البشير المشرقي
الآن والمطر يهطل
يسرح فكري بعيدا
أفكر في الأحبة الغائبين
يهمي المطر حولي
يهمي في أعماقي
أرحل في اشذاء من كانوا هنا
ويمموا بلادا بعيده
وحدي لا نجم يسهر معي ولا قمر
لا طير يغني على شباكي
وحده الليل يتمدد
متطاولا على الصباح
صوت فيروز وولولة ريح قطبية
اوجاع صيف رحل دون وداع
سيجارة محترقة
كأيامي التي ولت
دون رجوع
لم يبق سوى عينيك
والإيماءات اليائسة
لصيف كان جميلا
لصيف عادت فيه الطيور للأوكار
وغادرت المكان لوجهة
وطن بعيد
آه يا سنديانة الوقت
ظللينا قليلا
لا تتركينا للبرد
وصقيع الليل الموحش
في مسارب الشجن الكاسر
ويا نجمتي الوحيدة
الخارجة عن
سرب النجوم الهاربة
لم يبق إلا عيناك
جزيرتين للأحلام
فيهما تدلج قواربي
ومراكبي المتعبة
في وحشة الليل الطويل
ها انا ذا أومئ إليهما
وألوح بمنديل الحنين
ولا ضفاف لأشواقي
ولا موانئ
لا لحن يغري
ولا نشيد
وحدها عقارب الساعة
تلغي الفراغ
الوقت يجري
يعدو
كفرس هائج
وانا اتفرس في
كل الجهات المرتبكة
علي أظفر
بطيف من طيوف الأحبة البعيدين
وبقطرة من شذاهم
تثلج الصدر
وتطفئ الحرائق
المندلعه
وحدي لا هزار
يشدو
ولا صحو يلوح
المطر يهمي
في قراري
والريح تعوي
والطريق هاربة
اقول للقلب كف
عن الشوق المبرح
فقد طال تيهي
في الضباب
وضاعت مجاديفي
في العباب الكبير
كف عن الحنين
كي ترتاح روحي
قليلا
واتفرغ لملامح
صيف قادم
تعود فيه العنادل
لخمائلي الذابله
فتتهادى الموجة
سكرى
وتنتعش الغدران
وتشدو الحساسين
يا صيفي الراحل عد..
عد بكل أشذائك
المنعشة
وشمسك المتوهجة
ونسائمك الهامسة
المائسة
غب الأصيل
عد بهمس نخل بلادي
بتاود الصفصاف في
البراري
بخرير الماء الزلال
عد بدفء مجالس العشاق
والساهرين
على ضوء القمر
المشتاق
لنجمته الهاربة
عد بكل الحنين
في هبات الصبا
بهمس بوح الصواري
المغتربة
عد بالليالي العابقة
بالنسرين
وبالياسمين
في رياض بلادي
عد بكل الذكريات
الدافئة
ويا أيها الوقت الهارب
قف مرة واحدة
أرجوك
قف ليعود الصيف
وتعود الحساسين !