- الخبير في الموارد المائية حسين الرميلي لـ"الصباح":"كلما كان التنسيق المعلوماتي مهما بين هذه الدول الثلاث، خاصة في المجالات التقنية، كلّما يكون في مقدورنا المحافظة على هذه الثروة المائية للأجيال القادمة وما بعد القادمة"
تونس – الصباح
وقّعت كل من تونس، والجزائر وليبيا يوم الأربعاء 24 أفريل 2024 على أول اتفاقية بعد انعقاد أول اجتماع للقمة الثلاثية لقادتها الثلاثة وهي اتفاقية إنشاء "آلية تشاور حول إدارة المياه الجوفية المشتركة بالصحراء الشمالية" يكون مقرها بالجزائر.
إيمان عبد اللطيف
انعقدت في الجزائر أول قمة مصغرة لوزراء الموارد المائية لكل من الجزائر وتونس وليبيا، تنفيذا لمخرجات قمة تونس المنعقدة في 22 أفريل 2024 حيث تمّ الإعلان عن تأسيس آلية تنسيق جديدة تسمح بتبادل المعلومات والخبرات لاستغلال المياه.
ويُعدّ توقيع هذه الاتفاقية أول مخرجات القمة الثلاثية التونسية - الجزائرية – الليبية حيث أكد وزير الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري عبد المنعم بلعاتي أن "اجتماع القمة الرئاسي يعطي الغطاء السياسي الكبير للمرور وبالسرعة القصوى نحو التنفيذ الميداني".
ومن جهته قال وزير الري الجزائري، طه دربال، خلال فعاليات التوقيع، مساء الأربعاء الماضي في الجزائر العاصمة، إنّ الاتفاقية "تفتح صفحة جديدة واعدة في مجال التنسيق والتعاون بين بلداننا في مجال حيوي، ألا وهو الموارد المائية الذي ترتبط به كل عملية تنموية".
كما لفت دربال إلى أن الوثيقة من شأنها "تعميق معرفة البلدان الموقعة بمواردها المائية المشتركة في شمال الصحراء وتكثيف تبادل المعلومات في ذات الإطار"، وفق ما أوردته وكالة الأنباء الجزائرية.
واعتبر الوزير الجزائري أن "تخصيص مقر ثابت ودائم للآلية يسمح للبلدان الثلاثة بالعمل بأريحية، وفي إطار واضح المعالم ومقنّن، بما يكرس سيادة كل بلد على موارده المائية". ومن جانبه، أكد وكيل وزير الموارد المائية لدولة ليبيا، محمد فرج قنيدي، أن الاتفاقية "تضع حجر الأساس لتعاون بنّاء خدمة لشعوب المنطقة، وبما يضمن إدارة وتنمية واستدامة هذه الموارد المشتركة للأجيال القادمة".
وتقضي هذه الاتفاقية بدراسة وسائل تحسين إدارة موارد المياه الجوفية، وإعادة تفعيل آلية التشاور بشأنها في أفريل 2005، إذ عملت كل من تونس والجزائر وليبيا على إنشاء آلية إدارة منسقة لمواردها المائية العميقة، والتي يشكل منسوب المياه الجوفية جزءًا منها وذلك ضمن جزء من مشروع مرصد الساحل والصحراء (OSS) الذي عُهد إليه في ذلك الوقت مراقبتها.
وتُجدر الإشارة إلى أنّ طبقة المياه الجوفية الألبية هو نظام طبقة مياه جوفية تغطي معظم الصحراء الجزائرية والتونسية ويمتد إلى ليبيا، ويحيط بكامل العرق الشرقي الكبير، وتعد أكبر احتياطي للمياه العذبة في العالم.
ويوجد منسوب المياه الجوفية في الألبية بشكل أساسي في الصحراء الجزائرية، وهو أكبر احتياطي للمياه العذبة في العالم ويمتد على مساحة تقارب ضعف مساحة فرنسا أي على ما يزيد عن مليون كلم مربع، ويوجد أغلبها في الجزائر.
وتشير التقديرات ذاتها إلى أن المنطقة المشتركة تتوفر على 60 ألف مليار متر مكعب من المياه الجوفية، منها نحو 40 ألف على التراب الجزائري ويقدر التوزيع الإقليمي 70% للجزائر و20% لليبيا و10% لتونس.
عن مدى أهمية إبرام هذه الاتفاقية بالنسبة لتونس وفي إطار الشح المائي الذي تواجهه، أكد الخبير في الموارد المائية حسين الرميلي في تصريح لـ"الصباح" أنّ "نحن ليس لدينا مشكل في المياه العابرة للمدن وإنما لدينا مشكل في ما يُسمى بـ "مائدة القاري الوسيط" وهي شبه نهر موجود على الجزائر وليبيا وتونس والتشاد والنيجر، وكان هناك استغلال كبير من طرف الجزائر وليبيا. فقط هناك فارق كبير على القوة المادية وإمكانيات الحفر الكبيرة واستغلال الشركات النفطية للوصول لهذه المائدة العميقة".
وأضاف الرحيلي "هذه المائدة هي مائدة أحفورية يعني أي متر مكعب يتمّ استخراجه يجب تجديده، وفي الأصل على هذه الدول أن تتفق على أن تكون هذه الموائد إستراتيجية أي الالتزام بأن يكون الاستغلال للموائد الجوفية إلا بعد استنزاف كل الإمكانيات المتوفرة وإلاّ عند الضرورات القصوى".
وبالتالي "صحيح أنّ هذا الاتفاق مهم جدا ولكن يستوجب آلية رقابة من طرف الدول الثلاث وتكون لها سلطة لرفع تقاريرها بشكل منتظم إلى السلطات وحتى تكون لها معنى ولا تكون مرتبطة بمجرد التقارب السياسي وعندما لا يحصل التقارب السياسي تسقط هذه الاتفاقية".
وقال الخبير حسين الرميلي "هذه الخطوة هي خطوة تنسيق ايجابية تجعل كل طرف يعلم بالتدقيق ماذا عليه أن يفعل، مع تبادل المعلومات بين هذه الدول الثلاث المرتبة على مستوى الاستهلاك وعلى مستوى عدد الآبار المحفورة وعلى مستوى المواد والمياه ونسبة الملوحة والإشكاليات المرتبطة بها وغيرها..".
وأضاف "كل ما كان التنسيق المعلوماتي مهم، خاصة في المجالات التقنية، كلّ ما يكون في مقدورنا المحافظة على هذه الثروة المائية للأجيال القادمة وما بعد القادمة وتؤمن البقاء على هذه الأرض. فاليوم أصبح هناك حديث عن الهجرة المناخية خاصة بالمرتبطة بتقلص كميات الماء وتراجعها في الدول حتى الهجرة الداخلية داخل الدولة نفسها".
- الخبير في الموارد المائية حسين الرميلي لـ"الصباح":"كلما كان التنسيق المعلوماتي مهما بين هذه الدول الثلاث، خاصة في المجالات التقنية، كلّما يكون في مقدورنا المحافظة على هذه الثروة المائية للأجيال القادمة وما بعد القادمة"
تونس – الصباح
وقّعت كل من تونس، والجزائر وليبيا يوم الأربعاء 24 أفريل 2024 على أول اتفاقية بعد انعقاد أول اجتماع للقمة الثلاثية لقادتها الثلاثة وهي اتفاقية إنشاء "آلية تشاور حول إدارة المياه الجوفية المشتركة بالصحراء الشمالية" يكون مقرها بالجزائر.
إيمان عبد اللطيف
انعقدت في الجزائر أول قمة مصغرة لوزراء الموارد المائية لكل من الجزائر وتونس وليبيا، تنفيذا لمخرجات قمة تونس المنعقدة في 22 أفريل 2024 حيث تمّ الإعلان عن تأسيس آلية تنسيق جديدة تسمح بتبادل المعلومات والخبرات لاستغلال المياه.
ويُعدّ توقيع هذه الاتفاقية أول مخرجات القمة الثلاثية التونسية - الجزائرية – الليبية حيث أكد وزير الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري عبد المنعم بلعاتي أن "اجتماع القمة الرئاسي يعطي الغطاء السياسي الكبير للمرور وبالسرعة القصوى نحو التنفيذ الميداني".
ومن جهته قال وزير الري الجزائري، طه دربال، خلال فعاليات التوقيع، مساء الأربعاء الماضي في الجزائر العاصمة، إنّ الاتفاقية "تفتح صفحة جديدة واعدة في مجال التنسيق والتعاون بين بلداننا في مجال حيوي، ألا وهو الموارد المائية الذي ترتبط به كل عملية تنموية".
كما لفت دربال إلى أن الوثيقة من شأنها "تعميق معرفة البلدان الموقعة بمواردها المائية المشتركة في شمال الصحراء وتكثيف تبادل المعلومات في ذات الإطار"، وفق ما أوردته وكالة الأنباء الجزائرية.
واعتبر الوزير الجزائري أن "تخصيص مقر ثابت ودائم للآلية يسمح للبلدان الثلاثة بالعمل بأريحية، وفي إطار واضح المعالم ومقنّن، بما يكرس سيادة كل بلد على موارده المائية". ومن جانبه، أكد وكيل وزير الموارد المائية لدولة ليبيا، محمد فرج قنيدي، أن الاتفاقية "تضع حجر الأساس لتعاون بنّاء خدمة لشعوب المنطقة، وبما يضمن إدارة وتنمية واستدامة هذه الموارد المشتركة للأجيال القادمة".
وتقضي هذه الاتفاقية بدراسة وسائل تحسين إدارة موارد المياه الجوفية، وإعادة تفعيل آلية التشاور بشأنها في أفريل 2005، إذ عملت كل من تونس والجزائر وليبيا على إنشاء آلية إدارة منسقة لمواردها المائية العميقة، والتي يشكل منسوب المياه الجوفية جزءًا منها وذلك ضمن جزء من مشروع مرصد الساحل والصحراء (OSS) الذي عُهد إليه في ذلك الوقت مراقبتها.
وتُجدر الإشارة إلى أنّ طبقة المياه الجوفية الألبية هو نظام طبقة مياه جوفية تغطي معظم الصحراء الجزائرية والتونسية ويمتد إلى ليبيا، ويحيط بكامل العرق الشرقي الكبير، وتعد أكبر احتياطي للمياه العذبة في العالم.
ويوجد منسوب المياه الجوفية في الألبية بشكل أساسي في الصحراء الجزائرية، وهو أكبر احتياطي للمياه العذبة في العالم ويمتد على مساحة تقارب ضعف مساحة فرنسا أي على ما يزيد عن مليون كلم مربع، ويوجد أغلبها في الجزائر.
وتشير التقديرات ذاتها إلى أن المنطقة المشتركة تتوفر على 60 ألف مليار متر مكعب من المياه الجوفية، منها نحو 40 ألف على التراب الجزائري ويقدر التوزيع الإقليمي 70% للجزائر و20% لليبيا و10% لتونس.
عن مدى أهمية إبرام هذه الاتفاقية بالنسبة لتونس وفي إطار الشح المائي الذي تواجهه، أكد الخبير في الموارد المائية حسين الرميلي في تصريح لـ"الصباح" أنّ "نحن ليس لدينا مشكل في المياه العابرة للمدن وإنما لدينا مشكل في ما يُسمى بـ "مائدة القاري الوسيط" وهي شبه نهر موجود على الجزائر وليبيا وتونس والتشاد والنيجر، وكان هناك استغلال كبير من طرف الجزائر وليبيا. فقط هناك فارق كبير على القوة المادية وإمكانيات الحفر الكبيرة واستغلال الشركات النفطية للوصول لهذه المائدة العميقة".
وأضاف الرحيلي "هذه المائدة هي مائدة أحفورية يعني أي متر مكعب يتمّ استخراجه يجب تجديده، وفي الأصل على هذه الدول أن تتفق على أن تكون هذه الموائد إستراتيجية أي الالتزام بأن يكون الاستغلال للموائد الجوفية إلا بعد استنزاف كل الإمكانيات المتوفرة وإلاّ عند الضرورات القصوى".
وبالتالي "صحيح أنّ هذا الاتفاق مهم جدا ولكن يستوجب آلية رقابة من طرف الدول الثلاث وتكون لها سلطة لرفع تقاريرها بشكل منتظم إلى السلطات وحتى تكون لها معنى ولا تكون مرتبطة بمجرد التقارب السياسي وعندما لا يحصل التقارب السياسي تسقط هذه الاتفاقية".
وقال الخبير حسين الرميلي "هذه الخطوة هي خطوة تنسيق ايجابية تجعل كل طرف يعلم بالتدقيق ماذا عليه أن يفعل، مع تبادل المعلومات بين هذه الدول الثلاث المرتبة على مستوى الاستهلاك وعلى مستوى عدد الآبار المحفورة وعلى مستوى المواد والمياه ونسبة الملوحة والإشكاليات المرتبطة بها وغيرها..".
وأضاف "كل ما كان التنسيق المعلوماتي مهم، خاصة في المجالات التقنية، كلّ ما يكون في مقدورنا المحافظة على هذه الثروة المائية للأجيال القادمة وما بعد القادمة وتؤمن البقاء على هذه الأرض. فاليوم أصبح هناك حديث عن الهجرة المناخية خاصة بالمرتبطة بتقلص كميات الماء وتراجعها في الدول حتى الهجرة الداخلية داخل الدولة نفسها".