إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

في الأكاديمية البرلمانية.. مقترح قانون "الأخطاء" الطبية تحت المجهر وشركات التأمين على الخط

تونس- الصباح

نظمت الأكاديمية البرلمانية أمس بقصر باردو يوما دراسيا حول مقترح القانون الأساسي المتعلق بحقوق المرضى والمسؤولية الطبية في صيغته النهائية الواردة في تقرير لجنة الصحة وشؤون المرأة والأسرة والشؤون الاجتماعية وذوي الإعاقة.

نبيه ثابت رئيس اللجنة بين أنه تم إعداد هذا المقترح رغبة في إيجاد إطار جامع وموحد لحقوق المنتفعين بالخدمات الصحية وتلافي الفراغ التشريعي المسجّل على مستوى المنظومة القانونيّة الوطنيّة في مادّة المسؤولية الطبية. وأوضح أن العمل الطبي هو عمل فني وأن الخدمات الطبية بمختلف أنواعها تعدّ أعمالا وأنشطة فنيّة دقيقة لا تخلو بطبيعتها من المخاطر والحوادث، وهي أخطار مهنية من طبيعة خاصة يتطلب تدقيقها وتحديد ما يترتب عنها من نتائج قواعد قانونية خاصة من شأنها أن تكفل للطبيب الحق في ممارسة مهنته في مناخ من الثقة والاجتهاد ويوفر إطارا عاما من الأريحية والوضوح لجميع مهنيي الصحة خلال مباشرتهم لأعمالهم. كما تضمن للمريض الحق في الحصول على تعويض عادل في حال تعرضه إلى خطإ طبي أو إهمال أو تقصير بطريقة منصفة وسريعة.

فسر أنّ الإطار القانوني الحالي للمسؤولية الطبية هو إطار عام لا يتماشى مع خصوصية وطبيعة الأعمال والأنشطة الّتي يقوم بها مهنيّو الصحّة الأمر الذي قد تؤدّي إلى ترتيب مسؤوليّة قانونيّة مدنيّة أو جزائيّة لا تأخذ بعين الاعتبار طبيعة هذه الأعمال، وذلك خلافا لما تمّ إقراره على مستوى عدّة أنظمة قانونيّة مقارنة من إفراد للمسؤوليّة الطبيّة بنصوص خاصّة.

وأشار ثابت إلى أن مقترح القانون تضمن الحقوق الأساسيّة للمنتفعين بالخدمات الصحية والمتمثّلة بالخصوص في حقهم في حماية صحّتهم وضمان سلامتهم وحرمتهم الجسديّة وحماية معطياتهم الشخصيّة وحقّهم في الإعلام وضرورة الحصول على موافقتهم المسبقة على تلقّي العلاج، إضافة إلى حقّهم في التعويض فضلا عن إرساء آليّات للوقاية من المخاطر والأضرار المرتبطة بالعلاج، والّتي تعد بمثابة التزامات محمولة على مهنيي الصحّة والهياكل والمؤسّسات الصحيّة.  وذكر أنه لم يتم التطرّق إلى حقوق المرضى إلاّ بمقتضى أحكام عامّة ومتفرّقة.  وأضاف أن مقترح القانون تعرض إلى الواجبات المحمولة على المنتفعين بالخدمات الصحية من خلال تنصيصه على واجب التقيد بالتشريعات والتراتيب الجاري بها العمل للحفاظ على سلامة الأفراد والمعدات ضمانا لاستدامة النظام الصحي وسلامة المبادئ التي يقوم عليها .

وذكّر رئيس اللجنة بأن الإطار القانوني المنطبق حاليّا في مادّة المسؤوليّة الطبيّة المدنيّة لا يكرّس قاعدة المساواة في التعويض عن الأضرار العلاجية سواء بين القطاعين العام والخاص أو داخل كلّ قطاع في غياب نظام قانوني خاصّ بالمسؤوليّة الطبيّة يحدّده ويعرّف المفاهيم الأساسيّة على غرار الخطأ الطبيّ والحادث الطبي.

مسار معقد

ووصف نبيه ثابت المسار القانوني المتاح حاليّا أمام المتقاضي للحصول على التعويض في صورة إقرار مسؤوليّة مهنيي الصحّة أو مسؤوليّة المؤسسّات الصحيّة بالمسار المعقّد والمتشعب ويستغرق عدّة سنوات للفصل فيه الأمر الذي يثقل كاهل المريض المتضرّر. ونبه إلى أن تطبيق أحكام المجلّة الجزائيّة على مهنيي الصحّة دون ملاءمتها مع طبيعة وخصوصيّات الأعمال المهنيّة للأطبّاء وغيرهم من مهنيي الصحّة أدّى إلى تنامي ظاهرة "الطب الدفاعي"، وتحدث عن التوسّع في قاعدة التجريم في المجال الطبّي بناء على الفصلين 217 و225 من المجلّة الجزائيّة في علاقة بالقتل أو الجرح على وجه الخطأ "الواقع أو المتسبّب عن قصور أو عدم احتياط أو إهمال أو عدم تنبّه أو عدم مراعاة القوانين" وذكر أن هذه الصيغة عامّة ويمكن أن تنسحب على أي عمل يقوم به مهني الصحّة حتى لو لم يثبت في جانبه أي تقصير من الوجهة الفنيّة، وأضاف أن هذا الوضع دفع الأطبّاء وغيرهم من مهنيي الصحّة إلى محاولة تحصين أنفسهم من أي إمكانيّة للمؤاخذة الجزائيّة سواء بعدم المبادرة أو بالمبالغة في المطالبة بمختلف التّحاليل الطبيّة والّتي لا تكون أحيانا مبرّرة، وهو ما فاقم نفقات العلاج غير الضرورية من ناحية ومن ناحية أخرى أثّر سلبا على ظروف وآجال التعهّد بالمرضى. وقال إنه لا بد من إعادة النّظر في شروط تطبيق الفصلين 217 و225 من المجلة الجزائية والأخذ بعين الاعتبار خصوصيّة الأعمال الموكولة لمهنيي  الصحّة والّتي تعتبر أعمالا خطرة بطبيعتها.

تجارب مقارنة

كما أشار رئيس لجنة الصحة وشؤون المرأة والأسرة والشؤون الاجتماعية وذوي الإعاقة نبيه ثابت إلى الاستئناس بالتّجارب المقارنة للبلدان التي أرست أنظمة قانونيّة للمسؤولية الطبية وللتعويض عن الأضرار العلاجية سواء في إطار مؤسسات تأمين أو صناديق عامة أو صناديق خاصة أو مشتركة توكل لها مهمّة التعويض عن تلك الأضرار، وأضاف أنه عند دراسة التجارب المقارنة تبين أن هناك تغليبا للجوء إلى التسوية الرّضائيّة والصلح في مادّة المسؤوليّة الطبيّة على حساب اللّجوء إلى التقاضي سواء المدني أو الإداري على غرار فرنسا وبلجيكيا وألمانيا وبريطانيا وغيرها، كما هناك تكريس للتعويض المالي عن الأضرار المرتبطة بالعلاج واعتماد المسؤولية الموضوعيّة عوضا عن المسؤوليّة الشخصيّة لمهنيي الصحّة، أما اللجوء إلى التتبّعات الجزائية من أجل خطأ غيـر قصدي فلا يكون إلّا في حالات نادرة وخلص إلى أن التمشّي الحالي للقانون الطبي على مستوى العالم ينحو أكثر فأكثر إلى تحرير العمل الطبي   وإبعاده عن العقوبات الجزائيّة وحتّى في الحالات النادرة الّتي يتمّ فيها اللجوء إلى التتبّعات الجزائية تكون في أغلبها من أجل الإهمال الجسيم أو الأخطاء المتعمدة أو الأخطاء الموصوفة.

وقال إنه تمّ الحرص من خلال مقترح القانون على وضع منظومة مؤسّساتيّة تعنى بسلامة المرضى من خلال إقرار آليات للوقاية والمراقبة لضمان جودة الخدمة الصحيّة والحدّ من المخاطر المرتبطة بالعلاج وتقليص نفقات العلاج غير الضروريّة، ووضع إطار للمسؤولية المدنية الطبية يقوم على أساس المسؤولية الموضوعية ، وأكد أن مقترح القانون يكفل للمتضررين من الأخطاء الطبية والحوادث الطبية التعويض الكامل لما لحقهم من أضرار وفقا لمبادئ العدالة والإنصاف التي حرص فقه القضاء على تكريسها، وهو يهدف إلى ضمان حقهم الدستوري في اللجوء إلى القضاء لطلب التعويض في صورة عدم التوصل إلى التسوية الرضائية. ولضمان حياد "اللجنة الجهويّة للتسوية الرضائيّة والتعويض" تم التنصيص على أن يترأسها قاض وذكر أنه حرصا على تحقيق الموازنة بين مصالح المنتفعين بالخدمات الصحية ومصالح مهنيي الصحة ومراعاة لخصوصيات المهام المناطة بعهدة هؤلاء، تم إفراد مهنيي الصحة بقواعد خاصة فيما يتعلق بالمسؤولية الجزائية لضمان عدم تتبعهم إلا في صورة وجود قرائن قوية  تثبت وجود إهمال جسيم ويتم التتبع وفقا لإجراءات خاصة تجنّبهم الإيقاف والاحتفاظ قبل ثبوت الإدانة مما سيمكنهم من القيام بمهامهم بأريحية.

مقترحات تعديل

وخلال النقاش شدد أغلب النواب  على ضرورة حماية حقوق المريض لأنه الحلقة الأضعف في المنظومة الصحية في تونس سواء في القطاع العام أو القطاع الخاص، وهناك منهم من دافع عن مهنيي الصحة وقال إن الطبيب مطالب ببذل عناية وليس تحقيق نتيجة وإنه من غير المنطقي تحميله تبعات تردي وضع المرفق العام للصحة خاصة بالنسبة إلى الأطباء العاملين في الجهات الداخلية أما رئيس مجلس نواب الشعب ابراهيم بودربالة فبين ضرورة مراعاة حقوق جميع الأطراف وأشار إلى حرص مكتب المجلس على تنظيم اليوم الدراسي قبل الجلسة العامة بهدف الاستماع إلى جميع الأطراف المعنية بمقترح القانون.

وشارك في أشغال اليوم الدراسي ممثلين عن وزارة الصحة والمجلس الوطني لعمادة الأطباء والمجلس الوطني لعمادة أطباء الأسنان وهيئة الصيادلة والجمعية التونسية لطب التجميل والجامعة التونسية لشركات التأمين وأكد جلهم على أهمية مقترح القانون المتعلق بحقوق المنتفعين بالخدمات الصحية والمسؤولية الطبية، وهناك منهم من دعا إلى التسريع في إحالته إلى الجلسة العامة لمجلس نواب الشعب للمصادقة عليه بما يمكن من تلافي الفراغ التشريعي. وهناك من اقترح إدخال تعديلات على الأحكام المتعلقة بالتسوية الرضائية والمسار الصلحي وأبدى آخرون الرغبة في مزيد التدقيق في الفصول المتصلة بالتعويض عن الضرر والاختبار الطبي..

وقال الدكتور رضا الضاوي رئيس المجلس الوطني لعمادة الأطباء إنه من المهم جدا أن يكون مقترح القانون توافقيا بما يضفي عليه المقبولية ودعا إلى مزيد نقاش مفهوم الإهمال الجسيم. وبين أن العمادة تريد ضمان حق المريض في التعويض وهي مع تمكينه من حقه الدستوري في التقاضي، لكن عليه أن يختار وأضاف أن المسؤولية الجزائية يجب أن تبقى محصورة في الإهمال الجسيم، ويجب أن تحمل مصاريف الفحوصات على الجهة المعنية بالتعويض وإذا كانت المضاعفات ناجمة عن إهمال المريض نفسه فلماذا يتم دفع التعويضات من قبل مهنيي الصحة وقال إن العمادة تتمسك بإجبارية التأمين.

وبين الدكتور علاء الدين سحنون ممثل عمادة الأطباء أن جميع المتدخلين في مجال الصحة كانوا في حاجة إلى مثل هذا القانون لأنه يتم تتبع الأطباء وفق المجلة الجزائية والحال أن المهنة الطبية لها خصوصية  فهي المهنة الوحيدة التي يسمح فيها بإحداث جرح  وفسر أن أغلب الحالات التي يتم تسجيلها تتعلق بحوادث طبية وليست أخطاء طبية ولكن الإعلام وبدافع الرغبة في أن يسترد المرضى حقوقهم يوصفها بالأخطاء الطبية ليتضح لاحقا أنها ليست أخطاء طبية.. وقدم سحنون للنواب مثلا عن طبيبة شابة في سوسة تم إيقافها 72 ساعة رغم أنها احترمت بلوتوكول العلاج وتبين لاحقا أنها ليست هي المسؤولة وقال إنها بعد تلك الحادثة قررت الانقطاع عن العمل ثم خيرت الهجرة، وذكر أنه في هذا السياق تم السعي منذ سنوات إلى سن قانون يتعلق بالمسؤولية الطبية عند الاشتغال حصلت في البداية انحرافات حيث كانت هناك نية للتنصيص فيه على صندوق تعويض عن الأضرار ولكن المشروع الجديد فيه ضمان لحقوق المرضى وهناك مساهمة من قبل شركات التأمين مع إمكانية تعويض التعفنات الاستشفائية أما الحوادث فلا يتحملها مهني الصحة.. وبين أنه إذ كان هناك تعويض على الحوادث الطبية دون وجود خطأ فان النفقات يجب أن تتحملها الدولة.

طب التجميل.. وطب الأسنان

نبيل الجلازي رئيس الجمعية التونسية لطب التجميل إلى قدوم 30 ألف أجنبي إلى تونس سنويا للتمتع بخدمات طب التجميل وهذا الطب له خصوصياته وهناك اعتقاد خاطئ بأن طب التجميل هو طب رفاهية والحال أن إصابة شخص بجرح في وجهه تنجم عنها مشاكل نفسية وبين أنه يجب إعلام المريض بالمضاعفات وهو ما يقوم به الطبيب في كل عيادة ويجب توضيح الفرق بين المضاعفات والخطأ الطبي.

أما الدكتور صالح الماجري رئيس المجلس الوطني لعمادة أطباء الأسنان فبين أن  الهدف من المقترح هو سن قانون يأخذ بعين الاعتبار خصوصية الممارسة المهنية لمهنيي الصحة وحقوق المرضى في علاقة بالخدمات العلاجية وإيجاد منظومة للتعويض. وذكر أنه يجب التسريع في تمرير هذا المشروع لأن المجتمع التونسي ومهنيي الصحة في حاجة إليه. ودعا إلى مراعاة خصوصية مهنة الطبيب وغيره من مهنيي الصحة، وذكر أن كل عمل بشري فيه شوائب ولاحظ أنه بالنسبة إلى الفصول المتعلقة بلجنة الاختبار فيجب على مجلس نواب الشعب أن يراعي النقص الموجود في الجامعيين وفي عدد الخبراء في طب الأسنان وأضاف أنه ليس هناك ضرورية لوجود قاض في اللجنة الصلحية.. وتساءل إن كان سيعتمد رأي العمادة في اللجنة الصلحية، ونبه إلى أن الأوامر الترتيبية يمكن أن تشكل لاحقا عائقا أمام تطبيق القانون ودعا إلى إطلاعهم عليها قبل نشرها ويرى الماجري أن شركات التأمين يجب أن تقوم مقام مهنيي الصحة في جميع المراحل وطالب بمراعاة خصوصية طب الأسنان وهو نفس ما  أشار إليه نائب رئيس مجلس العمادة نور الدين اللموشي نظرا لتشعب تدخلات طب الأسنان فيه وطالب باستشارة العمادة في النصوص الترتيبية، وذكر أنه يوجد نقص في عدد الخبراء في طب الأسنان ويجب إيجاد صيغة تسمح بتكوين الخبراء.

أما البشير غشام المستشار القانوني للمجلس الوطني لعمادة أطباء الأسنان فيرى أنه من الصائب تغيير عنوان مشروع القانون من حقوق المرضى والمسؤولية الطبية إلى حقوق المنتفعين بالخدمات الصحية والمسؤولية الطبية  وأشار إلى التنصيص على الحقوق يجب أن يرافقه التنصيص على الواجبات المحمولة على كل طرف ضمانا للتوازن، وذكر أن المسؤولية الطبية اليوم تتأسس على الخطأ والاختبار هو الذي يبين وجود خطأ من عدمه وتتكون لجنة الاختبار وجوبا من أطباء مختصين ولكن على أرض الواقع هناك مشكل في تكوين الخبراء في طب الأسنان. وعبر عن أمله في أن يدخل القانون عما قريب حيز التطبيق ليكون مكسبا كبيرا للمنتفعين بالخدمات الصحية ولمهنيي الصحة.

إجبارية التأمين

وأشار حاتم عميرة مدير عام الجامعة التونسية لشركات التأمين إلى أهمية وجود مقترح قانون يضمن حقوق المرضى بمن فيهم المنتمين لقطاع التأمين وقال إن هذا القطاع يريد أن يكون هناك في تونس إطار طبي ذي كفاءة عالية وأن يجد المتضرر  أمامه جهة تعوضه عن الأضرار عندما يحصل خطأ طبي. وذكر أنه من هذا المنطلق فان قطاع التأمين يرى أن توفير تغطية تأمينية هو في مصلحة الطبيب ومصلحة المتضرر لأن الطبيب سيعمل بأريحية أما المتضرر فيحصل على مبلغ مالي كتعويض له بما يساعده على توفير نفقات علاج الضرر. وطالب عميرة بتشريك قطاع التأمين في مشروع القانون نظرا لدوره الاجتماعي والاقتصادي  وذكر أن شركات التأمين ومنذ خمسين سنة هي الجهة التي تقوم بالتعويض رغم أن مبالغ  أقساط التأمين زهيدة. وذكر أنه لا بد من تكريس مبدأ إلزامية التأمين لمهنيي الصحة والأطباء لأنه دون إلزام لا يمكن لشركات التأمين القياد بدورها كما يجب الاقتصار على الأخطاء الطبيبة لان الحادث الطبي في التجارب المقارنة لا يمكن أن يكون مجالا لعقد التأمين ويجب حسب قوله وضع مقاييس واضحة للتعويض وتشريك مؤسسات التامين في اللجان الجهوية لتحديد السقوط مع منحهم حق الطعن في قرار الصلح وقال إنه لا بد من التنصيص على الاستثناءات من عقود التأمين ومراعاة الضوابط القانونية والفنية التي تنظم قطاع التأمين ومجلة التأمين.

وجوبية التسوية الرضائية

وأشارت وسيلة الورغي ممثلة وحدة التشريع والنزاعات بوزارة الصحة إلى أن فلسفة مشروع القانون تقوم على الموازنة بين حقوق المرضى وبين الضمانات الممنوحة لمهني الصحة على اعتبار أن مهنته تختلف عن بقية المهن فهو الشخص الوحيد الذي يخول له القانون جرح شخص آخر.

وأضافت أن المفاهيم الواردة في المقترح على غاية من الأهمية وكل مفهوم تنجر عنه مسؤوليات مثل مفهوم الخطأ الطبي وأبدت تمسكها بأن يكون مسار التسوية الرضائية وجوبيا وإذا لم يقتنع المتضرر بالتسوية يمكنه أن يتوجه الى القضاء. وبينت أنه يجب عدم إقرار مسؤولية جزائية لمهنيي الصحة إلا إذا حصل خطأ جسيم.

وتساءل مصطفى العروسي رئيس هيئة الصيادلة عن صبغة القانون وإن كان سيكون قانونا أساسيا أم قانونا عاديا، وذكر أنه يجب تشريك الهياكل المهنية بصفة دورية عند تحديد أقساط  التأمين واستفسرا عن دواعي التنصيص في الفصل 49 من مقترح القانون عن تواصل النظر في قضايا المسؤولية الطبية المنشورة طبقا للقوانين والإجراءات المعمول بها قبل دخول القانون الجديد حيز النفاذ.

وتعقيبا على مداخلات المشاركين في اليوم الدراسي وتعقيبا أشار نبيه ثابت رئيس لجنة الصحة إلى مراعاة مقترح القانون حق المواطن وذكر أن من يدعي أن هذا القانون سيتسبب في هجرة الأطباء فلعيه أن يعلم أن مثل هذا القانون موجود في مختلف الدول. وبين أن الطبيب مطالب فعلا ببذل العناية وليس تحقيق نتيجة ولكن بذل العناية لا يعني أن المريض فأر تجارب. وتعقيبا على ممثلة وزارة الصحة قال إنه لا يمكن إجبار المواطن على التسوية الرضائية لأن اختياره الذهاب إلى القضاء هو من حقوقه الدستورية.

سعيدة بوهلال

في الأكاديمية البرلمانية..   مقترح قانون "الأخطاء" الطبية تحت المجهر وشركات التأمين على الخط

تونس- الصباح

نظمت الأكاديمية البرلمانية أمس بقصر باردو يوما دراسيا حول مقترح القانون الأساسي المتعلق بحقوق المرضى والمسؤولية الطبية في صيغته النهائية الواردة في تقرير لجنة الصحة وشؤون المرأة والأسرة والشؤون الاجتماعية وذوي الإعاقة.

نبيه ثابت رئيس اللجنة بين أنه تم إعداد هذا المقترح رغبة في إيجاد إطار جامع وموحد لحقوق المنتفعين بالخدمات الصحية وتلافي الفراغ التشريعي المسجّل على مستوى المنظومة القانونيّة الوطنيّة في مادّة المسؤولية الطبية. وأوضح أن العمل الطبي هو عمل فني وأن الخدمات الطبية بمختلف أنواعها تعدّ أعمالا وأنشطة فنيّة دقيقة لا تخلو بطبيعتها من المخاطر والحوادث، وهي أخطار مهنية من طبيعة خاصة يتطلب تدقيقها وتحديد ما يترتب عنها من نتائج قواعد قانونية خاصة من شأنها أن تكفل للطبيب الحق في ممارسة مهنته في مناخ من الثقة والاجتهاد ويوفر إطارا عاما من الأريحية والوضوح لجميع مهنيي الصحة خلال مباشرتهم لأعمالهم. كما تضمن للمريض الحق في الحصول على تعويض عادل في حال تعرضه إلى خطإ طبي أو إهمال أو تقصير بطريقة منصفة وسريعة.

فسر أنّ الإطار القانوني الحالي للمسؤولية الطبية هو إطار عام لا يتماشى مع خصوصية وطبيعة الأعمال والأنشطة الّتي يقوم بها مهنيّو الصحّة الأمر الذي قد تؤدّي إلى ترتيب مسؤوليّة قانونيّة مدنيّة أو جزائيّة لا تأخذ بعين الاعتبار طبيعة هذه الأعمال، وذلك خلافا لما تمّ إقراره على مستوى عدّة أنظمة قانونيّة مقارنة من إفراد للمسؤوليّة الطبيّة بنصوص خاصّة.

وأشار ثابت إلى أن مقترح القانون تضمن الحقوق الأساسيّة للمنتفعين بالخدمات الصحية والمتمثّلة بالخصوص في حقهم في حماية صحّتهم وضمان سلامتهم وحرمتهم الجسديّة وحماية معطياتهم الشخصيّة وحقّهم في الإعلام وضرورة الحصول على موافقتهم المسبقة على تلقّي العلاج، إضافة إلى حقّهم في التعويض فضلا عن إرساء آليّات للوقاية من المخاطر والأضرار المرتبطة بالعلاج، والّتي تعد بمثابة التزامات محمولة على مهنيي الصحّة والهياكل والمؤسّسات الصحيّة.  وذكر أنه لم يتم التطرّق إلى حقوق المرضى إلاّ بمقتضى أحكام عامّة ومتفرّقة.  وأضاف أن مقترح القانون تعرض إلى الواجبات المحمولة على المنتفعين بالخدمات الصحية من خلال تنصيصه على واجب التقيد بالتشريعات والتراتيب الجاري بها العمل للحفاظ على سلامة الأفراد والمعدات ضمانا لاستدامة النظام الصحي وسلامة المبادئ التي يقوم عليها .

وذكّر رئيس اللجنة بأن الإطار القانوني المنطبق حاليّا في مادّة المسؤوليّة الطبيّة المدنيّة لا يكرّس قاعدة المساواة في التعويض عن الأضرار العلاجية سواء بين القطاعين العام والخاص أو داخل كلّ قطاع في غياب نظام قانوني خاصّ بالمسؤوليّة الطبيّة يحدّده ويعرّف المفاهيم الأساسيّة على غرار الخطأ الطبيّ والحادث الطبي.

مسار معقد

ووصف نبيه ثابت المسار القانوني المتاح حاليّا أمام المتقاضي للحصول على التعويض في صورة إقرار مسؤوليّة مهنيي الصحّة أو مسؤوليّة المؤسسّات الصحيّة بالمسار المعقّد والمتشعب ويستغرق عدّة سنوات للفصل فيه الأمر الذي يثقل كاهل المريض المتضرّر. ونبه إلى أن تطبيق أحكام المجلّة الجزائيّة على مهنيي الصحّة دون ملاءمتها مع طبيعة وخصوصيّات الأعمال المهنيّة للأطبّاء وغيرهم من مهنيي الصحّة أدّى إلى تنامي ظاهرة "الطب الدفاعي"، وتحدث عن التوسّع في قاعدة التجريم في المجال الطبّي بناء على الفصلين 217 و225 من المجلّة الجزائيّة في علاقة بالقتل أو الجرح على وجه الخطأ "الواقع أو المتسبّب عن قصور أو عدم احتياط أو إهمال أو عدم تنبّه أو عدم مراعاة القوانين" وذكر أن هذه الصيغة عامّة ويمكن أن تنسحب على أي عمل يقوم به مهني الصحّة حتى لو لم يثبت في جانبه أي تقصير من الوجهة الفنيّة، وأضاف أن هذا الوضع دفع الأطبّاء وغيرهم من مهنيي الصحّة إلى محاولة تحصين أنفسهم من أي إمكانيّة للمؤاخذة الجزائيّة سواء بعدم المبادرة أو بالمبالغة في المطالبة بمختلف التّحاليل الطبيّة والّتي لا تكون أحيانا مبرّرة، وهو ما فاقم نفقات العلاج غير الضرورية من ناحية ومن ناحية أخرى أثّر سلبا على ظروف وآجال التعهّد بالمرضى. وقال إنه لا بد من إعادة النّظر في شروط تطبيق الفصلين 217 و225 من المجلة الجزائية والأخذ بعين الاعتبار خصوصيّة الأعمال الموكولة لمهنيي  الصحّة والّتي تعتبر أعمالا خطرة بطبيعتها.

تجارب مقارنة

كما أشار رئيس لجنة الصحة وشؤون المرأة والأسرة والشؤون الاجتماعية وذوي الإعاقة نبيه ثابت إلى الاستئناس بالتّجارب المقارنة للبلدان التي أرست أنظمة قانونيّة للمسؤولية الطبية وللتعويض عن الأضرار العلاجية سواء في إطار مؤسسات تأمين أو صناديق عامة أو صناديق خاصة أو مشتركة توكل لها مهمّة التعويض عن تلك الأضرار، وأضاف أنه عند دراسة التجارب المقارنة تبين أن هناك تغليبا للجوء إلى التسوية الرّضائيّة والصلح في مادّة المسؤوليّة الطبيّة على حساب اللّجوء إلى التقاضي سواء المدني أو الإداري على غرار فرنسا وبلجيكيا وألمانيا وبريطانيا وغيرها، كما هناك تكريس للتعويض المالي عن الأضرار المرتبطة بالعلاج واعتماد المسؤولية الموضوعيّة عوضا عن المسؤوليّة الشخصيّة لمهنيي الصحّة، أما اللجوء إلى التتبّعات الجزائية من أجل خطأ غيـر قصدي فلا يكون إلّا في حالات نادرة وخلص إلى أن التمشّي الحالي للقانون الطبي على مستوى العالم ينحو أكثر فأكثر إلى تحرير العمل الطبي   وإبعاده عن العقوبات الجزائيّة وحتّى في الحالات النادرة الّتي يتمّ فيها اللجوء إلى التتبّعات الجزائية تكون في أغلبها من أجل الإهمال الجسيم أو الأخطاء المتعمدة أو الأخطاء الموصوفة.

وقال إنه تمّ الحرص من خلال مقترح القانون على وضع منظومة مؤسّساتيّة تعنى بسلامة المرضى من خلال إقرار آليات للوقاية والمراقبة لضمان جودة الخدمة الصحيّة والحدّ من المخاطر المرتبطة بالعلاج وتقليص نفقات العلاج غير الضروريّة، ووضع إطار للمسؤولية المدنية الطبية يقوم على أساس المسؤولية الموضوعية ، وأكد أن مقترح القانون يكفل للمتضررين من الأخطاء الطبية والحوادث الطبية التعويض الكامل لما لحقهم من أضرار وفقا لمبادئ العدالة والإنصاف التي حرص فقه القضاء على تكريسها، وهو يهدف إلى ضمان حقهم الدستوري في اللجوء إلى القضاء لطلب التعويض في صورة عدم التوصل إلى التسوية الرضائية. ولضمان حياد "اللجنة الجهويّة للتسوية الرضائيّة والتعويض" تم التنصيص على أن يترأسها قاض وذكر أنه حرصا على تحقيق الموازنة بين مصالح المنتفعين بالخدمات الصحية ومصالح مهنيي الصحة ومراعاة لخصوصيات المهام المناطة بعهدة هؤلاء، تم إفراد مهنيي الصحة بقواعد خاصة فيما يتعلق بالمسؤولية الجزائية لضمان عدم تتبعهم إلا في صورة وجود قرائن قوية  تثبت وجود إهمال جسيم ويتم التتبع وفقا لإجراءات خاصة تجنّبهم الإيقاف والاحتفاظ قبل ثبوت الإدانة مما سيمكنهم من القيام بمهامهم بأريحية.

مقترحات تعديل

وخلال النقاش شدد أغلب النواب  على ضرورة حماية حقوق المريض لأنه الحلقة الأضعف في المنظومة الصحية في تونس سواء في القطاع العام أو القطاع الخاص، وهناك منهم من دافع عن مهنيي الصحة وقال إن الطبيب مطالب ببذل عناية وليس تحقيق نتيجة وإنه من غير المنطقي تحميله تبعات تردي وضع المرفق العام للصحة خاصة بالنسبة إلى الأطباء العاملين في الجهات الداخلية أما رئيس مجلس نواب الشعب ابراهيم بودربالة فبين ضرورة مراعاة حقوق جميع الأطراف وأشار إلى حرص مكتب المجلس على تنظيم اليوم الدراسي قبل الجلسة العامة بهدف الاستماع إلى جميع الأطراف المعنية بمقترح القانون.

وشارك في أشغال اليوم الدراسي ممثلين عن وزارة الصحة والمجلس الوطني لعمادة الأطباء والمجلس الوطني لعمادة أطباء الأسنان وهيئة الصيادلة والجمعية التونسية لطب التجميل والجامعة التونسية لشركات التأمين وأكد جلهم على أهمية مقترح القانون المتعلق بحقوق المنتفعين بالخدمات الصحية والمسؤولية الطبية، وهناك منهم من دعا إلى التسريع في إحالته إلى الجلسة العامة لمجلس نواب الشعب للمصادقة عليه بما يمكن من تلافي الفراغ التشريعي. وهناك من اقترح إدخال تعديلات على الأحكام المتعلقة بالتسوية الرضائية والمسار الصلحي وأبدى آخرون الرغبة في مزيد التدقيق في الفصول المتصلة بالتعويض عن الضرر والاختبار الطبي..

وقال الدكتور رضا الضاوي رئيس المجلس الوطني لعمادة الأطباء إنه من المهم جدا أن يكون مقترح القانون توافقيا بما يضفي عليه المقبولية ودعا إلى مزيد نقاش مفهوم الإهمال الجسيم. وبين أن العمادة تريد ضمان حق المريض في التعويض وهي مع تمكينه من حقه الدستوري في التقاضي، لكن عليه أن يختار وأضاف أن المسؤولية الجزائية يجب أن تبقى محصورة في الإهمال الجسيم، ويجب أن تحمل مصاريف الفحوصات على الجهة المعنية بالتعويض وإذا كانت المضاعفات ناجمة عن إهمال المريض نفسه فلماذا يتم دفع التعويضات من قبل مهنيي الصحة وقال إن العمادة تتمسك بإجبارية التأمين.

وبين الدكتور علاء الدين سحنون ممثل عمادة الأطباء أن جميع المتدخلين في مجال الصحة كانوا في حاجة إلى مثل هذا القانون لأنه يتم تتبع الأطباء وفق المجلة الجزائية والحال أن المهنة الطبية لها خصوصية  فهي المهنة الوحيدة التي يسمح فيها بإحداث جرح  وفسر أن أغلب الحالات التي يتم تسجيلها تتعلق بحوادث طبية وليست أخطاء طبية ولكن الإعلام وبدافع الرغبة في أن يسترد المرضى حقوقهم يوصفها بالأخطاء الطبية ليتضح لاحقا أنها ليست أخطاء طبية.. وقدم سحنون للنواب مثلا عن طبيبة شابة في سوسة تم إيقافها 72 ساعة رغم أنها احترمت بلوتوكول العلاج وتبين لاحقا أنها ليست هي المسؤولة وقال إنها بعد تلك الحادثة قررت الانقطاع عن العمل ثم خيرت الهجرة، وذكر أنه في هذا السياق تم السعي منذ سنوات إلى سن قانون يتعلق بالمسؤولية الطبية عند الاشتغال حصلت في البداية انحرافات حيث كانت هناك نية للتنصيص فيه على صندوق تعويض عن الأضرار ولكن المشروع الجديد فيه ضمان لحقوق المرضى وهناك مساهمة من قبل شركات التأمين مع إمكانية تعويض التعفنات الاستشفائية أما الحوادث فلا يتحملها مهني الصحة.. وبين أنه إذ كان هناك تعويض على الحوادث الطبية دون وجود خطأ فان النفقات يجب أن تتحملها الدولة.

طب التجميل.. وطب الأسنان

نبيل الجلازي رئيس الجمعية التونسية لطب التجميل إلى قدوم 30 ألف أجنبي إلى تونس سنويا للتمتع بخدمات طب التجميل وهذا الطب له خصوصياته وهناك اعتقاد خاطئ بأن طب التجميل هو طب رفاهية والحال أن إصابة شخص بجرح في وجهه تنجم عنها مشاكل نفسية وبين أنه يجب إعلام المريض بالمضاعفات وهو ما يقوم به الطبيب في كل عيادة ويجب توضيح الفرق بين المضاعفات والخطأ الطبي.

أما الدكتور صالح الماجري رئيس المجلس الوطني لعمادة أطباء الأسنان فبين أن  الهدف من المقترح هو سن قانون يأخذ بعين الاعتبار خصوصية الممارسة المهنية لمهنيي الصحة وحقوق المرضى في علاقة بالخدمات العلاجية وإيجاد منظومة للتعويض. وذكر أنه يجب التسريع في تمرير هذا المشروع لأن المجتمع التونسي ومهنيي الصحة في حاجة إليه. ودعا إلى مراعاة خصوصية مهنة الطبيب وغيره من مهنيي الصحة، وذكر أن كل عمل بشري فيه شوائب ولاحظ أنه بالنسبة إلى الفصول المتعلقة بلجنة الاختبار فيجب على مجلس نواب الشعب أن يراعي النقص الموجود في الجامعيين وفي عدد الخبراء في طب الأسنان وأضاف أنه ليس هناك ضرورية لوجود قاض في اللجنة الصلحية.. وتساءل إن كان سيعتمد رأي العمادة في اللجنة الصلحية، ونبه إلى أن الأوامر الترتيبية يمكن أن تشكل لاحقا عائقا أمام تطبيق القانون ودعا إلى إطلاعهم عليها قبل نشرها ويرى الماجري أن شركات التأمين يجب أن تقوم مقام مهنيي الصحة في جميع المراحل وطالب بمراعاة خصوصية طب الأسنان وهو نفس ما  أشار إليه نائب رئيس مجلس العمادة نور الدين اللموشي نظرا لتشعب تدخلات طب الأسنان فيه وطالب باستشارة العمادة في النصوص الترتيبية، وذكر أنه يوجد نقص في عدد الخبراء في طب الأسنان ويجب إيجاد صيغة تسمح بتكوين الخبراء.

أما البشير غشام المستشار القانوني للمجلس الوطني لعمادة أطباء الأسنان فيرى أنه من الصائب تغيير عنوان مشروع القانون من حقوق المرضى والمسؤولية الطبية إلى حقوق المنتفعين بالخدمات الصحية والمسؤولية الطبية  وأشار إلى التنصيص على الحقوق يجب أن يرافقه التنصيص على الواجبات المحمولة على كل طرف ضمانا للتوازن، وذكر أن المسؤولية الطبية اليوم تتأسس على الخطأ والاختبار هو الذي يبين وجود خطأ من عدمه وتتكون لجنة الاختبار وجوبا من أطباء مختصين ولكن على أرض الواقع هناك مشكل في تكوين الخبراء في طب الأسنان. وعبر عن أمله في أن يدخل القانون عما قريب حيز التطبيق ليكون مكسبا كبيرا للمنتفعين بالخدمات الصحية ولمهنيي الصحة.

إجبارية التأمين

وأشار حاتم عميرة مدير عام الجامعة التونسية لشركات التأمين إلى أهمية وجود مقترح قانون يضمن حقوق المرضى بمن فيهم المنتمين لقطاع التأمين وقال إن هذا القطاع يريد أن يكون هناك في تونس إطار طبي ذي كفاءة عالية وأن يجد المتضرر  أمامه جهة تعوضه عن الأضرار عندما يحصل خطأ طبي. وذكر أنه من هذا المنطلق فان قطاع التأمين يرى أن توفير تغطية تأمينية هو في مصلحة الطبيب ومصلحة المتضرر لأن الطبيب سيعمل بأريحية أما المتضرر فيحصل على مبلغ مالي كتعويض له بما يساعده على توفير نفقات علاج الضرر. وطالب عميرة بتشريك قطاع التأمين في مشروع القانون نظرا لدوره الاجتماعي والاقتصادي  وذكر أن شركات التأمين ومنذ خمسين سنة هي الجهة التي تقوم بالتعويض رغم أن مبالغ  أقساط التأمين زهيدة. وذكر أنه لا بد من تكريس مبدأ إلزامية التأمين لمهنيي الصحة والأطباء لأنه دون إلزام لا يمكن لشركات التأمين القياد بدورها كما يجب الاقتصار على الأخطاء الطبيبة لان الحادث الطبي في التجارب المقارنة لا يمكن أن يكون مجالا لعقد التأمين ويجب حسب قوله وضع مقاييس واضحة للتعويض وتشريك مؤسسات التامين في اللجان الجهوية لتحديد السقوط مع منحهم حق الطعن في قرار الصلح وقال إنه لا بد من التنصيص على الاستثناءات من عقود التأمين ومراعاة الضوابط القانونية والفنية التي تنظم قطاع التأمين ومجلة التأمين.

وجوبية التسوية الرضائية

وأشارت وسيلة الورغي ممثلة وحدة التشريع والنزاعات بوزارة الصحة إلى أن فلسفة مشروع القانون تقوم على الموازنة بين حقوق المرضى وبين الضمانات الممنوحة لمهني الصحة على اعتبار أن مهنته تختلف عن بقية المهن فهو الشخص الوحيد الذي يخول له القانون جرح شخص آخر.

وأضافت أن المفاهيم الواردة في المقترح على غاية من الأهمية وكل مفهوم تنجر عنه مسؤوليات مثل مفهوم الخطأ الطبي وأبدت تمسكها بأن يكون مسار التسوية الرضائية وجوبيا وإذا لم يقتنع المتضرر بالتسوية يمكنه أن يتوجه الى القضاء. وبينت أنه يجب عدم إقرار مسؤولية جزائية لمهنيي الصحة إلا إذا حصل خطأ جسيم.

وتساءل مصطفى العروسي رئيس هيئة الصيادلة عن صبغة القانون وإن كان سيكون قانونا أساسيا أم قانونا عاديا، وذكر أنه يجب تشريك الهياكل المهنية بصفة دورية عند تحديد أقساط  التأمين واستفسرا عن دواعي التنصيص في الفصل 49 من مقترح القانون عن تواصل النظر في قضايا المسؤولية الطبية المنشورة طبقا للقوانين والإجراءات المعمول بها قبل دخول القانون الجديد حيز النفاذ.

وتعقيبا على مداخلات المشاركين في اليوم الدراسي وتعقيبا أشار نبيه ثابت رئيس لجنة الصحة إلى مراعاة مقترح القانون حق المواطن وذكر أن من يدعي أن هذا القانون سيتسبب في هجرة الأطباء فلعيه أن يعلم أن مثل هذا القانون موجود في مختلف الدول. وبين أن الطبيب مطالب فعلا ببذل العناية وليس تحقيق نتيجة ولكن بذل العناية لا يعني أن المريض فأر تجارب. وتعقيبا على ممثلة وزارة الصحة قال إنه لا يمكن إجبار المواطن على التسوية الرضائية لأن اختياره الذهاب إلى القضاء هو من حقوقه الدستورية.

سعيدة بوهلال