إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

بعد انخراط وزراء وولاة ومعتمدين في "سياسة القرب" .. هل توفر الزيارات الميدانية الحلول المطلوبة..؟

 

تونس – الصباح

بعد أن بادر بالقيام بها رئيس الجمهورية قيس سعيد ونجح فيها عبر ما حققه من حظوة وترحيب واسع، خاصة في مستوى القواعد الشعبية، وعززت ثقة المواطنين فيه، أصبحت الزيارات الميدانية محل اهتمام عدد من الوزراء والمسؤولين السامين في حكومة أحمد الحشاني وبعض الولاة والمعتمدين وغيرهم من ممثلي الهياكل القطاعية والجهوية والمحلية.

 إذ ما انفكت الفترة الأخيرة تسجل إقبال بعض هؤلاء على القيام بزيارات ميدانية لتطالعنا الأخبار التي تؤكد التغيير والنقلة النوعية في سياسة السلط المركزية والجهوية والمحلية لتكون جميعها تقريبا على نفس خط سياسة رئيس الجمهورية. وذلك في إطار الاستجابة لدعوة رسمية في الغرض لاسيما في ظل الانتقادات الموجهة إلى الوزراء وممثلي السلط المركزية والجهوية والمحلية في الغرض وحالة شبه القطيعة التي تخيم في علاقتهم بمشاغل المواطن وانتظاراته ومتطلبات المرحلة، على اعتبار أنهم مسؤولو "المكاتب" وأن إدارة شؤون المؤسسات والهياكل والوزارات والدولة لا تدار من خلف أو داخل المكاتب فقط بل أن إدارة شؤون الدولة تستوجب التحرك والتواجد في مواقع الحدث والمستجدات والمشاغل للدولة والمواطن اليوم أكثر من أي وقت مضى.

ولئن شكلت معضلة الاتصال أزمة الحكومة الحالية سواء في فترة ترؤسها من قبل رئيسة الحكومة السابقة نجلاء بودن أو في فترة تولي نفس المهمة من قبل أحمد الحشاني وبقطع النظر عن أسباب هذه الأزمة واختلاف القراءات لأسبابها، فإن البعض يعتبر في انخراطها في هذه المرحلة في هذا التوجه الذي يعتمد على القيام بزيارات ميدانية بالجملة في محاولة للاقتراب من مشاغل المواطن بالأساس، يتنزل في سياق محاولات البحث عن آلية تغيير سياستها في التعاطي مع الشأن العام تحديدا في تناغم مع سياسة سعيد التي تعتمد على الزيارات الناجعة من حيث الجرأة في إثارة الملفات في تنقله لزيارة المنشآت العمومية والمواقع التي تشكل مشغلا جهويا كان أو وطنيا بما يوجه وزراء حكومته لمتابعة تلك الملفات والسعي أو العمل على ترجمتها في برامج عملية كفيلة بإيجاد الحلول المطلوبة والممكنة.

لينخرط بذلك بقية ممثلي هياكل الدولة اليوم في هذا التوجه الجديد الذي كان عاملا لتعزيز ثقة نسبة كبيرة من التونسيين في رئيس الجمهورية، في المقابل لا تزال هذه الحكومة لا تحظى بنفس القدر من الثقة، وهو ما بينته عمليات سبر للآراء، وتكشفه ردود الأفعال والانتقادات الموجهة لها عبر شبكات التواصل الاجتماعي أو من خلال الانتقادات الموجهة لها من قبل سياسيين ونشطاء المجتمع المدني أو عبر عنه بعض المواطنين أثناء لقائهم بسعيد في عديد المناسبات.

وسبق أن انتقد عبدالرزاق عويدات، رئيس المكتب السياسي لحركة الشعب ورئيس كتلة المجلس الوطني السيادي بمجلس نواب الشعب، هذا الجانب واعتبر أن معضلة غياب برنامج متكامل واضح المعالم بالنسبة للحكومة لا يمكن تعويضه بأي خيارات أخرى. معتبرا أن محاولات البحث عن بدائل سواء بتغيير الوزراء والمسؤولين أو المراهنة على الترويج لصورة جديدة لنفس الحكومة لا يفي بحاجة الدولة اليوم إلى حكومة سياسية تضم كفاءات قادرة على وضع برامج متكاملة تتناغم مع توجهات رئيس الجمهورية ولها القدرة على ترجمة المطالب التي رفعها المواطنون يوم 25 جويلية 2021 إلى برامج وإصلاحات عملية تكون أكثر نجاعة و"براغماتية" وقادرة على كسب تحدي الزمن.

وتواترت مواقف الاستغراب والاستنكار لانعدام تفاعل الحكومة تقريبا مع الملفات التي فتحها رئيس الجمهورية وغياب المتابعة لها عبر التحرك السريع ووضع برامج والقيام بالإصلاحات اللازمة والعملية الناجعة لحلها على غرار ملف "مسبح البلفدير" وملعب المنزه أو فيما يتعلق بالنقل وغيرها مثل مصنع الفسفاط بقفصة ومصنع الفولاذ ببنزرت الشركة الوطنية لعجين الحلفاء بالقصرين ومصنع السكر بباجة. الأمر الذي جعل نفس الجهة أي رئاسة الجمهورية هي من تسعى لتقديم مبادرات حلول لمثل هذه المسائل والملفات في عديد المناسبات.

فيما يرى البعض الآخر أن التوجه الرسمي اليوم للمراهنة على صورة اتصالية جديدة، تبين اقتراب ممثلي السلط الوطنية والجهوية والمحلية من مشاغل الجهات ومن ثمة المواطنين من شانه أن يحد من حدة الاحتقان في الأوساط الاجتماعية في ظل تواصل النقص في مواد الاستهلاك والبطالة مقابل الارتفاع في الأسعار وتردي الخدمات في النقل والصحة وغياب التنمية والاستثمار الذي ألقى بثقله على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية لشريحة كبيرة من المواطنين في أغلب جهات الجمهورية في ظل انعدام الحلول المنتظرة.

 لذلك فإن حكومة الحشاني بما تضمه من وزارات وممثلي السلط الوطنية والجهوية والمحلية أمام تحد جديد يعتمد على مقاربة "سياسة القرب" لكسب التحدي في الحد من تداعيات الأزمات والاشكاليات والتجاوزات المطروحة والتي ساهمت في تردي معيشة المواطن، بما يمكنها من تدارك ما يمكن تداركه وإثبات نجاعتها في معالجة الوضع من ناحية كسب ثقة المواطنين من ناحية أخرى.

نزيهة الغضباني

 

 

 

 

 

 

 

بعد انخراط وزراء وولاة ومعتمدين في "سياسة القرب" .. هل توفر الزيارات الميدانية الحلول المطلوبة..؟

 

تونس – الصباح

بعد أن بادر بالقيام بها رئيس الجمهورية قيس سعيد ونجح فيها عبر ما حققه من حظوة وترحيب واسع، خاصة في مستوى القواعد الشعبية، وعززت ثقة المواطنين فيه، أصبحت الزيارات الميدانية محل اهتمام عدد من الوزراء والمسؤولين السامين في حكومة أحمد الحشاني وبعض الولاة والمعتمدين وغيرهم من ممثلي الهياكل القطاعية والجهوية والمحلية.

 إذ ما انفكت الفترة الأخيرة تسجل إقبال بعض هؤلاء على القيام بزيارات ميدانية لتطالعنا الأخبار التي تؤكد التغيير والنقلة النوعية في سياسة السلط المركزية والجهوية والمحلية لتكون جميعها تقريبا على نفس خط سياسة رئيس الجمهورية. وذلك في إطار الاستجابة لدعوة رسمية في الغرض لاسيما في ظل الانتقادات الموجهة إلى الوزراء وممثلي السلط المركزية والجهوية والمحلية في الغرض وحالة شبه القطيعة التي تخيم في علاقتهم بمشاغل المواطن وانتظاراته ومتطلبات المرحلة، على اعتبار أنهم مسؤولو "المكاتب" وأن إدارة شؤون المؤسسات والهياكل والوزارات والدولة لا تدار من خلف أو داخل المكاتب فقط بل أن إدارة شؤون الدولة تستوجب التحرك والتواجد في مواقع الحدث والمستجدات والمشاغل للدولة والمواطن اليوم أكثر من أي وقت مضى.

ولئن شكلت معضلة الاتصال أزمة الحكومة الحالية سواء في فترة ترؤسها من قبل رئيسة الحكومة السابقة نجلاء بودن أو في فترة تولي نفس المهمة من قبل أحمد الحشاني وبقطع النظر عن أسباب هذه الأزمة واختلاف القراءات لأسبابها، فإن البعض يعتبر في انخراطها في هذه المرحلة في هذا التوجه الذي يعتمد على القيام بزيارات ميدانية بالجملة في محاولة للاقتراب من مشاغل المواطن بالأساس، يتنزل في سياق محاولات البحث عن آلية تغيير سياستها في التعاطي مع الشأن العام تحديدا في تناغم مع سياسة سعيد التي تعتمد على الزيارات الناجعة من حيث الجرأة في إثارة الملفات في تنقله لزيارة المنشآت العمومية والمواقع التي تشكل مشغلا جهويا كان أو وطنيا بما يوجه وزراء حكومته لمتابعة تلك الملفات والسعي أو العمل على ترجمتها في برامج عملية كفيلة بإيجاد الحلول المطلوبة والممكنة.

لينخرط بذلك بقية ممثلي هياكل الدولة اليوم في هذا التوجه الجديد الذي كان عاملا لتعزيز ثقة نسبة كبيرة من التونسيين في رئيس الجمهورية، في المقابل لا تزال هذه الحكومة لا تحظى بنفس القدر من الثقة، وهو ما بينته عمليات سبر للآراء، وتكشفه ردود الأفعال والانتقادات الموجهة لها عبر شبكات التواصل الاجتماعي أو من خلال الانتقادات الموجهة لها من قبل سياسيين ونشطاء المجتمع المدني أو عبر عنه بعض المواطنين أثناء لقائهم بسعيد في عديد المناسبات.

وسبق أن انتقد عبدالرزاق عويدات، رئيس المكتب السياسي لحركة الشعب ورئيس كتلة المجلس الوطني السيادي بمجلس نواب الشعب، هذا الجانب واعتبر أن معضلة غياب برنامج متكامل واضح المعالم بالنسبة للحكومة لا يمكن تعويضه بأي خيارات أخرى. معتبرا أن محاولات البحث عن بدائل سواء بتغيير الوزراء والمسؤولين أو المراهنة على الترويج لصورة جديدة لنفس الحكومة لا يفي بحاجة الدولة اليوم إلى حكومة سياسية تضم كفاءات قادرة على وضع برامج متكاملة تتناغم مع توجهات رئيس الجمهورية ولها القدرة على ترجمة المطالب التي رفعها المواطنون يوم 25 جويلية 2021 إلى برامج وإصلاحات عملية تكون أكثر نجاعة و"براغماتية" وقادرة على كسب تحدي الزمن.

وتواترت مواقف الاستغراب والاستنكار لانعدام تفاعل الحكومة تقريبا مع الملفات التي فتحها رئيس الجمهورية وغياب المتابعة لها عبر التحرك السريع ووضع برامج والقيام بالإصلاحات اللازمة والعملية الناجعة لحلها على غرار ملف "مسبح البلفدير" وملعب المنزه أو فيما يتعلق بالنقل وغيرها مثل مصنع الفسفاط بقفصة ومصنع الفولاذ ببنزرت الشركة الوطنية لعجين الحلفاء بالقصرين ومصنع السكر بباجة. الأمر الذي جعل نفس الجهة أي رئاسة الجمهورية هي من تسعى لتقديم مبادرات حلول لمثل هذه المسائل والملفات في عديد المناسبات.

فيما يرى البعض الآخر أن التوجه الرسمي اليوم للمراهنة على صورة اتصالية جديدة، تبين اقتراب ممثلي السلط الوطنية والجهوية والمحلية من مشاغل الجهات ومن ثمة المواطنين من شانه أن يحد من حدة الاحتقان في الأوساط الاجتماعية في ظل تواصل النقص في مواد الاستهلاك والبطالة مقابل الارتفاع في الأسعار وتردي الخدمات في النقل والصحة وغياب التنمية والاستثمار الذي ألقى بثقله على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية لشريحة كبيرة من المواطنين في أغلب جهات الجمهورية في ظل انعدام الحلول المنتظرة.

 لذلك فإن حكومة الحشاني بما تضمه من وزارات وممثلي السلط الوطنية والجهوية والمحلية أمام تحد جديد يعتمد على مقاربة "سياسة القرب" لكسب التحدي في الحد من تداعيات الأزمات والاشكاليات والتجاوزات المطروحة والتي ساهمت في تردي معيشة المواطن، بما يمكنها من تدارك ما يمكن تداركه وإثبات نجاعتها في معالجة الوضع من ناحية كسب ثقة المواطنين من ناحية أخرى.

نزيهة الغضباني