- الشوارع في كلّ العواصم الغربيّة والأمريكيّة تغلي غليانا كالمرجل وشعوبها تساند القضيّة الفلسطينيّة دون توقف
تُطوى أيام الحرب على الأراضي الفلسطينية وبالتحديد على غزّة ورفح طيّا سريعا فهي تقترب من شهرها الخامس. هكذا تبدو للذين يتابعونها من بعيد عبر الشاشات التلفزية في كامل أنحاء العالم والإذاعات. إلاّ أنّها في الحقيقة مرّة مريرة على أهالينا في الأراضي المحتلّة. أيام وأسابيع وشهور عصيبة فاقت وسع ما تتحمّله الطاقة البشريّة: عدوان صهيونيّ غاشم، تقتيل للبشر وتدمير للحجر والشجر. مناورات جنونيّة وعمليات عسكرية فاقت وحشيّتها تقريبا كلّ الحروب السابقة. وربما تجاوزت الحرب النازية في هولوكوست بشاعة.
وتمعن الولايات المتّحدة الأمريكيّة وكثير من الدّول الغربيّة في مساعدة الكيان الصّهيونيّ على اقتراف الجرائم ضدّ الفلسطينيّين الأبرياء. وتخرس جميعها أمام الآلات الحربيّة المدمّرة. بل إنّها تبرّر قرارات حكومة الاحتلال الصّهيونيّ ومجازره التي طالت المدنيّين والأطبّاء والممرّضين وقصفه للمباني العموميّة وخاصة منها المستشفيات ومنع سيّارات الإسعاف من القيام بدورها. والأدهى والأمرّ أنّ الولايات المتحدّة الأمريكيّة تستعمل حقّ الفيتو ضدّ مبادرة الشقيقة الجزائر لإيقاف الحرب الضّروس ضدّ الفلسطينيّين وقد أدارت ظهرها بكلّ صلافة وصفاقة للمواثيق والأعراف الدّوليّة.
أما موقف العديد من الحكام فقد كان منذ القدم مخجلا مخزيا يبعث على القرف ويرسم وصمة عار على جباههم وينزع ماء الحياء من وجوههم ولا يزال. لا يحرّكون ساكنا بل يكتفون بالصّمت المطبق. ومنهم من يقدّم في السّرّ يد المساعدة المادّية واللّوجستيّة للكيان الغاصب المحتلّ. لقد ألف الشعب العربيّ مواقف الذلّ والهوان التي توارثها بعض الحكام... وليس بالعهد من قدم فقد آثر هؤلاء الحفاظ على كراسيّهم على الانتصار لإخوانهم في التاريخ والدّين واللّغة طوال سنوات الحرب المدمّرة التي خيضت في العراق وسوريا واليمن وليببا.
ولكن هل من المنطقيّ أن نوجّه لومنا وانتقاداتنا إلى الأنظمة العربية فقط ونكتفي نحن بالجلوس على الرّبوة فهو أسلم؟ هل تساءلنا ماذا فعلنا نحن الجماهير العربيّة؟ هل تساءلنا بماذا قمنا وعددنا يفوق المليار مسلم؟ هل من شيء يذكر فيه تعبير صادق عن مساندتنا قلبا وقالبا لأشقائنا الفلسطينيين؟ هل تعدّى تآزرنا معهم مستوى الخطاب ولنا في اليمن السعيد والعراق الأبيّ وسوريا الشامخة أبهى مظاهر الإصرار على الوقوف جنبا إلى جنب مع المقاومة الفلسطينيّة والذّود عن الأراضي العربيّة مهما تباعدت المسافات؟ هل تساءلنا كيف خبت جذوة انتفاضتنا على محدوديّتها منذ الأيام الأولى لطوفان الأقصى؟ لم نسمع إلاّ بمظاهرات محتشمة في تونس وبعض الدّول العربيّة وبوقفات احتجاجية تُعدّ على أصابع اليد الواحدة أمام السّفارات ثم انسحبت هذه التحركات وركنت من جديد إلى سبات عميق. إنّنا نتساءل في دهشة وحيرة دون أن نجد جوابا أين المنظمات الوطنية والأحزاب السياسية والجمعيات المدنيّة التي تعدّ بالآلاف في تعبئة الجماهير ورصّ صفوفها نصرة لفلسطين وأهلها والتنديد بوحشية الصهيونيّة وعدوانها؟ أين المطالب التي تنادي بطرد سفراء البلدان التي تقف مع حكومة ناتينياهو وتدعمه ماليا وعسكريّا؟ أين المطالب التي تنادي بغلق السّفارات ذات العقليّة الاستعماريّة؟ أين حملات التّبرع بالدّم والأدوية والأغطية؟ أين الحملات التوعوية والتظاهرات الثقافية والفنية التي تجوب دور الشباب والثقافة والمدارس والمعاهد والكليات لمقاومة المغالطات الإعلامية الصهيونية وانخراط الناشئة في القضية الفلسطينية؟
إنّ الشوارع في كلّ العواصم الغربيّة والأمريكيّة تغلي غليانا كالمرجل. تساند شعوبها القضيّة الفلسطينيّة دون توقف. وتطالب بإيقاف حرب الإبادة الجماعيّة التي يشنّها الكيان الصّهيوني بزعامة حكومة ناتينياهو في كامل الأراضي الفلسطينيّة المحتلّة. وتصرّ على محاكمته ومساعديه محاكمة مجرمي حرب.
إنّ موقف المنظمات الوطنيّة والأحزاب السياسية والجمعيات المدنية ببلادنا يبرهن مرّة أخرى على أنّها تخلّت عن دورها اليوم في الدّفاع عن الحقوق المشروعة ولم تعد بوصلتها خدمة قضايا الجماهير وتجذير وعيهم نحو الأفضل وهو ما يفسّر فقدانها للعمق الشعبيّ... وما ادّعاؤها التضامن مع الشعب الفلسطيني إلاّ مجرّد كلام دون فعال. إيه يا وطني كيف تحوّلت الشّعارات الفضفاضة والخطب الرّنانّة إلى أسهل طريق نحو الترف والبذخ والتجول من نزل إلى آخر ومن سفرة إلى أخرى والتمتع من امتياز إلى آخر. أما النضال الحقيقي الصّادق فقد أجّل إلى تاريخ غير معلوم.
مصدّق الشّريف
- الشوارع في كلّ العواصم الغربيّة والأمريكيّة تغلي غليانا كالمرجل وشعوبها تساند القضيّة الفلسطينيّة دون توقف
تُطوى أيام الحرب على الأراضي الفلسطينية وبالتحديد على غزّة ورفح طيّا سريعا فهي تقترب من شهرها الخامس. هكذا تبدو للذين يتابعونها من بعيد عبر الشاشات التلفزية في كامل أنحاء العالم والإذاعات. إلاّ أنّها في الحقيقة مرّة مريرة على أهالينا في الأراضي المحتلّة. أيام وأسابيع وشهور عصيبة فاقت وسع ما تتحمّله الطاقة البشريّة: عدوان صهيونيّ غاشم، تقتيل للبشر وتدمير للحجر والشجر. مناورات جنونيّة وعمليات عسكرية فاقت وحشيّتها تقريبا كلّ الحروب السابقة. وربما تجاوزت الحرب النازية في هولوكوست بشاعة.
وتمعن الولايات المتّحدة الأمريكيّة وكثير من الدّول الغربيّة في مساعدة الكيان الصّهيونيّ على اقتراف الجرائم ضدّ الفلسطينيّين الأبرياء. وتخرس جميعها أمام الآلات الحربيّة المدمّرة. بل إنّها تبرّر قرارات حكومة الاحتلال الصّهيونيّ ومجازره التي طالت المدنيّين والأطبّاء والممرّضين وقصفه للمباني العموميّة وخاصة منها المستشفيات ومنع سيّارات الإسعاف من القيام بدورها. والأدهى والأمرّ أنّ الولايات المتحدّة الأمريكيّة تستعمل حقّ الفيتو ضدّ مبادرة الشقيقة الجزائر لإيقاف الحرب الضّروس ضدّ الفلسطينيّين وقد أدارت ظهرها بكلّ صلافة وصفاقة للمواثيق والأعراف الدّوليّة.
أما موقف العديد من الحكام فقد كان منذ القدم مخجلا مخزيا يبعث على القرف ويرسم وصمة عار على جباههم وينزع ماء الحياء من وجوههم ولا يزال. لا يحرّكون ساكنا بل يكتفون بالصّمت المطبق. ومنهم من يقدّم في السّرّ يد المساعدة المادّية واللّوجستيّة للكيان الغاصب المحتلّ. لقد ألف الشعب العربيّ مواقف الذلّ والهوان التي توارثها بعض الحكام... وليس بالعهد من قدم فقد آثر هؤلاء الحفاظ على كراسيّهم على الانتصار لإخوانهم في التاريخ والدّين واللّغة طوال سنوات الحرب المدمّرة التي خيضت في العراق وسوريا واليمن وليببا.
ولكن هل من المنطقيّ أن نوجّه لومنا وانتقاداتنا إلى الأنظمة العربية فقط ونكتفي نحن بالجلوس على الرّبوة فهو أسلم؟ هل تساءلنا ماذا فعلنا نحن الجماهير العربيّة؟ هل تساءلنا بماذا قمنا وعددنا يفوق المليار مسلم؟ هل من شيء يذكر فيه تعبير صادق عن مساندتنا قلبا وقالبا لأشقائنا الفلسطينيين؟ هل تعدّى تآزرنا معهم مستوى الخطاب ولنا في اليمن السعيد والعراق الأبيّ وسوريا الشامخة أبهى مظاهر الإصرار على الوقوف جنبا إلى جنب مع المقاومة الفلسطينيّة والذّود عن الأراضي العربيّة مهما تباعدت المسافات؟ هل تساءلنا كيف خبت جذوة انتفاضتنا على محدوديّتها منذ الأيام الأولى لطوفان الأقصى؟ لم نسمع إلاّ بمظاهرات محتشمة في تونس وبعض الدّول العربيّة وبوقفات احتجاجية تُعدّ على أصابع اليد الواحدة أمام السّفارات ثم انسحبت هذه التحركات وركنت من جديد إلى سبات عميق. إنّنا نتساءل في دهشة وحيرة دون أن نجد جوابا أين المنظمات الوطنية والأحزاب السياسية والجمعيات المدنيّة التي تعدّ بالآلاف في تعبئة الجماهير ورصّ صفوفها نصرة لفلسطين وأهلها والتنديد بوحشية الصهيونيّة وعدوانها؟ أين المطالب التي تنادي بطرد سفراء البلدان التي تقف مع حكومة ناتينياهو وتدعمه ماليا وعسكريّا؟ أين المطالب التي تنادي بغلق السّفارات ذات العقليّة الاستعماريّة؟ أين حملات التّبرع بالدّم والأدوية والأغطية؟ أين الحملات التوعوية والتظاهرات الثقافية والفنية التي تجوب دور الشباب والثقافة والمدارس والمعاهد والكليات لمقاومة المغالطات الإعلامية الصهيونية وانخراط الناشئة في القضية الفلسطينية؟
إنّ الشوارع في كلّ العواصم الغربيّة والأمريكيّة تغلي غليانا كالمرجل. تساند شعوبها القضيّة الفلسطينيّة دون توقف. وتطالب بإيقاف حرب الإبادة الجماعيّة التي يشنّها الكيان الصّهيوني بزعامة حكومة ناتينياهو في كامل الأراضي الفلسطينيّة المحتلّة. وتصرّ على محاكمته ومساعديه محاكمة مجرمي حرب.
إنّ موقف المنظمات الوطنيّة والأحزاب السياسية والجمعيات المدنية ببلادنا يبرهن مرّة أخرى على أنّها تخلّت عن دورها اليوم في الدّفاع عن الحقوق المشروعة ولم تعد بوصلتها خدمة قضايا الجماهير وتجذير وعيهم نحو الأفضل وهو ما يفسّر فقدانها للعمق الشعبيّ... وما ادّعاؤها التضامن مع الشعب الفلسطيني إلاّ مجرّد كلام دون فعال. إيه يا وطني كيف تحوّلت الشّعارات الفضفاضة والخطب الرّنانّة إلى أسهل طريق نحو الترف والبذخ والتجول من نزل إلى آخر ومن سفرة إلى أخرى والتمتع من امتياز إلى آخر. أما النضال الحقيقي الصّادق فقد أجّل إلى تاريخ غير معلوم.