قدم خلال سهرة رمضانية مركز الكواكبي للتحولات الديمقراطية، تقريرا من إعداد الباحث والخبير عماد الزاوري، عرض خلاله التطور الذي مرت به منظمات المجتمع المدني في تونس والتحديات التي واجهتها منذ فترة ما قبل الاستقلال والى اليوم.. تعاملها مع السياقات السياسية ومساهمتها في بناء الانتقال الديمقراطي قبل وبعد الثور وطبيعة العلاقة التي تكونت خلال كل هذه السنوات بين الدولة ومختلف مكونات المجتمع المدني.
وبين التقرير أن المرسوم عدد 88 لسنة 2011، قد ساهم بوضوح في تطوير الجسم المدني لما فتحه من مجال واسع للتطوير، أين قفز عدد الجمعيات بفضله من 9744 ما قبل الثورة الى 24 ألفا و278 جمعية نهاية سبتمبر 2023.
ورغم أهمية هذا النسيج الجمعياتي وما كان له خلال السنوات السابقة من دور في التوعية والتغيير، فإن تقرير مركز الكواكبي كشف أنه تطور غير متوازن جغرافيا بين المركز والجهات. ويحتكر إقليم تونس الكبرى 30% من العدد الجملي للجمعيات يليه إقليم الوسط الشرقي بـ19% في حين لا تتجاوز نسبة الجمعيات في الجنوب الغربي الـ7% وتبلغ في مناطق الشمال الشرقي 9%.
ويساوي مجموع الجمعيات التي تنشط في تونس وصفاقس ونابل مجموع الجمعيات التي تنشط في كامل ولايات الجنوب التونسي بشرقه وغربه والشمال الغربي والوسط. ولا تتجاوز الجمعيات ذات المنحى الخيري والتنموي نسبة 22% من العدد الجملي للجمعيات.
ونفس التوزيع يسحب على المنظمات الدولية والأجنبية المنتصبة في تونس، أين يشير مركز "إفادة" الى وجود 217 جمعية أجنبية 163، منها بتونس العاصمة.
وتدريجيا تدعم موقع المجتمع المدني داخل النسيج الاقتصادي التونسي وكانت له مساهمات اجتماعية واقتصادية واضحة، ووفقا لتقرير مركز الكواكبي للتحولات الديمقراطية يساهم المجتمع المدني في تونس بما لا يقل عن 2 % من الناتج الداخلي الخام للبلاد كما يوفر 40 ألف موطن شغل بشكل مباشر وغير مباشر حتى انه يمكن اعتباره بمثابة القطاع الثالث بعد القطاع الخاص والقطاع العام.
وتساهم الجمعيات في المجال الاقتصادي والتنموي سواء بشكل مباشر، عبر التشغيل ودعم المبادرة والإقراض وتنشيط الاقتصاد عبر الاستهلاك.. أو بشكل غير مباشر من خلال إنتاج المعرفة والبحوث والتقارير ومراقبة السياسات والقوانين وتقديم البدائل في مسائل اقتصادية متنوعة تهم الحياة اليومية للتونسيين والتونسيات على غرار قوانين المالية والجباية ومسالة الدعم والمديونية والسياسات العمومية المتعلقة بالتشغيل والصحة والتعليم والبرامج الاجتماعية والنقل والتجهيز..
كما تتعامل منظمات المجتمع المدني مع قطاعات اقتصادية متنوعة كالنزل ووكالات الأسفار والطباعة والتصميم بالإضافة إلى شركات المحاسبة ومكاتب الدراسات والاستشارات..
وعلى خلاف ما يتم تناقله من حديث حول تمويلات منظمات المجتمع المدني تكشف الأرقام الصادرة عن محكمة المحاسبات ان حجم التمويل الأجنبي الذي تمتعت به قد تراوح بين 4.7 مليون دينار في 2012 ليصبح 37 مليون دينار سنة 2019. في ملاءمة للتطور الذي لحقه على مستوى الحجم والدور الاجتماعي والاقتصادي.
ويعتبر التقرير أن من التحديات التي يواجهها المجتمع المدني خلال السنوات الأخيرة هو التهديدات التي تحيط فضاء الحرية والتعددية الذي ينشط في إطاره.. ويعد السعي الى تغيير المرسوم 88 لسنة 2011 التهديد الأبرز خاصة أن المشاريع المقدمة الى حد الان قد حملت توجها واضحا نحو "تقييد الحريات وتضييق متزايد لأنشطة الجمعيات"، وفق التقرير.
كما يشير التقرير الى أهمية التوجه نحو تنفيذ ما جاء في المرسوم 88 من آليات مراقبة بدل الانخراط في حملات التشويه والشيطنة التي يتم إطلاقها من حين الى آخر.
ويرى الملاحظون أن الرقابة المسلطة على الجمعيات تقتصر على تلك التي تتقدم بتقاريرها للإدارة في حين تفلت منها الجمعيات التي لا تقوم بذلك فضلا عن أن إدارة الجمعيات غير قادرة على القيام برقابة ذات جدوى لغياب الإمكانيات المادية والبشرية وخصوصا تشتت الاختصاصات في ما يتعلق بالرقابة أيضا.
وحسب دراسة المركز الوطني للجمعيات "افادة"، 37% من الجمعيات غير الحكومية وخاصة منها ذات الصبغة الرياضية تقوم بنشر سنوي لقائمة المداخيل والمصاريف المالية. و29% منها لا تملك حسابا مفتوحا. كما ان 11 % من الجمعيات وخاصة ذات الصبغة الوطنية تتمتع بدعم مالي مراقب من مصادر تمويل دولية وإقليمية.
ويرتبط 13 % من الجمعيات وأساسا ذات الصبغة الخيرية والدينية في تمويلها بأحزاب وتمويلات خارجية غير مصرح بها وعبر تمويل غير خاضع للمراقبة وهو الزكاة لفائدة الجمعيات. وتخضع 10% المتبقية لتمويل ومنح قارة من الدولة.
ويقول تقرير مركز الكواكبي أن القانون يسمح بمراقبة الجمعيات واتخاذ الإجراءات ضد المخالفة منها إلا أن الممارسة تعرف عديد الانحرافات حيث تأخذ أحيانا أبعادا سياسية وانتقائية وتشكو في الكثير من الأحيان ضعف قدرة الإدارة على القيام بمهامها بشكل منتظم أمام ضعف مواردها اضعف الرقمنة.
وفي نفس السياق تفيد معطيات جاءت على لسان مديرة ديوان رئيس الحكومة، انه تم ضبط 272 جمعية مشبوهة، ووقع طلب تعليق نشاط 266 جمعية منها 182 صدر ضدها تعليق نشاط فيما تم رفض تعليق نشاط 25 أخرى. وأضافت أن عدد الجمعيات التي تم طلب الإذن بحلها قضائيا قد بلغ 176 جمعية منها 69 صدر حكم قضائي في حلها في حين رفض حل 57 جمعية أخرى.
ريم سوودي
تونس- الصباح
قدم خلال سهرة رمضانية مركز الكواكبي للتحولات الديمقراطية، تقريرا من إعداد الباحث والخبير عماد الزاوري، عرض خلاله التطور الذي مرت به منظمات المجتمع المدني في تونس والتحديات التي واجهتها منذ فترة ما قبل الاستقلال والى اليوم.. تعاملها مع السياقات السياسية ومساهمتها في بناء الانتقال الديمقراطي قبل وبعد الثور وطبيعة العلاقة التي تكونت خلال كل هذه السنوات بين الدولة ومختلف مكونات المجتمع المدني.
وبين التقرير أن المرسوم عدد 88 لسنة 2011، قد ساهم بوضوح في تطوير الجسم المدني لما فتحه من مجال واسع للتطوير، أين قفز عدد الجمعيات بفضله من 9744 ما قبل الثورة الى 24 ألفا و278 جمعية نهاية سبتمبر 2023.
ورغم أهمية هذا النسيج الجمعياتي وما كان له خلال السنوات السابقة من دور في التوعية والتغيير، فإن تقرير مركز الكواكبي كشف أنه تطور غير متوازن جغرافيا بين المركز والجهات. ويحتكر إقليم تونس الكبرى 30% من العدد الجملي للجمعيات يليه إقليم الوسط الشرقي بـ19% في حين لا تتجاوز نسبة الجمعيات في الجنوب الغربي الـ7% وتبلغ في مناطق الشمال الشرقي 9%.
ويساوي مجموع الجمعيات التي تنشط في تونس وصفاقس ونابل مجموع الجمعيات التي تنشط في كامل ولايات الجنوب التونسي بشرقه وغربه والشمال الغربي والوسط. ولا تتجاوز الجمعيات ذات المنحى الخيري والتنموي نسبة 22% من العدد الجملي للجمعيات.
ونفس التوزيع يسحب على المنظمات الدولية والأجنبية المنتصبة في تونس، أين يشير مركز "إفادة" الى وجود 217 جمعية أجنبية 163، منها بتونس العاصمة.
وتدريجيا تدعم موقع المجتمع المدني داخل النسيج الاقتصادي التونسي وكانت له مساهمات اجتماعية واقتصادية واضحة، ووفقا لتقرير مركز الكواكبي للتحولات الديمقراطية يساهم المجتمع المدني في تونس بما لا يقل عن 2 % من الناتج الداخلي الخام للبلاد كما يوفر 40 ألف موطن شغل بشكل مباشر وغير مباشر حتى انه يمكن اعتباره بمثابة القطاع الثالث بعد القطاع الخاص والقطاع العام.
وتساهم الجمعيات في المجال الاقتصادي والتنموي سواء بشكل مباشر، عبر التشغيل ودعم المبادرة والإقراض وتنشيط الاقتصاد عبر الاستهلاك.. أو بشكل غير مباشر من خلال إنتاج المعرفة والبحوث والتقارير ومراقبة السياسات والقوانين وتقديم البدائل في مسائل اقتصادية متنوعة تهم الحياة اليومية للتونسيين والتونسيات على غرار قوانين المالية والجباية ومسالة الدعم والمديونية والسياسات العمومية المتعلقة بالتشغيل والصحة والتعليم والبرامج الاجتماعية والنقل والتجهيز..
كما تتعامل منظمات المجتمع المدني مع قطاعات اقتصادية متنوعة كالنزل ووكالات الأسفار والطباعة والتصميم بالإضافة إلى شركات المحاسبة ومكاتب الدراسات والاستشارات..
وعلى خلاف ما يتم تناقله من حديث حول تمويلات منظمات المجتمع المدني تكشف الأرقام الصادرة عن محكمة المحاسبات ان حجم التمويل الأجنبي الذي تمتعت به قد تراوح بين 4.7 مليون دينار في 2012 ليصبح 37 مليون دينار سنة 2019. في ملاءمة للتطور الذي لحقه على مستوى الحجم والدور الاجتماعي والاقتصادي.
ويعتبر التقرير أن من التحديات التي يواجهها المجتمع المدني خلال السنوات الأخيرة هو التهديدات التي تحيط فضاء الحرية والتعددية الذي ينشط في إطاره.. ويعد السعي الى تغيير المرسوم 88 لسنة 2011 التهديد الأبرز خاصة أن المشاريع المقدمة الى حد الان قد حملت توجها واضحا نحو "تقييد الحريات وتضييق متزايد لأنشطة الجمعيات"، وفق التقرير.
كما يشير التقرير الى أهمية التوجه نحو تنفيذ ما جاء في المرسوم 88 من آليات مراقبة بدل الانخراط في حملات التشويه والشيطنة التي يتم إطلاقها من حين الى آخر.
ويرى الملاحظون أن الرقابة المسلطة على الجمعيات تقتصر على تلك التي تتقدم بتقاريرها للإدارة في حين تفلت منها الجمعيات التي لا تقوم بذلك فضلا عن أن إدارة الجمعيات غير قادرة على القيام برقابة ذات جدوى لغياب الإمكانيات المادية والبشرية وخصوصا تشتت الاختصاصات في ما يتعلق بالرقابة أيضا.
وحسب دراسة المركز الوطني للجمعيات "افادة"، 37% من الجمعيات غير الحكومية وخاصة منها ذات الصبغة الرياضية تقوم بنشر سنوي لقائمة المداخيل والمصاريف المالية. و29% منها لا تملك حسابا مفتوحا. كما ان 11 % من الجمعيات وخاصة ذات الصبغة الوطنية تتمتع بدعم مالي مراقب من مصادر تمويل دولية وإقليمية.
ويرتبط 13 % من الجمعيات وأساسا ذات الصبغة الخيرية والدينية في تمويلها بأحزاب وتمويلات خارجية غير مصرح بها وعبر تمويل غير خاضع للمراقبة وهو الزكاة لفائدة الجمعيات. وتخضع 10% المتبقية لتمويل ومنح قارة من الدولة.
ويقول تقرير مركز الكواكبي أن القانون يسمح بمراقبة الجمعيات واتخاذ الإجراءات ضد المخالفة منها إلا أن الممارسة تعرف عديد الانحرافات حيث تأخذ أحيانا أبعادا سياسية وانتقائية وتشكو في الكثير من الأحيان ضعف قدرة الإدارة على القيام بمهامها بشكل منتظم أمام ضعف مواردها اضعف الرقمنة.
وفي نفس السياق تفيد معطيات جاءت على لسان مديرة ديوان رئيس الحكومة، انه تم ضبط 272 جمعية مشبوهة، ووقع طلب تعليق نشاط 266 جمعية منها 182 صدر ضدها تعليق نشاط فيما تم رفض تعليق نشاط 25 أخرى. وأضافت أن عدد الجمعيات التي تم طلب الإذن بحلها قضائيا قد بلغ 176 جمعية منها 69 صدر حكم قضائي في حلها في حين رفض حل 57 جمعية أخرى.