إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

أصبحت تهدد الأفراد والمنازل في عدة مناطق.. انتشار مقلق للحشرة القرمزية.. ومخاوف من إصابة بقية الزراعات والأشجار

 

خبير في السياسات الزراعية لـ"الصباح":  الحشرة القرمزية.. آفة عابرة للحدود والتغيّرات المناخية زادت في حدّتها

تونس-الصباح

مشاهد صادمة تم نشرها مؤخرا في القيروان والمهدية وسوسة حول الانتشار المهول للحشرة القرمزية التي أصابت مساحات شاسعة من نبتة التين الشوكي "الهندي". فالحشرة وبفعل ارتفاع درجات الحرارة تفشت أكثر حتى أنها باتت تهاجم المنازل والأفراد والحيوانات.

فبعد 3 سنوات من رصدها في تونس، وكانت أول مرة في ولاية المهدية خلال شهر أوت 2021 وصلت هذه الآفة بعد المهدية إلى ولايات القيروان والمنستير وسوسة وصفاقس ونابل وسيدي بوزيد ..

وتعتبر الحشرة القشرية القرمزية وفق تعريف وزارة الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري من"الآفات الخطيرة بالنسبة لغراسات التين الشوكي إذ أنها تلحق أضرارًا بليغة بهذه النبتة لكونها تمتص نسغ أو عصارة النبتة فتظهر على الألواح مناطق مصفرة تتسع شيئًا فشيئًا لتؤدي في النهاية إلى سقوط اللوح المصاب وموت الجذع في حالة شدة الإصابة".

وفي الواقع فإنّ الحشرة القرمزية تظهر على غراسات التين الشوكي في شكل كتلة بيضاء تشبه القطن وهي تتغذى على ألواح التين الشوكي من خلال امتصاص عصارة النبتة فتظهر على الألواح مناطق مصفرة تتسع شيئا فشيئا، لتؤدي في النهاية إلى سقوط اللوح المصاب وموت الجذع.

وحول خطورة ومدى انتشار هذه الحشرة أكد فوزي الزياني الخبير في السياسات الزراعية لـ"الصباح" أن هذه الآفة تنتشر بسرعة كبيرة إذ تقوم الرياح بحملها من مكان إلى آخر، كما يمكن أن تنتقل هذه الحشرات عبر التصاقها بالآلات الفلاحية والشاحنات وصوف الأغنام والأعلاف "التبن" القادمة من المناطق الموبوءة، كما يمكن أن تلتصق بالمشاتل عند نقلها.

دور اجتماعي واقتصادي

فعلى المستويين الاجتماعي والاقتصادي تعتبر نبتة التين الشوكي محركا اقتصاديا في العديد من الجهات إذ تعيش من جمع "الهندي" آلاف العائلات منذ انطلاق موسم جني الثمرة، إلا أن جزءا كبيرا من هذه العائلات تضرر إذ بقي دون مورد رزق بفعل انتشار هذه الآفة خاصة في ظل التحذيرات من جني "سلطان الغلة".

وفي جانب آخر فإن العديد من الوحدات الصناعية وهي غالبا ما تكون مؤسسات صغرى ومتوسطة تنتج "مربى الهندي" أو زيت "قلوب الهندي" الذي يعتبر من المنتجات التجميلية المطلوبة عالميا وتونس من الدول الرائدة في هذا المجال، بالإضافة إلى تخصص بعض الوحدات في إنتاج "خل التين الشوكي".

وبين الخبير في السياسات الزراعية أن النبتة تعتبر من الأعلاف الهامة التي يعول عليها مربو الماشية في فترات الجفاف كما أن لها دورا مهما في مقاومة التصحر والمحافظة على التنوع البيولوجي.

خطر محدق ببقية الزراعات

وحذّر الخبير من مخاطر انتشار الحشرة القرمزية، التّي تعد آفة عابرة للحدود زادت التغيّرات المناخية من حدّتها، وتهدد الغراسات من التين الشوكي والنشاطات الاقتصادية والتجارية المرتبطة بها في تونس.

وحذر خاصة من إمكانية إصابة الآفة لزراعات أخرى إذ قال "كنا نعتقد أن التين الشوكي من الزراعات القوية المقاومة التي لا تصاب بأية أمراض أو آفات لكن اليوم ومع انتشار الحشرة القرمزية تبين أن الخطر قد يحدق بكل الزراعات والأشجار وهذا خطير جدا ويتطلب التحرك العاجل لكل الجهات المعنية لإنقاذ هذه الثروة الوطنية أولا ووقاية بقية الزراعات والأشجار التي قد تصيبها هذه الآفة".

واعتبر أن ميزة هذه الحشرة انتشارها السريع جدا في ظل عدم وجود مبيدات ناجعة قادرة على الفتك بها، وهو ما يستوجب التصدي لإيقاف نزيف العدوى لا سيما وأن اليوم لا نعرف تداعياتها على النسيج النباتي عموما خاصة مع تواصل التغييرات المناخية.

مقاومة محتشمة

وحذّر الخبير في السياسات الزراعية من تواصل انتشار الحشرة القرمزية بمناطق أخرى ببلادنا، واصفا مقاومة ومكافحة هذه آفة بالمحتشم جدا منذ ظهورها إلى اليوم خاصة وأن خلايا الإرشاد التي تم الاتصال بها في أكثر من مرة عبرت عن عدم قدرتها على مجابهة الوضع بسبب محدودية الإمكانيات اللوجيستية والبشرية.

وابرز محدثنا انه حتى وإن تحركت بعض الخلايا فإن عملية التصدي لم تكلل بالنجاح لأنها تتطلب المتابعة والجهد، من تقليم وحرق وردم، لا سيما في ظل عدم وجود أي مبيد فعال الى اليوم.

برنامج عاجل

ودعا فوزي الزياني إلى إعداد برنامج عاجل لمقاومة هذه الحشرة وتوفير الموارد المالية اللازمة للقيام بكل مراحل البرنامج أو الحملة حتى تكون ناجعة على اعتبار المخاوف الكبيرة من إمكانية إصابة بقية الزراعات والأشجار على غرار الزيتون والنخيل، معتبرا أنه في هذه الحالة سيكون الضرر فادحا لبلادنا بالنظر لأهمية هذين القطاعين اللذين يشغلان مئات الآلاف ويوفران عائدات هامة من العملة الصعبة لخزينة الدولة.

ودعا، أيضا، إلى إحداث لجنة وطنية تتكوّن من باحثين ومهنيين ومختصين في التين الشوكي لتشخيص الوضع وابتكار أدوية ومبيدات ناجعة مع الانطلاق في حملة إرشاد وتقص واسعة النطاق من أجل التصدي الحقيقي والناجع.

هذا وتقدر المساحات المخصصة لغراسات التين الشوكي في تونس بحوالي 600 ألف هكتار تشمل 400 ألف هكتار من التين الأملس و200 ألف هكتار من التين الشوكي.

واستعمالات التين الشوكي متعددة في تونس إذ تستخدم كسياج لتحديد الملكيات من الأراضي الفلاحية والمنازل وسياج واق فضلا عن استعماله لتقوية أنظمة مقاومة التصحر، وكأعلاف كما يستخرج من الثمرة المربى والزيوت التجميلية والخل.

حنان قيراط

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

أصبحت تهدد الأفراد والمنازل في عدة مناطق..   انتشار مقلق للحشرة القرمزية.. ومخاوف من إصابة بقية الزراعات والأشجار

 

خبير في السياسات الزراعية لـ"الصباح":  الحشرة القرمزية.. آفة عابرة للحدود والتغيّرات المناخية زادت في حدّتها

تونس-الصباح

مشاهد صادمة تم نشرها مؤخرا في القيروان والمهدية وسوسة حول الانتشار المهول للحشرة القرمزية التي أصابت مساحات شاسعة من نبتة التين الشوكي "الهندي". فالحشرة وبفعل ارتفاع درجات الحرارة تفشت أكثر حتى أنها باتت تهاجم المنازل والأفراد والحيوانات.

فبعد 3 سنوات من رصدها في تونس، وكانت أول مرة في ولاية المهدية خلال شهر أوت 2021 وصلت هذه الآفة بعد المهدية إلى ولايات القيروان والمنستير وسوسة وصفاقس ونابل وسيدي بوزيد ..

وتعتبر الحشرة القشرية القرمزية وفق تعريف وزارة الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري من"الآفات الخطيرة بالنسبة لغراسات التين الشوكي إذ أنها تلحق أضرارًا بليغة بهذه النبتة لكونها تمتص نسغ أو عصارة النبتة فتظهر على الألواح مناطق مصفرة تتسع شيئًا فشيئًا لتؤدي في النهاية إلى سقوط اللوح المصاب وموت الجذع في حالة شدة الإصابة".

وفي الواقع فإنّ الحشرة القرمزية تظهر على غراسات التين الشوكي في شكل كتلة بيضاء تشبه القطن وهي تتغذى على ألواح التين الشوكي من خلال امتصاص عصارة النبتة فتظهر على الألواح مناطق مصفرة تتسع شيئا فشيئا، لتؤدي في النهاية إلى سقوط اللوح المصاب وموت الجذع.

وحول خطورة ومدى انتشار هذه الحشرة أكد فوزي الزياني الخبير في السياسات الزراعية لـ"الصباح" أن هذه الآفة تنتشر بسرعة كبيرة إذ تقوم الرياح بحملها من مكان إلى آخر، كما يمكن أن تنتقل هذه الحشرات عبر التصاقها بالآلات الفلاحية والشاحنات وصوف الأغنام والأعلاف "التبن" القادمة من المناطق الموبوءة، كما يمكن أن تلتصق بالمشاتل عند نقلها.

دور اجتماعي واقتصادي

فعلى المستويين الاجتماعي والاقتصادي تعتبر نبتة التين الشوكي محركا اقتصاديا في العديد من الجهات إذ تعيش من جمع "الهندي" آلاف العائلات منذ انطلاق موسم جني الثمرة، إلا أن جزءا كبيرا من هذه العائلات تضرر إذ بقي دون مورد رزق بفعل انتشار هذه الآفة خاصة في ظل التحذيرات من جني "سلطان الغلة".

وفي جانب آخر فإن العديد من الوحدات الصناعية وهي غالبا ما تكون مؤسسات صغرى ومتوسطة تنتج "مربى الهندي" أو زيت "قلوب الهندي" الذي يعتبر من المنتجات التجميلية المطلوبة عالميا وتونس من الدول الرائدة في هذا المجال، بالإضافة إلى تخصص بعض الوحدات في إنتاج "خل التين الشوكي".

وبين الخبير في السياسات الزراعية أن النبتة تعتبر من الأعلاف الهامة التي يعول عليها مربو الماشية في فترات الجفاف كما أن لها دورا مهما في مقاومة التصحر والمحافظة على التنوع البيولوجي.

خطر محدق ببقية الزراعات

وحذّر الخبير من مخاطر انتشار الحشرة القرمزية، التّي تعد آفة عابرة للحدود زادت التغيّرات المناخية من حدّتها، وتهدد الغراسات من التين الشوكي والنشاطات الاقتصادية والتجارية المرتبطة بها في تونس.

وحذر خاصة من إمكانية إصابة الآفة لزراعات أخرى إذ قال "كنا نعتقد أن التين الشوكي من الزراعات القوية المقاومة التي لا تصاب بأية أمراض أو آفات لكن اليوم ومع انتشار الحشرة القرمزية تبين أن الخطر قد يحدق بكل الزراعات والأشجار وهذا خطير جدا ويتطلب التحرك العاجل لكل الجهات المعنية لإنقاذ هذه الثروة الوطنية أولا ووقاية بقية الزراعات والأشجار التي قد تصيبها هذه الآفة".

واعتبر أن ميزة هذه الحشرة انتشارها السريع جدا في ظل عدم وجود مبيدات ناجعة قادرة على الفتك بها، وهو ما يستوجب التصدي لإيقاف نزيف العدوى لا سيما وأن اليوم لا نعرف تداعياتها على النسيج النباتي عموما خاصة مع تواصل التغييرات المناخية.

مقاومة محتشمة

وحذّر الخبير في السياسات الزراعية من تواصل انتشار الحشرة القرمزية بمناطق أخرى ببلادنا، واصفا مقاومة ومكافحة هذه آفة بالمحتشم جدا منذ ظهورها إلى اليوم خاصة وأن خلايا الإرشاد التي تم الاتصال بها في أكثر من مرة عبرت عن عدم قدرتها على مجابهة الوضع بسبب محدودية الإمكانيات اللوجيستية والبشرية.

وابرز محدثنا انه حتى وإن تحركت بعض الخلايا فإن عملية التصدي لم تكلل بالنجاح لأنها تتطلب المتابعة والجهد، من تقليم وحرق وردم، لا سيما في ظل عدم وجود أي مبيد فعال الى اليوم.

برنامج عاجل

ودعا فوزي الزياني إلى إعداد برنامج عاجل لمقاومة هذه الحشرة وتوفير الموارد المالية اللازمة للقيام بكل مراحل البرنامج أو الحملة حتى تكون ناجعة على اعتبار المخاوف الكبيرة من إمكانية إصابة بقية الزراعات والأشجار على غرار الزيتون والنخيل، معتبرا أنه في هذه الحالة سيكون الضرر فادحا لبلادنا بالنظر لأهمية هذين القطاعين اللذين يشغلان مئات الآلاف ويوفران عائدات هامة من العملة الصعبة لخزينة الدولة.

ودعا، أيضا، إلى إحداث لجنة وطنية تتكوّن من باحثين ومهنيين ومختصين في التين الشوكي لتشخيص الوضع وابتكار أدوية ومبيدات ناجعة مع الانطلاق في حملة إرشاد وتقص واسعة النطاق من أجل التصدي الحقيقي والناجع.

هذا وتقدر المساحات المخصصة لغراسات التين الشوكي في تونس بحوالي 600 ألف هكتار تشمل 400 ألف هكتار من التين الأملس و200 ألف هكتار من التين الشوكي.

واستعمالات التين الشوكي متعددة في تونس إذ تستخدم كسياج لتحديد الملكيات من الأراضي الفلاحية والمنازل وسياج واق فضلا عن استعماله لتقوية أنظمة مقاومة التصحر، وكأعلاف كما يستخرج من الثمرة المربى والزيوت التجميلية والخل.

حنان قيراط