إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

ممنوع من الحياد.. مهلة أمريكية لإسرائيل.. من يصدق؟

 

كيف يمكن أن نثق في تصريحات رئيس يتحدث عن هدنة مرتقبة في غزة تضع حدا للأهوال التي يتعرض لها أهالي القطاع وهو يمزح ويتناول المثلجات أمام الكاميرا في الوقت الذي يموت فيه الآلاف في القطاع بسبب القصف والجوع والأوبئة.. الصورة في حد ذاتها مستفزة ولكنها مثيرة للشفقة أيضا وتؤكد أن القوى الكبرى ومعها الدول العربية باتت في قبضة إسرائيل وتحت إمرتها وأنها لا يمكن باية حال من الأحوال أن تفرملها أو تمنع جرائمها ولكنها في المقابل حريصة على لجم المقاومة وتدميرها وإلغائها من المشهد ..

بالتأكيد في حضرة الرئيس والمثلجات نقف وهذه ليست المرة الأولى ولن تكون الأخيرة إزاء استخفاف مفضوح بالأرواح ولكن أيضا تفضح حجم النفاق الدولي والانحياز الأعمى لكيان ما انفك يحظى بكل أنواع الدعم السياسي والعسكري والاقتصادي لمواصلة هيمنته على الشعب الفلسطيني وأخر أنواع هذا النفاق والظلم ما حدث في مجلس الأمن الدولي من استخدام للفيتو في أربع مناسبات متتالية لإجهاض قرار بوقف الحرب يحدث ذلك فيما تنتشر المقابر الجماعية ويموت الأطفال والنساء والشيوخ وتنهار فرص الحياة أمام أكثر من مليوني فلسطيني محاصرين.. وقبل أن نذهب بعيدا فقد نفى البيت الأبيض لاحقا أمر الهدنة أو وجود ما يشبه ذلك.

أمريكا بايدن تمهل إسرائيل، حتى منتصف مارس للتوقيع على خطاب يقدم ضمانات بأنها ستلتزم بالقانون الدولي، خلال استخدام الأسلحة الأميركية، والسماح بدخول المساعدات الإنسانية إلى غزة، حسبما قال 3 مسؤولين أميركيين وإسرائيليين لموقع «أكسيوس» الأميركي.. أسبوعان إذن أمام كيان الاحتلال للامتثال للقرار الأمريكي الذي يبدو في ظاهره ينتصر للقانون الدولي ويتجه للضغط على كيان الاحتلال ولكن في باطنه لا يمكن ولن يكون الأمر كذلك لأكثر من سبب.. وأول واهم هذه الأسباب لو ان الإدارة  الأمريكية كانت جدية في هذا التحذير لما منحت الاحتلال هذه المهلة الطويلة والثقيلة جدا على الفلسطينيين وتحديدا على اهل غزة الذين يعانون ويلات القصف منذ  خمسة أشهر ولفرضت قرارا بوقف الحرب وهي الأقدر على ذلك اليوم علما وان كل يوم يمضي دون قرار بإنهاء الحرب يعني مزيد الضحايا ومزيد الخسائر ومزيد المآسي والخراب والدمار لا سيما وان العالم بأسره يقف شاهدا على الفظاعات المسلطة على غزة التي تواجه ثلاثي القصف والمجاعة والبرد ..

ثم إن مجرد تسليم السلاح لكيان الاحتلال في هذه المرحلة التي تشن فيها إسرائيل حرب إبادة على غزة وعلى الضفة أيضا يعد في حد ذاته ضوءا اخضر لمواصلة العدوان، وقد كشفت التجارب أن كيان الاحتلال لا يرتدع ولم يسبق أن وضع أي حساب للقوانين الدولية او القوانين الإنسانية ..وبعد شهر على التحذيرات والمطالب التي وضعتها العدل الدولية لحكومة ناتنياهو العنصرية بالامتناع عن جرائم الإبادة والسماح بإيصال المساعدات للأهالي فلا شيء تحقق من ذلك وهناك إجماع من المنظمات الحقوقية على أن إسرائيل لا تلتزم بأي إجراء من الإجراءات المذكورة بل أنها تواصل الادعاء بأنها تتحرك وفق أحكام القانون الدولي ...

النقطة التالية التي ترجح عدم جدية هذه الدعوة الأمريكية أن إدارة بايدن تصر على أن الأمر لا يستهدف إسرائيل بالتحديد بما يعني  أن هذا الإجراء لن يتجاوز حدود الكلمات التي كتب بها وهو يأتي لإرضاء بعض أعضاء مجلس الشيوخ الديمقراطيين الذين ابدوا  قلقهم إزاء الحملة العسكرية الإسرائيلية في غزة.. وهي ربما تأتي أيضا لرفع بعض الحرج أمام امتداد الغضب الشعبي واستمرار المظاهرات الشعبية الداعية لإنهاء الاحتلال وربما أيضا إذا جاز التذكير أنها تأتي بعد حادثة حرق جندي أمريكي نفسه أمام مقر السفارة الإسرائيلية بواشنطن وتنديده بجريمة الإبادة في غزة. تصر واشنطن على أنها تنتظر ضمانات مكتوبة بحلول منتصف مارس والى أن يحدث ذلك تواصل آلة القتل الإسرائيلي حصد الأرواح وتدمير ما لم يدمر من غزة التي باتت مقبرة للأحياء ...

الحسابات الانتخابية لا يمكن أيضا إلغاؤها من المشهد خاصة وان بايدن بدأ يلمس ردود الأفعال الرافضة لسياساته في غزة وما يواجهه من انتقادات من عرب أمريكا الذين تشير استطلاعات الرأي أنهم لن يمنحوه أصواتهم في السباق القادم إلى البيت الأبيض.. ورغم انه لا مجال للمفاضلة بين سياسات ترامب وبايدن فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية فان صوت عرب ومسلمي أمريكا بات موحدا ومتناسقا في رفض الدعم المطلق للاحتلال ...

الحقيقة ان الصورة القادمة من غزة وعمليات إنزال المساعدات الغذائية التي يسارع الأهالي للتهافت عليها في البر أو البحر ليست إلا ترجمة لامتهان إنسانية الإنسان والإصرار على دعم الجلاد والاستمرار في التنكيل بالضحية.. عمليا إنزال المساعدات التي يتعرض خلالها الفلسطينيون المدفوعين بالجوع إلى الحصول عليها تبقى في نهاية المطاف الغطاء المفضوح الذي توصل إليه المجتمع الدولي لمنح الاحتلال الوقت الكافي لمواصلة جرائمه ...

آسيا العتروس

ممنوع من الحياد..    مهلة أمريكية لإسرائيل.. من يصدق؟

 

كيف يمكن أن نثق في تصريحات رئيس يتحدث عن هدنة مرتقبة في غزة تضع حدا للأهوال التي يتعرض لها أهالي القطاع وهو يمزح ويتناول المثلجات أمام الكاميرا في الوقت الذي يموت فيه الآلاف في القطاع بسبب القصف والجوع والأوبئة.. الصورة في حد ذاتها مستفزة ولكنها مثيرة للشفقة أيضا وتؤكد أن القوى الكبرى ومعها الدول العربية باتت في قبضة إسرائيل وتحت إمرتها وأنها لا يمكن باية حال من الأحوال أن تفرملها أو تمنع جرائمها ولكنها في المقابل حريصة على لجم المقاومة وتدميرها وإلغائها من المشهد ..

بالتأكيد في حضرة الرئيس والمثلجات نقف وهذه ليست المرة الأولى ولن تكون الأخيرة إزاء استخفاف مفضوح بالأرواح ولكن أيضا تفضح حجم النفاق الدولي والانحياز الأعمى لكيان ما انفك يحظى بكل أنواع الدعم السياسي والعسكري والاقتصادي لمواصلة هيمنته على الشعب الفلسطيني وأخر أنواع هذا النفاق والظلم ما حدث في مجلس الأمن الدولي من استخدام للفيتو في أربع مناسبات متتالية لإجهاض قرار بوقف الحرب يحدث ذلك فيما تنتشر المقابر الجماعية ويموت الأطفال والنساء والشيوخ وتنهار فرص الحياة أمام أكثر من مليوني فلسطيني محاصرين.. وقبل أن نذهب بعيدا فقد نفى البيت الأبيض لاحقا أمر الهدنة أو وجود ما يشبه ذلك.

أمريكا بايدن تمهل إسرائيل، حتى منتصف مارس للتوقيع على خطاب يقدم ضمانات بأنها ستلتزم بالقانون الدولي، خلال استخدام الأسلحة الأميركية، والسماح بدخول المساعدات الإنسانية إلى غزة، حسبما قال 3 مسؤولين أميركيين وإسرائيليين لموقع «أكسيوس» الأميركي.. أسبوعان إذن أمام كيان الاحتلال للامتثال للقرار الأمريكي الذي يبدو في ظاهره ينتصر للقانون الدولي ويتجه للضغط على كيان الاحتلال ولكن في باطنه لا يمكن ولن يكون الأمر كذلك لأكثر من سبب.. وأول واهم هذه الأسباب لو ان الإدارة  الأمريكية كانت جدية في هذا التحذير لما منحت الاحتلال هذه المهلة الطويلة والثقيلة جدا على الفلسطينيين وتحديدا على اهل غزة الذين يعانون ويلات القصف منذ  خمسة أشهر ولفرضت قرارا بوقف الحرب وهي الأقدر على ذلك اليوم علما وان كل يوم يمضي دون قرار بإنهاء الحرب يعني مزيد الضحايا ومزيد الخسائر ومزيد المآسي والخراب والدمار لا سيما وان العالم بأسره يقف شاهدا على الفظاعات المسلطة على غزة التي تواجه ثلاثي القصف والمجاعة والبرد ..

ثم إن مجرد تسليم السلاح لكيان الاحتلال في هذه المرحلة التي تشن فيها إسرائيل حرب إبادة على غزة وعلى الضفة أيضا يعد في حد ذاته ضوءا اخضر لمواصلة العدوان، وقد كشفت التجارب أن كيان الاحتلال لا يرتدع ولم يسبق أن وضع أي حساب للقوانين الدولية او القوانين الإنسانية ..وبعد شهر على التحذيرات والمطالب التي وضعتها العدل الدولية لحكومة ناتنياهو العنصرية بالامتناع عن جرائم الإبادة والسماح بإيصال المساعدات للأهالي فلا شيء تحقق من ذلك وهناك إجماع من المنظمات الحقوقية على أن إسرائيل لا تلتزم بأي إجراء من الإجراءات المذكورة بل أنها تواصل الادعاء بأنها تتحرك وفق أحكام القانون الدولي ...

النقطة التالية التي ترجح عدم جدية هذه الدعوة الأمريكية أن إدارة بايدن تصر على أن الأمر لا يستهدف إسرائيل بالتحديد بما يعني  أن هذا الإجراء لن يتجاوز حدود الكلمات التي كتب بها وهو يأتي لإرضاء بعض أعضاء مجلس الشيوخ الديمقراطيين الذين ابدوا  قلقهم إزاء الحملة العسكرية الإسرائيلية في غزة.. وهي ربما تأتي أيضا لرفع بعض الحرج أمام امتداد الغضب الشعبي واستمرار المظاهرات الشعبية الداعية لإنهاء الاحتلال وربما أيضا إذا جاز التذكير أنها تأتي بعد حادثة حرق جندي أمريكي نفسه أمام مقر السفارة الإسرائيلية بواشنطن وتنديده بجريمة الإبادة في غزة. تصر واشنطن على أنها تنتظر ضمانات مكتوبة بحلول منتصف مارس والى أن يحدث ذلك تواصل آلة القتل الإسرائيلي حصد الأرواح وتدمير ما لم يدمر من غزة التي باتت مقبرة للأحياء ...

الحسابات الانتخابية لا يمكن أيضا إلغاؤها من المشهد خاصة وان بايدن بدأ يلمس ردود الأفعال الرافضة لسياساته في غزة وما يواجهه من انتقادات من عرب أمريكا الذين تشير استطلاعات الرأي أنهم لن يمنحوه أصواتهم في السباق القادم إلى البيت الأبيض.. ورغم انه لا مجال للمفاضلة بين سياسات ترامب وبايدن فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية فان صوت عرب ومسلمي أمريكا بات موحدا ومتناسقا في رفض الدعم المطلق للاحتلال ...

الحقيقة ان الصورة القادمة من غزة وعمليات إنزال المساعدات الغذائية التي يسارع الأهالي للتهافت عليها في البر أو البحر ليست إلا ترجمة لامتهان إنسانية الإنسان والإصرار على دعم الجلاد والاستمرار في التنكيل بالضحية.. عمليا إنزال المساعدات التي يتعرض خلالها الفلسطينيون المدفوعين بالجوع إلى الحصول عليها تبقى في نهاية المطاف الغطاء المفضوح الذي توصل إليه المجتمع الدولي لمنح الاحتلال الوقت الكافي لمواصلة جرائمه ...

آسيا العتروس