إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

وزير الفلاحة والصيد البحري والموارد المائية لـ"الصباح": قريبا الإعلان عن مشروع مجلة المياه الجديد

 

تونس – الصباح.

أكّد وزير الفلاحة والصيد البحري والموارد المائية عبد المنعم بلعاتي في تصريح لـ"الصباح" يوم الأربعاء 7 فيفري الجاري على هامش فعاليات اليوم الدراسي حول "التأقلم مع التغيرات المناخية ومجابهة الشحّ المائي"، من تنظيم وزارة المرأة والأسرة والطفولة وكبار السنّ أنّه "تمّ الانتهاء من مشروع مجلة المياه الجديد وقريبا سيتم الإعلان عن ذلك"، دون أن يخوض في تفاصيل محتواها ومكوناتها والتغيرات التي طرأت عليها. 

إيمان عبد اللطيف

بات الحديث عن الشح المائي الذي تعيش على وقعه تونس ودول البحر الأبيض المتوسط الشغل الشاغل لهذه الدول وغيرها إضافة إلى كلّ المواضيع المتعلقة بالتغيرات المناخية وتداعياتها على الحياة اليومية وأيضا على مختلف اقتصاديات العالم.

فهناك دول استشرفت مخاطر هذه التداعيات منذ عقود وبدأت في رسم ووضع استراتيجياتها الاستشرافية مرفوقة بحلول عملية ودقيقة. وهناك من الدول، على غرار تونس، كانت استفاقتها متأخرة جدا مما سيكلفها ثمنا باهظا لمجاراتها ومجابهتها والتقليص من تداعياتها خاصة في ما يتعلق بالشحّ المائي.

ولم يخف مسؤولو تونس تخوفاتهم من نتائج هذه الاستفاقة المتأخرة أو سوء التقدير الزمني لتداعيات التغيرات المناخية حتى أن وزير الفلاحة والصيد البحري والموارد المائية عبد المنعم بلعاتي قد كرّر في عديد الندوات ذات الفكرة بقوله:"كنا نتوقع هذا التغيّر المناخي سيأتي ولكن ليس بهذه السرعة وهذه المخلّفات والتداعيات".

في سياق متصل، تعددت الملتقيات والمؤتمرات والاجتماعات التي تنعقد من حين إلى آخر وخاصة في الأشهر الأخيرة لمناقشة هذه الإشكاليات وهذه الظرفية المناخية متسارعة التغيرات.

 فكان آخرها المنتدى المتوسطي الخامس للمياه الذي انتظم بتونس من 5 إلى 7 فيفري 2023، وتم نشر على الصفحة الرسمية لوزارة البيئة على "الفايسبوك" ما ورد بـ"إعلان تونس للمنتدى المتوسطي الخامس للمياه"، الذي تضمن 36 نقطة كانت في مجملها نقاط وتوجهات عامة ومواطن توافق ودعوات لتنفيذ عدد من القرارات بين مختلف الوفود الرسمية التي كانت ممثلة في فعاليات هذا المنتدى.

فقد دعت مختلف وفود الدول المشاركة إلى ضرورة اتخاذ إجراءات ملموسة بشأن المياه ذاكرة في تفاصيل الإعلان، التشجيع على حشد الجهود لتنفيذ تدابير التكيف وتعزيز القدرة على الصمود لضمان توفير الموارد المائية للأجيال الحالية والمستقبلية في ظل تغير المناخ.

إلى جانب وضع استراتيجيات شاملة للتخفيف من آثار الجفاف والفيضانات وإدارتها بالاعتماد على نظم فعالة للإنذار المبكر وآليات لمجابهتها، ودعم التخطيط الاستراتيجي وتنفيذ السياسات لتحسين إدارة الموارد المائية، ولا سيما إدارة الطلب، لتحقيق التوازن لتلبية الاحتياجات ومقاومة ندرة المياه والكوارث الطبيعية.

تمّت الدعوة أيضا إلى استكشاف نماذج وآليات وشراكات واستثمارات تمويل مبتكرة ومستدامة لدعم تنفيذ المبادرات المتعلقة بالمياه والحد من النقص الحاصل في تمويل البنية التحتية والمشاريع مع الالتزام بمبادئ التعاون والمنفعة المتبادلة وعدم الضرر.

بالإضافة إلى حظر استخدام المياه كسلاح في المنطقة وتمكين السكان والمؤسسات المدنية في الأراضي الفلسطينية المحتلة من الحصول على مياه آمنة وبأسعار معقولة. وتعزيز التعاون عبر الحدود والدبلوماسية المائية في إدارة الموارد المائية المشتركة، ومنع النزاعات، وتعزيز الاستقرار الإقليمي وفقا لمبادئ القانون الدولي المعمول به، بما في ذلك مبدأي "عدم الضرر" و"الإنذار المسبق". وتحفيز تبادل المعارف والتعاون لتسخير التكنولوجيات الحديثة لتنمية موارد المياه وحسن إدارتها من خلال الرقمنة".

كانت هناك أيضا دعوة لتشريك النساء والشباب والمجتمع المدني بشكل فعّال في وضع السياسات المتعلقة بالمياه، وزيادة الوعي وتعزيز الشعور بالمسؤولية تجاه الاستغلال المستدام للمياه. بالإضافة إلى تعزيز آليات التعاون شمال -جنوب وجنوب – جنوب بين بلدان البحر الأبيض المتوسط ومواصلة الدعم من حيث التمويل ونقل التكنولوجيا وبناء القدرات.

ومن بين النقاط التي وردت بإعلان المنتدى المتوسطي الخامس للمياه، ترحيب أعضاء الوفود الرسمية بجملة من المسائل من بينها بمؤتمر الأمم المتحدة للمياه لسنة 2023 الذي اختتم باعتماد خطة عمل مياه "تاريخية" تحتوي على أكثر من 700 التزام وتهدف إلى دفع التحول نحو عالم آمن من ناحية الموارد المائية.

إلى جانب ذلك، تمّ الترحيب "بالعقد الدولي للعمل من أجل المياه والتنمية المستدامة" والذي انطلق في 22 مارس 2018 وينتهي في 22 مارس 2028، برؤية تهدف لتعزيز التعاون وإقامة الشراكات على المستوى الدولي من أجل المساهمة في تحقيق أهداف التنمية المستدامة المتعلقة بالمياه".

وأيضا "مبادرة الرئاسة المصرية لمؤتمر الأمم المتحدة للتغيرات المناخية COP27 بعنوان "العمل من أجل التكيف والمرونة في قطاع المياه"(AWARe)"، بالشراكة مع العديد من المنظمات الدولية، بهدف مواجهة التحديات التي يفرضها تغير المناخ من خلال وضع وتنفيذ حلول فعّالة لإدارة المياه".

تضمن الإعلان أيضا عن وضع استراتيجيات شاملة للتوقي والتصرف في حالات الجفاف والفيضانات وإدارتها بالاعتماد على نظم فعّالة للإنذار المبكر وآليات للاستجابة، مثل مبادرة "الأمم المتحدة للإنذار المبكر للجميع"، التي تقودها المنظمة العالمية للأرصاد الجوية أو التحالف الدولي لمقاومة الجفاف، في إطار اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر.

كما تم الترحيب "بالمبادرات والشراكات الإقليمية التي تهدف إلى التصدي للتحديات المتعلقة بالمياه، مثل إنشاء مرصد لموارد المياه غير التقليدية والطاقات المتجددة في منطقة البحر الأبيض المتوسط ​​كمنطقة نموذجية. بهدف لتبادل التجارب وتحقيق الاعتدال المنشود" و"بمبادرة تنمية القدرات في مجال المياه بريادة منظمة اليونسكو UNESCOومركز الأمم المتحدة للاقتصاد والشؤون الاجتماعية UNDESAوبرنامج مجموعة 5+5 لتنمية القدرات والمعارف الذي يساهم في دعم تنمية القدرات ونقل المعرفة على المستوى الإقليمي للتسريع في النفاذ المستدام للمياه والصرف الصحي".

تمّ في ذات السياق تثمين "التحالف الدولي لمواجهة الجفاف "IDRA" ، الذي يشكل منصة تعاونية لتحفيز الدعم السياسي وتعبئة الموارد لاتخاذ إجراءات مستهدفة لتحسين القدرة على مواجهة الجفاف في البلدان والمدن والمجتمعات وخاصة بلدان البحر الأبيض المتوسط مثل تونس والمغرب ومصر. وهو ما أدى إلى ادراج أولويات منطقة البحر الأبيض المتوسط في 6 مجالات للمنتدى العالمي 10 للمياه لتشجيع التعاون وتبادل المعرفة والابتكار في إدارة المياه، بما في ذلك الرقمنة والحلول الجديدة للاستخدام الرشيد للمياه".

إلى جانب "التزام مختلف المنظمات حول البحر الأبيض المتوسط ​​بتعزيز وتشجيع التعاون والحوار لضمان النفاذ العادل إلى الموارد المائية بين بلدان المنطقة مع تجنب التسبب في ضرر لأي منهم".

ورحّبت الوفود الرسمية المشاركة بـ"الجهود التي تبذلها منظمة الاتحاد من أجل المتوسط ​​والدول الأعضاء فيها لتمهيد الطريق نحو تنشيط سياسي للإعلان الوزاري بشأن المياه المقرر في الربع الأول من عام 2025".

تعليقا على تنظيم فعاليات مثل هذه المنتديات المتوسطية والدولية، قال الخبير في الموارد المائية حسين الرحيلي في تصريح لـ"الصباح" إنّ "هذا المنتدى كان مجرد لقاء لتبادل الخبرات وطرح الإشكاليات وكان تنظيمه استعدادا للملتقى العالمي الذي سينتظم في "بالي" بإندونيسيا بين 18 و24 ماي القادم، وسبق ذلك لقاء في فالنسيا استعدادا لهذا الملتقى المتوسطي بتونس".

وأضاف الرحيلي "الموضوع الكبير الذي تمّ طرحه في هذا المنتدى المتوسطي يتعلّق بمعاناة بلدان المتوسط، خاصة الشمال والجنوب، من إشكاليات هيكلية متعلقة بالماء فأكثر من 180 مليون نسمة في منطقة البحر الأبيض المتوسط يعيشون في فقر مائي (أقل من 1000 متر مكعب من المياه للفرد سنويا) و63 مليون نسمة تحت عتبة "الشح المائي" (أقل من 500 متر مكعب من المياه للفرد سنويا".

وأكّد حسين الرحيلي أنّ "تونس تُدرج في خانة الشح المائي أي من ضمن 63 مليون نسمة بمعدل أقل من 400 متر مكعب في السنة للمواطن الواحد، وبالتالي نحن نعيش شحّ مائي حقيقي ولم يعد مجرد توقعات بل وضع نعيشه يوميا في كل المجالات سواء في المياه المنزلية، المياه الصناعية، أو المياه المعدّة للفلاحة".

وأضاف الخبير في الموارد المائية أنّه "تمّ التعرض في المنتدى إلى تأثير التحوّلات المناخية، باعتبار أن منطقة الشرق الأوسط وحسب العديد من الدراسات خاصة منها دراسات منظمة الأمم المتحدة، هي من المناطق الأكثر تأثرا بهذه التغيّرات خاصة المتعلقة بعنصري الارتفاع غير المسبوق لدرجات الحرارة في السنوات القادمة وتراجع التساقطات التي ستؤثر على تغذية الموارد المائية سواء الجوفية أو السطحية".

وقال "بالنسبة للحلول التي تمّ عرضها، فكانت حلولا تقليدية نوعا ما، فمقاربة المنتدى هي مقاربة رسمية ومتصلة بسياسات الدول، فهناك دول تقدمت كثيرا وطرحت تحلية مياه البحر خاصة منها اسبانيا، كما تمّ التعرض للتجربة التونسية في هذا المجال ذلك أنه من المتوقع الوصول إلى تحلية أكثر من 3 مليون متر مكعب في حدود سنة 2025 وهو تحدي لا نعلم إن سيتم تحقيقه أم لا مع توسيع هذا المجال إلى حدود 8 مليون متر مكعب يوميا في أفق 2050"، ومن ثمة "التعرّض إلى التأثيرات البيئية لمحطات تحلية مياه البحر المالحة وتداعياتها على المناطق الساحلية".

أضاف حسين الرحليي أنّه "تمّ التنسيق والتعرض للعديد من التجارب، وهنا من الضروري التأكيد على أنّ القضايا المناخية في مناطق البحر الأبيض المتوسط هي قضايا مشتركة والعمل يجب أن يكون في إطار سياسة مشتركة على الأقل من هنا إلى غاية سنوات 2030، 2035 و2040 حتى يكون هناك نوع من التضامن بين الدول المعنية".

وفي إطار التحركات الحالية للدولة التونسية، اعتبر الخبير في الموارد المائية أنّ هذه "الاستفاقة" لم "تأت في وقتها بل هي متأخرة وستكون كلفتها باهظة جدا، فالهرولة نحو تحلية مياه البحر في بلد يعيش عجز طاقي كبير وبتقنيات "التناضح العكسي" سيعمّق هذا العجز وستصل كلفة تحلية متر مكعب من المياه 3 دنانير في جربة ومن المتوقع أن تصل إلى 3،5 دينار في الزارات، سوسة وصفاقس أواخر 2024 بداية 2025، وبالتالي ستكون التكلفة باهظة جدا خاصة وأننا لا نستثمر في هذا المجال بإمكانياتنا الذاتية وإنما هي مشاريع في إطار قروض خارجية". 

ولذلك "كان من المفترض أن تكون هذه الاستفاقة منذ سنة 1995 وصُنفنا من ضمن 27 دولة تعاني الاجهاد المائي، وبالتالي نحن متأخرون بثلاثين سنة وسيكون لهذا التأخير تداعيات ضخمة على جميع الأصعدة والقطاعات الإنتاجية وخاصة القطاع الفلاحي".

 وزير الفلاحة والصيد البحري والموارد المائية لـ"الصباح":  قريبا الإعلان عن  مشروع مجلة المياه الجديد

 

تونس – الصباح.

أكّد وزير الفلاحة والصيد البحري والموارد المائية عبد المنعم بلعاتي في تصريح لـ"الصباح" يوم الأربعاء 7 فيفري الجاري على هامش فعاليات اليوم الدراسي حول "التأقلم مع التغيرات المناخية ومجابهة الشحّ المائي"، من تنظيم وزارة المرأة والأسرة والطفولة وكبار السنّ أنّه "تمّ الانتهاء من مشروع مجلة المياه الجديد وقريبا سيتم الإعلان عن ذلك"، دون أن يخوض في تفاصيل محتواها ومكوناتها والتغيرات التي طرأت عليها. 

إيمان عبد اللطيف

بات الحديث عن الشح المائي الذي تعيش على وقعه تونس ودول البحر الأبيض المتوسط الشغل الشاغل لهذه الدول وغيرها إضافة إلى كلّ المواضيع المتعلقة بالتغيرات المناخية وتداعياتها على الحياة اليومية وأيضا على مختلف اقتصاديات العالم.

فهناك دول استشرفت مخاطر هذه التداعيات منذ عقود وبدأت في رسم ووضع استراتيجياتها الاستشرافية مرفوقة بحلول عملية ودقيقة. وهناك من الدول، على غرار تونس، كانت استفاقتها متأخرة جدا مما سيكلفها ثمنا باهظا لمجاراتها ومجابهتها والتقليص من تداعياتها خاصة في ما يتعلق بالشحّ المائي.

ولم يخف مسؤولو تونس تخوفاتهم من نتائج هذه الاستفاقة المتأخرة أو سوء التقدير الزمني لتداعيات التغيرات المناخية حتى أن وزير الفلاحة والصيد البحري والموارد المائية عبد المنعم بلعاتي قد كرّر في عديد الندوات ذات الفكرة بقوله:"كنا نتوقع هذا التغيّر المناخي سيأتي ولكن ليس بهذه السرعة وهذه المخلّفات والتداعيات".

في سياق متصل، تعددت الملتقيات والمؤتمرات والاجتماعات التي تنعقد من حين إلى آخر وخاصة في الأشهر الأخيرة لمناقشة هذه الإشكاليات وهذه الظرفية المناخية متسارعة التغيرات.

 فكان آخرها المنتدى المتوسطي الخامس للمياه الذي انتظم بتونس من 5 إلى 7 فيفري 2023، وتم نشر على الصفحة الرسمية لوزارة البيئة على "الفايسبوك" ما ورد بـ"إعلان تونس للمنتدى المتوسطي الخامس للمياه"، الذي تضمن 36 نقطة كانت في مجملها نقاط وتوجهات عامة ومواطن توافق ودعوات لتنفيذ عدد من القرارات بين مختلف الوفود الرسمية التي كانت ممثلة في فعاليات هذا المنتدى.

فقد دعت مختلف وفود الدول المشاركة إلى ضرورة اتخاذ إجراءات ملموسة بشأن المياه ذاكرة في تفاصيل الإعلان، التشجيع على حشد الجهود لتنفيذ تدابير التكيف وتعزيز القدرة على الصمود لضمان توفير الموارد المائية للأجيال الحالية والمستقبلية في ظل تغير المناخ.

إلى جانب وضع استراتيجيات شاملة للتخفيف من آثار الجفاف والفيضانات وإدارتها بالاعتماد على نظم فعالة للإنذار المبكر وآليات لمجابهتها، ودعم التخطيط الاستراتيجي وتنفيذ السياسات لتحسين إدارة الموارد المائية، ولا سيما إدارة الطلب، لتحقيق التوازن لتلبية الاحتياجات ومقاومة ندرة المياه والكوارث الطبيعية.

تمّت الدعوة أيضا إلى استكشاف نماذج وآليات وشراكات واستثمارات تمويل مبتكرة ومستدامة لدعم تنفيذ المبادرات المتعلقة بالمياه والحد من النقص الحاصل في تمويل البنية التحتية والمشاريع مع الالتزام بمبادئ التعاون والمنفعة المتبادلة وعدم الضرر.

بالإضافة إلى حظر استخدام المياه كسلاح في المنطقة وتمكين السكان والمؤسسات المدنية في الأراضي الفلسطينية المحتلة من الحصول على مياه آمنة وبأسعار معقولة. وتعزيز التعاون عبر الحدود والدبلوماسية المائية في إدارة الموارد المائية المشتركة، ومنع النزاعات، وتعزيز الاستقرار الإقليمي وفقا لمبادئ القانون الدولي المعمول به، بما في ذلك مبدأي "عدم الضرر" و"الإنذار المسبق". وتحفيز تبادل المعارف والتعاون لتسخير التكنولوجيات الحديثة لتنمية موارد المياه وحسن إدارتها من خلال الرقمنة".

كانت هناك أيضا دعوة لتشريك النساء والشباب والمجتمع المدني بشكل فعّال في وضع السياسات المتعلقة بالمياه، وزيادة الوعي وتعزيز الشعور بالمسؤولية تجاه الاستغلال المستدام للمياه. بالإضافة إلى تعزيز آليات التعاون شمال -جنوب وجنوب – جنوب بين بلدان البحر الأبيض المتوسط ومواصلة الدعم من حيث التمويل ونقل التكنولوجيا وبناء القدرات.

ومن بين النقاط التي وردت بإعلان المنتدى المتوسطي الخامس للمياه، ترحيب أعضاء الوفود الرسمية بجملة من المسائل من بينها بمؤتمر الأمم المتحدة للمياه لسنة 2023 الذي اختتم باعتماد خطة عمل مياه "تاريخية" تحتوي على أكثر من 700 التزام وتهدف إلى دفع التحول نحو عالم آمن من ناحية الموارد المائية.

إلى جانب ذلك، تمّ الترحيب "بالعقد الدولي للعمل من أجل المياه والتنمية المستدامة" والذي انطلق في 22 مارس 2018 وينتهي في 22 مارس 2028، برؤية تهدف لتعزيز التعاون وإقامة الشراكات على المستوى الدولي من أجل المساهمة في تحقيق أهداف التنمية المستدامة المتعلقة بالمياه".

وأيضا "مبادرة الرئاسة المصرية لمؤتمر الأمم المتحدة للتغيرات المناخية COP27 بعنوان "العمل من أجل التكيف والمرونة في قطاع المياه"(AWARe)"، بالشراكة مع العديد من المنظمات الدولية، بهدف مواجهة التحديات التي يفرضها تغير المناخ من خلال وضع وتنفيذ حلول فعّالة لإدارة المياه".

تضمن الإعلان أيضا عن وضع استراتيجيات شاملة للتوقي والتصرف في حالات الجفاف والفيضانات وإدارتها بالاعتماد على نظم فعّالة للإنذار المبكر وآليات للاستجابة، مثل مبادرة "الأمم المتحدة للإنذار المبكر للجميع"، التي تقودها المنظمة العالمية للأرصاد الجوية أو التحالف الدولي لمقاومة الجفاف، في إطار اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر.

كما تم الترحيب "بالمبادرات والشراكات الإقليمية التي تهدف إلى التصدي للتحديات المتعلقة بالمياه، مثل إنشاء مرصد لموارد المياه غير التقليدية والطاقات المتجددة في منطقة البحر الأبيض المتوسط ​​كمنطقة نموذجية. بهدف لتبادل التجارب وتحقيق الاعتدال المنشود" و"بمبادرة تنمية القدرات في مجال المياه بريادة منظمة اليونسكو UNESCOومركز الأمم المتحدة للاقتصاد والشؤون الاجتماعية UNDESAوبرنامج مجموعة 5+5 لتنمية القدرات والمعارف الذي يساهم في دعم تنمية القدرات ونقل المعرفة على المستوى الإقليمي للتسريع في النفاذ المستدام للمياه والصرف الصحي".

تمّ في ذات السياق تثمين "التحالف الدولي لمواجهة الجفاف "IDRA" ، الذي يشكل منصة تعاونية لتحفيز الدعم السياسي وتعبئة الموارد لاتخاذ إجراءات مستهدفة لتحسين القدرة على مواجهة الجفاف في البلدان والمدن والمجتمعات وخاصة بلدان البحر الأبيض المتوسط مثل تونس والمغرب ومصر. وهو ما أدى إلى ادراج أولويات منطقة البحر الأبيض المتوسط في 6 مجالات للمنتدى العالمي 10 للمياه لتشجيع التعاون وتبادل المعرفة والابتكار في إدارة المياه، بما في ذلك الرقمنة والحلول الجديدة للاستخدام الرشيد للمياه".

إلى جانب "التزام مختلف المنظمات حول البحر الأبيض المتوسط ​​بتعزيز وتشجيع التعاون والحوار لضمان النفاذ العادل إلى الموارد المائية بين بلدان المنطقة مع تجنب التسبب في ضرر لأي منهم".

ورحّبت الوفود الرسمية المشاركة بـ"الجهود التي تبذلها منظمة الاتحاد من أجل المتوسط ​​والدول الأعضاء فيها لتمهيد الطريق نحو تنشيط سياسي للإعلان الوزاري بشأن المياه المقرر في الربع الأول من عام 2025".

تعليقا على تنظيم فعاليات مثل هذه المنتديات المتوسطية والدولية، قال الخبير في الموارد المائية حسين الرحيلي في تصريح لـ"الصباح" إنّ "هذا المنتدى كان مجرد لقاء لتبادل الخبرات وطرح الإشكاليات وكان تنظيمه استعدادا للملتقى العالمي الذي سينتظم في "بالي" بإندونيسيا بين 18 و24 ماي القادم، وسبق ذلك لقاء في فالنسيا استعدادا لهذا الملتقى المتوسطي بتونس".

وأضاف الرحيلي "الموضوع الكبير الذي تمّ طرحه في هذا المنتدى المتوسطي يتعلّق بمعاناة بلدان المتوسط، خاصة الشمال والجنوب، من إشكاليات هيكلية متعلقة بالماء فأكثر من 180 مليون نسمة في منطقة البحر الأبيض المتوسط يعيشون في فقر مائي (أقل من 1000 متر مكعب من المياه للفرد سنويا) و63 مليون نسمة تحت عتبة "الشح المائي" (أقل من 500 متر مكعب من المياه للفرد سنويا".

وأكّد حسين الرحيلي أنّ "تونس تُدرج في خانة الشح المائي أي من ضمن 63 مليون نسمة بمعدل أقل من 400 متر مكعب في السنة للمواطن الواحد، وبالتالي نحن نعيش شحّ مائي حقيقي ولم يعد مجرد توقعات بل وضع نعيشه يوميا في كل المجالات سواء في المياه المنزلية، المياه الصناعية، أو المياه المعدّة للفلاحة".

وأضاف الخبير في الموارد المائية أنّه "تمّ التعرض في المنتدى إلى تأثير التحوّلات المناخية، باعتبار أن منطقة الشرق الأوسط وحسب العديد من الدراسات خاصة منها دراسات منظمة الأمم المتحدة، هي من المناطق الأكثر تأثرا بهذه التغيّرات خاصة المتعلقة بعنصري الارتفاع غير المسبوق لدرجات الحرارة في السنوات القادمة وتراجع التساقطات التي ستؤثر على تغذية الموارد المائية سواء الجوفية أو السطحية".

وقال "بالنسبة للحلول التي تمّ عرضها، فكانت حلولا تقليدية نوعا ما، فمقاربة المنتدى هي مقاربة رسمية ومتصلة بسياسات الدول، فهناك دول تقدمت كثيرا وطرحت تحلية مياه البحر خاصة منها اسبانيا، كما تمّ التعرض للتجربة التونسية في هذا المجال ذلك أنه من المتوقع الوصول إلى تحلية أكثر من 3 مليون متر مكعب في حدود سنة 2025 وهو تحدي لا نعلم إن سيتم تحقيقه أم لا مع توسيع هذا المجال إلى حدود 8 مليون متر مكعب يوميا في أفق 2050"، ومن ثمة "التعرّض إلى التأثيرات البيئية لمحطات تحلية مياه البحر المالحة وتداعياتها على المناطق الساحلية".

أضاف حسين الرحليي أنّه "تمّ التنسيق والتعرض للعديد من التجارب، وهنا من الضروري التأكيد على أنّ القضايا المناخية في مناطق البحر الأبيض المتوسط هي قضايا مشتركة والعمل يجب أن يكون في إطار سياسة مشتركة على الأقل من هنا إلى غاية سنوات 2030، 2035 و2040 حتى يكون هناك نوع من التضامن بين الدول المعنية".

وفي إطار التحركات الحالية للدولة التونسية، اعتبر الخبير في الموارد المائية أنّ هذه "الاستفاقة" لم "تأت في وقتها بل هي متأخرة وستكون كلفتها باهظة جدا، فالهرولة نحو تحلية مياه البحر في بلد يعيش عجز طاقي كبير وبتقنيات "التناضح العكسي" سيعمّق هذا العجز وستصل كلفة تحلية متر مكعب من المياه 3 دنانير في جربة ومن المتوقع أن تصل إلى 3،5 دينار في الزارات، سوسة وصفاقس أواخر 2024 بداية 2025، وبالتالي ستكون التكلفة باهظة جدا خاصة وأننا لا نستثمر في هذا المجال بإمكانياتنا الذاتية وإنما هي مشاريع في إطار قروض خارجية". 

ولذلك "كان من المفترض أن تكون هذه الاستفاقة منذ سنة 1995 وصُنفنا من ضمن 27 دولة تعاني الاجهاد المائي، وبالتالي نحن متأخرون بثلاثين سنة وسيكون لهذا التأخير تداعيات ضخمة على جميع الأصعدة والقطاعات الإنتاجية وخاصة القطاع الفلاحي".

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews