مختص في علم الاجتماع : خناء سري تسبغ عليه صفة الحلال..أم تعذب أطفالها وأخرى تعرضهم للبيع
تونس-الصباح
زواج على خلاف الصيغ القانونية وعلاقات تولد وتنتهي داخل الغرف المغلقة..أطفال يولدون بلا هوية ويتركون لمواجهة مصير مجهول لم تكن لهم يد فيه..هم عرضة أكثر من غيرهم للانتهاكات والتجاوزات..منبوذون حتى من أقرب الناس إليهم فالأم تعتبرهم عبئا ثقيلا يجب استغلاله أو التخلص منه وأمام المجتمع فهم "وصمة عار" بالنسبة له.
ذاك هو حال أطفال يولدون سنويا نتيجة زواج على خلاف الصيغ القانونية .. ثمرات محرمة تتعرض إلى أبشع أنواع الاستغلال والتنكيل..فمن يحمي هؤلاء؟
مفيدة القيزاني
حادثة صادمة كشفت وضعية مأساوية يعيشها طفلان الأول من مواليد سنة 2018 (6 سنوات) والثاني من مواليد 2020 (4 سنوات) يتعرضان إلى العنف والتنكيل من قبل والدتهما وكان الكشف عن أمرهما بناء على تقدم امرأة إلى مقر مركز الأمن الوطني بـ"هيبون"(ولاية المهدية) للإعلام عن تعمد جارتها بالسكنى الاعتداء بالعنف الشديد على ابنيها القاصرين فتم في الحين التنسيق مع النيابة العمومية والتحول على عين المكان أين تم ضبط الأم رفقة نفر آخر واقتيادهما إلى مقر الفرقة المختصة بالبحث في جرائم العنف ضد المرأة والطفل.
وبسماع المظنون فيها أفادت أن أم الطفلين اللذين أنجبتهما خارج إطار الزواج من أبوين مختلفين تجهل هويتهما وبمجابهتها بآثار العنف الظاهرة على الطفلين اعترفت بقيامها بتعنيفهما في عديد المرات وعضهما ولكمهما منذ قرابة الثلاثة أشهر دون تلقيهما أية إسعافات مؤكدة أنها لا تشكو من أي مرض نفسي أو عصبي، بسماع مرافقها اعترف أنه تربطه علاقة غرامية بالمعنية منذ الشهر تقريبا ويعاشرها معاشرة الأزواج ويتردد عليها يوميا في أوقات مختلفة.
وبمراجعة النيابة العمومية أذنت بالاحتفاظ بهما من أجل "إعداد محل لتعاطي البغاء والزواج على خلاف الصيغ القانونية والاعتداء بالعنف المادي على أطفال".
وقد تم عرض الطفلين على قسم الطب الاستعجالي بأحد المستشفيات العمومية بالمهدية أين تبين أن أحد الطفلين يحمل كسر بالحوض وكسر في ساقه وأضلعه، كما تبين أن شقيقه يعاني من نزيف في الكبد وفي الطحال ويحمل كسرا في ساقه وأضلعه، فتم إيواؤهما بقسم الإنعاش الطبي لذات المستشفى للخضوع للإسعافات اللازمة.
ووقع إعلام مندوب حماية الطفولة بالمهدية بوضعية الطفلين وسيقع البت في شأنهما من طرف قاضي الأسرة بالمهدية.
وفي حادثة مشابهة جدت في وقت سابق تم إيقاف امرأة من أحد أرياف ولاية المهدية تقوم بإنجاب الأطفال من علاقات زواج على خلاف الصيغ القانونية وبيعهم، وبمزيد تعمق الأبحاث تبين أن المرأة قامت بإنجاب 5 أطفال وفرطت فيهم بالبيع، كما أنها كانت حاملا بطفل عندما ألقي عليها القبض.
وأثبتت التحقيقات أن من بينهم 3 أطفال سلّمتهم إلى إحدى العائلات عبر وسائل قانونية وعن طريق مندوبية حماية الطفولة، بالإضافة إلى طفل يبلغ من العمر 8 سنوات صادر في شأنه حكم عن طريق قاضي الطفولة بالبقاء عند العائلة التى تحتضنه، وطفل خامس يبلغ من العمر سنة ونصف قامت بولادته في مصحة خاصة باسم العائلة التى يقيم معها حاليا.
وفي الأبحاث أكدت "أم" الأطفال أنها سلمت في أطفالها بمبالغ مالية متفاوتة من 5 إلى 8 ألاف دينار مع الانتفاع بجراية شهرية قارة بقيمة 500 دينار.
ولادات بالآلاف..
كشفت دراسة أجرتها جمعية الأم والطفل أن حوالي 2000 طفل يولدون سنويا خارج إطار الزواج بعد سنة 2011 أي بمعدل 166 طفلا شهريا و5 أطفال يوميا أي أن هناك 2000 أم عزباء تضع مولودا كل سنة أي ما يناهز 15000 أم عزباء أنجبت خارج إطار الزواج منذ الثورة إلى حدود سنة 2018 وهو رقم يبدو مفزعا على الرغم من أنه لا توجد إحصائيات رسمية تؤكد صحة هذا الرقم.
ومن جهة أخرى شهد عدد الإشعارات المتعلقة بالطفولة المهددة استقرارا خلال الخمس سنوات الأخيرة باستثناء الانخفاض الملحوظ خلال سنة 2020، وذلك جراء تداعيات جائحة كورونا على السير العادي للحياة الاجتماعية.
وقد كان عدد الإشعارات ضعيفا سنة 2016، وقد شهد تطورا هاما خلال سنة 2017 بنسبة 60 %، ثم شهد استقرارا في حدود ما يفوق 17000 إشعارا سنويا باستثناء سنة 2020 باعتبار الجائحة.
وتمثل العائلة المصدر الرئيسي للإشعار بنسبة 58 % سنة 2020، و60 % سنة 2021، وتأتي السلطة الأمنية في المرتبة الثانية للإشعار بنسبة تراوحت بين 9 % و10 %، ثم المؤسسة الصحية حوالي 8.5 %، فالمؤسسة التربوية قرابة 7 %.
وأكدت المؤشرات والأرقام التي كشفها التقرير الإحصائي لمندوبي حماية الطفولة لسنة 2022 أنّ العائلة هي المصدر الأول للإشعارات حول حالات التهديد المسلطة على الطفل بنسبة 58 بالمائة، وانّ أغلب التهديدات التي يتعرض لها الطفل ويتم الإشعار حولها تقع في الوسط الأسري بنسبة 60 بالمائة من مجموع الإشعارات.
و بلغت نسبة الإشعارات المتعلّقة بعجز الأبوين وتقصيرهما في الرعاية والتربية 50,9% سنة 2021، فيما قُدّرت نسبة اعتياد سوء معاملة الطفل بـــ 22.3% سنة 2021.
وبلغت الإشعارات المتعلقة بالعنف المعنوي سنة 2021 نسبة 42 بالمائة والعنف الجسدي 41 بالمائة والعنف الجنسي 17 بالمائة، وعلى مستوى الجنس فقد كشف التقرير أن الذكور هم أكثر عرضة من الإناث للعنف الجسدي بنسبة 47 بالمائة سنتي 2020 و2021، فيما تتعرض الإناث أكثر من الذكور إلى العنف الجنسي بنسبة 24% خلال نفس الفترة، أمّا العنف المعنوي فقد سجل نسبا متقاربة بين الجنسين بمعدّل 42 بالمائة.
1718 قضية زواج على خلاف الصيغ القانونية..
وفق إحصائية حصرية كانت تحصلت عليها "الصباح" من مصادر رسمية تشير إلى أن القضاء بت في 287 ملف زواج عرفي في 2020 والسنة التي قبلها في 369 ملفا مسجلا بذلك انخفاضا في عدد القضايا
وكان بت في 386 ملفا خلال السنة القضائية 2017-2018 وفي 351 قضية خلال السنة القضائية 2016-2017 وفي 325 ملفا خلال السنة القضائية 2015-2016.
أرقام ترتفع وتنخفض من سنة إلى أخرى ولكن يبقى الزواج على خلاف الصيغ القانونية واقعا لا يمكن إنكاره.
التجريم القانوني..
الزواج على خلاف الصيغ القانونية أو ما يعبر عنه لدى العامة بالزواج العرفي يعتبر في القانون الجزائي جريمة يعاقب عليها طبق قانون غرة أوت 1957 المتعلق بتنظيم الحالة المدنية ويختلف عن الفصل 18 من مجلة الأحوال الشخصية الذي يمنع تعدد الزوجات بمعنى انه يفترض زواجا أولا ثم يقع إبرام زواج ثان دون فك عصمة الزواج الأول.
وتقول الفقرة الأولى من هذا الفصل إن تعدد الزوجات ممنوع وهو في الحقيقة تشريع متقدم عن بعض التشريعات الأخرى في الدول العربية وأغلب دول المشرق ما زالت إلى حد الآن تطبق النص القرآني بقراءتهم الخاصة.
الفقرة الثانية من هذا القانون تنص على أنه كل من تزوج وهو في حالة الزوجية قبل فك عصمة الزواج السابق يعاقب بالسجن لمدة عام وبخطية أو بإحدى العقوبتين ولو أن الزواج الجديد لم يبرم طبق القانون بمعنى ذلك انه فرضا انه تزوج مرة أخرى دون تحرير عقد زواج من قبل عدل إشهاد او ضابط حالة مدنية ومهما كانت الصيغة المستعملة في الزواج فإن الجريمة تعتبر قائمة.
أما بالفقرة الثالثة وهي التي نظمت الزواج على خلاف الصيغ القانونية ذلك انه كل من كان متزوجا على خلاف الصيغ الواردة بالقانون عدد 3 لسنة 1957 المؤرخ في 1 أوت 1957 والمتعلق بتنظيم الحالة المدنية ويبرم عقد زواج ثان ويستمر على معاشرة زوجته الأولى فانه يعاقب نفس العقوبات كالطرف السابق إضافة إلى أنه يعاقب بنفس العقوبات الزوج الذي يتعمد (وهنا يجب توفر الركن المعنوي) إبرام عقد زواج مع شخص مستهدف بالعقوبات السالفة ذكرها.
و ما عرف عن الزواج العرفي لدى العامة فان الفصل 36 من قانون غرة أوت 1957 يعاقب بالسجن 3 أشهر كل من أبرم مثل هذا الزواج وإذا استمرت العلاقة الزوجية رغم إبطال الزواج فان العقوبة السجنية تتضاعف وما تجدر الإشارة إليه أن إثبات الجريمة حقيقة يعتبر أمر صعب خاصة إذا تكتم الطرفان على زواجهما.
وذلك بالانتقال إلى مكان غير معلوم لدى العامة وأصبحوا يعيشون عيشة الأزواج كأن يكون الزوج له زوجة ثانية في منطقة أخرى ولا يبلغ للسلط العلم بارتكاب هذه الجرائم والأمر المؤسف هو نتائج الزواج العرفي خاصة إذا تم إنجاب أطفال يطرح إشكالية كبرى حول ترسيم هؤلاء الأبناء والحقوق التي يتمتعون بها وهو أمر رغم تنظيم المشرع لحقوق الابن الطبيعي أو الابن خارج إطار الزواج الذي لا ذنب له بقانون 98 أصبح مفهوم الزواج الباطل متوسعا ضمن هذا القانون الذي يخول إثبات البنوة الطبيعية وإفرادها بأحكام خاصة.
الأبناء الضحايا..
يرى الباحث في علم الاجتماع طارق بالحاج محمد أن الزواج العرفي هو آلية من آليات تقنين وتشريع العلاقات الجنسية الحرة (أي خارج إطار الزواج) ورغم أن إقامة علاقات خارج إطار الزواج ممكنة ومتاحة نظراً لتوفر عامل الاختلاط في جميع الفضاءات الاجتماعية فان للجانب النفسي والثقافي أهمية في تفسير هذا السلوك لدى التونسي، فمن الناحية العملية تعتبر العلاقات الجنسية الحرة أمراً متاحاً لمن يريد لكن هذا لا يمثل سبباً كافياً ومقنعاً لتلبية احتياجاتنا البيولوجية نظراً لأن موروثنا الثقافي وتركيبتنا النفسية والقيم التي نتبناها تقف حائلاً دون قبولنا لهذه الصيغ المباشرة المتحررة من كل ضابط اجتماعي وأخلاقي.
وعند وقوعنا في هذا»المأزق» فإننا نحاول البحث عن صيغة توفيقية أو «تلفيقية» نقنع بها علاقاتنا خارج إطار الزواج وفي هذه الحالة يعتبر الزواج العرفي الوصفة التي تلبي حاجاتنا الجنسية دون الشعور بالذنب أو تأنيب الضمير فقد نبدو للوهلة الأولى بأننا عصريون من خلال لباسنا وطريقة عيشنا واستهلاكنا لكن الحقيقة أن القيم التي تقودنا وتحركنا وتحكم تصرفاتنا (في غفلة منا) هي قيم تقليدية يمثل فيها مفهوم «الحرام والحلال» حجر الزاوية.
وذكر الأستاذ بالحاج محمد أن الزواج على خلاف الصيغ القانونية بعد أن كان علنيا فها هو اليوم يغلف بنوع من السرية والتحفظ بشكل يوحي أن من يمارسونه ليسوا بدورهم مقتنعين به أتم الاقتناع لذلك فهو اليوم عبارة عن «خناء سري» تسبغ عليه صفة «الحلال» لتبريره وهو نوع جديد من العلاقات الحرة ولكنه هذه المرة مغلف بغلاف الدين يستمد قوته ومشروعيته من سياق سياسي واجتماعي داعم لهذا التوجه في إطار نظرية «التدافع الاجتماعي» و «تحرير المبادرة» ليجعلوا منه أمرا واقعا يساهم في تغيير نمط حياة المجتمع بشكل يتعارض مع الدولة المدنية ونمط الحياة المدني.
الخطورة..
يكتسب هذا النوع من الزواج خطورته مما ينتج عنه من آثار نفسية وخاصة على النساء اللواتي تورطن في الزواج على خلاف الصيغ القانونية ومن الأبناء الذين يمكن أن يأتوا نتيجة هذه التجربة والذين لن يجدوا قانونا يحميهم أو يعطيهم حقوقهم أو حتى يثبت نسبهم فهم في إطار المنظومة القانونية القائمة يعتبرون أبناء خارج إطار الزواج وبالتالي فهم عبارة عن حالات اجتماعية أكثر منهم أبناء شرعيين كما يدعي آباؤهم وأمهاتهم وهذا مشكل إضافي يمكن أن يزيد العبء على المجتمع المنهك والمتذبذب أصلا.
إضافة إلى الأطفال فاقدي النسب والسند العائلي الموجودين أصلا في المجتمع فإن هذه النوعية الجديدة من الزواج ستزيد في أعداد هذه الفئة المهمشة رغم الوجود الصوري والجسدي للوالدين ورغم الاعتراف اللفظي بهم الذي لا يرقى إلى الاعتراف القانوني فلا هم قادرون على التمتع بالحماية القانونية والاجتماعية والتربوية لآبائهم ولا هم قادرون على عيش حياة طبيعية في مجتمع يزدريهم ولا يعترف بهم قانونا وبالتالي سيكونون في وضعية فريدة واستثنائية فلا هم بالحالات الاجتماعية المعلنة والصريحة نظرا لوجود أوليائهم ولا هم يتمتعون بوضعية قانونية واجتماعية واضحة ومريحة، وبالتالي يمكن أن يتحولوا مع الزمن إلى قنابل موقوتة في وجه هذا المجتمع إلا في حالة واحدة وهو أن يتجرأ أولياؤهم على تعويض هذا الزواج العرفي بالزواج المدني المعترف به قانونيا.
مختص في علم الاجتماع : خناء سري تسبغ عليه صفة الحلال..أم تعذب أطفالها وأخرى تعرضهم للبيع
تونس-الصباح
زواج على خلاف الصيغ القانونية وعلاقات تولد وتنتهي داخل الغرف المغلقة..أطفال يولدون بلا هوية ويتركون لمواجهة مصير مجهول لم تكن لهم يد فيه..هم عرضة أكثر من غيرهم للانتهاكات والتجاوزات..منبوذون حتى من أقرب الناس إليهم فالأم تعتبرهم عبئا ثقيلا يجب استغلاله أو التخلص منه وأمام المجتمع فهم "وصمة عار" بالنسبة له.
ذاك هو حال أطفال يولدون سنويا نتيجة زواج على خلاف الصيغ القانونية .. ثمرات محرمة تتعرض إلى أبشع أنواع الاستغلال والتنكيل..فمن يحمي هؤلاء؟
مفيدة القيزاني
حادثة صادمة كشفت وضعية مأساوية يعيشها طفلان الأول من مواليد سنة 2018 (6 سنوات) والثاني من مواليد 2020 (4 سنوات) يتعرضان إلى العنف والتنكيل من قبل والدتهما وكان الكشف عن أمرهما بناء على تقدم امرأة إلى مقر مركز الأمن الوطني بـ"هيبون"(ولاية المهدية) للإعلام عن تعمد جارتها بالسكنى الاعتداء بالعنف الشديد على ابنيها القاصرين فتم في الحين التنسيق مع النيابة العمومية والتحول على عين المكان أين تم ضبط الأم رفقة نفر آخر واقتيادهما إلى مقر الفرقة المختصة بالبحث في جرائم العنف ضد المرأة والطفل.
وبسماع المظنون فيها أفادت أن أم الطفلين اللذين أنجبتهما خارج إطار الزواج من أبوين مختلفين تجهل هويتهما وبمجابهتها بآثار العنف الظاهرة على الطفلين اعترفت بقيامها بتعنيفهما في عديد المرات وعضهما ولكمهما منذ قرابة الثلاثة أشهر دون تلقيهما أية إسعافات مؤكدة أنها لا تشكو من أي مرض نفسي أو عصبي، بسماع مرافقها اعترف أنه تربطه علاقة غرامية بالمعنية منذ الشهر تقريبا ويعاشرها معاشرة الأزواج ويتردد عليها يوميا في أوقات مختلفة.
وبمراجعة النيابة العمومية أذنت بالاحتفاظ بهما من أجل "إعداد محل لتعاطي البغاء والزواج على خلاف الصيغ القانونية والاعتداء بالعنف المادي على أطفال".
وقد تم عرض الطفلين على قسم الطب الاستعجالي بأحد المستشفيات العمومية بالمهدية أين تبين أن أحد الطفلين يحمل كسر بالحوض وكسر في ساقه وأضلعه، كما تبين أن شقيقه يعاني من نزيف في الكبد وفي الطحال ويحمل كسرا في ساقه وأضلعه، فتم إيواؤهما بقسم الإنعاش الطبي لذات المستشفى للخضوع للإسعافات اللازمة.
ووقع إعلام مندوب حماية الطفولة بالمهدية بوضعية الطفلين وسيقع البت في شأنهما من طرف قاضي الأسرة بالمهدية.
وفي حادثة مشابهة جدت في وقت سابق تم إيقاف امرأة من أحد أرياف ولاية المهدية تقوم بإنجاب الأطفال من علاقات زواج على خلاف الصيغ القانونية وبيعهم، وبمزيد تعمق الأبحاث تبين أن المرأة قامت بإنجاب 5 أطفال وفرطت فيهم بالبيع، كما أنها كانت حاملا بطفل عندما ألقي عليها القبض.
وأثبتت التحقيقات أن من بينهم 3 أطفال سلّمتهم إلى إحدى العائلات عبر وسائل قانونية وعن طريق مندوبية حماية الطفولة، بالإضافة إلى طفل يبلغ من العمر 8 سنوات صادر في شأنه حكم عن طريق قاضي الطفولة بالبقاء عند العائلة التى تحتضنه، وطفل خامس يبلغ من العمر سنة ونصف قامت بولادته في مصحة خاصة باسم العائلة التى يقيم معها حاليا.
وفي الأبحاث أكدت "أم" الأطفال أنها سلمت في أطفالها بمبالغ مالية متفاوتة من 5 إلى 8 ألاف دينار مع الانتفاع بجراية شهرية قارة بقيمة 500 دينار.
ولادات بالآلاف..
كشفت دراسة أجرتها جمعية الأم والطفل أن حوالي 2000 طفل يولدون سنويا خارج إطار الزواج بعد سنة 2011 أي بمعدل 166 طفلا شهريا و5 أطفال يوميا أي أن هناك 2000 أم عزباء تضع مولودا كل سنة أي ما يناهز 15000 أم عزباء أنجبت خارج إطار الزواج منذ الثورة إلى حدود سنة 2018 وهو رقم يبدو مفزعا على الرغم من أنه لا توجد إحصائيات رسمية تؤكد صحة هذا الرقم.
ومن جهة أخرى شهد عدد الإشعارات المتعلقة بالطفولة المهددة استقرارا خلال الخمس سنوات الأخيرة باستثناء الانخفاض الملحوظ خلال سنة 2020، وذلك جراء تداعيات جائحة كورونا على السير العادي للحياة الاجتماعية.
وقد كان عدد الإشعارات ضعيفا سنة 2016، وقد شهد تطورا هاما خلال سنة 2017 بنسبة 60 %، ثم شهد استقرارا في حدود ما يفوق 17000 إشعارا سنويا باستثناء سنة 2020 باعتبار الجائحة.
وتمثل العائلة المصدر الرئيسي للإشعار بنسبة 58 % سنة 2020، و60 % سنة 2021، وتأتي السلطة الأمنية في المرتبة الثانية للإشعار بنسبة تراوحت بين 9 % و10 %، ثم المؤسسة الصحية حوالي 8.5 %، فالمؤسسة التربوية قرابة 7 %.
وأكدت المؤشرات والأرقام التي كشفها التقرير الإحصائي لمندوبي حماية الطفولة لسنة 2022 أنّ العائلة هي المصدر الأول للإشعارات حول حالات التهديد المسلطة على الطفل بنسبة 58 بالمائة، وانّ أغلب التهديدات التي يتعرض لها الطفل ويتم الإشعار حولها تقع في الوسط الأسري بنسبة 60 بالمائة من مجموع الإشعارات.
و بلغت نسبة الإشعارات المتعلّقة بعجز الأبوين وتقصيرهما في الرعاية والتربية 50,9% سنة 2021، فيما قُدّرت نسبة اعتياد سوء معاملة الطفل بـــ 22.3% سنة 2021.
وبلغت الإشعارات المتعلقة بالعنف المعنوي سنة 2021 نسبة 42 بالمائة والعنف الجسدي 41 بالمائة والعنف الجنسي 17 بالمائة، وعلى مستوى الجنس فقد كشف التقرير أن الذكور هم أكثر عرضة من الإناث للعنف الجسدي بنسبة 47 بالمائة سنتي 2020 و2021، فيما تتعرض الإناث أكثر من الذكور إلى العنف الجنسي بنسبة 24% خلال نفس الفترة، أمّا العنف المعنوي فقد سجل نسبا متقاربة بين الجنسين بمعدّل 42 بالمائة.
1718 قضية زواج على خلاف الصيغ القانونية..
وفق إحصائية حصرية كانت تحصلت عليها "الصباح" من مصادر رسمية تشير إلى أن القضاء بت في 287 ملف زواج عرفي في 2020 والسنة التي قبلها في 369 ملفا مسجلا بذلك انخفاضا في عدد القضايا
وكان بت في 386 ملفا خلال السنة القضائية 2017-2018 وفي 351 قضية خلال السنة القضائية 2016-2017 وفي 325 ملفا خلال السنة القضائية 2015-2016.
أرقام ترتفع وتنخفض من سنة إلى أخرى ولكن يبقى الزواج على خلاف الصيغ القانونية واقعا لا يمكن إنكاره.
التجريم القانوني..
الزواج على خلاف الصيغ القانونية أو ما يعبر عنه لدى العامة بالزواج العرفي يعتبر في القانون الجزائي جريمة يعاقب عليها طبق قانون غرة أوت 1957 المتعلق بتنظيم الحالة المدنية ويختلف عن الفصل 18 من مجلة الأحوال الشخصية الذي يمنع تعدد الزوجات بمعنى انه يفترض زواجا أولا ثم يقع إبرام زواج ثان دون فك عصمة الزواج الأول.
وتقول الفقرة الأولى من هذا الفصل إن تعدد الزوجات ممنوع وهو في الحقيقة تشريع متقدم عن بعض التشريعات الأخرى في الدول العربية وأغلب دول المشرق ما زالت إلى حد الآن تطبق النص القرآني بقراءتهم الخاصة.
الفقرة الثانية من هذا القانون تنص على أنه كل من تزوج وهو في حالة الزوجية قبل فك عصمة الزواج السابق يعاقب بالسجن لمدة عام وبخطية أو بإحدى العقوبتين ولو أن الزواج الجديد لم يبرم طبق القانون بمعنى ذلك انه فرضا انه تزوج مرة أخرى دون تحرير عقد زواج من قبل عدل إشهاد او ضابط حالة مدنية ومهما كانت الصيغة المستعملة في الزواج فإن الجريمة تعتبر قائمة.
أما بالفقرة الثالثة وهي التي نظمت الزواج على خلاف الصيغ القانونية ذلك انه كل من كان متزوجا على خلاف الصيغ الواردة بالقانون عدد 3 لسنة 1957 المؤرخ في 1 أوت 1957 والمتعلق بتنظيم الحالة المدنية ويبرم عقد زواج ثان ويستمر على معاشرة زوجته الأولى فانه يعاقب نفس العقوبات كالطرف السابق إضافة إلى أنه يعاقب بنفس العقوبات الزوج الذي يتعمد (وهنا يجب توفر الركن المعنوي) إبرام عقد زواج مع شخص مستهدف بالعقوبات السالفة ذكرها.
و ما عرف عن الزواج العرفي لدى العامة فان الفصل 36 من قانون غرة أوت 1957 يعاقب بالسجن 3 أشهر كل من أبرم مثل هذا الزواج وإذا استمرت العلاقة الزوجية رغم إبطال الزواج فان العقوبة السجنية تتضاعف وما تجدر الإشارة إليه أن إثبات الجريمة حقيقة يعتبر أمر صعب خاصة إذا تكتم الطرفان على زواجهما.
وذلك بالانتقال إلى مكان غير معلوم لدى العامة وأصبحوا يعيشون عيشة الأزواج كأن يكون الزوج له زوجة ثانية في منطقة أخرى ولا يبلغ للسلط العلم بارتكاب هذه الجرائم والأمر المؤسف هو نتائج الزواج العرفي خاصة إذا تم إنجاب أطفال يطرح إشكالية كبرى حول ترسيم هؤلاء الأبناء والحقوق التي يتمتعون بها وهو أمر رغم تنظيم المشرع لحقوق الابن الطبيعي أو الابن خارج إطار الزواج الذي لا ذنب له بقانون 98 أصبح مفهوم الزواج الباطل متوسعا ضمن هذا القانون الذي يخول إثبات البنوة الطبيعية وإفرادها بأحكام خاصة.
الأبناء الضحايا..
يرى الباحث في علم الاجتماع طارق بالحاج محمد أن الزواج العرفي هو آلية من آليات تقنين وتشريع العلاقات الجنسية الحرة (أي خارج إطار الزواج) ورغم أن إقامة علاقات خارج إطار الزواج ممكنة ومتاحة نظراً لتوفر عامل الاختلاط في جميع الفضاءات الاجتماعية فان للجانب النفسي والثقافي أهمية في تفسير هذا السلوك لدى التونسي، فمن الناحية العملية تعتبر العلاقات الجنسية الحرة أمراً متاحاً لمن يريد لكن هذا لا يمثل سبباً كافياً ومقنعاً لتلبية احتياجاتنا البيولوجية نظراً لأن موروثنا الثقافي وتركيبتنا النفسية والقيم التي نتبناها تقف حائلاً دون قبولنا لهذه الصيغ المباشرة المتحررة من كل ضابط اجتماعي وأخلاقي.
وعند وقوعنا في هذا»المأزق» فإننا نحاول البحث عن صيغة توفيقية أو «تلفيقية» نقنع بها علاقاتنا خارج إطار الزواج وفي هذه الحالة يعتبر الزواج العرفي الوصفة التي تلبي حاجاتنا الجنسية دون الشعور بالذنب أو تأنيب الضمير فقد نبدو للوهلة الأولى بأننا عصريون من خلال لباسنا وطريقة عيشنا واستهلاكنا لكن الحقيقة أن القيم التي تقودنا وتحركنا وتحكم تصرفاتنا (في غفلة منا) هي قيم تقليدية يمثل فيها مفهوم «الحرام والحلال» حجر الزاوية.
وذكر الأستاذ بالحاج محمد أن الزواج على خلاف الصيغ القانونية بعد أن كان علنيا فها هو اليوم يغلف بنوع من السرية والتحفظ بشكل يوحي أن من يمارسونه ليسوا بدورهم مقتنعين به أتم الاقتناع لذلك فهو اليوم عبارة عن «خناء سري» تسبغ عليه صفة «الحلال» لتبريره وهو نوع جديد من العلاقات الحرة ولكنه هذه المرة مغلف بغلاف الدين يستمد قوته ومشروعيته من سياق سياسي واجتماعي داعم لهذا التوجه في إطار نظرية «التدافع الاجتماعي» و «تحرير المبادرة» ليجعلوا منه أمرا واقعا يساهم في تغيير نمط حياة المجتمع بشكل يتعارض مع الدولة المدنية ونمط الحياة المدني.
الخطورة..
يكتسب هذا النوع من الزواج خطورته مما ينتج عنه من آثار نفسية وخاصة على النساء اللواتي تورطن في الزواج على خلاف الصيغ القانونية ومن الأبناء الذين يمكن أن يأتوا نتيجة هذه التجربة والذين لن يجدوا قانونا يحميهم أو يعطيهم حقوقهم أو حتى يثبت نسبهم فهم في إطار المنظومة القانونية القائمة يعتبرون أبناء خارج إطار الزواج وبالتالي فهم عبارة عن حالات اجتماعية أكثر منهم أبناء شرعيين كما يدعي آباؤهم وأمهاتهم وهذا مشكل إضافي يمكن أن يزيد العبء على المجتمع المنهك والمتذبذب أصلا.
إضافة إلى الأطفال فاقدي النسب والسند العائلي الموجودين أصلا في المجتمع فإن هذه النوعية الجديدة من الزواج ستزيد في أعداد هذه الفئة المهمشة رغم الوجود الصوري والجسدي للوالدين ورغم الاعتراف اللفظي بهم الذي لا يرقى إلى الاعتراف القانوني فلا هم قادرون على التمتع بالحماية القانونية والاجتماعية والتربوية لآبائهم ولا هم قادرون على عيش حياة طبيعية في مجتمع يزدريهم ولا يعترف بهم قانونا وبالتالي سيكونون في وضعية فريدة واستثنائية فلا هم بالحالات الاجتماعية المعلنة والصريحة نظرا لوجود أوليائهم ولا هم يتمتعون بوضعية قانونية واجتماعية واضحة ومريحة، وبالتالي يمكن أن يتحولوا مع الزمن إلى قنابل موقوتة في وجه هذا المجتمع إلا في حالة واحدة وهو أن يتجرأ أولياؤهم على تعويض هذا الزواج العرفي بالزواج المدني المعترف به قانونيا.