يقول الفنان المرحوم الهادي التركي إن "الفن طائر لا يمكن الإمساك به، غير انه يحدث أن يترك بين أصابعنا بعضا من ريشه الجميل"
وهذا هو الانطباع الذي يحدث لك عند زيارتك لمعرض الفنان التشكيلي المنذر بن عمار بدار الثقافة نور الدين صمود بقليبية والذي نظمته جمعية قليبية للثقافة والفنون والتراث، بعنوان تجاوز التجاوز، هو معرض يحملك إلى عوالم وجولات مختلفة، أراده الفنان المنذر بن عمار "مساءلة نقدية للذات وتقويضا لما كان مألوفا لديها، واستفزازا واستنفارا لمعاقل الذوق الراسخ لدى المتلقي "بحكم انه لا يرى الفن خارج إطار التجاوز ويؤكد أن في أعماله ليس لديه محور أو موضوع محدد بل كل لوحة تحمله إلى لوحة، وأنه ينشد دوما الحياة ولا يريد أن يكرر نفسه في أعماله، بحكم أن التكرار هو الموت، والوقوف هو الموت ...
ولأن الفنان المنذر عمار يؤكد على أنه لا يتعامل مع واقع اللوحة ولا يتعامل مع صورة الواقع، بل مع واقع الصورة، تحملك لوحاته إلى عوالم مختلفة من البحر والكركارة والجوطة إلى القمر المكتمل إلى التلمود إلى المدينة والصباط، فهذا الفنان المسكون بواقعه وعالمه يرى أن لا معنى لعمل فني لا يطرح قضايا ويثير تساؤلات فكرية مادية وجدانية ....لتشي لوحة "هنا يسكن البحر" بما يمثله البحر من امتداد أفقي وفلسفي وما له من تأثير عليه وعلى أعماله وهو الذي يرى أنه في كل أعماله ينتقل من لوحة إلى أخرى، لأن اللوحة تولد نتيجة ما ينطبع في الذات عند التقائها بشيء أو حدث أو شخص ما في لحظات تجل يفرضها المكان والزمان، ومن الكركارة يتحول إلى القمر المكتمل كما يراه من مرسمه واستراحته في القرية الأمازيغية "تامزراط"، هناك حيث أصدر بيان "تامزراط" والذي كان بمثابة مدونة أو ديباجة شرح فيها فلسفته الفنية، ومن القمر المكتمل يعود إلى البحر فلسفته في ذلك انه غير مطالب بالتزويق والبحث عن الجمالية المجانية في سعي الارتقاء بالعمل الفني في مناخ عام يقدّم صورة الواقع على واقع الصورة، لتحيلك لوحة "الجوطة" إلى يوميات بحار يتحول إلى تاجر يسعى قبل عودته إلى بيته إلى بيع نصيبه من السمك بعد ليلة شاقة صارع خلالها الأنواء والأمواج، وغنم بعض السمكات فيتعجل العودة لأخذ نصيبه من الراحة وهو الذي خبر البحر وتقلباته ولم يخبر التجارة فترسمه اللوحة خجولا شاعرا بالذنب مكره أخاك لا بطل.
لا اتبع قافية معينة بل تتبعني القوافي
يقول الفنان المنذر عمار انه يصبو أن يكون مثل الشاعر الشعبي في أعماق الصحراء لا يتبع قافية معينة بل تتبعه القوافي، ليتقمص دور الباحث والمؤرخ والموثق بعيدا عن منطق التزويق والجماليّة المجانية وهي الفلسفة التي تقوم عليها جلّ أعماله فتحيلك لوحة الصباط او صباط السعفي في المدينة العتيقة بقليبية الى جرح لا يندمل، ومحاكمة لمسؤولي المدينة الذين طمسوا طابعها ونكّلوا بأحد معالمها، بتهديمهم لتلك البناية عوضا عن السعي إلى ترميمها ودفن جزء من تاريخ المدينة ...وعدم البحث عن الجمالية المجانية لا يعني حتما الوقوع في السطحية والمباشراتية بل ترتكز أعمال الفنان المنذر عمار على التجاوز والبحث عن كل ما هو جديد من خلال أسلوب يعتمد خلق معادلة بين اللمسة الخطية واللمسة اللونية إذ يحرص دوما على إبراز الخط كلمسة حرة تعادل في مقروئيتها اللمسة اللونية وتعانقها بالتوازي مع تناول الواقع بطريقة مختلفة خلال رسم ما لا تراه العين المجردة، وبالتالي هو تجاوز للواقع وقطع مع السائد من خلال ريشة تسعى أن تكون منفردة فنيا وفلسفيا
مراد ريدان
تونس- الصباح
يقول الفنان المرحوم الهادي التركي إن "الفن طائر لا يمكن الإمساك به، غير انه يحدث أن يترك بين أصابعنا بعضا من ريشه الجميل"
وهذا هو الانطباع الذي يحدث لك عند زيارتك لمعرض الفنان التشكيلي المنذر بن عمار بدار الثقافة نور الدين صمود بقليبية والذي نظمته جمعية قليبية للثقافة والفنون والتراث، بعنوان تجاوز التجاوز، هو معرض يحملك إلى عوالم وجولات مختلفة، أراده الفنان المنذر بن عمار "مساءلة نقدية للذات وتقويضا لما كان مألوفا لديها، واستفزازا واستنفارا لمعاقل الذوق الراسخ لدى المتلقي "بحكم انه لا يرى الفن خارج إطار التجاوز ويؤكد أن في أعماله ليس لديه محور أو موضوع محدد بل كل لوحة تحمله إلى لوحة، وأنه ينشد دوما الحياة ولا يريد أن يكرر نفسه في أعماله، بحكم أن التكرار هو الموت، والوقوف هو الموت ...
ولأن الفنان المنذر عمار يؤكد على أنه لا يتعامل مع واقع اللوحة ولا يتعامل مع صورة الواقع، بل مع واقع الصورة، تحملك لوحاته إلى عوالم مختلفة من البحر والكركارة والجوطة إلى القمر المكتمل إلى التلمود إلى المدينة والصباط، فهذا الفنان المسكون بواقعه وعالمه يرى أن لا معنى لعمل فني لا يطرح قضايا ويثير تساؤلات فكرية مادية وجدانية ....لتشي لوحة "هنا يسكن البحر" بما يمثله البحر من امتداد أفقي وفلسفي وما له من تأثير عليه وعلى أعماله وهو الذي يرى أنه في كل أعماله ينتقل من لوحة إلى أخرى، لأن اللوحة تولد نتيجة ما ينطبع في الذات عند التقائها بشيء أو حدث أو شخص ما في لحظات تجل يفرضها المكان والزمان، ومن الكركارة يتحول إلى القمر المكتمل كما يراه من مرسمه واستراحته في القرية الأمازيغية "تامزراط"، هناك حيث أصدر بيان "تامزراط" والذي كان بمثابة مدونة أو ديباجة شرح فيها فلسفته الفنية، ومن القمر المكتمل يعود إلى البحر فلسفته في ذلك انه غير مطالب بالتزويق والبحث عن الجمالية المجانية في سعي الارتقاء بالعمل الفني في مناخ عام يقدّم صورة الواقع على واقع الصورة، لتحيلك لوحة "الجوطة" إلى يوميات بحار يتحول إلى تاجر يسعى قبل عودته إلى بيته إلى بيع نصيبه من السمك بعد ليلة شاقة صارع خلالها الأنواء والأمواج، وغنم بعض السمكات فيتعجل العودة لأخذ نصيبه من الراحة وهو الذي خبر البحر وتقلباته ولم يخبر التجارة فترسمه اللوحة خجولا شاعرا بالذنب مكره أخاك لا بطل.
لا اتبع قافية معينة بل تتبعني القوافي
يقول الفنان المنذر عمار انه يصبو أن يكون مثل الشاعر الشعبي في أعماق الصحراء لا يتبع قافية معينة بل تتبعه القوافي، ليتقمص دور الباحث والمؤرخ والموثق بعيدا عن منطق التزويق والجماليّة المجانية وهي الفلسفة التي تقوم عليها جلّ أعماله فتحيلك لوحة الصباط او صباط السعفي في المدينة العتيقة بقليبية الى جرح لا يندمل، ومحاكمة لمسؤولي المدينة الذين طمسوا طابعها ونكّلوا بأحد معالمها، بتهديمهم لتلك البناية عوضا عن السعي إلى ترميمها ودفن جزء من تاريخ المدينة ...وعدم البحث عن الجمالية المجانية لا يعني حتما الوقوع في السطحية والمباشراتية بل ترتكز أعمال الفنان المنذر عمار على التجاوز والبحث عن كل ما هو جديد من خلال أسلوب يعتمد خلق معادلة بين اللمسة الخطية واللمسة اللونية إذ يحرص دوما على إبراز الخط كلمسة حرة تعادل في مقروئيتها اللمسة اللونية وتعانقها بالتوازي مع تناول الواقع بطريقة مختلفة خلال رسم ما لا تراه العين المجردة، وبالتالي هو تجاوز للواقع وقطع مع السائد من خلال ريشة تسعى أن تكون منفردة فنيا وفلسفيا