إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

ممنوع من الحياد.. الضامنون للاتفاق.. من يضمنهم؟

 

لم تستمر فرحة أهالي غزة وأطفالها طويلا بزوال المحنة وإيقاف الحرب بعد إعلان حماس عن قبول اتفاق الهدنة أو ما بات يعرف بـ"المقترح المصري القطري لوقف إطلاق النار".. وسرعان ما ازداد القصف الإسرائيلي كثافة على القطاع لتقتحم دبابات الاحتلال مدخل رفع وتزيل الأعلام الفلسطينية وتستبدلها برايات الاحتلال بعد إعلان مجلس الحرب الإسرائيلي رفضه للمبادرة التي اعتبر أنها مجحفة ولا تلبي شروط إسرائيل..

وسواء كانت حماس تناور أو كانت تبحث عن اختراق  لربح بعض الوقت أو كانت جادة في رغبتها إنهاء الحرب فقد كان قرارها مفاجئا لكيان الاحتلال الذي يبدو انه لم يتوقع قبول الحركة بالهدنة التي يتم تداولها منذ مارس الماضي على وقع الجولات المكوكية لمسؤولي الاستخبارات الأمريكية والإسرائيلية والمصرية من باريس الى الدوحة وقطر.. لاسيما وقد استبقت واشنطن إعلان حماس بتحميل الحركة مسؤولية الفشل في التوصل الى الهدنة ووقوفها حاجزا أمام أي تقدم باتجاه تحرير الرهائن وإيقاف الحرب.. لا خلاف أن قرار حماس سيحرج الإدارة الأمريكية ومعها حلفاء الاحتلال ولكنه قد لا يحرك لنتنياهو ساكنا طالما أنه يتبنى العقيدة الصهيونية بان القضاء على الفلسطينيين مهمة إلهية لا تقبل المزايدات وهو يجد في دعم واحتضان الإدارات الأمريكية المتعاقبة الحصانة لمواصلة طريق الدم ..

نقول هذا الكلام وفي قناعتنا أنه حتى لو رضخ نتنياهو وقبل بالاتفاق الذي نشرت تفاصيله لا يمكن أن يجد له موقعا على الأرض طالما انه غير ملزم لكيان الاحتلال لعدة اعتبارات.. وبعيدا عن الوقوع في تفاصيل الاتفاق الذي لم يتضمن إشارة واحدة للاحتلال الإسرائيلي  يكفي التطلع الى آخر سطر فيه حيث يشار الى ان مصر وقطر والأمم المتحدة وأمريكا هي الضامنة له.. وفي ذلك ما يؤكد أن ماله قد لا يختلف عما سبق من اتفاقات بعد كل عدوان إسرائيلي على غزة وانه لا شيء يمكن أن يمنع هذا الاحتلال الغاشم من تكرار ومواصلة مجازره وإعادة هدم وتدمير ما يتم أعماره أو بناؤه ..

وفي انتظار ما ستؤول إليه تطورات الأحداث بعد رفض نتنياهو أمر الهدنة وإصراره على مواصلة العملية العسكرية لاجتياح مدينة رفح متجاهلا كل الأصوات والنداءات الأممية والأوروبية الحقوقية والإنسانية وذلك بالتزامن مع دخول حرب الإبادة في غزة شهرها الثامن على التوالي ومع تحول القطاع الى مدينة للموت أمام  جيوش الضحايا من نساء وأطفال وشيوخ وأمام حجم الدمار والخراب الذي قد يستوجب حسب الأمم المتحدة عقودا لإعادة إعمار وبناء ما تهدم.. تبقى صرخات أهالي غزة التائهين بعد تحذيرات مناشير الاحتلال للأهالي بالمغادرة فورا سيدة المشهد في مسرح الأحداث حيث لا مكان آمن يلجأون إليه ...

وكأن سبعة أشهر من القصف والاجتياحات اليومية لا تكفي الاحتلال ليقرر المضي قدما في اجتياح رفح المدينة المزدحمة بأكثر من مليون ساكن..

والحقيقة أنه لا يمكن إلا لساذج أو واهم أن يتوقع من نتنياهو رئيس وزراء كيان الاحتلال وشركائه بن غفير وغالانت القبول بأي هدنة تدفع الى إيقاف الحرب.. ولاشك أن نتنياهو الذي استحق لقب مجرم الحرب آخر من يتطلع الى أي هدنة مهما استجابت لشروط حكومته اليمينية المتطرفة, بل الأكيد أن نتنياهو أكثر الحالمين بإطالة أمد الحرب حتى وان استمرت الى حين انتهاء ولايته في 2027 اذا تمكن من البقاء في السلطة ...فليس سرا أن نتنياهو يدرك جيدا أنه أول الملاحقين من الرأي العام الإسرائيلي الذي يحمله الفشل  الاستخباراتي في استباق عملية طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر الماضي والذي بات يطالب بالتحقيق في ملابسات ما حدث ومحاسبة المسؤولين العسكريين لا سيما بعد استقالة رئيس المخابرات الإسرائيلية قبل أسابيع على خلفية عملية السابع من أكتوبر ويطالب أيضا بالتوازي مع ذلك في محاسبة نتنياهو بسبب الفشل في استعادة الرهائن الإسرائيليين كما سبق وأعلن ذلك ...

أما في الخارج فان الواضح أن نتنياهو بدأ ينتبه للتسريبات المتواترة من أروقة الجنائية الدولية والاستعداد الجنائية الدولية لإصدار بطاقات إيداع في حقه وحق شركائه في جرائم الحرب في غزة ..

الأمر الذي دفعه الى الاستنفار ودعوة سفارات كيان الاحتلال الى التحرك على كل الجبهات لمنع هذا الأمر.. ويبدو أن نتنياهو يحاول دفع الرئيس الأمريكي جو بايدن الى الضغط في هذا الاتجاه لإنقاذه من ملاحقة الجنائية الدولية.. وقد هدد عدد من النواب الأمريكيين بفرض عقوبات على كريم خان المدعي العام للجنائية الدولية لدفعه للتخلي عن هذه الخطوة ..

ولا تتوقف محاولات الإنقاذ الأمريكي عند هذا الحد فقد هددت الإدارة الأمريكية أيضا الأمم المتحدة بتجفيف منابعها وحرمانها من التمويلات في حال اتجهت في لقاء الجمعية العامة بعد غد الجمعة الى إعلان الدولة الفلسطينية كخطوة نحو إنهاء الصراع في الشرق الأوسط..

حتى هذه المرحلة يصر نتنياهو على المضي قدما في خيار الحرب معتقدا انه بذلك يمنح نفسه حصانة لم تعد مضمونة بعد فشله في تحقيق أهدافه العسكرية رغم التفوق العسكري والدعم الذي يحظى به ..

آسيا العتروس

 ممنوع من الحياد..   الضامنون للاتفاق.. من يضمنهم؟

 

لم تستمر فرحة أهالي غزة وأطفالها طويلا بزوال المحنة وإيقاف الحرب بعد إعلان حماس عن قبول اتفاق الهدنة أو ما بات يعرف بـ"المقترح المصري القطري لوقف إطلاق النار".. وسرعان ما ازداد القصف الإسرائيلي كثافة على القطاع لتقتحم دبابات الاحتلال مدخل رفع وتزيل الأعلام الفلسطينية وتستبدلها برايات الاحتلال بعد إعلان مجلس الحرب الإسرائيلي رفضه للمبادرة التي اعتبر أنها مجحفة ولا تلبي شروط إسرائيل..

وسواء كانت حماس تناور أو كانت تبحث عن اختراق  لربح بعض الوقت أو كانت جادة في رغبتها إنهاء الحرب فقد كان قرارها مفاجئا لكيان الاحتلال الذي يبدو انه لم يتوقع قبول الحركة بالهدنة التي يتم تداولها منذ مارس الماضي على وقع الجولات المكوكية لمسؤولي الاستخبارات الأمريكية والإسرائيلية والمصرية من باريس الى الدوحة وقطر.. لاسيما وقد استبقت واشنطن إعلان حماس بتحميل الحركة مسؤولية الفشل في التوصل الى الهدنة ووقوفها حاجزا أمام أي تقدم باتجاه تحرير الرهائن وإيقاف الحرب.. لا خلاف أن قرار حماس سيحرج الإدارة الأمريكية ومعها حلفاء الاحتلال ولكنه قد لا يحرك لنتنياهو ساكنا طالما أنه يتبنى العقيدة الصهيونية بان القضاء على الفلسطينيين مهمة إلهية لا تقبل المزايدات وهو يجد في دعم واحتضان الإدارات الأمريكية المتعاقبة الحصانة لمواصلة طريق الدم ..

نقول هذا الكلام وفي قناعتنا أنه حتى لو رضخ نتنياهو وقبل بالاتفاق الذي نشرت تفاصيله لا يمكن أن يجد له موقعا على الأرض طالما انه غير ملزم لكيان الاحتلال لعدة اعتبارات.. وبعيدا عن الوقوع في تفاصيل الاتفاق الذي لم يتضمن إشارة واحدة للاحتلال الإسرائيلي  يكفي التطلع الى آخر سطر فيه حيث يشار الى ان مصر وقطر والأمم المتحدة وأمريكا هي الضامنة له.. وفي ذلك ما يؤكد أن ماله قد لا يختلف عما سبق من اتفاقات بعد كل عدوان إسرائيلي على غزة وانه لا شيء يمكن أن يمنع هذا الاحتلال الغاشم من تكرار ومواصلة مجازره وإعادة هدم وتدمير ما يتم أعماره أو بناؤه ..

وفي انتظار ما ستؤول إليه تطورات الأحداث بعد رفض نتنياهو أمر الهدنة وإصراره على مواصلة العملية العسكرية لاجتياح مدينة رفح متجاهلا كل الأصوات والنداءات الأممية والأوروبية الحقوقية والإنسانية وذلك بالتزامن مع دخول حرب الإبادة في غزة شهرها الثامن على التوالي ومع تحول القطاع الى مدينة للموت أمام  جيوش الضحايا من نساء وأطفال وشيوخ وأمام حجم الدمار والخراب الذي قد يستوجب حسب الأمم المتحدة عقودا لإعادة إعمار وبناء ما تهدم.. تبقى صرخات أهالي غزة التائهين بعد تحذيرات مناشير الاحتلال للأهالي بالمغادرة فورا سيدة المشهد في مسرح الأحداث حيث لا مكان آمن يلجأون إليه ...

وكأن سبعة أشهر من القصف والاجتياحات اليومية لا تكفي الاحتلال ليقرر المضي قدما في اجتياح رفح المدينة المزدحمة بأكثر من مليون ساكن..

والحقيقة أنه لا يمكن إلا لساذج أو واهم أن يتوقع من نتنياهو رئيس وزراء كيان الاحتلال وشركائه بن غفير وغالانت القبول بأي هدنة تدفع الى إيقاف الحرب.. ولاشك أن نتنياهو الذي استحق لقب مجرم الحرب آخر من يتطلع الى أي هدنة مهما استجابت لشروط حكومته اليمينية المتطرفة, بل الأكيد أن نتنياهو أكثر الحالمين بإطالة أمد الحرب حتى وان استمرت الى حين انتهاء ولايته في 2027 اذا تمكن من البقاء في السلطة ...فليس سرا أن نتنياهو يدرك جيدا أنه أول الملاحقين من الرأي العام الإسرائيلي الذي يحمله الفشل  الاستخباراتي في استباق عملية طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر الماضي والذي بات يطالب بالتحقيق في ملابسات ما حدث ومحاسبة المسؤولين العسكريين لا سيما بعد استقالة رئيس المخابرات الإسرائيلية قبل أسابيع على خلفية عملية السابع من أكتوبر ويطالب أيضا بالتوازي مع ذلك في محاسبة نتنياهو بسبب الفشل في استعادة الرهائن الإسرائيليين كما سبق وأعلن ذلك ...

أما في الخارج فان الواضح أن نتنياهو بدأ ينتبه للتسريبات المتواترة من أروقة الجنائية الدولية والاستعداد الجنائية الدولية لإصدار بطاقات إيداع في حقه وحق شركائه في جرائم الحرب في غزة ..

الأمر الذي دفعه الى الاستنفار ودعوة سفارات كيان الاحتلال الى التحرك على كل الجبهات لمنع هذا الأمر.. ويبدو أن نتنياهو يحاول دفع الرئيس الأمريكي جو بايدن الى الضغط في هذا الاتجاه لإنقاذه من ملاحقة الجنائية الدولية.. وقد هدد عدد من النواب الأمريكيين بفرض عقوبات على كريم خان المدعي العام للجنائية الدولية لدفعه للتخلي عن هذه الخطوة ..

ولا تتوقف محاولات الإنقاذ الأمريكي عند هذا الحد فقد هددت الإدارة الأمريكية أيضا الأمم المتحدة بتجفيف منابعها وحرمانها من التمويلات في حال اتجهت في لقاء الجمعية العامة بعد غد الجمعة الى إعلان الدولة الفلسطينية كخطوة نحو إنهاء الصراع في الشرق الأوسط..

حتى هذه المرحلة يصر نتنياهو على المضي قدما في خيار الحرب معتقدا انه بذلك يمنح نفسه حصانة لم تعد مضمونة بعد فشله في تحقيق أهدافه العسكرية رغم التفوق العسكري والدعم الذي يحظى به ..

آسيا العتروس

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews