم بعصر الرمان على عين المكان، فالعصير المُقدم تتناوله طازجا تماما دون أية إضافات بما أنه في هذا الوقت من فصل الربيع وتحديدا في شهر ماي يوجد نوع من رمان اسمه "الآكو" وفق حديثه لـ"الصباح".
منذ عهد الأندلس تمتاز تستور بإنتاج الرمان
يقول شرف الدين "منطقة تستور منذ عهد الأندلس تمتاز بإنتاج الرمان،منذ زمن لدينا عدة أنواع تُسمى برمان تونسي، رمان شلفي، رمان زهري واليوم أصبحت هناك أنواع أخرى كالرمّان القابسي والرمّان الخلادي ورمّان الوندرفول المعدّ للعصير وكذلك الآكو".
ويُضيف "نحن نعمل خلال كامل السنة، ونشاطنا الفعلي ينطلق مع مهرجان الرمّان في شهر أكتوبر من كل عام وينتهي موفى شهر نوفمبر وبداية شهر ديسمبر بالنسبة للرمان ذو السكريات، أما نوعية "الأكو" فنواصل العمل به ويتم استعماله في مأكولات أخرى كـ "المسفوف".
من العصير تطّور استغلال فاكهة الرمان،وفق متغيرات العصر وتنوع الأذواق واكراهات الزمن، إلى منتوجات وصناعات أخرى كصناعة المثلجات، فتقول صاحبة محل صنع المثلجات بشرى خلفاء في تقديمها لمبادرتها أنّ "حكاية مثلجات الرمان انطلقت كفكرة من مهرجان الرمان منذ ثلاث سنوات، فتساءلت لما لا أضفي بصمة على هذه الفاكهة، بدأت بإمكانيات بسيطة".
وتُضيف "تفاجأت بالإقبال من الناس، فكان حافزا لإطلاق هذا المشروع وطورته أكثر ولكن حافظت على واجهة خاصة بمثلجات الرمّان لأني أعتبرها جالبة للحظّ بالنسبة لي".
لا يتوقف الأمر في مسألة تثمين الرمّان على العصائر والمثلجات، وإنما تطوّر إلى أكثر من ذلك بحسب "بيت المونة" لصاحبته أسماء الروسي التي تحدثت لـ"الصباح" عن مزايا هذه الفاكهة ذات المنافع المتعدّدة.
تقول أسماء "نستغل الرمّانة بكلّ مكوناتها ولا نُلقي بأي مكوّن من مكوّناتها، فنستخرج مها المعجون، الُربّ، حتى "القشور" نقوم بتجفيفها ثمّ رحيها ونفس الشيء بالنسبة لقلوب الرمّانة. ننتج أيضا خلّ الرمّان".
استفادت تستور من التقنية الأندلسية المتقدمة بما فيها الناعورة وفق ما ورد بمقالات التاريخ التي تتحدث عن هذه المدينة، مما أثّر إيجابيا في البيئة ووفر محاصيل الأشجار المثمرة المختلفة وخاصة الرمان والمشمش بأنواعه. وهي تقنية لا يزال عدد من الفلاحين المنتجين للرمان والمشمش يستعملونها إلى اليوم، وهو ما أكّده المهندس الفلاحي وصاحب دار ضيافة أكرم بن موسى في إدارة ضيعته.
التقنية الأندلسية المتقدمة في الفلاحة
اكتست هذه الضيعة ألوانا تسرّ الأنظار من لون الأخضر والمزيج بين الأحمر والبرتقالي النابع من زهر الرمان"الجلنار" ولون الأصفر "المشماشي"، فزراعة أشجار المشمش كانت الغاية منه غايتان حماية أشجار الرمان من حرارة الشمس وتظلّل عليها من جهة وغاية اقتصادية من جهة ثانية وفق أكرم.
الغاية من مشروعه كـ "دار ضيافة وضيعة" "تثمين هذا التاريخ الزراعي بما أنه في تستور هناك معرفة كبيرة ومحترفة بكل ما يتعلّق بالرمّان في كل مراحله من الزراعة للإنتاج وما يتخللهما من تقنيات التقليم وغيرها ومن ثمة السماح للزائرين بالاطلاع عليها وعلى تذوق الأكلات المشتقّة من هذه الفاكهة".
لم يكن هناك تفكير فقط في الجانب الغذائي في إطار تثمين هذا التميّز، بل تمّ التفكير في إضفاء روح سياحية وثقافية من خلال بعث مشروع يمزج بين التاريخ والطبيعة والثروة الفلاحية الكامنة في "الرمانة".
يقول محمد الجويني في تقديمه لمبادرته "إيكو بارك للترفيه" الذي يمسح 8 هكتارات أنّه "تمّ اختيار المكان على ربوة في تستور بحيث تمكننا من رؤية ومشاهدة البساتين الأندلسية الغنية بالرمان والعود الأحمر الرقيق بصفة عامة".
فهذا "الموقع يخول للزائر العيش مع هذا التنوع في الطبيعة من جهة والتنوع الثقافي والتاريخي في المدينة من خلال زيارة المعالم الأثرية إلى جانب إمكانية ممارسة الرياضة الجبلية ورياضة المغامرات بالإضافة إلى التعرف على فنون الطهو الأندلسي الأصلية والمنتوجات المحلية لتستور".
"رمانة تور بتستور"
كلّ هذه التجارب والمشاريع الصغرى وغيرها تمّ العمل على تثمينها على خريطة طريق سُميت بـ "رمانة تور بتستور" وتم وضعQR code بالمعلقة حتى يتمكن الزائر والقادم من خارج المدينة والسائح من تقصي طريق المحلات والمطاعم ودار الضيافة والاستراحات السياحية والثقافية على مشارف الطبيعة ومزارع الرمان المنتشرة بدواخل المدينة وحتى على الطريق المؤدية إليها.
تحدّثت رئيسة جمعية مهرجان الرمّان بتستور صلوحة التباسي لـ"الصباح" عن هذه الطريق قائلة "هو تواصل وامتداد لمهرجان الرمّان حتى تكون تستور مزارة لا فقط خلال فترة المهرجان وإنما طوال السنة"
وتُضيف ""رمانة تور بتستور" هو طريقة مبسطة للزوار ليعلموا أين يتجولون وأين يجدون الجبن، المعجون، والمأكولات والألعاب الترفيهية فهي بالتالي تشجيع للسياحة الداخلية وتشجيع للمنتجات المحليات في تستور لترويج منتوجاتهن".
فالغاية إذن هي التثمين والترويج لكل ما هو محلي بالمدينة وإبراز أهمية "الرمان" بها وفق قول منسقة برنامج PAMPAT TUNISIE" لمياء شقير ثابت. وهو برنامج النفاذ لأسواق للمنتوجات المحليّة والغذائية والذي تقوم بتنفيذه في تونس منظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية وبتمويل سويسري.
توضّح لمياء "الافتتاح كان لـ"رمانة تور بتستور" وهو طريق الرمّانة فالجميع يعلم أنّ الرمّان في تستور هو المنتوج الاستراتيجي والمحلي الذي عُرفت به. وجاء هذا البرنامج حين رأينا أنه بخلاف وقت الإنتاج الذي يمتد من سبتمبر حتى ديسمبر لا يعود هناك حديث على هذا المنتوج. وهذا من شأنه التقليص من الأنشطة الاقتصادية".
وتُضيف "لذلك أردنا أن يكون بهذه الطريق متدخلون من منتجي المنتوجات المشتقة من الرمّان وأيضا المطاعم والأنشطة الثقافية والرياضية وجميعها تلتقي حول نقطة واحدة هي "الرمانة". وهذا من شأنه أن يجعل المنطقة تعيش على وقع أنشطة اقتصادية ودفع الشباب للاستثمار في هذا المنتوج وبالتالي خلق ديناميكية جديدة بتستور".
تونس – الصباح
من يقول تستور يقول فاكهة الرّمان، ومن يقول فاكهة الرمان يقول مهرجان الرمّان بتستور واليوم أصبح هنالك حديث عن "رمانة تور بتستور" بعد أن تمّ افتتاح هذه الطريق يوم السبت 11 ماي 2024 بالمدينة انطلاقا من مركز تقديم التراث الثقافي بحضور ممثلين عن السلط بالجهة وممثلي المهرجان وممثلي برنامج PAMPAT TUNISIEالذي تشرف عليه منظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية وبتمويل سويسري.
إيمان عبد اللطيف
على أطلال تيكيلا أو تِيشيلاّ، التي تقع على طريق قرطاج تبسة ولم يبق من معالمها الرومانية سوى آثار السور والطاحونة على مجردة، أسس الأندلسيون المهاجرون سنة 1609 تستور.
هي مدينة تونسية تقع على هضبة في حوض مجردة شمالي البلاد. وتبعد 21 كم على مدينة مجاز الباب و 76 كم على العاصمة تونس.
تستمد تستور شهرتها من تاريخها الأندلسي وهي اليوم مركز معتمدية تستور التابعة لولاية باجة. وكان اسمها في العهد الروماني تِيشيلاّTichilla التي تعني العشب الأخضر لكونها جاءت قرب مصب وادي سليانة في وادي مجردة. ويعني أيضا هذا الاسم تجمع المياه التي تغرق سهول تستور في فصل الأمطار. (وفق ما جاء في موقع ويكيبيديا).
أول ما يعترضك وأنت تتقّدم في شوارعها، الجامع الكبير الذي يقع وسط المدينة العتيقة بملتقى المحاور الرئيسية. وهو يقدم خلاصة فريدة من نوعها للتقاليد المحلية الإفريقية والتقنيات الزخرفية والهندسية المغربية-الأندلسية. كما يبين الطابع البسيط للبناية تأثير الفن المدجن.
وإن لم تكن صومعته بذلك العلو البارز إلا أنّ معمارها وشكل الساعة وعقاربها يجلب الأنظار. من مميزاتها أنه يمكنك أن تلمحها من وسط الأنهج والأزقة وأنت تتجول في أعماق تستور وتسير على خطى مرافقينا لاكتشاف نقاط المحلات والمشاريع التي ثمّنت "الرمان" في منتوجاتها وسلعها وخدماتها والتي تمّ رسمها بخريطة أو لوحة "رمانة تور بتستور" التي تم تركيزها في عدة مناطق بوسط المدينة.
"حكاية تستور كلّها مع الرمّان"
في مدخلها وفي وسط المدينة لا شيء يفصلك عن ميزتها وشهرتها بالرمّان فمحلاّت عصائر الرمان ومشتقاته الأخرى من معجون بمختلف أنواعه وسكره وبذوره والرُبّ تملأ الطريق الرئيسي للشارع وحتى بأنهجه الفرعية.
وحديث الأهالي عن الرمّان كان كحديثهم عن مقدّس ما أو عن طفل ما أو عن شيء ما من روحهم أو عن شيء ثمين لا يُقدّر بثمن، كما تقول الخالة "قمر" في دردشتها مع "الصباح"حكاية تستور كلّها مع الرمّان، نحن منذ أن خُلقنا وكبرنا وجدنا أنفسنا مع الرمّان.. كلّ تستور لديها رمّان.. حتى من لا يملك سانية يأكل الرمّان.. فمن يملك سانية يُعطي لعائلته وجيرانه وأصحابه وأحبابه.. الكلّ له قفّة من الرمّان.. من يشتري ومن يعبرالطريق والسائح وغيره".
تُضيف الخالة "قمر" "الرمّان أنواع.. ومنظره لا تشبع منه العين.. نحن لدينا نعمة ربّانية.. فوائدها لا تُحصى ولا تُعد فهي لها ما يزيد عن 1100 منفعة أو ربما أكثر وهي منافع منىّ بها الله علينا بهذه الفاكهة".
ومن هذه النعم التي تلاحظها بالعين المجردة، عصائر الرمان بلونها القريب من البنفسجي الفاتح، التي ملأت الكؤوس التي يحملها المارّة أو الحرفاء المتسمرون أمام أحد المحلاّت التي رسم اسمها بخريطة "رمانة تور بتستور".
وقف شرف الدين الوسلاتي أمام آلة العصير يقوم بعصر الرمان على عين المكان، فالعصير المُقدم تتناوله طازجا تماما دون أية إضافات بما أنه في هذا الوقت من فصل الربيع وتحديدا في شهر ماي يوجد نوع من رمان اسمه "الآكو" وفق حديثه لـ"الصباح".
منذ عهد الأندلس تمتاز تستور بإنتاج الرمان
يقول شرف الدين "منطقة تستور منذ عهد الأندلس تمتاز بإنتاج الرمان،منذ زمن لدينا عدة أنواع تُسمى برمان تونسي، رمان شلفي، رمان زهري واليوم أصبحت هناك أنواع أخرى كالرمّان القابسي والرمّان الخلادي ورمّان الوندرفول المعدّ للعصير وكذلك الآكو".
ويُضيف "نحن نعمل خلال كامل السنة، ونشاطنا الفعلي ينطلق مع مهرجان الرمّان في شهر أكتوبر من كل عام وينتهي موفى شهر نوفمبر وبداية شهر ديسمبر بالنسبة للرمان ذو السكريات، أما نوعية "الأكو" فنواصل العمل به ويتم استعماله في مأكولات أخرى كـ "المسفوف".
من العصير تطّور استغلال فاكهة الرمان،وفق متغيرات العصر وتنوع الأذواق واكراهات الزمن، إلى منتوجات وصناعات أخرى كصناعة المثلجات، فتقول صاحبة محل صنع المثلجات بشرى خلفاء في تقديمها لمبادرتها أنّ "حكاية مثلجات الرمان انطلقت كفكرة من مهرجان الرمان منذ ثلاث سنوات، فتساءلت لما لا أضفي بصمة على هذه الفاكهة، بدأت بإمكانيات بسيطة".
وتُضيف "تفاجأت بالإقبال من الناس، فكان حافزا لإطلاق هذا المشروع وطورته أكثر ولكن حافظت على واجهة خاصة بمثلجات الرمّان لأني أعتبرها جالبة للحظّ بالنسبة لي".
لا يتوقف الأمر في مسألة تثمين الرمّان على العصائر والمثلجات، وإنما تطوّر إلى أكثر من ذلك بحسب "بيت المونة" لصاحبته أسماء الروسي التي تحدثت لـ"الصباح" عن مزايا هذه الفاكهة ذات المنافع المتعدّدة.
تقول أسماء "نستغل الرمّانة بكلّ مكوناتها ولا نُلقي بأي مكوّن من مكوّناتها، فنستخرج مها المعجون، الُربّ، حتى "القشور" نقوم بتجفيفها ثمّ رحيها ونفس الشيء بالنسبة لقلوب الرمّانة. ننتج أيضا خلّ الرمّان".
استفادت تستور من التقنية الأندلسية المتقدمة بما فيها الناعورة وفق ما ورد بمقالات التاريخ التي تتحدث عن هذه المدينة، مما أثّر إيجابيا في البيئة ووفر محاصيل الأشجار المثمرة المختلفة وخاصة الرمان والمشمش بأنواعه. وهي تقنية لا يزال عدد من الفلاحين المنتجين للرمان والمشمش يستعملونها إلى اليوم، وهو ما أكّده المهندس الفلاحي وصاحب دار ضيافة أكرم بن موسى في إدارة ضيعته.
التقنية الأندلسية المتقدمة في الفلاحة
اكتست هذه الضيعة ألوانا تسرّ الأنظار من لون الأخضر والمزيج بين الأحمر والبرتقالي النابع من زهر الرمان"الجلنار" ولون الأصفر "المشماشي"، فزراعة أشجار المشمش كانت الغاية منه غايتان حماية أشجار الرمان من حرارة الشمس وتظلّل عليها من جهة وغاية اقتصادية من جهة ثانية وفق أكرم.
الغاية من مشروعه كـ "دار ضيافة وضيعة" "تثمين هذا التاريخ الزراعي بما أنه في تستور هناك معرفة كبيرة ومحترفة بكل ما يتعلّق بالرمّان في كل مراحله من الزراعة للإنتاج وما يتخللهما من تقنيات التقليم وغيرها ومن ثمة السماح للزائرين بالاطلاع عليها وعلى تذوق الأكلات المشتقّة من هذه الفاكهة".
لم يكن هناك تفكير فقط في الجانب الغذائي في إطار تثمين هذا التميّز، بل تمّ التفكير في إضفاء روح سياحية وثقافية من خلال بعث مشروع يمزج بين التاريخ والطبيعة والثروة الفلاحية الكامنة في "الرمانة".
يقول محمد الجويني في تقديمه لمبادرته "إيكو بارك للترفيه" الذي يمسح 8 هكتارات أنّه "تمّ اختيار المكان على ربوة في تستور بحيث تمكننا من رؤية ومشاهدة البساتين الأندلسية الغنية بالرمان والعود الأحمر الرقيق بصفة عامة".
فهذا "الموقع يخول للزائر العيش مع هذا التنوع في الطبيعة من جهة والتنوع الثقافي والتاريخي في المدينة من خلال زيارة المعالم الأثرية إلى جانب إمكانية ممارسة الرياضة الجبلية ورياضة المغامرات بالإضافة إلى التعرف على فنون الطهو الأندلسي الأصلية والمنتوجات المحلية لتستور".
"رمانة تور بتستور"
كلّ هذه التجارب والمشاريع الصغرى وغيرها تمّ العمل على تثمينها على خريطة طريق سُميت بـ "رمانة تور بتستور" وتم وضعQR code بالمعلقة حتى يتمكن الزائر والقادم من خارج المدينة والسائح من تقصي طريق المحلات والمطاعم ودار الضيافة والاستراحات السياحية والثقافية على مشارف الطبيعة ومزارع الرمان المنتشرة بدواخل المدينة وحتى على الطريق المؤدية إليها.
تحدّثت رئيسة جمعية مهرجان الرمّان بتستور صلوحة التباسي لـ"الصباح" عن هذه الطريق قائلة "هو تواصل وامتداد لمهرجان الرمّان حتى تكون تستور مزارة لا فقط خلال فترة المهرجان وإنما طوال السنة"
وتُضيف ""رمانة تور بتستور" هو طريقة مبسطة للزوار ليعلموا أين يتجولون وأين يجدون الجبن، المعجون، والمأكولات والألعاب الترفيهية فهي بالتالي تشجيع للسياحة الداخلية وتشجيع للمنتجات المحليات في تستور لترويج منتوجاتهن".
فالغاية إذن هي التثمين والترويج لكل ما هو محلي بالمدينة وإبراز أهمية "الرمان" بها وفق قول منسقة برنامج PAMPAT TUNISIE" لمياء شقير ثابت. وهو برنامج النفاذ لأسواق للمنتوجات المحليّة والغذائية والذي تقوم بتنفيذه في تونس منظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية وبتمويل سويسري.
توضّح لمياء "الافتتاح كان لـ"رمانة تور بتستور" وهو طريق الرمّانة فالجميع يعلم أنّ الرمّان في تستور هو المنتوج الاستراتيجي والمحلي الذي عُرفت به. وجاء هذا البرنامج حين رأينا أنه بخلاف وقت الإنتاج الذي يمتد من سبتمبر حتى ديسمبر لا يعود هناك حديث على هذا المنتوج. وهذا من شأنه التقليص من الأنشطة الاقتصادية".
وتُضيف "لذلك أردنا أن يكون بهذه الطريق متدخلون من منتجي المنتوجات المشتقة من الرمّان وأيضا المطاعم والأنشطة الثقافية والرياضية وجميعها تلتقي حول نقطة واحدة هي "الرمانة". وهذا من شأنه أن يجعل المنطقة تعيش على وقع أنشطة اقتصادية ودفع الشباب للاستثمار في هذا المنتوج وبالتالي خلق ديناميكية جديدة بتستور".