إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

العالم يخسر سنويا مليون هكتار.. تونس معنية بمشكل تدهور الأراضي ..ومعطياتها تحتاج التحيين

تونس- الصباح

يحيي العالم يوم 17 جوان القادم اليوم العالمي لمكافحة التصحر والجفاف الذي أعلنت عنه الجمعية العامة للأمم المتحدة في 1994 بهدف التحسيس بخطورة تدهور الأراضي على مستقبل الحياة على الأرض وتعزيز الوعي العام بالقضايا المرتبطة بالتصحر وتدهور الأراضي والجفاف، كما يتم الاحتفال بالمناسبة بمرور الذكرى الثلاثين لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، وهي معاهدة دولية ملزمة بشأن إدارة الأراضي والجفاف.

ويكتسي الاحتفال باليوم العالمي لمكافحة التصحر والجفاف أهمية  بالغة وذلك في ظل التغيرات المناخية المتسارعة التي تنذر بالخطر وتضاعف من حجم التحديات البيئية التي تواجه كوكب الأرض. ولنا أن نشير إلى أن المجموعة الدولية متجندة من أجل وضع حد لتدهور الأراضي وإنها ملتزمة بالعمل على استعادة مليار من الهكتارات -وفق أرقام الأمم المتحدة حول الموضوع -  في افق 2030.

وإذا ما علمنا انه يتم كل سنة تسجيل خسارة مليون هكتار من الأراضي السليمة ودائما وفق أرقام الأمم المتحدة، فإننا نفهم لماذا وضعت المجموعة الدولية  هذا الهدف بالذات ولماذا ينبغي على العالم أن يتجند من أجل تحقيقه واستعادة هذه المساحة الهائلة من الأراضي الضائعة.

فالأراضي السليمة تتآكل بشكل مهول وبسرعة قياسية والتصحر يتوسع لأسباب يؤكد الخبراء أنها تعود بالأساس لإفراط الإنسان في استغلال الأرض بالإفراط في الزراعة والرعي وإزالة المساحات الغابية وذلك طبعا إلى جانب العوامل  المناخية وخاصة منها الجفاف.

وتقام مراسم إحياء اليوم العالمي لمكافحة التصحر والجفاف بمدينة بون الألمانية، مقر اتفاقية الأمم المتحدة  لمكافحة التصحر وهي تحمل هذا العام  شعار "متحدون من أجل الأرض: إرثنا.. مستقبلنا"

ولا تعتبر تونس بمنأى عن مخاطر تدهور الأراضي. ونقرأ وفق معطيات رسمية (استقيناها من الصفحة الرسمية لوزارة البيئة) أن  "الأراضي المزروعة في بلادنا تحتل 28,5% من التراب الوطني. وتبين هذه المعطيات أن هذه النسبة في تزايد وذلك على حساب الأنظمة البيئية مثل الغابات والمراعي حيث سجلت الأراضي الزراعية زيادة بحوالي نصف مليون هكتار خلال العشرين سنة الأخيرة (زيادة بـ 13% )

ويشير نفس المصدر إلى أن " التشكيلات الغابية والغابات الأخرى التي تحتل 6% من التراب الوطني - قد تراجعت في العشرين سنة الأخيرة على التوالي بنسبة 4% و10%

أما بالنسبة للأراضي الجرداء فقد ارتفعت مساحتها خلال العشرين سنة الأخيرة بنسبة  4%). وتقدر تونس نسبة الأراضي" ذات" إنتاجية في تراجع" أو التي "أظهرت مؤشرات أولى على التقهقر في الإنتاجية" بـ13% ، وهذه النسبة وفق نفس المصدر " ليست بالهينة وهو ما يطرح أسئلة حول استدامة الأنظمة البيئية والأنظمة الزراعية بالبلاد. "

ولكن وجب التنبيه إلى أن هذه القراءة قد استندت على إحصائيات قديمة. فهي تعتمد على نتائج المسح الغابي الذي اجري في 1995 وفي 2010. وتمت إضافة مساحة أخرى متدهورة الى حدود 2016 وقع تحديدها بالاعتماد على نتائج المسح الغابي في الفترتين المذكورتين. والسؤال إزاء ذلك هل يمكن التأسيس على معطيات قديمة في وقت تشهد فيه البيئة تحديات كبرى وتؤثر المتغيرات المناخية على كل أنماط الحياة ويواجه فيها العالم غضب الطبيعة بشكل غير مسبوق؟ طبعا المنطق يقول انه علينا إن أردنا القيام بعمل ناجع تحيين معطياتنا،  بل نحن أمام قضية عاجلة. فالأمر مرتبط بمسألة جوهرية تهم  بلادنا وتهم بالخصوص مصداقيتها وهي التي انخرطت في الجهود الدولية لمكافحة الآثار السلبية للتغييرات المناخية وهي موجودة في اغلب المبادرات الهادفة لمواجهة التحديات البيئية.

ثم من البديهي ونحن نسعى لحماية أراضينا أن نكون على دراية بوضعنا بدقة وأن لا نبني سياسات بالكامل على استنتاجات وتوقعات وتكهنات قد لا تكون مضمونة النتائج. والسؤال إزاء ذلك، ما الذي يحول دون تحيين المعطيات والقيام بعمليات مسح غابي جديدة خاصة في ظل ما يتوفر اليوم  من إمكانيات تكنولوجية يمكن أن تيسّر العمل وان تختزل الوقت؟  آم إنها هيمنة  العقلية القديمة المتكلسة المستمرة، تلك التي تكرس البيروقراطية ولا تؤمن بشيء اسمه دراسة علمية تستند على معطيات دقيقة وعلى أرقام صحيحة وتفوت على بلادنا جل الفرص لتحقيق نقلة نوعية؟

في المقابل، ما هو واضح هو أن العالم وليس فقط تونس، أمام مشكل خطير هو مشكل تدهور الأراضي الذي تعبر عنه الأرقام المفزعة للمساحات الصالحة التي خسرناها.  فما لا يقل عن 40 بالمائة من أراضي العالم متدهورة وفق آخر أرقام للأمم المتحدة، وهو ما يعني أن نسبة هائلة من البشر ومن الكائنات الحية مهددة في وجودها.  وقد تزيد المتغيرات المناخية المتسارعة وخاصة ارتفاع نسبة الاحترار العالمي التي يتوقع الخبراء أن تتجاوز نسبة 1.5 بالمائة التي من المفروض أن يقع حصرها فيها، بالعودة إلى ما يلاحظ اليوم من ارتفاع غير مسبوق في درجات الحرارة في كافة أنحاء الأرض ( منطقة المتوسط تشهد أرقاما مرعبة دفعت بعض المناطق إلى إعلان حالة الطوارئ)، قد تزيد من تفاقم الوضع.

ويعول كثيرا على الدورة السادسة عشر لمؤتمر الأطراف لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر (COP 16 ) الذي ينعقد بالعاصمة السعودية الرياض في ديسمبر القادم (من 2  إلى 13 )  في تكثيف  الجهود العالمية للحد من التصحر وتدهور   على غرس ثقافة البيئة المستدامة ولم لا اتخاذ إجراءات عملية في هذا الاتجاه تضع حدا لنزيف الخسائر البشرية والمادية. فالخبراء يقدرون أن يكون عدد سكان الأرض الذين يمكن أن يهلكوا بسبب تدهور الأراضي مهولا، أما الخسائر المادية فهي تقدر بالمليارات.

ويتوقع أن تشارك اغلب بلدان العالم في المؤتمر الذي سيركز وفق ما أعلن عنه رسميا على " حشد الحكومات والشركات والمجتمعات في جميع أنحاء العالم لتسريع العمل على استعادة الأراضي والقدرة على التكيف مع الجفاف" وذلك إضافة إلى قضايا الأمن الغذائي والمياه والطاقة.

جدير بالذكر ان بلادنا تحتضن مرصد الصحراء والساحل( يضم عشرات البلدان والمنظمات)  الذي يشهد له بأنه يقوم بدور هام في مجال مقاومة الجفاف والتصحر وتدهور التربة والتغيرات المناخية التي أ% % ثرت  على القارة الافريقية وعلى توازنها البيئي. وتونس عموما كما ذكرنا منخرطة بقوة في الجهود العالمية من اجل التخفيف من حدة التغييرات المناخية وهي موقعة على اغلب الاتفاقيات الدولية لحماية البيئة والحفاظ على التنوع البيولوجي وهي بصدد تحيين سياساتها وقوانينها للانسجام اكثر مع الإطار العالمي للدفاع عن البيئة.  وقد انطلقت في تنفيذ استراتيجيتها الوطنية للانتقال الايكولوجي في انتظار أن ينتشر الوعي في المجتمع  بقضايا البيئة وبطبيعة الحال في انتظار ان نلمس في الواقع ما يدل على ان هناك جهودا وإمكانيات تصرف من اجل حفظ البيئة والمحيط  وتركيز التنمية المستدامة في البلاد.

 

 حياة السايب

العالم يخسر سنويا مليون هكتار..   تونس معنية بمشكل تدهور الأراضي ..ومعطياتها تحتاج التحيين

تونس- الصباح

يحيي العالم يوم 17 جوان القادم اليوم العالمي لمكافحة التصحر والجفاف الذي أعلنت عنه الجمعية العامة للأمم المتحدة في 1994 بهدف التحسيس بخطورة تدهور الأراضي على مستقبل الحياة على الأرض وتعزيز الوعي العام بالقضايا المرتبطة بالتصحر وتدهور الأراضي والجفاف، كما يتم الاحتفال بالمناسبة بمرور الذكرى الثلاثين لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، وهي معاهدة دولية ملزمة بشأن إدارة الأراضي والجفاف.

ويكتسي الاحتفال باليوم العالمي لمكافحة التصحر والجفاف أهمية  بالغة وذلك في ظل التغيرات المناخية المتسارعة التي تنذر بالخطر وتضاعف من حجم التحديات البيئية التي تواجه كوكب الأرض. ولنا أن نشير إلى أن المجموعة الدولية متجندة من أجل وضع حد لتدهور الأراضي وإنها ملتزمة بالعمل على استعادة مليار من الهكتارات -وفق أرقام الأمم المتحدة حول الموضوع -  في افق 2030.

وإذا ما علمنا انه يتم كل سنة تسجيل خسارة مليون هكتار من الأراضي السليمة ودائما وفق أرقام الأمم المتحدة، فإننا نفهم لماذا وضعت المجموعة الدولية  هذا الهدف بالذات ولماذا ينبغي على العالم أن يتجند من أجل تحقيقه واستعادة هذه المساحة الهائلة من الأراضي الضائعة.

فالأراضي السليمة تتآكل بشكل مهول وبسرعة قياسية والتصحر يتوسع لأسباب يؤكد الخبراء أنها تعود بالأساس لإفراط الإنسان في استغلال الأرض بالإفراط في الزراعة والرعي وإزالة المساحات الغابية وذلك طبعا إلى جانب العوامل  المناخية وخاصة منها الجفاف.

وتقام مراسم إحياء اليوم العالمي لمكافحة التصحر والجفاف بمدينة بون الألمانية، مقر اتفاقية الأمم المتحدة  لمكافحة التصحر وهي تحمل هذا العام  شعار "متحدون من أجل الأرض: إرثنا.. مستقبلنا"

ولا تعتبر تونس بمنأى عن مخاطر تدهور الأراضي. ونقرأ وفق معطيات رسمية (استقيناها من الصفحة الرسمية لوزارة البيئة) أن  "الأراضي المزروعة في بلادنا تحتل 28,5% من التراب الوطني. وتبين هذه المعطيات أن هذه النسبة في تزايد وذلك على حساب الأنظمة البيئية مثل الغابات والمراعي حيث سجلت الأراضي الزراعية زيادة بحوالي نصف مليون هكتار خلال العشرين سنة الأخيرة (زيادة بـ 13% )

ويشير نفس المصدر إلى أن " التشكيلات الغابية والغابات الأخرى التي تحتل 6% من التراب الوطني - قد تراجعت في العشرين سنة الأخيرة على التوالي بنسبة 4% و10%

أما بالنسبة للأراضي الجرداء فقد ارتفعت مساحتها خلال العشرين سنة الأخيرة بنسبة  4%). وتقدر تونس نسبة الأراضي" ذات" إنتاجية في تراجع" أو التي "أظهرت مؤشرات أولى على التقهقر في الإنتاجية" بـ13% ، وهذه النسبة وفق نفس المصدر " ليست بالهينة وهو ما يطرح أسئلة حول استدامة الأنظمة البيئية والأنظمة الزراعية بالبلاد. "

ولكن وجب التنبيه إلى أن هذه القراءة قد استندت على إحصائيات قديمة. فهي تعتمد على نتائج المسح الغابي الذي اجري في 1995 وفي 2010. وتمت إضافة مساحة أخرى متدهورة الى حدود 2016 وقع تحديدها بالاعتماد على نتائج المسح الغابي في الفترتين المذكورتين. والسؤال إزاء ذلك هل يمكن التأسيس على معطيات قديمة في وقت تشهد فيه البيئة تحديات كبرى وتؤثر المتغيرات المناخية على كل أنماط الحياة ويواجه فيها العالم غضب الطبيعة بشكل غير مسبوق؟ طبعا المنطق يقول انه علينا إن أردنا القيام بعمل ناجع تحيين معطياتنا،  بل نحن أمام قضية عاجلة. فالأمر مرتبط بمسألة جوهرية تهم  بلادنا وتهم بالخصوص مصداقيتها وهي التي انخرطت في الجهود الدولية لمكافحة الآثار السلبية للتغييرات المناخية وهي موجودة في اغلب المبادرات الهادفة لمواجهة التحديات البيئية.

ثم من البديهي ونحن نسعى لحماية أراضينا أن نكون على دراية بوضعنا بدقة وأن لا نبني سياسات بالكامل على استنتاجات وتوقعات وتكهنات قد لا تكون مضمونة النتائج. والسؤال إزاء ذلك، ما الذي يحول دون تحيين المعطيات والقيام بعمليات مسح غابي جديدة خاصة في ظل ما يتوفر اليوم  من إمكانيات تكنولوجية يمكن أن تيسّر العمل وان تختزل الوقت؟  آم إنها هيمنة  العقلية القديمة المتكلسة المستمرة، تلك التي تكرس البيروقراطية ولا تؤمن بشيء اسمه دراسة علمية تستند على معطيات دقيقة وعلى أرقام صحيحة وتفوت على بلادنا جل الفرص لتحقيق نقلة نوعية؟

في المقابل، ما هو واضح هو أن العالم وليس فقط تونس، أمام مشكل خطير هو مشكل تدهور الأراضي الذي تعبر عنه الأرقام المفزعة للمساحات الصالحة التي خسرناها.  فما لا يقل عن 40 بالمائة من أراضي العالم متدهورة وفق آخر أرقام للأمم المتحدة، وهو ما يعني أن نسبة هائلة من البشر ومن الكائنات الحية مهددة في وجودها.  وقد تزيد المتغيرات المناخية المتسارعة وخاصة ارتفاع نسبة الاحترار العالمي التي يتوقع الخبراء أن تتجاوز نسبة 1.5 بالمائة التي من المفروض أن يقع حصرها فيها، بالعودة إلى ما يلاحظ اليوم من ارتفاع غير مسبوق في درجات الحرارة في كافة أنحاء الأرض ( منطقة المتوسط تشهد أرقاما مرعبة دفعت بعض المناطق إلى إعلان حالة الطوارئ)، قد تزيد من تفاقم الوضع.

ويعول كثيرا على الدورة السادسة عشر لمؤتمر الأطراف لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر (COP 16 ) الذي ينعقد بالعاصمة السعودية الرياض في ديسمبر القادم (من 2  إلى 13 )  في تكثيف  الجهود العالمية للحد من التصحر وتدهور   على غرس ثقافة البيئة المستدامة ولم لا اتخاذ إجراءات عملية في هذا الاتجاه تضع حدا لنزيف الخسائر البشرية والمادية. فالخبراء يقدرون أن يكون عدد سكان الأرض الذين يمكن أن يهلكوا بسبب تدهور الأراضي مهولا، أما الخسائر المادية فهي تقدر بالمليارات.

ويتوقع أن تشارك اغلب بلدان العالم في المؤتمر الذي سيركز وفق ما أعلن عنه رسميا على " حشد الحكومات والشركات والمجتمعات في جميع أنحاء العالم لتسريع العمل على استعادة الأراضي والقدرة على التكيف مع الجفاف" وذلك إضافة إلى قضايا الأمن الغذائي والمياه والطاقة.

جدير بالذكر ان بلادنا تحتضن مرصد الصحراء والساحل( يضم عشرات البلدان والمنظمات)  الذي يشهد له بأنه يقوم بدور هام في مجال مقاومة الجفاف والتصحر وتدهور التربة والتغيرات المناخية التي أ% % ثرت  على القارة الافريقية وعلى توازنها البيئي. وتونس عموما كما ذكرنا منخرطة بقوة في الجهود العالمية من اجل التخفيف من حدة التغييرات المناخية وهي موقعة على اغلب الاتفاقيات الدولية لحماية البيئة والحفاظ على التنوع البيولوجي وهي بصدد تحيين سياساتها وقوانينها للانسجام اكثر مع الإطار العالمي للدفاع عن البيئة.  وقد انطلقت في تنفيذ استراتيجيتها الوطنية للانتقال الايكولوجي في انتظار أن ينتشر الوعي في المجتمع  بقضايا البيئة وبطبيعة الحال في انتظار ان نلمس في الواقع ما يدل على ان هناك جهودا وإمكانيات تصرف من اجل حفظ البيئة والمحيط  وتركيز التنمية المستدامة في البلاد.

 

 حياة السايب