إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

حكاياتهم.. "أولاد حومة "!..

 

يرويها: أبوبكر الصغير

من أفسد أبناء حيّنا وحومتنا؟ من شوّه صورة أولئك الشباب الذين يسكنونها، الذين هم أمل عائلاتهم وأوليائهم من أجل غد أفضل؟!

إن الحي ليس واقعا جغرافيا، بل هو قطعة من الفضاء في كل مكان، دون نطاق أو مكان خاص بها.

 تعبير حي أو حومة شعبية مرادف للأماكن الصعبة أو الحساسة. 

  فضاءات تتركز في داخلها  ظواهر الإقصاء والنموذج الأصلي للتعاسة في المجتمعات الكبيرة.

  أماكن تتجه الى  تعريف سلبي لصورة  المدينة.

  أحياء يتشارك فيها سكان ينتمون لطبقة واحدة متواضعة عادة أغلبهم من العمال أو النازحين .

 أحياء رغم بساطتها وتواضع إمكانات سكانها من الممكن العيش فيها بشكل جيد .

   ما على المرء إلا أن يذهب إلى ما هو أبعد من العناوين الرئيسية ليكتشف أن الحياة المدنية والمجتمعية غنية في تلك المجمعات السكنية.

   غالبا ما تنشأ هذه الأحياء أو ما يعرف كذلك بأحياء الطبقة العاملة بجانب المناطق الصناعية، تتميز ببناء  فوضوي خارج كلّ المنظومات العمرانية .

 هذه الأحياء هي وجه الشعب الحقيقي وحاملة لأسراره وحكاياه .

 تجمع هذه الأحياء أولئك الذين لا يملكون شيئًا أو القليل جدًا، وبالتالي يشكلون مجتمعًا غالبا ما تكون ظروفه مختلفة في ما يتعلق بنمط العيش، ولكنهم متحدون في شكل معين من الهشاشة الاقتصادية والاجتماعية والشعور بالعزلة المكانية والاجتماعية الناجمة عن الفصل.

 لكن مهما كانت الاختلافات وعدم المساواة بينهم، ومع  وراء هذه التعددية وومع هذا التنوع، فإنهم ليسوا أقل جزءًا من نفس الكل، ومن نفس العائلة يجسّدها ذلك الاختلاط القائم بين أبناء نفس الحي بعيدا عن كلّ أشكال الحواجز.

 قد يتفاجأ البعض، أنّ الأجيال التي تربت تأسيسا على عقلية "أولاد حي أو حومة" هي الأرفع خلقا والأوفى التزاما والأوسع معرفة وثقافة .

  تربية "الحومة" هي أساسا تربية طبقة شعبية متكافئة متكافلة ملتزمة بقيم هي بمثابة المحاذير التي تؤسس لنظام تعايش يقوم على الاحترام  المتبادل والانضباط .

 الأحياء أو "الحوم" الشعبية هي أكثر بكثير من الأحياء الراقية في الحفاظ على القيم الأخلاقية والثوابت الاجتماعية .

   تتميز بلادنا بتواجد أكبر حي شعبي في كامل القارة الإفريقية  وهو حي التضامن .

 يمكن تقسيم الحي أو الحومة جغرافيا، فهذه الأخيرة مترسخة ضمن فضاء المدينة منذ نشأتها وهي فرع منها في حين برز مصطلح "الحي الشعبي" خلال فترة السبعينيات الفائتة عندما غابت سياسة التعاطي الرسمي مع المسألة الحضرية وحصل التمدد غير المتحكم للسكن العشوائي في ضواحي المدن الكبرى التي تعج بحضريين جدد، استقرّوا بعد التمكن من أراضٍ خارج برامج ومخططات التهيئة العمرانية، وبناء مساكنهم عليها دون ترخيص ودون إتباع للمعايير الدنيا في السكن.

 لم تعد الأحياء و"الحوم" كما كنا نعتقد.

 هذا لن يكون كارثة حقًا لأنه في ترتيب الأشياء هي الأصل. لكن ما هو اخطر تمّ "إفساد" صورة هذه الأحياء وقبل ذلك تشويه أبنائها خاصة من الشباب الذي يعيش حالة انطواء مجالي لا يغادر حيه إلا لماما، خوفا من عنف الشرطة التي تلاحقهم دائما.

  الكثير من هؤلاء الشبان  يقضون يومهم  في العالم الافتراضي أو في النوم المطول نهارا والسهر إلى حدود الفجر كطرق لاندثار الذات .

 لقد أساءت بعض المضامين التلفزيونية بشكل كبير لصورة هذا الشباب، وأفسدته .

نحن بحاجة إعادة التفكير في المسألة الاتصالية لما نريد أن نكرسه من صورة لهذه الأحياء الشعبية وأبنائها من زاوية الحق في الاحترام والمراعاة لظروفهم الصعبة.

 المشكل أن الحياة لا تلقي بظلال قسوتها إلّا على البسطاء من الذين يعيشونها. فليس المهم أن تعيش حياة بل أن تعيشها جيدا .

حكاياتهم..   "أولاد حومة "!..

 

يرويها: أبوبكر الصغير

من أفسد أبناء حيّنا وحومتنا؟ من شوّه صورة أولئك الشباب الذين يسكنونها، الذين هم أمل عائلاتهم وأوليائهم من أجل غد أفضل؟!

إن الحي ليس واقعا جغرافيا، بل هو قطعة من الفضاء في كل مكان، دون نطاق أو مكان خاص بها.

 تعبير حي أو حومة شعبية مرادف للأماكن الصعبة أو الحساسة. 

  فضاءات تتركز في داخلها  ظواهر الإقصاء والنموذج الأصلي للتعاسة في المجتمعات الكبيرة.

  أماكن تتجه الى  تعريف سلبي لصورة  المدينة.

  أحياء يتشارك فيها سكان ينتمون لطبقة واحدة متواضعة عادة أغلبهم من العمال أو النازحين .

 أحياء رغم بساطتها وتواضع إمكانات سكانها من الممكن العيش فيها بشكل جيد .

   ما على المرء إلا أن يذهب إلى ما هو أبعد من العناوين الرئيسية ليكتشف أن الحياة المدنية والمجتمعية غنية في تلك المجمعات السكنية.

   غالبا ما تنشأ هذه الأحياء أو ما يعرف كذلك بأحياء الطبقة العاملة بجانب المناطق الصناعية، تتميز ببناء  فوضوي خارج كلّ المنظومات العمرانية .

 هذه الأحياء هي وجه الشعب الحقيقي وحاملة لأسراره وحكاياه .

 تجمع هذه الأحياء أولئك الذين لا يملكون شيئًا أو القليل جدًا، وبالتالي يشكلون مجتمعًا غالبا ما تكون ظروفه مختلفة في ما يتعلق بنمط العيش، ولكنهم متحدون في شكل معين من الهشاشة الاقتصادية والاجتماعية والشعور بالعزلة المكانية والاجتماعية الناجمة عن الفصل.

 لكن مهما كانت الاختلافات وعدم المساواة بينهم، ومع  وراء هذه التعددية وومع هذا التنوع، فإنهم ليسوا أقل جزءًا من نفس الكل، ومن نفس العائلة يجسّدها ذلك الاختلاط القائم بين أبناء نفس الحي بعيدا عن كلّ أشكال الحواجز.

 قد يتفاجأ البعض، أنّ الأجيال التي تربت تأسيسا على عقلية "أولاد حي أو حومة" هي الأرفع خلقا والأوفى التزاما والأوسع معرفة وثقافة .

  تربية "الحومة" هي أساسا تربية طبقة شعبية متكافئة متكافلة ملتزمة بقيم هي بمثابة المحاذير التي تؤسس لنظام تعايش يقوم على الاحترام  المتبادل والانضباط .

 الأحياء أو "الحوم" الشعبية هي أكثر بكثير من الأحياء الراقية في الحفاظ على القيم الأخلاقية والثوابت الاجتماعية .

   تتميز بلادنا بتواجد أكبر حي شعبي في كامل القارة الإفريقية  وهو حي التضامن .

 يمكن تقسيم الحي أو الحومة جغرافيا، فهذه الأخيرة مترسخة ضمن فضاء المدينة منذ نشأتها وهي فرع منها في حين برز مصطلح "الحي الشعبي" خلال فترة السبعينيات الفائتة عندما غابت سياسة التعاطي الرسمي مع المسألة الحضرية وحصل التمدد غير المتحكم للسكن العشوائي في ضواحي المدن الكبرى التي تعج بحضريين جدد، استقرّوا بعد التمكن من أراضٍ خارج برامج ومخططات التهيئة العمرانية، وبناء مساكنهم عليها دون ترخيص ودون إتباع للمعايير الدنيا في السكن.

 لم تعد الأحياء و"الحوم" كما كنا نعتقد.

 هذا لن يكون كارثة حقًا لأنه في ترتيب الأشياء هي الأصل. لكن ما هو اخطر تمّ "إفساد" صورة هذه الأحياء وقبل ذلك تشويه أبنائها خاصة من الشباب الذي يعيش حالة انطواء مجالي لا يغادر حيه إلا لماما، خوفا من عنف الشرطة التي تلاحقهم دائما.

  الكثير من هؤلاء الشبان  يقضون يومهم  في العالم الافتراضي أو في النوم المطول نهارا والسهر إلى حدود الفجر كطرق لاندثار الذات .

 لقد أساءت بعض المضامين التلفزيونية بشكل كبير لصورة هذا الشباب، وأفسدته .

نحن بحاجة إعادة التفكير في المسألة الاتصالية لما نريد أن نكرسه من صورة لهذه الأحياء الشعبية وأبنائها من زاوية الحق في الاحترام والمراعاة لظروفهم الصعبة.

 المشكل أن الحياة لا تلقي بظلال قسوتها إلّا على البسطاء من الذين يعيشونها. فليس المهم أن تعيش حياة بل أن تعيشها جيدا .