إذا كانت الأوضاع العادية داخل دولة ما محكومة أكثر بالحاضر والمستقبل، محرارها المنجز، فإنه في الحالة التونسية محكومة بكل هذا، ومحكومة أكثر بإرث بعيد يمتد سنوات مثقلة بكل أنواع الفشل والعجز وأسباب الاختلاف والحقد .
مشكلة وضعنا الرّاهن أنه محمَّل أكثر مما يطيق.
فالإنهاك يهدد مشروعا كاملا أريد به إصلاح ما فسد .
أن مصطلح الإنهاك نفسه يدعو لتمييز نسبيته.
كل حركة سياسية تميل إلى تجربة استنفاد موارد مقدساتها التأسيسية، بما يعسر الحكم بأي حال من الأحوال على استمرار قدرتها على إعادة تشكيل نفسها بنفسها، ناهيك عن أن هذا الاستنفاد بعيد كل البعد عن التحدي المزدوج الذي يختبر إمكانية قدرتها على مواصلة السيطرة على الأوضاع .
إذ هناك مشكلة داخلية متمثلة في الاضطرار إلى إدارة مجتمعات منفتحة بشكل كبير ومتزايد، بالتالي تحمِلُ خطرا قويا متزايدا لحدوث حالات من المقاومة ومن الرفض أو حتى من الشذوذ، إضافة الى وجود تلك العوامل الخارجية المتمثلة في مواجهة بعض القوى لتمشي الإصلاح نفسه باعتباره يضرّ بمصالحها .
إن ما نعيشه وما نشهده منذ فترة قد أدى إلى ظهور عدد من المواقف والأفكار المتضاربة حول ما يجب القيام به لبلادنا اليوم وكيفية تحقيق ذلك بأقل تكلفة؟؟
نحن في مواجهة واقع مركب يتطلب في حد ذاته التدخل النشط من جانب الدولة وكذلك تشريك كل فعاليات المجتمع في إقامته .
بهذا المعنى، فإن الخطاب السياسي لا يتمفصل بشكل مباشر مع وجود نظام قائم بعد منغرس في كلّ دواليب حياة الدولة .
لأنه، بعيدا عن البحث في أي مسار طبيعي للأشياء عن أساس شرعيته الخاصة، فإنه يتخذ عمدا وصراحة طابعه باعتباره مشروعا بنائيا جديدا بالكامل يهدم كل ما سبق .
إن الدرس الرئيسي الذي تعلمه التنظيميون وقد تم إثباته، موصول بالمهمة الموكلة إلى الدولة، والتي تتجاوز بكثير الدور التقليدي لحارس المنظومة الليلي، الى وضع إطار النظام الجديد موضع التنفيذ.
لكن الإشكال أن الدولة نفسها لم تكن مجرد الحارس اليقظ لهذا الإطار فحسب، بل هي نفسها ستكون خاضعة له في النهاية.
لأننا عندما نتحدث عن أزمة السياسة أو إنهاكها، يتبادر إلى الأذهان على الفور تلك العلامات والأعراض المعروفة: نسب مشاركة ضعيفة في الاستحقاقات الانتخابية باعتبار موقف الامتناع عن التصويت، تراجع دور الأجسام الوسيطة كالأحزاب والمنظمات، هجر الفضاء العام، تجنب أو الهروب من الحديث في السياسة نفسها، وما إلى ذلك، من أعراض التي هي في المصدر تثير التساؤلات حول طبيعة الحكم نفسه .
في كلّ منظومة حكم يوجد مصدران للشرعية، التي تستمد من موافقة الجسم الاجتماعي :
- المصدر الأول: قوّة المشروع نفسه وما يطرحه من حلول لمشاكل البلاد .
- المصدر الثاني: حجم انخراط العامة من الناس في هذا المشروع والإيمان به والتعبئة من أجله ولم لا التضحية .
إن القائد هو الذي يعلم الطريق، ويمضي في الطريق، ويبين لنا ماذا يوجد في هذا الطريق.
عادة القادة يصنعون أنفسهم بأنفسهم، وأعمالهم وانجازاتهم هي التي تعليهم لمرتبة الزعماء .
يرويها: أبوبكر الصغير
إذا كانت الأوضاع العادية داخل دولة ما محكومة أكثر بالحاضر والمستقبل، محرارها المنجز، فإنه في الحالة التونسية محكومة بكل هذا، ومحكومة أكثر بإرث بعيد يمتد سنوات مثقلة بكل أنواع الفشل والعجز وأسباب الاختلاف والحقد .
مشكلة وضعنا الرّاهن أنه محمَّل أكثر مما يطيق.
فالإنهاك يهدد مشروعا كاملا أريد به إصلاح ما فسد .
أن مصطلح الإنهاك نفسه يدعو لتمييز نسبيته.
كل حركة سياسية تميل إلى تجربة استنفاد موارد مقدساتها التأسيسية، بما يعسر الحكم بأي حال من الأحوال على استمرار قدرتها على إعادة تشكيل نفسها بنفسها، ناهيك عن أن هذا الاستنفاد بعيد كل البعد عن التحدي المزدوج الذي يختبر إمكانية قدرتها على مواصلة السيطرة على الأوضاع .
إذ هناك مشكلة داخلية متمثلة في الاضطرار إلى إدارة مجتمعات منفتحة بشكل كبير ومتزايد، بالتالي تحمِلُ خطرا قويا متزايدا لحدوث حالات من المقاومة ومن الرفض أو حتى من الشذوذ، إضافة الى وجود تلك العوامل الخارجية المتمثلة في مواجهة بعض القوى لتمشي الإصلاح نفسه باعتباره يضرّ بمصالحها .
إن ما نعيشه وما نشهده منذ فترة قد أدى إلى ظهور عدد من المواقف والأفكار المتضاربة حول ما يجب القيام به لبلادنا اليوم وكيفية تحقيق ذلك بأقل تكلفة؟؟
نحن في مواجهة واقع مركب يتطلب في حد ذاته التدخل النشط من جانب الدولة وكذلك تشريك كل فعاليات المجتمع في إقامته .
بهذا المعنى، فإن الخطاب السياسي لا يتمفصل بشكل مباشر مع وجود نظام قائم بعد منغرس في كلّ دواليب حياة الدولة .
لأنه، بعيدا عن البحث في أي مسار طبيعي للأشياء عن أساس شرعيته الخاصة، فإنه يتخذ عمدا وصراحة طابعه باعتباره مشروعا بنائيا جديدا بالكامل يهدم كل ما سبق .
إن الدرس الرئيسي الذي تعلمه التنظيميون وقد تم إثباته، موصول بالمهمة الموكلة إلى الدولة، والتي تتجاوز بكثير الدور التقليدي لحارس المنظومة الليلي، الى وضع إطار النظام الجديد موضع التنفيذ.
لكن الإشكال أن الدولة نفسها لم تكن مجرد الحارس اليقظ لهذا الإطار فحسب، بل هي نفسها ستكون خاضعة له في النهاية.
لأننا عندما نتحدث عن أزمة السياسة أو إنهاكها، يتبادر إلى الأذهان على الفور تلك العلامات والأعراض المعروفة: نسب مشاركة ضعيفة في الاستحقاقات الانتخابية باعتبار موقف الامتناع عن التصويت، تراجع دور الأجسام الوسيطة كالأحزاب والمنظمات، هجر الفضاء العام، تجنب أو الهروب من الحديث في السياسة نفسها، وما إلى ذلك، من أعراض التي هي في المصدر تثير التساؤلات حول طبيعة الحكم نفسه .
في كلّ منظومة حكم يوجد مصدران للشرعية، التي تستمد من موافقة الجسم الاجتماعي :
- المصدر الأول: قوّة المشروع نفسه وما يطرحه من حلول لمشاكل البلاد .
- المصدر الثاني: حجم انخراط العامة من الناس في هذا المشروع والإيمان به والتعبئة من أجله ولم لا التضحية .
إن القائد هو الذي يعلم الطريق، ويمضي في الطريق، ويبين لنا ماذا يوجد في هذا الطريق.
عادة القادة يصنعون أنفسهم بأنفسهم، وأعمالهم وانجازاتهم هي التي تعليهم لمرتبة الزعماء .