إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

في مجلس النواب.. انشغال بملف "هجرة الأفارقة" وتحذير من تداعياته ..

 

 

ـ تنقيح قانون مراكز الاصطياف وترفيه الأطفال

تونس-الصباح

قرر مجلس نواب الشعب أمس تغيير جدول أعمال جلسته العامة المنعقدة بقصر باردو في اتجاه إدراج نقطة إضافية في الحصة المسائية للتداول حول ملف هجرة الأفارقة إلى تونس، وفي هذا السياق أعلن رئيس المجلس إبراهيم بودربالة عن تلقيه ثلاثة مطالب وقال إنه تم تقديم المطلب الأول من قبل النواب محمد بن حسين وفاطمة المسدي وبسمة الهمامي والنوري الجريدي ومحمد علي ومحمد ماجدي وأسماء درويش وسرين مرابط وعواطف الشنيني وهالة جاب الله ورياض بلال وأحمد بن نور وغسان يامون ومحمد زياد الماهر وصالح الصيادي وشفيق زعفوري وخالد حكيم مبروكي وجلال الخدمي وذلك لتدارس الوضع الأمني والهجرة غير الشرعية لأفارقة جنوب الصحراء وفي نفس السياق قدم عماد أولاد جبريل رئيس الكتلة الوطنية المستقلة طلبا بتعديل جدول أعمال الجلسة العامة وإضافة نقطة جديدة تتعلق بالوضع المستراب لأفارقة جنوب الصحراء في تونس، كما طالب رئيس كتلة الأحرار صابر المصمودي ونائبة يوسف التومي بالتداول حول ملف الأفارقة المهاجرين غير النظاميين بتونس.

وتبعا لموافقة الجلسة العامة على تغيير جدول أعمالها تم فتح باب النقاش العام حول ملف هجرة الأفارقة ودعا النواب إلى إيجاد حلول جذرية لهذا المشكل الذي أصبح يهدد الأمن القومي والأمن الغدائي وذلك في إطار مقاربة تشاركية، وعبروا عن انشغالهم الكبير بمعاناة العائلات التونسية خاصة في ولاية صفاقس من التداعيات السلبية لظاهرة الهجرة غير النظامية للأفارقة، وهناك منهم من حذر من وجود مخطط خبيث لتوطين الأفارقة في تونس يجب التصدي له، وذهب آخرون إلى أن هناك من يريدون تأجيج الوضع الأمني في البلاد في وقت تستعد فيه هيئة الانتخابات لتنظيم الانتخابات الرئاسية، ووجه أحدهم رسالة إلى الاتحاد الأوروبي لتذكيره بأن تونس دولة ذات سيادة وأنها ترفض اجتياح أراضيها وإصابة مواطنيها بالأمراض المنقولة ودعاه إلى تحمل مسؤولياته في معالجة هذا الملف.

وأشار رئيس المجلس إلى أن هذا الموضوع الحارق يحظى باهتمام أعلى هرم في الدولة وقال إن المجلس النيابي سيواصل القيام بدوره التشريعي والرقابي نظرا لما يشهده هذا الملف من تداعيات خطيرة على جميع الأصعدة، وذكر أنه تم عقد اجتماع مجلس الأمن القومي وقد استعرض رئيس الجمهورية خلاله المشكل الناجم عن الهجرة  غير الشرعية للأفارقة ونبه إلى مخاطرها ودعا إلى وجوب الاستعداد لمجابهة كل ما يمكن أن ينجر عنها.

وأكد بودربالة أن المؤسسات الرسمية المكلفة بأمن البلاد على استعداد تام للقيام بدورها في الذود عن حماية الوطن والتصرف مع هذه الظاهرة باعتبار أن الدولة التونسية تحترم القانون وخاصة التشريعات الدولية لذلك فإن تعاملها مع المهاجرين غير الشرعيين كان وفقا للمواثيق الدولية والقانون الدولي الإنساني وبين أن المهاجرين وجدوا الرعاية التامة والمعاملة القانونية التي تليق بكرامة الإنسان وأكد أن الادعاءات التي وجهت للبلاد التونسية غير صحيحة وهذا أمر مثبت فمنظمة الهلال الأحمر قامت بواجبها على الوجه الأفضل لكن في المقابل اقتصر دول المنظمات الدولية على نشر البلاغات ولم تقدم هذه الأخيرة العون للدولة التونسية.

ويذكر في نفس السياق أن وفدا عن لجنة الدفاع والأمن والقوات الحاملة للسلاح أدى يوم الجمعة الماضي في إطار الدور الرقابي للجنة زيارة ميدانية إلى جبنيانة والعامرة من ولاية صفاقس حيث عاين النواب عن كثب الأوضاع الأمنية المتصلة بملف المهاجرين غير النظاميين من إفريقيا جنوب الصحراء  واطلعوا على الجهود المبذولة من قبل المصالح المختصة بوزارة الداخلية وعلى ما يجري في بعض المناطق التي تركز فيها المهاجرون واستمعوا إلى عدد من المواطنات والمواطنين وممثلي المجتمع المدني الذين قدموا عدة مطالب أهمها ضرورة إيجاد حلول جذرية لأزمة هجرة الأفارقة غير الشرعيين إلى منطقتي العامرة وجبنيانة، وهو نفس  الأمر الذي شدد عليه النواب، وطالب هؤلاء باعتماد مقاربة تشاركية بين مختلف الأطراف وطنيا ودوليا والأخذ بعين الاعتبار كل المقاربات الأمنية والاجتماعية والتشريعية وذلك في إطار الموقف الرسمي للدولة التونسية التي لا تقبل الإقامة على أراضيها إلا وفق التشريع الجاري به العمل وترفض أن تكون منطقة عبور أو أرضا لتوطين المهاجرين غير النظاميين، مع حرصها الدائم على التصدي لظاهرة الهجرة غير النظامية في إطار احترام القوانين التونسية والمعاهدات الدولية المعمول بها.

 

أبناء ضحايا الإرهاب والثورة

وقبل نقاش الوضع الأمني الناجم عن تدفق المهاجرين الأفارقة إلى تونس بطرق مخالفة للقانون الجاري به العمل، وبحضور أمال بالحاج موسى وزيرة المرأة والأسرة والطفولة وكبار السن، صادق مجلس نواب الشعب خلال جلسته العامة الصباحية على مشروع قانون يتعلّق بتنقيح القانون عدد 69 لسنة 2003 المؤرخ في 20 أكتوبر 2003 المتعلق بمراكز الاصطياف وترفيه الأطفال، وكانت نتيجة التصويت كما يلي : 122 نعم و6 لا و13 محتفظا.

وقدمت لجنة الصحة وشؤون المرأة والأسرة والشؤون الاجتماعية وذوي الإعاقة التي يرأسها النائب نبيه ثابت تقريرا حول هذا المشروع الذي يهدف إلى إدخال بعض التعديلات على القانون عدد 69 لسنة 2003 سالف الذكر من أجل توسيع دائرة الفئات المستفيدة من الاصطياف حتى لا تقتصر على الأطفال المقبولين بالمراكز المندمجة للشباب والطفولة وبمركبات الطفولة وأطفال العائلات محدودة الدخل والأطفال ذوي الإعاقة، ولتشمل أيضا أطفال ضحايا الاعتداءات الإرهابية من العسكريين وأعوان قوات الأمن الداخلي وأولى الحق من شهداء الثورة وجرحاها.

 وتضمن مشروع القانون في صيغته التي حظيت بموافقة النواب خلال جلستهم العامة فصلا وحيدا نص على ما يلي: تقدم مراكز الاصطياف وترفيه الأطفال خاصة الخدمات التالية: اصطياف الأطفال المقبولين بالمراكز المندمجة للشباب والطفولة وبمركبات الطفولة وأطفال العائلات الفقيرة ومحدودة الدخل والأطفال ذوي الإعاقة وأطفال ضحايا الاعتداءات الإرهابية من العسكريين وأعوان قوات الأمن الداخلي وأطفال أولي الحق من شهداء الثورة وجرحاها، وتنظيم أنشطة في مجالات الإعلامية واللغات الحية والرياضة خلال العطل المدرسية لفائدة الأطفال المقبولين بهذه المؤسسات وتنظيم أنشطة ترفيهية وثقافية وتحسيسية لفائدة الأطفال خلال عطلة آخر الأسبوع وتنظيم أنشطة لفائدة أبناء التونسيين بالخارج خلال العطل وذلك بالتعاون مع ديوان التونسيين بالخارج. ويمكن لمراكز الاصطياف وترفيه الأطفال إسداء خدمات بمقابل لفائدة المشاركين في الملتقيات والندوات والدورات التكوينية والاجتماعات وغيرها من التظاهرات وذلك بطلب من الجهة المنظمة وبعد موافقة الوزير المكلف بالطفولة. وتؤمن هذه الخدمات خارج العطل".

 

أطفال الأحياء الشعبية

وخلال نقاش مشروع القانون طالب النواب الوزيرة بالعناية بأبناء العائلات الفقيرة ومحدودة الدخل وخاصة القاطنين بالأحياء الشعبية التي لا تتوفر فيها وسائل ترفيه كما دعا بعضهم إلى فتح تلك المراكز أمام كبار السن وانتهز البعض الآخر الفرصة للحديث عن آفة الانقطاع المبكر عن التعليم وعن قضية الابتزاز الالكتروني التي هزت الرأي العام في تونس.

وتعقيبا على مداخلات النواب أشارت أمال بلحاج موسى وزيرة المرأة والأسرة والطفولة وكبار السن إلى أن الوزارة لديها مركز اصطياف وحيد تم إحداثه في الحمامات منذ سنة 2003  لفائدة الأطفال مكفولي الدولة من ذوي الحاجيات الخصوصية وذوي الإعاقة وأبناء العائلات محدودة الدخل وأبناء العائلات المقيمة بالخارج أثناء العطل ولكن هذا القانون صمت عن فئات أخرى، وتسعد الوزارة حسب قولها لافتتاح مركز اصطياف ثان في جرجيس بطاقة استيعاب تساوي 240 طفلا أي ضعف طاقة استيعاب مركز الاصطياف بالحمامات  وهو فرصة لتنقيح قانون 2003 بما يجعل المركز يعمل بشكل أفضل ويدعم توجه الوزارة إلى إحداث مراكز أخرى من أجل تأمين حق هؤلاء الأطفال في الترفيه.

واعتبرت الوزيرة تنقيح قانون يتعلق بمراكز الاصطياف وترفيه الأطفال يكتسي أولوية لدى الوزارة بالنظر إلى مشكل العنف في صفوف الأطفال والعنف داخل الأسرة جراء غياب خدمات الترفيه. وذكرت أن غياب الحق في الترفيه هو من بين أسباب انتشار العنف.

ويهدف مشروع القانون حسب قولها إلى توسيع دائرة الفئات التي تشملها مراكز الاصطياف اعترافا بتضحيات ضحايا العمليات الإرهابية وتكريما لضحايا الثورة وجرحاها. وذكرت الوزيرة أنها عندما تسلمت مسؤولية الوزارة تبين لها أن العديد من المطالب كانت ترد على مركز الاصطياف وترفيه الأطفال بالحمامات من اجل تنظيم ندوات وملتقيات فيه،  لذلك فكرت في إطار مشروع القانون في منح مراكز الاصطياف إمكانية إسداء خدمات بمقابل شريطة أن يكون ذلك خارج أيام العطل. وعن كيفية اختيار الأطفال الذين يتم تمتيعهم بخدمات مركز اصطياف وترفيه أوضحت أن هناك مجلسا تربويا واجتماعيا ينظر في المطالب التي تقدمها الجمعيات والمنظمات المعنية بالأطفال. وقالت إن المركز الوحيد الموجود في تونس لم يتمكن سوى من تقديم خدمات ترفيه لألف ومائة طفل أما المركز الثاني الذي سيرى النور عما قريب فكانت أشغاله معطلة وعملت الوزارة على تجاوز المشكل  كما أنها تدارس ملف إنشاء مركز اصطياف وترفيه آخر في طبرقة. وأشارت الوزيرة إلى أن المطالب بالتمتع بخدمات المركز تتم دراستها بكل عناية رغبة من الوزارة في الاستجابة لرغبات أكبر عدد من الأطفال وأوضحت أن التنقيح المتعلق بتمكين مراكز الاصطياف من إسداء الخدمات فقط خارج العطل من شأنه أن يساعد على تحسين موارد المالية العمومية فكلفة إحداث مركز جرجيس بلغت 11 مليون دينار وفي صورة الرغبة في تعميم هذه المراكز لا بد من إيجاد إستراتيجية واضحة لتوفير الموارد المالية كما أنه من غير المنطقي أن يبقى المركز مغلقا خارج العطل. وذكرت أن مركز الاصطياف يتوفر على  مرب لكل خمسة أطفال، وأخصائي نفساني لكل عشرة أطفال إلى جانب المنسق البيداغوجي وإطارات أخرى.

وأقرت الوزيرة بوجود نقائص في المناطق ذات الأولوية ولكنها أشارت في المقابل إلى الجهود المبذولة لتدليلها وبينت أنه في شهر أكتوبر 2021 كان هناك اعتصام في بهو الوزارة و68 مؤسسة طفولة مغلقة أما اليوم فجميع المؤسسات تعمل وتم انتداب أكثر من 300 مربي طفولة وأستاذ طفولة ولم تكن هذه العملية سهلة في ظل الصعوبات الاقتصادية لكن الدولة تحملت مسؤوليتها الاجتماعية كما هناك مؤسسات عمومية تعرضت للنهب والسرقة وخصصت الوزارة اعتمادات إضافية للقيام بعمليات تهيئتها وبذلت جهدا كبيرا لكي تحترم قانون الصفقات وهي ترى أن الطفل الذي لا يتمتع بالتربية قبل المدرسية يكون أكثر عرضة للانقطاع عن الدراسة وهو ما أكدته الدراسات العلمية.

وردا على النواب الذين تطرقوا إلى الابتزاز الالكتروني لعدد من الأطفال عبر شبكات التواصل الاجتماعي الذي مارسه مشتبه به وهو تونسي يقيم بإيطاليا أكدت أمال بلحاج موسى أن الوزارة اتخذت عدة إجراءات حيث تم تكوين خلية أزمة ورفع قضية ووضع خطا أخضر يشتغل 24 ساعة كما تم تجنيد أخصائيين نفسيين وسلك مندوبي حماية الطفولة والتعهد ببعض الأسر. وقالت إن سلك مندوبي حماية الطفولة يقوم بدوره ويقدم تقاريره بصفة منتظمة وتعهد هذا السلك سنة 2023 بنحو 22 ألف طفل تونسي تعرضوا للعنف وغيره من مظاهر التهديد وذكرت أن واجب الإشعار محمول على الجميع.

 

الانقطاع المدرسي

ولدى حديثها عن مشكل الانقطاع المدرسي قالت إن وزارتها معنية بهذا المشكل ولديها برنامجا لفائدة أمهات الأطفال المهددين بالانقطاع.

كما أن الوزارة تهتم حسب قولها بكبار السن ولديها إستراتيجية في الغرض وردا عن استفسار حول مركز المسنين بباجة قالت إنه تم غلقه حماية لسلامة المسنين وذكرت أن الوزارة ستعمل على فتح مركز مسنين بأريانة خلال الأيام القادمة أما مركز المسنين بصفاقس فتم غلقه في فيفري الماضي بسبب غياب النظافة، وعبرت عن أملها في أن يقع قريبا إعادة فتح مركز المسنين في القيروان. وتحدثت الوزيرة عن مزايا برنامج الإيداع العائلي لكبار السن وذكرت أنه وقع الترفيع في منحة رعاية المسن من 200 دينار إلى 350 دينار وتحرص الوزارة على متابعة المسنين المشمولين ببرنامج الإيداع العائلي، كما أنها تعمل على إعداد مجلة حماية كبار السن، وبخصوص مركز المسنين بالقصرين عبرت عن أملها في أن تكون الصفقة المتعلقة به مثمرة. أما في ما يتصل بمشروع القانون المتعلق بعطلة الأمومة والأبوة قالت الوزيرة إن الوزارة تشتغل عليه منذ فترة طويلة وهي تدرك المردود الإيجابي لهذا القانون على الأسرة بشكل عام وعبرت عن أملها في أن يقع تمريره من قبل مجلس النواب ليكون مكسبا تشريعيا حقيقيا لفائدة التونسيين.

دولة موحدة

وفي نهاية الجلسة العامة قال رئيس المجلس إبراهيم بودربالة إنها الجلسة العامة الأولى التي يعقدها المجلس بعد اكتمال تركيز الغرفة النيابية الثانية، وانه يعتبر أن فلسفة دستور 25 جويلية ترمي إلى تحقيق تكامل الوظائف الثلاث للدولة وهي الوظيفة التنفيذية والوظيفة التشريعية والوظيفة القضائية في ظل دولة موحدة حيث يعمل كل من موقعه لفائدة المصلحة العليا للوطن.

سعيدة بوهلال

في مجلس النواب..   انشغال بملف "هجرة الأفارقة" وتحذير من تداعياته ..

 

 

ـ تنقيح قانون مراكز الاصطياف وترفيه الأطفال

تونس-الصباح

قرر مجلس نواب الشعب أمس تغيير جدول أعمال جلسته العامة المنعقدة بقصر باردو في اتجاه إدراج نقطة إضافية في الحصة المسائية للتداول حول ملف هجرة الأفارقة إلى تونس، وفي هذا السياق أعلن رئيس المجلس إبراهيم بودربالة عن تلقيه ثلاثة مطالب وقال إنه تم تقديم المطلب الأول من قبل النواب محمد بن حسين وفاطمة المسدي وبسمة الهمامي والنوري الجريدي ومحمد علي ومحمد ماجدي وأسماء درويش وسرين مرابط وعواطف الشنيني وهالة جاب الله ورياض بلال وأحمد بن نور وغسان يامون ومحمد زياد الماهر وصالح الصيادي وشفيق زعفوري وخالد حكيم مبروكي وجلال الخدمي وذلك لتدارس الوضع الأمني والهجرة غير الشرعية لأفارقة جنوب الصحراء وفي نفس السياق قدم عماد أولاد جبريل رئيس الكتلة الوطنية المستقلة طلبا بتعديل جدول أعمال الجلسة العامة وإضافة نقطة جديدة تتعلق بالوضع المستراب لأفارقة جنوب الصحراء في تونس، كما طالب رئيس كتلة الأحرار صابر المصمودي ونائبة يوسف التومي بالتداول حول ملف الأفارقة المهاجرين غير النظاميين بتونس.

وتبعا لموافقة الجلسة العامة على تغيير جدول أعمالها تم فتح باب النقاش العام حول ملف هجرة الأفارقة ودعا النواب إلى إيجاد حلول جذرية لهذا المشكل الذي أصبح يهدد الأمن القومي والأمن الغدائي وذلك في إطار مقاربة تشاركية، وعبروا عن انشغالهم الكبير بمعاناة العائلات التونسية خاصة في ولاية صفاقس من التداعيات السلبية لظاهرة الهجرة غير النظامية للأفارقة، وهناك منهم من حذر من وجود مخطط خبيث لتوطين الأفارقة في تونس يجب التصدي له، وذهب آخرون إلى أن هناك من يريدون تأجيج الوضع الأمني في البلاد في وقت تستعد فيه هيئة الانتخابات لتنظيم الانتخابات الرئاسية، ووجه أحدهم رسالة إلى الاتحاد الأوروبي لتذكيره بأن تونس دولة ذات سيادة وأنها ترفض اجتياح أراضيها وإصابة مواطنيها بالأمراض المنقولة ودعاه إلى تحمل مسؤولياته في معالجة هذا الملف.

وأشار رئيس المجلس إلى أن هذا الموضوع الحارق يحظى باهتمام أعلى هرم في الدولة وقال إن المجلس النيابي سيواصل القيام بدوره التشريعي والرقابي نظرا لما يشهده هذا الملف من تداعيات خطيرة على جميع الأصعدة، وذكر أنه تم عقد اجتماع مجلس الأمن القومي وقد استعرض رئيس الجمهورية خلاله المشكل الناجم عن الهجرة  غير الشرعية للأفارقة ونبه إلى مخاطرها ودعا إلى وجوب الاستعداد لمجابهة كل ما يمكن أن ينجر عنها.

وأكد بودربالة أن المؤسسات الرسمية المكلفة بأمن البلاد على استعداد تام للقيام بدورها في الذود عن حماية الوطن والتصرف مع هذه الظاهرة باعتبار أن الدولة التونسية تحترم القانون وخاصة التشريعات الدولية لذلك فإن تعاملها مع المهاجرين غير الشرعيين كان وفقا للمواثيق الدولية والقانون الدولي الإنساني وبين أن المهاجرين وجدوا الرعاية التامة والمعاملة القانونية التي تليق بكرامة الإنسان وأكد أن الادعاءات التي وجهت للبلاد التونسية غير صحيحة وهذا أمر مثبت فمنظمة الهلال الأحمر قامت بواجبها على الوجه الأفضل لكن في المقابل اقتصر دول المنظمات الدولية على نشر البلاغات ولم تقدم هذه الأخيرة العون للدولة التونسية.

ويذكر في نفس السياق أن وفدا عن لجنة الدفاع والأمن والقوات الحاملة للسلاح أدى يوم الجمعة الماضي في إطار الدور الرقابي للجنة زيارة ميدانية إلى جبنيانة والعامرة من ولاية صفاقس حيث عاين النواب عن كثب الأوضاع الأمنية المتصلة بملف المهاجرين غير النظاميين من إفريقيا جنوب الصحراء  واطلعوا على الجهود المبذولة من قبل المصالح المختصة بوزارة الداخلية وعلى ما يجري في بعض المناطق التي تركز فيها المهاجرون واستمعوا إلى عدد من المواطنات والمواطنين وممثلي المجتمع المدني الذين قدموا عدة مطالب أهمها ضرورة إيجاد حلول جذرية لأزمة هجرة الأفارقة غير الشرعيين إلى منطقتي العامرة وجبنيانة، وهو نفس  الأمر الذي شدد عليه النواب، وطالب هؤلاء باعتماد مقاربة تشاركية بين مختلف الأطراف وطنيا ودوليا والأخذ بعين الاعتبار كل المقاربات الأمنية والاجتماعية والتشريعية وذلك في إطار الموقف الرسمي للدولة التونسية التي لا تقبل الإقامة على أراضيها إلا وفق التشريع الجاري به العمل وترفض أن تكون منطقة عبور أو أرضا لتوطين المهاجرين غير النظاميين، مع حرصها الدائم على التصدي لظاهرة الهجرة غير النظامية في إطار احترام القوانين التونسية والمعاهدات الدولية المعمول بها.

 

أبناء ضحايا الإرهاب والثورة

وقبل نقاش الوضع الأمني الناجم عن تدفق المهاجرين الأفارقة إلى تونس بطرق مخالفة للقانون الجاري به العمل، وبحضور أمال بالحاج موسى وزيرة المرأة والأسرة والطفولة وكبار السن، صادق مجلس نواب الشعب خلال جلسته العامة الصباحية على مشروع قانون يتعلّق بتنقيح القانون عدد 69 لسنة 2003 المؤرخ في 20 أكتوبر 2003 المتعلق بمراكز الاصطياف وترفيه الأطفال، وكانت نتيجة التصويت كما يلي : 122 نعم و6 لا و13 محتفظا.

وقدمت لجنة الصحة وشؤون المرأة والأسرة والشؤون الاجتماعية وذوي الإعاقة التي يرأسها النائب نبيه ثابت تقريرا حول هذا المشروع الذي يهدف إلى إدخال بعض التعديلات على القانون عدد 69 لسنة 2003 سالف الذكر من أجل توسيع دائرة الفئات المستفيدة من الاصطياف حتى لا تقتصر على الأطفال المقبولين بالمراكز المندمجة للشباب والطفولة وبمركبات الطفولة وأطفال العائلات محدودة الدخل والأطفال ذوي الإعاقة، ولتشمل أيضا أطفال ضحايا الاعتداءات الإرهابية من العسكريين وأعوان قوات الأمن الداخلي وأولى الحق من شهداء الثورة وجرحاها.

 وتضمن مشروع القانون في صيغته التي حظيت بموافقة النواب خلال جلستهم العامة فصلا وحيدا نص على ما يلي: تقدم مراكز الاصطياف وترفيه الأطفال خاصة الخدمات التالية: اصطياف الأطفال المقبولين بالمراكز المندمجة للشباب والطفولة وبمركبات الطفولة وأطفال العائلات الفقيرة ومحدودة الدخل والأطفال ذوي الإعاقة وأطفال ضحايا الاعتداءات الإرهابية من العسكريين وأعوان قوات الأمن الداخلي وأطفال أولي الحق من شهداء الثورة وجرحاها، وتنظيم أنشطة في مجالات الإعلامية واللغات الحية والرياضة خلال العطل المدرسية لفائدة الأطفال المقبولين بهذه المؤسسات وتنظيم أنشطة ترفيهية وثقافية وتحسيسية لفائدة الأطفال خلال عطلة آخر الأسبوع وتنظيم أنشطة لفائدة أبناء التونسيين بالخارج خلال العطل وذلك بالتعاون مع ديوان التونسيين بالخارج. ويمكن لمراكز الاصطياف وترفيه الأطفال إسداء خدمات بمقابل لفائدة المشاركين في الملتقيات والندوات والدورات التكوينية والاجتماعات وغيرها من التظاهرات وذلك بطلب من الجهة المنظمة وبعد موافقة الوزير المكلف بالطفولة. وتؤمن هذه الخدمات خارج العطل".

 

أطفال الأحياء الشعبية

وخلال نقاش مشروع القانون طالب النواب الوزيرة بالعناية بأبناء العائلات الفقيرة ومحدودة الدخل وخاصة القاطنين بالأحياء الشعبية التي لا تتوفر فيها وسائل ترفيه كما دعا بعضهم إلى فتح تلك المراكز أمام كبار السن وانتهز البعض الآخر الفرصة للحديث عن آفة الانقطاع المبكر عن التعليم وعن قضية الابتزاز الالكتروني التي هزت الرأي العام في تونس.

وتعقيبا على مداخلات النواب أشارت أمال بلحاج موسى وزيرة المرأة والأسرة والطفولة وكبار السن إلى أن الوزارة لديها مركز اصطياف وحيد تم إحداثه في الحمامات منذ سنة 2003  لفائدة الأطفال مكفولي الدولة من ذوي الحاجيات الخصوصية وذوي الإعاقة وأبناء العائلات محدودة الدخل وأبناء العائلات المقيمة بالخارج أثناء العطل ولكن هذا القانون صمت عن فئات أخرى، وتسعد الوزارة حسب قولها لافتتاح مركز اصطياف ثان في جرجيس بطاقة استيعاب تساوي 240 طفلا أي ضعف طاقة استيعاب مركز الاصطياف بالحمامات  وهو فرصة لتنقيح قانون 2003 بما يجعل المركز يعمل بشكل أفضل ويدعم توجه الوزارة إلى إحداث مراكز أخرى من أجل تأمين حق هؤلاء الأطفال في الترفيه.

واعتبرت الوزيرة تنقيح قانون يتعلق بمراكز الاصطياف وترفيه الأطفال يكتسي أولوية لدى الوزارة بالنظر إلى مشكل العنف في صفوف الأطفال والعنف داخل الأسرة جراء غياب خدمات الترفيه. وذكرت أن غياب الحق في الترفيه هو من بين أسباب انتشار العنف.

ويهدف مشروع القانون حسب قولها إلى توسيع دائرة الفئات التي تشملها مراكز الاصطياف اعترافا بتضحيات ضحايا العمليات الإرهابية وتكريما لضحايا الثورة وجرحاها. وذكرت الوزيرة أنها عندما تسلمت مسؤولية الوزارة تبين لها أن العديد من المطالب كانت ترد على مركز الاصطياف وترفيه الأطفال بالحمامات من اجل تنظيم ندوات وملتقيات فيه،  لذلك فكرت في إطار مشروع القانون في منح مراكز الاصطياف إمكانية إسداء خدمات بمقابل شريطة أن يكون ذلك خارج أيام العطل. وعن كيفية اختيار الأطفال الذين يتم تمتيعهم بخدمات مركز اصطياف وترفيه أوضحت أن هناك مجلسا تربويا واجتماعيا ينظر في المطالب التي تقدمها الجمعيات والمنظمات المعنية بالأطفال. وقالت إن المركز الوحيد الموجود في تونس لم يتمكن سوى من تقديم خدمات ترفيه لألف ومائة طفل أما المركز الثاني الذي سيرى النور عما قريب فكانت أشغاله معطلة وعملت الوزارة على تجاوز المشكل  كما أنها تدارس ملف إنشاء مركز اصطياف وترفيه آخر في طبرقة. وأشارت الوزيرة إلى أن المطالب بالتمتع بخدمات المركز تتم دراستها بكل عناية رغبة من الوزارة في الاستجابة لرغبات أكبر عدد من الأطفال وأوضحت أن التنقيح المتعلق بتمكين مراكز الاصطياف من إسداء الخدمات فقط خارج العطل من شأنه أن يساعد على تحسين موارد المالية العمومية فكلفة إحداث مركز جرجيس بلغت 11 مليون دينار وفي صورة الرغبة في تعميم هذه المراكز لا بد من إيجاد إستراتيجية واضحة لتوفير الموارد المالية كما أنه من غير المنطقي أن يبقى المركز مغلقا خارج العطل. وذكرت أن مركز الاصطياف يتوفر على  مرب لكل خمسة أطفال، وأخصائي نفساني لكل عشرة أطفال إلى جانب المنسق البيداغوجي وإطارات أخرى.

وأقرت الوزيرة بوجود نقائص في المناطق ذات الأولوية ولكنها أشارت في المقابل إلى الجهود المبذولة لتدليلها وبينت أنه في شهر أكتوبر 2021 كان هناك اعتصام في بهو الوزارة و68 مؤسسة طفولة مغلقة أما اليوم فجميع المؤسسات تعمل وتم انتداب أكثر من 300 مربي طفولة وأستاذ طفولة ولم تكن هذه العملية سهلة في ظل الصعوبات الاقتصادية لكن الدولة تحملت مسؤوليتها الاجتماعية كما هناك مؤسسات عمومية تعرضت للنهب والسرقة وخصصت الوزارة اعتمادات إضافية للقيام بعمليات تهيئتها وبذلت جهدا كبيرا لكي تحترم قانون الصفقات وهي ترى أن الطفل الذي لا يتمتع بالتربية قبل المدرسية يكون أكثر عرضة للانقطاع عن الدراسة وهو ما أكدته الدراسات العلمية.

وردا على النواب الذين تطرقوا إلى الابتزاز الالكتروني لعدد من الأطفال عبر شبكات التواصل الاجتماعي الذي مارسه مشتبه به وهو تونسي يقيم بإيطاليا أكدت أمال بلحاج موسى أن الوزارة اتخذت عدة إجراءات حيث تم تكوين خلية أزمة ورفع قضية ووضع خطا أخضر يشتغل 24 ساعة كما تم تجنيد أخصائيين نفسيين وسلك مندوبي حماية الطفولة والتعهد ببعض الأسر. وقالت إن سلك مندوبي حماية الطفولة يقوم بدوره ويقدم تقاريره بصفة منتظمة وتعهد هذا السلك سنة 2023 بنحو 22 ألف طفل تونسي تعرضوا للعنف وغيره من مظاهر التهديد وذكرت أن واجب الإشعار محمول على الجميع.

 

الانقطاع المدرسي

ولدى حديثها عن مشكل الانقطاع المدرسي قالت إن وزارتها معنية بهذا المشكل ولديها برنامجا لفائدة أمهات الأطفال المهددين بالانقطاع.

كما أن الوزارة تهتم حسب قولها بكبار السن ولديها إستراتيجية في الغرض وردا عن استفسار حول مركز المسنين بباجة قالت إنه تم غلقه حماية لسلامة المسنين وذكرت أن الوزارة ستعمل على فتح مركز مسنين بأريانة خلال الأيام القادمة أما مركز المسنين بصفاقس فتم غلقه في فيفري الماضي بسبب غياب النظافة، وعبرت عن أملها في أن يقع قريبا إعادة فتح مركز المسنين في القيروان. وتحدثت الوزيرة عن مزايا برنامج الإيداع العائلي لكبار السن وذكرت أنه وقع الترفيع في منحة رعاية المسن من 200 دينار إلى 350 دينار وتحرص الوزارة على متابعة المسنين المشمولين ببرنامج الإيداع العائلي، كما أنها تعمل على إعداد مجلة حماية كبار السن، وبخصوص مركز المسنين بالقصرين عبرت عن أملها في أن تكون الصفقة المتعلقة به مثمرة. أما في ما يتصل بمشروع القانون المتعلق بعطلة الأمومة والأبوة قالت الوزيرة إن الوزارة تشتغل عليه منذ فترة طويلة وهي تدرك المردود الإيجابي لهذا القانون على الأسرة بشكل عام وعبرت عن أملها في أن يقع تمريره من قبل مجلس النواب ليكون مكسبا تشريعيا حقيقيا لفائدة التونسيين.

دولة موحدة

وفي نهاية الجلسة العامة قال رئيس المجلس إبراهيم بودربالة إنها الجلسة العامة الأولى التي يعقدها المجلس بعد اكتمال تركيز الغرفة النيابية الثانية، وانه يعتبر أن فلسفة دستور 25 جويلية ترمي إلى تحقيق تكامل الوظائف الثلاث للدولة وهي الوظيفة التنفيذية والوظيفة التشريعية والوظيفة القضائية في ظل دولة موحدة حيث يعمل كل من موقعه لفائدة المصلحة العليا للوطن.

سعيدة بوهلال

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews