أكد الكاتب الجزائري العيد جلولي، عميد كلية الآداب واللغات سابقا، وأستاذ الأدب العربي، وأدب الأطفال وقسم اللغة العربية وآدابها بجامعة قاصدي مرباح ورقلة، ان البلدان المغاربية لا تملك رؤية واضحة، ولا خططا استراتيجية للنهوض بأدب الطفل.
وفي سياق متصل دعا جلولي الى تأسيس مجالس عليا للطفولة في بلداننا العربية، وبعث دور نشر خاصة بمنشورات الأطفال، تشرف عليها هيئات رسمية، بما يمكن من تطوير أدب الطفل.
الجلولي، الذي كان من أبرز المشاركين في مهرجان الشارقة القرائي للطفل، الذي اختتم فعالياته أول أمس، حذر من التداعيات الخطيرة والمدمرة لوسائل التواصل الاجتماعي على الأطفال، كما تناول إشكاليات، وأجاب عن استفهامات، وقدم عديد المقترحات من خلال الحوار التالي:
موضوع تأثير وسائل التواصل الاجتماعي على الطفل هو موضوع الساعة، فكثير من المؤتمرات والندوات والنقاشات تدور حول كيفية تجنيب أطفالنا الوقوع في الجانب السلبي لهذه الوسائل، التي فرضت نفسها على أطفالنا، والحقيقة أن هذا الموضوع يحتاج إلى شيء من العقلنة والتدبر، ومساهمة كل المشتغلين بالطفولة من الناحية التربوية والنفسية والصحية والفنية، وأيضا مساهمة التقنيين والعارفين بالجانب التكنولوجي، من أجل معالجة هذا الموضوع، معالجة تقوم على العلم والمعرفة
نحن للأسف الشديد لا نملك رؤية واضحة، ولا نملك خططا استراتيجية لهذه الشريحة، التي هي عماد المستقبل، ومن ثم حتى تهتم دور النشر بالأطفال وحتى يتوجه الأدباء للأطفال، ينبغي خلق حوافز مشجعة للناشرين وللمؤلفين،
*كيف كانت مشاركتك في النسخة الجديدة من مهرجان الشارقة القرائي للطفل؟
-سبق لي أن شاركت في طبعة 2014، وأنا اليوم أشارك للمرة الثانية، وبين الطبعتين مرت عشر سنواتن شهد المهرجان خلالها تطورا ملحوظا من حيث الشكل ومن حيث المضمون، أيضا فإمارة الشارقة تشهد تطورا كبيرا، من حيث المشاريع الثقافية عموما والأدبية على وجه الخصوص، ويأتي المهرجان القرائي للطفل ليكون في مقدمة هذه المشاريع الثقافية الكبرى، فهذا المهرجان ملتقى لكبار المبدعين والنقاد والمتخصصين في مجال الطفولة، قدموا من كل القارات ليقدموا للطفل برامج ثرية ومتنوعة، تسهم في تكوينهم وإثراء معارفهم، وقد تمثلت مشاركتي في تقديم مداخلة حول مفهوم شعر الأطفال، من حيث المفهوم والقواعد والمعايير.
*أغلب الخبراء المشاركين في ندوات المهرجان دقوا نواقيس الخطر حول التأثير المدمر لوسائل التواصل الاجتماعي على الطفل، فكيف تناولت ككاتب هذه المشكلة التي تهدد أجيالنا؟
-موضوع تأثير وسائل التواصل الاجتماعي على الطفل هو موضوع الساعة، فكثير من المؤتمرات والندوات والنقاشات تدور حول كيفية تجنيب أطفالنا الوقوع في الجانب السلبي لهذه الوسائل، التي فرضت نفسها على أطفالنا، والحقيقة أن هذا الموضوع يحتاج إلى شيء من العقلنة والتدبر، ومساهمة كل المشتغلين بالطفولة من الناحية التربوية والنفسية والصحية والفنية، وأيضا مساهمة التقنيين والعارفين بالجانب التكنولوجي، من أجل معالجة هذا الموضوع، معالجة تقوم على العلم والمعرفة، وتبتعد عن الصراخ والوعظ دون تقديم حلول واقعية، تجنب أطفالنا من الوقوع في مخاطر هذه الوسائط، التي أضحت واقعا يلازمنا كل لحظة، فعلى الرغم من فوائد الأنترانت التربوية والتعليمية، وعلى قدر منافعه في تطوير قدرات ومهارات الأطفال، إلا أن له مخاطر عليهم. وهي مخاطر قد تهدد سلامتهم، وقد تعرضهم لمخاطر متعددة ومنها الادمان، مما ينعكس على صحة الأطفال، وعلى نموهم الجسدي والعقلي وتوازنهم العقلي. وتزداد هذه المخاطر في حالة غياب الوعي عند الوالدين، وعدم اتخاذ التدابير الاحترازية من طرفهم، ومن طرف المؤسسات الرسمية، وأنا شخصيا شاركت في ندوات كثيرة حول هذا الموضوع، وكنت في كل مرة أركز على الجانب التقني، ثم الجانب التربوي حتى يحدث التكامل في معالجة هذه الظاهرة، التي تؤرق الأسر والتربويون.
*كيف يمكن مواجهة هذا الخطر أو التقليل من تأثيراته، رغم صعوبة المهمة لاسيما في ظل ابهار التطور التكنولوجي الذي يزداد يوم بعد اخر؟
-مواجهة هذا الخطر لا يكون إلا بالتعاون بين المشتغلين بالطفولة، في المجال التربوي والفني والاجتماعي والنفسي والصحي وبين المختصين بالجانب التقني التكنولوجي، من خلال وضع برامج وتطبيقات للمراقبة، وأيضا وضع بدائل تمكن الأطفال من الولوج إليها، وعدم ترك فراغ في هذا المجال، فالمفوضية الأوروبية تحصي ان واحدا من كل ثلاثة مستخدمين للإنترنت هو طفل، أي نحو 33% من مستخدمي الإنترنت في العالم هم أطفال، وهم يقضون وقتا طويلا على الإنترنت، ويتصفحون وسائل التواصل الاجتماعي، ويلعبون الألعاب، ويستخدمون تطبيقات الهاتف المحمول، ويحدث هذا في كثير من الأحيان من دون إشراف الكبار، ومن هنا تأتي أهمية عقد ندوات ومؤتمرات تناقش هذا الموضوع.
*في ظل التطور الذي يشهده والحظوة التي يجدها في الشرق، ولا سيما في البلدان الخليجية الا ترى أن ادب الطفل مازال مهمشا اليوم في الدول المغاربية؟
-نحن لا نملك أرقاما ولا معلومات كافية عن الاهتمام بهذا الأدب في دول المغرب العربي، فعلى سبيل المثال هناك مؤشرات إيجابية اليوم في دول المغرب الكبير، حول الاهتمام بأدب الأطفال منها جائزة مصطفى عزوز لأدب الأطفال بتونس، والمعرض الدولي للكتاب الطفل بصفاقس ونشاطات كثير في تونس في هذا المجال، وفي الجزائر بدأ اليوم اهتمام كبير بأدب الأطفال، وسينظم في شهر جوان ولأول مرة معرض لكتاب الطفل، والحقيقة أن وزيرة الثقافة والفنون في الجزائر الدكتورة صورية مولوجي تهتم اهتماما كبيرا بالأطفال، وهي صاحبة جائزة أشبال الثقافة، ومعرض كتاب الطفل، وبرمجة فقرات مخصصة للأطفال في كل معارض الكتاب، والمتصفح للبرامج الثقافية المسطرة من طرف وزارة الثقافة على المستوى الجزائري، يلاحظ كثرة البرامج الموجهة للأطفال، وكذلك في كل دول المغرب الكبير، ونأمل أن يتطور هذا الاهتمام، للتذكير فأنا محافظ مهرجان دولي للكتاب والأدب والشعر بولاية ورقلة جنوب الجزائر، وقد خصصنا طبعات لأدب الأطفال وستكون الطبعة السادسة لهذا المهرجان الدولي مخصصة لأدب الأطفال.
*هل نلوم دور النشر على عدم اهتمامها بالجوانب التربوية بقدر بحثها عن الربحية، أم نلوم المؤلفين على تواضع انتاجاتهم في مختلف الأجناس الادبية؟
-نحن للأسف الشديد لا نملك رؤية واضحة، ولا نملك خططا استراتيجية لهذه الشريحة، التي هي عماد المستقبل، ومن ثم حتى تهتم دور النشر بالأطفال وحتى يتوجه الأدباء للأطفال، ينبغي خلق حوافز مشجعة للناشرين وللمؤلفين، وهذا ما نلاحظه في دول الخليج عموما وخاصة في امارة الشارقة، من خلال إقامة مهرجانات ومراكز بحث وأيضا جوائز في مجال أدب الأطفال.
وقد سبق أن دعوت الى تأسيس مجالس عليا للطفولة في بلداننا العربية، وأن يكون هناك تنسيق بين هذه المجالس، حتى نرسم الخطط ونضع البرامج والتطبيقات، فنحن نشترك في لغة واحدة ، وفي تاريخ واحد ومصير مشترك واهتمامنا بالطفولة هو ضمان لوحدتنا، التي تتعرض لتقلبات سياسية سيكون لها تأثير سلبي على مستقبل أطفالنا.
*كيف تقارن بين الكاتب في أدب الطفل، والكتابة في كل ما يتعلق بجوانب الطفولة، وبين الكاتب في أدب الكبار بمختلف الأجناس وتفرعاتها؟
-إذا كان المقصود بالمقارنة بين أدب الأطفال وأدب الكبار من حيث الموضوع والشكل، فلا يوجد فرق كبير بينهما، سوى أن أدب الأطفال موجه لشريحة لها مستوى معين في الفهم والتلقي، لهذا يراعي الكاتب هذا الجانب مركزا على التبسيط والتيسير ومراعاة الموضوعات، التي تنطلق من واقع الطفولة وملابساتها المختلفة، ومن اهتماماتهم ومحيطهم، أما اذا كان المقصود بالمقارنة أيهما يحظى بالاهتمام، فإن أدب الأطفال مازال يعاني التهميش من كبار المؤلفين والمهتمين بالأدب، ونقده وبالثقافة ومجالاتها المختلفة.
*سبق لك الفوز بعديد الجوائز العربية، الى أي حد يمكن القول أنك "صائد" جوائز؟
-نعم فزت في هذا المجال بجائزة عبد الحميد شومان لأدب الأطفال في دورة 2010، حول كتاب نقدي يتناول شعر الأطفال، كما فزت سنة 2015 بأفضل عشرة بحوث قدمت لمؤتمر اللغة العربية المنعقد بدبي، كما فزت بجوائز أخرى في مناسبات مختلفة، وكلها حول أدب الأطفال، الذي تخصصت فيه من خلال رسالتي للماجستير، وأيضا أطروحتي للدكتوراه بجامعة الجزائر، وما ألفته من كتب وما نشرته من بحوث، لكني أكتب دوما دون التفكير في الجوائز.
*باعتبارك باحثا في مجال الطفولة، وسبق ان أنجزت عديد الأبحاث، ماهي مقترحاتك لتطوير أدب الطفل، بما يساهم في تنمية زاده المعرفي واللغوي ؟
-أدب الأطفال أدب مهم، لأنه يعمل على تنشئة أجيال المستقبل والمحافظة عليها، فهو يعدهم للحياة في عالم الغد بمتغيراته المختلفة وتكنولوجياته المتقدمة، وأساليبه المتنوعة، ويؤثر بطريقة مباشرة في عقل الأطفال ووجدانهم، كما يساهم في تعليم الطفل المواد الدراسية والتفاعل معها، فهو يساهم في نمو الجانب المعرفي لديه، كما يعمل هذا الأدب على بناء وتطوير الجانب العاطفي والأخلاقي للطفل.
ولتطوير هذا الأدب يجب القيام بخطوات مهمة نذكر منها:
1- تدريس هذا الأدب في كل مجالات العلوم الإنسانية في الأدب وعلم النفس وعلوم التربية وعلم الاجتماع.
2- إنشاء مراكز بحث متخصصة في دراسة هذا الأدب.
3- أنشاء مجلس أعلى للطفولة، تكون مهمته التخطيط لبرامج الأطفال المختلفة، ودراسة كل المشكلات، التي تعترض حياة الطفل، ودراسة المخاطر التي تهدده في جسمه وفكره وثقافته.
4- تأسيس دور نشر خاصة بمنشورات الأطفال المختلفة والمتنوعة تشرف عليها هيئات رسمية، ليست لها أهداف ربحية.
5- عقد مؤتمرات وندوات متخصصة تناقش كل قضايا الطفولة، خصوصا ما ينشر لهم من أدب وثقافة.
6- تشجيع الأدباء على التوجه للأطفال كشريحة مهمة لها مكانتها في المستقبل، وذلك من خلال نشر أعمالهم وإقامة مسابقات، ورصد جوائز لأحسن الاعمال المكرسة للأطفال.
7- تشجيع النقاد على مقاربة نصوص الأطفال، بما يتيح تأسيس نقد لهذا الادب، له نظرياته ومنطلقاته وقواعده ومعاييره.
الشارقة..من مبعوث "دار الصباح" محمد صالح الربعاوي
أكد الكاتب الجزائري العيد جلولي، عميد كلية الآداب واللغات سابقا، وأستاذ الأدب العربي، وأدب الأطفال وقسم اللغة العربية وآدابها بجامعة قاصدي مرباح ورقلة، ان البلدان المغاربية لا تملك رؤية واضحة، ولا خططا استراتيجية للنهوض بأدب الطفل.
وفي سياق متصل دعا جلولي الى تأسيس مجالس عليا للطفولة في بلداننا العربية، وبعث دور نشر خاصة بمنشورات الأطفال، تشرف عليها هيئات رسمية، بما يمكن من تطوير أدب الطفل.
الجلولي، الذي كان من أبرز المشاركين في مهرجان الشارقة القرائي للطفل، الذي اختتم فعالياته أول أمس، حذر من التداعيات الخطيرة والمدمرة لوسائل التواصل الاجتماعي على الأطفال، كما تناول إشكاليات، وأجاب عن استفهامات، وقدم عديد المقترحات من خلال الحوار التالي:
موضوع تأثير وسائل التواصل الاجتماعي على الطفل هو موضوع الساعة، فكثير من المؤتمرات والندوات والنقاشات تدور حول كيفية تجنيب أطفالنا الوقوع في الجانب السلبي لهذه الوسائل، التي فرضت نفسها على أطفالنا، والحقيقة أن هذا الموضوع يحتاج إلى شيء من العقلنة والتدبر، ومساهمة كل المشتغلين بالطفولة من الناحية التربوية والنفسية والصحية والفنية، وأيضا مساهمة التقنيين والعارفين بالجانب التكنولوجي، من أجل معالجة هذا الموضوع، معالجة تقوم على العلم والمعرفة
نحن للأسف الشديد لا نملك رؤية واضحة، ولا نملك خططا استراتيجية لهذه الشريحة، التي هي عماد المستقبل، ومن ثم حتى تهتم دور النشر بالأطفال وحتى يتوجه الأدباء للأطفال، ينبغي خلق حوافز مشجعة للناشرين وللمؤلفين،
*كيف كانت مشاركتك في النسخة الجديدة من مهرجان الشارقة القرائي للطفل؟
-سبق لي أن شاركت في طبعة 2014، وأنا اليوم أشارك للمرة الثانية، وبين الطبعتين مرت عشر سنواتن شهد المهرجان خلالها تطورا ملحوظا من حيث الشكل ومن حيث المضمون، أيضا فإمارة الشارقة تشهد تطورا كبيرا، من حيث المشاريع الثقافية عموما والأدبية على وجه الخصوص، ويأتي المهرجان القرائي للطفل ليكون في مقدمة هذه المشاريع الثقافية الكبرى، فهذا المهرجان ملتقى لكبار المبدعين والنقاد والمتخصصين في مجال الطفولة، قدموا من كل القارات ليقدموا للطفل برامج ثرية ومتنوعة، تسهم في تكوينهم وإثراء معارفهم، وقد تمثلت مشاركتي في تقديم مداخلة حول مفهوم شعر الأطفال، من حيث المفهوم والقواعد والمعايير.
*أغلب الخبراء المشاركين في ندوات المهرجان دقوا نواقيس الخطر حول التأثير المدمر لوسائل التواصل الاجتماعي على الطفل، فكيف تناولت ككاتب هذه المشكلة التي تهدد أجيالنا؟
-موضوع تأثير وسائل التواصل الاجتماعي على الطفل هو موضوع الساعة، فكثير من المؤتمرات والندوات والنقاشات تدور حول كيفية تجنيب أطفالنا الوقوع في الجانب السلبي لهذه الوسائل، التي فرضت نفسها على أطفالنا، والحقيقة أن هذا الموضوع يحتاج إلى شيء من العقلنة والتدبر، ومساهمة كل المشتغلين بالطفولة من الناحية التربوية والنفسية والصحية والفنية، وأيضا مساهمة التقنيين والعارفين بالجانب التكنولوجي، من أجل معالجة هذا الموضوع، معالجة تقوم على العلم والمعرفة، وتبتعد عن الصراخ والوعظ دون تقديم حلول واقعية، تجنب أطفالنا من الوقوع في مخاطر هذه الوسائط، التي أضحت واقعا يلازمنا كل لحظة، فعلى الرغم من فوائد الأنترانت التربوية والتعليمية، وعلى قدر منافعه في تطوير قدرات ومهارات الأطفال، إلا أن له مخاطر عليهم. وهي مخاطر قد تهدد سلامتهم، وقد تعرضهم لمخاطر متعددة ومنها الادمان، مما ينعكس على صحة الأطفال، وعلى نموهم الجسدي والعقلي وتوازنهم العقلي. وتزداد هذه المخاطر في حالة غياب الوعي عند الوالدين، وعدم اتخاذ التدابير الاحترازية من طرفهم، ومن طرف المؤسسات الرسمية، وأنا شخصيا شاركت في ندوات كثيرة حول هذا الموضوع، وكنت في كل مرة أركز على الجانب التقني، ثم الجانب التربوي حتى يحدث التكامل في معالجة هذه الظاهرة، التي تؤرق الأسر والتربويون.
*كيف يمكن مواجهة هذا الخطر أو التقليل من تأثيراته، رغم صعوبة المهمة لاسيما في ظل ابهار التطور التكنولوجي الذي يزداد يوم بعد اخر؟
-مواجهة هذا الخطر لا يكون إلا بالتعاون بين المشتغلين بالطفولة، في المجال التربوي والفني والاجتماعي والنفسي والصحي وبين المختصين بالجانب التقني التكنولوجي، من خلال وضع برامج وتطبيقات للمراقبة، وأيضا وضع بدائل تمكن الأطفال من الولوج إليها، وعدم ترك فراغ في هذا المجال، فالمفوضية الأوروبية تحصي ان واحدا من كل ثلاثة مستخدمين للإنترنت هو طفل، أي نحو 33% من مستخدمي الإنترنت في العالم هم أطفال، وهم يقضون وقتا طويلا على الإنترنت، ويتصفحون وسائل التواصل الاجتماعي، ويلعبون الألعاب، ويستخدمون تطبيقات الهاتف المحمول، ويحدث هذا في كثير من الأحيان من دون إشراف الكبار، ومن هنا تأتي أهمية عقد ندوات ومؤتمرات تناقش هذا الموضوع.
*في ظل التطور الذي يشهده والحظوة التي يجدها في الشرق، ولا سيما في البلدان الخليجية الا ترى أن ادب الطفل مازال مهمشا اليوم في الدول المغاربية؟
-نحن لا نملك أرقاما ولا معلومات كافية عن الاهتمام بهذا الأدب في دول المغرب العربي، فعلى سبيل المثال هناك مؤشرات إيجابية اليوم في دول المغرب الكبير، حول الاهتمام بأدب الأطفال منها جائزة مصطفى عزوز لأدب الأطفال بتونس، والمعرض الدولي للكتاب الطفل بصفاقس ونشاطات كثير في تونس في هذا المجال، وفي الجزائر بدأ اليوم اهتمام كبير بأدب الأطفال، وسينظم في شهر جوان ولأول مرة معرض لكتاب الطفل، والحقيقة أن وزيرة الثقافة والفنون في الجزائر الدكتورة صورية مولوجي تهتم اهتماما كبيرا بالأطفال، وهي صاحبة جائزة أشبال الثقافة، ومعرض كتاب الطفل، وبرمجة فقرات مخصصة للأطفال في كل معارض الكتاب، والمتصفح للبرامج الثقافية المسطرة من طرف وزارة الثقافة على المستوى الجزائري، يلاحظ كثرة البرامج الموجهة للأطفال، وكذلك في كل دول المغرب الكبير، ونأمل أن يتطور هذا الاهتمام، للتذكير فأنا محافظ مهرجان دولي للكتاب والأدب والشعر بولاية ورقلة جنوب الجزائر، وقد خصصنا طبعات لأدب الأطفال وستكون الطبعة السادسة لهذا المهرجان الدولي مخصصة لأدب الأطفال.
*هل نلوم دور النشر على عدم اهتمامها بالجوانب التربوية بقدر بحثها عن الربحية، أم نلوم المؤلفين على تواضع انتاجاتهم في مختلف الأجناس الادبية؟
-نحن للأسف الشديد لا نملك رؤية واضحة، ولا نملك خططا استراتيجية لهذه الشريحة، التي هي عماد المستقبل، ومن ثم حتى تهتم دور النشر بالأطفال وحتى يتوجه الأدباء للأطفال، ينبغي خلق حوافز مشجعة للناشرين وللمؤلفين، وهذا ما نلاحظه في دول الخليج عموما وخاصة في امارة الشارقة، من خلال إقامة مهرجانات ومراكز بحث وأيضا جوائز في مجال أدب الأطفال.
وقد سبق أن دعوت الى تأسيس مجالس عليا للطفولة في بلداننا العربية، وأن يكون هناك تنسيق بين هذه المجالس، حتى نرسم الخطط ونضع البرامج والتطبيقات، فنحن نشترك في لغة واحدة ، وفي تاريخ واحد ومصير مشترك واهتمامنا بالطفولة هو ضمان لوحدتنا، التي تتعرض لتقلبات سياسية سيكون لها تأثير سلبي على مستقبل أطفالنا.
*كيف تقارن بين الكاتب في أدب الطفل، والكتابة في كل ما يتعلق بجوانب الطفولة، وبين الكاتب في أدب الكبار بمختلف الأجناس وتفرعاتها؟
-إذا كان المقصود بالمقارنة بين أدب الأطفال وأدب الكبار من حيث الموضوع والشكل، فلا يوجد فرق كبير بينهما، سوى أن أدب الأطفال موجه لشريحة لها مستوى معين في الفهم والتلقي، لهذا يراعي الكاتب هذا الجانب مركزا على التبسيط والتيسير ومراعاة الموضوعات، التي تنطلق من واقع الطفولة وملابساتها المختلفة، ومن اهتماماتهم ومحيطهم، أما اذا كان المقصود بالمقارنة أيهما يحظى بالاهتمام، فإن أدب الأطفال مازال يعاني التهميش من كبار المؤلفين والمهتمين بالأدب، ونقده وبالثقافة ومجالاتها المختلفة.
*سبق لك الفوز بعديد الجوائز العربية، الى أي حد يمكن القول أنك "صائد" جوائز؟
-نعم فزت في هذا المجال بجائزة عبد الحميد شومان لأدب الأطفال في دورة 2010، حول كتاب نقدي يتناول شعر الأطفال، كما فزت سنة 2015 بأفضل عشرة بحوث قدمت لمؤتمر اللغة العربية المنعقد بدبي، كما فزت بجوائز أخرى في مناسبات مختلفة، وكلها حول أدب الأطفال، الذي تخصصت فيه من خلال رسالتي للماجستير، وأيضا أطروحتي للدكتوراه بجامعة الجزائر، وما ألفته من كتب وما نشرته من بحوث، لكني أكتب دوما دون التفكير في الجوائز.
*باعتبارك باحثا في مجال الطفولة، وسبق ان أنجزت عديد الأبحاث، ماهي مقترحاتك لتطوير أدب الطفل، بما يساهم في تنمية زاده المعرفي واللغوي ؟
-أدب الأطفال أدب مهم، لأنه يعمل على تنشئة أجيال المستقبل والمحافظة عليها، فهو يعدهم للحياة في عالم الغد بمتغيراته المختلفة وتكنولوجياته المتقدمة، وأساليبه المتنوعة، ويؤثر بطريقة مباشرة في عقل الأطفال ووجدانهم، كما يساهم في تعليم الطفل المواد الدراسية والتفاعل معها، فهو يساهم في نمو الجانب المعرفي لديه، كما يعمل هذا الأدب على بناء وتطوير الجانب العاطفي والأخلاقي للطفل.
ولتطوير هذا الأدب يجب القيام بخطوات مهمة نذكر منها:
1- تدريس هذا الأدب في كل مجالات العلوم الإنسانية في الأدب وعلم النفس وعلوم التربية وعلم الاجتماع.
2- إنشاء مراكز بحث متخصصة في دراسة هذا الأدب.
3- أنشاء مجلس أعلى للطفولة، تكون مهمته التخطيط لبرامج الأطفال المختلفة، ودراسة كل المشكلات، التي تعترض حياة الطفل، ودراسة المخاطر التي تهدده في جسمه وفكره وثقافته.
4- تأسيس دور نشر خاصة بمنشورات الأطفال المختلفة والمتنوعة تشرف عليها هيئات رسمية، ليست لها أهداف ربحية.
5- عقد مؤتمرات وندوات متخصصة تناقش كل قضايا الطفولة، خصوصا ما ينشر لهم من أدب وثقافة.
6- تشجيع الأدباء على التوجه للأطفال كشريحة مهمة لها مكانتها في المستقبل، وذلك من خلال نشر أعمالهم وإقامة مسابقات، ورصد جوائز لأحسن الاعمال المكرسة للأطفال.
7- تشجيع النقاد على مقاربة نصوص الأطفال، بما يتيح تأسيس نقد لهذا الادب، له نظرياته ومنطلقاته وقواعده ومعاييره.