مختص في علم الاجتماع يكشف لـ" الصباح": المخدرات.. الأزمة الاقتصادية وأسباب أخرى وراء هذه الجرائم البشعة
تونس-الصباح
رغم إن الإسلام اهتم بالوالدين اهتماما كبيرا وجعل الجنة تحت أقدام الأمهات ونهى عن عقوق الوالدين وجعل البر بهما ورضاهما بابا لدخول الجنة ولكن ما نراه اليوم من نكران وجحود بعض الأبناء تجاه والديهم يصل إلى حد القتل يجعلنا نتساءل كيف يتغير وضع الوالدين من المصدر الرئيسى للحنان والشعور بالأمان بالنسبة لأبنائهم إلى عدو يكنون له الحقد إلى درجة القتل؟
وقد استفاق فجر أمس الأول الجمعة 1مارس 2024 أهالي مدينة منزل النور من ولاية المنستير على فاجعة أليمة تمثلت في جريمة قتل امرأة على يد ابنها بواسطة سلاح ابيض "سكين" وطعن أخيه بنفس السلاح.
تفاصيل الجريمة تفيد بأن زوج الضحية قد اكتشف حين عودته من المسجد بعد أدائه لصلاة الصبح وفاة زوجته وذلك بعد أن سدد لها ابنها الثلاثيني عدة طعنات قاتلة، كما وجد ابنه الثاني يتخبط في دمائه بعد أن تلقى هو الآخر طعنة خطيرة من أخيه وهو الآن في حالة حرجة و تحت العناية المركزة بالمستشفى الجامعي فطومة بورقيبة بالمنستير.
جريمة قتل ثانية لا تقل فظاعة عن الأولى كانت جدت يوم 17 فيفري 2024 بمنطقة المنيهلة ذهبت ضحيتها امرأة في العقد التاسع من العمر بعد أن أقدم ابنها في الستين منَ عمره على إزهاق روحها بسكين كبير الحجم
حيث تسلح بسكين كبير الحجم ووجه عدة طعنات لوالدته على مستوى الوجه والرقبة ثم أضرم النار في المنزل. وقد تم إشعار النيابة العمومية التي حلت على عين المكان وعاينت الجثة التي وجدتها النيابة خارج المنزل و كانت الهالكة تحمل آثار طعنات غائرة على مستوى الرقبة والوجه كما كانت يدها مقطوعة وملقاة بالقرب من جثتها. وتم القبض على الابن واصدر قاضي التحقيق بالمحكمة الابتدائية بمنوبة بطاقة إيداع بالسجن في حقه.
ليلة 22 فيفري عمد كهل إلى قتل والده والاعتداء بالعنف الشديد على والدته بمنزل العائلة بجهة حيّ الزهور غرب العاصمة ثم طلب من شقيقته إعلام أعوان الأمن بتعرض والدهما إلى حادث مرور لتكشف التحريات الأولية التي باشرها باحث البداية والمعاينات التي أجراها ممثل النيابة العمومية، بالإضافة إلى “التقرير الطبي الأولى تعرّض الهالك إلى الاعتداء بالعنف في مواطن مختلفة من جسده، لتتجه الشكوك نحو ابنه الكهل المتزوج والقاطن معه بنفس المنزل إثرمشادة كلامية بينه وبين والده بسبب شرب الجاني الخمر وعودته إلى منزل العائلة في حالة سكر، فتولى تعنيف الهالك ودفعه بقوة حسب اعترافاته الأولية مما أدى إلى وفاته، كما اعتدى بالعنف الشديد على والدته وهدّد شقيقه بالاعتداء عليه في صورة الإبلاغ عنه.
في 24 ديسمير 2022 عمد مراهق يبلغ من العمر 18 سنة إلى قتل والده في العقد السادس من عمره بمقر سكناه الكائن بجهة حي الزهور.
وقد اعترف بقتله لوالده إثر خلاف بينهما فدفعه ممّا تسبب في سقوطه أرضا أين وافته المنية بعد تعرضه لنزيف حاد.
ومن منا لا يتذكر مجزرة باردو التي راحت ضحيتها عائلة كاملة هذه الجريمة التي كانت جدت مساء الأحد 22 أوت 2021 وكان ضحيتها أستاذ موسيقى وزوجته أستاذة تعليم ثانوي أيضا وابنيهما الأكبر والأصغر حيث عمد الإبن الأكبر الذي قيل انه يعاني منذ 2016 من مرض الأعصاب على قتل والديه وشقيقه ثم انتحر.
عقوق الوالدين هذا الذي يصل إلى درجة قتل الابن لأبيه أو لامه يجعلنا ندق ناقوس الخطر، ونطرح العديد من التساؤلات عن الأسباب فهل إن ضعف الوازع الديني في نفوس بعض الأبناء "القتلة" يدفعهم إلى ارتكاب تلك الجريمة البشعة أم أن هنالك أسبابا أخرى عديدة ومتعددة اجتمعت لتحول بعض الأبناء إلى "وحوش" بشرية؟.
المختص في علم الاجتماع ممدوح عز الدين اعتبر أن المجتمع التونسي عرف في الآونة الأخيرة تحولات كبيرة، متسارعة وقاسية وعنيفة مست الأسرة التونسية وكانت سببا مباشرا في تغيير العلاقات بين أفرادها وأدت إلى بروز عدد من الإختلالات التي كانت سائدة فيما مضى غير أنها عرفت في الفترات الأخيرة انتشارا وبروزا كالعقوق والعنف الذي يمارسه الأبناء تجاه أبائهم والذي يصل إلى حد القتل.
وأضاف خلال تعليقه لـ"الصباح" على المسألة أن الجريمة في تونس شهدت منذ ثمانينات القرن الماضي تحولات كمية و نوعية هامة مست العائلة التونسية فمن الناحية الكمية نلاحظ أن الجريمة تشمل كل الفئات العمرية تقريبا لكن المثير للاهتمام أن الأطفال والشيوخ أصبحوا ضمن من يقترفون جرائم بشعة لا تتناسب مطلقا مع أعمارهم. كما تشمل الجنسين الذكور و الإناث بل يمكن الحديث عن التأنيث المتنامي للجريمة حيث ازدادت نسبة النساء المقترفات لجرائم متعلقة بالجنس والقتل بعد أن كن من ضحاياه بسبب التفكك الأسري والتقصير في التنشئة الأسرية للبنات إضافة لدخول مشهد الجريمة عالم القرابة من قبيل قتل الأب والأم و الأخ و الأخت و العم و الخال في حين كانت القرابة إلى وقت قريب إحدى كوابح الجريمة ويبدو أنها تحطمت.
ومن أهم سمات التحول النوعي للجريمة خاصة جرائم القتل والاغتصاب الوحشية كونها لم تعد خاضعة للنية المسبقة والتخطيط المسبق بل أصبحت عرضية وعابرة وتافهة ليس لها تاريخ ولا ذاكرة بل تبدو أحيانا بلا معنى، بلا أحداث ولا أسباب، ومجانية وهذا الأخطر، أي تحول الجريمة، وهي الاستثناء، إلى ممارسة يطبّع معها المجتمع فاقدة لأي معنى سوى شهوة القتل وهي تحدث أمام مرأى الناس ومسمعهم بحيث نشهد نزوعا إلى مسىرحة الجريمة و إخراجها في قالب مشهد قابل للفرجة والعرض على الجمهور.
الأسباب المباشرة
ومن الأسباب المباشرة لانتشار العقوق في المجتمع وجرائم العنف والقتل التي يقوم بها الأبناء تجاه آبائهم، التحول الديموغرافي، فانخفاض عدد الأبناء أدى بالمجتمع إلى إعطاء أهمية كبرى للطفل بدل الكهل والمسن، إذ انخفضت الولادات وتراجع متوسط عدد الأطفال لكل امرأة إلى حوالي طفلين لكل امرأة، الٱن بعد أن كان قد بلغ ذروته ليصل إلى أكثر من سبعة أطفال خلال سنة 1960.
هذا التحول حوّل نظام الأسرة من التمركز حول الرجل الكبير إلى جعل الطفل مركز الاهتمام.
الأسرة" النووية "
كما أن ظهور الأسرة النووية (تتكون من نواة أسرية واحدة) التي أصبحت تشكل غالبية الأسر التونسية أدى إلى ضمور الأشكال التنظيمية التقليدية مثل الجماعة والأسرة الممتدة التي يجد فيها الأباء والاجداد وكبار السن الرعاية والاهتمام والتقدير.
ومن بين الأسباب الأخرى التي ذكرها المختص في علم الاجتماع ممدوح عز الدين الأزمة الاقتصادية الحادة التي تشهدها تونس تسببت بدورها في عدم بقاء الآباء لوقت كبير مع أبنائهم إذ غاب التواصل بين الأجيال وضعفت المعرفة بسلوكات الأبناء وعرفت العلاقات الأسرية توترا ملحوظا زاد من حدته الإدمان على وسائل التواصل الاجتماعي التي أعاقت التواصل الحميمي والأفقي بين أفراد العائلة الواحدة حيث يقضي الطفل والشاب التونسي ما يقارب 10 ساعات يوميا أمام شاشة الهواتف الجوالة.
"الفردانية "
كما أثر ظهور "الفردانية" على تمثل الأجيال اللاحقة لمفهوم البر والعقوق في ظل غياب النماذج الحية التي تمرر مثل هذه القيم بين الأجيال كما كانت في الأسر الممتدة
لم يعد لمفهومي السخط و الرضا تلك الهالة التي كانت لهما من قبل إذ أن شباب اليوم أفرغوا هذين المفهومين من محتواهما الديني والعرفي التقليدي ولم تعد لهما تلك السلطة الرمزية المستمدة من الدين أو التقاليد حيث لم تعد طاعة الأبناء لأبائهم طاعة مطلقة و مفتوحة تحت طائل الرضى بل أصبحت تخضع لمعايير أخرى ترتبط بالمصلحة والمنفعة، فاستراتيجية الآباء في استعمال السخط والرضا سلاحا لإلزام الأبناء بالطاعة لم تعد ممكنة في ظل ارتفاع منسوب الاستقلالية و الفر دانية والأنانية لدى الأبناء.
كما بين أن تأثير الإدمان على المخدرات لدى الشباب ساهم في ارتفاع هذه الجرائم إذ يدفع أولئك الشباب إلى الاعتداء على أبائهم تحت تأثير المخدرات أو لسلبهم المال الذي سيقتنون به.
صباح الشابي
مختص في علم الاجتماع يكشف لـ" الصباح": المخدرات.. الأزمة الاقتصادية وأسباب أخرى وراء هذه الجرائم البشعة
تونس-الصباح
رغم إن الإسلام اهتم بالوالدين اهتماما كبيرا وجعل الجنة تحت أقدام الأمهات ونهى عن عقوق الوالدين وجعل البر بهما ورضاهما بابا لدخول الجنة ولكن ما نراه اليوم من نكران وجحود بعض الأبناء تجاه والديهم يصل إلى حد القتل يجعلنا نتساءل كيف يتغير وضع الوالدين من المصدر الرئيسى للحنان والشعور بالأمان بالنسبة لأبنائهم إلى عدو يكنون له الحقد إلى درجة القتل؟
وقد استفاق فجر أمس الأول الجمعة 1مارس 2024 أهالي مدينة منزل النور من ولاية المنستير على فاجعة أليمة تمثلت في جريمة قتل امرأة على يد ابنها بواسطة سلاح ابيض "سكين" وطعن أخيه بنفس السلاح.
تفاصيل الجريمة تفيد بأن زوج الضحية قد اكتشف حين عودته من المسجد بعد أدائه لصلاة الصبح وفاة زوجته وذلك بعد أن سدد لها ابنها الثلاثيني عدة طعنات قاتلة، كما وجد ابنه الثاني يتخبط في دمائه بعد أن تلقى هو الآخر طعنة خطيرة من أخيه وهو الآن في حالة حرجة و تحت العناية المركزة بالمستشفى الجامعي فطومة بورقيبة بالمنستير.
جريمة قتل ثانية لا تقل فظاعة عن الأولى كانت جدت يوم 17 فيفري 2024 بمنطقة المنيهلة ذهبت ضحيتها امرأة في العقد التاسع من العمر بعد أن أقدم ابنها في الستين منَ عمره على إزهاق روحها بسكين كبير الحجم
حيث تسلح بسكين كبير الحجم ووجه عدة طعنات لوالدته على مستوى الوجه والرقبة ثم أضرم النار في المنزل. وقد تم إشعار النيابة العمومية التي حلت على عين المكان وعاينت الجثة التي وجدتها النيابة خارج المنزل و كانت الهالكة تحمل آثار طعنات غائرة على مستوى الرقبة والوجه كما كانت يدها مقطوعة وملقاة بالقرب من جثتها. وتم القبض على الابن واصدر قاضي التحقيق بالمحكمة الابتدائية بمنوبة بطاقة إيداع بالسجن في حقه.
ليلة 22 فيفري عمد كهل إلى قتل والده والاعتداء بالعنف الشديد على والدته بمنزل العائلة بجهة حيّ الزهور غرب العاصمة ثم طلب من شقيقته إعلام أعوان الأمن بتعرض والدهما إلى حادث مرور لتكشف التحريات الأولية التي باشرها باحث البداية والمعاينات التي أجراها ممثل النيابة العمومية، بالإضافة إلى “التقرير الطبي الأولى تعرّض الهالك إلى الاعتداء بالعنف في مواطن مختلفة من جسده، لتتجه الشكوك نحو ابنه الكهل المتزوج والقاطن معه بنفس المنزل إثرمشادة كلامية بينه وبين والده بسبب شرب الجاني الخمر وعودته إلى منزل العائلة في حالة سكر، فتولى تعنيف الهالك ودفعه بقوة حسب اعترافاته الأولية مما أدى إلى وفاته، كما اعتدى بالعنف الشديد على والدته وهدّد شقيقه بالاعتداء عليه في صورة الإبلاغ عنه.
في 24 ديسمير 2022 عمد مراهق يبلغ من العمر 18 سنة إلى قتل والده في العقد السادس من عمره بمقر سكناه الكائن بجهة حي الزهور.
وقد اعترف بقتله لوالده إثر خلاف بينهما فدفعه ممّا تسبب في سقوطه أرضا أين وافته المنية بعد تعرضه لنزيف حاد.
ومن منا لا يتذكر مجزرة باردو التي راحت ضحيتها عائلة كاملة هذه الجريمة التي كانت جدت مساء الأحد 22 أوت 2021 وكان ضحيتها أستاذ موسيقى وزوجته أستاذة تعليم ثانوي أيضا وابنيهما الأكبر والأصغر حيث عمد الإبن الأكبر الذي قيل انه يعاني منذ 2016 من مرض الأعصاب على قتل والديه وشقيقه ثم انتحر.
عقوق الوالدين هذا الذي يصل إلى درجة قتل الابن لأبيه أو لامه يجعلنا ندق ناقوس الخطر، ونطرح العديد من التساؤلات عن الأسباب فهل إن ضعف الوازع الديني في نفوس بعض الأبناء "القتلة" يدفعهم إلى ارتكاب تلك الجريمة البشعة أم أن هنالك أسبابا أخرى عديدة ومتعددة اجتمعت لتحول بعض الأبناء إلى "وحوش" بشرية؟.
المختص في علم الاجتماع ممدوح عز الدين اعتبر أن المجتمع التونسي عرف في الآونة الأخيرة تحولات كبيرة، متسارعة وقاسية وعنيفة مست الأسرة التونسية وكانت سببا مباشرا في تغيير العلاقات بين أفرادها وأدت إلى بروز عدد من الإختلالات التي كانت سائدة فيما مضى غير أنها عرفت في الفترات الأخيرة انتشارا وبروزا كالعقوق والعنف الذي يمارسه الأبناء تجاه أبائهم والذي يصل إلى حد القتل.
وأضاف خلال تعليقه لـ"الصباح" على المسألة أن الجريمة في تونس شهدت منذ ثمانينات القرن الماضي تحولات كمية و نوعية هامة مست العائلة التونسية فمن الناحية الكمية نلاحظ أن الجريمة تشمل كل الفئات العمرية تقريبا لكن المثير للاهتمام أن الأطفال والشيوخ أصبحوا ضمن من يقترفون جرائم بشعة لا تتناسب مطلقا مع أعمارهم. كما تشمل الجنسين الذكور و الإناث بل يمكن الحديث عن التأنيث المتنامي للجريمة حيث ازدادت نسبة النساء المقترفات لجرائم متعلقة بالجنس والقتل بعد أن كن من ضحاياه بسبب التفكك الأسري والتقصير في التنشئة الأسرية للبنات إضافة لدخول مشهد الجريمة عالم القرابة من قبيل قتل الأب والأم و الأخ و الأخت و العم و الخال في حين كانت القرابة إلى وقت قريب إحدى كوابح الجريمة ويبدو أنها تحطمت.
ومن أهم سمات التحول النوعي للجريمة خاصة جرائم القتل والاغتصاب الوحشية كونها لم تعد خاضعة للنية المسبقة والتخطيط المسبق بل أصبحت عرضية وعابرة وتافهة ليس لها تاريخ ولا ذاكرة بل تبدو أحيانا بلا معنى، بلا أحداث ولا أسباب، ومجانية وهذا الأخطر، أي تحول الجريمة، وهي الاستثناء، إلى ممارسة يطبّع معها المجتمع فاقدة لأي معنى سوى شهوة القتل وهي تحدث أمام مرأى الناس ومسمعهم بحيث نشهد نزوعا إلى مسىرحة الجريمة و إخراجها في قالب مشهد قابل للفرجة والعرض على الجمهور.
الأسباب المباشرة
ومن الأسباب المباشرة لانتشار العقوق في المجتمع وجرائم العنف والقتل التي يقوم بها الأبناء تجاه آبائهم، التحول الديموغرافي، فانخفاض عدد الأبناء أدى بالمجتمع إلى إعطاء أهمية كبرى للطفل بدل الكهل والمسن، إذ انخفضت الولادات وتراجع متوسط عدد الأطفال لكل امرأة إلى حوالي طفلين لكل امرأة، الٱن بعد أن كان قد بلغ ذروته ليصل إلى أكثر من سبعة أطفال خلال سنة 1960.
هذا التحول حوّل نظام الأسرة من التمركز حول الرجل الكبير إلى جعل الطفل مركز الاهتمام.
الأسرة" النووية "
كما أن ظهور الأسرة النووية (تتكون من نواة أسرية واحدة) التي أصبحت تشكل غالبية الأسر التونسية أدى إلى ضمور الأشكال التنظيمية التقليدية مثل الجماعة والأسرة الممتدة التي يجد فيها الأباء والاجداد وكبار السن الرعاية والاهتمام والتقدير.
ومن بين الأسباب الأخرى التي ذكرها المختص في علم الاجتماع ممدوح عز الدين الأزمة الاقتصادية الحادة التي تشهدها تونس تسببت بدورها في عدم بقاء الآباء لوقت كبير مع أبنائهم إذ غاب التواصل بين الأجيال وضعفت المعرفة بسلوكات الأبناء وعرفت العلاقات الأسرية توترا ملحوظا زاد من حدته الإدمان على وسائل التواصل الاجتماعي التي أعاقت التواصل الحميمي والأفقي بين أفراد العائلة الواحدة حيث يقضي الطفل والشاب التونسي ما يقارب 10 ساعات يوميا أمام شاشة الهواتف الجوالة.
"الفردانية "
كما أثر ظهور "الفردانية" على تمثل الأجيال اللاحقة لمفهوم البر والعقوق في ظل غياب النماذج الحية التي تمرر مثل هذه القيم بين الأجيال كما كانت في الأسر الممتدة
لم يعد لمفهومي السخط و الرضا تلك الهالة التي كانت لهما من قبل إذ أن شباب اليوم أفرغوا هذين المفهومين من محتواهما الديني والعرفي التقليدي ولم تعد لهما تلك السلطة الرمزية المستمدة من الدين أو التقاليد حيث لم تعد طاعة الأبناء لأبائهم طاعة مطلقة و مفتوحة تحت طائل الرضى بل أصبحت تخضع لمعايير أخرى ترتبط بالمصلحة والمنفعة، فاستراتيجية الآباء في استعمال السخط والرضا سلاحا لإلزام الأبناء بالطاعة لم تعد ممكنة في ظل ارتفاع منسوب الاستقلالية و الفر دانية والأنانية لدى الأبناء.
كما بين أن تأثير الإدمان على المخدرات لدى الشباب ساهم في ارتفاع هذه الجرائم إذ يدفع أولئك الشباب إلى الاعتداء على أبائهم تحت تأثير المخدرات أو لسلبهم المال الذي سيقتنون به.