إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

نور شيبة.. العكازة التي أزاحت الغطاء عن القذارة الأدبية!!

بقلم: عبد الوهاب الملوح

أحدث إصدار نور شيبة الفنان الشعبي التونسي لكتابه "الحي يروح" وتنظيم حفل توقيع له في أعرق مكتبات تونس ضجة مدوية في الوسط الثقافي التونسي بين مؤيد للحدث برمته ومعارض له وفي كلتا الحالتين حرَّك هذا الحدث الساحة الثقافية في تونس التي تعاني بالأساس من ركود أصاب تقريبا كل قطاعاتها بما رسخته وزارة الثقافة التونسية من سياسات في التعامل مع أوجه الأنشطة الثقافية سواء من حيث تأجيل لأهم التظاهرات الدولية، قرطاج السينمائي، أيام قرطاج الشعريه، الايام الموسيقية، معرض الكتاب الدولي، أو بالمعالجات التعسفية التي مارستها الوزارة ضد عدد  كبير من موظفيها المحسوبين على المبدعين مسرحيين وشعراء وصحفيين أو لانعدام الأنشطة الإبداعية الفاعلة على مستوى الجهات، وفي خضم هذا الركود الثقافي الذي لم تشهد له تونس مثيلا في أي زمن ما؛ برزت بعض التظاهرات من خلال مبادرات شخصية من نوع أروقة للفنون التشكيلية تقيمها جَمعيات مدعومة بجهات من المجتمع المدني أو تظاهرات محتشمة للمسرح تعمل بشكل معزول أو أمسيات شعرية بائسة لا يحضرها اي احد أو حفلات توقيع كتب لا يحضرها في العادة إلا الكراسي الفارغة، في هذا الجو البائس برزت بعض التظاهرات الأخرى التي اتخذت طابعا "ثقافيا" وارتكزت بالأساس على البروباغندا لبعض المؤسسات الإعلامية التي  تعمل بالأساس لخدمة برامجها الخاصة فكثر هذا النوع من الطفح على جلد الثقافة التونسية في استغلال واضح لحالة الفراغ الذي أحدثته وزارة الثقافة من خلال دعمها للثقافة المخدوعة وهكذا صارت هناك مأسسة للأنشطة ثقافية مشبوهة مسرحية وموسيقية أدبية مهما كانت .

لا بد من الإشارة في كل هذا أن لا أحد وصي على الفن أو على الثقافة أو على الأدب بوجه الخصوص؛ والفن أساسا هو منطقة حرة لكل من رأي في نفسه أن يبدع سواء بالرسم أو الموسيقى أو المسرح أو الأدب  فلا أحد يدعي أن له توكيلا للاعتراض على أي احد ينشط في هذا المجال كما لا أحد يدعي انه بلغ الكمال ويمتلك الغربال لانتقاء هذه الأعمال مهما كانت وكل محاولة للتدخل لمنع مثل هذه الأعمال تدخل في قبيل  إقصاء حق الآخر في الوجود.

لكن…

لكن هذا لا يعني التعدي على قدسية الفن باعتباره المرقى الجمالي للإنسان في صيرورة وجوده على هذه الأرض وهو لا يعني أيضا أن يشتغل آخرون بالوكالة على هكذا عمل إن بلغ مستوى من الرداءة لا يمكن فيها التفريق بين القبح والجمال؛ لقد  استطاع نور شيبة أن يكشف لنا مدى القاع الذي وصلت إليه الثقافة في تونس ليس فقط بما كتبه وله الحق أن يكتب ولكن بردود الفعل حول ما كتبه وحول حفل توقيع كتابه وردود الفعل السلبية والإيجابية فلا الذين انتقدوه جانبوا الصواب ولا الذين تدافعوا  لحضور حفل توقيع كتابه كانوا أيضا على صواب.

لابد من الإقرار أن الساحة الثقافية التونسية تعيش حالة من السكيزوفرينية التي تعبر عن حالة تخبط على المستوى الرسمي  ومستوى النخبة المثقفة.

ومع كل ما للفن الشعبي التونسي من جمالية بما فيه من عمق تراثي وما يتضمنه من تجليات لروح التونسي الأصيلة من مثل ما قدمه إسماعيل الحطاب وأشعار عبد المجيد بن جدو وأغاني صليحة  أو  ما أنجزه الهادي حبوبة لا يمكن إطلاقا الحديث  عن نور شيبة  ازاء هذه القامات الفنية. وبالتالي فالجدل حوله مغلوط؛ كما الجدل الدائر اليوم بين الكتاب التونسيين ايهم الأكبر فهو جدل لإخفاء حقيقة بؤس الثقافة التونسية.

 

لم يكن من الضروري اللجوء لعكازة نور شيبة لكشف القذارة

فالقذارة أصبحت قاسما مشتركا بين الجميع.

 

نور شيبة.. العكازة التي أزاحت الغطاء عن  القذارة الأدبية!!

بقلم: عبد الوهاب الملوح

أحدث إصدار نور شيبة الفنان الشعبي التونسي لكتابه "الحي يروح" وتنظيم حفل توقيع له في أعرق مكتبات تونس ضجة مدوية في الوسط الثقافي التونسي بين مؤيد للحدث برمته ومعارض له وفي كلتا الحالتين حرَّك هذا الحدث الساحة الثقافية في تونس التي تعاني بالأساس من ركود أصاب تقريبا كل قطاعاتها بما رسخته وزارة الثقافة التونسية من سياسات في التعامل مع أوجه الأنشطة الثقافية سواء من حيث تأجيل لأهم التظاهرات الدولية، قرطاج السينمائي، أيام قرطاج الشعريه، الايام الموسيقية، معرض الكتاب الدولي، أو بالمعالجات التعسفية التي مارستها الوزارة ضد عدد  كبير من موظفيها المحسوبين على المبدعين مسرحيين وشعراء وصحفيين أو لانعدام الأنشطة الإبداعية الفاعلة على مستوى الجهات، وفي خضم هذا الركود الثقافي الذي لم تشهد له تونس مثيلا في أي زمن ما؛ برزت بعض التظاهرات من خلال مبادرات شخصية من نوع أروقة للفنون التشكيلية تقيمها جَمعيات مدعومة بجهات من المجتمع المدني أو تظاهرات محتشمة للمسرح تعمل بشكل معزول أو أمسيات شعرية بائسة لا يحضرها اي احد أو حفلات توقيع كتب لا يحضرها في العادة إلا الكراسي الفارغة، في هذا الجو البائس برزت بعض التظاهرات الأخرى التي اتخذت طابعا "ثقافيا" وارتكزت بالأساس على البروباغندا لبعض المؤسسات الإعلامية التي  تعمل بالأساس لخدمة برامجها الخاصة فكثر هذا النوع من الطفح على جلد الثقافة التونسية في استغلال واضح لحالة الفراغ الذي أحدثته وزارة الثقافة من خلال دعمها للثقافة المخدوعة وهكذا صارت هناك مأسسة للأنشطة ثقافية مشبوهة مسرحية وموسيقية أدبية مهما كانت .

لا بد من الإشارة في كل هذا أن لا أحد وصي على الفن أو على الثقافة أو على الأدب بوجه الخصوص؛ والفن أساسا هو منطقة حرة لكل من رأي في نفسه أن يبدع سواء بالرسم أو الموسيقى أو المسرح أو الأدب  فلا أحد يدعي أن له توكيلا للاعتراض على أي احد ينشط في هذا المجال كما لا أحد يدعي انه بلغ الكمال ويمتلك الغربال لانتقاء هذه الأعمال مهما كانت وكل محاولة للتدخل لمنع مثل هذه الأعمال تدخل في قبيل  إقصاء حق الآخر في الوجود.

لكن…

لكن هذا لا يعني التعدي على قدسية الفن باعتباره المرقى الجمالي للإنسان في صيرورة وجوده على هذه الأرض وهو لا يعني أيضا أن يشتغل آخرون بالوكالة على هكذا عمل إن بلغ مستوى من الرداءة لا يمكن فيها التفريق بين القبح والجمال؛ لقد  استطاع نور شيبة أن يكشف لنا مدى القاع الذي وصلت إليه الثقافة في تونس ليس فقط بما كتبه وله الحق أن يكتب ولكن بردود الفعل حول ما كتبه وحول حفل توقيع كتابه وردود الفعل السلبية والإيجابية فلا الذين انتقدوه جانبوا الصواب ولا الذين تدافعوا  لحضور حفل توقيع كتابه كانوا أيضا على صواب.

لابد من الإقرار أن الساحة الثقافية التونسية تعيش حالة من السكيزوفرينية التي تعبر عن حالة تخبط على المستوى الرسمي  ومستوى النخبة المثقفة.

ومع كل ما للفن الشعبي التونسي من جمالية بما فيه من عمق تراثي وما يتضمنه من تجليات لروح التونسي الأصيلة من مثل ما قدمه إسماعيل الحطاب وأشعار عبد المجيد بن جدو وأغاني صليحة  أو  ما أنجزه الهادي حبوبة لا يمكن إطلاقا الحديث  عن نور شيبة  ازاء هذه القامات الفنية. وبالتالي فالجدل حوله مغلوط؛ كما الجدل الدائر اليوم بين الكتاب التونسيين ايهم الأكبر فهو جدل لإخفاء حقيقة بؤس الثقافة التونسية.

 

لم يكن من الضروري اللجوء لعكازة نور شيبة لكشف القذارة

فالقذارة أصبحت قاسما مشتركا بين الجميع.