إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

حكاياتهم .. بنوك ..!.

 

يرويها: أبوبكر الصغير

المال لا يجلب لنا سعادة لكن يسمح لنا أن نعيش تعاستنا برفاهية.

نحن لا نهتم بأموالنا إلا حين توشك على النفاد، ونفعل الأمر نفسه مع أوقاتنا.

غالبا ما نكون نحن عملاء البنوك مخطئين. لأننا لا نعرف حقيقة أو ما هو البنك، ولا ماذا يعني كسب أو امتلاك حساب جار في بنك اليوم.

لا تظهر كشوفات حساباتنا ثروتنا أو ممتلكاتنا المادية (نقدا)، بل في واقع الأمر الوعود التي نستفيد منها. كمقرضين أو دائنين لبنوكنا.

هذه ليست محافظنا المالية، ولكن البنوك الاحتياطية الجزئية.

لا يمكن أن توجد بنوك إلاّ بنا نحن.

من بين البنوك الـ22 التي أعلنت بياناتها المالية بعد، سجل 19 منها صافي نتائج إيجابية جدا بعضها قياسية، في حين سجلت 3 بنوك فقط نتائج صافية سلبية، مما يسلط الضوء على التباين في الأداء القطاعي.

المهم في المحصلة، البنوك هي المؤسسات الوحيدة في بلادنا في زمن الرخاء أو زمن الأزمة والكساد وحتى في أعوام الوباء التي تحقّق الأرباح الخيالية.

كان هناك تقرير خطير جدا أشار إليه مجلس المنافسة، في أعقاب جلسة المداولة والتصريح بالحكم في قضية الوفاق بين البنوك التونسية حول توظيف فوائض إضافية على أقساط القروض المؤجلة في فترة "كوفيد -19" المنعقدة يوم 17 أفريل 2024، وتمت إعادة طرح القضية للمرافعة بتاريخ 8 ماي 2024 من أجل تلقي جواب البنك المركزي.

وفق بلاغ لمرصد رقابة "كان مجلس المنافسة قد تعهد بالممارسات المذكورة في إطار قضية استعجالية رسمت تحت عدد 213091 وقضية في الأصل تحت عدد 211588، بعد تلقيه لإعلام من طرف مرصد رقابة في 22 جانفي 2021 حول "تشكيل وفاق مخالف للقانون بين البنوك التونسية العمومية والخاصة ترتب عنه توظيف فوائض إضافية مجحفة على أقساط القروض (لحرفاء ومواطنين عاديين) التي تم تأجيل سدادها بمقتضى إجراءات حكومية جرّاء وباء كوفيد -19" .

تعود أطوار القضية إلى شهر مارس 2020 عندما أصدر البنك المركزي المناشير عدد 6 و7 و8 لسنة 2020 القاضية بتأجيل خلاص أقساط القروض التي حل أجلها أصلا وفائدة لبعض الأشهر حسب الوضعيات، وذلك في إطار مواجهة تداعيات فيروس كوفيد -19 وللحد من الآثار الاقتصادية والاجتماعية اللازمة .

أكدت تلك المناشير على أن عمليات التأجيل لا تعتبر إعادة هيكلة للقروض ولا تؤخذ بعين الاعتبار في احتساب أقدمية المتخلدات.

كان البنك المركزي قد أصدر بلاغا بتاريخ 14 أفريل 2020 أكد بمقتضاه على أن عملية التأجيل لا يمكن في أي حال من الأحوال أن يترتب عنها الترفيع في الأعباء الشهرية والسداد أو إلى كلفة إضافية للحريف المواطن .

جاء المرسوم عدد 19 لسنة 2020 بتاريخ 15 ماي 2020 ليوكل الى البنك المركزي التونسي إصدار منشور يتم بمقتضاه ضبط آجال وإجراءات تأجيل أقساط القروض، مع التأكيد على أن عملية التأجيل لا يترتب عنها مراجعة عقود القرض والتمويل وغيرها من الوثائق والسندات. وهو ما رفض البنك المركزي القيام به.

ما نجم عنه فراغ ترتيبي استغلته البنوك بشكل انتهازي مفضوح لتوظيف أعباء ومبالغ إضافية ضخمة على حرفائها.

مرصد رقابة قام آنذاك بمراسلة البنك المركزي ومختلف البنوك العمومية والخاصة وحصل على ردود أكدت حصول توافق فعلا بين مختلف البنوك بتنسيق من الجمعية المهنية للبنوك والمؤسسات المالية على توظيف فوائض إضافية بعنوان تكلفة عملية تأجيل سداد أقساط القروض عبر احتساب الفوائض الممتدة من تاريخ التأجيل إلى تاريخ الخلاص الجديد الذي وقع اعتماده.

وهو سلوك غير قانوني في تقدير موقف عديد الخبراء والمختصين مخالف لقواعد المنافسة والإطار التشريعي المنظم لها.

بلغة أخرى، البنوك بتوافق في ما بينها، استغلّت ظرف انتشار الوباء كوفيد -19 وتبعاته الاقتصادية والمالية على المواطنين لتجني أرباحا إضافية .

هذا أمر لم يحصل في أيّ بلد آخر، بما يخلّف انطباعا مسيئا لصورة هذه المؤسسات التي تستفيد من خدمات حرفائها ولا تتردّد في مزيد استغلالهم وهم مهدّدون في حياتهم .

إنّه ملف يحتاج الى اهتمام ومتابعة، خاصة وأن الجميع يعلم حجم معاناة ملايين العمال والموظفين التونسيين في ظلّ هذه الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية التي تعيشها بلادنا .

 

 

 

حكاياتهم  .. بنوك ..!.

 

يرويها: أبوبكر الصغير

المال لا يجلب لنا سعادة لكن يسمح لنا أن نعيش تعاستنا برفاهية.

نحن لا نهتم بأموالنا إلا حين توشك على النفاد، ونفعل الأمر نفسه مع أوقاتنا.

غالبا ما نكون نحن عملاء البنوك مخطئين. لأننا لا نعرف حقيقة أو ما هو البنك، ولا ماذا يعني كسب أو امتلاك حساب جار في بنك اليوم.

لا تظهر كشوفات حساباتنا ثروتنا أو ممتلكاتنا المادية (نقدا)، بل في واقع الأمر الوعود التي نستفيد منها. كمقرضين أو دائنين لبنوكنا.

هذه ليست محافظنا المالية، ولكن البنوك الاحتياطية الجزئية.

لا يمكن أن توجد بنوك إلاّ بنا نحن.

من بين البنوك الـ22 التي أعلنت بياناتها المالية بعد، سجل 19 منها صافي نتائج إيجابية جدا بعضها قياسية، في حين سجلت 3 بنوك فقط نتائج صافية سلبية، مما يسلط الضوء على التباين في الأداء القطاعي.

المهم في المحصلة، البنوك هي المؤسسات الوحيدة في بلادنا في زمن الرخاء أو زمن الأزمة والكساد وحتى في أعوام الوباء التي تحقّق الأرباح الخيالية.

كان هناك تقرير خطير جدا أشار إليه مجلس المنافسة، في أعقاب جلسة المداولة والتصريح بالحكم في قضية الوفاق بين البنوك التونسية حول توظيف فوائض إضافية على أقساط القروض المؤجلة في فترة "كوفيد -19" المنعقدة يوم 17 أفريل 2024، وتمت إعادة طرح القضية للمرافعة بتاريخ 8 ماي 2024 من أجل تلقي جواب البنك المركزي.

وفق بلاغ لمرصد رقابة "كان مجلس المنافسة قد تعهد بالممارسات المذكورة في إطار قضية استعجالية رسمت تحت عدد 213091 وقضية في الأصل تحت عدد 211588، بعد تلقيه لإعلام من طرف مرصد رقابة في 22 جانفي 2021 حول "تشكيل وفاق مخالف للقانون بين البنوك التونسية العمومية والخاصة ترتب عنه توظيف فوائض إضافية مجحفة على أقساط القروض (لحرفاء ومواطنين عاديين) التي تم تأجيل سدادها بمقتضى إجراءات حكومية جرّاء وباء كوفيد -19" .

تعود أطوار القضية إلى شهر مارس 2020 عندما أصدر البنك المركزي المناشير عدد 6 و7 و8 لسنة 2020 القاضية بتأجيل خلاص أقساط القروض التي حل أجلها أصلا وفائدة لبعض الأشهر حسب الوضعيات، وذلك في إطار مواجهة تداعيات فيروس كوفيد -19 وللحد من الآثار الاقتصادية والاجتماعية اللازمة .

أكدت تلك المناشير على أن عمليات التأجيل لا تعتبر إعادة هيكلة للقروض ولا تؤخذ بعين الاعتبار في احتساب أقدمية المتخلدات.

كان البنك المركزي قد أصدر بلاغا بتاريخ 14 أفريل 2020 أكد بمقتضاه على أن عملية التأجيل لا يمكن في أي حال من الأحوال أن يترتب عنها الترفيع في الأعباء الشهرية والسداد أو إلى كلفة إضافية للحريف المواطن .

جاء المرسوم عدد 19 لسنة 2020 بتاريخ 15 ماي 2020 ليوكل الى البنك المركزي التونسي إصدار منشور يتم بمقتضاه ضبط آجال وإجراءات تأجيل أقساط القروض، مع التأكيد على أن عملية التأجيل لا يترتب عنها مراجعة عقود القرض والتمويل وغيرها من الوثائق والسندات. وهو ما رفض البنك المركزي القيام به.

ما نجم عنه فراغ ترتيبي استغلته البنوك بشكل انتهازي مفضوح لتوظيف أعباء ومبالغ إضافية ضخمة على حرفائها.

مرصد رقابة قام آنذاك بمراسلة البنك المركزي ومختلف البنوك العمومية والخاصة وحصل على ردود أكدت حصول توافق فعلا بين مختلف البنوك بتنسيق من الجمعية المهنية للبنوك والمؤسسات المالية على توظيف فوائض إضافية بعنوان تكلفة عملية تأجيل سداد أقساط القروض عبر احتساب الفوائض الممتدة من تاريخ التأجيل إلى تاريخ الخلاص الجديد الذي وقع اعتماده.

وهو سلوك غير قانوني في تقدير موقف عديد الخبراء والمختصين مخالف لقواعد المنافسة والإطار التشريعي المنظم لها.

بلغة أخرى، البنوك بتوافق في ما بينها، استغلّت ظرف انتشار الوباء كوفيد -19 وتبعاته الاقتصادية والمالية على المواطنين لتجني أرباحا إضافية .

هذا أمر لم يحصل في أيّ بلد آخر، بما يخلّف انطباعا مسيئا لصورة هذه المؤسسات التي تستفيد من خدمات حرفائها ولا تتردّد في مزيد استغلالهم وهم مهدّدون في حياتهم .

إنّه ملف يحتاج الى اهتمام ومتابعة، خاصة وأن الجميع يعلم حجم معاناة ملايين العمال والموظفين التونسيين في ظلّ هذه الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية التي تعيشها بلادنا .