ما من شك في أن المسرح يظل اللبنة الأساسية لتكوين الممثل وصقل موهبته والتمكن من أدوات الممثل حتى يتمكن من وسائط التمثيل المتعددة.. بدليل أن ثلة من المسرحيين الشبان أبدعوا وتألقوا في هذا الموسم الرمضاني على قنوات تونسية في أعمال متنوعة على غرار "باب الرزق" لهيفل بن يوسف في الوطنية الأولى أو "رقوج" لعبد الحميد بوشناق على قناة "نسمة الجديدة"
وجوه جديدة -إلى جانب ممثلين تواصل إبداعهم من موسم إلى ٱخر- شدت انتباه المتفرج في رمضان 2024 وكانت محل إعجابه واستحسانه من خلال ردود الأفعال ونسب المشاهدة اليومية.. كأن لسان حال كل منبهر بالأداء يقول: أين كانت كل تلك المواهب ولماذا لم تُمنح مساحات أوسع في أعمال أخرى ولم تدرك الفرصة إلا في البعض من أعمال هذا الموسم؟!!
فالمتأمل في تماهي ثلة من الممثلين الشبان وإبداعهم في تقمص شخصيات الأعمال الدرامية الملفتة للانتباه، وخاصة "رقوج" لعبد الحميد بوشناق -نظرا لتبنيه العديد من ممثلي المسرح- يلاحظ تميزهم عمن سواهم من الممثلين الذين لم يخوضوا تجارب هامة على خشبات المسارح..
ذلك أن سر تميزهم يرجع بالأساس إلى المخزون الفني background وعمق درايتهم بأدوات التمثيل والقدرة الهائلة على التقمص والمحاكاة.. وهو ما تبين للمشاهد من خلال الأدوار المركبة في "رقوج".. أدوار أتقنها أبناء "التياترو" وخريجو المعهد العالي للمسرح بشكل لم نواكبه منذ زمن بعيد في الدراما التونسية أو في "الفنتازيا" الاجتماعية..
وبما أن الممثل عامة يجب أن يكون ممثلا متكاملا مبدعا في التراجيديا كما الكوميديا، لم تخن بعض الوجوه الشابة المشاركة في "رقوج" تلك المعادلة الصعبة على غرار الممثل شوقي خوجة في دور "مبروك" والممثل حسام الغريبي في دور "العيفة" والممثل وليد عيادي وأروى الرحالي وغيرهم من الممثلين الذين أقنعوا وأضافوا الكثير للعمل من حيث القيمة الفنية وتوظيف الرسائل المبطنة.. طبعا هذا لا ينفي إبداع كل من البحري الرحالي وعزيز الجبالي في دور "الورل" وصابر الوسلاتي في دور "الديناري (رئيس بلدية)" وقولته الشهيرة في المسلسل tu manges je mange والتي أصبحت "ترند" في وقت قياسي فضلا عن تجسيد ومعايشة الشخصية التي جعلت المتفرج كأنه بصدد متابعة أحداث واقعية، ليس بغريب عن ممثل اختص في النقد السياسي الساخر في إحدى الإذاعات لمدة طويلة وكان طريفا وعميقا في طرحه لوقائع متشعبة..
هكذا كان حضور المسرحيين في "رقوج" ذا وقع خاص على المستوى الإبداعي والعلاقة الاستثنائية مع المشاهد من خلال الصدق والعبقرية في إيصال خلفيات الشخصية ونوازعها النفسية.. لا سيما دور "العيفة" الذي لم ينبس من خلاله المسرحي حسام الغريبي ببنت شفة إلى الٱن، لأنه قام بقص لسانه ما جعل الدور مركبا عميقا مثيرا وعميقا لدرجة أنه يشعرك بالاشمئزاز والتعاطف في آن واحد وهذه "الخيمياء" بين المتفرج والمبدع لا يمكن أن تتحقق إلا إذا غاص الممثل في أغوار الشخصية وتمكن من كل تفاصيلها، وهو ما لاحظناه في دور "العيفة".. إذ ليس من السهل أن تكون مؤثرا في الحبكة الدرامية وأطوار الأحداث دون نطق واللعب على الحركة gestuelle فقط..
وليد عبداللاوي
تونس-الصباح
ما من شك في أن المسرح يظل اللبنة الأساسية لتكوين الممثل وصقل موهبته والتمكن من أدوات الممثل حتى يتمكن من وسائط التمثيل المتعددة.. بدليل أن ثلة من المسرحيين الشبان أبدعوا وتألقوا في هذا الموسم الرمضاني على قنوات تونسية في أعمال متنوعة على غرار "باب الرزق" لهيفل بن يوسف في الوطنية الأولى أو "رقوج" لعبد الحميد بوشناق على قناة "نسمة الجديدة"
وجوه جديدة -إلى جانب ممثلين تواصل إبداعهم من موسم إلى ٱخر- شدت انتباه المتفرج في رمضان 2024 وكانت محل إعجابه واستحسانه من خلال ردود الأفعال ونسب المشاهدة اليومية.. كأن لسان حال كل منبهر بالأداء يقول: أين كانت كل تلك المواهب ولماذا لم تُمنح مساحات أوسع في أعمال أخرى ولم تدرك الفرصة إلا في البعض من أعمال هذا الموسم؟!!
فالمتأمل في تماهي ثلة من الممثلين الشبان وإبداعهم في تقمص شخصيات الأعمال الدرامية الملفتة للانتباه، وخاصة "رقوج" لعبد الحميد بوشناق -نظرا لتبنيه العديد من ممثلي المسرح- يلاحظ تميزهم عمن سواهم من الممثلين الذين لم يخوضوا تجارب هامة على خشبات المسارح..
ذلك أن سر تميزهم يرجع بالأساس إلى المخزون الفني background وعمق درايتهم بأدوات التمثيل والقدرة الهائلة على التقمص والمحاكاة.. وهو ما تبين للمشاهد من خلال الأدوار المركبة في "رقوج".. أدوار أتقنها أبناء "التياترو" وخريجو المعهد العالي للمسرح بشكل لم نواكبه منذ زمن بعيد في الدراما التونسية أو في "الفنتازيا" الاجتماعية..
وبما أن الممثل عامة يجب أن يكون ممثلا متكاملا مبدعا في التراجيديا كما الكوميديا، لم تخن بعض الوجوه الشابة المشاركة في "رقوج" تلك المعادلة الصعبة على غرار الممثل شوقي خوجة في دور "مبروك" والممثل حسام الغريبي في دور "العيفة" والممثل وليد عيادي وأروى الرحالي وغيرهم من الممثلين الذين أقنعوا وأضافوا الكثير للعمل من حيث القيمة الفنية وتوظيف الرسائل المبطنة.. طبعا هذا لا ينفي إبداع كل من البحري الرحالي وعزيز الجبالي في دور "الورل" وصابر الوسلاتي في دور "الديناري (رئيس بلدية)" وقولته الشهيرة في المسلسل tu manges je mange والتي أصبحت "ترند" في وقت قياسي فضلا عن تجسيد ومعايشة الشخصية التي جعلت المتفرج كأنه بصدد متابعة أحداث واقعية، ليس بغريب عن ممثل اختص في النقد السياسي الساخر في إحدى الإذاعات لمدة طويلة وكان طريفا وعميقا في طرحه لوقائع متشعبة..
هكذا كان حضور المسرحيين في "رقوج" ذا وقع خاص على المستوى الإبداعي والعلاقة الاستثنائية مع المشاهد من خلال الصدق والعبقرية في إيصال خلفيات الشخصية ونوازعها النفسية.. لا سيما دور "العيفة" الذي لم ينبس من خلاله المسرحي حسام الغريبي ببنت شفة إلى الٱن، لأنه قام بقص لسانه ما جعل الدور مركبا عميقا مثيرا وعميقا لدرجة أنه يشعرك بالاشمئزاز والتعاطف في آن واحد وهذه "الخيمياء" بين المتفرج والمبدع لا يمكن أن تتحقق إلا إذا غاص الممثل في أغوار الشخصية وتمكن من كل تفاصيلها، وهو ما لاحظناه في دور "العيفة".. إذ ليس من السهل أن تكون مؤثرا في الحبكة الدرامية وأطوار الأحداث دون نطق واللعب على الحركة gestuelle فقط..