إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

نهاية الحرب على غزّة وغياب الأفق السياسي الواضح

 -تدمير كلي لمدينة غزة وإلحاق أضرار جسيمة بالكثير من الأحياء والمناطق الملاصقة لها جعل غزة تعود سبعين سنة إلى الوراء

بقلم نوفل سلامة

لم تكف ثلاثة أشهر من الحرب على مدينة غزة وما رافقها من أعمال قتل متواصل يرتكبها الجنود الصهاينة طالت المدنيين من الأطفال والنساء والشيوخ وصل عددهم إلى حد اليوم 26 ألف شخص .. ولم يكف ما تقوم به الآلة الحربية لدولة الاحتلال الصهيوني على مدار أسابيع طويلة بعد عملية طوفان الأقصى من جرائم إبادة جماعية وتهجير قصري بحق سكان مدينة غزة وتدمير جنوني للمباني والمساكن حتى يعلن الكيان الصهيوني انتصاره على المقاومة الفلسطينية وإضعاف قدرات كتائب عز الدين القسام وتفكيك الانفاق التي تستعملها اللغز الذي حيّر جهاز مخابراتها بعد أن عجز على الوصول إلى حقيقة هذه الانفاق التي بقيت إلى اليوم تعمل ولم يتضرر منها حسب تصريح ناتنياهو إلا جزءا قليلا في حدود 20% من كامل الأنفاق الموجودة والتي تمتد على كلومترات طويلة تحت مدينة غزة .

هذا الواقع المعلن عنه في العواصم الغربية والعربية والذي انتهى إلى تدمير كلي لمدينة غزة وإلحاق أضرار جسيمة بالكثير من الأحياء والمناطق الملاصقة لها جعل غزة تعود سبعين سنة إلى الوراء حسب ملاحظة أحد السياسيين الغربيين الذي صرح أن العالم نتيجة التدمير الذي قامت به قوات الاحتلال الإسرائيلي يحتاج إلى سبعين سنة حتى يتمكن من إعادتها إلى نفس وضعها الذي كانت عليه قبل الحرب ، هذا الواقع الذي يفيد أن إسرائيل في ورطة كبرى بعد أن غرقت في مستنقع غزة وتعرف حكومتها مأزقا خانقا بعد الفشل الكبير في القضاء على سلاح المقاومة كما وعدت وانهاء الحرب بتدمير كل القدرات العسكرية للمقاومة الفلسطينية وبالتالي فشلهافي حسم المعركة لفائدتها وتسريح الرهائن المحتجزين عند حركة حماس والجهاد الإسلامي، هذا الواقع قد فرض على الداعمين لإسرائيل والقوى المساندة لها وفي مقدمتهم الولايات المتحدة الامريكية التفكير في مخرج وطريقة خلاص لإنهاء الحرب أو على الأقل إجراء هدنة طويلة تقلل من حجم التنديد والاعتراض الذي بدأت دائرتهما تكبر في الضمير العالمي الرافض للخيارات السياسية الغربية غير العادلة والمنحازة بطريقة عمياء للرؤية الإسرائيلية للحرب.

لقد فهمت أمريكا وحصلت لها القناعة أن إسرائيل لن تتوصل في المنظور القريب الى تحقيق انتصار على المقاومة الفلسطينية وأن منح إسرائيل وقتا أطول لإنجاز هذه المهمة مسألة غير ممكنة فضلا على أنها غير مضمونة للانتصار على المقاومة وأن المعركة على ما هي عليه وأن النسق الذي تسير عليه لن يخدم إسرائيل في استراتيجياتها مع تزايد عدد الضحايا من المدنيين وارتفاع عدد القتلى في صفوف الأهالي التي تتسبب فيها الآلة الحربية الإسرائيلية من دون أن نرى تقدما ملموسا في القضاء على حماس لذلك بدأت الديبلوماسية الأمريكية والأوروبية في التحرك السريع وفي كل الاتجاهات وبدأ الفاعلون السياسيون المؤثرون في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني في عقد الاتصالات في محاولة لإيجاد حل والتوصل إلى مخرج للمأزق والانسداد الذي بدأ يتمدد من يوم إلى آخر ليأسر كل الأطراف وخاصة الطرف الإسرائيلي الذي يشعر اليوم أنه وقع في ورطة ومأزق لا مخرج له منهما .

تعددت المبادرات لإيجاد مخرج لحالة الحرب الدائمة والتي تبين أن تداعياتها كارثية على سكان غزة وخاصة على صورة إسرائيل وصورة الداعمين لها وعلى الوضع العالمي والإقليمي برمته حيث تم الإعلان عن إعداد تقرير أمريكي عبارة عن مسودة اتفاق لإنهاء حالة الحرب في غزة يقترح إجراء اتفاق يشمل تعليق الحرب من الجانب الإسرائيلي مدته شهران مقابل إطلاق حماس سراح أكثر من 100 رهينة لديها. وبالتوازي مع المقترح الأمريكي تم الكشف عن خطة بريطانية تتكون من خمس نقاط لإنهاء الحرب تركز على مسألة إطلاق سراح الرهائن مقابل التفاوض على وقف دائم لإطلاق النار والتزام حماس بوقف شن الهجمات ضد إسرائيل مع التفكير في تشكيل حكومة من التكنوقراط لإدارة الضفة الغربية وقطاع غزة بعد انتهاء الحرب مع مقترح آخر يقضي بمغادرة كبار قادة حماس قطاع غزة إلى دولة أخرى.

أما بخصوص المبادرة العربية فتتضمن رؤية شاملة قدمتها 5 دول عربية وهي السعودية والامارات وقطر ومصر والأردن وتلقى دعما من الولايات المتحدة الامريكية وترفضها إسرائيل أطلق عليها إسم" مبادرة اليوم التالي "تتلخص في إجراء صفقة مع إسرائيل أساسها العمل على موافقة الحكومة الإسرائيلية على إقامة دولة فلسطينية مقابل مواصلة خطة التطبيع واستكمال إجراءات اعتراف السعودية بإسرائيل.

المشكل في هذه المبادرات وغيرها والتي تعكف اليوم الإدارة الأمريكية على دراستها ومناقشتها مع الأطراف المعنية أنها لا تقدم تصورا واضحا لمرحلة ما بعد الحرب ولا تتضمن رؤية شاملة لمسألة السلام الدائم القائم على الاعتراف بحق الفلسطينيين في إقامة دولتهم على أرضهم التاريخية وعاصمتها القدس الشريف بما تتضمنه من إقرار حق العودة لكل المهجرين منذ تاريخ النكبة التي حلت بفلسطين كما أن جل المبادرات والمقترحات لا تتحدث عن وضع المقاومة ومكانة حماس في العملية السياسية الجديدة وفي مسار التسوية النهائية حيث يدور الحديث في الكواليس وحتى في العلن عن اقصاء المقاومة من كل تسوية مستقبلية والموافقة على إنهاء الحرب مع استبعاد حماس من المشاركة في إدارة الحكم بما يعني العودة إلى الصيغة القديمة التي كانت فيها حكومة محمود عباس هي الممثل الوحيد للفلسطينيين في تجاهل تام للمستجدات التي فرضتها عملية طوفان الأقصى وما تعنيه من صعوبة تجاهل عنصر المقاومة وفشل أية تسوية مستقبلية للقضية الفلسطينية من دون تشريك حماس.

الغائب في كل هذه المبادرات هو الأفق السياسي الواضح وغياب الحديث حول ضرورة قيام الدولة الفلسطينية لكامل الشعب الفلسطيني كشرط لإنهاء الصراع حيث تلوح أمريكا وبريطانيا بإمكانية الاعتراف بالدولة الفلسطينية على أن تسلم إدارتها والإشراف عليها إلى فريق أممي ودولي والعمل على التسريع في مسار التطبيع بين الكيان المحتل وباقي الدول العربية وهو الخيار الذي تشتغل عليه القوى العظمى القائم على فكرة إقامة دولة للفلسطينيين منزوعة السلاح من دون معرفة لحدودها ومجالها الجغرافي لضمان أمن إسرائيل وعدم تعرضها مستقبلا لأي هجوم مسلح .

اليوم وبعد الاعتداء السافر الذي تعرضت له مدينة غزة على أيدي جيش الاحتلال الإسرائيلي من دون تحقيق أي هدف من الأهداف التي تم الإعلان عنها وتورط إسرائيل في ارتكاب جرائم حرب وابادة جماعية وتهجير قسري للسكان قد ينجر عنها تجريمها قضائيا أمام محكمة العدل الدولية، فإن الغرب المورط في هذه الحرب الظالمة بدأ يخطط في طريقة لإنهاء الحرب ورسم مبادرات يغيب عنها الأفق السياسي الواضح لإنهاء المأساة الفلسطينية بصفة نهائية وعادلة.

 

 

 

 

نهاية الحرب على غزّة وغياب الأفق السياسي الواضح

 -تدمير كلي لمدينة غزة وإلحاق أضرار جسيمة بالكثير من الأحياء والمناطق الملاصقة لها جعل غزة تعود سبعين سنة إلى الوراء

بقلم نوفل سلامة

لم تكف ثلاثة أشهر من الحرب على مدينة غزة وما رافقها من أعمال قتل متواصل يرتكبها الجنود الصهاينة طالت المدنيين من الأطفال والنساء والشيوخ وصل عددهم إلى حد اليوم 26 ألف شخص .. ولم يكف ما تقوم به الآلة الحربية لدولة الاحتلال الصهيوني على مدار أسابيع طويلة بعد عملية طوفان الأقصى من جرائم إبادة جماعية وتهجير قصري بحق سكان مدينة غزة وتدمير جنوني للمباني والمساكن حتى يعلن الكيان الصهيوني انتصاره على المقاومة الفلسطينية وإضعاف قدرات كتائب عز الدين القسام وتفكيك الانفاق التي تستعملها اللغز الذي حيّر جهاز مخابراتها بعد أن عجز على الوصول إلى حقيقة هذه الانفاق التي بقيت إلى اليوم تعمل ولم يتضرر منها حسب تصريح ناتنياهو إلا جزءا قليلا في حدود 20% من كامل الأنفاق الموجودة والتي تمتد على كلومترات طويلة تحت مدينة غزة .

هذا الواقع المعلن عنه في العواصم الغربية والعربية والذي انتهى إلى تدمير كلي لمدينة غزة وإلحاق أضرار جسيمة بالكثير من الأحياء والمناطق الملاصقة لها جعل غزة تعود سبعين سنة إلى الوراء حسب ملاحظة أحد السياسيين الغربيين الذي صرح أن العالم نتيجة التدمير الذي قامت به قوات الاحتلال الإسرائيلي يحتاج إلى سبعين سنة حتى يتمكن من إعادتها إلى نفس وضعها الذي كانت عليه قبل الحرب ، هذا الواقع الذي يفيد أن إسرائيل في ورطة كبرى بعد أن غرقت في مستنقع غزة وتعرف حكومتها مأزقا خانقا بعد الفشل الكبير في القضاء على سلاح المقاومة كما وعدت وانهاء الحرب بتدمير كل القدرات العسكرية للمقاومة الفلسطينية وبالتالي فشلهافي حسم المعركة لفائدتها وتسريح الرهائن المحتجزين عند حركة حماس والجهاد الإسلامي، هذا الواقع قد فرض على الداعمين لإسرائيل والقوى المساندة لها وفي مقدمتهم الولايات المتحدة الامريكية التفكير في مخرج وطريقة خلاص لإنهاء الحرب أو على الأقل إجراء هدنة طويلة تقلل من حجم التنديد والاعتراض الذي بدأت دائرتهما تكبر في الضمير العالمي الرافض للخيارات السياسية الغربية غير العادلة والمنحازة بطريقة عمياء للرؤية الإسرائيلية للحرب.

لقد فهمت أمريكا وحصلت لها القناعة أن إسرائيل لن تتوصل في المنظور القريب الى تحقيق انتصار على المقاومة الفلسطينية وأن منح إسرائيل وقتا أطول لإنجاز هذه المهمة مسألة غير ممكنة فضلا على أنها غير مضمونة للانتصار على المقاومة وأن المعركة على ما هي عليه وأن النسق الذي تسير عليه لن يخدم إسرائيل في استراتيجياتها مع تزايد عدد الضحايا من المدنيين وارتفاع عدد القتلى في صفوف الأهالي التي تتسبب فيها الآلة الحربية الإسرائيلية من دون أن نرى تقدما ملموسا في القضاء على حماس لذلك بدأت الديبلوماسية الأمريكية والأوروبية في التحرك السريع وفي كل الاتجاهات وبدأ الفاعلون السياسيون المؤثرون في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني في عقد الاتصالات في محاولة لإيجاد حل والتوصل إلى مخرج للمأزق والانسداد الذي بدأ يتمدد من يوم إلى آخر ليأسر كل الأطراف وخاصة الطرف الإسرائيلي الذي يشعر اليوم أنه وقع في ورطة ومأزق لا مخرج له منهما .

تعددت المبادرات لإيجاد مخرج لحالة الحرب الدائمة والتي تبين أن تداعياتها كارثية على سكان غزة وخاصة على صورة إسرائيل وصورة الداعمين لها وعلى الوضع العالمي والإقليمي برمته حيث تم الإعلان عن إعداد تقرير أمريكي عبارة عن مسودة اتفاق لإنهاء حالة الحرب في غزة يقترح إجراء اتفاق يشمل تعليق الحرب من الجانب الإسرائيلي مدته شهران مقابل إطلاق حماس سراح أكثر من 100 رهينة لديها. وبالتوازي مع المقترح الأمريكي تم الكشف عن خطة بريطانية تتكون من خمس نقاط لإنهاء الحرب تركز على مسألة إطلاق سراح الرهائن مقابل التفاوض على وقف دائم لإطلاق النار والتزام حماس بوقف شن الهجمات ضد إسرائيل مع التفكير في تشكيل حكومة من التكنوقراط لإدارة الضفة الغربية وقطاع غزة بعد انتهاء الحرب مع مقترح آخر يقضي بمغادرة كبار قادة حماس قطاع غزة إلى دولة أخرى.

أما بخصوص المبادرة العربية فتتضمن رؤية شاملة قدمتها 5 دول عربية وهي السعودية والامارات وقطر ومصر والأردن وتلقى دعما من الولايات المتحدة الامريكية وترفضها إسرائيل أطلق عليها إسم" مبادرة اليوم التالي "تتلخص في إجراء صفقة مع إسرائيل أساسها العمل على موافقة الحكومة الإسرائيلية على إقامة دولة فلسطينية مقابل مواصلة خطة التطبيع واستكمال إجراءات اعتراف السعودية بإسرائيل.

المشكل في هذه المبادرات وغيرها والتي تعكف اليوم الإدارة الأمريكية على دراستها ومناقشتها مع الأطراف المعنية أنها لا تقدم تصورا واضحا لمرحلة ما بعد الحرب ولا تتضمن رؤية شاملة لمسألة السلام الدائم القائم على الاعتراف بحق الفلسطينيين في إقامة دولتهم على أرضهم التاريخية وعاصمتها القدس الشريف بما تتضمنه من إقرار حق العودة لكل المهجرين منذ تاريخ النكبة التي حلت بفلسطين كما أن جل المبادرات والمقترحات لا تتحدث عن وضع المقاومة ومكانة حماس في العملية السياسية الجديدة وفي مسار التسوية النهائية حيث يدور الحديث في الكواليس وحتى في العلن عن اقصاء المقاومة من كل تسوية مستقبلية والموافقة على إنهاء الحرب مع استبعاد حماس من المشاركة في إدارة الحكم بما يعني العودة إلى الصيغة القديمة التي كانت فيها حكومة محمود عباس هي الممثل الوحيد للفلسطينيين في تجاهل تام للمستجدات التي فرضتها عملية طوفان الأقصى وما تعنيه من صعوبة تجاهل عنصر المقاومة وفشل أية تسوية مستقبلية للقضية الفلسطينية من دون تشريك حماس.

الغائب في كل هذه المبادرات هو الأفق السياسي الواضح وغياب الحديث حول ضرورة قيام الدولة الفلسطينية لكامل الشعب الفلسطيني كشرط لإنهاء الصراع حيث تلوح أمريكا وبريطانيا بإمكانية الاعتراف بالدولة الفلسطينية على أن تسلم إدارتها والإشراف عليها إلى فريق أممي ودولي والعمل على التسريع في مسار التطبيع بين الكيان المحتل وباقي الدول العربية وهو الخيار الذي تشتغل عليه القوى العظمى القائم على فكرة إقامة دولة للفلسطينيين منزوعة السلاح من دون معرفة لحدودها ومجالها الجغرافي لضمان أمن إسرائيل وعدم تعرضها مستقبلا لأي هجوم مسلح .

اليوم وبعد الاعتداء السافر الذي تعرضت له مدينة غزة على أيدي جيش الاحتلال الإسرائيلي من دون تحقيق أي هدف من الأهداف التي تم الإعلان عنها وتورط إسرائيل في ارتكاب جرائم حرب وابادة جماعية وتهجير قسري للسكان قد ينجر عنها تجريمها قضائيا أمام محكمة العدل الدولية، فإن الغرب المورط في هذه الحرب الظالمة بدأ يخطط في طريقة لإنهاء الحرب ورسم مبادرات يغيب عنها الأفق السياسي الواضح لإنهاء المأساة الفلسطينية بصفة نهائية وعادلة.