إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

"الجسد في الحمام" لخولة الفرشيشي.. بين الطرح الإشكالي وأدبيات المجتمع الذكوري

بقلم: طارق العمراوي

تونس-الصباح

تطالعنا الكاتبة خولة الفرشيشي ببحث جامعي يدعم مكانتها في عالم التدوين والحضور بمعاركه ومعاوله المعرفية والأسلوبية الثقافي والفكري  المميز ضمن الحراك

نص "الجسد في الحمام" لخولة الفرشيشي قدم له الأستاذ سعيد بودبوز من المغرب تلتها مقدمة للباحثة ثم كانت فصول الكتاب وخاتمة ألحقتها بقائمة مراجع وتبسيط لمفردات- مفاتيح متصلة بعوالم بحثها ومجموع صفحاته 172 عن دار نقوش عربية

حاولنا ولوج هذا النص والتقاطع معه عبر البحث في الطرح الإشكالي لهذا الموضوع ومجموع الأدبيات التي اشتغلت عليها الباحثة.

الطرح الإشكالي

إن مدونة في حجم خولة الفرشيشي الباحثة عن طرافة الإشكاليات التي تناقشها وتبسطها للطرح سوف تقدم إشكالا ومسألة معقدة وهامة داخل عالم المرأة لكن عبر جزئية معينة ومن زاوية محددة لتعبر بها إلى نتائج تخدم تصورها الهام لعالم المرأة والتي تلخصها في  نهاية بحثها إذ تقول " وقد حاولنا من خلال خطوات البحث تجاوز النظرتين التي تسود حول الجسد، النظرة التبضيعية التشيئية التي ترى المرأة مجالا خصبا للاستهلاك وترويج البضائع لمزيد الربح أو النظرة التقديسية الجنسوية التي تسعى إلى التسترعلى جسد المرأة بكونه مصدر شهوة وخطيئة يجب تغطيته والتجاوز عن الحديث عنه أو اكتشافه فهو رمز الفتنة التي ستحل بالمجتمع إن أصبح جسد المرأة محور حديث أو نقاش فجسد المرأة ساهم في توليد إرهاصات أولى لفكرة الرقيب القمعي لإقصاء المرأة" ص154

ومن هنا فجدليا لا يمكن فصل الذات عن الموضوع إذ أن الذات والموضوع واحد وهو المرأة، من هنا فتقديمها لصورة نمطية ونقدها وتجاوزها هو فعل ثوري مستنير يرفض بعدي وزاويتي النظر للمرأة فقد انطلقت من الواقعي المعيش في وقبل الحمام وبعده كخاص لتقدم العام وهو المرأة نصف المجتمع وعينه الساهرة عليه  ولتتعداها إلى المبررات الموضوعية ودفاعها عن المجتمع ووحدته رغم التنوع بل والدفاع عن  مكاسب المرأة التونسية منذ مجلة الأحوال الشخصية حتى يومنا هذا واليوم ربما أكثر نظرا لبروز فكر سلفي من تحت رماد الثورة وأصوله الوهابية لضرب هذه المكاسب وإعادة الاعتبار للصورة النمطية حسن التبعل للزوج وتربية الأبناء واللباس المصاحب لهذا التوجه من الزي الشرعي حتى النقاب وغيرها من التشكيلات التي نراها في شوارعنا ومدننا والتي تهدد فعليا تماسك هذا المجتمع بمكوناته العلمانية والإسلامية المعتدلة والشعبية وهذه مجموع مبرراتها الذاتية والموضوعية التي يتقاطع معها فكر حر ومستنير فالمنطلق عالم الحمام والجسد والغايات والأسلوب الدفاع عن المرأة التونسية والعربية ومن ثمة المرأة عموما. .

توزع الطرح الإشكالي بين المسائل التي أتت علي تحليلها وارتبطت عضويا ببحثها المجتمعي إذ فضاء الحمام أرحب من جدرانه  فهو الحامل والمحمول لعدة ظواهر مادية- مجتمعية كان محورها الأول الجسد وتجلياته وقد غاصت الباحثة في أغوار الجسد وتشكلاته كمعطى جنسي في ثنائية الطهارة والدناسة وفي تحضير المرأة نفسها وجسدها للقاء جنسي على شاكلة طقس تعبدي تحت سقف التقاليد والعادات والتدين.

لكن ارتبط عالم الجنس والجسد بإشكاليات تحتاج شجاعة الباحثين المستنيرين والتنويريين نظرا لأنها من المسكوت عنه واللامفكر فيه بل ومن المحرمات داخل أنساق فكرية وإيديولوجية معينة ولعل الباحثة أتت على كل هذا العالم المسكوت عنه مثل السحاق والمثلية والتصفيح واللواط والبكارة التي تقول عنها" لا يحرر المظهرالخارجي للمرأة العربية اليوم كليا فهي ما تزال في سجن ضيق من المحاذير الدينية والاجتماعية إذ تبقى البكارة مثلا شهادة شرف للمرأة (يجب التنبيه إلى أن البكارة هي ضرب من ضروب الحجاب) فالعائلة تسهر على صون ابنتها لتقديمها سليمة ليلة الزفاف ليراق دم غشاء البكارة كدليل على الشرف وانصياعها للأخلاق العامة" ص125 رغم مرورها على إشكاليات حياتية أخرى مهمة كعالم الزينة والتفقه فيه وأدوات العمل والتطهر تنقلت الباحثة ضمن مجال معماري موحد هو الحمام والذي تغيرت ملامحه ومعالمه ووظائفه في التاريخ والزمان والمكان مرورا بالحمامات الرومانية والإسلامية وصولا إلى الحمامات التي اشتغلت عليها كحمام الناعورة وحمام الذهب بباب سويقة وحمام الصيودة وغيرها وحددت عينة بحثها التي تمكنت من استجوابها كلما اقتضت الحاجة والسؤال مارة بالملاحظة المباشرة والزيارات الميدانية لتقدم في الأخير نتائج استجواباتها والأهم في المبحث هو استجواب كلا الجنسين وهو مثال الباحثة المؤمنة برسالتها العلمية والمجتمعية فكانت الحارزات وعالمهن الخاص الذي تعرفه الباحثة لأنها ترتاد الحمام كأنثى منذ نعومة أظافرها.

لكن النوعي والذي يرفع من شأن البحث وجديته حديثها مع الطياب والفرانقي الذي يقوم  بتسخين الفرن التقليدي والبحث يحمل في طياته عدة صعوبات تعرضت لها الباحثة كقلة

وندرة الدراسات الأنتربولوجية والمراجع والصعوبات الميدانية ونوعية هذه المواضيع إذ تقول الكاتبة " لا يخلو هذا البحث من صعوبات كأي بحث آخر أهمها قلة المراجع المتصلة" 

بهذا الموضوع إلى جانب  الصعوبات الميدانية التي تعرضنا لها أثناء الزيارات لعدة حمامات ويعود هذا إلى النظام المتشدد في الحديث عن مواضيع حميمية متعلقة بالجسد والعري وهو ما يتصل بفضاء الحمام الذي يعتبر إلى يومنا هذا أحد المواضيع المسكوت عنها والمحرمة ربما لما تحتويه من خصوصية لا نجدها في الفضاءات الجماعية الأخرى وهو ما لامسناه أثناء طلب تصوير الحمامات أثناء فراغها من روادها أو إثناء طلب بعض المعلومات حول علاقة الجسد بالحمام" ص20 

وبرغم التدقيق في المصطلح والمفهوم وهي تقدم المعلومة المعرفية والتحليلية إلا أنها أسقطت مفهوم الأسطورة وميكانيزمات بناءها الداخلي على خرافة شعبية- حكاية شعبية حيكت حول حمام الصبايا تحولت إلى قصة-حكاية مفعمة بالغرائبية والطرافة 

أدبيات المجتمع الذكوري

إن مجتمعاتنا العربية هي وريثة سنوات التصورات الفكرية والحضارية التي تتعاقب فكرا وممارسة فالنص القرآني ارتبط بالطهارة والخروج من الدناسة والتطهر ارتبط بما قبل وبعد العلاقات الجنسية أو الاحتلام والحيض وانتهاء بمدة النفاس لكن مع ظاهرة الحمام تنقلب المعطيات والتصورات ويقع تحريم خروج المرأة للحمام نظرا لمعطى العري وغيره وإذا احتجنا للتداوي هذا ممكن كما يقول عمر بن الخطاب " لا يحل الحمام لمؤمنة إلا من سقم" وقد ذكرت الباحثة الأمراض التي يعالجها الحمام بل وحرم الدين الإسلامي الوشم.

ويمتد تحقير هذا الجسد وتهميشه إلى الفلسفات المثالية وفقهاء الأمة الإسلامية وتصوراتهم  إذ تقول الباحثة " ولكن الفقهاء الأول حددوا مجال تحرك المرأة فنجده محدودا في الشريعة الإسلامية والحقيقة ترجع المكانة الاجتماعية الهشة للمرأة العربية إلى عصور ما قبل إسلامية ولعل وأد البنات في الفترة الجاهلية يقوم أكبر دليل على بخس المرأة وإضعافها من طرف الذكورة العربية" ص121 بل واعتبارها وعاء لإفراغ شهواته وشيطنتها وتقديم العديد من الأحاديث مثل "ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء" ليتواصل هذا المد الفكري داخل ثقافتنا الشعبية وعبر العادات والتقاليد المتوارثة " المرأة زريعة ابليس "  وغيرها من الملاحظات التوجيهية لإماطة اللثام على الفكر المتكلس بهدف تحرير المرأة فتحرير المجتمع يتطلب مصالحة مع هذه الإشكالية التي مازالت تؤرقه كي يتعافى.

هنا وبعد

الباحثة خولة الفرشيشي حاولت بمعاول معرفية وأكاديمية تعميق التوجه المستنير الرامي للبحث الجدي في إشكاليات المسكوت عنه واللامفكر فيه بهدف خلق مناخ فكري للنهوض بواقع مجتمعاتنا العربية الممسكة بكل ما يعيق تقدمها ولعل موضوع الجسد من أخطر الإشكاليات الفكرية والنظرية والتي تتطلب مزيدا من الطرح على أكثر من صعيد من الجامعة وفي معاهدنا وفي مدارسنا عبر طرح لا يصطدم مع مكونات مجتمعنا الفكرية إلا بعد تحضير أرضية نظرية وفكرية تنافس القديم وتقدم بديلا حقيقيا .

"الجسد في الحمام" لخولة الفرشيشي.. بين الطرح الإشكالي وأدبيات المجتمع الذكوري

بقلم: طارق العمراوي

تونس-الصباح

تطالعنا الكاتبة خولة الفرشيشي ببحث جامعي يدعم مكانتها في عالم التدوين والحضور بمعاركه ومعاوله المعرفية والأسلوبية الثقافي والفكري  المميز ضمن الحراك

نص "الجسد في الحمام" لخولة الفرشيشي قدم له الأستاذ سعيد بودبوز من المغرب تلتها مقدمة للباحثة ثم كانت فصول الكتاب وخاتمة ألحقتها بقائمة مراجع وتبسيط لمفردات- مفاتيح متصلة بعوالم بحثها ومجموع صفحاته 172 عن دار نقوش عربية

حاولنا ولوج هذا النص والتقاطع معه عبر البحث في الطرح الإشكالي لهذا الموضوع ومجموع الأدبيات التي اشتغلت عليها الباحثة.

الطرح الإشكالي

إن مدونة في حجم خولة الفرشيشي الباحثة عن طرافة الإشكاليات التي تناقشها وتبسطها للطرح سوف تقدم إشكالا ومسألة معقدة وهامة داخل عالم المرأة لكن عبر جزئية معينة ومن زاوية محددة لتعبر بها إلى نتائج تخدم تصورها الهام لعالم المرأة والتي تلخصها في  نهاية بحثها إذ تقول " وقد حاولنا من خلال خطوات البحث تجاوز النظرتين التي تسود حول الجسد، النظرة التبضيعية التشيئية التي ترى المرأة مجالا خصبا للاستهلاك وترويج البضائع لمزيد الربح أو النظرة التقديسية الجنسوية التي تسعى إلى التسترعلى جسد المرأة بكونه مصدر شهوة وخطيئة يجب تغطيته والتجاوز عن الحديث عنه أو اكتشافه فهو رمز الفتنة التي ستحل بالمجتمع إن أصبح جسد المرأة محور حديث أو نقاش فجسد المرأة ساهم في توليد إرهاصات أولى لفكرة الرقيب القمعي لإقصاء المرأة" ص154

ومن هنا فجدليا لا يمكن فصل الذات عن الموضوع إذ أن الذات والموضوع واحد وهو المرأة، من هنا فتقديمها لصورة نمطية ونقدها وتجاوزها هو فعل ثوري مستنير يرفض بعدي وزاويتي النظر للمرأة فقد انطلقت من الواقعي المعيش في وقبل الحمام وبعده كخاص لتقدم العام وهو المرأة نصف المجتمع وعينه الساهرة عليه  ولتتعداها إلى المبررات الموضوعية ودفاعها عن المجتمع ووحدته رغم التنوع بل والدفاع عن  مكاسب المرأة التونسية منذ مجلة الأحوال الشخصية حتى يومنا هذا واليوم ربما أكثر نظرا لبروز فكر سلفي من تحت رماد الثورة وأصوله الوهابية لضرب هذه المكاسب وإعادة الاعتبار للصورة النمطية حسن التبعل للزوج وتربية الأبناء واللباس المصاحب لهذا التوجه من الزي الشرعي حتى النقاب وغيرها من التشكيلات التي نراها في شوارعنا ومدننا والتي تهدد فعليا تماسك هذا المجتمع بمكوناته العلمانية والإسلامية المعتدلة والشعبية وهذه مجموع مبرراتها الذاتية والموضوعية التي يتقاطع معها فكر حر ومستنير فالمنطلق عالم الحمام والجسد والغايات والأسلوب الدفاع عن المرأة التونسية والعربية ومن ثمة المرأة عموما. .

توزع الطرح الإشكالي بين المسائل التي أتت علي تحليلها وارتبطت عضويا ببحثها المجتمعي إذ فضاء الحمام أرحب من جدرانه  فهو الحامل والمحمول لعدة ظواهر مادية- مجتمعية كان محورها الأول الجسد وتجلياته وقد غاصت الباحثة في أغوار الجسد وتشكلاته كمعطى جنسي في ثنائية الطهارة والدناسة وفي تحضير المرأة نفسها وجسدها للقاء جنسي على شاكلة طقس تعبدي تحت سقف التقاليد والعادات والتدين.

لكن ارتبط عالم الجنس والجسد بإشكاليات تحتاج شجاعة الباحثين المستنيرين والتنويريين نظرا لأنها من المسكوت عنه واللامفكر فيه بل ومن المحرمات داخل أنساق فكرية وإيديولوجية معينة ولعل الباحثة أتت على كل هذا العالم المسكوت عنه مثل السحاق والمثلية والتصفيح واللواط والبكارة التي تقول عنها" لا يحرر المظهرالخارجي للمرأة العربية اليوم كليا فهي ما تزال في سجن ضيق من المحاذير الدينية والاجتماعية إذ تبقى البكارة مثلا شهادة شرف للمرأة (يجب التنبيه إلى أن البكارة هي ضرب من ضروب الحجاب) فالعائلة تسهر على صون ابنتها لتقديمها سليمة ليلة الزفاف ليراق دم غشاء البكارة كدليل على الشرف وانصياعها للأخلاق العامة" ص125 رغم مرورها على إشكاليات حياتية أخرى مهمة كعالم الزينة والتفقه فيه وأدوات العمل والتطهر تنقلت الباحثة ضمن مجال معماري موحد هو الحمام والذي تغيرت ملامحه ومعالمه ووظائفه في التاريخ والزمان والمكان مرورا بالحمامات الرومانية والإسلامية وصولا إلى الحمامات التي اشتغلت عليها كحمام الناعورة وحمام الذهب بباب سويقة وحمام الصيودة وغيرها وحددت عينة بحثها التي تمكنت من استجوابها كلما اقتضت الحاجة والسؤال مارة بالملاحظة المباشرة والزيارات الميدانية لتقدم في الأخير نتائج استجواباتها والأهم في المبحث هو استجواب كلا الجنسين وهو مثال الباحثة المؤمنة برسالتها العلمية والمجتمعية فكانت الحارزات وعالمهن الخاص الذي تعرفه الباحثة لأنها ترتاد الحمام كأنثى منذ نعومة أظافرها.

لكن النوعي والذي يرفع من شأن البحث وجديته حديثها مع الطياب والفرانقي الذي يقوم  بتسخين الفرن التقليدي والبحث يحمل في طياته عدة صعوبات تعرضت لها الباحثة كقلة

وندرة الدراسات الأنتربولوجية والمراجع والصعوبات الميدانية ونوعية هذه المواضيع إذ تقول الكاتبة " لا يخلو هذا البحث من صعوبات كأي بحث آخر أهمها قلة المراجع المتصلة" 

بهذا الموضوع إلى جانب  الصعوبات الميدانية التي تعرضنا لها أثناء الزيارات لعدة حمامات ويعود هذا إلى النظام المتشدد في الحديث عن مواضيع حميمية متعلقة بالجسد والعري وهو ما يتصل بفضاء الحمام الذي يعتبر إلى يومنا هذا أحد المواضيع المسكوت عنها والمحرمة ربما لما تحتويه من خصوصية لا نجدها في الفضاءات الجماعية الأخرى وهو ما لامسناه أثناء طلب تصوير الحمامات أثناء فراغها من روادها أو إثناء طلب بعض المعلومات حول علاقة الجسد بالحمام" ص20 

وبرغم التدقيق في المصطلح والمفهوم وهي تقدم المعلومة المعرفية والتحليلية إلا أنها أسقطت مفهوم الأسطورة وميكانيزمات بناءها الداخلي على خرافة شعبية- حكاية شعبية حيكت حول حمام الصبايا تحولت إلى قصة-حكاية مفعمة بالغرائبية والطرافة 

أدبيات المجتمع الذكوري

إن مجتمعاتنا العربية هي وريثة سنوات التصورات الفكرية والحضارية التي تتعاقب فكرا وممارسة فالنص القرآني ارتبط بالطهارة والخروج من الدناسة والتطهر ارتبط بما قبل وبعد العلاقات الجنسية أو الاحتلام والحيض وانتهاء بمدة النفاس لكن مع ظاهرة الحمام تنقلب المعطيات والتصورات ويقع تحريم خروج المرأة للحمام نظرا لمعطى العري وغيره وإذا احتجنا للتداوي هذا ممكن كما يقول عمر بن الخطاب " لا يحل الحمام لمؤمنة إلا من سقم" وقد ذكرت الباحثة الأمراض التي يعالجها الحمام بل وحرم الدين الإسلامي الوشم.

ويمتد تحقير هذا الجسد وتهميشه إلى الفلسفات المثالية وفقهاء الأمة الإسلامية وتصوراتهم  إذ تقول الباحثة " ولكن الفقهاء الأول حددوا مجال تحرك المرأة فنجده محدودا في الشريعة الإسلامية والحقيقة ترجع المكانة الاجتماعية الهشة للمرأة العربية إلى عصور ما قبل إسلامية ولعل وأد البنات في الفترة الجاهلية يقوم أكبر دليل على بخس المرأة وإضعافها من طرف الذكورة العربية" ص121 بل واعتبارها وعاء لإفراغ شهواته وشيطنتها وتقديم العديد من الأحاديث مثل "ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء" ليتواصل هذا المد الفكري داخل ثقافتنا الشعبية وعبر العادات والتقاليد المتوارثة " المرأة زريعة ابليس "  وغيرها من الملاحظات التوجيهية لإماطة اللثام على الفكر المتكلس بهدف تحرير المرأة فتحرير المجتمع يتطلب مصالحة مع هذه الإشكالية التي مازالت تؤرقه كي يتعافى.

هنا وبعد

الباحثة خولة الفرشيشي حاولت بمعاول معرفية وأكاديمية تعميق التوجه المستنير الرامي للبحث الجدي في إشكاليات المسكوت عنه واللامفكر فيه بهدف خلق مناخ فكري للنهوض بواقع مجتمعاتنا العربية الممسكة بكل ما يعيق تقدمها ولعل موضوع الجسد من أخطر الإشكاليات الفكرية والنظرية والتي تتطلب مزيدا من الطرح على أكثر من صعيد من الجامعة وفي معاهدنا وفي مدارسنا عبر طرح لا يصطدم مع مكونات مجتمعنا الفكرية إلا بعد تحضير أرضية نظرية وفكرية تنافس القديم وتقدم بديلا حقيقيا .