إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

النظام القانوني الجديد للانتخابات الرئاسية 2024

 

صمت الدستور عن ذكر أحكام ختامية انتقالية تبين تواريخ أو آجال تنظيم أول انتخابات بعد المصادقة عليها وكذلك القانون الانتخابي لسنة 2014

تتجه بلادنا رويدا رويدا نحو انتخابات رئاسية كثر الحديث عنها لما نعيشه من تجاذبات سياسية ولكن أيضا لكونها أول محطة رئاسية بعد إقرار دستور 2022 وما تضمنه من تعديلات في خصوصها و يتجلى الجدل القانوني في محورين أساسيين : دستورية موعد الانتخابات الرئاسية والوضعية القانونية للرئيس سعيد بها - والشروط الجديدة للترشح.

وسنحاول بسط رأي شخصي في ما ذكر واقتراح تنقيح القرار الترتيبي المنظم لشروط الترشح أي قرار هيئة الانتخابات عدد 18 لسنة 2014 .

أولا - دستورية موعد الانتخابات والوضع القانوني لرئيس الجمهورية

من المسلمات المنطقية عند إقرار دستور جديد هو نسف ما مضى من نصوص تطبيقية للدستور القديم وسن نصوص تواكب الدستور الجديد ونفس الأمر لتنظيم نشأة وعمل سلطات الدولة وتبعا لذلك يكون تنظيم الانتخابات العامة من رئاسية وتشريعية بناء على الدستور الجديد ما لم يتم إقرار أحكام انتقالية في ختامه ، مع ذلك يحكم الانتخابات التونسية قانون 2014 الساري المفعول والمنظم لمدة الدورات الرئاسية وكذلك لكافة شروط وإجراءات الترشح ومن ضمنها تحديد الولايات الرئاسية بولايتين أي دورتين فقط يتولى فيهما الفائز منصب رئيس الجمهورية وهنا يكون التساؤل حول دستورية تاريخ الانتخابات وكذلك وضعية السيد رئيس الجمهورية تجاه هذه المسألة فهل تحتسب الدورة الرئاسية المشرفة على النهاية وتكون الدورة القادمة في صورة فوزه بها دورة ثانية وأخيرة أم تكون الدورة القادمة أول دورة رئاسية لسعيد ؟

بالنسبة للتاريخ فقد صمت النص الأعلى درجة أي الدستور عن ذكر أحكام ختامية انتقالية تبين تواريخ أو آجال تنظيم أول انتخابات بعد المصادقة عليه و كذلك القانون الانتخابي لسنة 2014 ليكون حسم التاريخ سياسيا وهذا ما يعزز استقلالية هذه الانتخابات عن دستور 2014 . اما بالنسبة لوضع الرئيس فالفرضية الثانية هي الأسلم وبصفة قطعية حيث أن السيد رئيس الجمهورية سيقدم ترشحه بناء على الدستور الجديد ومن ثم نبدأ احتساب الدورات ، وحتى في صورة تعارض هذا الاحتساب مع القانون الانتخابي لسنة 2014 فإن المسألة محسومة بتطبيق الدستور قبل القواعد الأدنى درجة و لو أن إلغاء هذا القانون وسن بديل له يستوعب كافة مضامينه ستقطع بلا هوادة مع حالة الشك القانوني وسيكون النص المرجعي الوحيد هو الدستور وسيسري مفعول القانون الانتخابي الجديد على الوضعيات اللاحقة لا السابقة .

ثانيا - الشروط الجديدة لانتخابات الرئاسة :

تضمن الدستور الجديد شروطا للانتخابات الرئاسية أغلبها مكرس بالدستور السابق إلا أن التعديل طالها وربحا للوقت يمكن الاكتفاء بتنقيح القرار الترتيبي لهيئة الانتخابات الخاص بالترشح للانتخابات الرئاسية إلا أن الغموض قد يكتنف إحداها ويجب التذكير بأن قواعد الترشح قواعد آمرة لا تخضع للاجتهاد أو التشديد أو التخفيف بناء على أي نص أدنى من الدستور وإن كان القانون الانتخابي نفسه وفي ما يلي الشروط الدستورية الجديدة انطلاقا من الفصلين 89 و 90 من الدستور :

* جنسية الأصول : حيث وخلافا للدستور المقبور أوجب الفصل 89 سابق الذكر ارتباط أصول المترشح بتونس بأن يكون لأب وأم تونسيين وجد لأب وجد لأم تونسيين هو ما يعزز ارتباط المترشح بهويته وهذا الشرط غير موجود بقرار الهيئة وهو ما يوجب التعديل .

* دين المترشح : الإسلام ولا يطرح إشكالا في قرار الهيئة .

* السن حيث رفع الفصل 89 سن المترشح من 35 إلى 40 سنة وهو ما يجب أن يكون محل تنقيح من الهيئة .

* مسألة الجنسية الأخرى : حيث تسامح الدستور السابق والقانون الانتخابي مع مزدوجي الجنسية إلا أن الدستور الحالي كان حاسما ومنع ازدواج الجنسية وهذا يوجب تنقيح قرار الهيئة .

* التمتع بالحقوق المدنية والسياسية : وهذا ما يجب أن يكون ايضا محل تنقيح بأن يتم فرض بطاقة السوابق العدلية للتثبت من خلو المترشح لأحكام تمنع أو تحد من ممارسته حقوقه المدنية والسياسية كحق الاقتراع والترشح وغيرها بالتوازي مع خلوها من أحكام صريحة بمنع الترشح للانتخابات بناء على عقوبات القانون الانتخابي نفسه وأهمها فقدان الترشح المترتب عن الإدانة بسبب التمويل الأجنبي للحملة الانتخابية السابقة بناء على الفصل 163 من القانون الانتخابي وغيرها . وبالتالي لابد من إعادة فرض بطاقة السوابق العدلية بملف الترشح كما كان الأمر في النسخة الأصلية لقرار الهيئة سنة 2014 قبل تعديله وإلغاء هذا الشرط سنة 2019.

* مسألة التزكية : اقتصر دستور 2022 على تزكية المترشح من طرف عنصرين فإما عدد من أعضاء المجالس النيابية المنتخبة أو عدد من الناخبين وكلا الطريقتين ينظمهما القانون الانتخابي بإحالة من الدستور نفسه وهنا لابد من ملاحظتين أولهما أنه تم إقصاء رؤساء مجالس الجماعات المحلية المنتخبة عكس دستور 2014 وهذا ما يحول دون الاستفادة من رؤساء البلديات ولو أنها منحلة أو خاصة من رؤساء المجالس المحلية والجهوية ومجالس الأقاليم باعتبارها هي أيضا جماعات محلية دستوريا وتبعا له فإن سماح القرار الترتيبي بإضافة أي عنصر ثالث لما ذكر يعد باطلا . ثانيا أضاف دستور 2022 مجلسا نيابيا منتخبا ثانيا هو المجلس الوطني للجهات والأقاليم والذي يمكن لأعضائه تزكية المترشح تماما كأعضاء مجلس نواب الشعب وهنا يكمن التنقيح . ثالثا في ما يخص تزكيات المواطنين فالأمر محال من الدستور إلى القانون الانتخابي الذي ينص على شروط أهمها توزع المزكين على عشر دوائر انتخابية على الأقل وألا يقل المزكون بكل دائرة عن 500 مزك و هنا تبرز إشكاليات منها مفهوم الدائرة الانتخابية فلأول مرة سيتم تنظيم انتخابات رئاسية غير متزامنة مع نظيرتها التشريعية والدائرة الرئاسية هي كل التراب الوطني وبعض الدول بالخارج وان صمت قانون الانتخابات عن المسألة فإن القرار الترتيبي للهيئة فسرها بالدوائر التشريعية وهنا تكون الإشكالية الثانية إذ كنا نعيش على وقع دوائر تشريعية تساوي تقريبا حدود الولايات وكانت 27 دائرة تشريعية داخلية أما اليوم فلدينا قرابة 150 دائرة داخل الجمهورية وتبعا لذلك فمن التعسف فرض عدد الخمسمائة مزك بهذه الدوائر الصغرى وأقترح النزول بالعدد الأدنى بكل دائرة إلى مائتين وخمسين مزكيا مثلا مع تعديل عدد الدوائر التشريعية على ان النقطة الأخيرة لا تثير أشكالا دستوريا في صورة عدم تنقيحها .

وتبعا لما ذكر فإن تنقيح قرارات الهيئة يستهدف موضوعيا شروط الترشح الجديدة خاصة السن والموانع العدلية للترشح وتوزيع المزكين على الدوائر التشريعية ونفس الأمر لوثائق الترشح التي يجب أن يطال التغيير بعضها كإعادة بطاقة السوابق والنظر في مطبوعات التزكيات كما أقترح إضافة تصريح على الشرف معرف بإمضاء المترشح يقر من خلالها بصحة بياناته لمزيد تحمليه المسؤولية. وستكون هذه النقاط محل مشروع تنقيح للقرار المذكور نتقدم بها للهيئة .

عبدالرحيم بن غنيه

ناشط مدني وباحث في القانون

 

 

 

 

 

 

 

النظام القانوني الجديد للانتخابات الرئاسية 2024

 

صمت الدستور عن ذكر أحكام ختامية انتقالية تبين تواريخ أو آجال تنظيم أول انتخابات بعد المصادقة عليها وكذلك القانون الانتخابي لسنة 2014

تتجه بلادنا رويدا رويدا نحو انتخابات رئاسية كثر الحديث عنها لما نعيشه من تجاذبات سياسية ولكن أيضا لكونها أول محطة رئاسية بعد إقرار دستور 2022 وما تضمنه من تعديلات في خصوصها و يتجلى الجدل القانوني في محورين أساسيين : دستورية موعد الانتخابات الرئاسية والوضعية القانونية للرئيس سعيد بها - والشروط الجديدة للترشح.

وسنحاول بسط رأي شخصي في ما ذكر واقتراح تنقيح القرار الترتيبي المنظم لشروط الترشح أي قرار هيئة الانتخابات عدد 18 لسنة 2014 .

أولا - دستورية موعد الانتخابات والوضع القانوني لرئيس الجمهورية

من المسلمات المنطقية عند إقرار دستور جديد هو نسف ما مضى من نصوص تطبيقية للدستور القديم وسن نصوص تواكب الدستور الجديد ونفس الأمر لتنظيم نشأة وعمل سلطات الدولة وتبعا لذلك يكون تنظيم الانتخابات العامة من رئاسية وتشريعية بناء على الدستور الجديد ما لم يتم إقرار أحكام انتقالية في ختامه ، مع ذلك يحكم الانتخابات التونسية قانون 2014 الساري المفعول والمنظم لمدة الدورات الرئاسية وكذلك لكافة شروط وإجراءات الترشح ومن ضمنها تحديد الولايات الرئاسية بولايتين أي دورتين فقط يتولى فيهما الفائز منصب رئيس الجمهورية وهنا يكون التساؤل حول دستورية تاريخ الانتخابات وكذلك وضعية السيد رئيس الجمهورية تجاه هذه المسألة فهل تحتسب الدورة الرئاسية المشرفة على النهاية وتكون الدورة القادمة في صورة فوزه بها دورة ثانية وأخيرة أم تكون الدورة القادمة أول دورة رئاسية لسعيد ؟

بالنسبة للتاريخ فقد صمت النص الأعلى درجة أي الدستور عن ذكر أحكام ختامية انتقالية تبين تواريخ أو آجال تنظيم أول انتخابات بعد المصادقة عليه و كذلك القانون الانتخابي لسنة 2014 ليكون حسم التاريخ سياسيا وهذا ما يعزز استقلالية هذه الانتخابات عن دستور 2014 . اما بالنسبة لوضع الرئيس فالفرضية الثانية هي الأسلم وبصفة قطعية حيث أن السيد رئيس الجمهورية سيقدم ترشحه بناء على الدستور الجديد ومن ثم نبدأ احتساب الدورات ، وحتى في صورة تعارض هذا الاحتساب مع القانون الانتخابي لسنة 2014 فإن المسألة محسومة بتطبيق الدستور قبل القواعد الأدنى درجة و لو أن إلغاء هذا القانون وسن بديل له يستوعب كافة مضامينه ستقطع بلا هوادة مع حالة الشك القانوني وسيكون النص المرجعي الوحيد هو الدستور وسيسري مفعول القانون الانتخابي الجديد على الوضعيات اللاحقة لا السابقة .

ثانيا - الشروط الجديدة لانتخابات الرئاسة :

تضمن الدستور الجديد شروطا للانتخابات الرئاسية أغلبها مكرس بالدستور السابق إلا أن التعديل طالها وربحا للوقت يمكن الاكتفاء بتنقيح القرار الترتيبي لهيئة الانتخابات الخاص بالترشح للانتخابات الرئاسية إلا أن الغموض قد يكتنف إحداها ويجب التذكير بأن قواعد الترشح قواعد آمرة لا تخضع للاجتهاد أو التشديد أو التخفيف بناء على أي نص أدنى من الدستور وإن كان القانون الانتخابي نفسه وفي ما يلي الشروط الدستورية الجديدة انطلاقا من الفصلين 89 و 90 من الدستور :

* جنسية الأصول : حيث وخلافا للدستور المقبور أوجب الفصل 89 سابق الذكر ارتباط أصول المترشح بتونس بأن يكون لأب وأم تونسيين وجد لأب وجد لأم تونسيين هو ما يعزز ارتباط المترشح بهويته وهذا الشرط غير موجود بقرار الهيئة وهو ما يوجب التعديل .

* دين المترشح : الإسلام ولا يطرح إشكالا في قرار الهيئة .

* السن حيث رفع الفصل 89 سن المترشح من 35 إلى 40 سنة وهو ما يجب أن يكون محل تنقيح من الهيئة .

* مسألة الجنسية الأخرى : حيث تسامح الدستور السابق والقانون الانتخابي مع مزدوجي الجنسية إلا أن الدستور الحالي كان حاسما ومنع ازدواج الجنسية وهذا يوجب تنقيح قرار الهيئة .

* التمتع بالحقوق المدنية والسياسية : وهذا ما يجب أن يكون ايضا محل تنقيح بأن يتم فرض بطاقة السوابق العدلية للتثبت من خلو المترشح لأحكام تمنع أو تحد من ممارسته حقوقه المدنية والسياسية كحق الاقتراع والترشح وغيرها بالتوازي مع خلوها من أحكام صريحة بمنع الترشح للانتخابات بناء على عقوبات القانون الانتخابي نفسه وأهمها فقدان الترشح المترتب عن الإدانة بسبب التمويل الأجنبي للحملة الانتخابية السابقة بناء على الفصل 163 من القانون الانتخابي وغيرها . وبالتالي لابد من إعادة فرض بطاقة السوابق العدلية بملف الترشح كما كان الأمر في النسخة الأصلية لقرار الهيئة سنة 2014 قبل تعديله وإلغاء هذا الشرط سنة 2019.

* مسألة التزكية : اقتصر دستور 2022 على تزكية المترشح من طرف عنصرين فإما عدد من أعضاء المجالس النيابية المنتخبة أو عدد من الناخبين وكلا الطريقتين ينظمهما القانون الانتخابي بإحالة من الدستور نفسه وهنا لابد من ملاحظتين أولهما أنه تم إقصاء رؤساء مجالس الجماعات المحلية المنتخبة عكس دستور 2014 وهذا ما يحول دون الاستفادة من رؤساء البلديات ولو أنها منحلة أو خاصة من رؤساء المجالس المحلية والجهوية ومجالس الأقاليم باعتبارها هي أيضا جماعات محلية دستوريا وتبعا له فإن سماح القرار الترتيبي بإضافة أي عنصر ثالث لما ذكر يعد باطلا . ثانيا أضاف دستور 2022 مجلسا نيابيا منتخبا ثانيا هو المجلس الوطني للجهات والأقاليم والذي يمكن لأعضائه تزكية المترشح تماما كأعضاء مجلس نواب الشعب وهنا يكمن التنقيح . ثالثا في ما يخص تزكيات المواطنين فالأمر محال من الدستور إلى القانون الانتخابي الذي ينص على شروط أهمها توزع المزكين على عشر دوائر انتخابية على الأقل وألا يقل المزكون بكل دائرة عن 500 مزك و هنا تبرز إشكاليات منها مفهوم الدائرة الانتخابية فلأول مرة سيتم تنظيم انتخابات رئاسية غير متزامنة مع نظيرتها التشريعية والدائرة الرئاسية هي كل التراب الوطني وبعض الدول بالخارج وان صمت قانون الانتخابات عن المسألة فإن القرار الترتيبي للهيئة فسرها بالدوائر التشريعية وهنا تكون الإشكالية الثانية إذ كنا نعيش على وقع دوائر تشريعية تساوي تقريبا حدود الولايات وكانت 27 دائرة تشريعية داخلية أما اليوم فلدينا قرابة 150 دائرة داخل الجمهورية وتبعا لذلك فمن التعسف فرض عدد الخمسمائة مزك بهذه الدوائر الصغرى وأقترح النزول بالعدد الأدنى بكل دائرة إلى مائتين وخمسين مزكيا مثلا مع تعديل عدد الدوائر التشريعية على ان النقطة الأخيرة لا تثير أشكالا دستوريا في صورة عدم تنقيحها .

وتبعا لما ذكر فإن تنقيح قرارات الهيئة يستهدف موضوعيا شروط الترشح الجديدة خاصة السن والموانع العدلية للترشح وتوزيع المزكين على الدوائر التشريعية ونفس الأمر لوثائق الترشح التي يجب أن يطال التغيير بعضها كإعادة بطاقة السوابق والنظر في مطبوعات التزكيات كما أقترح إضافة تصريح على الشرف معرف بإمضاء المترشح يقر من خلالها بصحة بياناته لمزيد تحمليه المسؤولية. وستكون هذه النقاط محل مشروع تنقيح للقرار المذكور نتقدم بها للهيئة .

عبدالرحيم بن غنيه

ناشط مدني وباحث في القانون