توفي في 6 أفريل 2000 عن عمر ناهز 97 عاما "حسب الإعلان الرسمي"، بعد أن أمضى أكثر من اثني عشر عاما "منعزلا" ومعزولا عن العالم الخارجي في مسقط رأسه المنستير، بقرار من خليفته الرئيس زين العابدين بن علي .
قال عنه الصافي سعيد صاحب كتاب "بورقيبة.. سيرة شبه محرمة": هو "أكثر من رئيس وأكبر من عاهل بكثير، لقد جمع بين يديه دفعة واحدة سلطات الباي والمقيم العام الفرنسي".
من خلال مصير رجل استثنائي. رجل من المؤكد أن مكانته هي نتاج عمل تاريخي رائع، لكنها أيضًا نتيجة بناء سردي بالتزامن مع طول عمر سياسي كاف (1934-1987) مما سمح له بتخصيص الوقت لسرد قصة كاملة لحياته، وبناء نموذج مثالي لزعيم وقائد.
كتب بورقيبة تاريخه بنفسه، كان بمثابة نسخة من خط سير رحلته، لبناء ملحمة بمراحل مختلفة من وجوده، لإضفاء طابع رومانسي على نضاله ومقاومة قوة استعمارية.
هكذا، في حالة رجل الدولة، نعلم أن صورة البطل كانت مفروضة، ومنسقة من قبله، إن لم تكن مرتبة ومسيطر عليها حسب الأصول في تفاصيلها.
يدرج بورقيبة التاريخ الشخصي في نهاية المطاف في تاريخ جماعي معولم، تاريخ شعب وتاريخ وطن وتاريخ منطقة وعالم .
لتتوالى الأحداث من حيث السرد، لا تستبعد المغامرات، وتفسح المجال للمفارقات وتستدعي دائمًا معلومات إضافية.
بعد أقل من عقد من استقلال تونس، بدا بورقيبة في إنشاء سردية تاريخية يعلنها ويؤلفها هو بنفسه، مبنية في البداية من مقالاته المنشورة ومراسلاته ووثائقه الخاصة .
منذ عام1966، بالتوازي مع ممارسة مسؤولياته، وفوق كل شيء، فإن هذه السيرة الذاتية السياسية والفكرية تأسست بفضل فعل سهل، وبلاغة نرجسية عن طيب خاطر، وفن القول وإخبار الذات .
عندما كان بورقيبة يروي مسيرة حياته سواء من خلال دروس معهد الصحافة ثم من خلال الإذاعة والتلفزيون، أو التوجيهات اليومية التي كان يبثها التلفزيون الرسمي وجد أمامه جمهورا متقبلا ومخلصا، جمهورا مفتونا منبهرا بشخصيته ونضاله. بدا خبيرا اتصاليا بامتياز، إذ تعامل مع اللهجة التونسية، لغة الشعب، بسحر ودقة، وكان صريحا جريئا حتى في أبسط خصوصيات حياته السرية العائلية أو الزوجية، شكل لنفسه صورة الزعيم الأوحد المنتصر دائما .
قال في أحد خطبه الشهيرة عن نفسه "أنا يوغرطة الذي انتصر".
بعيدا عن التكلف روى بورقيبة وكتب مسلسلًا عن حياته الشخصية والسياسية، مثل ثنائي اللغة المثالي، العربية والفرنسية الوسيلة الفضلى وهو خريج السربون والمتمكن من اللغة والثقافة العربية .
مع وزيره المقرّب محمد الصياح تأخذ هذه السردية منحى رسميا آخر، لتتحول إلى اكبر عملية تسجيل وتوثيق وجمع لحياة قائد توضع على الذمة كل الإمكانيات ويتفرّغ لها أفضل الأساتذة والمؤرخين .
من التسجيل الشفوي إلى التوثيق الكتابي إلى البحث الميداني بما في ذلك جلب فردة حذاء تم العثور عليها في جزيرة قرقنة، تبدأ عملية التأليف لتكون النتيجة عملا موسوعيا موثقا عن مسار زعيم.
كانت الفكرة اندماج واع إلى حد ما للزعيم في التاريخ الجماعي لشعب أو أمة فصورة الرجل هي في المقام الأول صورة بلده.. وهذا ما تحقق للزعيم الراحل الحبيب بورقيبة .
كل كتب التاريخ التي لا تحتوي على مبالغات وأكاذيب مملة للغاية!.
يرويها: أبو بكر الصغير
نحن لا نصنع التاريخ، بل التاريخ هو الذي يصنعنا.
توفي في 6 أفريل 2000 عن عمر ناهز 97 عاما "حسب الإعلان الرسمي"، بعد أن أمضى أكثر من اثني عشر عاما "منعزلا" ومعزولا عن العالم الخارجي في مسقط رأسه المنستير، بقرار من خليفته الرئيس زين العابدين بن علي .
قال عنه الصافي سعيد صاحب كتاب "بورقيبة.. سيرة شبه محرمة": هو "أكثر من رئيس وأكبر من عاهل بكثير، لقد جمع بين يديه دفعة واحدة سلطات الباي والمقيم العام الفرنسي".
من خلال مصير رجل استثنائي. رجل من المؤكد أن مكانته هي نتاج عمل تاريخي رائع، لكنها أيضًا نتيجة بناء سردي بالتزامن مع طول عمر سياسي كاف (1934-1987) مما سمح له بتخصيص الوقت لسرد قصة كاملة لحياته، وبناء نموذج مثالي لزعيم وقائد.
كتب بورقيبة تاريخه بنفسه، كان بمثابة نسخة من خط سير رحلته، لبناء ملحمة بمراحل مختلفة من وجوده، لإضفاء طابع رومانسي على نضاله ومقاومة قوة استعمارية.
هكذا، في حالة رجل الدولة، نعلم أن صورة البطل كانت مفروضة، ومنسقة من قبله، إن لم تكن مرتبة ومسيطر عليها حسب الأصول في تفاصيلها.
يدرج بورقيبة التاريخ الشخصي في نهاية المطاف في تاريخ جماعي معولم، تاريخ شعب وتاريخ وطن وتاريخ منطقة وعالم .
لتتوالى الأحداث من حيث السرد، لا تستبعد المغامرات، وتفسح المجال للمفارقات وتستدعي دائمًا معلومات إضافية.
بعد أقل من عقد من استقلال تونس، بدا بورقيبة في إنشاء سردية تاريخية يعلنها ويؤلفها هو بنفسه، مبنية في البداية من مقالاته المنشورة ومراسلاته ووثائقه الخاصة .
منذ عام1966، بالتوازي مع ممارسة مسؤولياته، وفوق كل شيء، فإن هذه السيرة الذاتية السياسية والفكرية تأسست بفضل فعل سهل، وبلاغة نرجسية عن طيب خاطر، وفن القول وإخبار الذات .
عندما كان بورقيبة يروي مسيرة حياته سواء من خلال دروس معهد الصحافة ثم من خلال الإذاعة والتلفزيون، أو التوجيهات اليومية التي كان يبثها التلفزيون الرسمي وجد أمامه جمهورا متقبلا ومخلصا، جمهورا مفتونا منبهرا بشخصيته ونضاله. بدا خبيرا اتصاليا بامتياز، إذ تعامل مع اللهجة التونسية، لغة الشعب، بسحر ودقة، وكان صريحا جريئا حتى في أبسط خصوصيات حياته السرية العائلية أو الزوجية، شكل لنفسه صورة الزعيم الأوحد المنتصر دائما .
قال في أحد خطبه الشهيرة عن نفسه "أنا يوغرطة الذي انتصر".
بعيدا عن التكلف روى بورقيبة وكتب مسلسلًا عن حياته الشخصية والسياسية، مثل ثنائي اللغة المثالي، العربية والفرنسية الوسيلة الفضلى وهو خريج السربون والمتمكن من اللغة والثقافة العربية .
مع وزيره المقرّب محمد الصياح تأخذ هذه السردية منحى رسميا آخر، لتتحول إلى اكبر عملية تسجيل وتوثيق وجمع لحياة قائد توضع على الذمة كل الإمكانيات ويتفرّغ لها أفضل الأساتذة والمؤرخين .
من التسجيل الشفوي إلى التوثيق الكتابي إلى البحث الميداني بما في ذلك جلب فردة حذاء تم العثور عليها في جزيرة قرقنة، تبدأ عملية التأليف لتكون النتيجة عملا موسوعيا موثقا عن مسار زعيم.
كانت الفكرة اندماج واع إلى حد ما للزعيم في التاريخ الجماعي لشعب أو أمة فصورة الرجل هي في المقام الأول صورة بلده.. وهذا ما تحقق للزعيم الراحل الحبيب بورقيبة .
كل كتب التاريخ التي لا تحتوي على مبالغات وأكاذيب مملة للغاية!.