أصدرت وكالة "موديز" للتصنيف الائتماني، موفى الأسبوع الماضي تقريرًا حول تونس، حيث قامت بتثبيت تصنيفها الائتماني عند "CAA2" مع تغيير النظرة المستقبلية من سلبية إلى مستقرة، ورافق التصنيف جدل كبير في الأوساط الاقتصادية، حيث اعتبر عدد من خبراء الاقتصاد، أن التصنيف يمهد لمرحلة صعبة ستعيشها تونس، في حين يرى آخرون انه كان من الضروري أن ترفع الوكالة الأمريكية من تصنيف تونس إلى درجة أفضل، خصوصا وأنها تمكنت رغم الظروف العالمية الصعبة من سداد كافة ديونها لسنة 2023 قبل آجالها، كما نفذت إصلاحات اقتصادية كبيرة، أبرزها التحكم في العجز التجاري، بالإضافة إلى إعداد مجلة صرف جديدة تواكب التغييرات العالمية.
وأكد جزء واسع من خبراء الاقتصاد لـ"الصباح"، أن تغيير النظرة المستقبلية من سلبية إلى مستقرة، يُعدّ تحسنًا طفيفًا يعكس وجهة نظر "موديز" بأن الضغوط التي تواجهها الحكومة التونسية لن تزداد بشكل كبير، في حين اعتبر البعض الآخر أن "موديز" تتوقع أن تخضع احتياطيات تونس لسحب محتمل، لكنها ستستمر في توفير تغطية للواردات لمدة 3 أشهر على الأقل بحلول نهاية عام 2024.
كما تتوقع الوكالة استمرار مستوى مماثل من المساعدة المالية من شركاء تونس الثنائيين ومتعددي الأطراف، حتى من دون برنامج من صندوق النقد الدولي.
نقاط سلبية
ويعتقد بعض الخبراء أن تصنيف "CAA2" لا يزال منخفضًا، مما يعني أن تونس تواجه مخاطر ائتمانية عالية جدًا، حيث أن عدم وجود برنامج من صندوق النقد الدولي قد يؤدي إلى نقص الدعم، وصعوبة تمويل احتياجات تونس المالية.
كما يؤكد البعض أن الضبابية بشأن مصادر التمويل، هي احد الأسباب التي دفعت الوكالة الأمريكية إلى عدم الرفع مجددا في تصنيف تونس، حيث لا تزال هناك درجة عالية من الضبابية بشأن مصادر التمويل وسط احتياجات تمويل كبيرة.
وقد يؤدي تثبيت التصنيف إلى تحسين ثقة المستثمرين بشكل طفيف، لكن من غير المرجح أن يؤدي تغيير النظرة المستقبلية إلى تحسن كبير في بيئة الأعمال.
وسيعتمد التأثير على الاقتصاد بشكل كبير على قدرة الحكومة على تنفيذ الإصلاحات الهيكلية وتحقيق الاستقرار السياسي.
ويُعدّ تثبيت موديز لتصنيف تونس مع تغيير النظرة المستقبلية إلى مستقرة علامة إيجابية طفيفة، لكنه لا يزال هناك الكثير من العمل الذي يتعين القيام به لتحسين الاقتصاد التونسي.
ما هو التصنيف الائتماني؟
التصنيف الائتماني هو مؤشر على قدرة المقترض على سداد ديونه. تُستخدم التصنيفات من قبل المستثمرين لتقييم المخاطر المرتبطة باقتراض الأموال من بلد أو شركة معينة. وهناك العديد من العوامل التي تؤثر على التصنيف الائتماني، أهمها الوضع الاقتصادي ، حيث يُنظر إلى الدول ذات الاقتصاديات القوية والمستقرة على أنها أقل عرضة للخطر من الدول ذات الاقتصاديات الضعيفة أو غير المستقرة. في حين تُعتبر الدول ذات الاستقرار السياسي على أنها أقل عرضة لخطر التخلف عن السداد من الدول ذات الاضطرابات السياسية. أما الدول ذات مستويات الدين العالية أكثر عرضة لخطر التخلف عن السداد من الدول ذات مستويات الدين المنخفضة، وهو مثال تونس.
وتُنظر إلى الحكومات ذات القدرة القوية على سداد ديونها على أنها أقل عرضة للخطر من الحكومات ذات القدرة الضعيفة على سداد ديونها.
ومن الضروري هنا الإشارة، إلى أهمية النجاحات الاقتصادية التي حققتها تونس خلال 2023، وهو الآمر الذي يدعو وفق بعض الخبراء الاقتصاديين، إلى رفع تصنيف تونس لدى العديد من وكالات التصنيف العالمية، حيث حققت تونس نجاحًا غير مسبوق في سداد ديونها الخارجية خلال عام 2023، حيث تمكنت من تسديد ما يقرب من 91% من الديون المستحقة لها مع المؤسسات المالية العالمية قبل آجالها، ويعد هذا النجاح إنجازًا كبيرًا للحكومة التونسية، ويعكس جهودها الحثيثة لإصلاح الاقتصاد التونسي وتحسين وضعه المالي.
وكانت تونس قد واجهت صعوبات مالية كبيرة في السنوات الأخيرة، حيث بلغت نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي أكثر من 85 %. وقد أدت هذه الصعوبات إلى أزمة اقتصادية عميقة، وإلى تراجع معدل النمو الاقتصادي.
ومع ذلك، بدأت الحكومة التونسية في اتخاذ مجموعة من الإجراءات الاقتصادية الإصلاحية في عام 2022، بهدف تحسين وضع الاقتصاد التونسي وخفض نسبة الدين العام من الناتج المحلي الإجمالي. وقد تضمنت هذه الإجراءات، على سبيل المثال، خفض الإنفاق الحكومي وزيادة الضرائب وإصلاح منظومة الدعم. وقد ساهمت هذه النتائج الاقتصادية الإيجابية في تسهيل عملية سداد الديون الخارجية التونسية، حيث تمكنت الحكومة التونسية من تسديد ما يقرب من 91% من الديون المستحقة لها خلال عام 2023، بما في ذلك تسديد قرضين كبيرين من صندوق النقد الدولي بقيمة 2.4 مليار دولار. ويأتي هذا النجاح التونسي في سداد ديونها الخارجية بمثابة انعكاس للجهود التي بذلتها الحكومة التونسية في السنوات الأخيرة لإصلاح الاقتصاد التونسي. كما يعكس الدعم الدولي الذي تلقته تونس من المؤسسات المالية الدولية، مثل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي.
كيف يمكن لتونس تحسين تصنيفها الائتماني؟
حسب ما أشار إليه بعض الخبراء الاقتصاديين، فإنه يمكن لتونس تحسين تصنيفها الائتماني من خلال تنفيذ الإصلاحات الهيكلية، وتحسين بيئة الأعمال، حيث يجب على الحكومة التونسية إعطاء الأولوية للإصلاحات الهيكلية لتحسين بيئة الأعمال وجذب الاستثمار الأجنبي، بالإضافة إلى خفض الإنفاق الحكومي، والتحكم في كتلة الأجور والدعم، لتحسين كفاءة الإنفاق العام، إلى جانب إصلاح نظام الضرائب، حيث يجب على الحكومة إصلاح نظام الضرائب لجعله أكثر عدالة وكفاءة. كما يجب على تونس تشكيل حكومة قوية، ومستقرة قادرة على تنفيذ الإصلاحات الهيكلية، وإجراء انتخابات حرة ونزيهة لضمان استمرار الاستقرار السياسي، بالاضافة إلى نشر البيانات الاقتصادية والمالية بشكل منتظم، حيث يجب على الحكومة نشر البيانات الاقتصادية والمالية بشكل منتظم لتحسين شفافية الاقتصاد التونسي. كما يمكن لتونس تحسين تصنيفها الائتماني من خلال تعزيز علاقاتها مع الدول الأخرى، خاصة مع الدول ذات التصنيفات الائتمانية العالية. ويمكن لتونس تحسين تصنيفها الائتماني خلال 2024 من خلال تنفيذ الإصلاحات الهيكلية وتحقيق الاستقرار السياسي والحصول على دعم المؤسسات المالية الدولية، وتحسين الشفافية وتعزيز علاقاتها مع الدول الأخرى.
سفيان المهداوي
تونس- الصباح
أصدرت وكالة "موديز" للتصنيف الائتماني، موفى الأسبوع الماضي تقريرًا حول تونس، حيث قامت بتثبيت تصنيفها الائتماني عند "CAA2" مع تغيير النظرة المستقبلية من سلبية إلى مستقرة، ورافق التصنيف جدل كبير في الأوساط الاقتصادية، حيث اعتبر عدد من خبراء الاقتصاد، أن التصنيف يمهد لمرحلة صعبة ستعيشها تونس، في حين يرى آخرون انه كان من الضروري أن ترفع الوكالة الأمريكية من تصنيف تونس إلى درجة أفضل، خصوصا وأنها تمكنت رغم الظروف العالمية الصعبة من سداد كافة ديونها لسنة 2023 قبل آجالها، كما نفذت إصلاحات اقتصادية كبيرة، أبرزها التحكم في العجز التجاري، بالإضافة إلى إعداد مجلة صرف جديدة تواكب التغييرات العالمية.
وأكد جزء واسع من خبراء الاقتصاد لـ"الصباح"، أن تغيير النظرة المستقبلية من سلبية إلى مستقرة، يُعدّ تحسنًا طفيفًا يعكس وجهة نظر "موديز" بأن الضغوط التي تواجهها الحكومة التونسية لن تزداد بشكل كبير، في حين اعتبر البعض الآخر أن "موديز" تتوقع أن تخضع احتياطيات تونس لسحب محتمل، لكنها ستستمر في توفير تغطية للواردات لمدة 3 أشهر على الأقل بحلول نهاية عام 2024.
كما تتوقع الوكالة استمرار مستوى مماثل من المساعدة المالية من شركاء تونس الثنائيين ومتعددي الأطراف، حتى من دون برنامج من صندوق النقد الدولي.
نقاط سلبية
ويعتقد بعض الخبراء أن تصنيف "CAA2" لا يزال منخفضًا، مما يعني أن تونس تواجه مخاطر ائتمانية عالية جدًا، حيث أن عدم وجود برنامج من صندوق النقد الدولي قد يؤدي إلى نقص الدعم، وصعوبة تمويل احتياجات تونس المالية.
كما يؤكد البعض أن الضبابية بشأن مصادر التمويل، هي احد الأسباب التي دفعت الوكالة الأمريكية إلى عدم الرفع مجددا في تصنيف تونس، حيث لا تزال هناك درجة عالية من الضبابية بشأن مصادر التمويل وسط احتياجات تمويل كبيرة.
وقد يؤدي تثبيت التصنيف إلى تحسين ثقة المستثمرين بشكل طفيف، لكن من غير المرجح أن يؤدي تغيير النظرة المستقبلية إلى تحسن كبير في بيئة الأعمال.
وسيعتمد التأثير على الاقتصاد بشكل كبير على قدرة الحكومة على تنفيذ الإصلاحات الهيكلية وتحقيق الاستقرار السياسي.
ويُعدّ تثبيت موديز لتصنيف تونس مع تغيير النظرة المستقبلية إلى مستقرة علامة إيجابية طفيفة، لكنه لا يزال هناك الكثير من العمل الذي يتعين القيام به لتحسين الاقتصاد التونسي.
ما هو التصنيف الائتماني؟
التصنيف الائتماني هو مؤشر على قدرة المقترض على سداد ديونه. تُستخدم التصنيفات من قبل المستثمرين لتقييم المخاطر المرتبطة باقتراض الأموال من بلد أو شركة معينة. وهناك العديد من العوامل التي تؤثر على التصنيف الائتماني، أهمها الوضع الاقتصادي ، حيث يُنظر إلى الدول ذات الاقتصاديات القوية والمستقرة على أنها أقل عرضة للخطر من الدول ذات الاقتصاديات الضعيفة أو غير المستقرة. في حين تُعتبر الدول ذات الاستقرار السياسي على أنها أقل عرضة لخطر التخلف عن السداد من الدول ذات الاضطرابات السياسية. أما الدول ذات مستويات الدين العالية أكثر عرضة لخطر التخلف عن السداد من الدول ذات مستويات الدين المنخفضة، وهو مثال تونس.
وتُنظر إلى الحكومات ذات القدرة القوية على سداد ديونها على أنها أقل عرضة للخطر من الحكومات ذات القدرة الضعيفة على سداد ديونها.
ومن الضروري هنا الإشارة، إلى أهمية النجاحات الاقتصادية التي حققتها تونس خلال 2023، وهو الآمر الذي يدعو وفق بعض الخبراء الاقتصاديين، إلى رفع تصنيف تونس لدى العديد من وكالات التصنيف العالمية، حيث حققت تونس نجاحًا غير مسبوق في سداد ديونها الخارجية خلال عام 2023، حيث تمكنت من تسديد ما يقرب من 91% من الديون المستحقة لها مع المؤسسات المالية العالمية قبل آجالها، ويعد هذا النجاح إنجازًا كبيرًا للحكومة التونسية، ويعكس جهودها الحثيثة لإصلاح الاقتصاد التونسي وتحسين وضعه المالي.
وكانت تونس قد واجهت صعوبات مالية كبيرة في السنوات الأخيرة، حيث بلغت نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي أكثر من 85 %. وقد أدت هذه الصعوبات إلى أزمة اقتصادية عميقة، وإلى تراجع معدل النمو الاقتصادي.
ومع ذلك، بدأت الحكومة التونسية في اتخاذ مجموعة من الإجراءات الاقتصادية الإصلاحية في عام 2022، بهدف تحسين وضع الاقتصاد التونسي وخفض نسبة الدين العام من الناتج المحلي الإجمالي. وقد تضمنت هذه الإجراءات، على سبيل المثال، خفض الإنفاق الحكومي وزيادة الضرائب وإصلاح منظومة الدعم. وقد ساهمت هذه النتائج الاقتصادية الإيجابية في تسهيل عملية سداد الديون الخارجية التونسية، حيث تمكنت الحكومة التونسية من تسديد ما يقرب من 91% من الديون المستحقة لها خلال عام 2023، بما في ذلك تسديد قرضين كبيرين من صندوق النقد الدولي بقيمة 2.4 مليار دولار. ويأتي هذا النجاح التونسي في سداد ديونها الخارجية بمثابة انعكاس للجهود التي بذلتها الحكومة التونسية في السنوات الأخيرة لإصلاح الاقتصاد التونسي. كما يعكس الدعم الدولي الذي تلقته تونس من المؤسسات المالية الدولية، مثل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي.
كيف يمكن لتونس تحسين تصنيفها الائتماني؟
حسب ما أشار إليه بعض الخبراء الاقتصاديين، فإنه يمكن لتونس تحسين تصنيفها الائتماني من خلال تنفيذ الإصلاحات الهيكلية، وتحسين بيئة الأعمال، حيث يجب على الحكومة التونسية إعطاء الأولوية للإصلاحات الهيكلية لتحسين بيئة الأعمال وجذب الاستثمار الأجنبي، بالإضافة إلى خفض الإنفاق الحكومي، والتحكم في كتلة الأجور والدعم، لتحسين كفاءة الإنفاق العام، إلى جانب إصلاح نظام الضرائب، حيث يجب على الحكومة إصلاح نظام الضرائب لجعله أكثر عدالة وكفاءة. كما يجب على تونس تشكيل حكومة قوية، ومستقرة قادرة على تنفيذ الإصلاحات الهيكلية، وإجراء انتخابات حرة ونزيهة لضمان استمرار الاستقرار السياسي، بالاضافة إلى نشر البيانات الاقتصادية والمالية بشكل منتظم، حيث يجب على الحكومة نشر البيانات الاقتصادية والمالية بشكل منتظم لتحسين شفافية الاقتصاد التونسي. كما يمكن لتونس تحسين تصنيفها الائتماني من خلال تعزيز علاقاتها مع الدول الأخرى، خاصة مع الدول ذات التصنيفات الائتمانية العالية. ويمكن لتونس تحسين تصنيفها الائتماني خلال 2024 من خلال تنفيذ الإصلاحات الهيكلية وتحقيق الاستقرار السياسي والحصول على دعم المؤسسات المالية الدولية، وتحسين الشفافية وتعزيز علاقاتها مع الدول الأخرى.